• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    تفسير: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: الاستطابة
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    ثمرات الإيمان بالقدر
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    العشر وصلت... مستعد للتغيير؟
    محمد أبو عطية
  •  
    قصة موسى وملك الموت (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشاكر، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (12)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    تلك الوسائل!
    التجاني صلاح عبدالله المبارك
  •  
    حقوق المسنين (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تعوذوا بالله من أربع (خطبة)
    عبدالله بن عبده نعمان العواضي
  •  
    حكم المبيت بالمخيمات بعد طواف الوداع
    د. محمد بن علي اليحيى
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم
علامة باركود

ورقات في ترجمة الشيخ محمد فودي توري رحمه الله

ورقات في ترجمة الشيخ محمد فودي توري رحمه الله
د. أبو حفصة إبراهيم بن تيجان جكيتي الواوندي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/5/2024 ميلادي - 27/10/1445 هجري

الزيارات: 9906

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ورقات في ترجمة الشيخ محمد فودي توري رحمه الله

 

هذه ورقات في ترجمة الشيخ العلَّامة، الداعية الكبير، الفقيه المفسِّر، محمد فودي توري، مجدد الدعوة إلى التوحيد، وناشر السنة في الديار السونينكية، أصلُها لقاء علميٌّ مصوَّر مع الشيخ ضمن برنامج اللقاء مع العلماء والدعاة في سوننكرا، شارك فيه كل من الدكتور بابا وغي؛ أقرب الناس إلى الشيخ في مكة، وهمزة الوصل بينه وبين الزُّوَّار، والدكتور يعقوب جاخو من الرياض، والدكتور علي جغنا، والدكتور يامد باه، والدكتور إبراهيم جكيتي – كاتب هذه الأسطر - من المدينة المنورة، ولأن اللقاء كان باللغة السوننكية، رأيت أن أستفرغ محتواه في هذه الورقات تعميمًا للفائدة، علمًا بأن اللقاء عقد ليلة الجمعة 10 رجب 1438ه، الموافق 7/ 4/ 2017 في بيت الشيخ في مكة المكرمة.

 

الشيخ محمد توري رحمه الله:

اسمه:

اسمه محمد فودي توري أو محمد قمب توري، وكلمة "توري" لقب لقبيلة الشيخ، وهي مرادفة لـ"تميرا" فيسوغ تسميته بـ: (محمد فودي تميرا)، وإن كان الشيخ اشتُهر بالأول دون الثاني.

 

ولادته:

وُلِدَ الشيخ محمد توري رحمه الله في قرية "لان مود" (lany mody) في منطقة "كاي" (kaye) في جمهورية مالي، أما ما يتعلق بتاريخ ميلاده، فقد ذكر رحمه الله أن الناس في ذلك الوقت لم يكونوا يسجِّلون الأولاد لدى الحكومة (المستعمر)؛ وذلك خشيةَ استدعائهم للخدمة العسكرية لدى المستعمر في المستقبل، لذا لم يكن لديه شهادة ميلاد، فلما كبِرَ وهمَّ بالسفر إلى فرنسا اضطر إلى استخراج شهادة ميلاد تمكِّنه من السفر، ونظرًا لصغر سنه، استخرج له شهادة ميلاد أكبر منه بـ11 سنة؛ حيث حُرِّر فيها أنه من مواليد عام 1938م، مما يوحي أن تاريخ ميلاد الشيخ الصحيح حوالي عام 1948م.

 

نشأته العلمية:

بدأ الشيخ محمد توري رحمه الله تعليمه الأولي في مجلس علميٍّ في بيت والده، وتدرَّج في القراءة والكتابة، واستمر حتى أكمل كتاب (الرسالة في فقه الإمام مالك)، لابن أبي زيد القيرواني رحمه الله، وكانت العادة في ذلك الوقت أن يلتحق الولد بالمجلس العلمي التقليدي الذي تخرَّج فيه أسلافه، رغم وجود مجلس علمي في مسقط رأسه "لاني مود" (lany mody)، فارتحل الشيخ إلى مدينة "بكل" (bakel) السنغالية المعروفة، والتحق بمجلس الشيخ الحاج تيوندي درامي (thiondi drame Alhadji)، ودرس عليه كتاب (مختصر خليل)، ولكنه وافتْهُ الْمَنِيَّةُ قبل الإكمال، فأكمله على ابنه ووريث المجلس الشيخ إسماعيل درامي، ومكث في مدينة "بكل" (bakel) ستسنوات، ثم رجع إلى قريته سنة 1968م ناويًا تجديد الرحلة إلى مدينة "براول" في مالي – وهي مدينة العالم المشهور الشيخ دمب وغي رحمه الله - وذلك لدراسة الكتب اللغوية، لكن الأسرة لم توافقه على هذا القرار لكونه الولد البكر لوالده، مما يحتم عليه الخروج لطلب الرزق؛ ولذا طلبت منه الأسرة السفر إلى فرنسا لطلب الكسب، فسافر في السنة نفسها إلى باريس، غير أنه اتجه إلى طلب العلم من أول وهلة وطِئت قدمه صعيد فرنسا، حيث لَحِقَ بالشيخ زيد جبختي رحمه الله، ولازم دروسه، فدرس عليه التفسير وبعض الكتب اللغوية كمقامات الحريري، وكان ضمن الدفعة الأولى في مدرسته التي أنشأها، فدرس فيها الابتدائية والإعدادية والثانوية، تخرَّج فيها بالشهادات الأكاديمية الثلاثة، وحَفِظَ نصف القرآن الكريم من البقرة إلى الكهف.

 

العودة إلى مالي والسفر إلى المملكة العربية السعودية:

بعد ست سنوات في الكسب الحلال وطلب العلم، ظهر للشيخ محمد توري العودة إلى دياره مالي، فوصل إلى مسقط رأسه "لاني مودي" (lany mody) عام 1974م، وظل فيها حتى سنة 1977م؛ حيث ارتحل إلى المملكة العربية السعودية معتمرًا زائرًا الديارَ المقدَّسة، وبعد أداء العمرة طلبت منه أسرته العودة إلى فرنسا مباشرة، ووفروا له التذكرة إلى باريس، ولكنه آثَرَ البقاء في المملكة العربية السعودية لطلب العلم على يد علمائها، ومن ثمت بدأت رحلة الطلب في الديار المقدسة.

 

الدراسة في معهد الحرم وجامعة أم القرى ومعهد الأئمة:

بعد أن قرَّر الشيخ البقاء بالمملكة العربية السعودية في رحاب مكة المكرمة؛ للدراسة وطلب العلم فيها، قدم مِلَفَّه للقبول في معهد الحرم، وهو معهد ديني عبارة عن مرحلتين؛ المرحلة المتوسطة والثانوية في أروقة المسجد الحرام، أُسِّس سنة 1965م، رُشِّح الشيخ للقبول بعد اجتيازه المقابلة الشخصية، فتخرج فيه سنة 1985م حاصلًا على الشهادة الثانوية.

 

ثم بمساعدة الشيخين الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ عبدالله بن حميد رحمهما الله، تمَّ ترشيح جميع دفعة الشيخ للقبول في جامعة أم القرى بمكة المكرمة، الجامعة العريقة المعروفة، وكانوا زُهاءَ ثمانية وعشرين طالبًا، والتحق الشيخ بكلية الدعوة وأصول الدين؛ حيث حصل على الشهادة الجامعية، ولم تكن طموحات الشيخ العلمية تنتهي عند هذا الحد، بل كان يطمح أن يواصل دراسته في مرحلة الدراسات العليا، فالتحق بقسم العقيدة للحصول على درجة الماجستير، ولكنه لم يكمل هذه المرحلة لمرضٍ ألمَّ به، فتوقف عن الدراسة في الجامعة عند هذا الحد، ثم التحق بمعهد الأئمة في مكة وتخرَّج فيه.

 

مشايخه:

المشايخ الذين تلقَّى الشيخُ العلمَ عنهم:

1- الشيخ الحاج تيوندي درامي رحمه الله، صاحب المجلس المعروف في باكل.

 

2- الشيخ إسماعيل تيوندي درامي رحمه الله.

 

3- الشيخ زيد جبختي رحمه الله (تتلمذ عليه الشيخ في باريس).

 

4- الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، فقد تعجب الشيخ محمد توري رحمه الله من حرص الشيخ ابن باز وجَلَدِه على نشر العلم والدعوة إلى الله؛ حيث كان يعقد درسًا علميًّا عقب كل صلاة من الصلوات الخمسة المفروضة، فكان لا يستريح إلا قليلًا بعد صلاة الظهر.

 

5- الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله؛ حيث كان يرتاد المسجد الحرام لإلقاء الدروس، وكان الشيخ محمد توري يحضر تلك الدروس ويستفيد منها.

 

6- الشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله، إمام المسجد الحرام سابقًا.

 

7- الشيخ محمد السبيل رحمه الله، إمام المسجد الحرام سابقًا.

 

8- الشيخ سعيد شفا الأثيوبي رحمه الله، المدرِّس في المسجد الحرام سابقًا.

 

9- الشيخ السيد سابق رحمه الله، صاحب كتاب (فقه السنة) المشهور.

 

10- الشيخ عبدالرحمن حسن حبنكة الميداني رحمه الله، مؤلف كتاب (أجنحة المكر الثلاثة)، درس عليه الشيخ في جامعة أم القرى.

 

تأثر الشيخ محمد توري بمشايخه:

فقد بيَّن الشيخ رحمه الله أنه قد تأثر بهؤلاء المشايخ الذين تتلمذ عليهم، وأخذ عنهم العلم من حيث الأخلاق والسلوك، والمنهج العلمي والدعوي على حد سواء، بدءًا من أشياخه قبل الرحلة إلى فرنسا، وشيخه في فرنسا، ومشايخه في أرض الحرمين الشريفين.

 

الشيخ محمد توري رحمه الله والتدريس:

بعد تخرُّج الشيخ محمد توري رحمه الله في معهد الأئمة، عُيِّن مدرسًا في المدارس الخيرية بمكة المكرمة، فظل مدرسًا فيها سنوات عديدة، وكان يدرس أيضًا بعض الكتب اللغوية باللغة السونينكية في المسجد الحرام ككتاب مقامات الحريري، ثم توقَّف عن ذلك، وأخذ بعد ذلك يدرِّس في بيته كتاب المقامات على عدد من الطلاب، ثم توقف أيضًا لانشغاله بالبحوث العلمية الخاصة والأعمال الشخصية، ثم لم يتولَّ التدريس خارج المعاهد الخيرية بعد ذلك إلا ما كان من مساعدة لأولاده في البيت.

 

دعوة الشيخ وتأثيره في سوننكرا:

اشتهر الشيخ محمد توري رحمه الله بالدعوة إلى الالتزام بالكتاب والسنة، وفهمهما وفق منهج أهل السنة والجماعة، عن طريق الأشرطة الصوتية، وقد ذكر الشيخ رحمه الله أن أول شريط صوتي نشره كان حول مسألة: (القبض والإرسال في الصلاة)؛ وذلك لأنه وفد إلى المملكة العربية السعودية وهو يصلِّي مسدلًا يديه وفق المقرر في المذهب المالكي، الذي تفقَّه عليه في المجالس الفقهية التقليدية، فظلَّ على مذهبه سنةً كاملةً حتى رُمِيَ بالتعصب المذهبي والتقليد المذموم، وكان يرد على منتقديه أنه لن يتخلى عن مذهبه حتى يظهر له الدليل الصحيح على خلافه، الأمر الذي بعثه إلى القراءة والبحث والتحقيق في هذه المسألة، فقام رحمه الله بالبحث عن دليل السدل والإرسال في الصلاة، وجرَدَ الكتب الستة ثم المسانيد والمصنفات دون جدوى، وانتهى إلى عدم ورود حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في السدل، ثم سجَّل نتائج البحث في شريط صوتي نشره في العالم من خلال الحُجَّاج، داعيًا إلى سُنِّيَّة القبض في الصلاة، فكان أول شريط يُنشَر عنه، ولقِيَ هذا الشريط قَبولًا واسعًا في أوساط السوانك؛ حيث كانت هذه المسألة مثار خلاف ونزاع بين الناس في ذلك الوقت، بعد ذلك استمر الشيخ رحمه الله في البحث عن أهم المسائل العلمية التي يحتاج إليها المجتمع السونينكي ثم نشرها، فوصل صوت الشيخ رحمه الله صادعًا بالحق، وقامعًا للبدع والخرافات إلى السوننكيين في سوننكرا وبلاد المهجر، فكانت صحوة دعوية قوية، ومن أهم المسائل المثيرة في سوننكرا التي تناولها الشيخ في أشرطته المسائل الآتية:

1- مسألة القبض والإرسال في الصلاة.

 

2- التوحيد.

 

3- الطريقة التيجانية.

 

4- مسألة العبودية.

 

5- الأحوال الشخصية.

 

6- مسائل عقدية كثيرة وأخرى فقهية.

 

7- تفسير سورة النبأ، وغيرها من المسائل الكثيرة.

 

دعوة الشيخ محمد توري رحمه الله في الحج:

استقر الشيخ محمد توري رحمه الله بمكة المكرمة، بعد تخرُّجه من الجامعة مقيمًا مدرسًا ومضيفًا للحجَّاج، وكان يستقبل الحجاج في بيته مفتيًا ومرشدًا وواعظًا، وكانت الوفود من مختلف البلدان تتسابق على مقابلة الشيخ رحمه الله والجلوس معه، وكان الشيخ رحمه الله يركز على المسائل العقدية المهمة؛ نظرًا إلى أن التوحيد هو الأساس، ولأن معظم المسائل الخلافية والنزاعات في سوننكرا تنصبُّ في قالب العقائد، وكان رحمه الله يحذر من العادات والتقاليد الفاسدة المناقضة لتعاليم الشريعة الإسلامية السمحة، ويجيب على أسئلتهم، فكان من قوة تأثير الشيخ في الحُجَّاج تصحيح مفاهيم خاطئة لكثير منهم، فيرجع كثير منهم إلى ديارهم وقد تخلَّوا عن الشركيات والبدع والخرافات.

 

أشار رحمه الله إلى أنه كان يخص الوافدين من بلاد المهجر (أوروبا وأمريكا) ببيان أحكام مسائل فقه الأقليات التي تهمهم؛ كالمسائل المتعلقة بالتعامل مع البنوك الربوية، وأنواع الربا، وما يتعلق بالشهادات الطبية المزورة التي من خلالها يستفيد بعضهم بالإجازات المدفوعة.

 

رحلات الشيخ محمد توري رحمه الله الدعوية:

لقد كتب الله سبحانه وتعالى للشيخ محمد فودي توري رحمه الله قبولًا واسعًا عند السوننكيين في العالم، وذاع صيته، وطار ذكره في الآفاق، ووصلت أشرطته إلى القاصي والداني، فكانت المؤسسات الدعوية والجاليات السوننكية في العالم تتسابق إلى دعوة الشيخ واستضافته للاستفادة من علمه ودعوته، وكانت الطلبات تتوارد من كل أنحاء العالم، والذي يظهر من أمر الشيخ رحمه الله أنه لم يكن ممن يرغب في السفر والتنقلات كثيرًا، ولكن مع ذلك فقد زار فرنسا عام 2003م وألقى محاضرات مفيدة، واكتظت القاعات بالحضور والمسجلات الصوتية وهي منشورة في اليوتيوب، واستجابةً لدعوة كريمة من الأخ منير سيسي، زار الشيخ ألمانيا في الرحلة نفسها زيارةً قصيرةً، والتقى بمحبيه، ثم رجع إلى فرنسا دون أن يُلْقِي محاضرة، وزار دولة موريتانيا عام 2006م، وحَظِيَ باستقبال كبير وحفاوة متميزة؛ تقديرًا لجهوده ومكانته العلمية، وحاولت الفيدرالية في إسبانيا عدة مرات استضافة الشيخ ولكن القدر حال دون تحقيق الهدف، واستضافته الجمعية الثقافية السونينكية بالمدينة المنورة عام 2019، فألقى عليهم محاضرة نافعة حثَّ فيها طالب العلم والخريج على وجه الخصوص على الدعوة إلى الكتاب والسنة والتقيد بهما، منوِّهًا إلى الأسلوب الأمثل في الدعوة إلى الله عز وجل، واللقاء مصوَّر ومنشور.

 

شجاعة الشيخ محمد توري في الدعوة:

كان الشيخ محمد توري رحمه الله عالمًا شجاعًا، يصدع بالحق، ولا يخاف في الله لومة لائم، ويدل على ذلك تلك الموضوعات والمسائل العلمية التي خاطر بنفسه، وخاض غمارها لبيان أحكامها لسوننكرى في ذلك الوقت، رغم أنها تمس عقائدهم وتقاليدهم التي تُعَدُّ من المسلَّمات لديهم، فقلَّ من يجرؤ ويتطرق لها بالدراسة العلمية النقدية، ثم نشرها على أوسع نطاق في ذلك الوقت؛ لأن ذلك بمثابة الحرب المعلنة للشيوخ التقليدين، ولكن الشيخ رحمه الله تصدَّر وتصدَّى لها دون تردد؛ لمسيس الحاجة إليها؛ من تلك الموضوعات: موضوع الفرقة التيجانية ومسألة العبودية، وهي من القضايا المدلهمَّة في المجتمع السوننكي، والفضل في تبصير الناس فيها يرجع إلى شجاعة الشيخ محمد توري رحمه الله، بعد توفيق الباري سبحانه وتعالى له، فهو بحق أسد السنة في الديار السوننكية.

 

تواضع الشيخ محمد توري رحمه الله وزهده:

مَن زارَ الشيخ محمد توري رحمه الله في بيته، وجلس في مجلسه، أو شاهد لقاءاته مع الزُّوَّار المنشورة في الشبكة، يلمَح الزهد في حياته واضحًا جليًّا في كل المجالات، فلم يكن رحمه الله يهتم بالدنيا وزخارفها، فقد زارنا في سكن طلاب الجامعة الإسلامية بالمدينة برفقة الشيخ عبدالعزيز بتشلي رحمه الله، وجلس معنا نناقشه في بعض المسائل العلمية من بعد العصر إلى قبيل المغرب، وكان يستقبل شتى أطياف الزوار من العام والخاص ولا يَرُدُّ أحدًا، فقد وافق على طلب الداعية المشهور الشيخ علي جغنا وفقه الله في عقد لقاءات عديدة خاصة، يرُدُّ فيها على أسئلته واستفساراته، مبيِّنًا موقفه من القضايا المهمة، وقد حضرت لقاءه مع الشيخ أبي الياس في رفقة الزملاء في بيته بمكة المكرمة، فخرج بنفسه يستقبل أبا إلياس خارج البيت ويعانقه بكل حفاوة، وكان لقاءً عامرًا بالحب والتقدير بين الشيخين، فقد سارت بصور هذا اللقاء الرُّكبان.

 

وكانت تُعقَد لقاءات توديعية بين الشيخ رحمه الله وبعض الطلاب المتخرجين العائدين إلى البلاد في بيته، فكان لا يبخل عليهم بتحف ودُرَرٍ من النصائح والتوجيهات الرشيدة التي تفيدهم وتنفعهم في مسيرتهم العلمية والدعوية، وفي تعاملهم مع المخالفين لهم في الساحة الدعوية على وجه الخصوص.

 

ومن تواضعه رحمه الله أنه كان يقول لطلاب الدراسات العليا الذين جالسوه في هذا اللقاء: أنا أكبر منكم سنًّا، ولكنكم أعلم مني؛ لأنكم وصلتم إلى مراحل علمية متقدمة ما وصلت إليها، فقد كان رحمه الله يقدِّر الناس، ويضحك في وجه الجميع رغم جلالته، وعلو كعبه، ورسوخ قدمه في العلم والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.

 

الشيخ محمد توري رحمه الله والتأليف:

لم يسلك الشيخ محمد توري رحمه الله مسلك العلماء الكبار في التأليف والكتابة والنشر؛ ولذا لم يُعثَر على مؤلفات علمية له رغم مستواه العلمي وقدراته البحثية؛ وذلك لأن دعوة الشيخ رحمه الله قائمة على نشر المحاضرات العلمية عن طريق الأشرطة الصوتية، ولعل السر في ذلك - والله أعلم - يرجع إلى أن الشيخ رحمه الله كان يحمل بين جناباته هم دعوة قومه السوانك، ونسبة القراءة والكتابة باللغة العربية فيهم ضئيلة جدًّا، واستفادتهم من المسموعات أسرع من استفادتهم من المقروءات؛ ولذا انصبَّت جهود الشيخ رحمه الله الجبارة في نشر المسموعات والصوتيات.

 

ولكن مع ذلك فقد شرع الشيخ رحمه الله في مشروع تفسير القرآن الكريم كتابةً؛ بُغْيَةَ الإسهام في نشر كلام رب البرية، ونفع المسلمين من غير بني جلدته السوانك، فقد ذكر لنا عدة مرات أنه بصدد تفسير القرآن الكريم، وأنه قطع شوطًا في ذلك، غير أنه لم يكمله في الوقت الذي عقدنا معه اللقاء، وكان هذا المشروع من أعظم وأهم المشاريع العلمية التي شغلت بال الشيخ رحمه الله.

 

ومما تميَّز به الشيخ محمد توري رحمه الله في محاضراته الصوتية البحثُ والتحقيق والتوثيق العلمي للمادة العلمية لموضوع المحاضرة قبل تسجيله، وهذا أمر يلاحظه كل طالب علم استمع إلى شريط واحد فقط من أشرطة الشيخ رحمه الله، ولو جمعت هذه المحاضرات على اختلاف موضوعاتها، واعتنى بها، لخرجت سِفْرًا كبيرًا يسُدُّ ثغرة في المكتبة الإسلامية، ولذا يُرجى من ذوي الشيخ رحمه الله والمقربين إليه جَمْعُ وترتيب هذه البحوث إن وُجدت، خاصة إذا علمنا أن الصوتيات تضمحل شيئًا فشيئًا، وتضيع مع مرور الوقت، ويدل على ذلك أن الشيخ رحمه الله ذكر لنا خلال اللقاء أنه لم يعُدْ يملك بعض أشرطته، علاوة على ذلك فإن جيل الأشرطة الصوتية في حدِّ ذاته صار جيل في خبر كان، وحتى يستفيد الأجيال اللاحقة من علم الشيخ ودعوته لا بد من عصرنة جهوده ومسايرتها للعصر؛ من خلال نشر المسموعات في الشبكة، وجمع ونشر المقروءات ولو إلكترونيًّا.

 

الشيخ محمد توري رحمه الله والردود:

بيَّن الشيخ رحمه الله خلال اللقاء أنه ليس من منهجه الانشغال والاهتمام بالردود العلمية، غير أنه قد يضطر إلى توضيح ما يحتاج إلى بيان، وتوضيح من إبطال شُبَهٍ ودحضها، خصوصًا ما قد يرد عليه من تعليقات المخالفين على أشرطته، وما يلصق به من تُهَمٍ، وهو منها بريء، وأنه يفضِّل التركيز على الهدف المنشود في دعوة الناس إلى الكتاب والسنة وعدم الحَيدَةِ عنه قِيدَ أنملة، رحمه الله رحمةً واسعةً وأدخله فسيح جناته، فيا له من داعية حكيم، كم من سُنَّة بيَّنها، وشبهة ردَّها، وباطل دحضه! وكم من تائه وضالٍّ به اهتدى!

 

وفاة الشيخ محمد توري رحمه الله:

بعد أربعة عقود وبضع سنوات من الإقامة في مكة المكرمة في رحاب المسجد الحرام متعلمًا وعالمًا، داعيةً ومربيا، عابدًا مخلصًا، رجع الشيخ محمد توري رحمه الله إلى دولته "مالي" بتاريخ 07/09/2020، واستقر في عاصمتها "بماكو"، حيث وافته المنية ليلة الثلاثاء 23 رمضان 1445 الموفق 02/04/2024، بعد مرض ألمَّ به، ودُفن في اليوم التالي في بماكو، وكانت جنازته مشهودة، توافد الناس من داخل وخارج مالي لشهودها، وصلى عليه الداعية علي جغنا، وفَّقه الله وسدَّده.

 

ولست أختم هذه الورقات حتى أشيد بتلك المبادرة الفريدة التي قلَّ نظيرها في سوننكرا، التي قام بها طلاب الشيخ محمد توري رحمه الله ومحبوه في العالم عمومًا، وفي أمريكا على وجه الخصوص، وذلك بشراء عقار له في بماكو عاصمة مالي، وبناء مسكن واسع له ولأسرته، ومسجد كبير جامع، ومؤسسة تعليمية، وقضى الشيخ رحمه الله آخر حياته في هذا المسكن، واستقبل فيه الزوار والضيوف، وصلى في الجامع إمامًا وخطيبًا، وألقى فيه دروسًا علمية في التفسير، ولعل الله سبحانه وتعالى أراد أن يجعل له أثرًا محسوسًا في عقر دياره بين قومه وذويه ومحبيه، فقيَّد هؤلاء المحببين المخلصين في محبته لتحقيق ذلك الهدف النبيل.

 

ختامًا، أسأل الله الكريم رب العرش العظيم، أن يرحم الشيخ محمد توري رحمةً واسعةً، ويُجْزِلَ له المثوبة، ويُسكِنَه فسيح جناته، ويجزي كل من شارك في هذا المشروع العملاق، بطريقة أو أخرى خيرَ الجزاء، وأن يسعدهم في الدنيا والآخرة كما ساهموا في خدمة وسعادة الشيخ رحمه الله في حياته، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الترجمة ودورها في تقريب الثقافات
  • ترجمة الفاضل العلامة أبي نصر محمد أعظم البرناآبادي

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة قرة العين لشرح ورقات إمام الحرمين(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • ورقات في أولى المطالب بالتعامل مع الأقارب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ورقات حول الأرض المقدسة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن التويجري في محاضرة: وقفات مع قوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • تقييد وتلخيص لشرح الشيخ حسام لطفي الشافعي على شرح المحلي لمتن الورقات للإمام الجويني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الشيخ د. عصام بن صالح العويد في محاضرة بعنوان (أركان تربية القرآن)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • ترجمة الشيخ عبداللطيف بن الشيخ عبدالرحمن بن شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الشيخ المحدث عبدالله بن عبدالرحمن السعد في محاضرة: مسائل متعلقة بشهري شعبان ورمضان(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • مختصر ترجمة الوالد العلامة محمد ابن قاسم رحمه الله (ت 1421 هـ) جامع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وفتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الشيخ المحدث خالد بن عبد العزيز الهويسين في محاضرة: السنة في تحقيق الصيام(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/11/1446هـ - الساعة: 21:31
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب