• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

طرد الجوع عن المسلم (4)

طرد الجوع عن المسلم (4)
أحمد عبدالله صالح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/12/2021 ميلادي - 9/5/1443 هجري

الزيارات: 19936

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

طرد الجوع عن المسلم (4)


أمـــا بعـــد؛ فيا عـــباد الله:

تناولنا في جمعٍ مضت ثلاثة أعمال يحبها الله عز وجل، واليوم موعدنا مع العمل الرابع من أحب الأعمال إلى الله؛ وهو: (طرد الجوع عن المسلم).

 

• طرد الجوع عن المسلم من أعظم الأعمال عند الله، وأحد أكبر أسباب القرب من الله عز وجل.

 

• طرد الجوع عن المسلم شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام، تدل على المعنى الإنساني، تمنع المهالك، وتدفع المرض، وتقوي روابط الأخوة والمحبة، وتجسد معاني التكافل بين أفراد المجتمع المسلم.

 

• طرد الجوع عن الجائعين قيمة عظيمة من قيم هذا الدين الحنيف، تدل على كريم معدن الإنسان، وتحمي المحرومين، وتمنع من المهالك.

 

• طرد الجوع عن الجائعين، وإطعام الطعام عبادة قد تكون عادية وسهلة، لكن قدرها عظيم؛ لأنها جُعلت السمة الخيرية المميزة لهذا الإسلام.

 

وهذا ما ورد عن سلف الأمة الصالحين؛ فقد قال بعض السلف: "لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعامًا يشتهونه، أحب إليَّ من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل".

 

أحبتي الكــرام:

الطعام هو سبب البقاء وقوام البدن، ووقود استمرار الحياة الدنيوية، يحفظ الجنس البشري من الانقراض، ولأهمية الطعام وإطعامه وطرد الجوع عن الجائعين، كانت الدعوة إلى الإطعام من أوائل الخطاب النبوي المكي في المرحلة السرية، وكان إطعام الطعام حاضرًا في أول خطابات الدعوة المكية، يوم لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا حرٌّ وعبد؛ فيسأله عمرو بن عبسة في الحديث الذي رواه أحمد: ما الإسلام؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((طيب الكلام، وإطعام الطعام)).

 

ولما هاجر إلى المدينة، كان أول خطاب له صلى الله عليه وسلم فيها الدعوة لإطعام الطعام؛ فقال في الحديث الذي رواه الدارمي: ((يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلامٍ)).

 

ولأهمية إطعام الطعام وطرد الجوع عن المسلم، خُصَّت زكاة الفطر من رمضان بالطعام.

 

ولأهميته أُدخل الإطعام في كل الكفارات؛ ففي كفارة القتل وكفارة الظهار وكفارة الوطء في نهار رمضان، في كل واحدة منها "إطعام ستين مسكينًا".

 

• وفي كفارة اليمين "إطعام عشرة مساكين".

 

• وفي فدية ارتكاب محظور في الإحرام "إطعام ستة مساكين".

 

ولما شرع الله تعالى التقرب إليه بالهدايا والضحايا، أمر بالإطعام منها؛ فقال سبحانه: ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الحج: 28].

 

وفي آية أخرى: ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ﴾ [الحج: 36].

 

ولأهمية الطعام وإطعامه، أفرد الله سورة من سور القرآن الكريم عالجت كثيرًا من أحكام الطعام؛ ألَا وهي سورة (الأنعام).

 

كما ابتدأ في سورة أخرى بالوعيد لمن يغش في الكيل، وأكثر المكيل والموزون هو الطعام؛ فقال في مطلع سورة المطففين: ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ﴾ [المطففين: 1 - 3].

 

أيها الأحباب الكرام:

ديننا الإسلامي الحنيف في القرآن الكريم والسنة المطهرة يحثنا على طرد الجوع عن الجائع، وإطعام الطعام، وتقديمه للجائعين والمحتاجين؛ ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم ((سئل الرسول صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ فقال: أن تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت، ومن لم تعرف)).

 

وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال خير؟ فقال: ((إدخالك السرور على مؤمن؛ أشبعت جوعته، أو كسوت عورته، أو قضيت له حاجته))، وفي الحديث الذي رواه الحاكم عن أبي مالكٍ الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن في الجنة غرفًا يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام))، وفي الحديث الذي رواه البخاري قال عليه الصلاة والسلام: ((أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكُّوا العاني))، وفي الحديث القدسي الذي رواه مسلم يقول عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه عز وجل: ((يقول الله عز وجل يوم القيامة: عبدي، استطعمتك، فلم تطعمني، فيقول: يا رب، وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ فيقول الله: استطعمك عبدي فلان - أي: جاءك فلان يطلب منك عونًا من طعام، أتاك فلان جائع يريد كسرة خبز أو قليلًا من الحساء أو المرق، أو يريد شيئًا يسيرًا من الدقيق أو الأرز ليسد جوع أطفاله وأسرته، جاءك الفقير فلان يريد منك مبلغًا ليشتري خبزًا أو طعامًا... نعم يقول الله: استطعمك عبدي فلان، فلم تطعمه، أما إنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي)).

 

ولذلكم أحبتي الكرام:

طرد الجوع عن المسلم الجائع منقبة عظيمة، وعلامة فارقة في دنيا الإنسانية، بل إنها أمارة مسجلة كانت موجودة قبل بعثة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم؛ والله سبحانه تعالى يقول: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ [الإنسان: 8].

 

• قد يطعم الإنسان طعامًا يريد أن يتخلص منه.

 

• وقد يجود الإنسان بشيء كان يظن به، لكن لما وجد غيره قد سبقه إليه، فلم يعد ذلك عزيزًا عنده، عندها جاد به، لكن القرآن يفسر بعضه بعضًا؛ فقد جعل الله إمارة الصادق في هذه الزاوية، وفي هذا الأمر بالذات؛ فقال سبحانه: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92]، وهنا قال: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ... ﴾ [الإنسان: 8] على ماذا؟ ﴿ عَلَى حُبِّهِ ﴾ [الإنسان: 8]؛ أي: مع حبه لهذا الطعام، لكنه جَادَ به، مع اشتهائه لهذا الطعام، لكنه بذله، مع حرصه على هذا الطعام، لكنه جاد به.

 

كيف يجود به؟

قد يكون الإنسان فقيرًا، وقليل ذات اليد، ولا يملك سوى قوت يومه، ومع ذلك يجود بما يملك، ويجود بما يحب من طعامه.

 

ولذلكم؛ كان السلف رضوان الله عليهم يطعمون الطعام مع حبهم له.

 

يقول نافع: "مرض ابن عمر رضي الله عنه فاشتهى عنبًا أول ما جاء العنب، فأرسلت صفية زوجته بدرهمٍ، فاشترت عنقودًا بدرهم، فأتبع الرسولَ سائل، فلما أتى الباب دخل، قال: السائل، السائل، قال ابن عمر: أعطوه إياه، فأعطوه إياه، ثم أرسلت بدرهم آخر، فاشترت به عنقودًا، فاتبع الرسول السائل، فلما انتهى إلى الباب ودخل، قال: السائل، السائل، قال ابن عمر: أعطوه إياه، فأعطوه إياه، وأرسلت صفية إلى السائل، فقالت: والله لئن عدت لا تصيبن مني خيرًا أبدًا، ثم أرسلت بدرهم آخر فاشترت به"؛ [رواه البيهقي].

 

وجاء مسكين إلى عائشة رضي الله عنها فسألها وهي صائمة، وليس في بيتها إلا رغيف، فقالت لمولاةٍ لها: أعطيه إياه، فقالت: ليس لك ما تفطرين عليه، فقالت: أعطيه إياه، ففعلت، قالت: فلما أمسينا، أهدى لنا أهل بيتٍ - أو إنسان - ما كان يهدي لنا شاةً وكفنها، فدعتني عائشة أم المؤمنين، فقالت: كلي من هذا، هذا خير من قرصك.

 

وكان الربيع بن خيثم إذا جاءه السائل، قال: "أطعموه سكرًا، فإن الربيع يحب السكر".

 

أنا لا أتحدث إليكم عن الذي يرمى الطعام مرات ومرات، إنما أتحدث عن معنى الطعام الذي فيه أجر عظيم، الذي عبر عنه الله في القرآن الكريم؛ فقال: ﴿ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ﴾ [البلد: 11 - 14].

 

ما معنى ذي مسغبة؟ أي: في يوم شديد الجوع.

 

أنت لا تملك إلا قوتك، ولا تملك إلا قوت أولادك وقوت أسرتك، ومع ذلك تجود به: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].

 

الإيثار لا يكون فقط في قضايا شكلية، يتزاحم الناس بالأبواب، فيقول مؤثرًا لغيره: أنت تفضل، ابدأ أنت للخروج أو الدخول، أو في أمور أخرى شكلية، ويوم يأتيه سائل يرد عليه: الحقوق كثيرة والالتزامات أكثر.

 

لأن أغلب مواقف حياة الناس في جانب أن يؤثر مما معه تخضع لمجاملات فارغة ومجاملات، ليس لها حقيقة، لكن الحقيقة الأكيدة هي: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ [الإنسان: 8].

 

الحقيقة الأكيدة هي: ﴿ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 267]، ثم قال: ﴿ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ﴾ [البقرة: 267]؛ يعني: هذا الشيء الذي بذلته، هذا الشيء الذي أخرجته، أنت أصلًا لا تقبله لنفسك، ولا تقبله لأسرتك.

 

لأنه في نفسك رديء وغير صالح، وإذا أخذته، ستأخذه على عدم رضا، تأخذه على اشمئزاز.

 

فكما لا ترضى لنفسك وأسرتك إلا الأجود والأحلى، والأحسن والأجمل والأفضل، كان لزامًا عليك ألَّا تعطي ولا تخرج إلا الأغلى والأجود والأحسن.

 

وليس من الإيمان أن يشبع المسلم وأخوه المسلم من قريب أو جارٍ أو بعيد يتلوى جوعًا لا يجد ما يسد به رمقه.

 

فالمؤمن الرحيم يغتم غمًّا شديدًا عندما يرى الجوع يفتك بإخوانه المسلمين، ويرسم على وجوههم البؤس والحزن، وعلى أجسامهم العريَ والذبول، فما يصبر على ذلك حتى يجود من خيره بما يستطيع.

 

فهذا أعرابي فقير، مسكين، جائع، وحالته يرثى لها يأتي عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليشكو له فقره وجوعه الذي أوصله إلى عري بناته وزوجته؛ فأنشد يقول:

يا عمر الخير جزيت الجنهْ
اكْسُ بنياتي وأمَّهنه
وكن لنا من الزمان جنهْ
أقسمت بالله لتفعلنَّهْ

 

فقال عمر: فإن لم أفعل، يكون ماذا؟

 

فقال: إذًا أبا حفصٍ لأذهبنه.

 

فقال: فإذا ذهبت، يكون ماذا؟

 

فقال: يكون عن حالي لتسألنه.

قال عمر: متى؟

 

قال:

يوم تكون الأعطيات منهْ
والواقف المسؤول بينهنه
إما إلى نارٍ وإما جنهْ

 

فبكى رضي الله عنه وقال لغلامه: يا غلام، أعطه قميصي هذا، فوالله لا أملك غيره، أعطه إياه لا لشعره، ولكن ليومٍ تكون فيه الأعطيات منة، والواقف المسؤول بينهنه، إما إلى نارٍ وإما إلى جنة.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبـة الثانيـة

أما بعد أيها الأحباب الكرام:

أتحدث اليوم إليكم عن عمل من أحب الأعمال إلى الله عز وجل؛ وهو: (طرد الجوع عن المسلم)، وهو من خير الأعمال وأحبها إلى الله؛ قال عليه الصلاة والسلام: ((خياركم من أطعم الطعام، ورد السلام))، بل إنه سبب من أسباب النجاة من المكاره؛ ومن أعظم أسباب تفريج الكرب عن الإنسان، وعونه على مصالح دينه ودنياه.

 

وما أجمل الشعور بآلام المحتاجين! ما أجمل تلمس حاجاتهم من إطعام للطعام، وقضاءٍ للحاجات!

 

وليعلم كل من يسلك طريق إطعام الجوعى، والصدقة على المحتاجين بالغذاء في أيام البلاء أنها من أعظم الأعمال الصالحة التي يتقرب بها إلى الله تعالى، وليعلم كذلك كل الذين شرفهم الله بإطعام غيرهم أن الأجر الحاصل من الإطعام لا ينحصر في إطعام الجائعين والمحرومين، والمعدمين والمساكين فحسب، بل إن الله يكتب لك الأجر كاملًا غير منقوص في كل إطعام، في إطعام الجوعى، وإطعام الفقراء، وإطعام المساكين، وإطعام المحرومين، وإطعام اليتامى والأرامل، وإطعام المشردين، وإطعام الحيوان، كذلك في إطعام طلبة العلم، وإطعام الدعاة، وإطعام الجيران، وإطعام المؤمنين ولو كانوا أغنياء، حتى الأجر والثواب يصلك في إطعامك لأولادك، بل حتى في إطعامك لزوجتك؛ يقول عليه الصلاة والسلام: ((إذا وضع أحدكم لقمةً في فم زوجته، كان له بها صدقة)).

 

لقمة واحدة، وليست في فم جائع، ولا في فم مسكين، إنما في فم الزوجة، فكيف لو كانت لسد جوعة جائع؟ كيف لو كانت لقضاء حاجة محتاج؟ كيف لو كانت لأسرة تفترش الأرض وتلتحف السماء من فقرها وجوعها؟ لا شك أنها أرفع وأعلى أجرًا ومثوبةً ومنزلة.

 

• فاللقمة يا إخوتي لها ميزانها عند الله.

• حبة الشعير وحبة القمح لها قيمة عند الله.

• العنبة وحبة الرمان لها قيمة عند الله.

• حبات الأرز وكسر الخبز والقليل من الحساء لها قيمة وثقل عند الله.

 

• التمرة ونصف التمرة لها قيمة ولها وزن ولها ثقل في ميزان الله؛ والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((اتقوا النار - اتقوا جهنم، بماذا يا رسول الله؟ - اتقوا النار ولو بشق تمرة))، ما قال: بتمرةٍ كاملة، إنما بشق تمرة، وبنصف التمرة قد تقي بها وجهك من عذاب الله وحر جهنم.

 

ونحن للأسف لا نأبه للتمرة ولا للتمرتين، ولا نأبه للقمة ولا للقمتين، ولا نكترث للثلاث اللقم ولا للعشر، ترمى ويعبث بها وتهان وتداس تحت الأقدام في البيوت، وفي الشوارع والحدائق والأرصفة.

 

وفي الحديث الذي رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((أتتني امرأة مسكينة ومعها ابنتان، قالت: فأعطيتها ثلاث تمرات، فأخذتها ووزعتها بالتساوي: تمرة للبنت الأولى، وتمرة للثانية، ثم أخذت الثالثة إلى فمها، فاستطعمتها بنتاها، فشقت التمرة إلى نصفين، وأعطت لكل واحدة النصف...)) إنها أم رحيمة، أم عادلة، ((فتعجبت عائشة رضي الله عنها من صنيعها، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بما رأت، فقال عليه الصلاة والسلام: لقد أوجب الله لها بها الجنة أو أعتقها من النار))، بتمرة ونصف، ولمن أعطتها؟ لا لجائع ولا لمسكين، ولا لشخصٍ لا تعرفه، إنما لابنتيها وفلذة كبدها وزهرة حياتها.

 

فإذا كان هذا ثواب من يطعم ابنه أو بنته، فكيف هو ثواب من يطعم المحروم؟ كيف هو ثواب من يطرد الجوع عن الجائع؟ ما هو جزاء من يواسون المحتاجين، ويعينون الفقراء، ويمدون المعدمين ببعض الخبز، وببعض الدقيق والزيت، وحبات الأرز، والقليل من الحساء، والقليل من المرق ومذقة اللبن، والقليل من الطعام؟

 

إن الجزاء هو رضوان الله ومغفرته ونعيمه وجنانه.

 

إن الجزاء هو عفو الله ورحمته وعظيم كرمه.

 

إن الجزاء هو أن يباعد الله النار عنك فلا تمسك أبدًا؛ يقول عليه الصلاة والسلام: ((من أطعم أخاه حتى يشبعه وسقاه حتى يرويه، باعده الله من النار سبعه خنادق، ما بين كل خندق خمسمائة عام)).

 

هذا الإطعام وهذه الإغاثة التي مددتها لهذا المحتاج أو لهذا الفقير أو لهذا الجائع يربِيها الخالق سبحانه، وينميها لك ليوم القيامة وليوم الحساب، وليوٍم تزل فيه الأقدام؛ ففي مسند الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله ليربي لأحدكم التمرة واللقمة، كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله – أي: صغير البقر - حتى يكون مثل أحدٍ)).

 

وختامًا:

أروع نهاية... وأجمل وداع... وأحسن خاتمة... هي ما قالها الحبيب عليه الصلاة والسلام: ((من ختم له بإطعام مسكين محتسبًا على الله عز وجل دخل الجنة)).

 

اللهم إنا نسألك أن تجزي كل صاحب معروف على معروفه، وأن تبارك له في ولده وماله، وتديم عليه صحته وعافيته، وأن تحفظه بعنايتك وتكلؤه برعايتك، اللهم صبَّ له من الخير، وافتح له من أبواب رزقك فتحًا.

 

اللهم وفقنا لفعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين.

 

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنها سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.

 

اللهم اغفر لنا وارحمنا، وإن أردت بعبادك فتنة، فاقبضنا إليك غير مفتونين.

 

ثم اعلموا أن الله أمركم بأمرٍ بدأ به نفسه، وثنى به ملائكته المسبحة بقدسه، وثلَّث به عباده من جنه وإنسه؛ فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حظي من صومي الجوع والظمأ!
  • الجوع.. لا حل بكم مكروه
  • مشكلة استمرار حالة الجوع
  • شرح باب فضل الجوع وخشونة العيش

مختارات من الشبكة

  • إيطاليا: أصداء المطالبة بطرد المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • التأديب بالطرد(مقالة - موقع د. إبراهيم بن صالح بن إبراهيم التنم)
  • إفريقيا الوسطى: النصارى يحتفلون بإسقاط الرئيس المسلم وطرد المسلمين(مقالة - ملفات خاصة)
  • مسلمون يوزعون عشرات الطرود الغذائية على فقراء تشيلمسفورد(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الوجه المشرق والجانب المضيء لطرد المسلمين من الأندلس(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مسلمو سراييفو يوزعون مئات الطرود الغذائية على الصائمين والمحتاجين في رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • مسلمون يوزعون الطرود الغذائية على المحتاجين بعاصمة ويلز(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ملازمة جماعة المسلمين سبب لطرد الشيطان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسلمون يوزعون مئات الطرود الغذائية على المحتاجين في برمنغهام(مقالة - المسلمون في العالم)
  • متطوعون مسلمون يوزعون طرودا غذائية قبل رمضان في ويلز(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب