• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

خطبة عيد الأضحى المبارك

خطبة عيد الأضحى المبارك
د. أمير بن محمد المدري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/7/2021 ميلادي - 10/12/1442 هجري

الزيارات: 20793

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عيد الأضحى المبارك

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.


الله أكبر خلق الخلق وأحصاهم عددًا، وكلهم آتيه يوم القيامة فردًا، الله أكبر عز سلطان ربنا، وعم إحسان مولانا، خلق الجن والإنس لعبادته، وعلت الوجوه لعظمته، وخضعت الخلائق لقدرته، الله أكبر عدد ما ذكره الذاكرون، الله أكبر كلما هلل المهللون وكبر المكبرون، الله أكبر ما حج حاجٌّ واعتمر، الله أكبر ما تلى قارئ كتاب ربه فتدبر، الله أكبر ما بذل محسن فشكر، وابتلي مبتلًا فصبر، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا.


﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ﴾ [الأنعام: 1].


﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وثُلاثَ ورُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [سورة فاطر: 1].


الحمد لله الذي كان بعباده خبيرًا بصيرًا، وتبارك الذي جعل في السماء بروجًا وجعل فيها سراجًا وقمرًا منيرًا، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكَّر أو أراد شكورًا.


وتبارك الذي نزَّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا، الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدًا، ولم يكن له شريك في الملك، وخلق كل شيء فقدَّره تقديرًا.


الحمد لله خيرًا مما نقول، وفوق ما نقول، ومثل ما نقول.


اللهم لك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بالقرآن، عز جاهك، وجل ثناؤك، وتقدست أسماؤك، لا إله إلا أنت.


في السماء ملكك، وفي الأرض سلطانك، وفي البحر عظمتك، وفي الجنة رحمتك، وفي النار سطوتك، وفي كل شيء حكمتك وآيتك، لا إله إلا أنت، وأشهد أن لا اله إلا الله القائل كما في الحديث القدسي: «وعزتي و جلالي ما توكل علي عبدٌ إلا كفيته وبيدي مفاتيح الملك والملكوت، وما اعتصم بي عبدٌ إلا أدخلته الجنة وكفيته كل مهمة، ومن اعتصم بغيري أسخت الأرض من تحته، وقطعت الأسباب من فوقه، ولا أبالي كيف أهلكته».


اللهم كُن لنا ولا تكن علينا، احفظ بلادنا من كل سوء ومكروه وسائر بلاد المسلمين، اجعل لنا من كل هم فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، ومن كل بلاءٍ عافية، انصُر واحفَظ إخواننا المستضعفين في كل مكان برحمتك يا رب العالمين.


وأشهد أنَّ سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار، وعلى آله وصحبه من المهاجرين والأنصار، وعنا معهم برحمتك وعفوك يا عزيز يا غفار، أما بعد:

فاتقوا الله أيها المسلمون حقَّ تقاته واصبروا، واذكروه كثيرًا واثبُتوا، وحافظوا على دينكم ولا تغيِّروا؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ ومَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ ﴾ [سورة الرعد: 11]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ولْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ واتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ولا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [الحشر: 20].


الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.


الوقفة الأولى: اليوم يوم مبارك:

أيها المسلمون، في هذا اليوم المبارك وأمة الإسلام تعيش هذا العيد السعيد المبارك، في يوم النحر الذي هو أعظم الأيام عند الله تعالى، ما أجمل أن تعود الأمة إلى دينها العظيم الذي أكمله الله لها، وأتم به عليها نعمه، ورضيه لها شِرْعَة ودينًا، ما أجمل أن ترجع إلى منهجها السوي القويم الذي هو مصدر قوتها ومنبع عزتها، ما أبهى أن تُحس بفقرها إلى ربها وخالقها ورازقها: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ واللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ويَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ومَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ﴾ [سورة فاطر: 15].


اليوم يوم التكبير الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.


يوم التعظيم لله وحده، الله أكبر بها نرعب الأعداء في الحروب، الله أكبر في يوم بدر انتصرنا لأن شعارنا الله أكبر، في عين جالوت هزمنا التتار وكان شعارنا الله أكبر لا قومية لا عصبية لا طائفية.


اليوم يوم فرحة وسعادة وسرور، أدخلوا الفرحة على أهلكم وأولادكم، ولكن الفرحة لم تكتمل وآلام المسلمين تُدمي القلب في كل مكان، الفرحة تكتمل حين تعلو كلمة الإسلام في كل مكان، الفرحة تكتمل يوم تَحكُمُ شريعة الله وتُرمى القوانين الوضعية، الفرحة تكتمل يوم تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى: ﴿ فِي بِضْعِ سِنِينَ * لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ ومِنْ بَعْدُ ويَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [سورة الروم: 4].


ولا تيأسوا إن النصر قريب إن شاء الله والبشائر تأتي من هنا وهناك، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا.


اليوم يوم صلة الأرحام، اليوم صلة الأحياء قبل الأموات؛ فإن الله تبارك وتعالى لعن قاطعي الأرحام، فقال عز من قائل: ﴿ وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾ [البقرة: 27].


وقال جل ذكره: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [محمد: 22].


فقاطع الرحم ملعون، لعنه الله في كتابه، وصح عنه أنه قال: «لَما خلق الله الخلق حتى إذا فرغ منهم، قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، فقال: ألا ترضين أن أصِل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال: فذلك لك».


أخي الحبيب، ابحث عن قريبك عن رحمك عن جيرانك، وصِلهم جميعًا صِل من قطعك، وأعطِ مَن حرَمك، واعفُ عمَّن ظلَمك، وأحسِن إلى مَن أساء إليك.


يقول النبي: «أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح»؛ [حديث صحيح رواه الإمام أحمد والطبراني، صحيح الجامع «1 /364»].


والكاشح: العدو الذي يُضمر عداوته ويُطويها، وكشحه: باطنه، أو الذي يطوي عنك كشحه ولا يألَفك.


الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.


الوقفة الثانية: أسباب هلاك الأمم:

عباد الله، جرت سنة الله تعالى في عباده أن يعاملهم بحسب أعمالهم، فإذا اتقى الناس ربهم تعالى، وأطاعوه ونفذوا أوامره، وأقاموا شريعته، منَحهم بركات السماء، وبركات الأرض، وصدق القائل جل وعلا: ﴿ ولَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا واتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ ولَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [سورة الأعراف: 96].


فإذا تبدَّل حال العباد من الطاعة إلى المعصية، ومن الشكر إلى الكفر، ومن الصلاح إلى الفساد، ومن الحكم بما أنزل به إلى الحكم بقوانين بشرية وضعية، حينئذٍ يُسلِّط الله عليهم من ذلوا ومَن هانوا، وحينئذٍ تُمحق البركات، وتَحِل اللعنات من رب الأرض والسماوات، وتلك سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلًا، ولن تجد لسنة الله تحويلًا.


قال تعالى: ﴿ وضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ والْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [سورة النحل: 112].


ما الأسباب التي بها يحل الهلاك بالأمم؟

أولًا: الكفر بالملك الوهاب، وتكذيب الرسل الكرام عليهم الصلاة وأتم التسليم.

فقد أهلك الله الأمم السابقة قوم نوح وعاد وفرعون وقرونًا بين ذلك كثيرًا بسبب كفرهم بالله وتكذيبهم دعوة الله؛ قال تعالى: ﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وأَصْحَابُ الرَّسِّ وثَمُودُ * وعَادٌ وفِرْعَوْنُ وإِخْوَانُ لُوطٍ وأَصْحَابُ الأَيْكَةِ وقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وعِيدِ ﴾ [سورة ق: 12-14].


وقال جل شأنه: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ والْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [سورة الروم: 41].


وهؤلاء قوم سبأ أنعم الله عليهم نعمًا عظيمة، وقال عنهم جل جلاله: ﴿ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴾ [سبأ: 15 - 17]


ثانيًا: من أسباب هلاك الأمم كثرة الفساد وكثرة الخبث والذنوب والمعاصي؛ قال تعالى: ﴿ وإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ [سورة الإسراء: 16].


وفي حديث زينب بنت جحش رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه»، وحلَّق بين الإبهام والسبابة، قالت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: «نعم، إذا كَثُر الخبَث»؛ [أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء «3346»، ومسلم في الفتن «2880»]؛ يعني الفواحش وشرب الخمر والزنا.


أليست الذنوب والمعاصي هي سبب طرد إبليس من رحمة ربه؟! أليست هي سبب خروج آدم من الجنة؟! أليست هي سبب إغراقِ قوم نوح وهلاكِ قوم عاد وثمود، وهدمِ قرية لوط وأخذِ قوم شعيب بيوم الظلة؟! ﴿ فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا ومِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ ومِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ ومِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ ومِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا ومَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ ولَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [سورة العنكبوت: 40]، فما الذي دهى المسلمين اليوم في هذا الزمان حتى أصبحوا في سبات عميق، وانهمكوا في الذنوب واللهو والفجور؟ قال تعالى: ﴿ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [سورة الأعراف: 99].


ألا إن سَبَبَ المصائب والفتن كلِّها هو الذنوب والمعاصي، فإنها ما حلَّت في ديار إلا أهلكتها، ولا في قلوب إلا أعمتها، ولا في أجساد إلا عذبتها، ولا في أمة إلا أذلَّتها، ولا في نفس إلا أفسدتها؛ عنْ ثَوبَانَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الرَّجُلَ ليُحرَم الرزقَ بالذنب يُصيبه، ولا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلا الدُّعَاءُ، ولا يزيد في العمر إلا البر»؛ [رواه أحمد].


ثم إن للمعاصي آثارًا وشؤمًا تزول بها النعم وتَحل النِّقم؛ قال عليٌّ رضي الله عنه: «ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رُفع إلا بتوبة»، قال الله تعالى: ﴿ ومَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ويَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [سورة الشورى: 30].


ثالثًا: من أسباب هلاك الأمم النقص والتطفيف في المكيال والميزان، ونقص العهود؛ روى البيهقي وابن ماجه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنتُ عاشرَ عشرة رهطٍ من المهاجرين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل علينا بوجهه فقال: «يا معشر المهاجرين، خمسُ خصال أعوذ بالله أن تدركوهن: ما ظهرتِ الفاحشةُ في قوم حتى أعلَنوا بها إلاَّ ابتُلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضَوا، ولا نَقَص قومٌ المكيالَ إلا ابتُلوا بالسنين وشِدَّة المؤونة، وما منَع قومٌ زكاةَ أموالهم إلاَّ مُنِعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطَروا، ولا خَفَر قومٌ العهدَ إلا سلَّط الله عليهم عدوًّا من غيرهم، فأخذوا بعضَ ما في أيديهم، وما لم يعمَل أئمَّتُهم بما أنزل الله في كتابه، إلا جعَل الله بأسَهم بينهم»؛ [سنن ابن ماجه: كتاب الفتن «4019 وغيره، وصححه الألباني بمجموع طرقه في السلسلة الصحيحة «106»].


رابعًا: الظلم قال تعالى: ﴿ وتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ﴾ [سورة الكهف: 59]، وقال: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102]، وهذه الآية الكريمة أعظم تهديد وتحذير للمجتمعات التي تظلم وتدعو إلى الظلم والله تعلى سريع الحساب.


وقال: ﴿ ومَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾ [سورة الحج: 71]، وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله قال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة»؛ [رواه مسلم].


وظُلم الناس عباد الله صوره كثيرة جَمَعَها النبي في خطبة حجة الوداع حين قال: «إنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم»، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «من كانت عنده مَظْلَمة لأخيه من عرض أو شيء، فلْيَتَحلَّله منه اليوم من قبل ألا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمَل صالح أُخِذ منه بقدر مَظْلَمته، وإن لم تكُن له حسنات، أُخِذ من سيِّئات صاحبه فحمل عليه».


واحذر يا عبد الله من الظلم، فإنَّ للمظلوم عند ربه دعوةً مستجابة لا تُرَد، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله بعَث معاذًا إلى اليمن، فقال له: «اتَّق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب»، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا تُردُّ دعوتهم: الصائم حتى يُفطِر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويَفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزَّتي لأنصُرنَّكِ ولو بعد حين».


لا تظلمنَّ إذا ما كنت مقتدرًا
فالظلم آخره يأتيك بالندم
نامت عيونك والمظلوم مُنتبه
يدعو عليك وعين الله لم تنم


دعوة المظلوم تُصيبك في نفسك ومالك وولدك، دعوة مظلوم تقلب صحتك سقمًا، دعوة مظلوم تقلب سعادتك شقاءً، دعوة مظلوم تجعلك بعد العز والغنى ذليلًا حقيرًا فقيرًا، والله على كل شيء قدير.

 

خامسًا: كثرة التعامل بالربا وانتشار الزنا؛ قال صلى الله عليه وسلم: «ما ظهر في قوم الربا والزنا، إلا أحلوا بأنفسهم عقاب الله تعالى»؛ [صحيح الجامع].


وصدق المصطفى حيث قال صلى الله عليه وسلم: «أدنى الربا كأن يزني الرجل بأمه»؛ [حديث صحيح].

 

سادسًا: التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال صلى الله عليه وسلم: «ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي، هم أعز وأكثر ممن يعمله، ثم لم يغيروه إلا عمَّهم الله بعقاب من عنده»، إذا رأيتم الناس يقول كل واحد منهم: نفسي نفسي، ولا دخل لي، فأبشروا بالهلاك كما حل ببني إسرائيل؛ قال تعالى: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [سورة المائدة: 79].

 

الوقفة الثالثة: اليوم عبرة:

عباد الله، يا من لبس الجديد، يا من اغتسل بالماء البارد، يا من أتيتم إلى هذا المصلَّى، هل ذكرتم من صلَّى معكم في العام الماضي من الآباء والأجداد، من الأحباب والأولاد؟ أين ذهبوا؟ كيف اختطفهم هادم اللذات؟ آخذ البنين والبنات، مفرق الجماعات.


أسكتهم فما نطقوا، وأرداهم فما تكلموا، والله لقد وسدوا التراب، وفارقوا الأحباب، وابتعدوا عن الأصحاب، فهم من الحفر المظلمة مُرتهنون بأعمالهم، كأنهم ما ضحكوا مع من ضحك، ولا أكلوا مع من أكل، ولا شربوا مع من شرب.


اختلف على وجوههم الدود، وضاقت عليهم ظلمة اللحود، وفارقوا كل مرغوب ومطلوب، وما بقيت معهم إلا الأعمال.


فهل ذكر ذاكر ذاك القدوم؟ وهل أعدَّ لذاك المصير؟ وهل أعدَّ العدة لذلك الموقف الخطير؟ فلا تركنوا إلى هذه الدنيا التي لا يُؤمَنُ شرُّها، ولا تَفي بعهدها، ولا يدوم سرورها، ولا تُحصى آفاتها، ما مثلُها إلا كمائدة أحدكم، تُعجب صاحبها ثم تصير إلى فناء، دارٌ يبلى جديدها، ويَهرَم شبابُها، وتتقلب أحوالها، فاتخذوها مزرعة للآخرة، فنِعم العمل فيها.


الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.


بارَك الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفعَني وإيّاكم بما فيه من الآياتِ والذِّكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستَغفر الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفِروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه كمَا يحبُّ ربُّنا ويرضَى، وأشهَد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهَد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبِه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فيا أيها المؤمنون، الوقفة الرابعة: العيد الحقيقي:

اعلموا أنه ليس السعيد من تزيَّن وتجمل للعيد، فلبس الجديد، ولا من خدمته الدنيا وأتت على ما يريد، لكن السعيد من فاز بتقوى الله تعالى، وكتب له النجاة من نار حرُّها شديد، وقعرها بعيد، وطعام أهلها الزقوم والضريع، وشرابهم الحميم والصديد، وفاز بجنة الخلد التي لا ينقص نعيمها ولا يبيد.


الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.


الوقفة الرابعة: الأضاحي والحكمة منها:

عباد الله: شُرع لنا الأضحية للقادر عليها وله بكل شعرة فيها حسنة، وتأتي يوم القيامة بأظلافها وشعورها وقرونها، فتوضع في ميزان حسناتها.


والأضحية شرعت ليوسع المسلم على نفسه، وليوسع على جيرانه وأحبابه، ثم ليوسع على الفقراء من حوله، فلا عاش من يأكل وحده.


يقول صلى الله عليه وسلم: «ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم»؛ [أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (751) بلفظ "من آمن بي"].


هذه أخوة الإسلام، فلا أخوة ولا تحاب بين إنسان عنده كل شيء وإنسان ليس عنده شيء.


ولا أخوة بين ظالم ومظلوم، ولا أخوة بين من يضع يده على بطنه يشكو التخمة من شدة الشِّبع، ومن يضع يده على بطنه من الجوع.


إنما الأخوة الحقيقية يوم نتراحم فيرحمنا الله من فوق سبع سماوات.


الأخوة يوم نكون يدًا واحدة ضد الظالم والمعتدي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالِمًا أو مظلومًا، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالِمًا؟ فقال: «تأخذ فوق يديه»؛ [رواه البخاري رقم «2444»].


الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.


هذا وصلوا وسلموا على من أمركم ربكم بالصلاة والسلام عليه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عيد الأضحى المبارك
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1429هـ
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1430 هـ
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1430 هـ
  • عيد الأضحى فداء وفرحة (خطبة عيد الأضحى المبارك)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1432هـ
  • خطبة عيد الأضحى المبارك (ذو الحجة 1442هـ)

مختارات من الشبكة

  • الأضحى في زمن الابتلاء (خطبة عيد الأضحى 1441هـ)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • خطبة عيد الأضحى 1441هـ (الأضحى إرث إبراهيم)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • أيام الأضحى والنحر أيام تضحية وفداء وذكر (خطبة عيد الأضحى 1439هـ)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1438 (الفرحة بالعيد لا تنسينا يوم الوعيد)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى: العيد وثمار الأمة الواحدة(مقالة - ملفات خاصة)
  • (هذا العيد يخاطبكم) خطبة عيد الأضحى 1444 هـ(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى 1443 هـ (العيد وصلة الأرحام)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • (لمن فرحة العيد؟) خطبة عيد الأضحى 1442 هـ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة يوم عيد الأضحى 1441هـ (هذا عيدنا)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى 1441هـ (اليوم عيدنا)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب