• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق الزوجة على زوجها (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    غابة الأسواق بين فريسة الاغترار وحكمة الاغتناء
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    فرق بين الطبيب والذباب
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    بين الدعاء والفرج رحلة الثقة بالله (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    يوم القيامة: نفسي.. نفسي
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    من مائدة السيرة: الدعوة السرية
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    خطبة: عاشوراء وطلب العلم
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    سلسلة الأسماء الحسنى (2) اسم (الرب)
    نجلاء جبروني
  •  
    نطق الشهادة عند الموت سعادة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خصائص الجمع الأول للقرآن ومزاياه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الإسلام يأمرنا بإقامة العدل وعدم الظلم مع أهل ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    ذكر الله عز وجل (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    عناية الأمة بروايات ونسخ «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    وحي الله تعالى للأنبياء عليهم السلام
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    تفسير قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل الكتاب لو ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    عاشوراء بين مهدي متبع وغوي مبتدع (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

{ يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له } (خطبة)

{ يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له } (خطبة)
د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/7/2023 ميلادي - 14/1/1445 هجري

الزيارات: 15588

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ﴾ [الحج: 73]

 

الحمدُ للهِ الجبارِ، مكورِ النهارِ على الليلِ ومكورِ الليلِ على النهارِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ الواحدُ القهارُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ وسلمَ عليه وعلى آلهِ وصحبِه المهاجرين والأنصارِ؛ أما بعدُ:

فـ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

أيها المؤمنون، أمثالُ القرآنِ من متينِ العلمِ الذي لا يَعقلُه إلا العالِمون؛ كما قال تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 43]، وذلك لما حَوتْه تلك الأمثالُ من جزالةِ العلمِ بالحقائقِ الكبرى التي تَعْظُمُ حاجةُ الأفرادِ والأممِ والشعوبِ والدولِ إلى إدراكِها، وإبرازِها بالمثالِ المحسوسِ الذي يُجسدُ المعانيَ العظيمةَ بالواقعِ المشاهدِ؛ لأجلِ تقريبِها للأفهامِ، وتجليتِها في الأذهانِ، فيُلْحَقُ النظيرُ بالنظيرِ وإنِ اختلفتِ الصورُ والأسماءُ ما دامتِ الحقيقةُ واحدةً، وثَم مَثَلٌ قرآني فريدٌ لم يُصَدرْ مَثَلٌ في القرآنِ بمِثْلِ ما صُدرَ به هذا المَثَلُ من عمومِ النداءِ واسترعاءِ أذهانِ المخاطبين لاستماعِه، بأصح برهانٍ، وأبلغِ بيانٍ، سالمٍ من الغموضِ والنقصِ والتطويلِ، بالغٍ في الحُسنِ والفصاحةِ والإيجازِ ما لا يَتوهمُ متوهمٌ ولا يَظن ظانٌّ أنْ يكونَ أبلغَ في معناه منه، وتحتَه من المعنى الجليلِ القدْرَ العظيمِ الشرفَ البالغِ في النفعِ ما هو أجل؛ يقول اللهُ تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 73، 74].

 

استهلالٌ بخطابٍ رباني للناسِ أجمعَ - مؤمنِهم وكافرِهم - ليزدادَ المؤمنُ ثباتًا وبصيرةً، ولتقومَ على الكافرِ الحجةُ ولعله يرجعُ، بأن اللهَ جل شأنُه قد جعلَ شَبَهًا حاكيًا وهاءَ حالِ المشركين، ومبينًا حقيقةَ ما يعبدونَه من دونِ اللهِ وإنْ بَدَا عظيمًا في نظرِ المشركين وأُطْلِقَ عليه من ألقابِ التفخيمِ وحِيطَ بهالةِ الإعلامِ الخالبِ وكان له من دَهْمَاءِ الأتباعِ وذَويِ المصالحِ جمعٌ غفيرٌ، وأَمَرَ العبادَ كلهم بإحضارِ قلوبِهم عند استماعِه والإنصاتِ له لمسيسِ حاجتِهم إليه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ﴾ [الحج: 73]، استماعَ إنصاتٍ وتدبرٍ وتفكُّرٍ وتفهُّمٍ في لفظِ المَثَلِ وما حواه من دلالةٍ؛ ليحصلَ بضربِه غرضُ الاعتبارِ.

 

عبادَ اللهِ، إن نداءَ اللهِ الناسَ أجمعَ، واستنصاتَهم لاستماعِ مَثَلِ الذبابِ، لَيُؤكدُ عمومَ حقيقةِ هذا المَثَلِ الذي يَصْدُقُ على كل معبودٍ من دونِ اللهِ؛ جَلَّ أو حَقُرَ، كَبُرَ أو صَغُرَ، طالَ أو قَصُرَ، من مخلوقٍ أو جمادٍ أو كيانٍ أو قِيمٍ، أو أوضاعٍ أضْفى عابدوها عليها خِلْعةَ الألوهيةِ بصرْفِ حق من حقوقِ العبادةِ الخالصِ للهِ لها؛ من دعاءٍ، أو تعلقٍ، أو توكُّلٍ، أو محبةٍ، أو تعظيمٍ، أو خوفٍ، أو تشريعٍ، أو اعتقادِ تصرفٍ في الكونِ والأقدارِ والأرزاقِ، أو علمٍ بالغيبِ، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [الأعراف: 194]؛ لِيُبينَ للناسِ مقدارَ ضَعْفِها، وأنها لا تغني عنهم من اللهِ شيئًا، وذلك في تحدٍّ رباني مقدارُه الزمنُ كله حتى يَفنى الوجودُ، وميدانُه ذبابةٌ صارتْ ضرْبَ المَثَلِ في الاستقذارِ والمهانةِ والاحتقارِ حتى في مُسماها الذي يحملُ في معانيه الذب وهو الطردُ كلما أقبلَ، والمُتحَدى عالَمُ الشركِ كله بقَضه وقَضِيضِيه وكياناتِه ودولِه وعلومِه ومخترعاتِه ومختبراتِه وتكنولوجياتِه، وآلهتِه التي تُدعى من دونِ اللهِ، والتحدي معهم في موضعيْن فقطْ من شأنِ الذبابِ المُحتقَرِ، تُدُرجَ معهم بالأعلى فالأدنى، فالتحدي الأولُ في إنشاءِ خلْقِ الذبابِ، ولو ذبابةٍ واحدةٍ؛ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ﴾ [الحج: 73]، وكان بعضُهم لبعضٍ ظهيرًا؛ كل مَن تَدْعون من دونِ اللهِ مِن آلهةٍ مُدعاةٍ، تَستنصرونَ بها من دونِ اللهِ، وتستعينونَ بقوتِها، وتَطلبونَ منها النصرَ والجاهَ، كلهم ﴿ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ﴾، والذبابُ صغيرٌ حقيرٌ؛ ولكن هؤلاءِ الذين يَدعونَهم آلهةً لا يَقْدِرُونَ - ولو اجتمعوا وتساندوا - على خلْقِ هذا الذبابِ الصغيرِ الحقيرِ، وخلْقُ الذبابِ مستحيلٌ كخلْقِ الجملِ والفيلِ؛ لأن الذبابَ يحتوي على ذلك السر المُعجِزِ، الروُحِ سِر الحياةِ، فيستوي في استحالةِ خلْقِه مع الجملِ والفيلِ، ولكن الأسلوبَ القرآني المُعجِزَ يَختارُ الذبابَ الصغيرَ الحقيرَ؛ لأن العجزَ عن خلْقِه يُلقي في حِس المتدبرِ ظِل الضعْفِ أكثرَ مما يُلقيه العجزُ عن خلْقِ الجملِ والفيلِ، دونَ أنْ يُخِل هذا بالحقيقةِ في التعبيرِ، وهذا من بدائعِ الأسلوبِ القرآني العجيبِ، وقد تحدَّاهمُ اللهُ أجمعَ بخلْقِ ما هو أصغرُ من الذبابِ؛ ذَرةٍ، أو شَعِيرةٍ، أو حَبةٍ فيها مادةُ الحياةِ؛ قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "قال اللهُ -تَعَالَى-: وَمَنْ أظْلَمُ مِمنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي؟ ‌فَلْيَخْلُقُوا ‌ذَرةً أوْ لِيَخْلُقُوا حَبةً، أوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً"؛ رواه البخاري ومسلمٌ.

 

وما ذاك إلا أن صفةَ الخلْقِ من أخص صفاتِ الربوبيةِ، فلا يَستحِق العبادةَ إلا مَن هو قادرٌ على الخلْقِ، ومن هنا اشتد الوعيدُ على المصورينَ الذين يَرسمونَ ذواتِ الأرواحِ ويَنْحِتُونَها حين كان فيها مشابهةٌ لخلْقِ اللهِ؛ قالت عائشةُ رضيَ اللهُ عنها: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم من سَفَرٍ، وَقَدْ سَتَرْتُ بِقِرَامٍ (أيْ: ثوبٍ يُتخذُ سُترةً) لِي عَلَى سَهْوَةٍ (أيْ: رف) لِي فِيهَا تَمَاثِيلُ، فَلَما رَآهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَتَكَهُ (أيْ: قَطَعَهُ)، وَقَالَ: "أَشَد الناسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الذِينَ ‌يُضَاهُونَ بِخَلْقِ الله"؛ رواه البخاري ومسلمٌ.

 

عبادَ اللهِ، لَما استبانَ عجزُ أهلِ الإشراكِ عن خلْقِ ذبابةٍ واحدةٍ انتقلَ معهمُ القرآنُ في تحدِّيه لهم في شأنٍ أقل من هذا بكثيرٍ؛ لِيخطوَ خطوةً أوسعَ في إبرازِ الضعْفِ المُزْرِي، وذلك في وصفِ عجزِهم حين يَهجمُ الذبابُ عليهم، فينالُ منهم شيئًا ضئيلًا مما يَعْلَقُ بقوائمِه أو جناحِه أو خرطومِه أو قَرْصِه، فلا يستطيعونَ تخليصَه منه واستنقاذَه ولو اجتمعوا عليه، وابتكروا من المخترعاتِ ما ابتكروه، ﴿ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ﴾ [الحج: 73]، قَالَ ابْنُ عَباسٍ رضي الله عنهما: "كَانُوا يَطْلُونَ أَصْنَامَهُمْ بِالزعْفَرَانِ، فَتَجِف، فَيَأْتِي (أي: الذبابُ)، فَيَخْتَلِسُهُ"، وَقَالَ السدي: "كَانُوا يَجْعَلُونَ لِلْأَصْنَامِ طَعَامًا، فَيَقَعُ عَلَيْهِ الذبَابُ فَيَأْكُلُهُ"، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: "كَانُوا يُحَلونَ الْأَصْنَامَ بِالْيَوَاقِيتِ وَاللآلِئِ وَأَنْوَاعِ الْجَوَاهِرِ، وَيُطَيبُونَهَا بِأَلْوَانِ الطيب فربما يسقط مِنْهَا وَاحِدَةٌ، فَيَأْخُذُهَا طَائِرٌ أَوْ ذُبَابٌ فَلَا تَقْدِرُ الْآلِهَةُ عَلَى اسْتِرْدَادِهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ ‌الذبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْه ﴾".

 

هكذا يُسْفِرُ المَثَلُ بِجَلاءٍ عن ضَعفِ كل معبودٍ سوى اللهِ كائنًا مَن كانَ، وأنه لا يُغني عن عابديه شيئًا؛ إذ كان لا يملكُ خلْقَ ذبابةٍ أو استنقاذَ ما سلبَتْهُ من طعامِه ومتاعِه، وهكذا يُجَلي ذاك المَثَلُ سُخْفَ عقولِ المشركين حين ساووا مع اللهِ غيرَه، وجعلوه نِدًّا يُعْبَدُ من دونِ اللهِ، فاشتركَ أهلُ الشركِ - عابدُهم ومعبودُهم - في سِمَةِ الضعْفِ التي لا يَنفك منها مخلوقٌ؛ إذ عجزوا عن خلْقِ ذبابةٍ أو استخلاصِ سَلْبِها، فضَعُفَ الطالِبُ المشرِكُ، وضَعُفَ مَطْلُوبُه الذي يَعبدُه كما ضَعُفَ الذبابُ؛ قال بعضُ السلفِ: "خلقَ اللهُ تَعَالَى الذبَاب ‌لِيذل ‌بِهِ ‌الْجَبَابِرَةَ".

وأعْجزَهم ذبابٌ في نشوءٍ
وباؤوا بالخسارِ وبالتَّبابِ
وهاءُ الشركِ أضحى في جلاءٍ
برد هَباءةٍ من فِي ذُبَابِ

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، أما بعدُ، فاعلموا أن أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ...

 

أيها المؤمنون، إن عقْلَ مَثَل الذبابِ واستحضارَه وإذاعتَه في الآفاقِ، من ألزمِ ما يجبُ العنايةُ والاشتغالُ به؛ إذ به تكونُ تصفيةُ التوحيدِ وحَسْمُ وسائلِ الشركِ، واجْتثاثُ أصلِه من القلبِ، ولا سيما في ظل طُغيانِ المادةِ والعلمِ والآلةِ ورُهابِ التقنيةِ وسُعارِ ثروةِ المالِ والرأسماليةِ، وانتشارِ الخُرافةِ والتعلقِ بالمحسوساتِ وضَعْفِ اليقينِ والتزهيدِ في شأنِ التوحيدِ وتعلمِه؛ قال ابنُ القيمِ: "حَقِيقٌ عَلَى كُل عَبْدٍ أَنْ ‌يَسْتَمِعَ ‌قَلْبُهُ لِهَذَا الْمَثَلِ، وَيَتَدَبرَهُ حَقَّ تَدَبرِهِ، فَإِنهُ يَقْطَعُ مَوَاد الشرْكِ مِنْ قَلْبِهِ".

 

وبعقْلِ العبدِ هذا المثلَ العظيمَ يكونُ إقدارُه ربه حق قدْرِه، وتعظيمُه حق التعظيمِ، وإخلاصُ العملِ له وحدَه؛ كما عقبَ اللهُ ذلك المَثَلَ بقولِه: ﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 74]، وذلك بيقينِ العبدِ عينَ اليقينِ استحقاقَ مولاه جل وعلا العبوديةَ وانفرادَه بالألوهيةِ، وأن ما يُعبد مِن دونِه دُونٌ ضعيفٌ بالغُ الضعفِ لا يَملكُ من الحوْلِ ما يَخلقُ به ذبابةً أو يَستنقذُ ما سلبتْهُ منه!

 

عبادَ اللهِ، إن استحضارَ مشهدِ اجتماعِ أممِ الشركِ ودولِه على مَر العصورِ محشودةً على صعيدٍ واحدٍ، وقد جَلبوا ما قدِروا عليه من آلةٍ ونظمٍ ومالٍ وإعلامٍ وجندٍ وأعوانٍ، وأتوا صفًا واحدًا وهم يُحاولونَ استنقاذَ هباءةٍ من ذبابةٍ مُحتقرَةٍ، فأعياهمُ ذلك الاستنقاذُ، وكان نصيبُهم من ذلك الخيبةَ والعجزَ، وعادوا بأذيالِ الهزيمةِ.

 

إن دوامِ استحضارِ ذلك المشهدِ يحمِلُ المرءَ على الحياءِ مِن أنْ يُعلقَ قلبَه على عَجَزَةٍ مهازيلَ، أو يكونَ لهم من عبادتِه نصيبٌ، أو يُؤثِرَ رضاهم على رضا خالقِه، وهذا حالُهم مع ذبابةٍ سلبتْهم هَباءةً وهم مجتمعون، فكيف بعظائمِ الأمورِ، وتفريجِ الكروبِ، وهم منفردون؟!

تحدَّى الربُّ مَن حادُوا وضلُّوا
وعن دربِ التقى والحق زَلُّوا
بأضعفِ خلْقِه أنْ يخلقوه
وإنْ جمَعوا لذلك واستدلُّوا
ذُبابًا أتقنَ الرحمنُ صُنْعًا
فإنْ يَسْلبْهُموا شيئًا أُذِلُّوا
تبارك ربنا مَلِكُ البرايا
وذَل الشركُ والفُجارُ ذَلوا




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له
  • تفسير: (يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا)
  • ضرب مثل فاستمعوا له (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تفسير آية: { ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله ...}(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • من تصدق أمام الناس ليقتدوا به له مثل أجرهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مثل نبوي بليغ في اغترار الناس بالشهوات المحرمة وحرصه عليه الصلاة والسلام على هدايتهم ونجاتهم(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير: (إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • تفسير قوله تعالى: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل...}(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/1/1447هـ - الساعة: 16:28
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب