• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام
علامة باركود

وفاة الباحث المحقق والداعية المصلح عبده كوشك

أ. أيمن بن أحمد ذو الغنى

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/5/2015 ميلادي - 22/7/1436 هجري

الزيارات: 14880

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وفاة الباحث المحقِّق والداعية المصلح

عبده كوشك

(1374- 1436هـ / 1954- 2015م)

 

كتبها: أيمن بن أحمد ذوالغنى

إنا لله وإنا إليه راجعون.

ببالغ الأسى تلقَّيت نبأ وفاة الأستاذ الفاضل، الباحث المحقِّق، والخطيب المصلح، الشيخ عبده كوشك الدَّاراني، أحد وجوه مدينة دارَيَّا الكبرى في غوطة دمشق الغربيَّة، إثر حادث أليم وقع له في مُهاجَره مدينة الإسكندرية بمصر، عقب زيارة للشيخ مصطفى العدوي بمدينة المنصورة، صُحبةَ عمِّه والد زوجه الشيخ المحقِّق حسين سليم أسد الدَّاراني، ليلة الخميس الثاني عشر من رجب 1436هـ (30/ 4/ 2015م) عن 62 سنة، وكان الدفن عصر الخميس في المسجد العتيق بمدينة بُرج العرب في الإسكندرية.

 

رحمه الله تعالى رحمةً واسعة، وغفر لنا وله، وجعل ما قدَّم من عمل في خدمة التراث الإسلاميِّ شافعًا له يوم الحساب.

 

وعجَّل بشفاء عمِّه الأستاذ حسين أسد مما أصابه من كسر في الحوض وغيره ورضوض في جسده من جرَّاء الحادث.

وأحسن الله عزاء الشام عامَّة ودارَيَّا خاصَّة،

وعزاء طلاب العلم والباحثين المنتفعين بتحقيقاته،

وعزاء أبنائه الحفَّاظ أحمد وأسامة ووائل،

وعزاء عمِّه شيخنا المحقِّق حسين سليم أسد.

إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمًّى.

 

ترجمة موجَزة [1]:

هو عَبدُه بن عليِّ بن مصطفى كُوشَك الدَّاراني.

وُلد بدارَيَّا دمشق (دارَيَّا الكبرى) عام 1374هـ (1/11/ 1954م).

تخرَّج في كليَّة الاقتصاد والتجارة بجامعة دمشق، عام 1981م.

وعمل سنوات طويلة مفتِّشًا في الجهاز الماليِّ للرَّقابة والتفتيش، ثم استقالَ للتفرُّغ للعمل العلميِّ والتعليميِّ والدعوة والإصلاح.

 

طلب العلم الشرعيَّ في مسجد سيِّدنا زيد بن ثابت الأنصاريِّ بدمشق، بين عامي 1972 و1980م، فدرس الفقه الشافعيَّ وأصولَ الفقه والتفسيرَ وعلوم القرآن، وفي جامع المِنبَر في دارَيَّا الذي كان يحضُر إليه للتدريس شيخُنا محمد سعيد كوكي رحمه الله، وتخرَّج في علم الحديث والتحقيق بعمِّه الشيخ أبي سليم حسين سليم أسد، وتأثَّر بشيخنا المحدِّث عبد القادر الأرناؤوط رحمه الله وأفاد منه.


من مشايخه:

◄ رائد النهضة المسجدية بدمشق الشيخ عبد الكريم الرفاعي رحمه الله.

◄ الشيخ محمَّد عوض رحمه الله.

◄ الشيخ شوكت الجِبالي رحمه الله.

◄ الشيخ عبد الفتَّاح السيِّد حفظه الله.

◄ الشيخ جمال الدين السَّيرَوان حفظه الله.

◄ شيخنا أسامة بن عبد الكريم الرفاعي حفظه الله.

◄ شيخنا محمَّد سعيد كوكي رحمه الله.

◄ شيخنا المحدِّث عبد القادر الأرناؤوط رحمه الله.

◄ الشيخ المحقِّق حسين سليم أسد الدَّاراني حفظه الله.

◄ وأفاد من صحبة العالم والمؤرِّخ الموسوعيِّ الفلسطينيِّ الأستاذ محمَّد محمَّد حسن شُرَّاب نزيل دارَيَّا رحمه الله، وقرأ عليه كتاب (الكامل) للمبرِّد وغيره.

 

في مَيدان الدعوة والإصلاح:

تولَّى خِطابة (جامع المصطفى) بدارَيَّا منذ تأسيسه مدَّة عشرين سنة، وكان مديرًا للمعهد الشرعيِّ فيه لتحفيظ القرآن الكريم، ومن ثمرات رعايته للطلبة تخريجُ أجيال من حفَّاظ كتاب الله كلَّ عام.

 

وكانت له يدٌ طُولى في الإصلاح والعمل الخيريِّ بدارَيَّا، من ذلك:

◄ أسهم في بناء عدد غير قليل من المساجد فيها، مثل: جامع نور الدين الشهيد، وجامع التوبة، وجامع حُذيفة بن اليَمان، وجامع السَّمْح بن مالك الخَولاني، وجامع الحسن والحسين.

◄ أسهم في إنشاء (جمعيَّة الشِّفاء الخيرية) فيها.

◄ أسهم في إنشاء (مشروع كفالة اليتيم) فيها.

◄ أسهم في إنشاء أكبر مكتبة في دارَيَّا بجامع المصطفى.

◄ أسهم في (العُرس الجماعيِّ) الذي زُوِّج فيه قُرابة خمسين شابًّا من أبنائها.

 

وله نشاط دائب في حلِّ مشكلات الأهالي، والسَّعي في حوائجهم، وكان بيته مقصِدًا لليَتامى والأرامل والمساكين، جزاه الله عنهم خيرًا.

 

من شمائله:

عُرف من وقت مبكِّر من حياته بالجِدِّية والعصاميَّة، فأشرف على تربية إخوته بعد وفاة أبيه، وتنشئتهم التنشئةَ السويَّة، جامعًا بين الدراسة والعمل، لضيق ذات اليد.

 

واتَّصف بشدَّة الحرص على وقته، فكان ينكبُّ على الكتب؛ قراءةً ودراسةً وتحقيقًا، بما لا يقلُّ عن 17 ساعة يوميًّا، لا يصرفه عن الكتاب إلا السعيُ في شؤون المحتاجين والمُعوِزين القاصدين مساعدتَه.

 

وكان منظَّمًا في شؤونه وأعماله، لكلِّ مهمَّة في جدوله وقتٌ معلوم، حتى وجَبات الطعام لها وقتٌ محدَّد لا يحيد عنه.

 

ولم يكن يبالي بالدنيا أقبلت أو أدبرت، يميل إلى الزهد والتواضُع، ولا يهتمُّ بما يوضَع له من طعام، فحسبُه أن يتناولَ منه ما يقيم أوَده ويعينه على أداء رسالته.

 

ولا يكاد يشغله همٌّ عن حال الأمَّة والنهوض بها وبشبابها؛ رجالِ المستقبل وبُناته. مع حرص شديد على رفع مستوى أبناء بلدته دارَيَّا علميًّا وفكريًّا وسلوكيًّا. وكان سَمحًا سهلاً، يؤثر العفوَ عن المسيء، وجمعَ الكلمة ونبذَ الفرقة.

 

وكان رحمه الله رقيقَ الحاشية سريعَ العَبرة، قلَّما ذكر الله إلا فاضت عيناه خشيةً وإخباتًا، ومذ توفِّيَت أمُّه قبل عشرين عامًا لم يذكرها مرَّة إلا سبقته الدموع، حزنًا على فقدها.

 

ولبناته لديه منزلةٌ ومحبَّة خاصَّة، ما إن تدخل إحداهنَّ المنزل حتى يسارعَ إليها لاستقبالها والترحيب بها، بحنان غامر.

 

تحقيقاته العلميَّة:

◄ الشمائل المحمَّدية، للإمام الترمذي (279هـ).

◄ طبقات الأسماء المفردة من الصحابة والتابعين وأصحاب الحديث، لأبي بكر البَرْديجي (301هـ).

◄ جزء الحافظ محمَّد بن بشَّار فيما رواه عن شيوخه، برواية أبي يعلى المَوصلي (307هـ)، من سلسلة لقاء العشر الأواخر.

◄ الشِّفا بتعريف حقوق المصطفى، للقاضي عِياض (544هـ).

◄ تهذيب الأسماء واللغات، للإمام النووي (676هـ)، في 4 مجلَّدات.

◄ روضة الطالبين وعُمدة المفتين، للإمام النووي، في 8 مجلَّدات.

◄ التِّبيان في آداب حمَلة القرآن، للإمام النووي.

◄ رياض الصالحين، للإمام النووي.

◄ الأذكار، للإمام النووي.

◄ الكبائر وتبيين المحارم، للحافظ الذهبي (748هـ).

◄ تحفة المودود بأحكام المولود، للإمام ابن قيِّم الجَوزية (751هـ).

◄ بلوغ المرام من أدلَّة الأحكام، للحافظ ابن حجَر (852هـ).

◄ الروضة الريَّا فيمن دُفن بدارَيَّا، لعبد الرحمن العِمادي (1051هـ).

◄ نور اليقين في سيرة سيِّد المرسَلين، لمحمَّد الخُضَري (1345هـ).

◄ محاضرات في تاريخ الأمم الإسلاميَّة الدولة الأموية، لمحمَّد الخُضَري.

◄ محاضرات في تاريخ الأمم الإسلاميَّة الدولة العباسيَّة، لمحمَّد الخُضَري.

◄ إتمام الوفاء في سيرة الخلفاء، لمحمَّد الخُضَري.

 

وله في التأليف:

◄ المقصِد الأعلى في تقريب أحاديث الحافظ أبي يعلى (وهو ترتيبٌ لأحاديث مسند أبي يعلى المَوصلي على أبواب الفقه)، في 3 مجلَّدات.

◄ رَوض الخمائل على الشَّمائل.

◄ دنيا النساء الصالحات، كلمات ومواقف.

◄ أنيس الأخيار في المواعظ والأخبار.

◄ صفَحات مشرقة من تاريخ أعلام الأمَّة.

 

وشارك عمَّه الأستاذ حسين أسد في إخراج عدد من الكتب، منها:

◄ موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبَّان، للحافظ الهيثمي (707هـ).

◄ معجم شيوخ أبي يعلى المَوصلى.

 

أمَّا آخر ما حقَّق فكتاب (جامع العلوم والحِكَم) لابن رجب الحنبلي (795هـ)، وهو في الطباعة الآن.

 

وأمَّا آخر ما ألَّف، ووضع عنه القلمَ قبل يومين من وفاته فهو كتابٌ عن أعلام مدينة دارَيَّا، بعنوان (جَولةٌ مع شخصيَّات شاميَّة دارانيَّة) وكانت آخر ترجمة في الكتاب لأستاذه محمَّد محمَّد حسن شُرَّاب رحمه الله.

 

أولاده:

رزقه الله ذرِّية صالحة أحسبُهم كذلك ولا أزكِّيهم، عِدَّتهم ثلاثةُ أبناء وثلاثُ بنات، كلُّهم حافظ لكتاب الله تعالى، هنيئًا له بهم، وجزاه عنهم خيرًا.

 

وهم:

المهندس أحمد بن عبده كوشك، مهندس مدني.

المهندس أسامة بن عبده كوشك، مهندس ميكانيك.

الطبيب وائل بن عبده كوشك، طبيب أسنان.

الأستاذة أسماء بنت عبده كوشك، متخصِّصة باللغة العربيَّة.

الأستاذة آلاء بنت عبده كوشك، متخصِّصة باللغة العربيَّة أيضًا.

الطالبة دعاء بنت عبده كوشك، تدرس في المرحلة الجامعيَّة فرع الإعلام.

وفَّقهم الله جميعًا، وسدَّدهم للسير على درب أبيهم العالم الصالح.

 

خاتمته:

كان امتُحن الأستاذ عبده كوشك رحمه الله في أحداث الثمانينيَّات الميلادية ولوحق وأوذي، ولكنَّ الله لطَف به وأنجاه.

 

ومع اندلاع الثورة الشعبيَّة في سوريا على الظُّلم والاستبداد، عام 2011م، وقف موقفًا جريئًا في نُصرة الحقِّ وأهله، وفي إثر خُطبة عصماء هاجم فيها الظلمَ والظلاَّم، عُزل عن الخِطابة، واقتُحم بيتُه، وسيق إلى المعتقَل، بيدَ أن لطف الله أحاط به مرَّة أخرى؛ إذ أُفرج عنه في اليوم التالي.

 

ثم اضطُرَّ مُكرهًا إلى الخروج من الشام مهاجرًا إلى الإسكندرية، في الشهر التاسع عام 2013م، عقب المجزرة المروِّعة بدارَيَّا، التي ذهب ضحيَّتَها زُهاء ألف بريء من الأهالي العُزْل، تقبَّلهم الله في الشهداء الأبرار.

 

ولم يكد يستقرُّ في مصرَ حتى ابتُلي بالقُلاب (داء القلب)، وأصيب بأزمة شديدة، أُجري له على إثرها جِراحةُ قلب مفتوح.

 

ولكنه مع ذلك لم يدَع القلم ولم يركن إلى الراحة، بل مضى على سنَّته في الشام يواصل الليلَ بالنهار في تحقيق كتب الحديث والعلم الشرعيِّ، شكر الله جهوده وكتب لها القَبول.

 

وفي الأشهر الأخيرة من حياته حُبِّب إليه قيامُ الليل ومناجاة الخالق سبحانه في السَّحَر، وبات يجد فيه أُنسَه وراحة باله وطُمأنينة فؤاده.

 

وفي الأيام الأخيرة من عمُره المبارك نشط مع عمِّه وأستاذه الشيخ حسين سليم أسد في زيارة بعض علماء مصرَ من المشتغلين بعلم الحديث، فكانت لهم زيارةٌ للشيخ المحدِّث أبي إسحاق الحُوَيني، وزيارة للشيخ مصطفى العدَوي في المنصورة، وعقب عودتهم إلى الإسكندرية من الزيارة الأخيرة وقع لهم الحادثُ المشؤوم؛ إذ دخل في سيارتهم (تراكتور) زراعي، أصاب الجالسين في الخلف إصابات بليغة، أدَّت إلى تهشُّم جُمجُمة الأستاذ ووفاته، أسبغ الباري عليه الرحَمات، وله الحمدُ دومًا على قضائه وقدَره.

 

ويذكُر أحد رُفقاء رحلته أن الشيخ كان مضطربًا في طريق العودة، يبدو عليه القلق وضيق الصدر، وقد طلب من الإخوة إغلاقَ النوافذ، وقال لهم: الأحسن إذا متنا أن تكونَ النوافذ مغلقة! فكأني به قد أحسَّ بدنوِّ الأجل وقرب لقاء ربِّه!

 

وأخبرهم المغسِّل: أنه حين أخرج جُثمانه من ثلاجة المشفى كان جسدُه على خلاف المعهود دافئًا وكأنه لم يوضَع فيها! وكان مُحيَّاه مشرقًا بابتسامة رضًا، يُرجى أن تكونَ بُشرى خير بحُسن الخاتمة.

 

وفي يوم الجمعة التالي لدفنه، جعل عددٌ من خُطباء الجمعة في مدينة بُرج العرب خُطبتهم عن الشيخ وعن جهوده العلميَّة، ودعَوا له بالرحمة والمغفرة.

 

كلمات وفاء:

كتب ابنُ شيخه الأخُ الحبيب الأستاذ محمد الطيِّب بن سعيد كوكي كلمات وفاء في رحيله قال فيها:

((تشهد لك كتبُك وإخوانك ومعارفك بعلم رصين وتواضُع جمٍّ ونُكران للذات.

تدخل المكانَ وتخرج فلا يلحَظ الموجودون إلا طيفًا لطيفًا دخل وخرج.

وتراسل العلماء وتتواصل معهم فلا يجدون منك إلا غاية الاحترام والتقدير.

وتسلِّم على أقرانك ونظرائك فلا تُشعرهم بتفوُّقك عليهم.

واليومَ تنتقل بحادث سيَّارة كالذي كان قدَر سيِّدي الوالد فيه!

 

كنت أشهد محبَّتكم الصافية النقيَّة، وألمح بريقَ عيون الوالد رحمه الله لدى ذكرك كما ألمحها عند لقائك... رحمكما الله.

 

لا أملك اليومَ مع دمعتيَّ الساخنتَين إلا أن ألتجئَ إلى المولى سبحانه أن تلتقيَ مع سيِّدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن تجتمعَ مع أحبابك من المشايخ والعلماء في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

 

واللهَ نرجو أن يعوِّضَ الأمَّة الإسلاميَّة خيرًا.

وإنا لله وإنا إليه راجعون)).

 

وكتب أحدُ أحبابه شاعرُ الثورة السورية الأستاذ أنس الدُّغَيم كلمة مؤثِّرة قائلاً:

((كلُّ من حفظ القرآن في ‫دارَيَّا سيقول اليوم: إنا لله وإنا إليه راجعون!

 

ربما قُصِفت ودُمِّرت كلُّ المساجد التي كنت تُقيم فيها حِلَقَ الذِّكر والعلم، وتؤسِّسُ فيها للجيل القرآنيِّ الجديد، ولكنَّ تلاميذَك اليومَ يعمُرون الجبَهات بقلوبهم وقرآنهم وإيمانهم.

 

عرفتُكَ محبًّا لله وللإسلام، حاملاً لهموم البلد والأمَّة، محدِّثًا عن رسول الله، محقِّقًا فيما جاء عنه، مربِّيًا للشباب، أستاذًا في مكارم الأخلاق.

 

كان لقبُ شاعر الإسلام كبيرًا عليَّ، وعندما كنت تقدِّمني به إلى الناس، كان يكبرُ عليَّ مرَّتين.

 

كان يومُك في سبيل الله أكثرَ من 24 ساعة، وكان قلبُك في سبيل الدين والأمَّة أمَّة.

 

فكان ما ألَّفتَ من رجال أكثرَ ممَّا صنَّفتَ من كتب.

 

أحببتُكَ كما لم أحبَّ عالمًا قطُّ، لأنك كنت عاملاً بعلمك، كريمًا بأدبك، طيِّبًا بكرمك.

 

أستاذي وشيخي، المحدِّث الكبير والمربِّي الفاضل، عبده الكوشك أبو أحمد /دارَيَّا.

سقاكَ الغيثُ إنكَ كنتَ غيثًا =  و يُسرًا حينَ يُلتَمَسُ اليَسارُ

 

تلميذك الذي أحبَّك وأحببتَه: أبو معاوية أنس الدغيم)).

 

أمَّا صهرُه الأستاذ خالد سيِّد سليمان الداراني زوجُ ابنته آلاء، فقد عبَّر عن لوعته بكلمات تقطُر حزنًا، قال:

((عمِّي... شيخي... كُحل عيوني... قُدوتي... صديقي... مغيِّر حياتي.

 

والد زوجتي الصالحة... جدُّ أولادي الرؤوف العطوف... الجواد الكريم... العَلَم كالجبل الشامخ... العالم المتواضع... العلاَّمة المحقِّق.

 

من أين أبدؤها؟

كيف لي أن أصدِّقها تلك الحقيقة المرَّة؟!

والله يحكمُ لا معقِّبَ لحُكمه.

نزلتُ إلى قبره لأسجِّيَه بيديَّ هاتين ولا أصدِّق!

أفكُّ رِباطَ قدميه لأهويَ على تقبيلهما، وأمرِّغَهما بوجهي.

أحاول أخذ يديه لأفعلَ ما هممتُ بقدميه.

يده تلك التي قبضَ بها على يدي وقال لي معلنًا أمام العدول: زوَّجتك وأنكحتك فِلذةَ كبدي آلاء.

أناديه: عمِّي قُم معنا، لا ترحل عنَّا، لا تتركنا؛ فإنا بحاجة لنصحك وتوجيهك, عمِّي... معلِّمي... تعال معي يا عمِّي!

ما زلتُ أناديه رغم أني بيديَّ هاتين سجَّيته في قبره!

.................

ارتجفَت يداي وذرفت دموعي غِبطةً له وحسرةً على نفسي!

لمثل هذه الساعة كان يعيش.

لمثل هذه اللحَظات استعدَّ واجتهد، ويا حسرةً علينا!

 

تذكَّرت حينها موقفًا لا أنساه، عندما قلتُ له: يا عمِّي، أرِح نفسَك في رمضان واعتذر ممَّن يقصدك لحاجة، فصحَّتك لها حقٌّ.

 

فألمحني نظرات الطامع برضا الله وقال لي: والله يا أبو أحمد، (بطق) إذا دقُّوا البابَ وما قضَيت حوائجهم، وأعرف أنه ذنبٌ من ذنوبي حرمني ذلك!

 

مَن للأرملة والمسكين من بعدك؟!

مَن لليتيم من بعدك؟!

مَن لبناء المساجد من بعدك؟!

مشاريع الخير مَن لها؟!

لا أزكِّيك على الله، ولكن هذه شهادتي فيك، أقف بها يوم القيامة.

 

معلِّمي، كنتَ على خُطا الحبيب؛ عزيزٌ عليك نوائبُ الدهر فينا وبالمسلمين, حريصٌ علينا وعلى نهضة الشباب, رؤوف رحيم.

 

كيف لا، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم حبيبُه؟!

دارَيَّا أحبَّتك، بل دمشق عشقتك كما عشقتَها وطلبتَ الموت فيها.

رحلتَ عنَّا فجأة دون مقدِّمات، راحةً لك، وليس ذلك إلا للمؤمن.

عزاؤنا فيك خاتمتُك الحسنى، وعلمك الذي أسأل الله العظيم أن ينفعَنا والمسلمين به.

بل عزاؤنا ما تركتَ من زوجة لم أعرف مثلها في خُلقها وفي أدبها وبرِّها بك وبوالدَيها.

 

بل ما تركتَ من ستَّة أولاد يحفظون كتابَ الله عن ظهر غيب، كلُّ واحد منهم يُلبسك الله به تاجًا يوم القيامة، بأخذهم القرآنَ عملاً وخُلُقًا.

 

تركتَ للأمَّة نموذجًا رائعًا من أسرة عملاقة بنَّاءة.

 

رحمك الله يا عمِّي وجعل قبرَك روضةً من رياض الجنَّة، وجمعَنا جميعًا مع المصطفى صلواتُ الله وسلامه عليه في الفردوس الأعلى، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

 

والحمد لله ربِّ العالمين)).

 

وأمَّا ابنُه البارُّ الحافظ أحمد بن عبده كوشك فخطَّ بوَجيب قلبه المكلوم:

((أبتِ الحبيبُ الغالي...

ما كنتُ أعلم أن الموت قد كان أسبقَ للقياك منِّي!

فوالله، لأنتَ روحي وقلبي!

رحلتَ يا أبتِ سريعًا دون أن أودِّعَكَ، وأنا بعيدٌ عنك!

رحلتَ يا أبتِ وأنا لا أدري كيف يقوى بَناني على رثائك؟!

أم كيف تخرُج الكلمات حزينةً لفقدك؟!

رحلتَ يا أبتِ بعد مسيرة من العطاء والتفاني.

أرثيكَ يا أبتِ وكم أتمنَّى لو كنتُ عندك أغسل عن قدمَيك.

أرثيكَ يا أبتِ وأنت الذي تشهد لك أعمالك.

أرثيكَ يا أبتِ وأنت الذي تشهد لك مساجدُ كنت ببنائها قائمًا.

أرثيكَ يا أبتِ وتشهد لك أرملةٌ قمتَ بكسوتها.

أرثيكَ يا أبتِ ويشهد لك يتيمٌ مسحت على رأسه.

أرثيكَ يا أبتِ ويشهد لك مريضٌ كنت سببًا في علاجه.

أرثيكَ يا أبتِ ويشهد لك جيلٌ قمت بتنشئته مذ كانوا أطفالاً إلى أن صاروا رجالاً.

أرثيكَ وأرثيك وأرثيك...

وعزاؤنا أنك والدُنا،

نشهد فيك أنك أفنيتَ عمرك لله، ولخدمة دينه، وحفظ حديث رسوله صلى الله عليه وسلم.

فجزاك الله خيرًا، وغفر لك بكلِّ دمعة يتيم مسحتَها، وبكلِّ لَبِنة مسجد أسستها، وبكلِّ عمل خير قمتَ به.

وإن القلب ليحزَن، وإن العين لتدمع.

فوالله لك من صلاتي دعاؤها، ومن عملي صدقة جارية.

جمعك الله مع الحبيب المصطفى)).

 

وأختم بحروف قُدَّت من حُرقة سطَّرتها بيراعة الألم صُغرى بناته الأخت دعاء بنت عبده كوشك:

((بابا...

بقيتُ ليلتين أنتظرك على الأريكة لتدقَّ الباب، لم تأتِ!

بقيتُ يومين أنتظر أن تكلِّمَني، تحدِّثَني... أيضًا لم تأتِ!

أرواحٌ تتلو أرواح، وكأني في وهَم!

 

كلُّهم يقول:

◄ عظَّم الله أجركم.

◄ شكر الله سعيكم.

 

وأنا أتساءل ببلاهة: مَن ؟!

صرت آلةً تسعى، (روبوتًا) يمشي على الأرض، جسدًا بلا روح، رأسًا بلا عقل!

حقيقيةُ أنني لن أراكَ مجدَّدًا لا تروقُ لي، ولا تدخل في مخِّي!

أسألهم: حقًّا بابا مات؟! يصمتون!

جلبوا إليَّ جسدًا قد كساه البياض، مدَّدوه على الأرض، ونادَوا: وَدِّعي أباك!

بابا...

لم أجرؤ أن أقتربَ منك، ولا حتى أن ألمسك!

لم أصدِّق أنه أنت وما زلتُ كذلك!

كان لديَّ الكثير لأخبرَك به، الكثير لأحدِّثك عنه..

 

كنت أريد أن أحرِّكَك، أن أُنهضَك، أن أخبرَك بأنني مدلَّلتك الصغيرة التي لا يُعجبها العجَب! ودِدتُّ لو أنني أرتمي بين أحضانك وأقبِّلك!

 

لكنَّهم سلبوك مني، أخذوك بعيدًا عني... نعم يا بابا... بعيدًا جدًّا جدًّا!

 

لو كان الموتُ إنسانًا لقتلتُه!

آه يا بابا، لو كانت تعيدُك إليَّ المراثي لكتبتُ فيك ألفَ ألف قصيدة!

للوَّنت الدنيا باسمك! لكتبت حتى تنضُبَ كلماتي! حتى يتوقَّفَ قلبي عن الخفَقان! وقد توقَّف بفقدك.

بابا... لن تُطوى صفحتُك بإذن الله...

 

أنت بدأتها ونحن سنُكملها، لن تموتَ أحلام الرجال بموتهم، هذه المرَّة وعدَ رجال صدِّقني.

رحمكَ الله.. آنسكَ الله.. عوَّضك الله!

عزائي بفقدك دعواتُ الأرامل واليَتامي لك.

جِباه المصلِّين التي تصلِّي في المساجد التي سعَيت في بنائها.

دموع المحتاجين الذين أعطيتَهم حاجتَهم.

دعَوات المحبِّين.

إنا لله وإنا إليه راجعون.

حسبُنا الله ونعمَ والوكيل)).


الأستاذ عبده كوشك رحمه الله

 

الأستاذ عبده كوشك رحمه الله إلى اليمين، مع عمِّه الشيخ حسين أسد عافاه الله

في زيارة لفضيلة الشيخ المحدِّث أبي إسحاق الحويني، الجالس شفاه الله

وبينهما أبو يحيى الحويني ابن الشيخ أبي إسحاق

في 18 جُمادى الآخرة 1436هـ

 

نموذج من خطِّ الأستاذ عبده كوشك

من غلاف آخر كتاب أنجزه قبل يومين من وفاته رحمه الله

 

الأستاذ عبده كوشك إلى اليمين رحمه الله

مع عمِّه الشيخ حسين سليم أسد عافاه الله



[1] أفدتُّ في كتابتها من ولد المترجَم له الأخِ الحافظ المهندس أحمد بن عبده كوشك، وفقه الله. وقد كان خفَّ من محلِّ إقامته بالرياض إلى الإسكندرية لحضور دفن أبيه، بيدَ أنه مُنع من الدخول، وحُجز في المطار بسجن الترحيل، وقد أفادني بسيرة أبيه من سجنه الذي مكث فيه يومًا كاملاً.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الباحثة المحققة سكينة الشهابي
  • تعريف الباحثين والمتخصصين للحكمة
  • الباحث رشيد المدور يلم شتات كتاب مفقود
  • الجديد في عرض الباحثين لمشكلة البحث
  • رحيل البحاثة الفيزيائي الدمشقي محمد البغدادي
  • توجيه الداعية للترفع عن اللغو
  • توجيه الداعية للقصد والاعتدال

مختارات من الشبكة

  • السلسلة الذهبية في ضبط المنظومة الرحبية المسماة بـ (بغية الباحث عن جمل الموارث) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المترجم الباحث(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الباحث العلمي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أيها الباحث عن الدرجات العالية كيف تفتح لك أبواب الجنة الثمانية؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شخصية الباحث (4)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • شخصية الباحث (3)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • شخصية الباحث (2)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • شخصية الباحث (1)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • صناعة الباحث والمؤلف من الصفر حتى الاحتراف (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دليل الباحث في التفرقة بين أعلام مذهب الإمام مالك(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
4- رجل فاضل رحمه الله
عمرو عبد العظيم الحويني - مصر 14-05-2015 12:49 PM

التقيته قبل وفاته بشهر عند شيخنا الشيخ الحويني فوجدته رجلا فاضلا رحمه الله وغفر له

3- الوفاء خلق الطيبين
نضال داوود - سوريا 14-05-2015 01:12 AM

أحسن الله إليك
ورحم الله الشيخ كوشك
وعافى الشيخ حسين الداراني

2- رحمه الله
عادله موازيني - ديار الإسلام 14-05-2015 12:15 AM

رحمه الله ورحم علماء المسلمين، وقد قيل إنّ مداد العلماء أقدس من دماء الشهداء، فالشهيد عندما يسقط في ساحات الوغى انقطع عمله الدنيوي، أما العالم فما يكتبه أو يحقّقه أو يؤلفه فنفعه باق إلى ما شاء الله.

1- رحمك الله أيها الشيخ الجليل
محمد زياد بن عمر التكلة - المملكة العربية السعودية 12-05-2015 09:28 AM

إنا لله وإنا إليه راجعون
أحسن الله عزاء الجميع بوفاة الشيخ المحقق الجليل، وهو في حال الغربة والكربة، وأسأل الله أن يتقبله في أعلى الفردوس، وأن يعظم أجر أهله ومحبيه فيه، وأن يفرج عن بلده وبلدان المسلمين المنكوبة.
وقع خبره على محبيه وقعًا أليمًا شديدًا، والله المستعان.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب