• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

المسلم بين الخوف والرجاء (خطبة)

المسلم بين الخوف والرجاء (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/9/2022 ميلادي - 19/2/1444 هجري

الزيارات: 38262

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المُسْلِم بين الخَوف والرَّجاء

 

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد:

الرَّجاءُ: هو تَعَلُّقُ القلبِ بالله تعالى، والاسْتِبشارُ بِجُودِه وفَضْلِه، والارْتِياحُ لِمُطالَعَةِ كَرَمِه ومِنَّتِه. وضدُّ الرَّجاءِ:اليَأْسُ؛ الذي هو تذَكُّر فَواتِ رحمةِ الله، وقَطْعُ القلبِ عن الْتماسِها، وهو معصيةٌ كبيرة، ومِنْ أخلاقِ الكُفَّار؛ ولذا حذَّر يعقوبُ عليه السلام أبناءَه فقال: ﴿ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].

ولا بُدَّ من التَّفرِيقِ بين الرَّجاءِ والتَّمَنِّي؛ لأنَّ كثيرًا من الناس يَظُنُّ أنه رَاجٍ رَحْمَةَ ربِّه، وهو لا يَمْلِكُ إلاَّ مُجَرَّدَ أمانِيّ؛ لَيْسَتْ بِرَجاءٍ شَرْعًا. فالتَّمنِّي: يكون مع الكَسَل، فلا يَسْلُكُ صاحِبُه طريقَ الجِدِّ والاجتهاد، والرَّاجِي: هو الذي يرجو الخيرَ، مع بَذْلِ الأسباب. فَرَجاءُ المؤمنين مَصْحُوبٌ بعمل؛ قال اللهُ تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 218]، فآمَنوا أوَّلاً، ثُمَّ هاجَروا، ثُمَّ جاهَدوا في سبيل الله، وبعدَ هذه الأعمال الصَّالِحةِ العَظِيمة؛ بيَّنَ أنهم يَرْجون رحمةَ اللهِ الغفورِ الرَّحيم.

 

وقال تعالى – في ذَمِّ التَّمنِّي: ﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾ [النساء: 123]. قال الحَسَنُ البَصْرِيُّ رحمه الله: (إِنَّ الإِيمَانَ لَيْسَ بِالتَّحَلِّي، وَلَا بِالتَّمَنِّي، إِنَّمَا الإِيمَانُ مَا وَقَرَ فِي القَلْبِ، وَصَدَّقَهُ العَمَلُ). وقال أيضًا: (إِنَّ قَوْمًا أَلْهَتْهُمْ أَمَانِيُّ المَغْفِرَةِ، حَتَّى خَرَجُوا مِنَ الدُّنْيَا وَلَيْسَتْ لَهُمْ حَسَنَةٌ، يَقُولُ أَحَدُهم: "إِنِّي لَحَسَنُ الظَّنِّ بِرَبِّي"، وَكَذَبَ، لَوْ أَحْسَنَ الظَّنَّ بِرَبِّهِ لَأَحْسَنَ العَمَلَ).

 

واللهُ تعالى ذَمَّ أصحابَ الأمانِيِّ من الأُمَمِ السَّابقة، فقال سبحانه: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا ﴾ [الأعراف: 169]، وقال تعالى – على لِسانِ الكافِرِ صاحِبِ الجَنَّة: ﴿ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنقَلَبًا ﴾ [الكهف: 36]، وأنَّى له الخير عند ربِّه، وليس له شيءٌ من العمل الصَّالح؛ فهو صاحِبُ أمَانٍ كاذِبَة. فَلْنَحْذَرِ الأمانِيَّ الكاذِبَة، ولْنَعْمَلْ بِجِدٍّ واجتهاد، مع مُوافَقَةِ السُّنة، ثُمَّ نرجو اللهَ بعدَ ذلك أنْ يَرْزُقَنا مِنْ خَيرِه وفَضْلِه وإحسانِه في الدُّنيا والآخِرَة.

 

عِبادَ الله.. الرَّجاءُ له ثَمراتٌ كثيرة، وفوائِدُ عظيمة، ومن أهمِّها: المُواظَبَةُ على العِبادات، والتَّلذُّذُ بها؛ قال ابنُ القَيِّم رحمه الله: (الرَّجَاءُ حَادٍ يَحْدُو بِهِ [أي: بالرَّاجِي] فِي سَيْرِهِ إِلَى اللَّهِ، وَيُطِيبُ لَهُ المَسِيرَ، وَيَحُثُّهُ عَلَيْهِ، وَيَبْعَثُهُ عَلَى مُلَازَمَتِهِ، فَلَوْلَا الرَّجَاءُ لَمَا سَارَ أَحَدٌ؛ فَإِنَّ الخَوْفَ وَحْدَهُ لَا يُحَرِّكُ العَبْدَ، وَإِنَّمَا يُحَرِّكُهُ الحُبُّ، وَيُزْعِجُهُ الخَوْفُ، وَيَحْدُوهُ الرَّجَاءُ).

 

ومن ثمراتِ الرَّجاء: إظهارُ العُبوديَّةِ لله تعالى، وأنَّ العبد لا يستغني عن فضلِه وإحسانِه طرْفَةَ عين؛ قال ابنُ تَيمِيَّةَ رحمه الله: (وَأَمَّا اسْتِسْلَامُ العَبْدِ لِرَبِّهِ، وَاسْتِسْلَامُهُ بِانْطِرَاحِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَرِضَاهُ بِمَوَاقِعِ حُكْمِهِ فِيهِ: فَمَا ذَاكَ إِلَّا رَجَاءً مِنْهُ أَنْ يَرْحَمَهُ، وَيُقِيلَهُ عَثْرَتَهُ، وَيَعْفُوَ عَنْهُ، وَيَقْبَلَ حَسَنَاتِهِ مَعَ عُيُوبِ أَعْمَالِهِ وَآفَاتِهَا، وَيَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِ، فَقُوَّةُ رَجَائِهِ أَوْجَبَتْ لَهُ هَذَا الِاسْتِسْلَامَ وَالِانْقِيَادَ، وَالِانْطِرَاحَ بِالبَابِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ هَذَا بِدُونِ الرَّجَاءِ أَلْبَتَّةَ).

 

ومن ثمراتِه: تَحْقِيقُ عِبادَةِ الدُّعاء، والنَّجاةُ مِنْ غَضَبِ الله؛ فإنَّ الله تعالى يُحِبُّ من عِبادِه أنْ يَسْأَلوه، ويَرْجُوه، ويُلِحُّوا عليه؛ لأنَّه جَوَادٌ كَرِيم، أجْوَدُ مَنْ سِئِلَ، وأَوْسَعُ مَنْ أَعْطَى، قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ؛ يَغْضَبْ عَلَيْهِ» حسن - رواه الترمذي.

 

ومن ثمراتِه: التَّعرُّفُ على أسماءِ اللهِ الحُسْنى، وصِفاتِه العُلَى؛ لأنَّ الرَّاجي مُتَعلِّقٌ بأسماءِ اللهِ تعالى، فهو مُتَعلِّقٌ باسْمِ الكريم؛ يَرْجُو مِنْهُ الكَرَمَ، ومُتَعلِّقٌ باسْمِ الرَّحيم؛ يَرْجُو مِنْهُ الرَّحْمَةَ، ومُتَعلِّقٌ باسْمِ التَّوَّاب؛ يَرْجُو مِنْهُ التَّوبَةَ، ومُتَعلِّقٌ باسْمِ الغَفُور؛ يَرْجُو مِنْهُ المَغْفِرَةَ.

 

ومن ثمراتِه: حُصولُ المَقْصود؛ فإنَّ العبدَ إذا تَعَلَّقَ قلبُه بربِّه؛ أعطاه ما رَجَاه، وحَصَلَ له المقصود، قال ابنُ القَيِّمِ رحمه الله: (وَكُلَّمَا كَانَ العَبْدُ حَسَنَ الظَّنِّ بِاللَّهِ، حَسَنَ الرَّجَاءِ لَهُ، صَادِقَ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُخَيِّبُ أَمَلَهُ فِيهِ الْبَتَّةَ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يُخَيِّبُ أَمَلَ آمِلٍ، وَلَا يُضَيِّعُ عَمَلَ عَامِلٍ).

 

ومِنَ الأهمِيَّةِ بِمَكان - أنْ يَجْمَعَ المُسلِمُ بين الخَوفِ والرَّجاء، فَهُما كَجَناحَي الطَّير. إذا اسْتَوَيَا؛ استَوَى الطَّيرُ، وتَمَّ طَيَرانُه، قال بَدْرُ الدِّينِ العَينِي رحمه الله: (المُكَلَّف لَو تَحَقَّقَ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمَا قَطَعَ رَجَاءَهُ أَصْلاً، وَلَو تَحَقَّقَ مَا عِنْدَه مِنَ العَذَاب لَمَا تَرَكَ الخَوْفَ أَصْلاً؛ فَيَنْبَغِي أَنْ يكونَ بَينَ الخَوْفِ والرَّجاء، فَلَا يكونُ مُفْرِطًا فِي الرَّجَاء؛ بِحَيْثُ يَصِيرُ مِنَ المُرجِئَةِ القَائِلين: "بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ مَعَ الإِيمَانِ شَيءٌ"، وَلَا فِي الخَوْف؛ بِحَيْثُ يكون من الخَوَارِجِ والمُعتزِلَةِ القَائِلين: "بِتَخْلِيدِ صَاحِبِ الكَبِيرَةِ إِذا مَاتَ مِنْ غَيرِ تَوْبَةٍ فِي النَّار"، بل يكون وسَطًا بَينهمَا، كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: ﴿ يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ﴾ [الإسراء: 57]).

 

والجَمْعُ بين الخَوفِ والرَّجاءِ هو طريقةُ القرآن: ﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ [آل عمران: 106]؛ فاللهُ تعالى يُرَجِّي عِبادَه بِبَياضِ الوُجُوه، ويُخَوِّفُهم بِسَوادِها يومَ القيامة. وتأمَّلْ قولَه سُبحانه: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأعراف: 167]؛ فجَمَعَ بين التَّخْويفِ بِسُرْعَةِ عِقابِه، والتَّرْغِيبِ بمغفرتِه ورحمتِه. وتأمَّلْ أيضًا: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ﴾ [الانفطار: 13، 14]، والآياتُ في هذا المعنى كَثِيرةٌ.

 

ومِنَ الأحوالِ المُهِمَّة التي يُغلِّبُ فيها العبدُ جانِبَ الرَّجاءِ على جانِبِ الخَوفِ: حَالُ المَوتِ؛ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ وَفَاتِهِ بِثَلاَثٍ يَقُولُ: «لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ» رواه مسلم. قال النَّوَوِيُّ رحمه الله: (فِيهِ اسْتِحْبَابُ تَنْبِيهِ المُحْتَضَرِ عَلَى إِحْسَانِ ظَنِّهِ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَذِكْرِ آيَاتِ الرَّجَاءِ وَأَحَادِيثِ العَفْوِ عِنْدَهُ، وَتَبْشِيرِهِ بِمَا أَعَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُسْلِمِينَ، وَذِكْرِ حُسْنِ أَعْمَالِهِ عِنْدَهُ؛ لِيَحْسُنَ ظَنُّهُ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَيَمُوتَ عَلَيْهِ. وَهَذَا الْأَدَبُ مُسْتَحَبٌّ بِالِاتِّفَاقِ).

 

والسُّوالُ هنا: لِماذا غُلِّبَ جانِبُ الرَّجاءِ على الخَوفِ إِذَا دَنَتْ أَمَارَاتُ المَوْتِ؟ أجابَ النَّوَوِيُّ رحمه الله بقوله: (لِأَنَّ مَقْصُودَ الخَوْفِ الِانْكِفَافُ عَنِ المَعَاصِي وَالقَبَائِحِ، وَالحِرْصُ عَلَى الإِكْثَارِ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالأَعْمَالِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ - أَوْ مُعْظَمُهُ - فِي هَذَا الحَالِ؛ فَاسْتُحِبَّ إِحْسَانُ الظَّنِّ، المُتَضَمِّنُ لِلِافْتِقَارِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالإِذْعَانِ لَهُ).

 

الخطبة الثانية

الحمد لله...

أيها المسلمون.. الرَّجاءُ ليس مَقْصُورًا على أُمورِ الآخِرةِ فحَسْب، بل هو حاصِلٌ في الأُمورِ الدُّنيوية؛ فالمُسْلِمُ قد يَرْجُو مِنَ اللهِ مَالاً، أو وَلَدًا، أو زَوْجًا، أو وَظِيفةً، أو زَوالَ مَرَضٍ، أو العُثورَ على مَفْقُودٍ؛ كما جَرَى مِنْ نَبِيِّ اللهِ يعقوبَ عليه السلام – حين قال لِبَنِيه: ﴿ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].

 

والرَّجاءُ مُسْتَمِرٌّ بعدَ المَوت، فإذا لَقِيَ المُؤمنُ ربَّه، ازْدَادَ رَجَاؤُه - إنْ كانَ مُحْسِنًا؛ لأنَّ الأَجِيرَ إذا جاء وقْتُ تَسَلُّمِ الأُجْرَة؛ ازدادَ رجاؤُه في الذي سيَحْصُلُ عليه، وإذا قَدِمَ العِبادُ المُحْسِنون على الله؛ ازدادَ رجاؤُهم فِيمَا سيَحْصُلون عليه، وقد بَيَّنَتِ السُّنةُ الشَّريفةُ أنَّ العبدَ يُنادِي ربَّه: «رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي» صحيح – رواه أحمد؛ لأنَّه فُتِحَ له بابٌ إلى الجنَّةِ في قَبْرِه، فهو يأتيه مِنَ النَّعِيمِ والطِّيب، ثم يُقالُ له: «نَمْ كَنَوْمَةِ العَرُوسِ الَّذِي لاَ يُوقِظُهُ إِلاَّ أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ» حسن – رواه الترمذي. وأمَّا الكُفَّارُ والفُجَّارُ فإنَّهم يَخافون في قُبورِهم، ويَرْجُون ألاَّ تَقُومَ السَّاعَةُ؛ لِمَا يَرونَه من العذابِ في القَبْرِ، ولِمَا يَعْلَمونه مِنْ شِدَّةِ العذاب الذي يَنْتَظِرُهم.

 

عِبادَ الله.. على المُسلِمِ أنْ يكونَ جَامِعًا بين الخَوف والرَّجاء؛ حتى يتحَقَّقَ له مَطْلُوبُه ومُرادُه. ويَبْتَعِدَ عن القُنوطِ مِنْ رحمةِ اللهِ تعالى، وأنْ يُحْسِنَ الظَّنَّ بالله، ولا يَكُنْ قَلِيلَ الرَّجاء؛ فإنه يكون كالإنسانِ الميِّت.

لَيْسَ مَنْ مَاتَ فَاسْتَرَاحَ بِمَيِّتٍ
إِنَّمَا المَيْتُ مَيِّتُ الأَحْيَاءِ
إنَّما المَيْتُ مَنْ يَعِيشُ كَئِيبًا
كَاسِفًا بَالُهُ قَلِيلَ الرَّجَاءِ

 

وأَعْمالُ القلوبِ يَرْتَبِطُ بَعْضُها بِبَعْضٍ؛ وكلَّما قَوِيَ أحدُها قَوَّى غيرَه، وكلَّما ضَعُفَ أَضْعَفَ غيرَه؛ قال ابنُ تَيمِيَّةَ رحمه الله: (اعْلَمْ أَنَّ مُحَرِّكَاتِ الْقُلُوبِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَلَاثَةٌ: المَحَبَّةُ، وَالخَوْفُ، وَالرَّجَاءُ). بل إنَّ الاهتمامَ بِعَمَلٍ قَلْبِيٍّ واحِدٍ، وعَدَمَ الاهتمامِ بالبَقِيَّة؛ قد يُوقِعُ في الخَطأِ والضَّلال. قال ابنُ تَيمِيَّةَ رحمه الله: (مَنْ عَبَدَ اللَّهَ بِالحُبِّ وَحْدَهُ؛ فَهُوَ زِنْدِيقٌ. وَمَنْ عَبَدَ اللَّهَ بِالخَوْفِ وَحْدَهُ؛ فَهُوَ حَرُورِيٌّ. وَمَنْ عَبْدَهُ بِالرَّجَاءِ وَحْدَهُ؛ فَهُوَ مُرْجِئٌ. وَمَنْ عَبَدَهُ بِالحُبِّ وَالخَوْفِ وَالرَّجَاءِ؛ فَهُوَ مُؤْمِنٌ مُوَحِّدٌ).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الخوف والرجاء (1 - 2)
  • الخوف والرجاء (2-2)
  • عبودية الخوف والرجاء
  • خطبة عن الخوف والرجاء
  • المسلم بين الخوف والرجاء
  • الخوف والرجاء
  • الجمع بين الخوف والرجاء
  • خطبة الرجاء

مختارات من الشبكة

  • توحيد الله تعالى في الخوف والرجاء: مسائل عقدية وأحكام في عبادة الخوف والرجاء (كتاب تفاعلي)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • العبادة بين الخوف والرجاء والمحبة(استشارة - الاستشارات)
  • الخوف من الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرجاء والخوف عند أهل السنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا الخوف من الله؟ الخوف من التقصير(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الخوف كل الخوف على من لا تعرف التوبة إليه سبيلا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخوف من علاج الخوف(استشارة - الاستشارات)
  • خطبة المسجد النبوي 8/2/1434 هـ - الخوف من الله وأثره في حياة المسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نظام التوارث بين المسلم وغير المسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نحن وثنائية الخوف والحزن(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب