• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

أيها المسلمون، إن أردتم الأرزاق والنصر على الأعداء فأحسنوا إلى المساكين والمستضعفين والضعفاء

أيها المسلمون، إن أردتم الأرزاق والنصر على الأعداء فأحسنوا إلى المساكين والمستضعفين والضعفاء<br />
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/3/2022 ميلادي - 13/8/1443 هجري

الزيارات: 8865

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أيها المسلمون، إن أردتم الأرزاقَ والنصرَ على الأعداء

فأحسنوا إلى المساكين والمستضعفين والضعفاء


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].


﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد؛ فإنَّ أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

 

أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.


أيها المسلمون؛ إن أردتم الأرزاق والغنى والثراء، والنصر على الأعداء، فأحسنوا إلى المساكين والمستضعفين والضعفاء، قَالَ سبحانه وتَعَالَى: ﴿ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 91].

 

فمن هم الضعفاء؟ ومن هم المستضعفون؟

هم الذين استثناهم الله سبحانه وتعالى من القتال والجهاد، من هم الضعفاء والمستضعفون الذين أمرنا الله عز وجل أن نحسن إليهم ونرحمهم ونقاتل من دونهم إنهم من الرجال؛ كبارُ السن، والمرضى، والنساء والأطفال، قال سبحانه: ﴿ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 75].

 

والضعفاء يدخل فيهم المساكين والفقراء، والمسئولون عنهم أصحاب المال والثراء.

 

ومن الضعفاء المرضى وأصحابُ البلاء، والمسئولون عنهم أصحابُ الصيدلة والأطباء.

 

وأصحابُ الهموم والغموم، والمسئولون عنهم أصحابُ النخوة والشهامة والمروءة.

 

ومن الضعفاء عمومُ الناس والجهلاء، والمسئولون عنهم العلماءُ والوعَّاظ والخطباء.

 

والمظلومون والمقهورون، والمسئولون عنهم أصحابُ الحكومة والشرطة والقضاء، ليدفعوا عنهم الظلم، ويرفعوا عنهم القهر.

 

فينبغي على الأئمة والخطباء الرحمة بالضعفاء من المصلين، فيا إمام الصلاة، يا أيها الخطيب، يا أيها الواعظ، ارحم مَن خلفَك من الضعفاء؛ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، اجْعَلْنِي إِمَامَ قَوْمِي، فَقَالَ: ((أَنْتَ إِمَامُهُمْ، وَاقْتَدِ بِأَضْعَفِهِمْ، وَاتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا))، (س) (672)، (د) (531)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (3773).

 

وعنه في رواية: ((... فَمَنْ أَمَّ قَوْمًا فَلْيُخَفِّفْ؛ فَإِنَّ فِيهِمُ الْكَبِيرَ، وَإِنَّ فِيهِمُ الْمَرِيضَ، وَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ، وَإِنَّ فِيهِمْ ذَا الْحَاجَةِ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ وَحْدَهُ، فَلْيُصَلِّ كَيْفَ شَاءَ))، (م) 186- (468).

 

والنساءُ واليتامى من الضعفاء؛ فقد شدَّد النبي صلى الله عليه وسلم وحرَّج وضيَّق على من ضيَّع حقوقَ النساء واليتامى، وَحذَّر مِنْ ذَلِكَ تَحْذِيرًا بَلِيغًا، وَزجَر عَنْهُ زَجْرًا أَكِيدًا؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ، وَالْمَرْأَةِ))، (جه) (3678)، (حم) (9666)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (2447)

 

أيها الحكَّام، يا أصحاب الملك والقوة والسلطان، أيها الأغنياء والأثرياء، إنما أنتم تتمتعون بمناصبِكم وأموالكم في كَنَفِ المساكين والضعفاء، فتواضعوا لله يرفعْكم ويعلي مكانتَكم، ويزيدَكم من فضله؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((... مَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للهِ، إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ عز وجل))، (م) 69- (2588).

 

يا أصحاب السلطان والدولة، يا أصحاب الحكومة، لن يحالفَكم نصرٌ ولا توفيقٌ من الله، ولا يتحسَّن اقتصاد بلادكم؛ إلا إذا أحسنتم إلى الضعفاء والمساكين؛ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّمَا يَنْصُرُ اللهُ هَذِهِ الأُمَّةَ بِضَعِيفِهَا؛ بِدَعْوَتِهِمْ، وَصَلاتِهِمْ وَإِخْلاصِهِمْ))، (س) (3178)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (2388).

 

فلا تجعلوهم يدعون عليكم، بسببِ قطع الرواتب، أو تأخير ما لهم فيما يسمى (الشئون الاجتماعية)، ولا تضيّقوا عليهم معيشتهم بالضرائب والجمارك والمخالفات المجحفة؛ بل اجعلوا هؤلاء الضعفاء وهم عيالُ الله سبحانه، اجعلوهم يدعون لكم؛ لأنهم السبب في نصركم ووفرة اقتصادكم، ففي الحديث عند البخاري: ((هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ))، (خ) (2896).

 

وقد كان صلى الله عليه وسلم يتفقَّدُهم ويسأل عنهم، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((ابْغُونِي الضُّعَفَاءَ، فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ))، (ت) (1702)، (س) (3179)، (د) (2594)، انظر الصَّحِيحَة: (779).

 

فابحثوا عن الضعفاء وارحموهم، والتمسوا المساكين وأحسنوا إليهم؛ حتى تُوهَبَ لكم الأرزاق والأموال، وتنالوا النصرَ والتمكين، فقد دلَّ الحديث أنَّ الاستنصار إنما يكون بدعاء الصالحين، لا بذواتهم وجاههم.

 

إنهم عيالُ الله، فأحسنوا إليهم، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَحَبُّ الْعبادِ إلى اللهِ، أَنْفَعُهُمْ لِعِيَالِهِ))، (طب) (10033)، (يع) (3315)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (172).

 

وأهل البلاء -أيضًا- من الضعفاء: وهم المرضى وذوو الاحتياجات الخاصة وغيرُهم؛ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((كُنْ مَعَ صَاحِبِ الْبَلاءِ، تَوَاضُعًا لِرَبِّكَ وَإِيمَانًا))، (طح) (7075)، انظر الصَّحِيحَة: (2877).

 

ولعل الرواية الصحيحة: ((كُلْ ‌مَعَ ‌صَاحِبِ ‌الْبَلَاءِ تَوَاضُعًا لِرَبِّكَ وَإِيمَانًا بِهِ))، كما في ناسخ الحديث ومنسوخه لابن شاهين (ت ٣٨٥هـ) (ص409) ح (542)، وكذا إتحاف المهرة لابن حجر (14/ 224) (ح) (17672)، ونخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار للعيني (14/ 94)، وعزاه للطحاوي، والفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير للسيوطي (ت ٩١١هـ) (2/ 300) ح (8663).

 

وقال شرَّاح الحديث: "((كل ‌مع ‌صاحب ‌البلاء)) كأجذم وأبرص؛ ((تواضعًا لربك وإيمانًا))، فإنه لا يصيبك منه شيء إلا بتقدير الله تعالى، وهذا خطاب لمن قوي يقينه، أمَّا من لم يصل إلى هذه الدرجة؛ فمأمور بعدم أكله معه، كما يفيده خبر: ((فر من المجذوم))"؛ فيض القدير للمناوي القاهري (ت ١٠٣١هـ) (5/ 43).

 

أيها الحاكم، أيها السلطان، أيها القائد، أيها المسئول، ثم أنت أيها الغني، أيها السريّ، أيها الثريّ، ثم أنت أيها المتكبِّر، أيُّها الجبار الفظُّ المستكبر، احذرْ سوءَ عاقبةِ ظُلمِ المستضعفين الضعفاء، ولا تكونوا من شرّ عباد الله؛ عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: "كُنَّا مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فِي جِنَازَةٍ"، فَقَالَ: ((أَلَا أُخْبرُكُمْ بشَرِّ عِبادِ اللهِ؟! الْفَظُّ الْمُسْتَكْبرُ، أَلَا أُخْبرُكُمْ بخَيْرِ عِبادِ اللهِ؟! الضَّعِيفُ الْمُسْتَضْعَفُ، ذُو الطِّمْرَيْنِ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبرَّ اللهُ قَسَمَهُ))، (حم) (23457)، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ: (2904)، (3198).

 

(الْفَظُّ): هو الخَشِنُ الفظ في الكلام.

 

(الطِّمْر): الثوبُ الخَلِق البالي، وهو الذي يلبس الثوب الخلق البالي، فالناس لا تنظر إليه وعند الله لهم مكانة عُليا، فلنحذر من إيذاء هؤلاء أو الإساءة إليهم.

 

فاحذر أيها المسلم مِن ظُلم الضعفاءِ؛ الذين لهم مكانةٌ عظيمة عند الله القوي الجبار، حيث لو حلفوا على شيء لحقَّقه الله لهم؛ عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَوْ أَتَى بَابَ أَحَدِكُمْ فَسَأَلَهُ دِينَارًا لَمْ يُعْطِهِ إِيَّاهُ، وَلَوْ سَأَلَهُ دِرْهَمًا لَمْ يُعْطِهِ إِيَّاهُ، وَلَوْ سَأَلَهُ فَلْسًا لَمْ يُعْطِهِ إِيَّاهُ.


وَلَوْ سَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ لَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ، وَلَوْ سَأَلَهُ الدُّنْيَا لَمْ يُعْطِهَا إِيَّاهُ، وَمَا يَمْنَعُهَا إِيَّاهُ لِهَوَانِهِ عَلَيْهِ؛ ذُو طِمْرَيْنِ، لَا يُؤْبَهُ لَهُ، لَوْ يُقْسِمُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَأَبَرَّهُ))، (الزهد لأحمد بن حنبل) ح (67)، و(هناد في الزهد) (587) عن التابعي سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ موقوفًا، انظر الصَّحِيحَة: (2643).

 

(أبرَّ اللهُ قَسَمَه)؛ أي: صدَّقَه وأجابَه وأمْضَاه.

 

هذا الحديث يبين هوانَ بعض الناس عند بعض، ولكنهم عند الله ذووا مكانة عظيمة.

 

أيها الزعيمُ مكانةً ومالًا، كن بَشَرًا من البشر، لا تنسَ ذلك؛ فعَن الْأَسْوَدِ رحمه الله قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَة رضي الله عنها: مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ (قَالَتْ: "كَانَ بَشَرًا مِنْ الْبَشَرِ")، ("يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَرْقَعُ ثَوْبَهُ")، ("وَيَحْلبُ شَاتَهُ، وَيَخْدمُ نَفْسَهُ")، ("وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ")، ("فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ، خَرَجَ إِلَى الصَلَاةِ")، الحديث بزوائده عند (خ) (676)، (5363)، (حم) (24749)، (حم) (24903)، (26194)، انظر صَحِيح الْجَامِع: 4937، الصَّحِيحَة: (671)، وقال الأرناؤوط: حديث صحيح.

 

وفي السَّفَرِ لا بدَّ من الرِّفْق بِالضُّعَفَاءِ فِي السَّيْر: ونجعل أضعفَنا أميرَنا، وهذا ما كان يفعله صلى الله عليه وسلم، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَخَلَّفُ فِي الْمَسِيرِ، فَيُزْجِي الضَّعِيفَ، وَيُرْدِفُ، وَيَدْعُو لَهُمْ"، (د) (2639)، هداية الرواة: (3837).

 

(فَيُزْجِي الضَّعِيفَ)؛ أَيْ: يَسُوق مَرْكَبَه، لِيُلْحِقهُ بِالرِّفَاقِ.

 

(وَيُرْدِفُ)؛ أَيْ: يُرْكِب خَلْفه الضَّعِيف مِن المُشَاة.

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

الظالمُ المتكبِّرُ المتجبِّرُ عندما يَظلم مظلومًا من الضعفاء والمساكين، يرى في عيني المظلوم نظراتٍ تطلبُ الرحمةَ من الظالم، تطلبُ العفوَ والإحسان، فإن أحسنَ إليه فرحمَه كان أجرُه عند الله، وإن استمرّ في ظلمه، فسيأتي يومٌ تنقلبُ فيه الأمور، وربما في الدنيا قبل الآخرة يكون الظالمُ محلَّ المظلوم، يرفعَ عينيه إلى من ظلمه؛ ليرحمه ويحسن إليه؛ ونحن نوجه الكلام إلى أي مسئول فنقول: أيها المسئول يا صاحب المنصب والجاه والمال، إن أخطأ في حقِّك ضعيف، فاصفح، واكظم غيظَك، فأجرك عظيم يوم القيامة عند الله سبحانه وتعالى؛ فعَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ، دَعَاهُ اللهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ مَا شَاءَ))، (د) (4777)، (ت) (2493)، (جه) (4186)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (6522).

 

ألا واعلموا عباد الله عمومًا، والمستضعفين من هذه الأمة خاصة، أن الجنة أكثر سكَّانها الضعفاء والمساكين؛ أمّا النار فأغلب سكانها الظلمةُ والجبارون والمتكبرون؛ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو بن العاص رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ؟!)) قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: ((هُمْ الضُّعَفَاءُ الْمَظْلُومُونَ))، وفي رواية: ((كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ))، الحديث بزوائده عند (خ) (4918)، (م) (2853)، (جه) (4115)، صَحِيح التَّرْغِيبِ: (3196)، (حم) (8821)، انظر الصَّحِيحَة: (932).


الْمُرَاد بِالضَّعِيفِ مَنْ نَفْسُهُ ضَعِيفَة؛ لماذا؟ لِتَوَاضُعِهِ، فهو ضعيف ويتواضع لله سبحانه وتعالى، وَضَعْفُ حَاله فِي الدُّنْيَا، فليس له منصب ولا جاه، وَالْمُسْتَضْعَف الْمُحْتَقَر؛ الناس تحتقره لِخُمُولِهِ فِي الدُّنْيَا، فليس له جاه وليس لديه مال.

 

وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم بما يحدث يوم القيامة؛ فـعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((تَحَاجَّتِ الجَنَّةُ وَالنَّارُ)) (حجاج ومجادلة بين الجنة والنار) ((فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالـمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الجَنَّةُ: مَا لِي لا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ؟! قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْؤُهَا،...))، (خ) (4850)، (م) 35- (2846).

 

فالذين يعجزون عن طلب الدنيا في هذه الحياة التي نعيشها، وليس لهم تمكينٌ ولا ثروةٌ، وليس لهم شوكةٌ ولا جاهٌ، هؤلاء أهلُ الإيمان الذين لم يتفطَّنوا للشُّبهِ، ولم توسوس لهم الشياطين بشيء من ذلك، فهم العوامُّ الضعفاءُ، أهلُ عقائدَ سليمةٍ في الله، وإيمانٍ ثابت، وهم الجمهور؛ جمهورُ أهلِ الجنةِ كذلك، هم الكثرة، أمَّا أهلُ العلمِ والمعرفةِ فهم بالنسبة إليهم قليل.

 

فصلُّوا على رسول الله صلى الله عليه في كتابه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ وسلِّم وباركْ على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

وارضَ اللهمَّ عن الخلفاءِ الأربعة؛ أبي بكر وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ، وعن سائر الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

اللهم إنا نسألك العفوَ والعافية، والمعافاةَ الدائمةَ في الدين والدنيا والآخرة.

 

اللهم تولَّ أمرنا، وارحم ضعفَنا، واجبُرْ كسرَنا، واغفرْ ذنبنَا، وبلِّغْنا فيما يرضيك آمالَنا.

 

عباد الله ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].

 

فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أم المساكين
  • حب المساكين
  • روسيا: تطبيقات للجوال لدفع الصدقات وإطعام المساكين
  • الإحسان إلى الفقراء والمساكين
  • شرح حديث أسامة: "قمت على باب الجنة، فإذا عامة من دخلها المساكين"
  • حب المساكين (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • شرح حديث: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث عبدالله بن عمرو: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علاقة المسلمين وغير المسلمين في نسيج المجتمع المسلم(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • إسبانيا: المسلمون الإسبان يمثلون 40% من تعداد المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • حديث: المسلم من سلِم المسلمون من لسانه ويده...(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • إفريقيا الوسطى: تقسيم الدولة بين المسلمين والنصارى(مقالة - المسلمون في العالم)
  • شرح حديث أبي هريرة: "المسلم أخو المسلم لا يخونه"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ضعف الشعور بالعزة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • بيان: أي المسلمين خير؟(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب