• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

أسباب محبة الله تعالى (خطبة)

أسباب محبة الله تعالى (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/1/2022 ميلادي - 7/6/1443 هجري

الزيارات: 74252

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أسباب محبة الله تعالى


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ، الرَّزَّاقِ الْكَرِيمِ؛ أَنَارَ الطَّرِيقَ لِلسَّالِكِينَ، وَأَفَاضَ مِنْ جُودِهِ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ أَحَبَّهُ الْمُؤْمِنُونَ وَلَمْ يَرَوْهُ، وَازْدَادُوا شَوْقًا إِلَيْهِ وَلَمْ يَلْقَوْهُ، وَمَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ تَعَالَى أَحَبَّ اللَّهُ تَعَالَى لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ تَعَالَى كَرِهَ اللَّهُ تَعَالَى لِقَاءَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ عَلَّمَ أُمَّتَهُ أَنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ تُنَالُ بِمَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَحَبَّةِ مَا يُحِبُّهُ سُبْحَانَهُ، وَبُغْضِ مَا يُبْغِضُهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَمُوَالَاةِ أَوْلِيَائِهِ، وَمُعَادَاةِ أَعْدَائِهِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَقِيمُوا لَهُ دِينَكُمْ، وَأَسْلِمُوا لَهُ وُجُوهَكُمْ، وَأَخْلِصُوا لَهُ أَعْمَالَكُمْ؛ تَنَالُوا مَحَبَّتَهُ وَوِلَايَتَهُ؛ ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 55-56].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: غَايَةُ كُلِّ مُؤْمِنٍ نَيْلُ مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَيْهَا يَسْعَى عُمْرَهُ كُلَّهُ، وَمَا تَعَبَّدَ الْمُتَعَبِّدُونَ إِلَّا لِلْوُصُولِ إِلَيْهَا، وَلَا تَرَكُوا الشَّهَوَاتِ الْمُحَرَّمَةَ إِلَّا لِتَحْصِيلِهَا، وَلَا بَذَلَ الشُّهَدَاءُ أَرْوَاحَهُمْ إِلَّا لِأَجْلِهَا. وَمَنْ أَحَبَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحَبَّهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَحَبَّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، وَبُسِطَ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ، وَعَلَا شَأْنُهُ، وَرُفِعَ ذِكْرُهُ، وَحَازَ رِضْوَانَ اللَّهِ تَعَالَى وَجَنَّتَهُ؛ وَفِي ذَلِكَ طِيبُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَالْفَوْزُ الْأَكْبَرُ فِي الْآخِرَةِ.

 

وَلِلْإِمَامِ ابْنِ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَلَامٌ جَيِّدٌ «فِي الْأَسْبَابِ الْجَالِبَةِ لِلْمَحَبَّةِ، وَالْمُوجِبَةِ لَهَا، وَهِيَ عَشَرَةٌ». نَأْتِي بِهَا وَبِمَا يُوَضِّحُهَا؛ لِيَجْتَهِدَ الْمُؤْمِنُ فِي تَحْقِيقِهَا، وَيُرَبِّيَ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ عَلَيْهَا؛ لِيَسْعَدَ بِهِمْ وَيَسْعَدُوا بِهِ؛ فَإِنَّ مَنْ نَالَ مَحَبَّةَ اللَّهِ تَعَالَى كَانَتْ عِنَايَةُ اللَّهِ تَعَالَى تُحِيطُ بِهِ فَيُوَفَّقُ وَيُسَدَّدُ فِي أُمُورِهِ كُلِّهَا، وَهَذِهِ الْأَسْبَابُ الْعَشَرَةُ هِيَ كَمَا يَلِي:

 

«أَحَدُهَا: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِالتَّدَبُّرِ وَالتَّفَهُّمِ لِمَعَانِيهِ، وَمَا أُرِيدَ بِهِ، كَتَدَبُّرِ الْكِتَابِ الَّذِي يَحْفَظُهُ الْعَبْدُ وَيَشْرَحُهُ؛ لِيَتَفَهَّمَ مُرَادَ صَاحِبِهِ مِنْهُ».

 

وَمَنْ تَدَبَّرَ الْقُرْآنَ صَلَحَ بِهِ قَلْبُهُ، وَا سْتَقَامَ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النِّسَاءِ: 82]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29]. وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ تَدَبَّرَ الْقُرْآنَ اهْتَدَى بِهِ، وَمَنِ اهْتَدَى بِهِ وُفِّقَ لِكُلِّ شَيْءٍ قَوِيمٍ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 9]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ﴾ [الشُّورَى: 52].

 

«الثَّانِي: التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ بِالنَّوَافِلِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ؛ فَإِنَّهَا تُوَصِّلُهُ إِلَى دَرَجَةِ الْمَحْبُوبِيَّةِ بَعْدَ الْمَحَبَّةِ». وَحُجَّةُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

«الثَّالِثُ: دَوَامُ ذِكْرِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ: بِاللِّسَانِ وَالْقَلْبِ، وَالْعَمَلِ وَالْحَالِ. فَنَصِيبُهُ مِنَ الْمَحَبَّةِ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِ مِنْ هَذَا الذِّكْرِ».

 

وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَحَبَّ أَحَدًا أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِهِ، فَكَيْفَ بِمَنْ أَحَبَّ خَالِقَهُ سُبْحَانَهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 41-42]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 152]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 198]. وَقَالَ سُبْحَانَهُ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ...» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

«الرَّابِعُ: إِيثَارُ مَحَابِّهِ عَلَى مَحَابِّكَ عِنْدَ غَلَبَاتِ الْهَوَى، وَالتَّسَنُّمُ إِلَى مَحَابِّهِ، وَإِنْ صَعُبَ الْمُرْتَقَى». وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ آثَرَ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَا تَهْوَى نَفْسُهُ فَقَدْ قَدَّمَ مَحَبَّتَهُ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مُتَعِ الدُّنْيَا الزَّائِلَةِ، فَسَارَ عَلَى الْهُدَى، وَجَانَبَ الضَّلَالَ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾ [الْقَصَصِ: 50]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [ص: 26]، وَجَزَاؤُهُ الْجَنَّةُ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النَّازِعَاتِ: 40-41].

 

«الْخَامِسُ: مُطَالَعَةُ الْقَلْبِ لِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَمُشَاهَدَتُهَا وَمَعْرِفَتُهَا. وَتَقَلُّبُهُ فِي رِيَاضِ هَذِهِ الْمَعْرِفَةِ وَمَبَادِيهَا. فَمَنْ عَرَفَ اللَّهَ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ: أَحَبَّهُ لَا مَحَالَةَ...». فَلَا يَمْلِكُ مَنْ عَرَفَ اللَّهَ تَعَالَى بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ إِلَّا أَنْ يُحِبَّهُ، وَيَسْأَلَهُ بِهَا؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَهُ حُسْنَى، وَصِفَاتِهِ عُلْيَا؛ ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الْأَعْرَافِ: 180]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشُّورَى: 11]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [الْحَشْرِ: 22-24].

 

«السَّادِسُ: مُشَاهَدَةُ بِرِّهِ وَإِحْسَانِهِ وَآلَائِهِ، وَنِعَمِهِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ؛ فَإِنَّهَا دَاعِيَةٌ إِلَى مَحَبَّتِهِ». وَذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ يَتَقَلَّبُ فِي نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى مُنْذُ خُلِقَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 34]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النَّحْلِ: 53]، وَالْبَشَرُ مَجْبُولُونَ عَلَى حُبِّ مَنْ يُحْسِنُ إِلَيْهِمْ، فَكَيْفَ بِإِحْسَانِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ، وَهُوَ مُتَتَابِعٌ لَا يَنْقَطِعُ، وَمِنْ كَثْرَتِهِ لَا يُحْصَى، وَاللَّهُ تَعَالَى يُحِبُّ مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يَشْكُرَهُ، وَأَنْ يُحَدِّثَ بِنِعَمِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾ [الزُّمَرِ: 7]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الزُّمَرِ: 66] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [الضُّحَى: 11].

 

«السَّابِعُ: وَهُوَ مِنْ أَعْجَبِهَا، انْكِسَارُ الْقَلْبِ بِكُلِّيَّتِهِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ الْأَسْمَاءِ وَالْعِبَارَاتِ». فَانْكِسَارُ الْقَلْبِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى يَدُلُّ عَلَى اسْتِشْعَارِ الْعَبْدِ لِفَاقَتِهِ وَفَقْرِهِ وَحَاجَتِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ﴾ [فَاطِرٍ: 15-17]. فَالْعَبْدُ مُحْتَاجٌ إِلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ، وَفِي كُلِّ أَزْمَانِهِ، وَلَا غِنَى لَهُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، وَيَسْتَغْنِي بِاللَّهِ تَعَالَى عَنِ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ، وَلَا يَسْتَغْنِي بِهِمْ جَمِيعًا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى. وَكُلَّمَا كَانَ الْقَلْبُ أَكْثَرَ انْكِسَارًا لِلَّهِ تَعَالَى وَفَقْرًا وَفَاقَةً؛ كَانَ صَاحِبُهُ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَقْرَبَ إِلَيْهِ؛ وَلِذَا كَانَ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَهُوَ سَاجِدٌ؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ ذُلًّا وَانْكِسَارًا لَهُ. وَفِي الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ «اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ» فَلَا مَفَرَّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا إِلَيْهِ، وَلَا مَعَاذَ مِنْهُ إِلَّا بِهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ لِلْعَبْدِ إِلَّا بِهِ، وَاسْتِشْعَارُ هَذَا الْفَقْرِ مِنْ أَقْوَى أَسْبَابِ مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ.

 

«اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ كُلِّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنَا إِلَى حُبِّكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ عَلَى الظَّمَأِ».

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ* وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131-132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: ثَامِنُ أَسْبَابِ مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا ذَكَرَهَا ابْنُ الْقَيِّمِ: «الْخَلْوَةُ بِهِ وَقْتَ النُّزُولِ الْإِلَهِيِّ؛ لِمُنَاجَاتِهِ وَتِلَاوَةِ كَلَامِهِ، وَالْوُقُوفِ بِالْقَلْبِ وَالتَّأَدُّبِ بِأَدَبِ الْعُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْهِ. ثُمَّ خَتْمُ ذَلِكَ بِالِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ». كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا ﴾ [السَّجْدَةِ: 16]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذَّارِيَاتِ: 17-18].

 

«التَّاسِعُ: مُجَالَسَةُ الْمُحِبِّينَ الصَّادِقِينَ، وَالْتِقَاطُ أَطَايِبِ ثَمَرَاتِ كَلَامِهِمْ كَمَا يُنْتَقَى أَطَايِبُ الثَّمَرِ. وَلَا تَتَكَلَّمْ إِلَّا إِذَا تَرَجَّحَتْ مَصْلَحَةُ الْكَلَامِ، وَعَلِمْتَ أَنَّ فِيهِ مَزِيدًا لِحَالِكَ، وَمَنْفَعَةً لِغَيْرِكَ». قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الْكَهْفِ: 28]، وَقَالَ أَبُو الْدَرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَوْلَا ثَلَاثٌ مَا أَحْبَبْتُ أَنْ أَعِيشَ يَوْمًا وَاحِدًا: الظَّمَأُ لِلَّهِ بِالْهَوَاجِرِ، وَالسُّجُودُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَمُجَالَسَةُ أَقْوَامٍ يَنْتَقُونَ مِنْ خِيَارِ الْكَلَامِ كَمَا يُنْتَقَى أَطَايِبُ الثَّمَرِ».

 

«الْعَاشِرُ: مُبَاعَدَةُ كُلِّ سَبَبٍ يَحُولُ بَيْنَ الْقَلْبِ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»؛ كَالْمَعَاصِي وَالْمُحَرَّمَاتِ، وَفُضُولِ الْكَلَامِ وَالنَّظَرِ وَالطَّعَامِ، وَالِانْغِمَاسِ فِي مَلَذَّاتِ الدُّنْيَا وَمُتَعِهَا؛ فَإِنَّهَا تُصِيبُ الْقُلُوبَ بِالْقَسْوَةِ، وَتُبْعِدُهَا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: «فَمِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الْعَشَرَةِ وَصَلَ الْمُحِبُّونَ إِلَى مَنَازِلِ الْمَحَبَّةِ. وَدَخَلُوا عَلَى الْحَبِيبِ. وَمِلَاكُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَمْرَانِ: اسْتِعْدَادُ الرُّوحِ لِهَذَا الشَّأْنِ، وَانْفِتَاحُ عَيْنِ الْبَصِيرَةِ. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ».

 

فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَتَعَلَّمَهَا وَيَعْمَلَ بِهَا، وَيُعَلِّمَهَا أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ وَأَحْبَابَهُ؛ لِيُقَرِّبَهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَيَدُلَّهُمْ عَلَى طَرِيقِ مَحَبَّتِهِ وَوِلَايَتِهِ سُبْحَانَهُ، فَيَسْعَدُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من أسباب محبة الله تعالى عبدا ( التقوى )
  • من أسباب محبة الله تعالى عبدا ( المتصدقون سرا )
  • من أسباب محبة الله تعالى عبدا ( العطاس " النشاط والهمة " )
  • من أسباب محبة الله تعالى عبدا ( التسمية بعبدالله وعبدالرحمن والحارث )

مختارات من الشبكة

  • الأسباب والمسببات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب التخفيف في التكاليف الشرعية(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • أسباب الإعاقة البصرية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • خطبة مختصرة عن أسباب حسن الخاتمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صدقة السر سبب من أسباب حب الله لك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صدقة السر سبب من أسباب رضى الله عنك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صلة الرحم سبب عظيم من أسباب الرزق(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • قيام الليل سبب من أسباب دخول الجنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضل بناء المساجد: بناء المساجد سبب من أسباب دخول الجنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • باب فضل ترديد الأذان: التهليل بعد الأذان سبب من أسباب مغفرة الذنوب(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب