نشأة جماعة أنصار السنة المحمدية بمصر

نشأة جماعة أنصار السنة المحمدية بمصر

في صيف يونيه سنة 1926 حضرت بالقاهرة بعد أن أديت الامتحان في شهادة الدراسة الابتدائية في أسوان. فقادتني الظروف أو أراد الله سبحانه وتعالى لي الهداية وأراد أن يخرجني من ظلمات الجهل وفاسد العقيدة - أراد الله تعالى أن يخرجني من كل ذلك وينقذني منها. فبينا أنا وآخران معي جلوس في مقهى من المقاهي العامة وكان يوم جمعة، سمعت هذين الصديقين يقولان أنهما ذاهبين إلى المسجد ليؤديا الصلاة. فرجعت إلى نفسي باللائمة وقلت لها ويحك يا نفسي، ما الذي حملك على ترك الصلاة بعد أن كنت حريصة عليها حرصك على الطعام والشراب، أؤديها موقوتًا لا أدخل الوقت في الوقت الآخر؟ ومن ثم عقدت النية على الصلاة وقلت لأعصين الشيطان اللعين، وقلت لصديقي هذين انتظراني حتى أذهب إلى البيت وأغتسل للجمعة وأستبدل الملابس التي علي بأخرى، ففعلت ذلك وفعلا، وذهبنا إلى أقرب مسجد وهو جامع شركس، فإذا بإمام طلق اللسان قوي الحجة واسع الاطلاع يقول كلاما لم أعهده من قبل في خطباء المساجد، فكأن كلامه السهم ينفذ إلى القلب ويستقر فيه، فأعجبت به جد الإعجاب ولم أنقطع بعد ذلك عن صلاة من الصلوات ولا درس من الدروس. ففي هذه المدة رأيت بعضهم يقفون أمام المسجد بعد صلاة العشاء ويتحدثون في أمر إنشاء جمعية، فكانوا يتحدثون مليا ثم ينصرفون جميعًا إلى حيث لا أدري ولم أكن أذهب معهم بالطبع لقرب عهدي بهم، وعلمت فيما بعد أنهم كانوا يذهبون إلى قهوة في شارع البستان وهي قهوة الأخ علي قاسم الحالية ويقرأ لهم فيها أحد الإخوان في كتاب من كتب السنة. فانتقاد أهل الطريق الذين كانوا يتوجسون خيفة من انتشار الحق لأنه يسد عليهم كثيرًا من أبواب رزقهم وضوضاء القهوة، هذان الأمران جعلا الإخوان يفكرون في إنشاء دار يطلق عليها دار جماعة أنصار السنة المحمدية، يجتمعون فيها كل ليلة بعد صلاة العشاء ويقرأون فيها كتب السنة ويتدارسونها فيما بينهم فكانت هذه فكرة طيبة قوبلت من الإخوان بالسرور الشامل ثم خطوا بعد ذلك خطوة أخرى وأنشأت الدار في ديسمبر سنة 1926 ففرح كل الإخوان بذلك فرحًا عظيمًا واعتبروها نصرًا من الله الذي ينصر من يشاء، ومن ينصره الله فليس له من مذل. واستمرت الجماعة من ذلك اليوم وهي تعمل بجد لنشر السنة وتبيينها للناس حتى هدى الله تعالى على يديها عددًا لا بأس به من الإخوان أصبحوا من خيرة الأنصار فيما بعد. وما زالت الجماعة كذلك وهي دائما في التقدم والاتساع حتى سافر فضيلة الأستاذ الرئيس إلى بلاد الحجاز وقضى الله أن يمكث فيها ثلاث سنوات أو نحوا من ذلك واعترت الجماعة في هذه الفترة شيء من الركود ولكن حزم الإخوان واعتقادهم أن الله اشترى من المؤمنين أموالهم وأنفسهم بأن لهم الجنة جعلهم يؤثرون في سبيل السنة على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة. فانتقلت الجماعة خلالها إلى ثلاثة أمكنة، إلى أن عاد فضيلة الأستاذ الرئيس من الحجاز فعاد إلى الجهاد مع الإخوان وإن كان كل حياته جهاد في سبيل نشر السنة. ثم وضع بعد ذلك قانون للجماعة وكونت لها فروع عديدة منها القبة والجيزة ومصر الجديدة وغيرها، فاتسعت بذلك رقعة الدعوة وأخذ عدد الإخوان يعدو الألف بعد أن كانوا نفرا قليلين من قبل.

وحين أذكر هذا لا يفوتني ذكر نفر من الإخوان قضوا نحبهم وهم في سبيل السنة مجاهدون لا يصرفهم عنها صارف، فعلى رأس هؤلاء الأستاذ السيد رشيد رضا الذي كان بحق ركنا من أركان السنة في العالم الإسلامي عامة وفي مصر خاصة والشيخ محمود منصور الذي كان له الفضل الأول في نشر السنة في مدينة الإسكندرية ثم أذكر من الإخوان الذين اشتركوا في تأسيس الجماعة. محمد صالح شريف. وعثمان صباح الخير وحسن أحمد المشهور (بقروبي) وحجازي فضل عبد الحميد. فرحمهم الله تعالى جميعا رحمة واسعة وأبدلهم دارًا خيرًا من دارهم وأهلا خيرا من أهلهم وجعل الجنة مستقرهم ومثواهم.

﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 23].

هيئة علماء جماعة أنصار السنة:

• الشيخ محمد عبدالحليم الرمالي مفتش المساجد.

• الشيخ محمد حامد الفقي من علماء الأزهر.

• الشيخ أحمد شاكر. القاضي بالمحاكم الشرعية.

• الشيخ محمد عبدالسلام القباني. المدرس بكلية الشريعة.

• الشيخ عبدالوهاب عيسوي. واعظ عام بالقاهرة.

• الشيخ محمد محمد مخيمر. إمام وخطيب.

• الشيخ عبدالرزاق عفيفي، خريج التخصص في الشريعة.

• الشيخ إبراهيم عبدالباقي. إمام وخطيب.

• الشيخ محمد حمدي إمام وخطيب.

• الشيخ عبدالحميد عبدالسلام إمام وخطيب.

المصدر: