• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

هل الأفضل الدعاء برفع بلاء الدنيا، أم الرضا والتسليم؟ (خطبة)

هل الأفضل الدعاء برفع بلاء الدنيا، أم الرضا والتسليم؟ (خطبة)
إبراهيم الدميجي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/12/2022 ميلادي - 16/5/1444 هجري

الزيارات: 13478

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

هل الأفضل الدعاء برفع بلاء الدنيا، أم الرضا والتسليم؟

 

الحمد لله ولي من اتقاه، من اعتمد عليه كفاه، ومن لاذ به وقاه، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وحبيبه وخليله ومصطفاه، صلى الله وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن دعا بدعوته واهتدى بهداه؛ أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، واستمسكوا بدينه، واعلموا أن الدعاء هو العبادة، وأن من سعادة ابن آدم إلحاحَه على ربه بدعائه في خير دنياه وآخرته، وفي العون على ذكره وشكره وحسن عبادته.

 

عباد الرحمن، نحن في دار ابتلاء، ولأن البلاء من الابتلاء، فهل الأفضل للمؤمن الدعاء برفع بلاء الدنيا، أم الرضا والتسليم؟

 

الجواب: إن على المؤمن أن يجمع بين الرضا والدعاء، فلا مانع من اجتماعهما على صفة الكمال، ونِعْمَ خُلُقُ المؤمن الرضا، ونِعْمَ ملاذ المؤمن الدعاء.

 

وعليه؛ فيُتصوَّر امتلاء القلب بالرضا والتسليم، واتساعه ببرد الحمد واليقين مع لهجه برفع البلاء، فهذا شيء، وذاك شيء، فليس الرضا بالبلاء ملازمًا لعدم الدعاء برفعه، ذلك أن كلتيهما عبادة مستقلة منفردة عن الأخرى؛ ذلك أن بحر الرضا واسع جدًّا، فتنغمس فيه جميع أنواع وأفراد بلاءات الدنيا، فحين تصيب النازلة والرَّزيَّة قلبًا هذا حاله، فإنها تنقلب بردًا وسلامًا على ذياك القلب المؤمن الراضي، بيد أنه ببصيرته وعلمه يتلمَّح ركن التعلق الأعظم؛ وهو الدعاء، فيدعو مَن أمَرَهُ بالدعاء، ويوقن أن من أمره بالرضا بالقضاء هو من أمره بإلحاح الدعاء، وأنه ابتلاه لِحِكَمٍ عظيمة لعل منها أن يكسِر صولة نفسه، ويسمع ضراعته ومسكنته، ويملأ قلبه وجوانحه بخالص عبادة الدعاء والرجاء، وتلتذُّ نفسه الراضية المسلِّمة بالانغماس المطمئن الساكن في جريان المقدور، فيدعو المؤمن الراضي المبتلَى ضارعًا ربه أن يختار له الخيرة حيثما توجهت؛ لعلمه أن الغيب سرٌّ مكتوم، وأن الخيرة معلقة بلطف الله وعلمه، وحكمته وتدبيره، وكرمه ورحمته، ورفقه وبِرِّهِ، فلا خير في العَجَلَةِ، ولا عجلة في الخير.

 

فهو يدعو بكل قلبه مضمنًا توكله – ومن أفراد توكله تفويض أزمة الأمور وطلب خيرها إليه سبحانه – وهذا عين تضمين الدعاء المُلِحِّ بخير الأمر وحسن العاقبة، حينها يملأ صدره بدفء وسكينة الرضا، وقلبه بيُمْنِ وغنيمة الدعاء، فيحرس الذخيرتين، ويحوز الغنيمتين، ويحرز الفضيلتين، ويعود بالأجرين: الرضا، والدعاء.

 

وبالجملة؛ فعلى المؤمن أن يدعو برفع البلية في دنياه مضمنًا دعوته بقلبه – وإن شاء بلسانه كذلك – تفويضَ الخيرة إليه، فيدعو ربه أن يكشف البلوى إن كان في ذلك خيرٌ لدينه، مع تذكر فضل البلاء بغير الدين من التكفير والأجر والذخر ونحو ذلك، وتشتد أهمية تفويض الخيرة برفع البلاء عند اشتباه الأمور أو استغلاق النفوس، فعند الشيخين[1] عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يتَمَنَّيَنَّ أحدكم الموت لضُرٍّ ينزل به، فإن كان لا بد متمنيًا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي))، وبهذا تجتمع النصوص ولا تتعارض البتة، والحمد لله رب العالمين.

 

قال ابن القيم رحمه الله: "والعاقل خصم نفسه، والجاهل خصم أقدار ربه، فاحذر كل الحذر أن تسأله شيئًا معينًا خيرته وعاقبته مغيَّبة عنك، وإذا لم تجد من سؤاله بدًّا، فعلِّقه على شرط علمه تعالى فيه الخيرة[2]، وقدِّم بين يدي سؤالك الاستخارة، ولا تكن استخارة باللسان بلا معرفة، بل استخارة من لا علم له بمصالحه، ولا قدرة له عليها، ولا اهتداء له إلى تفاصيلها، ولا يملك لنفسه ضرًّا ولا نفعًا، بل إن وُكل إلى نفسه هلك كل الهلاك، وانفرط عليه أمره، وإذا أعطاك ما أعطاك بلا سؤال، تسأله أن يجعله عونًا على طاعته، وبلاغًا إلى مرضاته، ولا يجعله قاطعًا لك عنه، ولا مبعدًا عن مرضاته"[3].

 

والنبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد الراضين وإمام المسلمين لأمر الله رب العالمين كان يسأل الله العافية، ويدعو بكشف البلية عن نفسه، كما قد علَّم أمَّتَه ذلك؛ فمن دعائه: ((اللهم إني أسألك العافية))[4]، وقال: ((سلوا الله العافية))[5].

 

وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن يشفيَه، ووصفت ذلك عائشة رضي الله عنها بقولها: ((دعا ودعا))[6]؛ [متفق عليه]، وهذا الحديث قاطعٌ في المسألة، فهو صريح في إلحاحه صلى الله عليه وسلم على ربه في طلب شفائه، مع كونه إمام الراضين المسلمين الحامدين ربهم قاطبة، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

 

عباد الله، لقد كان من هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم عند عيادة المريض أن يقول: ((اللهم أذهب البأس رب الناس، واشفِ فأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقمًا))[7]، وقال لعثمان بن أبي العاص لما جاءه يشكو ألمًا يجده في بدنه؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ضع يدك على الذي تألم من جسدك، وقل: باسم الله، ثلاثًا، وقل سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر))[8].

 

والدعاء برفع البلاء جادة المرسلين والأنبياء والصالحين؛ قال الله تعالى في شأن موسى عليه السلام: ﴿ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 21]، وقال عن أيوب عليه السلام: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ ﴾ [الأنبياء: 83، 84]، وقال تعالى عن يونس عليه السلام: ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 87، 88]، والمرأة الصالحة آسية جأرت لربها: ﴿ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ ﴾ [التحريم: 11]، فهذه جادة عباد الرحمن.

 

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في كلامه على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يُستجاب لأحدكم ما لم يَعْجَل؛ يقول دعوت، فلم يُستجب لي))[9]: "في هذا الحديث أدب من آداب الدعاء؛ وهو أنه يلازم الطلب، ولا ييأس من الإجابة؛ لِما في ذلك من الانقياد والاستسلام وإظهار الافتقار، حتى قال بعض السلف: لأنا أشدُّ خشية أن أُحرم الدعاء من أن أُحرم الإجابة".

 

والمقصود أن الله تعالى قد أمرنا بدعائه والتضرع إليه لكشف الكروب: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾ [النمل: 62]، ودعاؤه عبادة؛ قال الله تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ﴾ [البقرة: 186]، والآيات في هذا المعنى كثيرة جدًّا، وشاهدُ الكلام أن الله تعالى قد أمرنا بالدعاء وبالصبر والرضا، ووعد المثوبة للصابرين؛ فقال: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10].

 

وبالجملة؛ فليس المُلِحُّ على ربه بكشف كربه بمعترضٍ على قدره ولا بناقض الرضا بتدبيره، فالذي قضى هو من أمَرَ بالدعاء، وهو من أمر باتخاذ الأسباب المشروعة، وهو من جعل الدعاء سببًا موصلًا لمرضاته، ولإعطاء عبده رغبته طلبًا أو هربًا، أو دفعًا أو رفعًا، أو جلبًا أو إعصامًا، فالأمر أمره، والخلق خلقه، والعبد عبده، والدين دينه، ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 23].

 

فالدعاء ثبات على طريق بلوغ المراد ضمن الأسباب المشروعة، والدعاء أحدها، بل من أعظمها وأقواها، وهو سِيما العبودية، وختم الإيمان، والدعاء شفاء؛ قال ابن القيم رحمه الله: "من أنفع الأدوية: الإلحاح في الدعاء"[10].

 

وخير لك أن تدعو بجوامع الدعاء؛ ومن ذلك: ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201][11]، وقوله: ((اللهم إني أسألك من الخير كله؛ عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله؛ عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك، وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب منها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرًا، اللهم إني أسألك من الخير كله، وأعوذ بك من الشر كله))[12]، وقوله: ((اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي، وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي))[13]، وقوله: ((اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال))[14]، وقال ابن القيم[15] رحمه الله تعالى في هذا الدعاء الجامع: "استعاذ من ثمانية أشياء؛ كل اثنين منها قرينان؛ فالهم والحزن قرينان، وهما من آلام الروح ومعذباتها، والفرق بينهما أن الهم توقع الشر في المستقبل، والحزنَ التألمُ على حصول المكروه في الماضي أو فوات المحبوب، وكلاهما تألم وعذاب يرِد على الروح، والعجز والكسل قرينان، وهما من أسباب الألم؛ لأنهما يستلزمان فوات المحبوب؛ فالعجز يستلزم عدم القدرة، والكسل يستلزم عدم إرادته، فتتألم الروح لفواته بحسب تعلقها به والتذاذها بإدراكه لو حصل، والجبن والبخل قرينان؛ لأنهما عدم النفع بالمال والبدن وهما من أسباب الألم؛ لأن الجبان تفوته محبوبات ومفرحات وملذوذات عظيمة لا تُنال إلا بالبذل والشجاعة، والبخل يحول بينه دونها أيضًا، فهذان الخُلُقان من أعظم أسباب الآلام، وضلع الدين وقهر الرجال قرينان، وهما مؤلمان للنفس معذبان لها؛ أحدهما قهر بحقٍّ وهو ضلع الدين، والثاني قهر بباطل وهو غلبة الرجال، وأيضًا فضلع الدين قهر بسبب من العبد في الغالب، وغلبة الرجال قهر بغير اختياره".

 

وعن أبي ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن الله تبارك وتعالى أنه قال: ((يا عبادي، كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي، كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم))[16]؛ قال الحافظ ابن رجب: "الله يحب أن يسأله العباد جميع مصالح دينهم ودنياهم من الطعام والشراب والكسوة وغير ذلك، كما يسألونه الهداية والمغفرة؛ وفي الحديث: ((ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى شِسْع نعله إذا انقطع))[17].

 

بارك الله لي ولكم...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه؛ أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن الدعاء بحدِّ ذاته هو عبادة شريفة من أجلِّ العبادات، وهذا ملحظ عظيم فالداعي لكشف الكرب عليه أن يحرك قلبه بتنبيهه لشأن عبادة الدعاء مع رجاء كشف الضراء، فعلى المرء أن يتذكر أن دعاءه عبادة بذاتها، فليذكر قلبه بذلك عند رفع يديه ضراعةً لخالقه لطلب رغيبته وكشف ضره؛ قال العلامة السعدي رحمه الله تعالى: "وينبغي لمن دعا ربه في حصول مطلوب أو دفع مهروب ألَّا يقتصر في قصده ونيته في حصول مطلوبه الذي دعا لأجله، بل يقصد بدعائه التقرب إلى الله بالدعاء وعبادته التي هي أعلى الغايات، فيكون على يقين من نفع دعائه، وأن الدعاء مخ العبادة وخلاصتها، فإنه يجذب القلب إلى الله، وتلجئه حالته للخضوع والتضرع لله الذي هو المقصود الأعظم في العبادة.

 

ومن كان قصده في دعائه التقرب إلى الله بالدعاء وحصول مطلوبه، فهو أكمل بكثير ممن لا يقصد إلا حصول مطلوبه فقط كحال أكثر الناس، فإن هذا نقص وحرمان لهذا الفضل العظيم، وفي مثل هذا فليتنافس المتنافسون، وهذا من ثمرات العلم النافع، فإن الجهل منع الخلق الكثير من مقاصد جليلة، ووسائل جميلة، لو عرفوها لقصدوها، ولو شعروا بها لتوسلوا إليها، والله الموفق"[18].

 

وأصعب الجرح جرح الروح أحسبه
وأهون الجرح سيال ببعض دمِ
وأعظم الصبر صبر المرء يتبعه
حمد وشكر وتسليم لذي الكرمِ
وسائل الناس متروك لخيبته
وسائل الله لم يحرم من النعمِ

 

اللهم صلِّ على محمد...

 



[1] البخاري (5671)، ومسلم (2680).

[2] الخيرة: بسكون الياء من الخير، وهي المقصودة هنا، أما بفتح الياء فهي من الخيار؛ ومنه قوله تعالى: ﴿ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ﴾ [القصص: 68].

[3] مدارج السالكين (1/ 169).

[4] مسلم (2712).

[5] البخاري (7237)، ومسلم (1742).

[6] البخاري (3268) واللفظ له، ومسلم (2189).

[7] الترمذي (3565)، وصححه الألباني.

[8] مسلم (2202).

[9] البخاري (6340)، ومسلم (2735).

[10] الجواب الكافي (25).

[11] البخاري (6389) واللفظ له، ومسلم (2690)؛ عن أنس قال: ((كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201])).

[12] ابن ماجه (3846) عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علَّمها هذا الدعاء، ورواه ابن حبان (869)، والحاكم (1 / 512- 522)، وصححه الألباني.

[13] أبو داود (5074)، وأحمد (2/25) (4785)، وصححه الألباني.

[14] البخاري (4/28، 8/98)، ومسلم (8/75).

[15] بدائع الفوائد (2/ 433).

[16] مسلم (2577).

[17] الترمذي (3682)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4949).

[18] الفتاوى السعدية (١٥).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • البلاء نعمة
  • الصبر على البلاء (تصميم)
  • أيتها الأمة الباقية لا تسألوا الله البلاء بل اسألوه العافية (خطبة)
  • حاجة العباد إلى الصبر على البلاء في زمن الوباء
  • مدرسة الأنبياء في وقت البلاء.. أولا: مدرسة أيوب عليه السلام
  • من القربات في رمضان: الصبر على البلاء
  • وسائل الثبات عند حلول الوباء ونزول البلاء
  • الرضا والبلاء (1) (خطبة)
  • الرضا والبلاء (2) (خطبة)
  • كن أنت الأفضل (خطبة)
  • فضل الدعاء بعد عصر الجمعة
  • فضل دعاء غائب لغائب وما يحمله من معاني عظيمة (خطبة)
  • فضل الدعاء وشروط قبوله وآدابه وأوقات الإجابة

مختارات من الشبكة

  • (مادامت روحك بين جنبيك فها هي أفضل أيام الدنيا بين يديك) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أفضل أيام الدنيا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أعظم وأفضل أيام الدنيا (فضائل وأحكام)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • أفضل أيام الدنيا (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة أفضل أيام الدنيا (فضل عشر ذي الحجة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أفضل أيام الدنيا (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • المفهوم الأكمل في فقه أساليب الدعوة على الوجه الأفضل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخلاف في الأفضل في مكان قيام رمضان(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • للعام الرابع على التوالي المدارس الإسلامية تتصدر قائمة الأفضل في بريطانيا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • أريد أن أغير أسلوبي إلى الأفضل(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب