• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المنة ببلوع عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    أهمية التعلم وفضل طلب العلم
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    حديث: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    حقوق المسنين (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة النصر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    المرأة في الإسلام: حقوقها ودورها في بناء المجتمع
    محمد أبو عطية
  •  
    مفهوم الفضيلة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (7)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    خطبة أحداث الحياة
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    {هماز مشاء بنميم}
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    الإيمان بالقرآن أصل من أصول الإيمان
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أسباب اختلاف نسخ «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    خطبة: اشتداد المحن بداية الفرج
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: إن الله لا يحب المسرفين
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

سريلانكا وصلاتها مع العرب .. ملاحظات تاريخية

د. أورنك زيب الأعظمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/6/2015 ميلادي - 21/8/1436 هجري

الزيارات: 12781

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سريلانكا وصلاتها مع العرب؛ ملاحظات تاريخية

بقلم: م. م. م. معروف

ترجمة من الإنجليزية: د. أورنك زيب الأعظمي


سريلانكا أو سيلان التي تسمَّت بها حتى 1972م؛ أي: قبل أن تصير جمهورية، جزيرة مساحتها 25000 مربع ميل، وهي تقع على رأس الهند، وتسيطر على الطرق التجارية للمحيط الهندي، وعلى هذا فقد اتصلت هي مع العديد من بلاد العالم وثقافاتها، وأما علاقاتها مع العالم العربي- تاريخية كانت أو ثقافية- فقد كانت وطيدة للغاية، وتستهدف هذه المقالة تخطيطًا موجزًا لتلك التأثيرات التاريخية والاجتماعية.

 

العرب في فجر تاريخ سيلان وعصرها المتوسط:

كانت لسريلانكا حضارة هيدروليكية بجانب الفوائد التي تتبعها مثل الفلاحين الناجحين المقيمين، ووفرة الأغذية، والدرجة العليا من الحضارة والدراسة، حتى قبل الميلاد بثلاثة قرون.

 

عرب الجاهلية التي عرفت في سريلانكا بـ"يفَّانا" (Yavvana) كانوا تجارًا قد استوطنوها، والملك باندوكابايا (Pandukabhaya) الذي حكمها قبل الميلاد بـ377 سنة، والذي كان قد فاق معاصريه في التفكير في عمارة المديريات، قد شرع يستعمر عاصمته أنورادابورا (Anuradhapura)، ويسجِّل المهافامسا (The Mahavamsa)- المسجل أحداث القرن السادس للميلاد- أن الملك قد حدَّد مواقع ومساحات البيوتات كما حدَّد كلاًّ من المواقع لليونانيين (Yonas)، وموقع الذبح العظيم (House of Great Sacrifice) على قرب من الباب الغربي"[1].

 

وهكذا فقد تمَّ اعتبار عرب الجاهلية مهمِّين جدًّا في حياة العاصمة وفي البلاد كذلك، والواقع أنَّ دور هؤلاء العرب كان مهمًّا بالنسبة لنقل المُؤَن للناس؛ فقد زوَّدوا أسرة ملك سريلانكا وفرسانها بالحصانات السندية، وأشواك الرماح العربية؛ وذلك لأن جوَّها الرطب والحارَّ لا يوافق التربية الأهلية للحصانات، والمحافظة على أنسابها، وهكذا فتطوُّر البلاد يثبت تطوُّر عرب الجاهلية والعكس.

 

وبجانب هذه العلاقة التجارية بين عرب الجاهلية وسريلانكا، فقد كان لها بُعدٌ آخرُ خاصٌّ أوجده مجيء الإسلام، وبعد ذلك تأسيسُ الخلافة الأموية، وهو إيمان شعبي متواصل يوجد في مسلمي سريلانكا بأنهم أجيالُ أولئك العرب التجَّار، (ونفس الإيمان موجود فيما بين موبلاهي ولاية كيرالا في الهند).

 

والتغيُّر المفاجئ المثير الذي وقع مع هذا التقليد الشعبي قد سبَّب وقوعَ شبهِ تقليدٍ، بحيث إن بعض الأعراب من البرِّ العربي الرئيس اختلفوا مع خليفتهم عبدالملك بن مروان الذي قد حكمهم في القرن الثامن المسيحي، وهذا أسفر عن نفيهم عن جزيرة العرب، فغادر هؤلاء الرجال على متن السفينة، وأقاموا في موانئ شبه القارة الهندية، بينما البعض استوطنوا موانئَ سريلانكا بما فيها جفنة (Jaffna) ومنار (Mannar) وكودريمالائي (Kudremalai) وبوتالام (Puttalam) وكولومبو (Colombo) وبيروويلا (Beruwela) وغالي (Galle)، (كل هذه تقع على شمالي السواحل، وشمال غربَيْها وجنوبَيْها) وبتريكومالي (Trincomallee) (الساحل الشرقي).

 

وقد سجَّل هذا التقليد الشعبي السير الإسكندر جونستون (Sir Alexander Johnston) العالم بعلم الإنسان وقاضي قضاة سيلان في 1815م[2]، وبطريق الصدفة يقيم بهذه المناطق كلها عددٌ هائلٌ من المسلمين.

 

وَوُجودُ مثل هذا الإيمان التقليدي بالأصل جرَّ المسلمين إلى أن يحافظوا بشجاعة على هويتهم الإسلامية، ووقوفهم المتواصل عليها، ولو قد أوقع في سبيلهم عراقيل وعقبات من قِبَل القوات الاستعمارية التي حكمت سريلانكا في القرن السادس عشر المسيحي فصاعدًا (فقد تحرَّرت سريلانكا عن قيد بريطانيا في 1948م).

 

وبالجملة فقد ضبط كتاب "A Concise History of Ceylon" الذي أعدَّته جامعة سيلان انتشارَ المسلمين وإقامتهم بها، فيقول:

"وفي نهاية عصر أنورادهابورا (Anuradhapura) قد كان هناك عددٌ هائل للمسلمين على الموانئ أمثال ماهاتيتها (Mahatittha) وكولومبو"[3].

 

انتهى عصر أنورادهابورا حتى 900م، وقد كانت ماهاتيتها ميناء مركزيًّا على جانب شمال غربي سريلانكا، بينما كانت كولومبو الواقعة على جانبها الغربي هي عاصمة البلاد الكبيرة، وقد كان آنذاك مصطلح "العربي" مترادفًا لمصطلح "المسلم".

 

وبعد سنوات معدودات قد توطَّدت عَلاقات مسلمي كولومبو مع خلافة بغداد، وذلك بعد مجيء العالم العربي الكبير ابن بلكايا الذي أرشد إلى بناء مسجد ومدرسة، وتعليم مسلمي كولومبو مبادئ الإسلام؛ فقد عمل ابن بلكايا كما أمر، ودفن بعدما مات بجانب ذلك المسجد الذي قام هو ببنائه، والشاهد الضريح المنصوب على قبره يصف ما قام به ابن بلكايا من خدمات تجاه الإسلام والمسلمين، وقد تمَّ اكتشاف ذلك الرسم الحجري المنقوش في الخط الكوفي بكولومبو وهو يعزى إلى 929م[4].

 

وقد أقام بالموانئ عددٌ ملموسٌ من جماعات العرب، كان لهم اتصال مباشر بمركز الخلافة ببغداد، يقول كاتب ملمٌّ بالتاريخ:

"وقد وجد حجرٌ نُقِش عليه حروف عربية تعزى إلى القرنين الثاني عشر والثالث عشر للميلاد في بوليانثيفو (Puliyanthevu) في محافظة مانار الحاليَّة (شمال غربَيْ سريلانكا)، حجرٌ يوحي إلى وجود العرب المقيمين بهذه المنطقة"[5].

 

ولو أنَّ التجارة كانت لبنةً زاوية لبيت التأثير الذي مارسه العرب في سريلانكا، ولكنها لا تشير إلى أنَّ التجار العرب قد تمتعوا بدرجة عليا خلال تلك الأيام وكانوا أقرب إلى أسرة سريلانكا الملكية، فيقول- مثلاً- كتاب التاريخ الموثوق به:

"وقد ضبط مؤرِّخو العرب أنَّ ملك سيلان بعث إلى عامل الخلافة للمنطقة الشرقية في العقد الأوَّل من القرن الثامن المسيحي يَتامى التجار المسلمين الذين ماتوا في ظلِّ حكمه"[6].

 

لم تكن التجارة التي قد مهر فيها تجَّار العرب - كما يعتقد عمومًا - مشتملة على الأسباب المريحة لإثارة ذوق وهوى ملوك وأشراف سريلانكا المنهكي القُوَى فحسب، بل إنها قد احتوت على الأسباب التي كانت لازمة لرخاء المجتمع؛ فقد ضبط جغرافيو العرب والهند - مثلاً - أنَّ مصدَّرات سريلانكا خلال عهد بولونارووا (Polonnaruwa) الذي تبع عهد أنورادهابورا- اشتملت على الجواهر، والأحجار الكريمة، والنسُج، والتوابل، والعطور، والحُليِّ، وأخشاب البناء، والأنبتة الطبية والأدوية[7].

 

وكذا ذكر القزويني جغرافي القرن الثالث الميلادي أنَّ مصدَّرات سريلانكا احتوت على الأحجار الكريمة، والتوابل، والأخشاب الثمينة، والأدوية[8].

 

وهناك ثلاث حقائق تحتاج إلى أن نركِّز عليها وهي أن تجار العرب- باعتبارهم ماهرين بعلم الجواهر- قد أعطوا أحجار سريلانكا الكريمة من الشُّهرة ما استحقَّت؛ فقد ذكر زائر صيني للأماكن المقدَّسة أن أنواعًا من الأحجار الكريمة الزرقاء واليواقيت الحمراء قد عُرفتْ بالصين باسم "Muhammadan Stones" (الأحجار المحمَّدية)، وقد مسَّت الحاجة إلى الخشب لوضع المراكب والسفن، ولا سيما أنَّ هذه الأنواع من الخشب سهلٌ إيثاقها بألياف جوز الهند، ولم تُدَقَّ بالأظفار، ويشهدَ اليوم العديد من الأماكن على ساحل سريلانكا الشمالي الغربي بمهارة العرب في هذا المجال، ومن مثل تلك الموانئ ميناء يسمَّى بـ"نيغومبو" (Negombo)، [وغومبو (Gombo) هنا كلمة عربية لدى الغرب يرادفها كلمة "لاغون" (Lagoon)]، وهناك ميناء آخر يسمَّى بـ"كمّال ثورائي" (Kammal Thurai) ("الكمّال" هنا يعني: صانعَ الماكينة، أو حفر الحوض بدون الماء).

 

والدافع الثالث هو الطب اليوناني، وهذا من الممكن أن الطب اليوناني باعتباره طبًّا تقليديًّا للعرب قد حملوه إلى سريلانكا، فأعملوه ونشروه، بحيث عرَّفوه على فرق سريلانكا العرقية الأخرى، وعلى كل حال فعادة سريلانكا لقبول الطب اليوناني خاصة بها.

 

"وهناك رواية أخرى تقول: إنَّ سموَّ الأمير جمال الدين من أبناء سلطان كونيا في آسيا الصغرى في القرن العاشر المسيحي قد استوطن بيروويلا (ميناء على الجانب الغربي لسريلانكا) وتطبَّب بها، ومن ثمَّ بقي أولاده يسكنون هذه المستوطنة"[9].

 

الطب اليوناني، بشمول الطب اليوناني الأصيل والذي تبع كتب الأدوية للطرق الطبية التقليدية الأخرى لم يزل يتطوَّر ويزدهر في سريلانكا؛ فقد كان هذا قائمًا على قدم وساق حينما أغارت بريطانيا على سريلانكا في 1796م، ففي هذا الشأن يكتب السير الإسكندر جونستون بالنسبة لأسرة الطب اليوناني التقليدية:

"في 1806م قد عُيِّنْتُ رئيس هذه الأسرة الطبية والمسؤول الأهلي للقسم الطبي تحت سيطرة المحكمة العليا.

 

وقد اعتبره مواطنو البلاد أحدَ الأطباء الحاذقين الأهليِّين (لسيلان)، وامتلك إحدى مجموعات الطب الأهلي الرائعة، التي قد حافظ على معظمها الأسرة لمدة سبعمائة أو ثمانمائة سنة، المدة التي وجب فيها على أحد أفراد الأسرة على الأقل أن يختار هذه المهنة الطبية، وقد فصَّل لي ذاك الرجل الطبيب عن كافة نبوت سيلان التي لم تزل تستخدم لمدة سحيقة للأغراض الطبية من قِبَل الأطباء الأهليين المسلمين في هذه الجزيرة"[10].

 

وعندما أرادت الحكومة البريطانية لسريلانكا أن تجعل لجنة الاختيار للطرق الأهلية للطب (1927م) أسَّست كلية للطب الأهلي بكولومبو في 1929م، وقد كانت طريقة الطب اليوناني إحدى الطرق الطبية الأهلية التي كانت تدرَّس في تلك الكلية، والتي تشتمل على ما تشتمل عليه من الطب الآيورفيدي والسيدي[11].

 

واليوم يزدهر الطب اليوناني في سريلانكا كبديل مؤثر للطب الحديث، وهذا من الصدفة أنّ عددًا كبيرًا من الأطباء ليسوا بمسلمين.

 

وفي الفترة ما بين القرن العاشر المسيحي والقرن السادس عشر المسيحي شاطر العرب سهمًا مهمًّا في المحيط الهندي، من حيث الدولُ التجارية، ومن حيث القواتُ البحرية، وهذا إلى حدِّ أن يعتبر المحيط الهندي بحيرة عربية، ولهذا مضمون مهمٌّ بالنسبة لسريلانكا وغيرها من البلاد المجاورة للمحيط الهندي.

 

وقد كانت العامة يتَّجرون بلغة التحدث العربية على سواحل هذه المنطقة، وهذا غريب جدًّا أنَّ مسلمي سريلانكا قد فاتهم اليوم اللغة العربية في كلا المجالين؛ الكتابة، والكلام[12].

 

والمضمون الثاني هو إمبراطورية مصر المسلمة التي اعتبرتها البلاد الآسيوية قوة كبيرة، وأراد بعضهم بما فيها سريلانكا أن تظفرَ بدعمها؛ لكي تحتمي من القوات المحلية الأخرى، ومتحدثًا عن الملك بهوفانائكا باهو الأول (Bhuvanaika Bahu I) يسجِّل تاريخ سريلانكا الموثوق به:

"كان الملك مولعًا بعقد أواصر التجارة مع القوة العربية التي كانت مسيطرة على طرق السفن تلك الأيام؛ فقد بعث سفارة إلى سلطان مصر، تم استقبالها بالقاهرة في شهر أبريل 1283م.

 

وقد قال بهوفانائكا باهو في رسالاته إلى البلاط المصري: إنَّ صيد اللآلئ كان تحت سيطرته، وهو يمتلك عديدًا من المراكب.

 

وأما رغبته في توطيد العلاقة مع العرب فهي ليست إلا للتمتُّع بقوتهم البحرية ضدَّ مملكة ملايو"[13].

 

وقد تأثَّرت موانئ سريلانكا التي كانت عامة - تنظم وتزوَّد بالرجال المسلمين- تأثُّرًا شديدًا بالتراث العربي، وقد سجَّل في كتاباته السير الإسكندر جونستون أنَّ القانون البحري النافذ في السواحل كان عربيًّا (مسلمًا) في الشكل والمضمون.

 

وبجانب هذه التأثيرات القانونية والتجارية فقد أثَّر التراث العربي على جوانب من حياة الناس الثقافية في سيلان الوسطى؛ فقد استعاروا - مثلاً- أشياء في مجالات الهندسة المعمارية بما فيها أساليب الزخرفة والبناء.

 

ومن طريق الصدفة أنَّ نسيجًا مطرزًا في معبد غادالادينيا الهندوسي بسيلان المركزية يصوِّر الفرسان الراكبين الجمال، ولكنه لا يتضح هل هذا شكل متكرِّر أصلي؟ أو منظر عسكري أصيل؟

 

عَلاقة العرب مع سريلانكا الحديثة:

أصبح تأثير العرب على سريلانكا ضئيلاً حتى القرن السادس عشر الميلادي؛ وهذا لأنَّ البرتغاليين قد مهروا في فن وضع المراكب الضخمة مع المدافع الملتف بعضها بالبعض.

 

والعرب باعتبارهم قوة بحرية قد تولَّوْا عن البحور الآسيوية، (ولو أنَّ الخلافة العثمانية قد أصبحت قوة عسكرية كبرى خلال تلك الأيام تناشد الإعجاب بالمفكِّرين الأوربيين مثل جين بودين (Jean Bodin) ولكنها لم تغامر في المياه الآسيوية).

 

الفترة من 1505م حتى 1948م كانت عصر سريلانكا الاستعماري، ينقسم هذا العهد فيما يلي: الحكم البرتغالي (1505- 1656م)، والحكم الهولندي (1656- 1796م)، والحكم البريطاني (1796- 1958م)، وقد كان الحكم البريطاني تحرريًّا، بينما الحكم البرتغالي والهولندي لم يكونا في عون المسلمين[14].

 

وعلى كل حال فقد كانت هناك دوافع أثناء حكم البرتغاليِّين والهولنديِّين على سريلانكا، بقيت تحيي بعض التأثيرات العربية الأثرية، ومن تلك الدوافع الحج السنوي الذي أوجد إلى حدٍّ ما في سريلانكا فرقة صغيرة، ولكن مؤثرة للحجَّاج الذين رجعوا إلى البلاد بموقف جديد ووجهة نظر بالنسبة لحياة سريلانكا الإسلامية.

 

والدافع الثاني: مدارس شبه القارة والشرق الأوسط، التي التحق بها بعضُ المسلمين لنيل الدراسات العليا[15]، وقد استوطن بعض هؤلاء الرجال المثقفين الهند أو الشرق الأوسط.

 

وقد ظهر نوع من التأثير العربي- الإسلامي- اللطيف في المدارس القرآنية التي تخرَّج فيها معظم أولاد المسلمين حتى العصر الراهن؛ إنهم تعلَّموا فنَّ قراءة القرآن الكريم والعبادات الإسلامية، وقليلاً من اللغات المحلية، وعلم الحساب.

 

والمهمُّ هنا هو ممارسة حياة العرب وأفكارهم التي نقلها الأساتذة في تلاميذهم- ولو خفيفًا- وهذا سبب آخر وراء كون مسلمي سريلانكا ملتزمين التزامًا تامًّا بالإسلام[16].

 

ويلحق بهذا اكتشاف اللغة التاميلية- العربية (اللغة المحلية) التي يتمُّ خطها بالحروف العربية، وقد أعطى هذا الخط مسلمي سريلانكا شعورًا بالاتحاد مع الجوِّ العربي- ولو عن طريق اللغة- وله مناقص وعيوب، لا يسمح هذا الموضع بذكرها[17].

 

وقد خلقت اللغة العربية التاميلية والتاميلية الأصلية صنفًا خاصًّا للنصوص القصصية والغير القصصية المصطبغة بالخلفية الإسلامية[18]، فكان بعضها في النثر، بينما الجزء الكبير منها كان في الشعر، وتتراوح موضوعاتها بين سير الرسول محمد صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه رضي الله عنهم وتراجم عرب الجاهلية المشهورين؛ مثل: حاتم الطائي وغيره من العرب[19].

 

وقد حررت غارة بريطانيا على سريلانكا التجارة كما جاءتها بالزراعة الغرسية؛ مثل: القهوة، والشاي (بعد فشل القهوة)، وقد أنتجت عن توطيد العلاقة التجارية مع الدول العربية.

 

وفي الربع الأخير للقرن التاسع عشر الميلادي قد حصَل للتأثير العربي على سريلانكا زيادة مفاجئة بمجيء الجنرال عرابي (Ahmad Urabi Pasha) المعروف بـ"عرابي باشا"، فقد نُفِي المواطن المصري عرابي باشا بعد فشله في معركة التل الكبير إلى سيلان في 1882م، ومنذ ذاك حتى 1901م حينما رجع إلى مصر بقي هذا البطل شخصيةً جذابة قوية في سيلان لكل من المسلمين، والعامة، والبيروقراطية البريطانية في سيلان[20].

 

إن هذا الرجل شجع- إلى حدٍّ ما- على دراسة اللغة العربية، وإقامة المدارس الخاصة بالمسلمين، وأخيرًا ولا آخرًا الطربوش (القلنسوة التركية) كملبس خاص للمسلمين المثقفين.

 

وفي بداية القرن العشرين استوطن سيلان بعضُ العرب من الشرق الأوسط كتجَّار، وفي غضون ذاك توسَّع المجال لإقامة المدارس العليا والدراسات العربية في سريلانكا بسبب إقامة المدارس لتعليم العلماء في البلاد (بما فيها البارئ، والإبراهيمية في شمال سريلانكا)، واليوم هناك نحو 80 مدرسة في سريلانكا، والعلماء الذين يتخرجون فيها لا يمهرون في العلوم الإسلامية فحسب، بل هم يتضلعون من اللغة العربية القديمة والجديدة[21] على السواء، وعلى كل حال فهم قليل عددُهم لرسم منظر العربية الريفي من جديد في سريلانكا؛ ولمنح علم العربية لكافة المسلمين.

 

وكافة المجلات والجرائد الإسلامية الصغيرة من Muslim Neisan إلى Muslim Guardian تحوي كثيرًا من أخبار العرب وشخصياتهم[22].

 

وحينما أصبحتْ سريلانكا مستقلة في 1948م أعطى وضع العالم الناشئ شيئًا من البروز لدول العالم الثالث والسياسة العربية عن طريق التطورات الأخيرة؛ مثل حركة عدم الانحياز؛ وهذه أسفرت عن أنَّ ثلاث دول عربية أوجدت سفاراتها لدى سريلانكا؛ وهي: مصر، والعراق، وليبيا.

 

إنها أسهمت في رفاهية المسلمين الاجتماعية، كما أعانت في رفع المستوى الاجتماعي للشعب العام لسريلانكا، وكذا أسهمت فيها كثيرًا السعوديةُ العربية؛ التي أوجدت لديها سريلانكا سفارتها، وأما عن جهة الحكم فقد بقيت حكومات سريلانكا التابعة معينة للقضايا العربية مثل قضية فلسطين.

 

وهناك جوانب عديدة للعلاقة الراهنة بين سريلانكا والدول العربية تحتاج إلى التركيز عليها، فألف ليلة وليلة الذي هو ذخيرة القصص العربية قد مارس تأثيره على الأدب المعاصر للغة السنهالية- اللغة المحلية لسريلانكا- فتقنية القصص فيما بين القصص والوصف الوافر والتغييرات السريعة في حركة القصص والنهايات المفاجئة، هي بعض ميكانيكيات القصة التي استعارتها القصة السنهالية من كتاب ألف ليلة وليلة منذ الربع الأخير للقرن التاسع عشر المسيحي، والواقع أنَّ قصة المغامرة الموجودة في اللغة السنهالية ربما تسمَّى بـ"Arabi Nischolaya" التي تعني: "أعمال البطولة العربية" باللغة السنهالية.

 

وتصدير الشاي عامة هو أكبر نافع للصرف الأجنبي لسريلانكا، ومصر والسعودية العربية، والأردن هي على رأس الدول العربية المورِّدة لشاي سريلانكا، وكذا ليبيا تحتلُّ أهمية كبرى في هذا الميدان، وهذه الدول تشتري عامة شايًا له تسكينٌ أكثر، وهو يعني في الدوائر التجارية: "الشاي مع العبير الصفو، والذي يصلح لصنع مشروبات متعددة"، وبجانب هذا تصدِّر سريلانكا إلى الدول العربية نوعًا من المنتوجات التي تشمل الخضراوات الطرية، والنباتات التي تعود إليها بأكثر ما تصرفه من قدر البترول.

 

واليوم يخمن أن 250000 نسمة سريلانكية موظفة فيما وراء سواحل سريلانكا ومعظمهم يعملون في الدول العربية، والمبلغ الذي يرسلونه إلى سريلانكا هو أيضًا ثاني اثنين بالنسبة للتحويل الدولي إذ الأول الشاي.

 

ومن يعملون في الدول العربية من أهالي سريلانكا يقسمون خمس زمر:

(1) المهنيُّون؛ أمثال الأطباء والمحاسبين والمعماريِّين، والعلماء المحدثين.

(2) الأساتذة من الجامعات حتى مستوى المدارس.

(3) العمَّال المهرة.

(4) العمال العاديُّون.

(5) الخدَّامات.

 

بينما يمكن عزل القسمين الأول والثاني عن الجو العربي بسبب أشغالهم الشاغلة التي لا تعطيهم أي فرصة للاختلاط؛ فالأقسام الأخرى لها عَلاقة دائمة مع مناطق العرب ولغتهم؛ فهم يختارون اللغة، ويعثرون ولو قليلاً على معيشة العرب، والواقع أنَّ هذه تجربة عادية للمسلمين (الذين اعتبروا حياة العرب حياتهم، فاستعدوا لمواجهتها عقلاً وفكرًا).

 

وعلى كل حال فالعدد الملموس من عمَّال سريلانكا في الدول العربية هم ليسوا بمسلمين فهم يتَّصلون بنوع جديد للحياة حياة منتظمة ودينية؛ فمعظمُهم يعودون بتلك المواقف حينما يرجعون إلى وطنهم.

 

وكذا تكون الخدامات عددًا ملموسًا من أهالي سريلانكا الذين يعملون في الدول العربية، أما بالنسبة للمسلمات فهذه دار لهنَّ اعتادوا المكوث بها، ولكن بالنسبة لغير المسلمات فهذه طريقة مختلفة للحياة فهي معيشة تكون فيها النساء مستقلات ولكنهنَّ مفصولات عن الرجال.

 

إنه مجتمع تُصان فيه النساء عن أي نوع من الانحراف السلوكي والجريمة الكبرى، إنها معيشة تنفذ فيها قوانين الملابس والسلوكيات بصورة إجبارية، وبالجملة فهذا وجود له نظام محكم.

 

وبخصوص النساء غير المسلمات فإنهنَّ يتعلَّمْنَ اللغة العربية التي لم يَأنسْنَ إليها في سريلانكا البتة، كما يتمتَّعن بشيء من المعلومات عن الشخصيات العربية، والشؤون الراهنة، وعن الأطعمة والملابس، ولكن أهمها وأفضلها أنهنَّ يجمعن الأموال لبناء البيوت، وتعليم أولادهنَّ، وإقامة الدكاكين، وتزويج إخوانهنَّ أو أخواتهنَّ.

 

وبهذا الشأن فمكوثُهنَّ في الدول العربية يعينهنَّ في قضاء حياة فيها رخاء في بلادهنَّ؛ فموقفهنَّ مع العرب والمسلمين يثبت أكثر توكيديًّا.

 

الختام:

عَلاقة العرب مع سريلانكا قديمة لآلاف السنين، ويرجع تاريخها إلى العصر الجاهلي، وكانت التجارة كما هي الآن العمود الفقري لهذه العلاقة الوطيدة، وفي هذه الأيام قد تعزَّزت هذه العلاقة العربية، ومن أجذب التطورات الحديثة هي ظاهرة النساء السريلانكيات العاملات في الدول العربية، إنَّ هذه الفرصة تبصِّرهُنَّ بالمعيشة العربية.

 

ثبت المصادر والمراجع:

1- ولهيلم غيغر وم.ه. بودي: The Mahavamsa or the Great Chronicle of Ceylon، كولومبو، 1950م وأعيد طبعه في 1912م.


2- قسم الإحصائيات: Statistical Pocketbook of Sri Lanka، كولومبو، سنة الطبع لم تذكر.


3- م.م.م. معروف وم. عزيز: Ethnological Survey of the Muslims of Sri Lanka، مؤسسة السير رازق فريد، كولومبو، 1986م.


4- سي. و. نيكولاس وس. بارانزفيتانا: A Concise History of Ceylon-- to 1505، جامعة سيلان، كولومبو، 1961م.


5- مجلة "Hamdard Medicus" الصادرة عن كراتشي، الباكستان.


6- مجلة "Muslim Education Quarterly" الصادرة عن كيمبريج، إنكلترا.


7- مجلة "Hamdard Islamicus" الصادرة عن كراتشي، الباكستان.


8- مجلة "Islamic Studies" الصادرة عن إسلام آباد، الباكستان.


9-مجلة "Islamic University Quarterly" الصادرة عن لندن، إنكلترا.


10-مجلة "Islamic Culture" الصادرة عن حيدر آباد، الهند.


11- مجلة "Journal of Islamic Studies" الصادرة عن جامعة أوكسفورد، إنكلترا.

 


[1] The Mahavamsa or the Great Chronicle of Ceylon، ص: 74

[2] Ethnological Survey of the Muslims of Sri Lanka، ص: 4.

[3] A Concise History of Ceylon، ص: 174.

[4] المصدر نفسه والصفحة ذاتها.

[5] Ethnological Survey of the Muslims of Sri Lanka، ص:.27

[6] A Concise History of Ceylon، ص: 164.

[7] المصدر نفسه، ص: 253.

[8] Ethnological Survey of the Muslims of Sri Lanka، ص: 22.

[9] المصدر نفسه ص: 5

[10] Hamdard Medicus، xxxvii/3/14-ف.

[11] المصدر نفسه، ص: 18

[12] Hamdard Islamicus، xv/4/15-ف.

[13] A Concise History of Ceylon، ص: 288

[14] Islamic Studies، 29؟4؟353- ف.

[15] Islamic University Quarterly، 1/4/29- ف.

[16] Muslim Education Quarterly، 6/1/15- ف.

[17] Islamic Studies، 32/2/169- ف.

[18] المصدر نفسه.

[19] Islamic Culture، xivii/4/301- ف.

[20] المصدر نفسه.

[21] Journal of Islamic Studies، 6/1/25-ف

[22] Muslim Education Quarterly، 11/4/32-ف





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سريلانكا: وزراء جدد من المسلمين في مجلس الوزراء الجديد
  • سريلانكا: الندوة العالمية تنفذ عدة برامج تدريبية
  • سريلانكا: استبعاد المسلمين من لجنة المنح الجامعية
  • سريلانكا: مؤتمر مسلمي سريلانكا يمثل المسلمين
  • سريلانكا: برامج للشباب من منظور إسلامي للندوة العالمية

مختارات من الشبكة

  • سريلانكا: مفوضة حقوق الإنسان تدعو سريلانكا للحد من العنف الطائفي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • سريلانكا: قلق أمريكي من الهجوم على المساجد في سريلانكا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • سريلانكا: جهود الهند في حل مشاكل مسلمي سريلانكا غير كافية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • سريلانكا: جمعية خيرية تركية تبني دار أيتام بسريلانكا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • سريلانكا: أول مسلم يتولى منصب نائب رئيس المحكمة العليا في تاريخ سريلانكا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • سريلانكا: نقابة تركية تبني مسجدا في سريلانكا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • سريلانكا: اتحاد علماء المسلمين يدعو سريلانكا لحماية المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • سريلانكا: إنقاذ نازحي ميانمار من الغرق بالقرب من سريلانكا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • سريلانكا: ندوة عن التحديات التي تواجه مسلمي سريلانكا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • سريلانكا: التعداد الرسمي للمسلمين في سريلانكا(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/11/1446هـ - الساعة: 8:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب