• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أسماء الله الحسنى من خلال الجزء (السابع والعشرون) ...
    أبو عامر محمد نور حكي السلفي
  •  
    شرح متن طالب الأصول: (1) معنى البسملة
    أبو الحسن هشام المحجوبي ويحيى بن زكرياء ...
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القريب، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    قبسات من علوم القرآن (3)
    قاسم عاشور
  •  
    من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اتقوا الأرحام
    أ. د. زكريا محمد هيبة
  •  
    ورع وإخلاص طلاب علم الأمس... مشاعل تنير دروب ...
    نوال محمد سعيد حدور
  •  
    {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    إزالة الغفلة (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    اتقوا فتنة التبرج
    د. لحرش عبد السلام
  •  
    كثرة تلاوته صلى الله عليه وسلم القرآنَ على فراشه ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    عمى البصيرة يورد المهالك
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    شرح أحاديث الطهارة
    لطيفة بنت عبداللطيف
  •  
    خطبة: موسى عليه السلام وحياته لله عز وجل
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    حقوق اليتيم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

أحكام وفوائد من قصة القاتل مائة نفس (خطبة)

أحكام وفوائد من قصة القاتل مائة نفس (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/11/2023 ميلادي - 2/5/1445 هجري

الزيارات: 11874

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أَحْكامٌ وفَوائِدُ مِنْ قِصَّةِ القَاتِل مِائةَ نَفْسٍ

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَهَلْ لَهُ مِنَ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لَا، فَقَتَلَهُ، فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ؟! انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ، فَاعْبُدِ اللَّهَ مَعَهُمْ، وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ؛ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ. فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ. فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ: "جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ"، وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ: "إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ". فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ؛ [أي: حَكَمًا]، فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ، فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ، فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ، فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنَ الْأَحْكَامِ، وَالْفَوَائِدِ، وَالْعِبَرِ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ؛ مِنْ أَهَمِّهَا:

1- فَسَادُ الْبِيئَةِ يَجْعَلُ الْإِنْسَانَ جَرِيئًا عَلَى انْتِهَاكِ حُرُمَاتِ اللَّهِ: كَهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا.

 

2- الْمَعَاصِي وَالْفَسَادُ فِي الْأَرْضِ لَا تَجْلِبُ السَّعَادَةَ لِلْإِنْسَانِ: وَلَا تُشْبِعُ رَغَبَاتِهِ؛ لِذَا ذَهَبَ هَذَا الرَّجُلُ يَبْحَثُ عَنِ السَّعَادَةِ الْحَقِيقِيَّةِ عَلَى عَتَبَةِ الْعُبُودِيَّةِ.

 

3- وُجُوبُ التَّحَرِّي فِي الْفُتْيَا: فَلَا يُسْتَفْتَى إِلَّا أَهْلُ الْعِلْمِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النَّحْلِ:43].


4- حُرْمَةُ الْفُتْيَا بِغَيْرِ عِلْمٍ: فَإِنَّ الرَّاهِبَ تَجَرَّأَ عَلَى الْفَتْوَى بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَأَخْطَأَ فَتَسَبَّبَ فِي إِزْهَاقِ رُوحِهِ.

 

5- الْخُطْوَةُ الْأُولَى لِحَلِّ الْمُعْضِلَاتِ هِيَ التَّوَجُّهُ لِلْعُلَمَاءِ الثِّقَاتِ: لِأَنَّ هَذَا الْقَاتِلَ «سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ» فَالْعِلْمُ الشَّرْعِيُّ هُوَ أُولَى الْخُطُوَاتِ فِي طَرِيقِ الْعَبْدِ نَحْوَ سَيْرِهِ إِلَى اللَّهِ، وَالدَّارِ الْآخِرَةِ.

 

6- خُطُورَةُ الْقَوْلِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِغَيْرِ عِلْمٍ: لِأَنَّ الرَّاهِبَ أَفْتَاهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ؛ فَقَتَلَهُ! وَالْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، وَضَرَرُهُ عَظِيمٌ، وَعَاقِبَتُهُ وَخِيمَةٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَهَذَا الرَّاهِبُ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلْقَتْلِ، وَكَادَ أَنْ يَسُدَّ بَابَ التَّوْبَةِ فِي وَجْهِ التَّائِبِ.

 

7- اجْتِنَابُ الْيَأْسِ طَرِيقٌ لِلْفَلَاحِ: فَالرَّجُلُ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، وَلَمْ يَقْنَطْ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ؛ مَعَ أَنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عَزِيمَتِهِ، وَقُوَّةِ إِرَادَتِهِ، وَصِدْقِهِ.

 

8- بَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ: وَلَا يُغْلَقُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا.

 

9- الْعَالِمُ الرَّبَّانِيُّ يَأْتِي بِحُلُولٍ صَحِيحَةٍ ‌لِمَشَاكِلِ النَّاسِ: قَالَ لَهُ: «انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ، فَاعْبُدِ اللَّهَ مَعَهُمْ» فَلَيْسَتْ وَظِيفَتُهُ أَنْ يُطْلِقَ الْأَحْكَامَ فَحَسْبُ؛ بَلْ يُبَيِّنُ لِلنَّاسِ مَا يَنْفَعُهُمْ، وَيُحَذِّرُهُمْ مِمَّا يَضُرُّهُمْ.

 

10- الْمُفْتِي يُعَلِّلُ كَلَامَهُ بِالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ أَوِ النَّقْلِيَّةِ: قَالَ لَهُ: «فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ»؛ فَالْأَدِلَّةُ الْعَقْلِيَّةُ أَوِ النَّقْلِيَّةُ تُقْنِعُ السَّائِلَ، وَتُوجِدُ الْحُلُولَ الْمُنَاسِبَةَ لِحَالِهِ.

 

11- قَدْ يُخْطِئُ الْمُفْتِي، وَتَتَرَتَّبُ عَلى خَطَئِهِ مَفَاسِدُ: فَالْمُفْتِي الْأَوَّلُ أَغْلَقَ - عَلَى الْقَاتِلِ - بَابَ الرَّجَاءِ، وَاسْتَبْعَدَ أَنْ تَصِحَّ تَوْبَتُهُ؛ فَقَتَلَهُ!

 

12- فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ: فَإِنَّ نَجَاةَ التَّائِبِ كَانَتْ عَلَى يَدِ الْعَالِمِ، وَهَلَاكُهُ كَادَ أَنْ يَكُونَ عَلَى يَدِ الْعَابِدِ، فَمَنْ أَخَذَ بِالْعِلْمِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ.

 

13- فَضْلُ صُحْبَةِ الْأَخْيَارِ: فَلَا بُدَّ لِلْمُسْلِمِ مِنْ صُحْبَةٍ طَيِّبَةٍ صَالِحَةٍ؛ فَهَذَا يُقَوِّي عَزِيمَتَهُ، وَيُعْلِي هِمَّتَهُ، وَيُعِينُهُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى.

 

14- مِنْ كَمَالِ التَّوْبَةِ مُفَارَقَةُ أَمَاكِنِ الْمَعْصِيَةِ: وَأَسْبَابِ الْمَعْصِيَةِ، وَأَصْحَابِ الْمَعْصِيَةِ، وَالْعَادَاتِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ التَّوْبَةِ. قَالَ لَهُ: «وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ؛ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ». قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ التَّائِبَ يَنْبَغِي لَهُ مُفَارَقَةُ الْأَحْوَالِ الَّتِي ‌اعْتَادَهَا ‌فِي ‌زَمَنِ ‌الْمَعْصِيَةِ، وَالتَّحَوُّلُ مِنْهَا كُلِّهَا، وَالِاشْتِغَالُ بِغَيْرِهَا).

 

15- الْجِدِّيَّةُ عَلَامَةُ الصِّدْقِ: لِقَوْلِهِ: «فَانْطَلَقَ»؛ أَيْ: سَارَ؛ عَامِلًا بِوَصِيَّةِ الْعَالِمِ، وَهَذَا دَلِيلُ صِدْقِ عَزِيمَتِهِ، وَلَمْ يَقُلْ – فِي نَفْسِهِ: "الْأَمْرُ شَاقٌّ؛ كَيْفَ أُغَادِرُ أَهْلِي وَوَطَنِي وَمَلْعَبَ صِبَايَ؟"، فَاخْتِلَاقُ الْأَعْذَارِ، وَعَدَمُ الْمُبَادَرَةِ إِلَى التَّغْيِيرِ؛ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الصِّدْقِ؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ﴾ [الرَّعْدِ: 11].

 

16- الِاسْتِدْلَالُ بِالْقَرَائِنِ وَالْأَحْوَالِ فِي التَّرْجِيحِ فِي الْحُكْمِ: قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (لِلْحَاكِمِ إِذَا تَعَارَضَتْ عِنْدَهُ الْأَحْوَالُ، وَتَعَدَّدَتِ الْبَيِّنَاتُ؛ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِالْقَرَائِنِ عَلَى التَّرْجِيحِ)؛ لِقَوْلِ الْحَكَمِ: «قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ، فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى؛ فَهُوَ لَهُ».

 

17- الْمَوْتُ يَأْتِي بَغْتَةً: هَكَذَا الْمَوْتُ يُبَاغِتُ صَاحِبَهُ أَحْيَانًا، قَالَ: «فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ؛ أَتَاهُ الْمَوْتُ»؛ فَلَا بُدَّ مِنَ الْمُبَادَرَةِ إِلَى التَّوْبَةِ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ.

كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ
وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ

18- لِلرَّحْمَةِ مَلَائِكَةٌ، وَلِلْعَذَابِ مَلَائِكَةٌ: فَمَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ تَقْبِضُ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ فَتَرْحَمُهُمْ، وَتُبَشِّرُهُمْ بِرِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ تَقْبِضُ أَرْوَاحَ الْفَجَرَةِ الظَّالِمِينَ فَتُعَذِّبُهُمْ، وَتُبَشِّرُهُمْ بِسَخَطِ اللَّهِ وَغَضَبِهِ.

 

19- أَهَمِّيَّةُ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ: لِقَوْلِ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَةِ: «جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ». قَالَ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَإِنَّ الْأَعْمَالَ ‌تَتَفَاضَلُ ‌بِتَفَاضُلِ مَا فِي الْقُلُوبِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْإِخْلَاصِ، وَإِنَّ الرَّجُلَيْنِ لَيَكُونُ مَقَامُهُمَا فِي الصَّفِّ وَاحِدًا، وَبَيْنَ صَلَاتَيْهِمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ).

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... عِبَادَ اللَّهِ..

وَمِنَ الْأَحْكَامِ، وَالْفَوَائِدِ، وَالْعِبَرِ الْمُسْتَنْبَطَةِ:

20- فَضْلُ التَّوْبَةِ: فِي قَوْلِ مَلَائِكَةِ الْعَذَابِ: «إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ» دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ التَّوْبَةِ، وَأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا مَاتَ بَعْدَهَا؛ أَدْرَكَتْهُ رَحْمَةُ اللَّهِ، وَلَوْ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ.

 

21- قُدْرَةُ الْمَلَكِ عَلَى التَّصَوُّرِ ‌بِصُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ: لِقَوْلِهِ: «فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ»؛ [أَيْ: حَكَمًا]. وَ«كَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَنْزِلُ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ». صَحِيحٌ - رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

 

22- مَنْ صَدَقَ اللَّهَ صَدَقَهُ اللَّهُ: لِأَنَّهُمْ لَمَّا قَاسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ «وَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ، فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ»؛ أَيْ: قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدُسِيِّ: «مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

23- شِبْرٌ وَاحِدٌ قَدْ يُغَيِّرُ مَصِيرَ الإِنْسَانِ: جَاءِ فِي رِوَايَةٍ: «فَكَانَ إِلَى الْقَرْيَةِ الصَّالِحَةِ أَقْرَبَ مِنْهَا بِشِبْرٍ فَجُعِلَ مِنْ أَهْلِهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَالشِّبْرُ كَانَ نُقْطَةَ تَحَوُّلٍ مِنَ الشَّقَاءِ إِلَى السَّعَادَةِ؛ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَالْحَسَنَةُ الْوَاحِدَةُ قَدْ تَكُونُ سَبَبًا لِلنَّجَاةِ.

 

24- سَعَةُ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى: جَاءَ فِي رِوَايَةٍ: «فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي، وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي، وَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا، فَوُجِدَ إِلَى هَذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ؛ فَغُفِرَ لَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَالتَّائِبُ حَبِيبُ اللَّهِ، يُسَخِّرُ الْأَرْضَ مِنْ أَجْلِهِ.

 

25- لَا غِنَى لِلْعَبْدِ عَنْ تَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى: فَمِنْ عَلَامَاتِ تَوْفِيقِ اللَّهِ لِعَبْدِهِ، وَرِضَاهُ عَنْهُ أَنْ يُوَفِّقَهُ لِتَوْبَةٍ نَصُوحٍ قَبْلَ الْمَوْتِ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ»؛ فَقِيلَ: كَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْمَوْتِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

26- التَّوْبَةُ النَّصُوحُ تُنَجِّي صَاحِبَهَا، وَلَوْ كَانَ قَاتِلًا: قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَخَلَفِهَا: أَنَّ ‌الْقَاتِلَ ‌لَهُ ‌تَوْبَةٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنْ تَابَ وَأَنَابَ وَخَشَعَ وَخَضَعَ، وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا؛ بَدَّلَ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِ حَسَنَاتٍ، وَعَوَّضَ الْمَقْتُولَ مِنْ ظُلَامَتِهِ، وَأَرْضَاهُ عَنْ طِلَابَتِهِ).

 

27- الْخَوْفُ مِنْ سُوءِ الْخَاتِمَةِ: فَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ أَدْنَى إِلَى أَرْضِ الْمَعْصِيَةِ، أَوْ كَانَ مِنْ ضَحَايَا التَّسْوِيفِ، وَتَأْخِيرِ التَّوْبَةِ؛ لَكَانَتْ خَاتِمَتُهُ سَيِّئَةً!

 

28- إِذَا قَبِلَ اللَّهُ التَّوْبَةَ تَكَفَّلَ بِإِرْضَاءِ أَصْحَابِ الْحُقُوقِ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: حُقُوقُ الْآدَمِيّينَ لَا تَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنَ ‌الِاسْتِرْضَاءِ! الْجَوَابُ: بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا قَبِلَ تَوِبَةَ الْقَاتِلِ؛ تَكَفَّلَ بِرِضَا خَصْمِهِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تأملات في حديث قاتل المائة نفس
  • وقفات مع حديث قاتل المائة نفس

مختارات من الشبكة

  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سؤال وجواب في أحكام الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحكام وفوائد من قصة طواف سليمان عليه السلام على نسائه (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • أحكام وفوائد من قصة أبي هريرة مع الشيطان (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • أحكام وآداب وفوائد من قصة موسى والخضر (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • الاصطياف على شاطئ البحر: أحكام وآداب وفوائد (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أحكام الجنائز: مقدمات الموت - تغسيل الميت - تكفينه - دفنه - تعزية أهله - أحكام أخرى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إحكام الدلالة لأحكام الرسالة: أدلة مسائل رسالة ابن أبي زيد القيرواني في فقه الإمام مالك (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إحكام النظام في أحكام الصيام (PDF)(كتاب - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)
  • شرح منظومة إحكام النظام في أحكام الصيام (PDF)(كتاب - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/1/1447هـ - الساعة: 9:57
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب