• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

الابتلاء بالأسقام (خطبة)

الابتلاء بالأسقام (خطبة)
إبراهيم الدميجي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/11/2022 ميلادي - 20/4/1444 هجري

الزيارات: 9087

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الابتلاء بالأسقام


الحمد لله حمدًا يليق بجميل فضله، وعميم جوده، وسابغ إحسانه، والصلاة والسلام والبركة على خيرته من خلقه، ومصطفاه من عباده، وخليله وكليمه؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن تبعه بإحسان؛ أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنه ليس للمؤمن مندوحة عن التفقُّه في سنن الابتلاء، وأن الله تعالى إذا أحب قومًا ابتلاهم، وأن أمر المؤمن كله خير، فالحكيم سبحانه يبتلي عباده حتى يستخلص خلاصتهم لخلاصة كرامته؛ ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن عِظَمَ الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضِيَ فله الرضا، ومن سخط فله السخط))، وهذا صريح في حصول الابتلاء لمن أحبه الله تعالى، وكم من عبودية يحبها الله غرسها وأصلحها في قلب عبده بسبب مصيبة في دنياه! وحسبك داءً أن تصح وتسلما.

 

وعن أبي يحيى صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عجبًا لأمر المؤمن؛ إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له))، فعليك براحلتي الشكر والصبر باركك الله تعالى.

 

عباد الرحمن: الحياة كلها ابتلاء لقياس صلاحية الإنسان لسُكنى الجنة أم لا، فالجنة هي لأحباب الله المؤمنين الصادقين الصابرين، فإذا ضعُف أحدهم بخطيئة في دار الامتحان، ابتلاه ربه بتكدير يرفأ شقَّ ثوب إيمانه، وبمصيبة ترفع درجته، وتكفر خطيئته، وتنبه قلبه من غفلته، ففي كل عثرة في حياتك، ‏ومنعطف من عمرك، ‏وخيبة أمل فيمن حولك - ‏اهتف بنفسك: هذا ابتلاء من ربك: ﴿ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴾ [يونس: 14]، فتأملها جيدًا، فإن في طيِّ المحن مِنحًا، وأتون الكير يُفرز صدقَ اللُّجَين من زيف النحاس، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

 

وكل أمر قرَّبك من ربك فهو خير، وكما قيل: يا بن آدم، لقد بُورك لك في حاجة أكثرتَ فيها من قرع باب سيدك، فتفاءل بالله وأحسِنِ الظنَّ به، واعلم أنه أشد من المصيبة انتظارها، وكثيرًا ما تكون النهاية عبارةً عن بداية جديدة، فالمتفائل يجعلها درجًا لمجده، والمتشائم يصيرها قبرًا لهمته؛ ومن أجمل ما كتبه ابن القيم رحمه الله عبارة تستحق الوقوف الطويل في محراب تأملها: "يا بن آدم، كلٌّ يريدك لنفسه، إلا الله، فإنه يريدك لنفسك".

وكم لله من لطْفٍ خفيٍّ
يدِقُّ خفاه عن فَهم الذكيِّ
وكم يُسْرٍ أتى من بعد عسر
ففرَّج كربة القلب الشجِيِّ
وكم أمر تُساء به صباحًا
وتأتيك المسرة بالعشيِّ
إذا ضاقت بك الأحوال يومًا
فَثِقْ بالواحد الفرد العليِّ

 

عباد الله: ومن أنواع الابتلاء الأمراضُ والأسقام التي يقدِّرها الله على مَن رحم مِن عباده، فالمريض المؤمن المدنف، ساكن النفس، لاهج بحمد ربه بإنعامه عليه بهذا البلاء، ولكن غير الواثقين بربهم لا يعلمون حقائق كنوز الرضا وذخائر الثقة؛ إنه يقرأ في منشور فلاحه وصفًا للمرضِيِّ عنهم: ﴿ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ ﴾ [التوبة: 112]، ويتدبر قول ربه: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 146]، فتهفو نفسه الواثقة لمزيدٍ من اليقين، حتى يكون الخبر كالمعاينة، وكم من مريض أو مكروب أو مضرور يفتح الله له بابًا لمناجاته، والأنس به، حال كربه ومرضه، حتى إذا زال كربه؛ فقد معه كثيرًا من موارد ذلك الأنس والسرور والمناجاة!

 

والمؤمن يرى الأمراض نِعَمًا لا عذابًا، هو لا يطلبها بل يسأل ربه العافية، لكن إن نزلت به صبر ورضِيَ وشكر، فأسقام الجسد على ثلاثة أنحاء:

فمنها العارض، وأعظمه الحمى - أم مِلْدم - فهي تدخل كل عضو، وتفور في كل مِفصل، فهي كفارة طيبة للخطيئات.

 

الثاني: أمراض ملازمة تحل معه وترتحل، لا تفارقه في فراشه، ولا طعامه، ولا لذته، ولا عبادته؛ كالسكر والضغط والعاهة، ونحو ذلك من الأسقام التي يسمونها: الدائمة، فهي نِعْمَ الصاحب والرفيق في الطريق للآخرة، فالجسد يتأقلم ويتعايش معها على طول السنين، فلا يتأذى بها كشدة العارض النازل، مع ذلك فهي تنظف صحيفته وتنقيها على مر الأيام من الذنوب، حتى إذا وافى العبد ربه إذِ الكثير من خطاياه قد زالت بسبب تلك الأسقام في دنياه.

 

والثالث: الأسقام المفضية للوفاة بإذن الله تعالى، فمنها ما هو شهادة لصاحبها، ومنها دون ذلك، وكلها خير ونعمة لمن احتسب الأجر ورضِيَ بالله ربًّا مدبرًا، وحمده على كل حال، وشكره على كل فضل.

 

وبالجملة: فالمؤمن يعلم أن المصيبة كفارة للسيئات، ورفعة للدرجات، ولا يزال البلاء بالعبد حتى يمشيَ على الأرض وليس عليه خطيئة؛ وقال إبراهيم المقري وقد رفسته بغلته فكسرت رجله: "لولا مصائب الدنيا؛ قدِمنا على الله مفاليس".

 

والمرض لا يقرب الأجل، ولا الصحة تدفعه، إنما هي أسباب مجردة، أما المسبب الخلَّاق الذي ينزل الداء ويرفعه، ويحيي ويميت، فهو الله وحده، فالمؤمن يبذل السبب وقلبه معلق بالله تعالى، حتى من أُصيب بمرض خطير كالسرطان فهو بين إحدى الحسنيين؛ شفاء أو شهادة بإذن الله؛ لأنه إن لم يدخل فيه بالنص كالطاعون والمبطون ومريض ذات الجنب؛ فهو داخل بالمعنى للعلل التي ذكرها العلماء في توصيفهم لأمراض الشهادة.

 

ومن رحمة الله بعبده أن تأتيَه رسل ربه كالأمراض الخطيرة، فتلمح له بقرب رحيله إليه، فيستعد للقاء الله، ويشتاق بتوبة وعمل، ويتخفف من كدر الدنيا لراحة الآخرة، وينفض عن ظهره أوزار الخطايا، ومظالم العباد، إنما الفاجعة بموت الفجأة للمفرِّطين الغافلين، والله المستعان.

 

عباد الله: المؤمن يفرح بالله ويرضى بقضائه، وإن السعيد من ولد آدم هو من كان عظيم الإيمان، راسخ اليقين، رخيَّ البال بالقناعة، وهي الحياة الطيبة، والمؤمن ينتظر من الله أجر صبره وحمده؛ فعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى بالناس، يخر رجال من قامتهم في الصلاة من الخصاصة - أي من الجوع وهم أصحاب الصُّفَّة - حتى يقول الأعراب: هؤلاء مجانين، فإذا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف إليهم، فقال: لو تعلمون ما لكم عند الله تعالى، لأحببتم أن تزدادوا فاقة وحاجة))؛ [رواه الترمذي وصححه].

 

والله تبارك وتعالى يبتلي أولياءه حتى إذا ضاقت أمورهم فرجها برحمته، وإن تعسرت أحوالهم يسرها بفضله، وإن أظلمت نفوسهم نوَّرها بهداه، وإن انقطعت سبلهم وصلها بإحسانه، فهو طبيب عباده يبتليهم ليرفع درجتهم ويطهرهم، وفرجه لهم عند حاجتهم أقرب إليهم من رمش عيونهم، فليس مع الله ضيعة، وغَمْسة في الجنة تُنسي شقاء الدنيا كله!

يا صاحب الهم إن الهم منفرج
أبْشِرْ بخير فإن الفارج اللهُ
وإذا بُليت فثِقْ بالله وارضَ به
إن الذي يكشف البلوى هو اللهُ
والله ما لك غير الله من أحد
فحسبك الله في كلٍّ لك اللهُ

 

فالبلاء إن نزل معه الصبر والرضا، فهو رحمة ونعمة، فإن قابله بجزع وتسخط، فهو عذاب إلى عذاب، فكل مصيبة ليست في الدين، فهي نعمة في الحقيقة.

 

وأولياء الله مهما اشتدت بهم البلايا، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وبالجملة؛ فالمُبتلى في دنياه إن رُزق الثقة، فلا عليه ما يفوته من الحُطام، وليعلم أن الفرج أقرب له من مارن أنفه، وكفى بالإيمان حظًّا: ((ألا ترضَون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وتذهبون بالنبي إلى رحالكم)).

فاشدُدْ يديك بحبل الله معتصمًا
فإنه الركنُ إن خانتك أركانُ

وليس على المؤمن أن يتمنى البلاء، بل عليه أن يسأل الله العافية، فإن نزل بلاء، صبر ورضِيَ، وحمد وشكر، فهو متوكل على ربه، وراضٍ عنه، قبل وقوع البلاء وأثناءه وبعد زواله، لا تزيده الابتلاءات إلا يقينًا، ولا المصيبات إلا صبرًا، ولا المسرات إلا شكرًا وزهدًا، وهو على الدوام يسأل ربه عونه وتوفيقه وحفظه، والله لا يخلف وعده بإجابة من دعاه، وفي دعائك ربك لا تنسَ اليقين.

 

وليس كل من ظنَّ بنفسه الصبر والرضا وقت السعة والرخاء، يكون كذلك وقت الضيق والشدة، فالنية قلب، والعزائم تنفسخ، والعقل يعزب، والعزيمة تخور، والنفس تضعف، إن لم يكن الله تعالى معه بلطفه وحفظه، فاستودع نفسك ومَن تحب مَن لا تضيع لديه الودائع، وذلك الله وحده.

 

ولما بثَّ الله الخلائق اختار لك هذا الزمان وهذا المكان؛ ليكونا محل الابتلاء الإلهي لك، فكن خير ذاكر صابر، حامد شاكر، تائب مستغفر، واعلم أن للمؤمن بحرًا لا تكدره مصائب الزمان، إنه بحر الرضا بالله تعالى، فاغمس كل همٍّ لك في بحر الرضا بالله، حينها تنطفئ نيران المصيبة ببرد السلام، فليس مراده أن يُعذِّب، ولكن يبتلي ليهذب.

دعِ المقاديرَ تجري في أعنَّتِها
ولا تبيتنَّ إلا خاليَ البالِ
ما بين غمضة عين وانتباهتها
يُغيِّر الله من حال إلى حالِ

 

واعلم أن قدرك إن لم تذهب إليه، جاء إليك، فكن لله، وبالله، ومع الله، وإلى الله؛ فهو الغاية وما سواه هباء، وهو الباقي وما سواه فناء، وهو الحق وما سواه باطل؛ قال سبحانه: ﴿ وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ﴾ [النجم: 42]، وقال: ﴿ إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى ﴾ [العلق: 8]، فمهما سلكت من دروب الحياة خيرًا أو شرًّا، سرورًا أو حزنًا، صحة أو سقمًا، شوقًا أو خوفًا؛ فإليه وحده المنتهى.

 

بارك الله لي ولكم...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه؛ أما بعد:

فاتقِ الله يا عبدالله، واحمد الله تعالى واشكره كثيرًا على أن فضَّلك على غيرك تفضيلًا؛ بالعلم به، والفرح به، والأنس به، في وقت ترى فيه من يفر من الله حال شدته وكربته، فلا يفزع للصلاة والدعاء، بل لسفرٍ أو لهوٍ أو مسكر: ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].

 

ويا من ابتلاك الله بسقم في جسدك عليك بالآتي:

أولًا: الرضا بِمُرِّ القضاء، فمن آمن بالله ربًّا، رضِيَ بمقاديره عليه، وتيقن أنه يتقلب في قدرته وحكمته، ورحمته ولطفه، وأنه منتظر للفرج في الدنيا، وللأجر في الآخرة.

 

ثانيًا: الإلحاح على الله تعالى في الدعاء، فهو من أنزل الداء وهو وحده القادر على رفعه؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ﴾ [يونس: 107]، والتوحيد والتوكل والدعاء هي أعظم علاج بإذن الله؛ قال ربنا: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]؛ أي: كافيه عما سواه.

 

ثالثًا: الرقية الشرعية بالقرآن وبما صح من أدعية رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وقد قال الله تعالى عن القرآن: ﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [الحشر: 21]، فكيف بلحم ودم وروح؟ واعلم أن القرآن شفاء لكل مرض بلا استثناء؛ جسديًّا كالحمى والسرطان، أو روحيًّا كالعين والسحر، ولكن لا بد أن تتيقن من أن القرآن شفاء، لا أن تأخذه على سبيل التجرِبة؛ والله تعالى قد قال في كتابه: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الإسراء: 82]، فقد وصفه بالشفاء الموجب للعافية بإذن الله، ولم يصفْهُ بالدواء الذي قد ينفع وقد لا ينفع، فالقرآن كله شفاء، وبعض آياته أبلغ في الشفاء؛ كالفاتحة، وآية الكرسي، والمعوِّذات.

 

والأفضل والأكمل أن يرقي المريض نفسه فهي أبلغ وأقوى وأخلص، ومن صفات السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بلا حساب أنهم ((لا يسترقون))؛ أي: لا يطلبون الرُّقْية من غيرهم، بل يرقون أنفسهم.

 

رابعًا: على المؤمن أن يأخذ بأسباب الشفاء من الأدوية المباحة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: ((عباد الله، تداوَوا، ولا تداوَوا بحرام)).

 

وفي الأمراض الوبائية ينبغي اتخاذ الأسباب التي أمر بها الشرع، فمن كان في البلد المطعون فلا يخرج منه فرارًا منه، ومن كان خارجه فلا يدخله، مع التوكل التام على الله تعالى في كل الأمور.

 

ولا بد للمؤمن في كل أمره من حراسة كنز إيمانه ويقينه وتعلقه بربه تبارك وتعالى، والدنيا بلا إيمان خراب بَلْقَعٌ، مهما تعطفت ملذاتها، واشمخرَّ ترفها، أما الإيمان فهو السبيل الوحيد الموصِّل لطيب العيش، وسكينة الأبد، وسعادة الخلود، وتذكر أن الذنوب جراحات، ورب جرح وقع في مقتل، وإن الدنيا بطمعها وشدتها فانية نافدة، أما الذي عند الله من أجر ورضوان وجنة وكذلك من نار وعذاب، فهو الباقي الذي لا نفاد له، ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ﴾ [النحل: 96].

تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها
من الحرام ويبقى الإثم والعارُ
تبقى عواقب سوء في مغبتها
لا خير في لذةٍ مِن بعدها النارُ

 

اللهم صلِّ على محمد...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأسرة والابتلاء بالعقم
  • الأسرة والابتلاء بالعقوق
  • الأسرة والابتلاء بالفقر
  • الأسرة والابتلاء بالموت
  • الأسرة والابتلاء بالنكد الزوجي
  • فوائد الابتلاء (خطبة)
  • نعيم الابتلاء (خطبة)
  • حال المؤمن مع الابتلاء (خطبة)
  • الابتلاء في السنة المطهرة
  • أنواع الابتلاء والصبر عليه
  • فقه مواجهة الابتلاء

مختارات من الشبكة

  • ثمرات الابتلاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف نتعامل مع الابتلاء؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الابتلاء بموت الحبيب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الابتلاء بالعقم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك ذو الحجة 1444هـ (الابتلاء في حياة إبراهيم عليه السلام)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تذكير العقلاء بأحوال الناس عند الابتلاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فن التعامل مع الابتلاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوكل في زمن الابتلاء (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • الأضحى في زمن الابتلاء (خطبة عيد الأضحى 1441هـ)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • بقية عشر ذي الحجة في زمن الابتلاء (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب