• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

أعمال وطاعات وعقوبات وجزاءات (خطبة)

أعمال وطاعات وعقوبات وجزاءات (خطبة)
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/7/2019 ميلادي - 12/11/1440 هجري

الزيارات: 11214

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أعمال وطاعات وعقوبات وجزاءات

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:

 

فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار، أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

 

إخواني في دين الله، ماذا سيحدث إذا حدث كما قال الله: ﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ* وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ * وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ﴾ [التكوير: 1- 13]، ماذا سيحدث؟ ﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ ﴾ [التكوير: 14].

 

فماذا أحضرت هذه النفس؟ سيرى الناس مشاهدَ وأشياءَ أخبرنا عنها النبي صلى الله عليه وسلم، من ذلك الذي سيكون يوم القيامة يوم الحشر - أناس قد مُسخوا على صورة قردة وخنازير، ومن تلبس ثيابًا من قطران، ودروعًا من جَرَب، وهناك سنرى المحبوسين على باب الجنة، وسنشاهد حيواناتٍ وقططًا تنهش بعض الناس، فمن هم هؤلاء؟ فالممسوخون قردةً وخنازير هم مَن ذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أَبو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ؛ أي: جبل، يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ"؛ أي: أغنام لهم، يَأْتِيهِمْ - يَعْنِي الفَقِيرَ - لِحَاجَةٍ، فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا، فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ، وَيَضَعُ العَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ"؛ (خ) (5590). يستحلون الحر والحرير: يستحلون الزنا والعياذ بالله، وتستحل رجال أمتي في آخر الزمان لبس الحرير والذهب. والْحِر الْمُرَادُ بِهِ الزِّنَا.

 

وكذلك يستحلون (المعازف): آلات الطرب واللهو؛ فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "لَيَبِيتَنَّ أَقْوَامٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى أَكْلٍ وَلَهْوٍ وَلَعِبٍ، ثُمَّ لَيُصْبِحُنَّ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ"؛ (طب) (7997)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (5354)، والصَّحِيحَة: (1604)، وفي رواية وذلك: "بِشُرْبِهِمُ الْخَمْرَ، وَأَكْلِهِمُ الرِّبَا، وَلُبْسِهِمُ الْحَرِيرَ، وَاتِّخَاذِهِمُ الْقَيْنَاتِ، وَقَطِيعَتِهِمُ الرَّحِمَ"؛ (ك) (8572)، وصححه الألباني في كتاب: تحريم آلات الطرب، (ص: 67).

 

إن اللهو المحرمَ، وشربَ الخمور والمسكرات والمخدرات، والزنا ولبس الرجال للحرير، والاستماع للمغنيات وآلات الطرب، وقطيعة الأرحام، وحرمان الفقراء من حقوقهم من الصدقات والزكوات - من أسباب المسخ.

 

وهناك من اغتصب أرض غيرِه، وعلى قدر ما اغتصب يطوق من الأرض إلى سبع أرَضين؛ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَعْظَمُ الْغُلُولِ عِنْدَ اللهِ ذِرَاعٌ مِنْ الْأَرْضِ، تَجِدُونَ الرَّجُلَيْنِ جَارَيْنِ فِي الْأَرْضِ أَوْ فِي الدَّارِ، فَيَقْتَطِعُ أَحَدُهُمَا مِنْ حَظِّ صَاحِبِهِ ذِرَاعًا"؛ (حم) (17832)، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ: (1869)، وقال الأرنؤوط: إسناده حسن، وفي رواية: "فَيَسْرِقُ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ ذِرَاعًا"؛ (حم) (22965)، وقال الأرنؤوط: إسناده حسن في المتابعات والشواهد.

 

"فَإِذَا اقْتَطَعَهُ؛ طُوِّقَهُ - الذراع هذا نصف متر، لكن يقتطع إلى الأرض السابعة - مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"؛ (حم) (17832).

 

هذا فيمن ظلم جاره أو غيره، ولو بمقدار شبر أو ذراع، يطوقه من سبع أرضين، فكيف بمن ظلم فاستولى على أراض كثيرة لـغيره بغير حقٍّ؟!

 

وأما النساء اللاتي يلبسن ثيابًا من قطران ودروعًا من جَرَب - والعياذ بالله - فهنَّ النائحات والنوَّاحات، فقد ثبت في الحديث الصحيح أن "النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا، تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ، وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ"؛ (م) 29- (934).

 

♦ السِرْبَال: الْقَمِيص: ثياب تقطَّع لها مما تدهن به الإبل من قطران، ثوب تلبسه فإذا مسَّته النار كيف يكون حالها؟ وفوق هذا درع لها وقميص من جرب، والعياذ بالله.

 

والدرع: قميص النساء؛ أَيْ: يصير جلدها أجرب، حتى يكون جلدها كقميصٍ على أعضائها، والقطران: دُهنٌ يُدهَنُ به الجمل الأجرب، فيحترق لحدته وحرارته، فيشتمل على لذع القطران وحرقته، وإسراع النار في الجلد، واللون الوحش، ونتن الريح جزاءً وفاقًا، فيض القدير (6/ 381).

 

فالنياحة على الميت فيها تسخُّط على قدر الله، وعدم رضا بقضائه، فحُقَّ لمن قامت به أن يلبسها الله ثياب القطران ودروع الجرب، عافانا الله وإياكم وسائر نساء المسلمين من ذلك.

 

أما المحبوسون على باب الجنة - وهم أنواع - فهم من ماتوا وعليهم ديون لم يقوموا بسدادها؛ فـعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ؛ أي: انتهى من صلاة الصبح، والتفت خلفه، فَقَالَ: "هَا هُنَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ؟، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَ: هَا هُنَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ؟ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَ: هَا هُنَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ؟ فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُجِيبَنِي فِي الْمَرَّتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ؟! أَمَا إِنِّي لَمْ أُنَوِّهْ بِكُمْ إِلَّا خَيْرًا؛ إِنَّ صَاحِبَكُمْ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ مَاتَ مُحْتَبَسٌ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ - وهو من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين - قَالَ سَمُرَةُ رضي الله عنه: لَقَدْ رَأَيْتُ أَهْلَهُ وَمَنْ يَتَحَزَّنُ لَهُ قَضَوْا عَنْه، حَتَّى مَا بَقِيَ أَحَدٌ يَطْلُبُهُ بِشَيْءٍ"؛ الحديث بزوائده: (حم) (20136)، وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح، (د) (3341)، (س) (4685)، (حم) (20244)، وقال الأرنؤوط: إسناده حسن؛ (عب) (15263)، (ك) (2214).

 

وممن يحبس على باب الجنة أصحاب الغنى والثراء والوجاهة، فـهذه تؤخرهم المحاسبةُ على أموالهم ووجاهتهم التي هم فيها، والتي لا تنفع الناس يحاسب عليها، ويوم القيامة سيحاسب على المال على كل درهم، سؤالان: من أين اكتسبته؟ وفيم أنفقته؟ فتؤخرهم المحاسبة على أموالهم ووجاهتهم عن دخول الجنة، فيسبقهم الفقراء ويسبقهم المساكين؛ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَكَانَ عَامَّةَ مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينُ، وَأَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ، غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، وَقُمْتُ عَلَى بَابِ النَّارِ، فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ"؛ (خ) (4900)، (م) 93- (2736)، (حم) (21874).

 

(وَأَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ): الْمُرَاد بِهِم أَصْحَابُ الْبَخْتِ وَالْحَظِّ فِي الدُّنْيَا، وَالْغِنَى وَالْوَجَاهَة بِهَا، وَقِيلَ: الْمُرَاد: أَصْحَاب المسؤوليات، وَمَعْنَاهُ: مَحْبُوسُونَ لِلْحِسَابِ، وَيَسْبِقهُمْ الْفُقَرَاء بِخَمْسِمِائَةِ عَام؛ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث.

 

"غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ"؛ أَيْ: مَنْ اِسْتَحَقَّ مِنْ أَهْل الْغِنَى النَّار بِكُفْرِهِ أَوْ استحق النار بـمَعَاصِيه، فَقَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ؛ شرح النووي (9/ 103). فلم تنفعهم أموالهم ولا وجاهتهم ومكانتُهم بين الناس، فيحبسون للحساب على ما أنعم به الله به عليهم، أما الحيواناتُ والقططُ التي تنهش بعض الناس، فهم من آذوا الحيوانات أو حبسوها، أو منعوا عنها الطعام والشراب أو عذبوها، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "عُرِضَتْ عَلَيَّ جَهَنَّمُ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَرَأَيْتُ فِيهَا امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ تُعَذَّبُ فِي هِرَّةٍ؛ - أي: في قطة - لَهَا، فلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا، وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأكُلُ مِنْ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ، حَتَّى مَاتَتْ مِنْ الْجُوعِ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، فَهِيَ -أي: المرأة - إذَا أَقْبَلَتْ تَنْهَشُهَا - أي: من مقدمها - وَإذَا أَدْبَرَتْ تَنْهَشُهَا - أي: من مؤخرتها- وَغُفِرَ لِرَجُلٍ نَحَّى غُصْنَ شَوْكٍ عَن الطَّرِيقِ"؛ الحديث بزوائده: (م) (904)، (خ) (1154)، (م) 135- (2619)، (خ) (2236)، (م) 152- (2243)، (حم) (7834)، (خ) (3140)، (جة) (4256)، (حم) (7834)، وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح، (م) 151- (2242)، (حب) (5622)، (خ) (712)، صَحِيح التَّرْغِيبِ تحت حديث: (2274)، (حم) (7834).

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمة مهداة، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

فهذه صورٌ ونتائجُ لأعمال قد حدثت في الدنيا، ففيها التحذير قبل الممات، وقبل العرض على رب الأرض والسماوات، أن نحذر من هذه الأعمال، أما ما يشوِّق ويدفع الإنسان إلى الأعمال هي الطاعات والعبادات التي ترضي الرحمن سبحانه، لذلك فهناك أناسٌ يوم القيامة سنراهم في الحشر تشخب من جروحهم سوائلُ حمراء كالدم ولون الزعفران، لكن تفوح منه رائحة الطيب والمسك، وسنرى بعضَ الناس وقد وكَّل اللهُ به ملكًا يحمي لحمه من النار، وسنشاهد أطفالًا على باب الجنة، ماذا ينتظرون؟ وسنرى من يرافق النبي صلى الله عليه وسلم في دخول الجنة، وسنرى من قد أظله الله في ظل عرشه، وسنرى وسنرى، ولكن نختصر في خطبتنا هذه، فمن هم هؤلاء؟ ما هي أعمالهم؟


أما الذين تشخب من جروحهم سوائلُ حمراء كالدم ولون الزعفران، لكن تفوح منه رائحة الطيب والمسك - فإنهم الشهداء في سبيل الله ومَن جرحوا في المعارك، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ كَلْمٍ - والكلم معناه الجُرح - يُكْلَمُهُ المُسْلِمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَكُونُ يَوْمَ القِيَامَةِ كَهَيْئَتِهَا - الجرح هو هو - إِذْ طُعِنَتْ، تَفَجَّرُ دَمًا، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالعَرْفُ عَرْفُ المِسْكِ»؛ (خ) (237)، (م) (1876)، العَرف؛ أي: رائحة المسك.

 

وَأيضًا عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ جُرِحَ جُرْحًا فِي سَبِيلِ اللهِ، أَوْ نُكِبَ نَكْبَةً - الْجُرْحُ: مَا يَكُونُ مِنْ فِعْلِ الْكُفَّارِ، وَالنَّكْبَةِ: الْجِرَاحَةُ الَّتِي أَصَابَتْهُ مِنْ وُقُوعِهِ مِنْ دَابَّتِهِ أَوْ - تعثره أو ما أشبه ذلك، أو وُقُوعِ سِلَاحٍ عَلَيْهِ، وَالنَّكْبَةُ: مَا يُصِيبُ الْإِنْسَانَ مِنْ الْحَوَادِثِ؛ تحفة الأحوذي (4/ 333).

 

"فَإِنَّهَا" - هذه النكبة - تَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَغْزَرِ مَا كَانَتْ، لَوْنُهَا كَالزَّعْفَرَانِ، وَرِيحُهَا كَالْمِسْكِ، وَمَنْ جُرِحَ جُرْحًا فِي سَبِيلِ اللهِ، فَعَلَيْهِ طَابَعُ الشُّهَدَاءِ"؛ (س) (3141)، (ت) (1657)، (د) (2541)، (حم) (22067)، و(الطَّابَع): الْخَاتَم الذي يُخْتَم بِهِ عَلَى الشَّيْء، يَعْنِي عَلَيْهِ عَلَامَة الشُّهَدَاء وَأَمَارَاتهمْ؛ عون المعبود (5/ 439).

 

أمّا من وكَّلَ اللهُ به ملكًا يحمي لحمه من النار، ويدافع عنه، فهم من يدافع عن أخيه المؤمن بظهر الغيب، فعَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَمَى مُؤْمِنًا مِنْ مُنَافِقٍ يَعِيبُهُ، بَعَثَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَكًا يَحْمِي لَحْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ"؛ (حم) (15687)، (د) (4883)، انظر المشكاة (4986/ التحقيق الثاني).

 

وأما الأطفال الذين على باب الجنة، فهم الذين ماتوا في الصغر ينتظرون والديهم ليشفعوا لهم؛ ليدخلوهم الجنة، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أم المؤمنين رضي الله عنها قَالَتْ: (كُنَّا فِي بَيْتِ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَمُوتُ لَهُمَا ثَلَاثةُ أَطْفَالٍ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ، إِلَّا جِيءَ بِهِمْ حَتَّى يُوقَفُوا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُمُ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ، فَيَقُولُونَ: أَنَدْخُلُ وَلَمْ يَدْخُلْ أَبَوَانَا؟! فَيُقَالُ لَهُمْ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ وَأَبَوَاكُمْ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عز وجل: ﴿ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ﴾ [المدثر: 48]، قَالَ: نَفَعَتِ الْآبَاءَ شَفَاعَةُ أَوْلَادِهِمْ) (مسند إسحاق بن راهويه) (ج4 ص230 ح2)، انظر الصَّحِيحَة: (3416).

 

أما من يرافق النبي صلى الله عليه وسلم في دخول الجنة، فهو من يعول بنات أو أخوات، أو عمات أو خالات، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا، دَخَلْتُ أَنَا وَهُوَ الْجَنَّةَ كَهَاتَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى"؛ الحديث بزوائده: (م) 149- (2631)، (ت) (1914)، (خد) (894)، (حم) (12520)، انظر الصَّحِيحَة: (296)، (297).

 

هذا فيمن عال ابنتين أو أختين أو قريبتين، وكذا من عال يتيمًا له أو لغيره، فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ؛ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَلِيلًا"؛ الحديث بزوائده: (م) 42- (2983)، (ت) (1918)، (خ) (5659)، (د) (5150)، (حم) (22871)، الصحيحة: (800)، وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح.

 

أما من قد أظلَّه الله في ظل عرشه، فهو من ينظر المعسرين في الديون، أو يعفو عنهم ويسامحهم في بعض دَينه، هذا يظله الله في عرشه يوم القيامة؛ فقد ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا - يعني صبر على الإنسان المديون قليل المال الفقير الذي ما عنده ليسد الدين، أَجَّلَه أَوْ وَضَعَ لَهُ - نصف المبلغ أو أكثر أو أقل - أَظَلَّهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ"؛ (ت) (1306)، (حم) (8696)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (6106)، صَحِيح التَّرْغِيبِ: (909).

 

والـمُعْسِر: المحتاج، وقليل المال، والعاجز عن أداء دينه، وَكذا يظل الله في ظله المتحابين فيه، نسأل الله أن نكون نحن الذين في هذا المسجد وفي غيره من المتحابين في الله ولله.

 

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ عز وجل يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي؟! الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي"؛ (م) 37- (2566)، (حم) (7230)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (1915)، صَحِيح التَّرْغِيبِ: (3011).

 

وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ للهِ جُلَسَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ - وَكِلْتَا يَدَيِ اللهِ يَمِينٌ - عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، وُجُوهُهُمْ مِنْ نُورٍ، لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ، وَلَا شُهَدَاءَ، وَلَا صِدِّيقِينَ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ هُمْ؟! قَالَ: الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِ اللهِ تَعَالَى"؛ (طب) (12686)، صَحِيح الْجَامِع: (4312)، صَحِيح التَّرْغِيبِ: (3022).

 

فلنصل ولنسلِّم على رسول الله، المبعوث رحمة مهداة الذي ما ترك بابًا من أبواب الخير إلا ودلَّنا عليه، وما ترك بابًا من أبواب الشر إلا وحذَّرنا منه.

 

اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى الدين، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، يا رب العالمين.

 

اللهم لا تدَع لنا في مقامنا هذا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا دينًا إلا قضيته، ولا مريضًا إلا شفيتَه، ولا مبتلًى إلا عافيته، ولا غائبًا إلا رددتَه إلى أهله سالِمًا غانمًا يا رب العالمين، اللهم اقضِ الدَّين عن المدينين، ونفِّس كرب المكروبين، وفرِّج همَّ المهمومين برحمتك يا أرحم الراحمين، ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • في عقوبات المعاصي والبعد عن الله
  • العقوبات وأثرها على الفرد والمجتمع
  • شهر الطاعات وبعض أسراره (خطبة)
  • التنافس في الطاعات (خطبة)
  • أسباب دفع العقوبات
  • الزجر والردع في العقوبات الشرعية
  • الفتور بعد مواسم الطاعات

مختارات من الشبكة

  • نيات خالصات بلا أعمال خير من أعمال بلا نيات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعمال العمرة وأعمال الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السرية في العمل(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • العمل الصالح وثمراته في الدنيا والآخرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القلب والجوارح .. علاقة متبادلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعمال العشر الأواخر من رمضان وأسرار الاعتكاف (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • أعمال القلوب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعمال يسيرة وأجور وفيرة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعمال يسيرة أجورها كبيرة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعمال الأتقياء والأشقياء في يوم عاشوراء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/11/1446هـ - الساعة: 13:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب