• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

شرح حديث اتق المحارم تكن أعبد الناس (3) (خطبة)

شرح حديث اتق المحارم تكن أعبد الناس (3) (خطبة)
أحمد إبراهيم عبدالرؤوف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/9/2020 ميلادي - 4/2/1442 هجري

الزيارات: 39191

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شرح حديث اتق المحارم تكن أعبد الناس (3)

 

الخطبة الأولى

قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «وأحسنْ إلى جارِك تكن مؤمنًا».

قال الله عز وجل: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ ﴾ [رواه النساء: 36].

 

﴿ َالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى ﴾: أي: الجار القريب الذي بينك وبينه قرابة، له حقان: حق الجوار، وحق القرابة.

 

﴿ الْجَارِ الْجُنُبِ ﴾؛ أي: الذي ليس له قرابة.

 

وكلما كان الجار أقرب بابًا كان آكدَ حقًّا، فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جَارَيْنِ، فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ: «إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا» [رواه البخاري: 2259].

 

لم يتكلم ربنا تبارك وتعالى، ولا رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن حال الجار المستحق للإحسان، ولا عن دينه، ولا خلقه، ولا وضع شروطًا أو صفاتٍ يستحق بها أن الجار أن يُحْسَنَ إليه من جاره، بل أمر بالإحسان إلى الجار عمومًا، سواء كان مؤمنًا، أم كافرًا، غنيًا أم فقيرًا، صالحًا أم فاسقًا، قريبًا من الأرحام أم من غيرهم، أحسن هو إليك أم أساء إليك.

 

«وأحسن إلى جارك تكن مؤمنًا»، بنفس المعنى قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ» [رواه البخاري: 6019، ومسلم: 47]، وقال: «خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ» [رواه الترمذي: 1944].


وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ» [رواه البخاري: 6018].

 

وقال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه» [رواه مسلم: 45].

 

«وأحسن إلى جارك تكن مؤمنًا»، بمفهوم المخالفة: أن من لم يحسن إلى جاره لا يتصف بكمال الإيمان، أي أن من لم يسئ إلى جاره، ولم يحسن إليه، فإنه مخالف لهذا الأمر من الله ورسوله، ولا يتصف بكمال الإيمان، فكيف بمن يؤذي جاره؟!.. لذلك أقسم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حديث آخر فقال: «وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ» قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الَّذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ» [رواه البخاري: 6016] أي أذاه وشره وظلمه. هذا ناقص الإيمان.


قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» [رواه البخاري: 6014] أي: توقعت أن يأتيني بأمر من الله تعالى يجعل الجار وارثا من جاره كأحد أقربائه، وذلك من كثرة ما شدد في حفظ حقوقه والإحسان إليه!

 

فينبغي للجار أن يتعاهد جاره بالهدية والصدقة والدعوة واللطافة بالأقوال والأفعال وعدم أذيته بقول أو فعل.

 

وقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: «يَا نِسَاءَ المُسْلِمَاتِ، لاَ تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ» [رواه البخاري: 2566] أي: لا تمتنع جارة من الصدقة والهدية لجارتها لاستقلالها واحتقارها الموجود عندها بل تجود بما تيسر ولو كان قليلا كفرسن شاة (أي أرجل الشاة، الحافر، طرف القدم) فهو خير من العدم. وهذا الجود وهذه المهاداة بين الجيران كادت تنعدم في زماننا ولا حول ولا قوة إلا بالله!

 

وعن أبي ذر قال: أوصاني النبي (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) إِذَا صَنَعْتُ مَرَقَةً أَنْ أُكْثِرَ مَاءَهَا، ثُمَّ أَنْظُرُ أَهْلَ بَيْتٍ قَرِيبٍ مِنْ بَيْتِي فَأُصِيبُهُمْ مِنْهَا بِمَعْرُوفٍ. [رواه البيهقي في "الآداب": 68].

 

عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَغُلَامُهُ يَسْلُخُ شَاةً فَقَالَ: يَا غُلَامُ إِذَا فَرَغْتَ فَابْدَأْ بِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: الْيَهُودِيُّ أَصْلَحَكَ اللَّهُ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) يوصى بالجار حتى خشينا أو رُؤِينا أنه سَيُورِّثُه. [رواه البخاري في "الأدب المفرد": 128].

 

وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَشْبَعُ وجارهُ جَائِع» [رواه البخاري في "الأدب المفرد": 112] أي وهو يعلم بذلك، كما في رواية أنس.

 

كان من دعاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَارِ السُّوءِ فِي دَارِ الْمُقَامَةِ، فَإِنَّ جَارَ الْبَادِيَةِ يَتَحَوَّلُ» [رواه الطبراني في "الدعاء": 1340].


وقال: «تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ، مِنْ جَارِ السَّوْءِ فِي دَارِ الْمُقَامِ، فَإِنَّ جَارَ الْبَادِيَةِ يَتَحَوَّلُ عَنْكَ» [رواه النسائي: 5502] في البادية يسهل الانتقال من مكان إلى آخر، تنصب خيمتك فإن جاورك جار سوء سهل عليك نقلها إلى مكان بعيد عنه، أما في دار المقامة أي في الحضر أو في المدينة.. أنت تسكن في بيت مبني، تشتري أو تستأجر مسكنًا، ليس سهلًا أن تتحول عنه.. فلذلك كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يتعوذ من جار السوء في دار المقامة، وأمرنا أن نتعوذ من ذلك.

 

قيل للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إن فلانة يذكر من كثرة صيامها وقيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: «هي في النار»، وذُكرت له امرأة أخرى تصلي المكتوبة وتتصدق بالقليل ولا تؤذي أحدًا، قال: «هي في الجنة» [رواه أحمد: 9675].


جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي جَارًا يُؤْذِينِي، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «اصْبِرْ»، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ يَشْكُو، فَقَالَ لَهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «اصْبِرْ»، ثُمَّ أَتَاهُ يَشْكُو، فَقَالَ لَهُ: «اصْبِرْ»، ثُمَّ أَتَاهُ الرَّابِعَةَ يَشْكُوهُ، فَقَالَ: «اذْهَبْ فَأَخْرِجْ مَتَاعَكَ فَضَعْهُ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ» فكلما مر به أحد سأله: لماذا خرجت بمتاعك وتركت بيتك؟ فيقول: شَكَوْتُ جَارِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم فَقَالَ: «اذْهَبْ فَأَخْرِجْ مَتَاعَكَ فَضَعْهُ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ» فجعل الناس يمرون على هذا الجار فيلعنونه، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لَقِيتُ مِنَ النَّاسِ؟ قَالَ: «وَمَا لَقِيتَ مِنْهُمْ؟» قَالَ: يَلْعَنُونِي، قَالَ: «فَقَدْ لَعَنَكَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ النَّاسِ»، قَالَ: فَإِنِّي لَا أَعُودُ أَبَدًا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَجَاءَ الَّذِي شَكَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «ارْفَعْ مَتَاعَكَ، فَقَدْ كُفِيتَ» [رواه البيهقي في "الشعب": 9100، 9101].

 

فهذه النصوص كلها ترغب في الإحسان إلى الجار، وترهب من عدم الإحسان، فضلًا عن الأذى والإساءة.. والأمر متعلق بالإيمان.. «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر.. فليكرم جاره» «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره» «والله لا يؤمن، من لا يأمن جاره بوائقه» «ليس بمؤمن من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم» «وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا» الأمر متعلق بالرحمة واللعنة، والجنة والنار.. فانتبه وكن على حذر أيها الجار.

 

الخطبة الثانية

قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا».. أي أحب لجميع الناس، وليس المسلمين فقط، مثل الذي تحب لنفسك، وارتض لهم مثل الذي تريده وترتضيه لنفسك من خير الدنيا والآخرة، فتحب للكافر الإيمان، وللفاجر الطاعة، وللمطيع الصالح زيادة في الطاعة والصلاح، تحب للفقير الغنى، وللمريض الشفاء، وللمحزون الفرح.. وهكذا.. إذا نصحت أحدًا فانصحه بمثل ما تحب لنفسك، ولا تنصحه وتوجهه لما فيه مصلحتك أنت!

 

أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا.. فهذا من خصال الإسلام؛ ومن شعب الإيمان أن تحب الخير لإخوانك في الدين خاصة، كما قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حديث آخر: «لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه المسلمِ ما يحب لنفسه من الخير» [رواه أحمد: 13146]. ويلزم من ذلك أن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه من الشر والسوء، قال العلماء: ولم يذكره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الحديث؛ لأن حب الشيء يستلزم بغض نقيضِهِ.

 

قال بعض العلماء في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»: هذا ظاهره التسوية، وباطنه التفضيل، فإن كل أحد يحب أن يكون أفضل، فإذا كنت تحب أن تكون أفضل، فعندما تحب لأخيك ما تحب لنفسك؛ فإنك بهذا تحب له أن يكون أفضل منك!

 

وفي هذا المعنى قال الفضيل بن عياض لسفيان بن عيينة رحمهما الله: إن كنت تريد أن يكون الناس كلهم مثلك؛ فما أديت النصيحة لربك! فكيف وأنت تود أنهم دونك؟! [البيهقي في "الشعب": 7909] يُشِيرُ إِلَى أَنَّ النَّصِيحَةَ لَهُمْ: أَنْ يُحِبَّ أَنْ يَكُونُوا فَوْقَهُ، وَهَذِهِ مَنْزِلَةٌ عَالِيَةٌ، وَدَرَجَةٌ رَفِيعَةٌ فِي النُّصْحِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ، وَإِنَّمَا الْمَأْمُورُ بِهِ فِي الشَّرْعِ أَنْ يُحِبَّ أَنْ يَكُونُوا مِثْلَهُ!

 

وَقَدْ رَتَّبَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) دُخُولَ الْجَنَّةِ عَلَى هَذِهِ الْخَصْلَةِ؛ فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ».


وعَنْ يَزِيدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وعلى آله وسلم): «أَتُحِبُّ الْجَنَّةَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَحِبَّ لِأَخِيكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ» [الحاكم في "المستدرك": 7313].

 

وكان النبي (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) يحقق هذه الخصلة، في دعوته ونصحه..

 

فعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وعلى آله وسلم): «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا، وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي، لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ» [رواه مسلم: 1826].

 

وَإِنَّمَا نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، لِمَا رَأَى مِنْ ضَعْفِهِ، وَهُوَ (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) يُحِبُّ هَذَا لِكُلِّ ضَعِيفٍ مع أنه لم يكن ضعيفًا، فإنَّ اللَّهَ قَوَّاهُ عَلَى تولي أمور الناس، وَأَمَرَهُ بِدُعَاءِ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ إِلَى طَاعَتِهِ، وَأَنْ يَتَوَلَّى سِيَاسَةَ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ.

 

فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُحِبَّ لِلْمُؤْمِنِينَ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، وَيَكْرَهُ لَهُمْ مَا يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ.

 

كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ يَبِيعُ حِمَارًا لَهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَتَرْضَاهُ لِي؟ قَالَ: لَوْ رَضِيتُهُ لَمْ أَبِعْهُ [البيهقي في "الشعب": 4913]، وَهَذِهِ إِشَارَةٌ مِنْهُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَرْضَى لِأَخِيهِ إِلَّا مَا يَرْضَى لِنَفْسِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ جُمْلَةِ النَّصِيحَةِ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، والتي هي من الدين.

 

وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنِّي لَأَمُرُّ عَلَى الْآيَةِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَأَوَدُّ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ يَعْلَمُونَ مِنْهَا مَا أَعْلَمُ [الطبراني في "الكبير": 10621]. وكان رضي الله عنه عالمًا بتفسير القرآن، فهو حبر الأمة وترجمان القرآن.

 

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَدِدْتُ أَنَّ النَّاسَ تَعَلَّمُوا هَذَا الْعِلْمَ، وَلَمْ يُنْسَبْ إِلَيَّ مِنْهُ شَيْءٌ [سير أعلام النبلاء 10 /29]. لا يهمه حقوق تأليف ولا طبع ولا نشر ولا أي شيء من هذا، إنما يهمه أن يتعلم الناس العلم الذي يعلمه!

 

وَكَانَ عُتْبَةُ الْغُلَامُ إِذَا صام يَقُولُ عند إفطاره لِبَعْضِ إِخْوَانِهِ العالمين بصيامه: أَخْرِجْ إِلَيَّ مَاءً أَوْ تَمَرَاتٍ أُفْطِرُ عَلَيْهَا؛ لِيَكُونَ لَكَ أَجْرٌ مِثْلُ أَجْرِي! [جامع العلوم والحكم 1 /310] وقد جاء في حديث رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) ما يفيد هذا.

 

عباد الله.. كل واحد منا له أخ أو إخوة.. وكل أخ من إخوانك له أحوال دينية وأحوال دنيوية.. وهذه الأحوال إما أن يكون أخوك أدنى منك فيها، وإما أن يكون أعلى منك..

 

فإن رأيت من أخيك نقصًا في أمور الدنيا.. فأحب له ما تحب لنفسك من الكمال، وإن أردت الأفضل والأكمل آثرته على نفسك، كما وصف الله عز وجل الأنصار بقوله: ﴿ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].

 

وإِنْ رَأَيت فِي أَخِيك الْمُسْلِمِ نَقْصًا فِي دِينِهِ، فاجْتَهَد فِي إِصْلَاحِهِ، وليس بأفضل ولا أكمل هنا أن تؤثره على نفسك، فإنه لا إيثار في الطاعة وكسب الحسنات، بل قد قال الله (عز وجل): ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [المطففين: 26]، وفقراء الصحابة الذين آثرهم أغنياء الصحابة على أنفسهم، جاءوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) فقالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ ذَهبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بالأُجُورِ؛ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، قَالَ: «أَوَلَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ؟! إِنَّ بكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟! قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ، أَكَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ؟! فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ، كَانَ لَهُ أَجْرٌ» [رواه مسلم: 1006] فهؤلاء الصحابة رضي الله عنهم كانوا يعلمون فيم يكون الإيثار، وفيم لا يكون! الإيثار يكون في أمور الدنيا لا في أمور الدين.

 

لذلك فَإِنْ رَأَيت فِي أخيك تفوقا عَلَيْك في فضيلة دينية، فتمنيت لنفسك مثلها؛ كَانَ ذلك حسنًا، وَقَدْ تَمَنَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم لِنَفْسِهِ مَنْزِلَةَ الشَّهَادَةِ.

 

وَقَالَ (صلى الله عليه وعلى آله وسلم): « لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا، فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَآنَاءَ النَّهَارِ » [رواه البخاري: 7529، ومسلم: 815].

 

وَقَالَ فِي الَّذِي رَأَى مَنْ يُنْفِقُ مَالَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، فَقَالَ: «لَوْ أَنَّ لِي مَالًا، لَفَعَلْتُ فِيهِ كَمَا فَعَلَ، فَهُمَا فِي الْأَجْرِ سَوَاءٌ» [رواه الترمذي: 2325].


وَإِنْ كَانَ أخوك تفوق عليك في فضيلة دُنْيَوِيَّةً، فَلَا خَيْرَ فِي تَمَنِّيهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ﴾ [القصص: 79-80].

 

أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا.. استشعر أنك عضو في المجتمع، نفعُه نفع لنفسك، وضَرُّه إضرار بها، فإذا أحسست هذا الإحساس الصادق، وانطبع في نفسك؛ رأيت غيرَك كنفسك، بل رأيته نفسَك، فأحببت له مثلَ ما تحب لنفسك، وهذه صدقة معنوية نفسية، ومبادئ إنسانية سامية، تربط المجتمع بالحب والتعاون والإخاء والمودة، والوحدة والترابط، بين الضعيف والقوي، والقادر والعاجز، والبصير والأعمى، والسميع والأصم، والخبير وقليل الخبرة، مثلهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا.

 

وهَذَا كُلُّهُ إِنَّمَا يَأْتِي مِنْ كَمَالِ سَلَامَةِ الصَّدْرِ مِنَ الْغِلِّ وَالْغِشِّ وَالْحَسَدِ، فَإِنَّ الْحَاسِد يكره أَنْ يَفُوقَهُ أَحَدٌ فِي خَيْرٍ، أَوْ يُسَاوِيَهُ فِيهِ، لِأَنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يَمْتَازَ عَلَى النَّاسِ بِفَضَائِلِهِ، وَيَنْفَرِدَ بِهَا عَنْهُمْ، وَالْإِيمَانُ يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنْ يُشْرِكَهُ الْمُؤْمِنُونَ كُلُّهُمْ فِيمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ الْخَيْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ.

 

إن الله تعالى يريد من العباد أن يكونوا كالنفس الواحدة، وأن يتحابوا ويريدَ كل واحد للآخر الخير الديني والدنيوي، فكيف إيمان من كان بخلاف ذلك؛ ممن يحب إنزال الشر بأخيه، ويحب نزع الخير منه، ويتشفى بما أصابه من البلاء؟ وكيف بمن يكون هو الذي ينزل بأخيه الشر ويباشره بالأذية؟؟

 

نسأل الله العافية..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شرح حديث اتق المحارم تكن أعبد الناس (1) (خطبة)
  • شرح حديث اتق المحارم تكن أعبد الناس (2) (خطبة)
  • شرح حديث اتق المحارم تكن أعبد الناس (4) (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • العناية بشروح كتب الحديث والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اتق المحارم تكن أعبد الناس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بـ (اتق المحارم تكن أعبد الناس)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إن لم تكن قادرا فلا تكن عاجزا(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • شرح حديث: لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عناية العلماء بالعقيدة الواسطية(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح كتاب الأذان (الشرح الصوتي)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • التمهيد شرح مختصر الأصول من علم الأصول (الشرح الصوتي)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • إتحاف العباد بشرح كتاب الزاد: شرح كتاب الصلاة إلى باب الأذان والإقامة من زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • اللباب في شرح الكتاب شرح لمختصر القدوري في الفقه الحنفي(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب