• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

وقفة بين عامين (خطبة)

وقفة بين عامين (خطبة)
أحمد إبراهيم عبدالرؤوف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/9/2017 ميلادي - 2/1/1439 هجري

الزيارات: 19416

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وقفة بين عامين

 

ها هو العام الهجري الثامن والثلاثون بعد الأربعمائة وألف يوشك أن ينقضي، وانقضاء الأيام والأعوام ذكرى وموعظة لقلوب المؤمنين، أنَّ هذه الدنيا ليست بدار قرار، قد كتب الله عليها الفناء، تلك حقيقة الدنيا التي ذكر بها مؤمن آل فرعون قومه حين قال: ﴿ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ﴾ [غافر: 39]..

 

زين الله هذه الدنيا واستخلفنا فيها لنعبده وحده ولا نعبد الدنيا ولا زينة الدنيا، فنعيش فيها له عبادًا له وحده، قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56] وقال: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163]..

 

ما خلق الله هذه الدنيا عبثًا ولا باطلًا ولا لعبًا، قال تعالى ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ﴾ [ص: 27].

وقد أخبر الله عز وجل أن هذه الدنيا دار ابتلاء واختبار ليتميز الطائع من العاصي، ثم هي إلى فناء وزوال، قال تعالى عن حقيقة الدنيا: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ﴾ [الكهف: 7، 8] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ)) [رواه مسلم 2742].

 

عباد لله.. كل لحظة تمر بنا تباعدنا عن الدنيا وتقربنا إلى الآخرة.. فما الواحد منا إلا أيام.. إذا ذهب يومه ذهب بعضه..

قَالَ الفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ لِرَجُلٍ: " كَمْ أَتَتْ عَلَيْكَ؟ " قَالَ: سِتُّونَ سَنَةً، قَالَ: " فَأَنْتَ مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً تَسِيرُ إِلَى رَبِّكَ تُوشِكُ أَنْ تَبْلُغَ "، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا أَبَا عَلِيٍّ، ﴿ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [سورة البقرة آية 156]، قَالَ لَهُ الْفُضَيْلُ: " تَعْلَمُ مَا تَقُولُ؟ " قَالَ الرَّجُلُ: قُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، قَالَ الْفُضَيْلُ: " تَعْلَمُ مَا تَفْسِيرُهُ؟ " قَالَ الرَّجُلُ: فَسِّرْهُ لَنَا يَا أَبَا عَلِيٍّ، قَالَ: " قَوْلُكَ إِنَّا لِلَّهُ، تَقُولُ: أَنَا لِلَّهِ عَبْدٌ، وَأَنَا إِلَى اللَّهِ رَاجِعٌ، فَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ رَاجِعٌ، فَلْيَعْلَمْ بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ، وَمَنْ عَلِمَ بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ فَلْيَعْلَمْ بِأَنَّهُ مَسْئُولٌ، وَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَسْئُولٌ فَلْيُعِدَّ للسُّؤَالَ جَوَابًا "، فَقَالَ الرَّجُلُ: فَمَا الْحِيلَةُ؟ قَالَ: " يَسِيرَةٌ "، قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَ: " تُحْسِنُ فِيمَا بَقِيَ، يُغْفَرُ لَكَ مَا مَضَى وَمَا بَقِيَ، فَإِنَّكَ إِنْ أَسَأْتَ فِيمَا بَقِيَ أُخِذْتَ بِمَا مَضَى وَمَا بَقِيَ ". [حلية الأولياء 11837].

 

وقال عليٌّ رضي الله عنه: (ارْتَحَلَتِ الدُّنْيَا مُدْبِرَةً، وَارْتَحَلَتِ الآخِرَةُ مُقْبِلَةً، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ، وَلاَ تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ اليَوْمَ عَمَلٌ وَلاَ حِسَابَ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلاَ عَمَلٌ). انظر صحيح البخاري (8 /89) باب في الأمل وطوله فينبغي للمسلم أن يحاسب نفسه ويهيئها للعرض على الله تعالى.. وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ، يَوْمَ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ) [مصنف ابن أبي شيبة 34459، شرح السنة للبغوي 4117].

 

والمؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل، يخاف أن يقع عليه، والفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا..

وقد كان توبة بن الصمة رحمه الله من المحاسبين أنفسهم، فحسب فإذا هو ابن ستين سنة، فحسب أيامها فإذا هي أحد وعشرون ألف يومٍ وخمس مائة يوم، فصرخ وقال: يا ويلتى.. ألقى المليكَ بأحد وعشرين ألف ذنب، كيف وفي كل يوم عشرة آلاف ذنب، فخر مغشيًا عليه فإذا هو ميت!

 

فأحسنوا عباد الله فيما بقي من أعماركم، وتوبوا إلى الله واستغفروه، يغفر لكم.. قال تعالى ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110].

كل بني آدم خطاء، وقد أقسم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بآخرين يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم)) والتوبة والاستغفار من الخطأ والزلل من صفات المؤمنين الصادقين الفائزين بالجنة، قال تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 133: 136] فبادروا بالتوبة إلى الله، واجتهدوا فيما بقي من أعماركم بصالح العمل، ولا يلهينكم الأمل.. عن صالح العمل، والتوبة إلى الله من أنواع الزلل..

 

وسلوا الله عز وجل أن يجدد الإيمان في قلوبكم، والزموا التوحيد وتعلموه وسلوا الله الثبات عليه، واحذروا ما ينافيه من الشرك وتعلموه وتعوذوا بالله من الوقوع فيه، قال الله تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ﴾ [محمد: 19]

اعلموا عباد الله أنكم موقوفون فمسؤولون، وعلى أعمالكم مجزيون، قال تعالى: ﴿ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ﴾ [النجم: 31] فأعدوا للسؤال جوابًا..

 

قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ، عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ)) [رواه الترمذي 2416].. أسئلة لا بد من جوابها، فأعد عبد الله للسؤال جوابًا..

فالعبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همته، والمؤمن قوام على نفسه، وإنما يخف الحساب في الآخرة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا.

 

اعلموا رحمكم الله.. أن تعاقب الشهور والأعوام على العبد قد يكون نعمة له أو نقمة عليه، فإن طال عمر العبد ولم يعمره بالخير والطاعة، فإنما هو يستكثر حجج الله عليه، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن خير الناس من طال عمره وحسن عمله، وشر الناس من طال عمره وساء عمله. [رواه الترمذي 2330].

فهنيئًا لمن لم تشغله هذه الدنيا الفانية عن الاستعداد للدار الباقية.. هنيئًا لمن لم يزدد بالأعوام إلا خيرًا وبرًا، ومسارعةً في الخيراتِ، واغتنامًا للصالحاتِ، وقد كان صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: ((وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ)) [مسلم 2720]، نسأل الله أن يجعل الحياة زيادة لنا في كل خير.

 

الخطبة الثانية

عباد الله.. ها هو عام هجري ينقضي، وتعميرنا في هذه الدنيا إنما هو حجة علينا، أن نتذكر ونتوب إلى الله تعالى، وقد ذكر الله عز وجل من حال أهل النار - أعاذنا الله وإياكم منها - فقال: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾ [فاطر: 36، 37].

 

فتعميرهم في هذه الدنيا كان حجة عليهم، أنهم عمروا في الدنيا وأمهلوا قدرًا ووقتًا يتمكنون فيه من التذكر والاعتبار واتباع طريق الحق، وفضلاً عن ذلك جاءهم النذير فلم يتذكروا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ، حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً)) [البخاري 6419] أي: لم يجعل له عذرًا بعد أن أمهله هذه المدة..

فحري بالمؤمن أن يتذكر ويعتبر بتعميره في هذه الدنيا وانقضاء الأعوام عامًا تلو عام، لاسيما وأن الأيام والأعوام صارت تمضي وقد نزل بها من الفتن ما يحمل على الاعتبار والاتعاظ..

 

وقد ذم الله عز وجل المنافقين بأنهم يفتنون، فتنزل بهم الفتن كل عام، وتنقضي الأعوام عامًا تلو عام ثم لا يتوبون من نفاقهم ولا يتعظون، مع أن من شأن الفتن والمصائب والمحن.. أنها تحمل على الاعتبار والاتعاظ، والرجوع عن طريق الشر إلى طريق الخير، قال تعالى عن المنافقين ﴿ أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [التوبة: 126] فاحذر يا عبد الله أن تمر بك الأعوام وتنقضي بما كان فيها من أحوال وشئون وفتن، فلا تتوب ولا تتذكر ولا تحاسب نفسك، فإن هذه من خصال المنافقين والعياذ بالله..

 

استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من نومه ذات ليلة فزعًا فقال: ((سُبْحَانَ اللَّهِ! مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الفِتَنِ، وَمَاذَا فُتِحَ مِنَ الخَزَائِنِ، أَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الحُجَرِ، فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ)) [البخاري 115] فالنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث يحذر من الفتن، ويرشد إلى ما يدفع شرها، وهو الصلاة، وقد كان صلى الله عليه وسلم خير مربٍ ومرشدٍ، فأمر بإيقاظ صواحبات الحجر، وهن زوجاته صلى الله عليه وسلم.. أمر بإيقاظهن للصلاة في جوف الليل ليعينهن على النجاة من الفتن في الدنيا والآخرة، وحذر صلى الله عليه وسلم من الركون إلى الأعمال، فكم من كاسية في الدنيا بالثياب، لكنها عارية يوم القيامة من الثواب، لقلة أعمالها الصالحة..

 

لذلك إخوة الإسلام الأعمال الصالحات.. هي طوق النجاة من الفتن.. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)) [مسلم 186] فبادروا الفتنَ بالأعمال الصالحة يا عباد الله، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولذلك أيقظ النبي أزواجه ليتهجدن بالصلاة في جوف الليل يبادرن الفتن بخير الأعمال الصالحة، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة لمن يوقظ أهله بالليل ليتهجدوا بصلاة النافلة سجدًا وقيامًا بين يدي الله.. فقال صلى الله عليه وسلم: ((رَحِمَ اللهُ رجلاً قام مِن الليل فصَلَّى وأيقظ امرأتَه فصلَّت، فإن أبَتْ نضح في وجهها الماء، رَحِمَ الله امرأةَ قامت مِن الليل فصلَّت وأيقظت زوجَها، فإن أبى نَضَحَتْ في وجهه الماء)) [أبو داود 1308] ومن رحمه الله نجا من الفتن، وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَن استيقظَ مِن الليل، وأيقظ امرأته، فصليا ركعتين جميعاً، كتِبَا مِن الذاكرين الله كثيراً والذاكرات)) [أبو داود 1451].

 

عباد الله.. عام ينقضي.. بما فيه من رحمات أنزلت، وفتنٍ قدرت، فتذكروا واتعظوا واعتبروا وتوبوا.. واعلموا أن الدنيا حلوة خضرة وأن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء..

عليك عبد الله، وعليك أمة الله بالباقيات الصالحات من الأعمال، ولا تشغلنكم الدنيا وزينتها عن عمل الصالحات..

 

ويا ضيعة الأعمار تمشي سبهللا.. كم من أناسٍ يمر يومهم ولا يذكرون الله قط، أو إلا قليلًا، ولا علاقة لهم بكتاب الله، ولا بتعلم شيء من أمور الدين، وكل مسلم ومسلمة يجب عليه أن يتعلم ما تصح به عبادته لله تعالى ومعاملته مع الناس وفق شرع الله، تضيع الأعمار، وتمر الأيام، وتنقضي الأعوام، بلا ثمرة ولا فائدة، ولا حول ولا قوة إلا بالله..

 

لما كبر خالد بن الوليد رضي الله عنه.. أخذ المصحف وبكى، وقال: شغلنا عنك الجهاد، خالد بن الوليد.. منذ اللحظة التي أسلم فيها.. أصبح سيف الله المسلول، يخرج مجاهدًا غازيًا في سبيل الله، ممتطيًا ذروة سنام الإسلام، مؤديًا فرضًا عظيمًا من الفروض، يبكي وتحسر أنه شغل بهذا العمل العظيم عن كتاب الله تعالى، فيقول: شغلنا عنك الجهاد.. أما اليوم.. فما الذي شغلنا عن القرآن؟ أهو الجهاد؟ كلا! إنه الجهاز.. جهاز التلفاز، إنه الدنيا وزينتها ولا حول ولا قوة إلا بالله.. هذا الذي يحرص كل يوم على متابعة مباراة لكرة القدم، وهذه التي تحرص كل يوم على متابعة مسلسل بل مسلسلات.. أين حظ القرآن من أوقاتكم؟؟ ما الذي يشغلكم عنه؟ يا ضيعة الأعمار تمشي سبهللًا..

 

هل تعلم يا عبد الله أن زمن متابعة مباراة لكرة القدم كل يوم = زمن قراءة جزأين ونصف أو ثلاثة أجزاء من القرآن..

هل تعلمين أيتها الأخت أن زمن مشاهدة (100) حلقة من المسلسلات التركية والهندية والكورية واليابانية = زمن قراءة القرآن سبع مرات، أو قراءة صحيح البخاري كاملًا أو صحيح مسلم كاملاً!!

 

ثم بعد ذلك.. نسمع من هذا حاله يقول.. لا أجد وقتًا للقرآن.. ولا حول ولا قوة إلا بالله

عباد الله.. قال الله تعالى ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].

فهذه السورة قد اشتملت على وعيد شديد، لأن الله تعالى حكم بالخسارة على جميع الناس إلا من كان متصفًا بهذه الصفات الأربعة.. الإيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، فدل ذلك على أن النجاة معلقة بمجموع هذه الأمور..

 

فاحرص عبد الله على العمل الصالح وحقق الإيمان في قلبك، وادع غيرك إلى ذلك، وأمر بالمعروف وانه عن المنكر، وتواص مع إخوانك بالحق والصبر..

لا تهجروا القرآن عباد الله ولا تنشغلوا عنه.. بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم.. اطلبوا العلم والزموا العلماء.. تعلموا التوحيد وما ينافيه من الشرك، تعلموا الحلال والحرام، تعلموا ما تصح به عبادتكم لربكم، وما تصح به معاملاتكم لبعضكم..

 

عباد الله.. كفوا ألسنتكم عن الخوض في أعراض الناس ونواياهم، كفوا ألسنتكم عن الخوض فيما يقع من الفتن والنوازل، إذا حدثت حادثة أو نزلت نازلة، فاعلم أن الله لن يؤاخذك إذا لم تتناولها بالتحليل السياسي خائضًا مع الخائضين، إنما سيؤاخذك على عرض طعنته، وأخ اغتبته، ومسلم كفرته..

 

اذكروا عباد الله أننا في شهر حرام وهو شهر ذي الحجة يوشك أن ينقضي وينقضي معه العام، ويليه شهر المحرم.. شهر حرام يبدأ به عام جديد، شهر المحرم صيامه أفضل الصيام بعد رمضان، وفيه يوم عاشوراء صيامه يكفر ذنوب سنة ماضية.. فهذه أشهر حرم والله عز وجل قال عن الأشهر الحرم ﴿ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [التوبة: 36] أعاذنا الله وإياكم من الظلم والضلال والزلل وجنبنا وإياكم الفتن..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بين عامين
  • حقيقة بين عامين
  • وقفة بين عامين
  • وقفة بين عامين (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (10)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (9)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (8)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (7)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (6)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (5)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (4)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (3)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (2)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (1)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب