• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحريم التسمي أو الاتصاف بما خص الله به نفسه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الله البصير (خطبة) - باللغة الإندونيسية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    حقوق المساجد
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    خرق القوانين المركزية للظواهر الكونية بالمعجزات ...
    نايف عيوش
  •  
    التسبيح هو أحب الكلام إلى الله تعالى
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    من ألطاف الله تعالى في الابتلاء (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    خطبة: الذين يصلي عليهم الله عز وجل
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    من أخطاء المصلين (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام شدة محبة الصحابة ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    من درر العلامة ابن القيم عن السعادة
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير قوله تعالى: {الذين استجابوا لله والرسول من ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    أنين مسجد (5) - خطورة ترك الصلاة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الآيات الإنسانية المتعلقة بالسمع والبصر في القرآن ...
    محمد عبدالعاطي محمد عطية
  •  
    أقوال العلماء حول طهارة العين النجسة بالاستحالة
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    أعظم النعم
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطورة التبرج
    رمزي صالح محمد
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

التاريخ والمجتمع الجاهلي

التاريخ والمجتمع الجاهلي
أ. د. جابر قميحة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/3/2014 ميلادي - 11/5/1435 هجري

الزيارات: 12552

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التاريخ والمجتمع الجاهلي


مما ينقُلُه التاريخ عن المجتمع الجاهلي وسيادةِ منطق القوة فيه: أنه إذا قابَل الجاهليُّ آخرَ معه ظعينةٌ وليس من قبيلته، ولا من قبيلة لها معها حلف - تقاتَلا، فإذا قُهِر صاحبُ الظعينة، أُخِذت منه سبيةً فاستحلَّها بذلك الغالب، ولكن الأولاد الذين تكون هذه أمَّهم يلحقهم العارُ في مدة حياتهم؛ ولذلك كان مِن مفاخر الرجل منهم أن تكون أُمُّه حرَّةً نَسِيبة، لا سبيَّة جَلِيبة[1].


وكانت ذاتية الفرد ذائبةً في "جماعية" القبيلة؛ فهو تابع لها، ذائب فيها، في الشر والخير على حد قول الشاعر:

وما أنا إلا مِن غَزِيَّةَ إن غَوَت
غَويتُ، وإن تَرشُدْ غَزيةُ أرشدِ

وحرصًا على مكان القبيلة وهيبتها في مجتمع الدمِ والعدوان والقوة كانت القبيلةُ تنصُرُ مَن ينتسب إليها أو يحالفها؛ ظالِمًا كان أو مظلومًا، فإذا لم تفعل ذلك لحِقَتها المسبَّة والمعرَّة؛ يقول قريط بن أنيف العنبري:

لو كنتُ مِن مازنٍ لَم تستبِحْ إبلي
بنو اللقيطةِ مِن ذُهلِ بن شيبانا
إذًا لقام بنَصْري معشرٌ خُشُن
عند الحَفِيظةِ إنْ ذو لُوثةٍ لانا
قومٌ إذا الشرُّ أبدى ناجذَيْهِ لهم
طاروا إليه زرافاتٍ ووُحْدانا
لا يسأَلون أخاهم حين يندُبُهم
في النائباتِ على ما قال بُرهانا
لكنَّ قومي وإن كانوا ذوِي عددٍ
ليسوا مِن الشَّر في شيءٍ وإنْ هانا
يجزُون مِن ظُلم أهلِ الظلم مغفرةً
ومِن إساءة أهلِ السُّوء إحسانا
كأنَّ ربَّكَ لم يخلُقْ لخشيته
سواهم مِن جميع الناسِ إنسانا
فليتَ لي بهم قومًا إذا ركِبوا
شنُّوا الإغارة فرسانًا ورُكْبانا[2]

 

وبجانب الغدرِ ومنطق القوة والدمِ والحروب الدائمة والعدوان الغاشم، كانت هناك أمراضٌ اجتماعية متعددة، وعادات قبيحة كثيرة، منها وَأْدُ البنات؛ ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [النحل: 58، 59][3].


وكان هناك أكلُ السُّحت، وأكل مال اليتيم، وأكل الرِّبا، وعبادة الأصنام، وعبادة الملائكة والجن، وإنكار البَعْث، والإيمان بالأزلام، ولَعِبهم الميسر، وحرصهم على الخمر، وتفنُّنهم في شُربها، وافتخارهم بالحرص عليها ومعاقرتها، وإتلاف المال من أجلِها، على حد قول عنترة:

وإذا شربتُ فإنني مستهلك
مالي، وعِرْضي وافرٌ لَم يُكْلَمِ[4]

 

وبعضهم كان يسرف في ذلك كلَّ الإسراف، يُتلف كلَّ ماله على خَمرِه ولذَّته، حتى تتبرأَ منه القبيلة؛ كما يقول طَرَفة:

وما زال تَشْرابي الخمورَ ولذَّتي
وبيعي وإنفاقي طَرِيفي ومُتْلَدِي
إلى أن تحامَتْني العشيرةُ كلُّها
وأُفرِدْتُ إفرادَ البعيرِ المُعبَّدِ[5]


ثم استهانوا بالحياة؛ لكثرة حروبهم، وتوقُّعِهم الفجيعة في أنفسهم وأحبائهم، فانكبوا على لذات الحياة ينهلون منها ويعِلُّون، وهذه خَلَّة ما زالت إلى الحرب قريبةً، وكانت في كل حرب حتى قالوا: إن أنهارَ الدماء وأنهار الخمر كانت تجري في الثورة الفرنسية، ثم هم بين غالب ومغلوب؛ غالب سَبَى وغَنِم وظَفِر، فيعُبُّ الخمرَ بهجة ونشوة، ومجلبة للزهو المضاعف، ومغلوب كُسِر، وسُلِب ماله، وأُسِرت نساؤه ورجاله، وفُجِع في أحبائه، فأظلَمَتْ حياتُه، وضاق بالدُّنيا، وضاقت به، فيلوذ بالخمرِ يتناسى بها همَّه ملاوة من الزمن[6].


ولكننا - حرصًا على علمية البحث - يجب أن نقفَ قليلاً لنحددَ طبيعة الأمراض الاجتماعية والخُلقية التي أصيب بها المجتمعُ الجاهلي، وهذه الأمراض في مجموعها يمكن تصنيفها إلى نوعين:

الأول: عام شائع يضم المجتمع كله أو أغلبه، حتى أصبح جزءًا من طبيعته، مثل: العدوان، والاحتكام إلى القوة في حلِّ المنازَعات، وعبادة الأصنام، والإيمان بالأزلام، وشُرْب الخَمر.


الثاني: خاص بطبقةٍ أو فئة معيَّنة من الناس، مثل: وَأْد البنات، فلم يكن مرضًا شائعًا في جميع العرب، بل كان في بعض بطون من تميمٍ وأسد[7]، وكانوا يفعلونَ ذلك تارة للغَيْرة والحميَّة، وتارة خوفًا مِن الفقرِ والفاقة، ولزومِ النَّفقة[8].


وكان هناك مِن أشرف تميم قبل الإسلام مَن كرِه الوَأْدَ وعابه، وكان يشتري البنات ممن يريدون وَأْدَهنَّ بنوقٍ تُذهب عنهم الفقر والخوف منه، وعُرِف ذلك عن خالد بن صعصعة جدِّ الفرزدق[9].


ولو أن الوأد كان عامًّا في العرب لقلَّتِ النساء قلة لا تكفل للرجال تعدُّد الزوجات، ولو أنه كان عامًّا لتباهى به الشعراء، ولهَجَوُا الذين لا يَئِدُون؛ لأن الوَأْدَ فضيلة، وتَرْكَه رذيلةٌ[10].


وما يقال عن وأد البنات، يقال كذلك عن الزنا؛ فالحرائرُ في الجاهلية حافَظْن على عفَّتِهن وسُمعتهن، ولم يعرِفِ العربُ إلا زنا الإماء، فكان بعضُ الرِّجال يقتني الإماء، ويُكرِهُهنَّ على البِغاء؛ ليجلبْنَ له مالاً، أو ليلِدْنَ له أولادًا يبيعهم، أو ليُكرِم ضيفه؛ فمثلاً: كان عبدالله بن جدعان نخَّاسًا، له ست جوارٍ يزنين، ويبيع أولادهن، وكان عبدالله بن أبيّ ابن سلولَ يُجبِرُ جاريته أو جواريه الستَّ على البغاء؛ لأنه كان يبيع أولادهن، ويتقاضى منهن ضرائبَ، وكان إذا نزل به ضيفٌ أرسل إليه جاريةً ليباشرَها تكريمًا له، فشكَتْ إحداهن أو اثنتانِ منهن إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فنزَل قوله تعالى: ﴿ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 33][11].


وكن يميِّزنَ بيوتهن بأن ينصِبْنَ عليها راياتٍ لتدل إليهن من يريدهن، وقيل: إنهن كنَّ تسعًا، أو أكثر، معروفات، وهن جميعًا من سواقط الإماء، مثل: سريقة جارية زمعة بن الأسود، وأم عليط جارية صفوان بن أمية، وحنة القبطية جارية العاص بن وائل[12].


وهي حقيقةٌ يؤيدها الواقع التاريخي، ويمكن الاستدلال عليها كذلك بما يأتي:

1- لجوء بعض العرب - كما أشرنا سابقًا - إلى وَأْدِ بناتهم؛ خوف الفاقة والفقر وعارِ السَّبي.


فلو كان زنا الحرائر معروفًا أو مستساغًا كزنا الإماء، لكانت البناتُ موردَ رزقٍ طيب، ولكانت البنت موضعَ حبٍّ واعتزاز عند الذين عُرِف عنهم الوأدُ، واشتهروا به.


2- ما حدث يوم بيعةِ النساء؛ فقد دخل النبيُّ عليه السلام مكة فاتحًا، وأخذ بيعة الرِّجال، ونزل قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الممتحنة: 12].


وبعد بيعة الرِّجال جلس النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى الصفا، وأخذ في بيعة النساء - وفيهن هند بنت عتبة - على ألا يُشرِكْن، ولا يسرقن، ولا يَزْنين، وهنا قالت هند: أوَتَزني الحُرَّة؟ وفي رواية: ما زنَتْ منهم امرأةٌ قط[13].


فهذا الاستفهامُ الاستنكاريُّ، وهذا النفي القاطع في الرِّواية الثانية، يدلُّ على أن مجتمع الجاهلية بعامة، ومجتمع مكة بصفة خاصة لم يعرِفْ زنا الحرائر، ولم يُقِرَّه على كثرة انحرافات المجتمع، كما بينّا من قبل، وحتى زنا الإماء كان محصورًا في أماكنَ محددة، وعدد الإماء البغايا لا يتجاوز التسع، كما ذكر التاريخ، وهو عددٌ قليل جدًّا بالنسبة لمجتمع مكةَ التي يقصدها عشرات الألوف في موسم الحجِّ بخاصة؛ فالزِّنا إذًا لم يصِلْ في المجتمع الجاهلي إلى درجةِ الآفة الاجتماعية الشائعة.


ولكن هل خفِيَت هذه الحقيقة على النبيِّ عليه الصلاة والسلام؟ هل غاب عن خاطره أن الحرائرَ لا يزنين؟!


نحن لا نشكُّ أنه - عليه الصلاة والسلام - كان يدرك هذه الحقيقة تمامًا، ولكن يبقى سؤال آخر يتردد في الخاطر وهو: كيف يطلب إذًا من النساء الحرائرِ تجنُّبَ فاحشة لا يقَعْنَ فيها؟!


إن واحدًا من المؤرِّخين أو المفسرين - فيما أعلم - لم يحاول أن يجيبَ عن هذا السؤال، أو يقطع فيه برأي، فبماذا نعلل نهيَ النبي - عليه السلام - للحرائر عن فاحشة ما كان لها وجودٌ بينهن؟ إن التعليلَ السليم لا يكاد يخرج عن واحد من اثنين:

1- أن يكون المقصودُ بذلك الإماء، مع أن الحديث موجَّهٌ إلى الحرائر؛ تأدبًا منه عليه السلام، وكسنَّتِه في اتباع طريقة: "التوجيه غير المباشر"؛ حتى لا يوقع المخطئَ في حرج المواجهة، وقد كان من أدبِه عليه السلام أنه كان إذا رأى مخطئًا مخالِفًا يقول: ((ما بال أقوامٍ يفعَلون كذا، وكذا))؛ حرصًا على مشاعر المخطئِ أن تُخدَشَ، وحتى لا يكونَ في ذلك فضحٌ له أمام الناس، وتشهير به بينهم[14].


2- أن مضمونَ هذه البيعة جزءٌ من التشريع الإسلامي في باب المحرمات، ومعروف أن التشريعات - حتى الوضعي منها، وإن ارتبطت بأسباب خاصة - تأخذ صفةَ التعميم، بصرف النظرِ عن الحدثِ الأصلي الموجِبِ للعقوبة من ناحية نُدرةِ حدوثه أو كثرته مستقبلاً، وخاصة أن الإسلامَ ليس دينًا محليًّا أو دينًا مرحليًّا، ولكنه جاء لكل زمان ومكان، فما يكون قليلاً نادرًا اليوم، قد يكون كثيرًا غامرًا غدًا، وما يكون قليلاً نادرًا في هذه البيئة، قد يكون شائعًا في مجتمعٍ آخرَ، وهذه التعميمية التشريعية هي ما نصَّ عليه الأصوليون بقولهم: "العبرةُ بعموم اللفظ لا بخصوص السبب"، فإذا ورد نصٌّ شرعي عام، وجَب العمل بعمومِه، بقطعِ النظر عن كل اعتبار آخر، فلا نظر للسبب الذي ورد من أجله النص، ولا للواقعة التي جاء النص بسببها[15].


فالنهيُ عن الزِّنا يلزم نساءَ مكة، وغيرَهن، ويلزم الحرائرَ والإماء، ويلزم النساء في هذا العصر، والنساء في غيره، بل يلزم الرجالَ أيضًا، ما دام النهي لا يدلُّ على تخصيص النساءِ بذلك واستقلالِهن به.


وتحريم ما لم يكن سائدًا في جزيرة العرب، وما لم يكن قاعدةً لها مكانها وثبوتها: يدلُّ في ذاته على "عالمية الإسلام" مكانيًّا من ناحية، وعلى "خلود الإسلام" زمانيًّا من ناحية أخرى؛ فالزِّنا في وقتنا الحاضر - وخاصة في الغرب - أصبَح مظهرًا من مظاهر المدنيَّة، أو على الأقل: لم يعُدْ من الأفعال التي تَشِين مقترفَها، وتصِمُه بالإثمِ والخروج على القانون والآداب.


وحين أشرَق نور الإسلام كان الزنا منتشرًا انتشارًا واسعًا في كثير من المناطق والدول المحيطة بجزيرة العرب؛ فهيرودوتس المؤرخ يروي أن كلَّ امرأة طلَع عليها النور في مدينة بابل، محتوم عليها أن تذهَبَ مرة في العمر ناحية هيكل الزهرة (مليتا) فتُواقِع أجنبيًّا، ولا يسُوغ للمرأة بعد أن تكونَ اتَّخَذت لها موضعًا هناك أن تعودَ إلى دارها من قبلِ أن يقذفها أحد أولئك الأجانب بحفنةٍ من المال يلقي بها على ركبتيها، ثم يستدرجها إلى خارج الهيكل إلى حيث تكون له، وأن الأجنبيَّ حين يُلقي إليها بالمال يقول لها: "أسأل الربة مليتا أن تكونَ عنك راضية"، ولم يكن يسُوغ للمرأةِ أن ترفض المالَ المبذول لها قلَّ أو كثُر؛ لأنه كان يُعتَبر مالاً مقدَّسًا، ثم كان يجب على المرأة أن تتبعَ أول رجل رمى إليها بالجِعالة غيرَ رادَّة أو ممتهنة إنسانًا كائنًا من كان[16].


المدخل إلى القيم الإسلامية

أ.د. جابر قميحة



[1] محمد الخضر: محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية 1/20.

[2] شواهد الكشاف - التفسير 4/ 342، وانظر الخضري السابق 22.

[3] ربما كانت كراهيةُ البنت عند بعض العرب مظهرًا من مظاهر التأثُّر بالديانة الموسوية القديمة؛ إذ كانت الأسرةُ تتلقى ولادةَ البنت بغير ارتياح ولا عطف، بينما كانت ولادةُ الذَّكَر موجبةً للفخار، ومعتبرة بركة علوية، أما الأم - بنص التوراة - تظل نجسةً خمسة عشر يومًا إذا وضعَتْ بنتًا، وعليها أن تقضي سبعين يومًا في تطهيرِ نفسها، أما إذا وضعت ولدًا فمدة النجاسةِ ثمانية أيام، ومدة التطهير ثلاثون يومًا.

(راجع كتاب مركز المرأة ص 36، 37، راجع كذلك: العهد القديم، سِفر الملوك الأول، وسفر التكوين، وسفر الأحبار).

[4] التبريزي: شرح القصائد العشر 202.

[5] السابق 86.

[6] الحوفي: الحياة العربية من الشعر الجاهلي 350.

[7] الخضري: السابق 1/21.

[8] الفخر الرازي 5/322.

[9] الخضري، السابق، نفس الصفحة.

[10] الحوفي: المرأة في الشعر الجاهلي 238.

[11] فتياتكم: إماءَكم، البغاء: الزنا، تحصُّنًا: تعفُّفًا وتصوُّنًا عنه.

[12] راجع الحوفي: المرأة في الشعر الجاهلي 399.

[13] الزمخشري: الكشاف 4/ 59.

[14] انظر الشفا للقاضي عياض 1/ 242 والبخاري 8/ 31 (كتاب الأدب)، باب مَن لم يواجه الناس بالعتاب.

[15] محمد زكريا البرديسي، أصول الفقه، 410.

[16] جان أمل ريك: مركز المرأة في قانون حمورابي، وفي القانون الموسوي 15.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • السيرة ووجوب معرفة أحوال الجاهلية (1)
  • السيرة ووجوب معرفة أحوال الجاهلية (2)
  • السيرة ووجوب معرفة أحوال الجاهلية (3)
  • تاريخ العرب في الجاهلية: بين التشويه والتنزيه؟
  • السيرة ووجوب معرفة أحوال الجاهلية (5)
  • مدخل لقراءة القصيدة الجاهلية (2)
  • قيم إنسانية في المجتمع الجاهلي
  • المجتمع المنتج: واقع وطموحات
  • قراءة في بناء ومعوقات رأس المال الاجتماعي عبر المجتمع الافتراضي للدكتور وليد رشاد

مختارات من الشبكة

  • العلم عبادة ورسالة لبناء الإنسان والمجتمع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذم الحسد وآثاره المهلكة في الفرد والمجتمع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أثر الذنوب والمعاصي على الفرد والمجتمع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الذكاء العاطفي والذكاء الاجتماعي في المجتمع المغربي والعربي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • التاريخ من أدلة إثبات وجود الخالق جل وعلا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • كيف نقرأ التاريخ؟ قراءة التاريخ لغير المتخصصين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أثر العلماء في توعية المجتمعات الإسلامية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • العفاف حصن المرأة وسياج المجتمع(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • إعادة افتتاح مسجد مقاطعة بلطاسي بعد ترميمه وتطويره
  • في قلب بيلاروسيا.. مسجد خشبي من القرن التاسع عشر لا يزال عامرا بالمصلين
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/5/1447هـ - الساعة: 14:25
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب