• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد / في أسماء الله
علامة باركود

المسائل العقدية المتعلقة باسم الله الفتاح وآثار الإيمان به (خطبة)

المسائل العقدية المتعلقة باسم الله الفتاح وآثار الإيمان به (خطبة)
الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/2/2025 ميلادي - 5/8/1446 هجري

الزيارات: 1942

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المسائل العقدية المتعلقة باسم الله الفتاح وآثار الإيمان به

 

الحمدُ ‌للهِ ‌الفَتَّاحِ العليمِ، العزيزِ الحكيم، ذي الْمَنِّ والطَّوْلِ والقُدْرةِ والْحَوْلِ الذي لا مُمْسِكَ لِما فَتَحَ لأوليائهِ مِن رحمتهِ، ولا دافعَ لِما أَنزلَ بأعدائهِ مِن نقمتهِ، ولا رادَّ لأمرهِ في ذلكَ وقضائهِ، يفعلُ ما يَشَاءُ ويَحكُمُ ما يُريد، وأشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحده لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه الهادي إلى صراطهِ المستقيم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الناهجين منهجه القويم.

 

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وتَعَرَّفُوا عليه بأسمائهِ وصفاتهِ، قال سُبحانه: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 235]، قال الأصبهانيُّ: (قالَ بعضُ العلماءِ: أَوَّلُ فَرْضٍ فَرَضَهُ اللهُ تعالى على خَلْقِهِ مَعْرِفَتُهُ، فإذا عَرَفَهُ الناسُ عَبَدُوهُ، قالَ اللهُ تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [محمد: 19]، فيَنْبَغِي للمُسْلِمِينَ أنْ يَعْرِفُوا أَسْمَاءَ اللهِ وتَفْسِيرَها فَيُعَظِّمُوا اللهَ حَقَّ عَظَمَتِهِ) انتهى، فمِن أسمائهِ سُبحانه التي وَرَدت في كتابهِ: اسْمُه تعالى (الفتَّاح)، فما تعريفُه، وما أدلةُ ثُبوتِه، وأقسامُ فتحه، وكيفية التعبُّد له سبحانه باسمه الفتَّاح، ونماذج من الفتوحات الإلهية، وعن آثارِ الإيمان به.

 

عبد الله: وأما معنى اسم الله الفتاح في لغة العرب، قال ابن جرير: (أصلُ ‌الفتحِ في كلامِ العربِ النصرُ والقضاءُ والحُكْمُ) انتهى، وقال شعيبٌ عليه السلام: ﴿ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ﴾ [الأعراف: 89]، قال ابنُ جريرٍ: (‌أي: ‌احْكُمْ ‌بينَنا وبينَهم) انتهى.

 

وأمَّا معناه في الاصطلاح: قال الحَليميُّ: (الفَتَّاحُ: وهو الحاكمُ، أيْ يَفْتحُ ما انغلَقَ مِن عبادهِ، ويُميِّزُ الحقَّ مِن الباطل، ويُعلي الحقَّ ‌ويُخزي ‌الباطلَ) انتهى، و(قالَ الخَطَّابيُّ: ويكُونُ مَعنى الفَتَّاحُ أيضًا: الذي ‌يَفْتَحُ ‌أبوابَ ‌الرِّزْقِ والرَّحْمَةِ لِعِبَادِهِ، ويَفْتَحُ الْمُنْغَلِقَ عليهِمْ مِن أُمُورِهِم وأسبابهِمْ، ويَفْتَحُ قُلُوبَهُم وعُيُونَ بَصَائِرِهِم لِيُبْصِرُوا الحَقَّ، ويكُونُ الفاتِحُ أيضًا بِمعنى النَّاصِرِ، كقولهِ سُبحانهُ: ﴿ إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ ﴾ [الأنفال: 19]، قالَ أهلُ التفسيرِ: مَعناهُ إنْ تَسْتَنْصِرُوا فقدْ جَاءَكُمُ النَّصْرُ) انتهى.

 

وقال السعديُّ: («‌الفتَّاحُ» ‌الذي ‌يحكمُ بين عبادِه بأحكامِه الشرعيَّةِ، وأحكامِه القدريةِ، وأحكامِ الجزاءِ، الذي فَتَحَ بلُطْفِهِ بصائرَ الصادقِينَ، وفتحَ قلوبَهم لِمَعْرفتِه ومَحبتِه والإنابةِ إليه، وفتحَ لعبادِه أبوابَ الرحمةِ والأرزاقِ الْمُتنوعَةِ، وسَبَّبَ لَهُم الأسبابَ التي ينالُونَ بها خيرَ الدُّنيا والآخرةِ، ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ﴾ [فاطر: 2]) انتهى.

 

واسمُ اللهِ الفَتَّاح وَرَدَ إطلاقُه في القرآنِ الكريمِ في موضعٍ واحدٍ بصيغةِ الإفرادِ مُقترنًا باسمِ اللهِ العليمِ، قال تعالى: ﴿ قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ﴾ [سبأ: 26].


ووردَ بصيغة التفضيلِ ضِمن الأسماء الْمُضافة في موضعٍ واحدٍ، قال تعالى: ﴿ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ﴾ [الأعراف: 89].


ولم يَرِد في القرآنِ الكريمِ ولم يَثبُت في السُّنةِ أنَّ مِن أسماءِ اللهِ اسمُ الفاتح.

 

وينبغي لكَ أخي المسلم أن تُسمِّي أولادكَ بأسماءِ اللهِ تعبيدًا للهِ، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إلى اللهِ: عبدُ اللهِ وعبدُ الرَّحْمَنِ) رواه مسلمٌ، وقالَ ابنُ حزمٍ: (واتفَقُوا على ‌استحسانِ ‌الأسماءِ ‌الْمُضافةِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، كعبدِ الرَّحْمَنِ وما أشبهَ ذلكَ) انتهى.

 

ومما يجبُ الإيمانُ بهِ في توحيدِ الأسماءِ والصفاتِ أنَّ كُلَّ اسْمٍ للهِ يَتضَمَّنُ صفةً مِن صفاتهِ جلَّ وعلا، فاسمُه سبحانه العزيزُ يَدُلُّ على صِفةِ العِزَّة، واسمُه العليمُ يَدلُّ على صفةِ العِلْمِ، واسمُه الفَتَّاحُ يَدُلُّ على صِفَةِ الفتح، وهو مِن الصفاتِ الفعليةِ المتعلِّقةِ بمشيئتهِ جلَّ وعلا، قال سبحانهُ وبحمدِه: ﴿ قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ﴾ [سبأ: 26]، فَرَبُّنا سبحانه فَتَحَ لعبادِه كُلَّ ما يحتاجونهُ مِن أبواب الخيرِ والرِّزقِ والرحمةِ في الدُّنيا والآخرةِ، فتحًا لا يُساويهِ ولا يُماثلُه أحدٌ مِن خلقهِ، فتحًا بحكمه القَدَريِّ والشرعيِّ، وهذا كلُّه مِن آثارِ هذه الصفةِ الجليلةِ للهِ عزَّ وجلَّ، قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمه الله: (فأَسْمَاؤُهُ كُلُّها مُتَّفِقَةٌ في الدَّلالَةِ على نَفْسِهِ الْمُقَدَّسَةِ، ثُمَّ كُلُّ اسْمٍ يَدُلُّ على مَعْنىً مِنْ صِفَاتِهِ، ليسَ هو الْمَعنى الذي دَلَّ عليهِ الاسمُ الآخَرُ؛ فالعزِيزُ يَدُلُّ على نَفْسِهِ معَ عِزَّتِهِ، والخالِقُ يَدُلُّ على نَفْسِهِ معَ خَلْقِهِ، والرَّحِيمُ يَدُلُّ على نَفْسِهِ معَ رحْمَتِهِ، ونَفْسُهُ تَسْتَلْزِمُ جَمِيعَ صِفَاتِهِ، ‌فَصَارَ ‌كُلُّ ‌اسْمٍ ‌يَدُلُّ ‌على ‌ذاتِهِ والصِّفَةِ الْمُخْتَصَّةِ بهِ) انتهى.


عبدَ اللهِ: اعلم أن لفظة الفتح ورَدَت في القرآن في حقِّ اللهِ على أربعةِ أوجهٍ: (الوجه الأول: الفتح بمعنى القضاء، وذلك قوله: ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ﴾ [الفتح: 1].. الوجه الثاني: الفتح يعني الإرسال، وذلك قولُه في سورةِ الملائكةِ -فاطر- ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ ﴾ [فاطر: 2] يعني ما يُرسلُ اللهُ للناسِ مِن رزقٍ.. الوجه الثالث: الفتحُ بعينه الذي هو ضدُّ الإغلاقِ، وذلكَ قولُه في الزُّمَر: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ [الزمر: 73]، يعني الفتح بعينهِ.. الوجه الرابعُ: الفتحُ يعني النصر، وذلك كقوله في سورةِ المائدةِ: ﴿ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ ﴾ [المائدة: 52]، يعني بالنصرِ).


عبدَ اللهِ: ذكَرَ اللهُ أنَّ مفاتيحَ الخيرِ كلّها بيده سبحانه، قال جلَّ وعلا: ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [فاطر: 2]، ولا يُمكنُ لأحدٍ أنْ يجمع أو يَحْصُرَ فُتوحاتِ اللهِ، لأنَّ فتحَ الله لا يَعلمهُ إلا هو، ومن نماذج فتوحاتهِ: أولًا: فتحه بركاتِ السماءِ والأرضِ، ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96]، ثانيًا: فتحه سبحانه لبعض عباده الخيرَ قبلَ موتهِ، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أَرَادَ اللهُ بعَبْدٍ ‌خَيْرًا ‌اسْتَعْمَلَهُ، قيلَ: وما اسْتَعْمَلَهُ؟ قالَ: يُفْتَحُ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ بَيْنَ يَدَيْ مَوْتِهِ حَتَّى يَرْضَى عَنْهُ مَنْ حَوْلَهُ) رواه الإمام أحمد وصحَّحه محققو المسند، ثالثًا: فتحه سبحانه لعباده باب التوبة كل يوم، قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ ‌بالْمَغْرِبِ ‌بَابًا ‌مَفْتُوحًا للتَّوْبَةِ مَسِيرَتُهُ سَبْعُونَ سَنَةً لا يُغْلَقُ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا) رواه ابنُ خزيمة في صحيحه وحسَّنه الألباني، رابعًا: فتحه لنبيِّنا صلى الله عليه وسلم أنواع المحامد يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: (فأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ العَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي، ثُمَّ يَفْتَحُ اللهُ عَلَيَّ ‌ويُلْهِمُنِي ‌مِنْ ‌مَحَامِدِهِ وحُسْنِ الثَّناءِ عليهِ شَيئًا لَمْ يَفْتَحْهُ لأَحَدٍ قَبْلِي) الحديث رواه مسلم، خامسًا: فتحُه لأوليائهِ كفتحهِ لعليٍّ رضي الله عنه خيبر، قال صلى الله عليه وسلم: (لأُعْطِيَنَّ ‌الرَّايَةَ ‌غَدًَا رَجُلًا يَفْتَحُ اللهُ على يَدَيْهِ) الحديث رواه البخاري، سادسًا: فتحُ الاستدراجِ للعُصاة، بأن يَفتحَ اللهُ لهم أبواب النِّعَمِ وهُم في غيِّهم حتى يأخُذهُم على غِرَّةٍ وهم ساهُون، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا رَأَيْتَ اللهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنَ الدُّنْيَا ‌على ‌مَعَاصِيهِ ‌مَا ‌يُحِبُّ، فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ، ثُمَّ تَلا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [الأنعام: 44]) رواه الإمام أحمد وحسَّنه مُحقِّقو المسند، وإذا أردتَ يا عبدَ اللهِ أن يفتح الله لكَ أبوابَ الخيرِ فابتعد عن المعاصي، قال صلى الله عليه وسلم: (ما قَالَ عَبْدٌ: لا إِلَهَ إِلا اللهُ قَطُّ مُخْلِصًا، إِلا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، حَتَّى تُفْضِيَ إلى العَرْشِ، ‌مَا ‌اجْتَنَبَ ‌الكَبَائِرَ) رواه الترمذي وحسَّنه، وقال أبو حازمٍ: (إِذَا عَزَمَ الْعَبْدُ عَلَى تَرْكِ الآثَامِ ‌أَتَتْهُ ‌الْفُتُوحُ) رواه ابنُ أبي الدُّنيا في الإخلاصِ والنيَّة، وعليكَ عبدَ اللهِ أن تتحرَّى المواطِنَ التي كان نبيُّنا صلى الله عليه وسلم يدعو فيها بفتح أبواب الفضل والرحمة، ومنها: الدعاء عند الدخول والخروج من المسجد، (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إذا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ ‌فَلْيَقُلِ: ‌اللَّهُمَّ ‌افْتَحْ ‌لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وإذا خَرَجَ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ») رواه مسلم، وقال أبو بكر بن خزيمة: (كنتُ إذا أردتُ أنْ أُصنِّفَ الشيءَ ‌دخلتُ ‌الصلاةَ ‌مُستخيرًا حتى يُفتحَ لي فيها، ثمَّ أَبتدئُ التصنيف) انتهى، فتعبَّد يا عبدَ اللهِ بدُعاءِ اللهِ باسمِه الفتَّاح، قال ابنُ القيِّم: (وشَهِدْتُ شَيْخَ الإِسْلامِ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ إذا غشيتهُ الْمَسَائِلُ وَاسْتَعْصَتْ عليهِ فَرَّ مِنها إلى الاسْتِغْفَارِ والتَّوْبَةِ والاسْتِعانةِ باللهِ، واللَّجَأِ إليهِ، واسْتِنْزَالِ الصَّوَابِ مِن عِنْدِهِ، والاسْتِفْتَاحِ مِنْ خَزَائِنِ رَحْمَتِهِ، فَقَلَّمَا يَلْبَثُ الْمَدَدُ الإِلَهِيُّ أَنْ يَتَتَابَعَ عَلَيْهِ مَدًَّا، ‌وتَزْدَلِفُ ‌الْفُتُوحَاتُ الإِلَهِيَّةُ إلَيْهِ بأَيَّتِهِنَّ يَبْدَأُ، ولا رَيْبَ أَنَّ مَنْ وُفِّقَ لهَذا الافْتِقَارَ عِلْمًا وحَالًا، وَسَارَ قَلْبُهُ في مَيَادِينِهِ حَقِيقَةً وقَصْدًا، فَقَدْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنْ التَّوْفِيقِ).

 

الخطبة الثانية

(إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ ‌ونَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ وصحبهِ سلَّمَ.


عبدَ اللهِ: إنَّ لإيمانكَ باسمِ اللهِ الفتَّاح مِن الآثارِ الإيمانية الشيء الكثير، فمنها: أولًا: يُورثُكَ اليقين بأن اللهَ هو الحاكمُ بين عبادِه في الدنيا والآخرة عدلًا وقسطًا، ثانيًا: يُورثُكَ التضرُّعَ والالتجاءَ إلى ربِّكَ بهذا الاسمِ العظيمِ بأن يَفتحَ لك أبواب الخيرِ في الدَّارينِ، ثالثًا: يُورثُكَ بأنَّ اللهَ هو الناصرُ لعبادِه المؤمنينَ، رابعًا: يُورثُكَ بأنَّ فتحَ اللهِ للعبادِ البرَّ منهم والفاجر، هو فتحٌ بحكمةٍ لا يعلَمُها إلا هو، خامسًا: يُورِثُكَ بأنَّ فتحَ اللهِ لعبادِه المؤمنين لا يكونُ إلاَّ بطاعتهِ واتباعِ رسولِه صلى الله عليه وسلم، سادسًا: يُورِثُكَ بأنَّ الفتحَ منه تعالى لا يكونُ إلاَّ بفعلِكَ الأسبابَ كالإيمان بالله وتقواهُ ومَحبَّتِه ورسولِه ودُعائهِ وتَحرِّي أوقات الفتح الإلهي كالثلث الأخيرِ مِن الليلِ ثمَ بتوكُّلِكَ عليهِ جلَّ جلالُه، سابعًا: يُورِثُكَ الخوفَ إذا فُتحت لكَ أبوابُ الخيراتِ وأنتَ مُقيمٌ على معصيتهِ أن يكون ربُّك الفتاح يَستدرِجُكَ بذلكَ فإذا أَخَذَكَ لَم يُفلْتِكَ، ﴿ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102]، ثامنًا: يُورثكَ اليقين بأن مفاتيح العلم والهدى والخير، ومفاتيح الغيب وما انغلق من الأمور، كلُّها بيدِ اللهِ وحده، ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ﴾ [الأنعام: 59]، تاسعًا: يُورثكَ اطمئنان نفسِك وارتياحِ قلبِكَ بأنَّ رِزْقَكَ لَن يَضيع وحقوقُك لن تُنسى لأنَّ اللهَ الفتَّاح سيفْتَحُ ويكشفُ الحقائق ولو بعد حينٍ، فمهما طال عليكَ ظلمٌ فسيفتَحُ الله بينك وبين خصمِكَ ولو بعد حينٍ، فله سُبْحَانَهُ الحكمة من تأخير فتحهِ لكَ ونصرِكَ على مَن ظَلَمَك، عاشرًا: يُورِثُك الإيمان باليوم الحقيقي للفتحِ الأكبر، وهو يومُ القيامة، ﴿ قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ ﴾ [السجدة: 29]، فإن الله سُبْحَانَهُ في ذلك اليوم يقضي ويفصلُ بين جميع العباد، وهو سُبْحَانَهُ لا يَحتاج إلى شُهودٍ ليفتح بين خلقه؛ لأنه لا تَخفى عليه خافية، وما كان غائبًا عمَّا حَدَث لَك مِن ظُلْمٍ في الدنيا، قال تبارك وتَعَالَى: ﴿ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ ﴾ [الأعراف: 7]، ﴿ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [يونس: 61]، ﴿ قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ﴾ [سبأ: 26]، فلا تستعجل نصرَ الله فإن نصره قريب، إلى غير ذلك من الآثار.


فيا اللهُ يا فَتَّاحُ يا خَيْرَ الفَاتِحِينَ افْتَحْ لَنَا ولوالِدينا وأَهْلِنا مِنْ خَزَائِنِ مُلْكِكَ ورَحْمَتِكَ ورِزْقِكَ، وافْتَحْ علينا أَبْوَابَ وخَزَائنَ جُودِكَ وعافِيَتِكَ، وافْتَحْ لَنَا الْمُنْغَلِقَ عَلَيْنَا مِنْ أُمُورِنَا وأَسْبابِهَا، وافْتَحْ قُلُوبَنَا وعُيُونَ بَصَائِرِنَا لِلَّحَقِّ، واهْدِنَا ويَسِّرَ الْهُدَى لَنَا، وافْتَحْ لَنَا بلُطْفِكَ بِتَفْهِيمِنَا وهِدَايَتِنَا إلى الْحَقِّ وتَوْفِيقِنَا، وافْتَحْ قُلُوبَنَا لِمَعْرِفَتِكَ ومَحَبَّتِكَ والإِنَابةِ إليكَ، آمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اسم الله الفتاح
  • معاني أسماء الله عز وجل: الحافظ، الغني، الفتاح
  • الفتاح جل جلاله، وتقدست أسماؤه
  • من أسمائه تعالى: (الفتاح والرزاق والنور)
  • علم المواريث، وموضوعه، وثمرته، وحكم تعلمه، وأركانه، وشروطه، وأسبابه، وموانعه، والحقوق الواردة فيه (خطبة)
  • اسم الله الأول: معناه والمسائل العقدية المتعلقة به وآثار الإيمان به (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة المسائل البهية الزكية على المسائل الاثني عشرية (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المسائل البهية الزكية على المسائل الاثني عشرية(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • المسائل العقدية المتعلقة بسورة التكوير (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • المسائل العقدية المتعلقة بسورة التكوير(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • المسائل العقدية المتعلقة بالحوض والكوثر(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • المسائل العقدية المتعلقة بالحوض والكوثر(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • أثر سيبويه في المسائل العقدية والفقهية (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المسائل العقدية في سورة الجاثية في تفسير ابن كثير والشوكاني (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • المسائل العقدية في الإسراء والمعراج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسائل العقدية في قوله تعالى (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه)(محاضرة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب