• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

القوة مطلب شرعي

القوة مطلب شرعي
د. محمد بن علي بن جميل المطري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/8/2014 ميلادي - 5/11/1435 هجري

الزيارات: 9747

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القوة مطلب شرعي

 

مقصد الدين الإسلامي:

سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة؛ قال الله تعالى: ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴾ [الجن: 16]، وقال: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96]، وعلَّمنا الله أن نقول: ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

 

وقد أوصى اللهُ جميع الأمم بإقامة الدِّين وعدم التفرق فيه فقال تعالى: ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ﴾ [الشورى: 13].

 

وحذَّرنا الله من ترك شيء من الدين فقال: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]، وقال: ﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ﴾ [الأنعام: 65].

 

فكل فتنة وعذاب واقع على المسلمين هو بسبب مخالفتهم لأمر الله وأمر رسوله؛ قال الله تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41]، لعلهم يرجعون إلى طاعة الله ورسوله، لعلهم يرجعون إلى الاعتصام بالقرآن الكريم الذي هو سبيل النجاة الوحيدُ لإخراج الأمة مما هي فيه من البؤس والشقاء والاختلاف؛ قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنبياء: 10]؛ أي: فيه قوتكم وعزُّكم وشرفكم.

 

وهذا الكتاب العظيم يجب أخذُه كلِّه بقوة وجد وحزم؛ كما قال تعالى: ﴿ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 63]، ولا يجوز أخذ بعضه وترك بعضه؛ قال تعالى: ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 85]، ومن الخزيِ في الدنيا: أن يعاقبنا الله بالعداوة والبغضاء بسبب تركنا العملَ ببعض كتابه؛ كما هي سنة الله في الأمم قبلنا؛ قال تعالى: ﴿ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾ [المائدة: 14].

 

فالقوة مطلوبة في أخذ الكتاب كله، والدخول في شرائع الإسلام كافة؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 208، 209].

 

والسِّلم هو الإسلام؛ فالإسلام يدعو إلى السلامة من عذاب الدنيا والآخرة، وجميع شرائع الإسلام مصلحة وخير في العاجل والآجل، حتى إقامة الحدود ما شُرعت إلا ليسلَمَ الناس في دِينهم ونفوسهم وأعراضهم وعقولهم وأموالهم؛ فالإسلام عندما يأمر بقتل القاتل قِصاصًا إنما هو إشاعة للسِّلم: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 179]، وهكذا عندما يأمر الإسلام بقطع يد السارق، أو جَلْد شارب الخمر أو الزاني، أو صَلْب قاطع الطريق؛ كل هذا لإشاعة السِّلم في المجتمع.

 

والإسلام هو دين الرحمة؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]؛ فالشريعة كلها رحمة، وكل ما أمرت به الشريعة وجوبًا أو استحبابًا ففِعله رحمة، وكل ما نهت عنه الشريعة تحريمًا أو تنزيهًا فتركه رحمة.

 

ومن الرحمة أن الإسلام فيه قوة؛ فقِوام الإسلام بكتابٍ يَهدي، وسيفٍ ينصُرُ، فليس كل الناس تنفعه الموعظة والحكمة، فمن الناس من لا يرتدع عن غَيِّه إلا بالقوة والشدة؛ قال الله تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحديد: 25].

 

ولذلك أمر الله المؤمنين بتحصيل القوة فقال: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ﴾ [الأنفال: 60]، قال المفسرون: ﴿ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ ﴾: هم المنافقون.

 

فلا يرتدع المنافقون والذين في قلوبهم مرض إلا بالقوة والغلظة؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [التوبة: 73].

 

فالإسلام ينهى عن الضَّعف والمهانة، ويأمر بالقوة والعزة؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 139]، وقال سبحانه: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [المنافقون: 8].

 

وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن القويُّ خير وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعِن بالله ولا تعجِزْ، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدَرُ الله، وما شاء فعل، فإن "لو" تفتح عمل الشيطان)).

 

القوة مطلب شرعي في التعامل مع النفس، وفي التعامل مع الأهل، وفي التعامل مع الناس، قوة بدون ظلمٍ ولا تعدٍّ ولا تكبُّرٍ ولا طغيان.

 

فالنفس أمَّارة بالسوء، ولن تنقاد لفعل الخير إلا بالقوة؛ قال تعالى: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 40، 41]؛ فالنفس لن تترك عاداتها السيئة والمعاصي المألوفة لديها إلا بالقوة، ولن تسمح النفسُ بالمداومة على فعل الخير إلا بالقوة؛ كما قال تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾[الكهف: 28]؛ أي: تضييعًا، ليس عنده قوة وحزم؛ فالمتبع لهواه يضيع أوامر الله بسبب ضعفه ومهانته.

 

ولا يستقيم أمر الأسرة إلا بقِوامة الرجل على المرأة؛ قال تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ﴾ [النساء: 34]، فبالقوة تصلح الأسرة، لكن هذه القوة فيها رحمة ومحبة، لا قوة بالعنف والظلم والتعسف؛ روى الطبرانيُّ في الكبير، وحسنه الألباني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((علِّقوا السوط حيث يراه أهلُ البيت؛ فإنه لهم أدب))، وفي الحديث المشهور قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مُرُوا أولادَكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عَشرٍ)).

 

والقوة مطلوبة في التعامل مع الناس؛ فالمتعامل مع الناس لا يُحمَد شرعًا إلا إذا كان قويًّا أمينًا؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص: 26]؛ فالرئيس والوزير والموظف وكل عامل لا يُحمَد إلا إذا كان قويًّا أمينًا، فإن كان قويًّا بلا أمانة أو أمينًا بلا قوة، فلا خير فيه، وما يُفسِدُ: أكثرُ مما يصلح.

 

ومن القوة في التعامل مع الناس:

الصبر على أذاهم؛ روى ابن ماجه، وصححه الألباني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم، أعظم أجرًا من المؤمن الذي لا يخالط الناس، ولا يصبِر على أذاهم)).

 

وفي الصحيحينِ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس الشديدُ بالصُّرَعةِ، إنما الشديدُ الذي يملِك نفسه عند الغضب)).

 

ولا يعني الصبر أن يُذِلَّ المسلمُ نفسَه، ويرضى بالمهانة؛ فقد قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ * وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [الشورى: 39، 40]، وقال تعالى: ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ﴾ [البقرة: 194].

 

فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، ومن قوته: أنه ينتصر إذا بُغي عليه، ويعفو عند المقدرة كرَمًا لا عجزًا.

 

ومن قوة المؤمن: أنه يحفظ ماله، ولا يستسلم لمن يريد غَصْبَه ما دام قادرًا على قتاله؛ روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أَخْذَ مالي؟ قال: ((فلا تُعْطِه مالك)) قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: ((قاتِلْه))، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: ((فأنت شهيدٌ))، قال: أرأيت إن قتلتُه؟ قال: ((هو في النار)).

 

ومن قوة المؤمن في تعامله مع الناس: أنه ينكِر المنكَر ولا يداهن؛ روى مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من رأى منكم منكَرًا فليغيِّرْه بيده، فإن لم يستطِعْ فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعفُ الإيمان)).

 

ومن قوة المؤمن في تعامله مع الناس: أنه يقول الحق ولو على نفسه أو قريبه؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ﴾ [الأنعام: 152]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ﴾ [النساء: 135].

 

ومن قوة المؤمن: أنه لا يتعاون مع أحدٍ على منكَر، وينكِر على مَن يدعوه إلى معصية؛ قال تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2]؛ وروى البخاريُّ عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((انصُرْ أخاك ظالِمًا أو مظلومًا))، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالِمًا كيف أنصره؟ قال: ((تمنَعُه من الظلم؛ فإن ذلك نصرُه)).

 

وقال عمرُ الفاروق رضي الله عنه: إنه لَيعجبني إذا دُعِي أحدكم لخطةِ خَسْفٍ أن يقول بملءِ فيه: لا.

 

الخطبة الثانية

الإسلام دين القوة، والقوة مطلوبة للفرد والجماعة، وأحقُّ الناس بالقوة الدولةُ المسلمة؛ فلا إسلام إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمارة، ولا إمارة إلا بطاعة، ولا طاعة إلا بقوة وحزمٍ وحكمة.

 

والقوة كل القوة تكون باتباع الهدى، وتركِ اتباع الهوى، وكل مَن خالف الشريعة تناقَضَ، وربما وضع القوة في موضع الشدة، ووضع الشدة في موضع القوة؛ ﴿ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾ [النور: 40].

 

وإن مِن قوة الدولة: أن ترجعَ إلى أهل العلم والتخصص، وتشاورَهم في الأمر؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ [النساء: 83]، وأولو الأمرِ: هم العلماء والأمراء.

 

ولا يجوز للدولة المسلمة أن تتخذ أولياءَ من غير المسلمين؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [آل عمران: 118].

 

وإن من قوة الدولة المسلمة: أن تحافظَ على سيادتها، ولا ترضى بالتبعية في سياستها، فلا تلتفت إلى الشرق ولا إلى الغرب، ولا تخافُ إلا من الله، ولا ترجو إلا رضا الله.

 

وإن من قوة الدولة المسلمة: أن تتعامَلَ بحكمة وحزم في قضايا النوازل، بلا عنفٍ ولا ضَعف، والحكمة: هي وضع الشيء في موضعه.

إذا أنت أكرَمْتَ الكريم ملَكْتَه
وإن أنت أكرَمْتَ اللئيمَ تمرَّدا
وَوَضْعُ الندى في موضِعِ السَّيفِ بالعُلا
مُضرٌّ كوضعِ السَّيفِ في موضعِ النَّدى

 

وإن من قوة الدولة المسلمة إذا وقع خلاف وفتنة: أن ترجِعَ الخلافَ إلى كتاب الله وسنَّة رسوله؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59].

 

فهذا أمرٌ من الله الحكيم لجميع المؤمنين أن يردُّوا خلافاتهم ونزاعاتهم إلى كتاب الله وسنَّة رسوله؛ فمن استجاب لذلك فهو مؤمن؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 51]، ومَن لم يستجب لذلك فهو من المنافقين، كائنًا من كان؛ كما قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا * فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا * وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا * فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 60 - 65].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مشروعية رفع الصوت بالتهليل بعد الصلوات المكتوبة

مختارات من الشبكة

  • غزوة بدر الكبرى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قوة النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)
  • رأي الشرع في قوة العقل الباطن(استشارة - الاستشارات)
  • أيها الإعلامي: ذكر العالم بنقاط قوتك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هزيمة الغرب للإسلام أمر غير ممكن نظرية دافيد سيلبورني(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • شرع الله رحمة وشرع البشر عذاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل يجوز أن نجعل القاعدة الفقهية دليلا شرعيا يستنبط منه حكم شرعي؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة وسائل القوة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مصادر القوة عند المؤمن(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • القوة في الإسلام (5) خطبة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب