• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مناجاة
    دحان القباتلي
  •  
    قاعدة الخراج بالضمان (PDF)
    عمر عبدالكريم التويجري
  •  
    خاطرة: ((شر الناس منزلة عند الله))
    بكر البعداني
  •  
    بدعة اتخاذ الخطوط في المساجد لتسوية الصفوف
    علي بن شعبان
  •  
    من مائدة السيرة: بدء الوحي
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    همسة حاضر في ذكرى غائب
    د. عوض بن حمد الحسني
  •  
    واو الحال وواو المصاحبة في ميزان التعريف
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    خطبة: أهمية طلب العلم في حياة الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    { ومأواهم النار }
    د. خالد النجار
  •  
    تفسير سورة الليل
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    تسبيح الجمادات والمخلوقات غير العاقلة: حقيقة أم ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    العقل وواجب المحافظة عليه
    الدخلاوي علال
  •  
    بيان الخصائص التي اختص الله تعالى بها الأنبياء ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    تفسير سورة الشرح
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    أشراط الساعة والرد على الشبهات المتعلقة بها (PDF)
    رند بنت عبدالحميد عبد الله الزامل
  •  
    فقه اليقين بموعود رب العالمين (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

يا مقبلا على أيام العطلة والإجازة

يا مقبلا على أيام العطلة والإجازة
أحمد عماري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/7/2017 ميلادي - 15/10/1438 هجري

الزيارات: 14217

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يا مقبلاً على أيام العطلة والإجازة


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد:

إخوتي الكرام؛ ومع بداية العطلة المدرسية، والإجازة الصيفية، لا بد لنا من وقفة لبيان قيمة الوقت وقدره، والسبل النافعة لاغتنام الفراغ فيما ينفع العبد في دنياه وفي أخراه.

 

فالإجازة والعطلة ليست وقتًا مُقْتَطَعًا على هامش الحياة، بل هي جزء من العمر الذي هو من أعظم النعم التي أنعم الله تعالى بها على هذا الإنسان.. جزء من العمر الذي هو مستودع الأعمال التي تنتهي بالعبد إما إلى جنة وإما إلى نار.. جزء من العمر الذي سيندم عليه المضيعون المفرطون، ويتأسف على مُضِيّهِ الغافلون التائهون.. جزء من العمر الذي سيُسأل عنه العبد بين يدي الله فيما أمضاه وفي أي شيء قضاه...

 

فيا مقبلا على أيام العطلة والإجازة؛ اعلم أن أيام العطلة إنما هي قطعة من عمرك، إنْ أحسنتَ فيها أفلحت ونجحت ونجوت، وإن أسأت فيها خبت وندمت وخسرت.. فما الوقت إلا حياة الإنسان وعمرُه الذي هو أنفاس تتردّد، وآماله التي تضيع إن لم تتحدّد.. ما مضى منه فلن يعود، ولا الزمان بما فات منه يجود.. ومن غفل عن تداركه تَصَرّمت أيامه وأوقاته، وعظمَت حسراته، ينقضي العمر بما فيه فلا يعود إلا أثرُه، فاختر لنفسك ما يعود عليك، حين يقال للسعداء: ﴿ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ﴾ [الحاقة: 24]. ويقال للأشقياء: ﴿ ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ * ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [غافر: 75، 76].

 

وللإنسان يومان يندم فيهما على ما ضَيّع من أوقاته، ويَطلب الإمهال: أولهما في ساعة الاحتضار، حين ينزل به الموت فيقول: ﴿ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [المنافقون: 10]، فيكون الجواب: ﴿ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون: 11]. والموقف الثاني في الآخرة، حين يدخل أهلُ النارِ النارَ: ﴿ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ﴾، فيكون الجواب: ﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذوقوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ ﴾ [فاطر: 37].

 

يا مقبلا على أيام العطلة والإجازة؛ تذكرْ أن الوقت سريع الانقضاء، يمرّ مرّ السحاب، ويجري كما تجري الرياح، فتأمل في سرعة الأيام والأعوام، وانظر إلى ما مضى من عمرك كأنه لمح البصر، ﴿ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ﴾ [النحل: 77]. فالعاقل من تفكّر في أمره، ورأى أنّ تصرّم أيامه مؤذن بقرب رحيله، فاحتاط لأمره، واجتهد في يومه، واستعد لغده...﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ﴾ [الفرقان: 62].

 

يا مقبلا على أيام العطلة والإجازة؛ احفظ وصية نبيك صلى الله عليه وسلم في حُسْنِ اغتنام الأوقات والأعمار والنعم.. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه: "اغتنم خمسا قبل خمس؛ شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك". أخرجه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص.

 

"اغتنم فراغك قبل شغلك". اغتنمه بكثرة الذكر والدعاء... اغتنمه بقراءة القرآن وتدبره ومدارسته... اغتنمه بطلب العلم وحضور مجالس العلم والذكر... اغتنمه بزيارة الأقارب وصلة الأرحام والإحسان إلى الوالدين... اغتنمه بإعانة محتاج، وإرشاد حائر، وتعليم جاهل، وزيارة مريض، وتشييع جنازة... اغتنمه في كل خير وبرّ ينفعك في دنياك وفي أخراك.

 

يا مقبلا على أيام العطلة والإجازة؛ إياك وتضييعَ الفرائض والواجبات، لا تفرط في الطاعة، ولا تضيع صلاتك، ولا تتراجعْ عن مبادئك وأخلاقك.. وتذكرْ أنك مخلوق لتكون عبدا لله، فالعبادة هي وظيفتك ومهمتك، ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾. والعبادة لا تسقط بعطلة ولا إجازة، بل هي دائمة مستمرة ما دام العبد على قيد الحياة، ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99].

 

يا مقبلا على أيام العطلة والإجازة؛ إياك والمعاصي، لا تملأ فراغك بمعصية الله، ولا تجعل أيام عطلتك أياما لمعاقرة الفواحش والمنكرات، ولا تجعل من حَرّ الصيف ذريعة لمعصية الله وكشف العورات في الشواطئ والمنتزهات.. ولتكن لك في شدة الحرّ عبرة وعظة، تحفزك على فعل الخير، وتدفعك إلى العمل الصالح الذي تنجو به من حرّ يوم الحشر ومن حرّ جهنم، فقد قال ربنا سبحانه: ﴿قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ﴾. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله؛ إمام عادل، وشابّ نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه". متفق عليه، واللفظ للبخاري.

 

وتذكر على الدوام أن الله مطلع عليك، وناظر إليك، فأين خوفك من الله؟. وأين حياؤك من الله؟. والله تعالى يقول: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 7].

 

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استحيوا من الله حق الحياء». قال: قلنا: يا رسول الله؛ إنا نستحيي والحمد لله. قال: «ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء: أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء». أخرجه الترمذي والطبراني والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.

 

يا مقبلا على أيام العطلة والإجازة؛ إياك والبطَالة والكسل؛ فإنهما داء وَبِيل ومرض خطير، تنعكس آثاره السيئة على الأفراد والأسَر والمجتمعات، ويسبّب الخمولَ والفقرَ والتخلّف المادّي والمعنوي، ويؤدّي إلى الوقوع في الرذائل والمنكرات، فإن يكن في الشّغل محمدة ومصلحة، ففي الفراغ مذمة ومَفْسَدَةٌ، ومن لم يشغل نفسه بالخير شغلته بالباطل، ومَن أكثرَ الرُّقَاد عُدِم المُرَاد، ومن دام كسله خاب أمله.. ونبينا صلى الله عليه وسلم يحذرنا من الخيبة والخسران، والغبن والحرمان، فيقول عليه الصلاة والسلام: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ؛ الصِّحَّة وَالفَرَاغ». أخرجه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

 

فإذا لم يكن للمرء غرض صحيح يسعى إليه، وهدف سليم يطلب تحقيقه والوصول إليه؛ ضاع زمانُه، وضاع عمرُه.. وما أتعبَ من يمشي بلا مقصد! والإنسان بلا غَرَضٍ كسفينة ليس لها قائد، تتقاذفها الأمواج حتى تغرق أو تتحطم..

 

وإنك لترى في القرون الأولى حرصًا شديدًا على اغتنام الأوقات والأعمار، مما كان حصادُه علمًا نافعًا وعملاً صالحًا وجهادًا وفتحًا وعِزًّا وَحَضارةً رَاسِخةَ الجذور باسِقَة الفرُوع... فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم كان أحفظ الناس لوقته، ينتقل من طاعة إلى طاعة، ما بين صلاة وصيام وقيام وإحسان، وجهاد، ودعوة وتعليم، وذكر ودعاء، وغير ذلك من الطاعات والقربات.. وعلى ذلك رَبّى صحابته، وإليه دعا أمته...

 

أقبلَ النبي صلى الله عليه وسلم يوما على صحابته فقال: «من أصبح منكم اليوم صائما؟». قال أبو بكر أنا. قال: «فمن تبع منكم اليوم جنازة؟». قال أبو بكر أنا. قال: «فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟». قال أبو بكر أنا. قال: «فمن عاد منكم اليوم مريضا؟». قال أبو بكر أنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما اجتمعنَ في امرئ إلا دخل الجنة». رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

 

وهذا عمر رضي الله عنه يقول: إني أكره أن أرى أحدكم سبهللا - أي فارغا - لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة.

ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: ما ندمتُ على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي، ولم يزدد فيه عملي.

ويقول الحسن البصري رحمه الله: أدركت أقواما كانوا أشد حرصا على أوقاتهم من حرصِكم على دراهمكم ودنانيركم.

 

لكنك إذا نظرت إلى واقع كثير من المسلمين اليوم فسينقلب إليك البصرُ خَاسِئًا، حين ترى إضاعة الأوقات وتَبذِير الأعمار جاوز حَدّ السَّفَه والحماقة... أوقاتٌ تهدرُ في اللهو واللعب، وفي مجالس الغيبة والنميمة، وأمام الأفلام والمسلسلات، وفي المقاهي والطرقات... تمرّ الساعات والليالي والأيام، ولا يُحْسَبُ لها حساب.. ينادي بعضنا على بعض؛ هيا بنا نقضي بعض الوقت، وبعض الساعات... نشكو من الفراغ، وكأنه لا يهمنا إلا العمل للدنيا، أو كأننا خلقنا للهو واللعب والعبث.. ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾ [المؤمنون: 115، 116].

 

نفرح عندما تغيب الشمس، ويمر اليوم أو الشهر، ولا ندرك أن العمر يمضي شيئا فشيئا.. ورحم الله الحسن البصري إذ يقول: (يا ابن آدم؛ إنما أنت أيام مجموعة، كلما مضى يوم مضى بعضك). ويقول أيضا: (يا ابن آدم؛ نهارُك ضيفك، فأحسن إليه، فإنك إن أحسنتَ إليه ارتحل بحمدك، وإن أسأت إليه ارتحل بذمك، وكذلك ليلتك).

فنسأل الله تعالى أن يلهمنا مراشد أمورنا، وأن يهدينا سواء السبيل.

 

الخطبة الثانية

إخوتي الكرام؛ إياكم والغفلة، فإنها داء عضال، ومرض فتاك، من ابتلي به وتمكن من قلبه لا تنفعه ذكرى، ولا تفيده موعظة ولا فكرة، ولا يؤثر في نفسه زجر ولا تخويف، ولا آية ولا حديث.

 

ومن استولت الغفلة على قلبه ضل وتاه وضاع وفقد كل خير، فتراه يعيش في الدنيا كما تعيش الأنعام؛ لا همّ له إلا طعامُه وشرابه وشهوته، وذلك هو الخسران المبين. قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179].

 

فاملئوا فراغكم بطاعة الله، والعمل الصالح الذي ينفعكم في دنياكم وفي أخراكم.. اجتنبوا التسويف وتأخير العمل إلى مستقبل مجهول، فالتسويفُ آفة تدمر الوقت وتقتل العمر، وللأسف فقد أصبحت كلمة "سوف" (من بعد) شعارا لكثير من الناس، يؤخرون الأعمال التي حان وقتها إلى أجل غير مسمى لا يَدري المرء هل يبلغه أم لا..

 

فإياك والتسويف وتأخير الطاعات؛ فإنك لا تضمن لنفسك أن تعيش إلى غد.. واعلم أنّ لكل يوم عمله، ولكل وقت واجباته، فلا تؤجل عمل اليوم إلى غد، بل لا تؤخر عمل اللحظة الحالية إلى اللحظة القادمة، فإن لكل أمة أجلا، ﴿ فَإِذَا جَاءَ أَجَلهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾.

 

قيل لعمر ابن عبد العزيز - وقد بدا عليه الإرهاق من كثرة العمل - : أخّرْ هذا إلى غد. فقال: لقد أعياني عمل يوم واحد، فكيف إذا اجتمع عليّ عملُ يومين؟.

 

فاتقوا الله عباد الله، واغتنموا أيام العطلة فيما ينفعكم، وعلموا أبناءكم وأحسنوا صحبتهم، وخذوا بأيديهم إلى ما فيه مرضاتُ ربكم، علموا أبناءكم محاسن الأخلاق وجميل الخصال، واستروا نساءكم وبناتكم وعلموهن الحشمة والعفة والحياء.. لا تهملوا أبناءكم ولا تتركوهم يسرحون في معصية الله كيف يشاؤون، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].

 

فيا عبد الله؛ يا قليل الزادِ والطريقُ بعيد، يا مقبلا على ما يضرّ تاركا لما يفيد، أتراك يخفى عليك الأمر الرشيد؟.

مضى أمسُك الماضي شهيدا معدلا
وأعقبَه يوم عليك شهيدُ
فإن كنت بالأمس اقترفت إساءة
فبادرْ بإحسان وأنتَ حميدُ
فيومُك إنْ عاينته عاد نفعُهُ
عليك وماضي الأمس ليس يعود
ولا تبق فضلَ الصالحات إلى غد
لعلّ غدا يأتي وأنت فقيدُ

 

فاللهم اغفر لنا ما كان من تقصير وإساءة فيما مضى من أعمارنا، ووفقنا للعمل الصالح فيما بقي من أعمارنا يا رب العالمين.

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكرّهْ إلينا الكفرَ والفسوق والعصيان، واجعلنا يا مولانا من الراشدين.

اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، ويسر أمورنا، واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا، وتوفنا وأنت راض عنا يا رب العالمين.

اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وكلمة الحق في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى، ونسألك اللهم نعيما لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، ونسألك برد العيش بعد الموت، ونسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك، في غير ضرّاء مُضرّة، ولا فتنة مُضلة. اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين، غير خزايا ولا نادمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين أجمعين، يارب العالمين.

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

 

وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإجازة الصيفية
  • الإجازة الصيفية

مختارات من الشبكة

  • العطلة الصيفية بين اليقظة والغفلة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اختتام العطلة المدرسية لشباب المسلمين بمدينة لاكيمبا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • برنامج العطلة الصيفية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • برنامج تثقيفي للأطفال المسلمين خلال العطلة الشتوية بتتارستان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • احذروا العطلة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)
  • خطبة: أبناؤنا في العطلة هموم أم همم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العطلة الصيفية(مقالة - موقع الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض)
  • الدلائل الشرعية على تحريم موافقة اليهود والنصارى في العطلة الأسبوعية(كتاب - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • استثمار الشباب العطلة الصيفية(استشارة - الاستشارات)
  • نشاطات العطلة الصيفية في بلجيكا وهولندا(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/12/1446هـ - الساعة: 15:36
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب