• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مختارات من كتاب الباعث الحثيث في مصطلح الحديث
    مجاهد أحمد قايد دومه
  •  
    خطبة بدع ومخالفات في المحرم
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الـعـفة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    ملاذ الضعفاء: حقيقة اللجوء (خطبة)
    محمد الوجيه
  •  
    حفظ اللسان وضوابط الكلام (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    بين "العلل الصغير" و"العلل الكبير" للإمام الترمذي
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    بيتان شعريان في الحث على طلب العلم
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    من قال إنك لا تكسب (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    تفسير: (قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    آداب حملة القرآن: أهميتها وجهود العلماء فيها
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    السماحة بركة والجشع محق (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإمام محمد بن إدريس الشافعي (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الله البصير (خطبة) - باللغة البنغالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    من ترك شيئا لله عوضه خيرا منه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    بيع وشراء رباع مكة ودورها
    محمد علي عباد حميسان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في محاسن الإسلام
علامة باركود

كلمات يحيى عليه السلام (خطبة)

كلمات يحيى عليه السلام (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/6/2019 ميلادي - 1/10/1440 هجري

الزيارات: 69461

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأحاديث الطوال (16)

كلمات يحيى عليه السلام

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَاب: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: فِي أَخْبَارِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ دُرُوسٌ لِلْمُتَعَلِّمِينَ، وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ، وَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَذَكِّرِينَ، وَتَثْبِيتٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [هُود: 120].

 

وَفِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ يَقْرَأُ الْمُؤْمِنُ قَصَصَ الْمُرْسَلِينَ، وَقَدْ قَصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا كَثِيرًا مِنْ أَخْبَارِهِمْ، وَجَمَعَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ جُمْلَةً كَبِيرَةً مِنْهَا فِي كِتَابٍ سَمَّاهُ: (أَحَادِيثَ الْأَنْبِيَاءِ)، كَمَا أَنَّ الْمُصَنِّفِينَ فِي الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ أَفْرَدُوا كُتُبًا وَأَبْوَابًا لِهَذَا النَّوْعِ مِنَ الْقَصَصِ.

 

وَمِنْ أَخْبَارِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ - مِمَّا قَصَّهُ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قِصَّةُ يَحْيَى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، الَّتِي رَوَاهَا الْحَارِثُ الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، أَنْ يَعْمَلَ بِهِنَّ، وَأَنْ يَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، وَكَادَ أَنْ يُبْطِئَ، فَقَالَ لَهُ عِيسَى: إِنَّكَ قَدْ أُمِرْتَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ تَعْمَلَ بِهِنَّ، وَتَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، فَإِمَّا أَنْ تُبَلِّغَهُنَّ، وَإِمَّا أَنْ أُبَلِّغَهُنَّ. فَقَالَ: يَا أَخِي، إِنِّي أَخْشَى إِنْ سَبَقْتَنِي أَنْ أُعَذَّبَ أَوْ يُخْسَفَ بِي. قَالَ: فَجَمَعَ يَحْيَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، حَتَّى امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ، فَقُعِدَ عَلَى الشُّرَفِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ، وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ. أَوَّلُهُنَّ: أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِوَرِقٍ أَوْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَعْمَلُ، وَيُؤَدِّي غَلَّتَهُ إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَأَيُّكُمْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ، وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ، فَاعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا. وَآمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا. وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ مَعَهُ صُرَّةٌ مِنْ مِسْكٍ فِي عِصَابَةٍ كُلُّهُمْ يَجِدُ رِيحَ الْمِسْكِ، وَإِنَّ خُلُوفَ فَمِ الصَّائِمِ عِنْدَ اللَّهِ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ. وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَشَدُّوا يَدَيْهِ إِلَى عُنُقِهِ، وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ، فَقَالَ: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَفْتَدِيَ نَفْسِي مِنْكُمْ؟ فَجَعَلَ يَفْتَدِي نَفْسَهُ مِنْهُمْ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ حَتَّى فَكَّ نَفْسَهُ. وَآمُرُكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَثِيرًا، وَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعًا فِي أَثَرِهِ، فَأَتَى حِصْنًا حَصِينًا، فَتَحَصَّنَ فِيهِ، وَإِنَّ الْعَبْدَ أَحْصَنُ مَا يَكُونُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِذَا كَانَ فِي ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ اللَّهُ أَمَرَنِي بِهِنَّ: بِالْجَمَاعَةِ، وَالسَّمْعِ، وَالطَّاعَةِ، وَالْهِجْرَةِ، وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْجَمَاعَةِ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ، وَمَنْ دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ، فَهُوَ مِنْ جُثَاءِ جَهَنَّمَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ صَامَ وَإِنْ صَلَّى؟ قَالَ: وَإِنْ صَامَ وَإِنْ صَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ، فَادْعُوا الْمُسْلِمِينَ بِأَسْمَائِهِمْ بِمَا سَمَّاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: الْمُسْلِمِينَ، الْمُؤْمِنِينَ، عِبَادَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.

 

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ الْعَظِيمِ: أَهَمِّيَّةُ الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَتَبْلِيغِ الدِّينِ، وَعَدَمِ التَّوَانِي فِي ذَلِكَ؛ فَإِنَّ عِيسَى حَثَّ يَحْيَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ أَنْ يُبَلِّغَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِتَبْلِيغِهِ فَبَلَّغَهُ. وَذَلِكَ أَنَّ الرُّسُلَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ يُسْأَلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنِ الْبَلَاغِ، كَمَا يُسْأَلُ أَقْوَامُهُمْ عَنِ الِاسْتِجَابَةِ ﴿ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 6].

 

وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا: خَوْفُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُبَلِّغَ كَلِمَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي أُمِرَ بِتَبْلِيغِهَا يَحْيَى خَافَ يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْعَذَابِ، فَبَلَّغَ أَوَامِرَ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى جُمْلَةً مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَهُ فِي وَصْفِهِمْ: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 90].

 

وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا: كَثْرَةُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِعِيسَى وَيَحْيَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى امْتَلَأَ بِهِمْ أَثْنَاءَ تَبْلِيغِ يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلَامُ رِسَالَةَ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حَتَّى رَقَوْا عَلَى الشُّرُفَاتِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الِاسْتِجَابَةُ لِدَعْوَةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَالِاسْتِمَاعُ إِلَيْهِمْ، لَوْلَا اجْتِيَالُ شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ الَّذِينَ يَصْرِفُونَهُمْ عَنْ دَعَوَاتِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَيُزَيِّنُونَ لَهُمْ سُوءَ أَعْمَالِهِمْ ﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 37]، ﴿ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾ [هُودٍ: 18- 19].

 

وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا: فَضِيلَةُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَنَّهُ كَانَ مَجْمَعَ الرُّسُلِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَتْبَاعِهِمْ، وَأَنَّ الْأَحَقَّ بِهِ أَهْلُ الْإِيمَانِ؛ لِأَنَّهُ بَيْتُ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِيهِ يُعْبَدُ سُبْحَانَهُ وَيُوَحَّدُ، فَلَا حَقَّ فِيهِ لِلْمُتَلَبِّسِينَ بِالشِّرْكِ، وَلَا لِلْمُغَيِّرِينَ دِينَ اللَّهِ تَعَالَى، وفِي آخِرِ الزَّمَانِ يَنْزِلُ فِي أَرْضِهِ المُبَارَكَةِ الْمَسِيحُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَحْكُمُ بِالْإِسْلَامِ؛ لِتَسُودَ شَرِيعَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْأَرْضِ كُلِّهَا، وَيُبَارَكَ لِأَهْلِهَا فِي خَيْرَاتِهَا؛ فَطُوبَى لِلْعَيْشِ آنَذَاكَ.

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 123].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: فِي كَلِمَاتِ يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّتِي بَلَّغَهَا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَمَرَهُمْ بِهَا أَنَّ أُصُولَ الدِّينِ وَاحِدَةٌ فِي مُخْتَلِفِ شَرَائِعِ النَّبِيِّينَ؛ فَأَمَرَ يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالتَّوْحِيدِ وَبِالصَّلَاةِ وَبِالزَّكَاةِ وَبِالصِّيَامِ وَبِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَنَهَى عَنِ الشِّرْكِ، وَضَرَبَ الْأَمْثَالَ عَلَى الْعِبَادَاتِ بِمَا يُبَيِّنُ نَفْعَهَا لِفَاعِلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَضَرَبَ لِلصَّائِمِ مَثَلًا بِحَامِلِ صُرَّةِ مِسْكٍ يَجِدُ النَّاسُ رِيحَهَا، وَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ حِينَ يَتَغَيَّرُ رِيحُهُ مِنَ الصِّيَامِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ.

 

وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا: أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسٍ، وَهَذَا مِنْ نُصْحِهِ لِأُمَّتِهِ، وَشَفَقَتِهِ عَلَيْهَا، وَرَحْمَتِهِ بِهَا، فَأَمَرَ: «بِالْجَمَاعَةِ، وَالسَّمْعِ، وَالطَّاعَةِ، وَالْهِجْرَةِ، وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» فَالْجَمَاعَةُ وَالسَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيهَا تَأْمِينُ الْجَبْهَةِ الدَّاخِلِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَعْدَاءَ لَا يَنَالُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا بِاخْتِلَافِهِمْ وَتَفَرُّقِ كَلِمَتِهِمْ ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 103]، ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 46]، وَأَعْظَمُ سَبَبٍ لِلتَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ تَفْرِقَةُ الدِّينِ وَتَجْزِئَتُهُ وَالِانْتِقَاءُ مِنْهُ حَسَبَ الْهَوَى، فَيَقَعُ الِاخْتِلَافُ بِسَبَبِ تَفْرِقَةِ الدِّينِ الْجَامِعِ، ثُمَّ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَجْتَمِعَ الْأَهْوَاءُ؛ وَلِذَا كَانَ أَهْلُ الْبِدَعِ أَشَدَّ النَّاسِ تَفَرُّقًا، وَكُلُّ فِرْقَةٍ بِدْعِيَّةٍ تَتَشَظَّى إِلَى فِرَقٍ كَثِيرَةٍ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا بِسَبَبِ رُكُوبِ الْأَهْوَاءِ، وَتَفْرِقَةِ الدِّينِ؛ وَلِذَا كَانَتْ وَصِيَّةُ أُولِي الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ﴿ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ﴾ [الشُّورَى: 13]، وَأَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ، وَهَذَا فِيهِ تَحْصِينُ الْجَبْهَةِ الْخَارِجِيَّةِ، وَحِمَايَةُ الثُّغُورِ، وَإِرْهَابُ الْأَعْدَاءِ.

 

وَحَذَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُفَارَقَةِ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ مُفَارَقَتَهُمْ سَبَبٌ لِلتَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ، كَمَا حَذَّرَ مِنْ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ، وَيَنْضَوِي تَحْتَهَا كُلُّ تَعَصُّبٍ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ التَّعَصُّبَ لِغَيْرِ الدِّينِ سَبَبٌ أَيْضًا لِلتَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ؛ مِمَّا يُضْعِفُ الْمُسْلِمِينَ، وَيُوهِنُ قُوَّتَهُمْ، وَيُذْهِبُ رِيحَهُمْ، وَيُطْمِعُ الْأَعْدَاءَ فِيهِمْ.

 

وَبِهَذَا نَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ الْوَصَايَا الْعَظِيمَةَ الَّتِي تَضَمَّنَهَا الْحَدِيثُ فِيهَا تَحْقِيقُ الْأَمْنِ لِلْأَفْرَادِ وَالْجَمَاعَةِ، وَفِيهَا حِفْظُ هَيْبَةِ الْمُسْلِمِينَ وَقُوَّتُهُمْ، وَفِي التَّخَلِّي عَنْهَا تَفَرُّقُهُمْ وَضَعْفُهُمْ وَهَوَانُهُمْ.

 

أَلَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ردوا علي قميص يحيى (قصيدة)
  • تفسير: (وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين)
  • تفسير: (فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات)

مختارات من الشبكة

  • كلمة في اجتماع الكلمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بشارة القرآن لأهل التوحيد (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: وحدة الكلمة واجتماع الصف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (26) «كل سلامى من الناس عليه صدقة» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: موسى عليه السلام وحياته لله عز وجل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفوائد العقدية في قصة نبي الله عيسى عليه السلام في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من الديون (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • طعام وشراب النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • خطبة: التوحيد عليه نحيا ونموت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رفقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/5/1447هـ - الساعة: 14:53
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب