• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    اشتمال كلام الله تعالى على جمل وكلمات وحروف وأمر ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    العقيدة سفينة النجاة
    محمد ونيس
  •  
    ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل (خطبة)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: {ليسوا سواء من أهل ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    قراءة سورة الأعراف في صلاة المغرب: دراسة فقهية
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    طيبته العافية
    نايف بن علي بن عبدالله القفاري
  •  
    دلالة الربط ما بين الحب ذي العصف والريحان
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    ساعات تطوى وأعمار تفنى (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    لا يعرفوننا إلا وقت الحاجة (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    بيان سؤال الخليل عليه السلام ربه أن يجنبه وبنيه ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    إتحاف الساجد بمجموعة من الآداب المهمة في المساجد ...
    بشار بن صادق آل صلاح الحبيشي
  •  
    فرحك وسعادتك بيدك (خطبة)
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
  •  
    ومضات نبوية: "لا أنساها لها"
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    الإمتاع في تحقيق قولهم: طلع البدر علينا من ثنيات ...
    الشيخ نشأت كمال
  •  
    قد أفلح من تزكى (خطبة)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    تفسير: (يا أيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم هل ...
    تفسير القرآن الكريم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

ضرب مثل فاستمعوا له (خطبة)

ضرب مثل فاستمعوا له (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/11/2023 ميلادي - 25/4/1445 هجري

الزيارات: 13931

حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ضُرِبَ ‌مَثَلٌ ‌فاسْتَمِعوا له


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَبَيْنَ أَيْدِينَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِقُبْحِ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَبَيَانِ نُقْصَانِ عُقُولِ مَنْ عَبَدَهَا، وَضَعْفِ الْجَمِيعِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الْحَجِّ: 73-74]. ﴿ ‌ضُرِبَ ‌مَثَلٌ ‌فَاسْتَمِعُوا لَهُ ﴾ أَيْ: ضُرِبَ مَثَلٌ فَتَدَبَّرُوهُ حَقَّ تَدَبُّرِهِ، وَأَلْقُوا إِلَيْهِ أَسْمَاعَكُمْ، وَتَفَهَّمُوا مَا احْتَوَى عَلَيْهِ، وَلَا يُصَادِفْ مِنْكُمْ قُلُوبًا لَاهِيَةً، وَأَسْمَاعًا مُعْرِضَةً، بَلْ أَلْقُوا إِلَيْهِ الْقُلُوبَ وَالْأَسْمَاعَ.

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ﴾ إِنَّ الْأَصْنَامَ الَّتِي يَعْبُدُهَا الْمُشْرِكُونَ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَاحِدًا فِي صِغَرِهِ، وَضَعْفِهِ وَقِلَّتِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوِ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الْأَصْنَامُ لَنْ يَقْدِرُوا عَلَى خَلْقِ ذُبَابَةٍ عَلَى ضَعْفِهَا وَصِغَرِهَا، فَكَيْفَ يَلِيقُ بِالْعَاقِلِ جَعْلُهَا مَعْبُودًا لَهُ؟

 

﴿ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴾ وَإِنْ يَأْخُذِ الذُّبَابُ شَيْئًا مِمَّا يُطْلُونَ بِهِ الْأَصْنَامَ مِنَ الطِّيبِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْعَسَلِ لَا يَسْتَخْلِصُوهُ مِنْهُ؛ ﴿ ضَعُفَ الطَّالِبُ ﴾ وَهُوَ الصَّنَمُ الْمَعْبُودُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، أَنْ يَسْتَنْقِذَ مَا أَخَذَهُ الذُّبَابُ مِنْهُ، وَضَعُفَ ﴿ الْمَطْلُوبُ ﴾ الَّذِي هُوَ الذُّبَابُ؛ فَكَيْفَ تُتَّخَذُ هَذِهِ الْأَصْنَامُ آلِهَةً، وَهِيَ بِهَذَا الضَّعْفِ وَالْهَوَانِ؟! فَكُلٌّ مِنْهُمَا ضَعِيفٌ، وَأَضْعَفُ مِنْهُمَا مَنْ يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الضَّعِيفِ؛ وَيُنْزِلُهُ مَنْزِلَةَ رَبِّ الْعَالَمِينَ!

 

وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: ﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾ مَا عَظَّمُوا اللَّهَ حَقَّ عَظَمَتِهِ، وَمَا عَرَفُوهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ، وَلَا وَصَفُوهُ حَقَّ وَصْفِهِ؛ حَيْثُ سَاوَوُا الْفَقِيرَ الْعَاجِزَ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، بِالْغَنِيِّ الْقَوِيِّ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، سَاوَوْا مَنْ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ، وَلَا لِغَيْرِهِ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا، وَلَا مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا، بِمَنْ هُوَ النَّافِعُ الضَّارُّ، الْمُعْطِي الْمَانِعُ، مَالِكُ الْمُلْكِ، وَالْمُتَصَرِّفُ فِيهِ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ التَّصْرِيفِ؛ ﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾؛ حَيْثُ أَشْرَكُوا بِهِ الْعَاجِزِينَ عَنْ خَلْقِ الذُّبَابَةِ، وَمَا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الِانْتِصَافِ مِنْهَا إِذَا سَلَبَتْهُمْ شَيْئًا مَا، إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ غَالِبٌ لَا يُقْهَرُ، وَمِنْ كَمَالِ قُوَّتِهِ سُبْحَانَهُ: أَنَّهُ يَبْعَثُ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ، أَوَّلَهُمْ وَآخِرَهُمْ، بِصَيْحَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمِنْ كَمَالِ قُوَّتِهِ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَّهُ أَهْلَكَ الْجَبَابِرَةَ وَالْأُمَمَ الْعَاتِيَةَ، بِشَيْءٍ يَسِيرٍ، وَسَوْطٍ مِنْ عَذَابِهِ.

 

وَلَمَّا ضَرَبَ اللَّهُ هَذَا الْمَثَلَ؛ اسْتَهْجَنَ الْكُفَّارُ ذَلِكَ، وَقَالُوا: "أَمَا وَجَدَ رَبُّ مُحَمَّدٍ غَيْرَ الذُّبَابِ يَضْرِبُ بِهِ مَثَلًا؟" فَأَنْزَلَ اللَّهُ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا ﴾ [الْبَقَرَةِ: 26]. فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَا يَمْنَعُهُ الْحَيَاءُ مِنْ ضَرْبِ الْمَثَلِ بِالْبَعُوضَةِ، وَمَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهَا فِي الْحَجْمِ؛ كَالذُّبَابِ، وَالْعَنْكَبُوتِ، وَالْكَلْبِ وَالْحِمَارِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ جَمِيعَ الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ مِنْ أَدْنَاهَا إِلَى أَرْقَاهَا، وَجَعَلَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا أَدِلَّةً كَثِيرَةً عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَوَجَّهَ أَنْظَارَ النَّاسِ إِلَيْهَا لِيَتَفَكَّرُوا فِي خَلْقِهَا، وَيَتَأَمَّلُوا فِي إِتْقَانِ صُنْعِهَا، حَتَّى تَكُونَ طَرِيقًا لِمَعْرِفَةِ خَالِقِهِمْ وَخَالِقِ كُلِّ شَيْءٍ، فَهَلِ اسْتَحْيَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ خَلْقِهَا، وَوَضَعَهَا أَمَامَ أَسْمَاعِ النَّاسِ وَأَبْصَارِهِمْ حَتَّى يَسْتَحْيِيَ مِنْ ذِكْرِهَا، وَالتَّمْثِيلِ بِهَا؟!

 

فَالْمُؤْمِنُونَ يَعْلَمُونَ أَنَّ ضَرْبَ الْمَثَلِ حَقٌّ وَصِدْقٌ ثَابِتٌ، لَا سَبِيلَ إِلَى إِنْكَارِهِ، أَوِ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رَبِّهِمْ وَخَالِقِهِمْ، وَأَنَّ لَهُ حُكْمًا وَفَوَائِدَ يَتَفَهَّمُونَهَا وَيَسْتَفِيدُونَ مِنْهَا. وَأَمَّا الْكُفَّارُ فَيَقُولُونَ - بِأُسْلُوبِ الْإِنْكَارِ وَالِاعْتِرَاضِ وَالِاسْتِغْرَابِ؛ بِسَبَبِ ضَلَالِ اعْتِقَادِهِمْ فِي أَوْثَانِهِمْ، وَغَطْرَسَتِهِمْ وَعِنَادِهِمْ: مَا الَّذِي أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا الْمَثَلِ؟

 

وَالسُّؤَالُ الْمُلِحُّ هُوَ: مَاذَا عَنْ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ الضَّعِيفَةِ الْهَزِيلَةِ الْحَقِيرَةِ، الَّتِي ضَرَبَ اللَّهُ بِهَا الْأَمْثَالَ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ، وَنَفَاذِ مَشِيئَتِهِ، وَعَظَمَةِ إِبْدَاعِهِ فِي خَلْقِهِ؟

 

إِنَّهَا مَخْلُوقَاتٌ عَجِيبَةٌ تَحَدَّى اللَّهُ بِهَا الْآلِهَةَ الْبَاطِلَةَ، وَتَحَدَّى بِهَا الْبَشَرَ، أَصْحَابَ الْعُقُولِ الْمُبْدِعَةِ - وَمَا زَالَ التَّحَدِّي قَائِمًا إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ - أَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابَةً أَوْ بَعُوضَةً، لَهَا سَمْعٌ وَبَصَرٌ، لَهَا فَمٌ وَأَرْجُلٌ، وَلَهَا أَوْرِدَةٌ وَشَرَايِينُ، وَلَهَا أَعْضَاءٌ لِلتَّنَاسُلِ وَالتَّكَاثُرِ، وَلَهَا جَنَاحٌ تَطِيرُ بِهِ، وَلَهَا رُوحٌ تَدِبُّ فِي أَوْصَالِهَا وَتَحْيَا بِهَا.

 

وَإِذَا مَا ظَهَرَ الْعَجْزُ أَمَامَ هَذَا التَّحَدِّي؛ فَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَظِيمُ، الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ، ثُمَّ هَدَاهُ إِلَى أُسْلُوبِ مَعِيشَتِهِ، وَصَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ إِذْ يَقُولُ لِلْمُشْرِكِينَ الضَّالِّينَ: ﴿ ‌أَيُشْرِكُونَ ‌مَا ‌لَا ‌يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ * وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ * وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ * إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِي فَلَا تُنْظِرُونِ * إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 191-196].

 

وَقَالَ تَعَالَى فِي مَشْهَدٍ آخَرَ يَدُلُّ عَلَى عَجْزِهِمْ، وَعَجْزِ آلِهَتِهِمْ: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الْأَحْقَافِ: 4]؛ وَيَقُولُ أَيْضًا: ﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [لُقْمَانَ: 11]. فَاللَّهُ تَعَالَى وَحْدَهُ هُوَ الَّذِي يَعْلَمُ سِرَّ الْخَلْقِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي ﴿ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 11].

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. مَهْمَا ارْتَقَى الْإِنْسَانُ فِي سُلَّمِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَشَارَفَ عَلَى النِّهَايَةِ فِي الصِّنَاعَاتِ الذَّكِيَّةِ، وَابْتَكَرَ مُنْتَجَاتٍ عَالِيَةَ الْجَوْدَةِ، وَاسْتَخْدَمَ تِقْنِيَّاتِ الذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ، وَالتِّكْنُولُوجْيَا الرَّقْمِيَّةَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أُمُورٍ مُسْتَقْبَلِيَّةٍ؛ فَإِنَّهُ لَنْ يَصِلَ إِلَى مُسْتَوَى خَلْقِ الذُّبَابَةِ أَوْ خَلْقِ الْبَعُوضَةِ؛ لِأَنَّ خَلْقَ ذُبَابَةٍ أَوْ بَعُوضَةٍ فِي بَابِ الْإِعْجَازِ الْعِلْمِيِّ، أَصْعَبُ بِكَثِيرٍ، مِنْ صُنْعِ طَائِرَةٍ، أَوْ مُسَيَّرَةٍ، أَوِ اخْتِرَاعِ غَوَّاصَةٍ، وَغَيْرِهَا مِنْ مُسْتَجِدَّاتٍ سَيَخْتَرِعُهَا الْبَشَرُ.

 

وَالسَّبَبُ: هُوَ أَنَّ الْخَالِقَ وَحْدَهُ هُوَ الَّذِي يُوجِدُ الشَّيْءَ مِنَ الْعَدَمِ، ثُمَّ يَمُدُّهُ بِالْحَيَاةِ، فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَهَذِهِ الرُّوحُ هِيَ الَّتِي تَحْمِلُ سِرَّ الْبَقَاءِ وَالنَّمَاءِ، وَسِرَّ وُجُودِهِ وَحَرَكَتِهِ، وَنَشَاطَهُ، وَأُسْلُوبَ حَيَاتِهِ، وَنِظَامَ مَعِيشَتِهِ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً، أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً، أَوْ شَعِيرَةً» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَفِي رِوَايَةٍ: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ خَلَقَ كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا بَعُوضَةً، وَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَتَأَمَّلْ –أَخِي الْكَرِيمَ– فِي مَمْلَكَةِ النَّحْلِ، أَوْ مَمْلَكَةِ النَّمْلِ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ نَفْسَهُ يَعْجِزُ أَنْ يَقُودَ حَرَكَتَهُ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي تَقُودَانِ بِهِ، فَنِظَامُ حَيَاتِهِمَا، وَأُسْلُوبُ مَعِيشَتِهِمَا، قَدْ بَلَغَ الْغَايَةَ فِي الدِّقَّةِ، وَالْعَظَمَةَ فِي الْأُسْلُوبِ وَالطَّرِيقَةِ فِي مِنْهَاجِ الْحَيَاةِ، وَهُنَاكَ دِرَاسَاتٌ عِلْمِيَّةٌ تُبَيِّنُ أَمْرَ هَاتَيْنِ الْمَمْلَكَتَيْنِ، وَغَيْرُ خَافٍ عَلَيْكَ –أَيُّهَا الْمُسْلِمُ– أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ: سُورَةً تُسَمَّى "سُورَةَ النَّحْلِ"، وَأُخْرَى تُسَمَّى "سُورَةَ النَّمْلِ"، فَفِي خَلْقِ "النَّحْلِ وَالنَّمْلِ"، وَنِظَامِ حَيَاتِهِمَا؛ تَتَجَلَّى قُدْرَةُ اللَّهِ الْبَاهِرَةُ، وَعَظَمَتُهُ فِي خَلْقِهِ.

 

عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ النَّمْرُودَ بِجُيُوشِهِ الْجَرَّارَةِ، قَدْ هَزَمَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالْبَعُوضِ الَّذِي سَلَّطَهُ عَلَيْهِمْ فَامْتَصَّ دِمَاءَهُمْ، وَأَلْقَى بِالْأَمْرَاضِ وَالْأَوْبِئَةِ الْمُهْلِكَةِ عَلَيْهِمْ.


وَالنَّمْرُودُ نَفْسُهُ الَّذِي كَانَ يَدَّعِي الْأُلُوهِيَّةَ، مَاتَ مِنْ جَرَّاءِ بَعُوضَةٍ صَغِيرَةٍ حَقِيرَةٍ عَذَّبَهُ اللَّهُ بِهَا، حِينَ دَخَلَتْ مِنْ أَنْفِهِ، وَوَصَلَتْ إِلَى مُخِّهِ، وَأَخَذَتْ تَنْخُرُ فِيهِ، وَكَانَتْ لَا تَسْكُتُ إِلَّا إِذَا ضُرِبَ عَلَى رَأْسِهِ، حَتَّى مَاتَ مِنْ جَرَّائِهَا؛ ﴿ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الْجَاثِيَةِ: 6].





حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له
  • تفسير: (يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا)
  • تفسير آية: { ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله ...}
  • { يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له } (خطبة)
  • ﴿ فاستمعوا له ﴾

مختارات من الشبكة

  • خطبة: {أفمن زين له سوء عمله...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ساعات تطوى وأعمار تفنى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا يعرفوننا إلا وقت الحاجة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب اجتماع الناس (خطبة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • فرحك وسعادتك بيدك (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قد أفلح من تزكى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تجارة العلماء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا تكونوا كالذين آذوا موسى (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • النفاق خطر متجدد في ثوب معاصر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تعليم القرآن والتجويد في دورة قرآنية للأطفال في ساو باولو
  • ورشة توعوية في فاريش تناقش مخاطر الكحول والمخدرات
  • المحاضرات الإسلامية الشتوية تجمع المسلمين في فيليكو تارنوفو وغابروفو
  • ندوة قرآنية في سراييفو تجمع حفاظ البوسنة حول جمال العيش بالقرآن
  • سلسلة ورش قرآنية جديدة لتعزيز فهم القرآن في حياة الشباب
  • أمسية إسلامية تعزز قيم الإيمان والأخوة في مدينة كورتشا
  • بعد سنوات من المطالبات... اعتماد إنشاء مقبرة إسلامية في كارابانشيل
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/7/1447هـ - الساعة: 14:2
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب