• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

ثمرات الإيمان باليوم الآخر وأثره في حياة الفرد والمجتمع (خطبة)

ثمرات الإيمان باليوم الآخر وأثره في حياة الفرد والمجتمع (خطبة)
السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/12/2020 ميلادي - 5/5/1442 هجري

الزيارات: 85889

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ثمرات الإيمان باليوم الآخر وأثره في حياة الفرد والمجتمع

 

الخطبة الأولى

أما بعد: حياكم الله تعالى وبياكم أيها الآباء وأيها الإخوة الأعزاء: حديث اليوم عن ركن من أركان الإيمان وأثره في حياة الفرد والمجتمع، إنه الركن الخامس، إنه الإيمان باليوم الآخرة.

 

لماذا نتكلم عن اليوم الآخر؟

أيها الإخوة لعل سائلًا يسأل ويقول: لماذا تكلمنا عن الإيمان باليوم الآخر؟

الجواب بحول الملك الوهاب أيها الأحباب: أن الإيمان باليوم الآخِر هو أحد أركان الإيمان، وغالبًا يُذكَر هو الخامس منها، وقد دلَّت النُّصوص على فَلاح مَن آمَن به وعمل له - مخلصًا لله تعالى بما شرع - وعلى كُفر مَن أنكَرَه وجحَدَه؛ قال تعالى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ﴾ [البقرة: 177]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 136].

 

الإيمان باليوم الآخر أساس متين، لا يتم اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بذلك؛ ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].

 

الإيمان باليوم الآخر أساس التحاكم إلى شرع الله، وانشراح الصدر بما يأتينا من الأحكام عن الله ورسوله من أمر ونهي وأدب وخلق ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59].

 

ثانيًا: ثمرات الإيمان باليوم الآخر:

الثمرة الأولى: الجد الاجتهاد في العمل:

أيها الإخوة، إن من أعظم الثمرات للإيمان باليوم الآخر أنها تدفع المسلم و المسلمة على الجد و الاجتهاد في الأعمال الصالحة و لقد كان السلف رحمهم الله همومهم وهممهم أخروية، فالسلف يعرفون أن الدنيا دار ممر لا دار مقر، ويعلمون أن الدنيا دار فناء لا دار بقاء؛ يقول الله تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ﴾ [الشورى: 20]، واسمعوا قول ربكم عز وجل في محكم كتابه حيث يقول: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [هود: 15، 16]، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كانت الآخرة همَّه، جعل الله غِناه في قلبه، وجمع عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همَّه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرَّق عليه شمله، ولم يأتِهِ من الدنيا إلا ما قُدِّر له)) [1].

 

علو همة عمير بن الحمام رضي الله عنه وطلبه للجنة:

وهذا عمير بن الحمام الصحابي الجليل في يوم بدر يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض، قال عمير بن حمام الأنصاري: يا رسول الله، جنة عرضها السماوات والأرض، قال: نعم، قال: بخٍ بخٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحملك من قولك: بخ بخ؟ قال: والله يا رسول الله، إلا رجاءَ أن أكون من أهلها، قال: فإنك من أهلها، قال: فأخرج تمرات من قَرَنِهِ، فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييتُ حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة، قال: فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قُتل)[2].

 

الثمرة الثانية: الصبر على مصائب الدنيا:

اعلم بارك الله فيك أن من ثمرات الإيمان باليوم الآخر أن يصبر المسلم على مصائب الدنيا وشدائدها وهذا ما قرره الله تعالى في كتابه قال الله: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]. قال سليمان بن القاسم: كل عمل يعرف ثوابه إلا الصبر: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ قال: كالماء المنهمر، وقال الأوزاعي: ليس يوزن لهم ولا يكال لهم، وإنما يغرف لهم غرفًا.

 

ثم هم يفوزون بالجنة والنجاة من النار: ﴿ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [المؤمنون: 111].

 

عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَعْمَلْتَ فُلَانًا وَلَمْ تَسْتَعْمِلْنِي فَقَالَ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، ‌فَاصْبِرُوا ‌حَتَّى ‌تَلْقَوْنِي ‌عَلَى ‌الْحَوْضِ»[3].

 

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: (مَرَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِعَمَّارٍ وَأَهْلِهِ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ) (فَقَالَ: ‌صَبْرًا ‌آلَ ‌يَاسِرٍ، ‌فَإِنَّ ‌مَوْعِدَكُمُ ‌الْجَنَّةُ) [4].

 

عن عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: قُلْتُ بَلَى، قَالَ: هَذِهِ السَّوْدَاءُ، أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ وَأَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللهَ لِي، قَالَ: إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ، وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ، دَعَوْتُ اللهَ لَكِ أَنْ يُعَافِيَكِ، قَالَتْ: لَا، بَلْ أَصْبِرُ، فَادْعُ اللهَ أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ -أَوْ لَا يَنْكَشِفَ عَنِّي- قَالَ: فَدَعَا لَهَا[5].

 

الثمرة الثالثة: الخوف من الله تعالى:

أيها الأحباب: ومن ثمرات الإيمان باليوم الآخر الخوف من الله تعالى فيبتعد المسلم و المسلمة عما حرم الله تعالى ويعمل بطاعته قال الله تعالى ﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى * يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى * وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى * ‌فَأَمَّا ‌مَنْ ‌طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 34 – 41].

 

عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «‌لَوْ ‌تَعْلَمُونَ ‌مَا ‌أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا»[6].

 

قال عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه لمّا طعن: «لو أنّ لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب اللّه قبل أن أراه!»[7].

 

علق ابن الجوزي: وأعجبًا من خوف عمر مع كماله وأمنك مع نقصانك!

 

بكى الحسن -رحمه الله-: فقيل: ما يبكيك؟ قال: «أخاف أن يطرحني غدا في النّار ولا يبالي» [8].

 

قال عبد السلام، مولى مسلمة بن عبد الملك رحمه الله: بكى عمر بن عبد العزيز فبكت فاطمة، فبكى أهل الدار لا يدري هؤلاء ما أبكى هؤلاء، فلما تجلى عنهم العبر، قالت له فاطمة: بأبي أنت يا أمير المؤمنين، مم بكيت؟ قال: ذكرت يا فاطمة منصرف القوم من بين يدي الله عز وج‍ل، فريق في الجنة، وفريق في السعير، قال: «ثم صرخ وغشي عليه»[9].

 

الثمرة الرابعة: الزهد في الدنيا:

واعلم بارك الله فيك أن من ثمرات الإيمان باليوم الآخر الزهد في الدنيا وزخرفها لأن المسلم يعلم أن الدنيا قنطرة توصله إلى الأخرة فيتخفف منها المسلم من متاعها.

 

لذا كان الحبيب صلى الله عليه وسلم كان يبن لنا تلك الحقيقة كما في الحديث عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَالْخَنْدَقِ وَهُمْ يَحْفِرُونَ، وَنَحْنُ نَنْقُلُ التُّرَابَ عَلَى أَكْتَافِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهُمَّ ‌لَا ‌عَيْشَ ‌إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَةِ، فَاغْفِرْ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ[10].

 

عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال عمر في الحديث الطويل (وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَصْبُورًا وَعِنْدَ رَأْسِهِ أُهُبًا مُعَلَّقَةً فَرَأَيْتُ أَثَرَ الْحَصِيرِ في جَنْبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَبَكَيْتُ فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ وَأَنْتَ رَسُولُ اللهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ‌أَمَا ‌تَرْضَى ‌أَنْ ‌تَكُونَ ‌لَهُمَا الدُّنْيَا وَلَكَ الْآخِرَةُ [11].

 

ومن زهده أبي ذر رضي اللّه عنه: ما رواه جعفر بن سليمان قال: دخل رجل على أبي ذر فجعل يقلب بصره في بيته فقال: يا أبا ذر، أين متاعكم؟ قال: لنا بيت وجه إليه صالح متاعنا. قال: إنه لابد لك من متاع ما دمت هاهنا. قال إن صاحب المنزل لا يدعنا فيه [12].

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخطبة الثانية

أما بعد أيها الإخوة:

الثمرة الخامسة: من ثمرات اليوم الآخر قصر الأمل:

ومن ثمرات الإيمان باليوم الآخر قصر الأمل و علم الإنسان أن الدنيا مهما طالت فهي قصيرة ومهما عظمت فهي حقيرة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَصِيرٍ فَأَثَّرَ الْحَصِيرُ بِجِلْدِهِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ جَعَلْتُ أَمْسَحُ عَنْهُ، وَأَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا آذَنْتَنِي قَبْلَ أَنْ تَنَامَ عَلَى هَذَا الْحَصِيرِ فَأَبْسِطَ لَكَ عَلَيْهِ شَيْئًا يَقِيكَ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا لِي وَلِلدُّنْيَا، وَمَا لِلدُّنْيَا وَلِي، مَا أَنَا وَالدُّنْيَا إِلَّا ‌كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ فِي فَيْءٍ، أَوْ ظِلِّ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا»[13].

 

«عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْكِبِي، فَقَالَ: «‌كُنْ ‌فِي ‌الدُّنْيَا ‌كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ» وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، يَقُولُ: «إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ»» [14].

 

قَالَ عَلِيٌّ رضي اللّه عنه: ((إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ اثْنَتَيْنِ طُولُ الأَمَلِ وَاتِّبَاعُ الْهَوَى، فَأَمَّا طُولُ الأَمَلِ فَيُنْسِي الآخِرَةَ وَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ، أَلا وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ وَلَّتْ مُدْبِرَةً وَالآخِرَةُ مُقْبِلَةٌ))[15].

 

فَاعْمَلُوا لِلْبَاقِيَةِ، وَلَا تَلْتَفِتُوا كَذَلِكَ لِتِلْكَ الْمُدْبِرَةِ.

مَنْ ذَا الَّذِي يَبْنِي عَلَى مَوْجِ الْبَحْرِ دَارًا *** تِلْكُمُ الدُّنْيَا فَلا تَتَّخِذُوهَا قَرَارًا

 

وقال عبد الله بن مسعود رضي اللّه عنه: ما منكم إلا ضيف ومالُه عاريّة، فالضيف مرتحل، والعاريّة مؤداة إلى أهلها[16].

 

وعن محمد بن واسع رحمه الله قال: قال خليد العصري رحمه الله: كلنا قد أيقن بالموت وما نرى له مستعدًا!، وكلنا قد أيقن بالجنة وما نرى لها عاملًا! وكلنا قد أيقن بالنار وما نرى لها خائفًا! فعلام تُعرِّجون؟ وما عسيتم تنتظرون؟ الموت؟ فهو أول وارد عليكم من الله، بخير أو بشر! يا إخوتاه سيروا إلى ربكم سيرًا جميلًا[17].

 

الثمرة السادسة: أنه سلوة للمظلومين حيث أنهم يؤمنون أن هناك يوم سوف ترد فيه المظالم:

وقال الله تعالى: ﴿ وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ﴾ [طه: 111].

 

فيا أيّها الظّالم لا تغفل فليس مغفولًا عنك، فأمامك يومٌ عصيبٌ، قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾ [إبراهيم: 42].

 

وقال أيضًا: ﴿ الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [غافر: 17].

نعم: إنّه يوم استيفاء الحقوق الضّائعة في الدّنيا، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: لَمَّا رَجَعَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهَاجِرَةُ الْبَحْرِ، قَالَ: «أَلَا تُحَدِّثُونِي بِأَعَاجِيبِ مَا رَأَيْتُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ؟» قَالَ فِتْيَةٌ مِنْهُمْ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَرَّتْ بِنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِ رَهَابِينِهِمْ، تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاءٍ، فَمَرَّتْ بِفَتًى مِنْهُمْ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْهَا، ثُمَّ دَفَعَهَا فَخَرَّتْ عَلَى رُكْبَتَيْهَا، فَانْكَسَرَتْ قُلَّتُهَا، فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: ‌سَوْفَ ‌تَعْلَمُ ‌يَا ‌غُدَرُ إِذَا وَضَعَ اللَّهُ الْكُرْسِيَّ، وَجَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَتَكَلَّمَتِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ، بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، فَسَوْفَ تَعْلَمُ كَيْفَ أَمْرِي وَأَمْرُكَ عِنْدَهُ غَدًا، قَالَ: يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَتْ، صَدَقَتْ كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ أُمَّةً لَا يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ؟»[18].

 

إنَّ يومَ الحسابِ يوم عسير
ليس للظالمين فيه نصير
فاتخذ عدة لمطلع القبر
وهول الصراط يا منصور

الدعاء..

 


[1] أخرجه الترمذي (2465)، قال الشيخ الألباني: صحيح، انظر حديث رقم (6510) في صحيح الجامع.

[2] أخرجه مسلم في الصحيح (3/ 1509 - 1511)، كتاب الإمارة (33)، باب ثبوت الجنة للشهيد (41)، الحديث (145/ 1901).

[3] البخاري (4331).

[4] صحيح السيرة ص154، وفقه السيرة ص103.

[5] أخرجه البخاري في "صحيحه" (5625)، وفي "الأدب المفرد" (505)، ومسلم (2576).

[6] أخرجه البخاري (6485).

[7] رواه البخاري 3692، شرح السنة للبغوي (14/ 373)، حلية الأولياء (1/52)

[8] حلية الأولياء (5 /269)

[9] التخويف من النار لابن رجب (23).

[10] أخرجه عبد بن حميد (461)، والبخاري (5410) و (5413)، وابن ماجه (3335).

[11] البخاري في صحيحه، في التفسير، سورة التحريم - ح 4913.

[12] ابن الجوزي، صفة الصفوة 1 /595.

[13] «مسند أحمد» (6/ 242 ط الرسالة): «وأخرجه الطيالسي (277)، ومن طريقه ابن ماجه (4109).

[14] «صحيح البخاري» (8/ 89) (6416).

[15] «الجامع لعلوم الإمام أحمد - العقيدة» (4/ 396):«رواه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 76، والبيهقي في "الشعب" 7/ 369 (10614).»

[16] [أخرجه الطبراني: 8455].

[17] [موسوعة ابن أبي الدنيا 3/ 337].

[18] صحيح سنن ابن ماجه" (رقم 3239).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإيمان باليوم الآخر (قصة)
  • أثر الإيمان باليوم الآخر على القلب
  • الإيمان باليوم الآخر وأدلته (1)
  • الإيمان باليوم الآخر وأدلته (2)
  • الإيمان باليوم الآخر وما يتضمنه
  • الإيمان باليوم الآخر وأثره في صلاح الفرد والمجتمع
  • الإيمان باليوم الآخر (خطبة)
  • خطبة: قواعد المجتمع الصالح والحكم الرشيد

مختارات من الشبكة

  • ثمرات الإيمان باليوم الآخر(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • الدرس التاسع والعشرون: ثمرات الإيمان بالله في الحياة الدنيا(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة: ثمرات تربية الأولاد على الإيمان بالله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ثمرات الإيمان بأسماء الله وصفاته الحسنى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ثمرات الإيمان بالله في الحياة الدنيا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • انطلاق دورات ثمرات الإيمان بمدينة كروجة في ألبانيا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • من ثمرات الإيمان(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • من ثمرات الإيمان بالقدر(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الدرس الثلاثون: تابع ثمرات الإيمان في الدنيا(مقالة - ملفات خاصة)
  • أهم ثمرات الإيمان بالقدر(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب