• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أفشوا السلام
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    السهر وإضعاف العبودية لله (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطورة إنكار البعث (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    مسألة تلبس الجان بالإنسان
    إبراهيم الدميجي
  •  
    خطبة: المثلية والشذوذ عند الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    المعتزلة الجدد وتأويل النص القرآني
    د. محمد عبدالفتاح عمار
  •  
    من مائدة الحديث: التحذير من الإضرار بالمسلمين
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    صلوا عليه وسلموا تسليما
    بكر البعداني
  •  
    بشارة القرآن لأهل التوحيد (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حقوق اليتيم (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    الحافظ الدارقطني (ت 385 هـ) وكتاباه «الإلزامات» ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    حديث: أن رجلا ظاهر من امرأته، ثم وقع عليها
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    السنة النبوية وبناء الأمن النفسي: رؤية سيكولوجية ...
    د. حسام الدين السامرائي
  •  
    خطبة: الشهود يوم القيامة
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    كيف تترك التدخين؟
    حمد بن بكر العليان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

أحكام الشتاء (خطبة)

أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/12/2016 ميلادي - 27/3/1438 هجري

الزيارات: 77057

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أحكام الشتاء


إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... اتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَرَاقِبُوهُ فَإِنَّ تَقْوَاهُ أَفْضَلُ مُكْتَسَبٍ وَطَاعَتُهُ أَعْلَى نَسَبٍ، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]... ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]... ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

اعْلَمُوا - حَفِظَكُمُ اللهُ - أَنَّ لِلشِّتَاءِ أَحْكَامًا شَرْعِيَّةً وَآدابًا نَبَوِيَّةً، وَسُنَنًا مَرْعِيَّةً يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَتَحَرَّاهَا لِتَكْتَمِلَ عِبَادَتُهُ وَيَتِمَّ لَهُ أَجْرُهُ وَثَوَابُهُ، وَيَقْتَدِي بِسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

فَمِمَّا يَجِبُ أنْ يَعْتَنِي بِهِ الْمُسْلِمُ فِي الشِّتَاءِ: إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ وَإتْمَامُهُ، فَلَا يُعَجِّلُهُ الشُّعُورُ بِالْبَرْدِ عَنْ إِكْمَالِ الْوُضُوءِ لِأَعْضَائِهِ وَإتْمَامِهِ، بَلْ إِنَّ ذَلِكَ الْإتْمَامَ وَالْإِسْبَاغَ وَقْتُ الْمَكَارِهِ هُوَ مِمَّا يُكَفِّرُ اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَمْحُو بِهِ الزَّلَّاتِ، وَالْمَكَارِهُ قَدْ تَكُونُ بِشِدَّةِ الْبَرْدِ أَوِ الْحَرِّ أَوْ الْأَلَمِ، فَيَحْتَسِبُ الْمُسْلِمُ تِلْكَ الشِّدَّةِ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ بِأَنَّهَا مِنْ مُكَفِّرَاتِ الْخَطَايَا وَرَافِعَاتِ الدَّرَجَاتِ؛ يَقُولُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلامُ: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَإِذَا اسْتَحْضَرَ الْمُؤْمِنُ أَيْضًا أَنَّ الْمَلأَ الْأَعْلَى فِي السَّمَاءِ يَخْتَصِمُونَ فِي إِسْبَاغِهِ الْوُضُوءَ عَلَى الْمَكَارِهِ - كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَعَلِمَ قِيمَةَ إِسْبَاغِهِ فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ، وَوَدَّ لَوْ تَوَضَّأَ لِكُلِّ حَدَثٍ؛ تَحْصِيلاً لِفَضْلِ إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ فِي الشِّتَاءِ.

 

وَمِمَّا يَجْدُرَ لَفْتُ النَّظَرِ إِلَيْهِ: الْحَذَرُ مِنْ تَرْكَ غَسْلِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ كَتَرْكِ بَعْضِ الْوَجْهِ أَوِ الْكَعْبَيْنِ، أَوِ الْمِرْفَقَيْنِ لا سِيَّمَا مَعَ كَثْرَةِ اللِّبَاسِ عَلَيْهِمَا، وَمشَقَّةِ حَسْرِ الْأَكْمَامِ عَنْهُمَا، بَلْ لَا بُدَّ مِنِ اسْتِيعَابِ الْأَعْضَاءِ بِالْغَسْلِ، فَإِنَّ تَرْكَ ذَلِكَ مُتَوَعَّدٌ عَلَيْهِ بِالنَّارِ؛ فَلَقَدْ حَذَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ.. وَمِمَّا يَحْتَاجُهُ الْمُؤْمِنُ كَثِيرًا فِي الشِّتَاءِ وَغَيْرِهِ كَذَلِكَ: الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَمِنْ تَيْسِيرِ اللهِ عَلَيْنَا فِي هَذَا الدِّينِ الْعَظِيمِ أَنْ أَجَازَ لِعِبَادِهِ عَدَدًا مِنَ الرُّخَصِ يَتَرَخَّصُونَ بِهَا، وَمِنْ أَهَمِّهَا: الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ بَدَلاً مِنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَيَلْزَمُ الْإِنْسانَ عِنْدَ لِبْسِ الْخُفَّيْنِ أو الْجَوَارِبِ سَوَاءٌ مِنْ جِلْدٍ أَوْ قُمَاشٍ أَنْ يَكُونُ عَلَى طَهَارَةٍ؛ فَإِذَا مَسَحَ عَلَيْهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ بَدَأَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي مَسَحَ فِيهِ، لِيَسْتَمِرَّ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُقِيمُ فِي الْمَسْحِ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَلْبَسَهُمَا فِي الصَّبَاحِ وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ، فَإِذَا جَاءَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَمَسَحَ عَلَيْهِمَا بَدَأَ وَقْتُ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا مِنْ أَوَّلَ مَسْحَةٍ، فَيَسْتَمِرُّ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا وَقْتَ الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ فَإِذَا جَاءَ الظُّهْرُ مِنَ الْغَدِ وَجَبَ عَلَيْهِ عِنْدَ إِرَادَةِ الْوُضُوءِ خَلْعُهُمَا وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ لَبِسَهُمَا وَأَعَادَ مَا فَعَلَ بِالْأَمْسِ، وَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَيَفْعَلُ ذَلِكَ لَكِنْ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ بِلَيَالِيهِنَّ. وَإِذَا كَانَتِ الْجَوَارِبُ مُخَرَّقَةً أَوْ فِيهَا شُقُوقٌ غَيْرُ فَاحِشَةً - بِحَيْثُ لَا تَخْرُجُ عَنْ مُسَمَّى الْجَوَارِبِ - فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا؛ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْخَفِيفِ مِنَ الْجَوَارِبِ.

 

وكَيْفِيَّةُ الْمَسْحِ أَنْ يَبُلَّ الْمُتَوَضِّئُ يَدَيْهِ بِالْمَاءِ ثُمَّ يُمِرَّهُمَا مِنْ عِنْدِ أَصَابِعِ الرِّجْلِ إِلَى السَّاقِ فَقَطْ، وَيَكُونُ الْمَسْحُ بِالْيَدَيْنِ جَمِيعًا عَلَى الرِّجْلَيْنِ جَمِيعًا، فالْيَدُ الْيُمْنَى تَمْسَحُ الرِّجْلَ الْيُمْنَى، وَالْيَدُ الْيُسْرَى تَمْسَحُ الرِّجْلَ الْيُسْرَى فِي نَفْسِ اللَّحْظَةِ، كَمَا تُمْسَحُ الْأُذْنَانِ، وَلَوْ مَسَح الْيُمْنَى ثُمَّ الْيُسْرَى، أَوْ مَسَحَ كِلَيْهِمَا بِيَدِهِ الْيُمْنَى أَوْ بِالْيُسْرَى فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185]، وَمَنْ تَمَّتْ مُدَّتُهُ فَنَسِيَ وَمَسَحَ بَعْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الصَّلاَةَ الَّتِي صَلَّاهَا بِذَلِكَ الْمَسْحِ.

 

وَمِمَّا يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ أَيْضًا هُوَ أَنْ لَا تَطُولَ مُدَّةُ لُبْسِ الْجَوْرَبِ عَلَى الْإِنْسَانِ؛ حَتَّى لَا يُؤْذِي الْمُصَلِّينِ بِرَائِحَتِهِ الْكَرِيهَةِ.

وَإِذَا مَسَحَ وَهُوَ مُقِيمٌ ثُمَّ سَافَرَ فَإِنَّهُ يُتِمُّ مَسْحَ مُسَافِرٍ، وَإِذَا كَانَ مُسَافِرًا ثُمَّ أَقَامَ فَإِنَّهُ يُتِمُّ مَسْحَ مُقِيمٍ. وَإِنْ شَكَّ فِي ابْتِداءِ الْمَسْحِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ وَهُوَ الْأَقَلُّ، فَلَوْ نَسِيَ هَلِ ابْتَدَأَ بِالْمَسْحِ مِنَ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ؟ فَإِنَّهُ يَحْسِبُ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ بِنَاءً عَلَى الْأَقَلِّ.

 

وَاعْلَمُوا - عِبَادَ اللَّهِ - أَنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْجَوْرَبَيْنِ رُخْصَةٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى لَا تَخْتَصُّ بِفَصْلٍ دُونَ فَصْلٍ أَوْ مَنَاخٍ دُونَ مَنَاخٍ، فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ هَذِهِ الرُّخَصِ لِمَنْ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ مُطْلَقًا سَواءٌ كَانَ الْجَوُّ حَارًّا أَوْ بَارِدًا، صَيْفًا أَوْ شِتَاءً، رِجَالًا أوْ نِسَاءً.

 

وَمِنْ رَحْمَةِ اللهِ بِالْعَبْدِ أَيْضًا أَنَّ مَنْ كُسِرَ عَظْمُهُ أُوْ جُرِحَ جَسَدُهُ فَاحْتَاجَ إِلَى رَبْطِهِ أَوْ لَصْقِهِ بِشَيْءٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِي وَضْعِ هَذَا الشَيْءِ والْمَسَحِ عَلَيْهِ بَدَلًا عَنْ غَسْلِ الْعُضْوِ سَوَاءٌ فِي الْوُضُوءِ أوِ الْغُسْلِ حَتَّى يَبْرَأَ، تَيْسِيرًا مِنَ اللهِ، وَتَسْهِيلاً عَلَى عِبَادِهِ، وللهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

 

إِخْوَةَ الإِسْلَامِ... وَثَمَّ لَوْنٌ آخَرُ مِنْ أَلْوَانِ رَحْمَةِ اللهِ بِعِبَادِهِ، وَهُوَ مِمَّا أَكْرَمَ اللهُ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَخَصَّهَا بِهِ أَلَا وَهُوَ التَّيَمُّمُ؛ فَفِي شِدَّةِ الْبَرْدِ إِذَا تَعَذَّرَ الْوُضُوءُ، أَوِ الْغُسْلُ = جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ بِالتُّرَابِ. وَلَيْسَ التَّعَذُّرُ هُوَ فَقْدُ الْمَاءِ فَحَسْب، وَإِنَّمَا حَتَّى مَعَ وُجُودِهِ لَكِنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ كَمَا يَحْدُثُ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَا يُسَخِّنُ بِهِ الْمَاءُ فِي الْبَرْدِ الشَّدِيدِ، وَيَخْشَى الضَّرَرَ شِبْهَ الْمُحَقَّقِ عَلَى نَفْسِهِ فَلَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ حِينَئِذٍ لِلْحَرَجِ وهَذَا عِنْدَمَا يَكُونُ فِي الْأَمَاكِنِ الْمَكْشُوفَةِ فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ ولَا يَجِدُ مَكَانًا يُسَخِّنُ فِيهِ الْمَاءَ وَيَغْتَسِلُ فِيهِ، أَمَّا فِي الْبُيُوتِ فَإِنَّ تَسْخِينَ الْمَاءِ مُتَيَسِّرٌ فِي الْغَالِبِ فَلَا يَكُونُ لِلتَّيَمُّمِ سَبَبٌ صَحِيحٌ حِينَئِذٍ... وَصِفَةُ التَّيَمُّمِ أَنْ يَضْرِبَ كَفِيْهِ عَلَى الْأَرْضِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَمْسَحُ كُلَّ وَجْهِهِ ثُمَّ يَدَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً.

 

وَمِنَ الرُّخَصِ عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ - يَا عِبَادَ اللَّهِ - الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَمِنْ شُرُوطِ الْجَمْعِ فِي الْمَطَرِ أَنْ يَكُونَ الْمَطَرُ مُسْتَمِرًّا مِنِ انْتِهَاءِ الصَّلاَةِ الْأُولَى إِلَى بِدَايَةِ الصَّلاَةِ الثَّانِيَةِ، فَإِذَا كَانَ مُسْتَمِرًّا مِنْ نِهَايَةِ صَلاَةِ الظُّهْرِ إِلَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ بِالْعَصْرِ بَعْدَهَا فَإِنَّ الْجَمْعَ صَحِيحٌ، وَكَانَ مَطَرًا يَبُلُّ الْأرْضَ وَالثِّيابَ، أَيْ: أَنَّهُ لَيْسَ رَشًّا خَفِيفًا، يَشُقُّ مَعَهُ الْمَشْيُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِنَّ الْجَمْعَ حِينَئِذٍ رُخْصَةٌ، فَيُجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، دُونَ قَصْرٍ فِي الْبَلَدِ، وَإِنَّمَا جَمْعٌ فَقَطْ. وَإِذَا كَانَ الْإِنْسَانُ يُصَلِّى فِي بَيْتِهِ كَالْمَرْأَةِ وَالْمَرِيضِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّهُمْ لَا يَجْمَعُونَ مِنْ أَجْلِ الْمَطَرِ أَوْ مِنْ أَجْلِ الْبَرْدِ الَّذِي يُبِيحُ الْجَمْعَ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ إِنَّمَا يَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَالْمَشَقَّةِ فِي تَرْكِهِ، وَالْمَرْأَةُ لَا تَحْتَاجُ إِلَى أَنْ تَجْمَعَ مِنْ أَجْلِ الْمَطَرِ وَالْبَرْدِ لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا.

 

وَاعْلَمُوا - رَعَاكُمُ اللهُ - أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا كَانَ فِي سَيَّارَتِهِ وَهُوَ فِي طَرِيقٍ فَحَاصَرَتْهُ الْمِيَاهُ، وَلَمْ يَسْتَطِعِ النُّزُولَ لِلصَّلاَةِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُصَلِّي فِي سَيَّارَتِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمِيَاهَ وَالطِّينَ لَا تُمَكِّنُهُ مِنَ الصَّلاَةِ فِي الْأَرْضِ، وَأَمَّا الشَّيْءُ الْيَسِيرُ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْبَلَلِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْوُقُوفَ عَلَيهَا وَلَا الصَّلاَةَ.

 

وَكَذَا - أَيُّهَا الإِخْوَةُ - يُرَخَّصُ لِلْمُسْلِمِ فِي حَالِ الْبَرْدِ الشَّدِيدِ وَالرِّياحِ الْعَاتِيَةِ الشَّدِيدَةِ، وَالْأَعَاصِيرِ الْبَارِدَةِ إِذَا لَمْ يَقْوَى عَلَى الْخُرُوجِ لِصَلاَةِ الْجَمَاعَةِ - يُرَخَّصُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ، وَتَكُونُ هَذِهِ الْأَعْذَارُ حِينَئِذٍ مِنْ مُسْقِطَاتِ الْجَمَاعَةِ؛ فَقَدْ جَاءَ فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَذَّنَ بِالصَّلاَةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ، ثُمَّ قَالَ: أَلاَ صَلُّوا فِي الرِّحَالِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ المُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ ذَاتُ بَرْدٍ وَمَطَرٍ، يَقُولُ: «أَلاَ صَلُّوا فِي الرِّحَالِ».

 

وَمِنْ السُّنَّةِ التَّبْكِيرُ بِصَلاَةِ الظُّهْرِ عِنْدَ شِدَّةِ الْبَرْدِ، كَمَا يُسْتَحَبُّ الإِبْرَادُ بِهَا عِنْدَ شِدَّةِ الْحَرِّ قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ»، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ: "وَأَمَّا الْجُمُعَةُ فَالسُّنَّةُ أَنْ تُصَلَّى فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا فِي جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ".

 

عِبَادَ اللَّهِ... وَيُبَاحُ لِلْمُؤْمِنِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِبْسُ الْقُفَّازَيْنِ أَثْنَاءَ الصَّلاَةِ؛ إِذْ لَا مَانِعَ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ. خِلَافًا لِتَغْطِيَةِ الْوَجْهِ أَوْ بَعْضِهِ بِلِثَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي الصَّلاَةِ، إِلَّا إِنِ احْتَاجَ لَهُ الْمُصَلِّي لِاِتِّقَاءِ هَوَاءٍ بَارِدٍ كَمَا لَوْ صَلَّى فِي الْخَلاَءِ فَإِنَّهُ لَا كَرَاهَةَ وَجَازَ لَهُ ذَلِكَ.

 

نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَنَا الْفِقْهَ فِي دِينِهِ، وَأَنْ يُحْيِيَ قُلُوبَنَا بِذِكْرِهِ وَأَفْئِدَتَنَا بِمَعْرِفَتِهِ وَأَبْدَانَنَا بِطَاعَتِهِ، وَأَنْ يُغِيثَ نُفُوسَنَا بِالْيَقِينِ وَالْإِيمَانِ. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَظِيمِ الْإحْسَانِ، وَاسِعِ الْفَضْلِ وَالْجُودِ وَالْاِمْتِنَانِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أجْمَعِينَ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا... أَمَّا بَعْدُ:

إِنَّ مِمَّا تَقْتَضِيهِ الْمُنَاسَبَةُ - عِبَادَ اللَّهِ -: التَّنْبِيهُ إِلَى مَا يُوقِدُهُ النَّاسُ فِي الشِّتَاءِ مِنَ النِّيرَانِ، أَوِ الْمِدْفَأَةِ، أَوِ الْمَبْخَرَةِ، وَهَذَا عَامٌّ سَواءٌ أَكَانَ فِي الْبُيُوتِ أَوْ الْبَرِّيَّةِ، وَبِخَاصَّةٍ فِي الْخِيَامِ فَيَجِبُ تَوَخِّي الْحَذَرَ؛ فَقَدْ أَرْشَدَ نَبِيُّكُمْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى إِطْفَاءِ النَّارِ قَبْلَ النَّوْمِ؛ فَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَحُدِّثَ بِشَأْنِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ النَّارَ إِنَّمَا هِيَ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ»، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَمَا ذَلِكَ إلَّا لِمَا تُسَبِّبُهُ مِنَ الاحْتِرَاقِ أَوِ الاخْتِنَاقِ.

 

وَمِمَّا يُنَبَّهُ إِلَيْهِ أَيُّهَا الْكِرَامُ... أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تُسْتَقْبَلَ النَّارُ عِنْدَ الصَّلاَةِ، فَإِنَّ اسْتِقْبَالَ النَّارِ فِي الصَّلاَةِ مِنْ شَعَائِرِ الْمَجُوسِ، فَهُمْ يَعْبُدُونَ النَّارَ، فَلَا يَجْعَلُ الْمُسْلِمُ فِي قِبْلَتِهِ وَهُوَ يُصَلِّي نَارًا أَوْقَدَهَا.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... قَدْ يَخْفَى عَلَى الْإِنْسَانِ حُكْمٌ مِنَ الْأَحْكَامِ، أَوْ يَعْرِضُ لَهُ سُؤَالٌ أَوِ اسْتِفْتَاءٌ، فَعَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنْ يُسَارِعَ إِلَى أهْلِ الْعِلْمِ وَيَسْأَلَهُمْ عَمَّا أُشْكِلَ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، فَهَذَا دِينُنَا إِنْ تَعْلَّمْنَا أَحْكَامَهُ وَشَرَائِعَهُ سَعِدْنَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنْ أَهْمَلْنَاهُ وَغَفَلْنَا عَنْهُ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ كَرِيمٌ عَنَّا.

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ... اللهَ اللهَ فِي عِبَادَاتِكُمْ، فِي صَلَوَاتِكُمْ، فِي أَدَائِكُمْ لِهَذِهِ الْفَرِيضَةِ، فِي أَدَائِهَا لِتَكُونَ شَافِعَةً، لِتَكُونُ مُكَفِّرَةً، لِتَكُونُ مَقْبُولَةً عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى... صَلَّوْا وَسَلَّمُوا...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من أحكام الشتاء
  • أحكام الشتاء (1)
  • البرد والشتاء والمطر: حكم وأحكام وعبر
  • " أحكام الشتاء " يوم علمي بجامع موضي السديري بالرياض
  • موعظة الشتاء (خطبة)
  • الشتاء والبرد (خطبة)
  • الشتاء والنزهة (خطبة)
  • غنائم وكنوز الشتاء (خطبة)
  • مواعظ الشتاء (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة في فقه الجزية وأحكام أهل الذمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سؤال وجواب في أحكام الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أفشوا السلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السهر وإضعاف العبودية لله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطورة إنكار البعث (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: المثلية والشذوذ عند الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بشارة القرآن لأهل التوحيد (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: الشهود يوم القيامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: تهديد الآباء للأبناء بالعقاب(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- بارك الله فيكم
أبو عبد الرجمن سلطان - مصر 28/12/2016 05:32 PM

بارك الله فيكم ونفع بكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/1/1447هـ - الساعة: 1:0
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب