• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أدلة الأحكام المتفق عليها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأنثى كالذكر في الأحكام الشرعية
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    الإنفاق في سبيل الله من صفات المتقين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    النهي عن أكل ما نسي المسلم تذكيته
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الحج: آداب وأخلاق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    يصلح القصد في أصل الحكم وليس في وصفه أو نتيجته
    ياسر جابر الجمال
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    تفسير: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: الاستطابة
    الشيخ محمد طه شعبان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

طريقك إلى النجاح (خطبة)

طريقك إلى النجاح (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/4/2025 ميلادي - 16/10/1446 هجري

الزيارات: 6611

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

طريقك إلى النجاح


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَالنَّجَاحُ: هُوَ الْقُدْرَةُ عَلَى تَحْقِيقِ الْأَهْدَافِ الْمَرْسُومَةِ فِي الْحَيَاةِ، وَيَسْتَلْزِمُ تَحْقِيقُهُ: اتِّبَاعَ قَوَاعِدِهِ الْأَسَاسِيَّةِ، وَالْمُبَادَرَةَ إِلَى الْجِدِّ وَالِاجْتِهَادِ، وَاغْتِنَامَ الْأَوْقَاتِ، وَالِاسْتِفَادَةَ مِنَ الْفُرَصِ الْمُتَاحَةِ، وَالتَّغَلُّبَ عَلَى الْمَتَاعِبِ وَالْعَقَبَاتِ، وَلِلنَّجَاحِ خَارِطَةُ طَرِيقٍ طَوِيلَةٌ وَمُتَعَرِّجَةٌ، وَمِمَّا يُسَاعِدُكَ لِلْوُصُولِ إِلَى النَّجَاحِ:

1- الدُّرْبَةُ وَالْمِرَانُ: كُلُّ شَيْءٍ لَمْ تَتَعَوَّدْ عَلَيْهِ يَصْعُبُ عَلَيْكَ، فَالَّذِي لَمْ يَتَعَوَّدْ غِشْيَانَ الْمَجَالِسِ، وَمُخَالَطَةَ النَّاسِ؛ فَإِنَّهُ يَخَافُ مِنْهُمْ، وَيُؤْثِرُ الْعُزْلَةَ، فَإِذَا اضْطُرَّ يَوْمًا إِلَى الِاجْتِمَاعِ بِهِمْ عَلَاهُ الْخَجَلُ، وَزَادَ ارْتِبَاكُهُ، وَكَذَا الَّذِي لَمْ يَتَعَوَّدْ عَلَى الْخَطَابَةِ مَثَلًا، وَعِلَاجُ ذَلِكَ بِالدُّرْبَةِ وَالْمِرَانِ وَالتَّعَوُّدِ وَالْمُمَارَسَةِ، فَلَا يَزَالُ يَتَكَلَّفُ الْخَطَابَةَ حَتَّى يَصِيرَ خَطِيبًا، وَالْجُرْأَةَ حَتَّى يَصِيرَ جَرِيئًا[1].

 

2- وَطِّنْ نَفْسَكَ عَلَى تَحَمُّلِ الصِّعَابِ: حَيَاةُ النَّاسِ فِيهَا مَصَاعِبُ وَتَحَدِّيَاتٌ، وَمَكْرُوهَاتٌ لِلنَّفْسِ؛ فَيَنْبَغِي تَوْطِينُ النَّفْسِ عَلَى تَحَمُّلِ الصِّعَابِ، وَالْحَذَرُ مِنْ تَضْخِيمِ النَّتَائِجِ، قَالَ ابْنُ حَزْمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَطِّنْ نَفْسَكَ عَلَى مَا تَكْرَهُ؛ يَقِلَّ هَمُّكَ إِذَا أَتَاكَ، وَيَعْظُمْ سُرُورُكَ وَيَتَضَاعَفْ إِذَا أَتَاكَ مَا تُحِبُّ مِمَّا لَمْ تَكُنْ قَدَّرْتَهُ)[2].

 

3- انْظُرْ فِي الْعَوَاقِبِ: فَهَذَا مِمَّا يُحَفِّزُكَ، فَمَنْ جَبُنَ عَنْ أَنْ يَرْحَلَ عَنْ بَلَدِهِ؛ لِطَلَبِ رِزْقٍ، أَوْ عِلْمٍ، فَسَيَرَى أَنَّ مِنَ الْمُحْتَمَلِ أَنْ يُصِيبَهُ مَرَضٌ، أَوْ قَدْ يَمُوتُ فِي غُرْبَتِهِ! وَلَكِنْ مِنَ الْمُؤَكَّدِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَرْتَحِلْ ضَاقَ رِزْقُهُ، أَوْ قَلَّ عِلْمُهُ، أَوْ كَانَ جَبَانًا، أَوْ جَاهِلًا حَتْمًا. فَالنَّظَرُ فِي الْعَوَاقِبِ يَحْمِلُ الْمَرْءَ عَلَى الشَّجَاعَةِ وَالْإِقْدَامِ.

 

4- لَا تُبَالِ بِكَلَامِ النَّاسِ: إِذَا قَامَ الْمَرْءُ بِمَا تَقْتَضِيهِ الْحِكْمَةُ؛ فَلْيُقْدِمْ عَلَى مَا قَصَدَ إِلَيْهِ، دُونَمَا الْتِفَاتٍ أَوْ مُبَالَاةٍ بِكَلَامِ أَحَدٍ، وَهَذَا هُوَ بَابُ الْعَقْلِ وَالرَّاحَةِ كُلِّهَا[3]. وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ أَنْ يَتَعَمَّدَ الْمَرْءُ مُخَالَفَةَ كَلَامِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ تَقْتَضِي مُدْرَاةَ النَّاسِ، وَإِنْزَالَهُمْ مَنَازِلَهُمْ.

 

5- لَا أَحَدَ يَسْلَمُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ: قَالَ ابْنُ حَزْمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (مَنْ قَدَّرَ أَنَّهُ يَسْلَمُ مِنْ طَعْنِ النَّاسِ وَعَيْبِهِمْ؛ فَهُوَ مَجْنُونٌ)[4]. فَلَا تُعَظِّمْ كَلَامَ النَّاسِ فِي قَلْبِكَ، وَاسْتَفْرِغْ طَاقَتَكَ فِي الْعَمَلِ وَالْإِنْجَازِ، ثُمَّ تَذَكَّرْ بِأَنَّ النَّقْدَ الظَّالِمَ إِنَّمَا هُوَ اعْتِرَافٌ ضِمْنِيٌّ بِنَجَاحِكَ.

 

6- اعْرِفْ قَدْرَ نَفْسِكَ: فَلَا تُقْدِمْ عَلَى عَمَلٍ إِلَّا وَأَنْتَ قَادِرٌ عَلَيْهِ، وَلَا تُكَلِّفْ نَفْسَكَ مَا لَا تُطِيقُهُ، فَلَا تُرْهِقْ نَفْسَكَ، وَلَا تُهْدِرْ مُمَيِّزَاتِهَا، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَلَّا يُقْدِمَ عَلَى الْعَزَائِمِ حَتَّى يَزِنَ نَفْسَهُ: هَلْ يُطِيقُهَا؟ وَيُجَرِّبَ رُكُوبَ بَعْضِهَا سِرًّا مِنَ الْخَلْقِ، فَإِنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يُرَى فِي حَالَةٍ لَا يَصْبِرُ عَلَيْهَا، فَيُفْتَضَحُ)[5].

 

7- لَا تُبَالِ إِنْ أَخْفَقْتَ: لَا تَنْزَعِجْ إِنْ أَخْفَقْتَ فِي بِدَايَةِ أَمْرِكَ، وَأَعِدِ الْكَرَّةَ بَعْدَ الْكَرَّةِ، فَالْإِخْفَاقُ هُوَ طَرِيقُ النَّجَاحِ، وَالْخَطَأُ طَرِيقُ الصَّوَابِ، يَكْفِيكَ شَرَفُ التَّجْرِبَةِ، وَالْمُحَاوَلَةِ الْجَادَّةِ، وَسَتَنْجَحُ فِي يَوْمٍ مَا، وَهَا هُوَ مُخْتَرِعُ الْمِصْبَاحِ الْكَهْرَبَائِيِّ؛ قَدْ أَخْفَقَ عَشَرَةَ آلَافِ مَرَّةٍ قَبْلَ أَنْ يَصْنَعَ الْمِصْبَاحَ.

 

8- ثِقْ بِنَفْسِكَ: فَلَا تَقْتَصِرْ عَلَى اسْتِحْضَارِ جَوَانِبِ الضَّعْفِ فِي نَفْسِكَ، وَلَا تُبَالِغْ فِي ذَلِكَ، فَهَذَا يَقُودُكَ إِلَى احْتِقَارِهَا وَازْدِرَائِهَا، فَتُحْجِمُ وَلَا تُقْدِمُ. بَلْ تَذَكَّرْ جَوَانِبَ الْقُوَّةِ وَالْإِبْدَاعِ فِي نَفْسِكَ، حَتَّى تَنْبَعِثَ إِلَى الْإِقْدَامِ، فَالَّذِي يَحْيَا بِالثِّقَةِ؛ تُحْيِيهِ الثِّقَةُ.

 

9- تَفَاءَلْ بِالنَّجَاحِ: التَّفَاؤُلُ: هُوَ تَوَقُّعُ حُصُولِ الْخَيْرِ، وَهُوَ مِنَ الصِّفَاتِ الرَّئِيسَةِ لِأَيِّ إِنْسَانٍ يَنْشُدُ النَّجَاحَ. وَالتَّفَاؤُلُ: يَزْرَعُ الْأَمَلَ، وَيُعَمِّقُ الثِّقَةَ بِالنَّفْسِ، وَيُحَفِّزُ عَلَى النَّشَاطِ وَالْعَمَلِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «يُعْجِبُنِي الْفَأْلُ الصَّالِحُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَفِي رِوَايَةٍ: «أُحِبُّ الْفَأْلَ الصَّالِحَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَأَعْلَى دَرَجَاتِ التَّفَاؤُلِ: أَنْ تَتَفَاءَلَ فِي أَوْقَاتِ الْأَزَمَاتِ، وَلَحَظَاتِ الِانْكِسَارَاتِ، وَسَاعَاتِ الشَّدَائِدِ؛ فَالتَّفَاؤُلُ يُوَلِّدُ لَدَيْكَ مَشَاعِرَ الرِّضَا وَالتَّحَمُّلِ، وَالثِّقَةِ وَالْأَمَلِ، وَيُبْعِدُ عَنْكَ مَشَاعِرَ الْيَأْسِ وَالْعَجْزِ.

 

10- أَحْسِنِ الظَّنَّ بِرَبِّكَ: فَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي؛ إِنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ» صَحِيحٌ- رَوَاهُ أَحْمَدُ. فَاللَّهُ تَعَالَى يُعَامِلُكَ عَلَى حَسَبِ ظَنِّكَ بِهِ، وَمَا تَتَوَقَّعُهُ مِنْهُ مِنْ نَجَاحٍ أَوْ إِخْفَاقٍ، وَلَنْ تَكُونَ مُحْسِنًا ظَنَّكَ بِرَبِّكَ إِلَّا إِذَا اجْتَهَدْتَ، وَبَذَلْتَ أَسْبَابَ النَّجَاحِ، وَقُمْتَ بِمَا يُوجِبُ لَكَ فَضْلَ اللَّهِ وَرَحْمَتَهُ، وَتَوْفِيقَهُ وَتَسْدِيدَهُ. فَتَجْتَهِدُ – مَعَ إِحْسَانِ الظَّنِّ بِاللَّهِ أَنْ يُوَفِّقَكَ لِلنَّجَاحِ، وَأَمَّا إِحْسَانُ الظَّنِّ بِاللَّهِ – بِدُونِ عَمَلٍ؛ فَهَذَا مِنْ بَابِ التَّمَنِّي فَقَطْ! وَمَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ الْأَمَانِيَّ فَهُوَ عَاجِزٌ.

 

11-تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ، وَخُذْ بِالْأَسْبَابِ: وَلِعِظَمِ شَأْنِ التَّوَكُّلِ أَكْثَرَ اللَّهُ مِنْ ذِكْرِهِ فِي الْقُرْآنِ، وَبَيَّنَ حُسْنَ الْعَاقِبَةِ لِلْمُتَوَكِّلِينَ، وَالتَّوَكُّلُ: هُوَ تَوَجُّهُ الْقَلْبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى حَالَ الْعَمَلِ، وَاسْتِمْدَادِ الْمَعُونَةِ مِنْهُ، وَالِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ. فَمَنْ عَطَّلَ الْأَسْبَابَ الْمَأْمُورَ بِهَا؛ لَمْ يَصِحَّ تَوَكُّلُهُ، وَمَا اقْتَرَنَ الْعَزْمُ الصَّحِيحُ بِالتَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ إِلَّا كَانَتِ الْعَاقِبَةُ رُشْدًا وَنَجَاحًا: ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 159]، فَإِذَا جَمَعْتَ بَيْنَ الْأَخْذِ بِالْأَسْبَابِ، وَقُوَّةِ التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ؛ فَقَدْ حَقَّقْتَ مُرَادَكَ بِالتَّوْفِيقِ وَالنَّجَاحِ وَالسَّدَادِ.

 

12- خُذِ الْأُهْبَةَ وَالِاسْتِعْدَادَ: كُنْ مُسْتَعِدًّا دَائِمًا لِأَيِّ عَمَلٍ تُرِيدُ إِنْجَازَهُ، وَلَا تَدَعِ الْأَمْرَ لِلصُّدْفَةِ، حَتَّى لَا تَقَعَ فِي الْخَطَأِ، وَالْإِحْرَاجِ، ثُمَّ تَتَعَذَّرَ بِالْفَشَلِ، فَإِنَّ التَّقْصِيرَ بِالْأَخْذِ بِالْأَسْبَابِ مِمَّا يُضْعِفُكَ وَيُرْبِكُكَ، وَرُبَّمَا يُوقِعُكَ فِي الْيَأْسِ وَالْإِحْبَاطِ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... عِبَادَ اللَّهِ.. وَمِمَّا يُسَاعِدُكَ لِلْوُصُولِ إِلَى النَّجَاحِ:

13- آمِنْ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ: فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ تُوقِنَ بِأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَهَذَا يَبْعَثُكَ إِلَى أَنْ تُقْدِمَ غَيْرَ هَيَّابٍ، وَلَا مُبَالٍ بِمَا سَيَنَالُكَ مِنْ نَتَائِجَ.

 

14- تَسَلَّحْ بِالصَّبْرِ وَالْمُصَابَرَةِ: وَاصْبِرْ عِنْدَ الصَّدَمَاتِ الْأُولَى، وَعِنْدَ الصُّعُوبَاتِ وَالْمُنْعَرَجَاتِ، وَتَذَكَّرْ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَلَا بُدَّ – لِمَنْ رَامَ النَّجَاحَ – مِنَ الصَّبْرِ وَالِاصْطِبَارِ؛ فَإِنَّ اسْتِعْجَالَ الثَّمَرَةِ يُؤَدِّي نَتَائِجَ تَضُرُّ أَكْثَرَ مِمَّا تَنْفَعُ، وَمَنِ اسْتَعْجَلَ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ؛ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ، وَلِلصَّبْرِ فَوَائِدُ جَمَّةٌ، وَعَوَائِدُ كَرِيمَةٌ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «‌وَجَدْنَا ‌خَيْرَ ‌عَيْشِنَا بِالصَّبْرِ»[6]. وَقَالَ أَيْضًا: «إِنَّ‌‌ ‌أَفْضَلَ ‌عَيْشٍ ‌أَدْرَكْنَاهُ بِالصَّبْرِ، وَلَوْ أَنَّ الصَّبْرَ كَانَ مِنَ الرِّجَالِ كَانَ كَرِيمًا»[7]. فَتَدَرَّعْ بِالصَّبْرِ، وَتَكَلَّفْهُ، وَوَطِّنْ نَفْسَكَ عَلَيْهِ، وَتَجَرَّعْ مَرَارَتَهُ؛ لِتَذُوقَ حَلَاوَتَهُ.

 

15- اسْتَشِرِ الْعُقَلَاءَ: فَالشُّورَى أَمْرُهَا عَظِيمٌ، فَقَدْ نَوَّهَ اللَّهُ تَعَالَى بِذِكْرِهَا، وَأَثْنَى عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِقِيَامِهِمْ بِهَا، وَسَمَّى بِهَا سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ لِأَهَمِّيَّتِهَا، قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ﴾ [الشُّورَى: 38]. وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرَ الْمُشَاوَرَةِ لِأَصْحَابِهِ[8]؛ فَطَرِيقُ النَّجَاحِ يَبْدَأُ بِالِاسْتِشَارَةِ وَالْمُشَاوَرَةِ، فَلَا تَسْتَبِدَّ بِرَأْيِكَ، وَلَا تَعْتَدَّ بِنَفْسِكَ دَائِمًا، وَتَوَاضَعْ لِلْمَشُورَةِ الصَّحِيحَةِ مِنْ أَهْلِ الْعُقُولِ السَّلِيمَةِ، وَالتَّجَارِبِ الْعَمِيقَةِ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «‌نِعْمَ ‌الْمُؤَازَرَةُ الْمُشَاوَرَةُ، وَبِئْسَ الِاسْتِعْدَادُ الِاسْتِبْدَادُ»[9].

 

16- تَسَلَّحْ بِالتَّقْوَى: فَإِنَّهَا أَعْظَمُ طَرِيقٍ يُوصِّلُ لِلنَّجَاحِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ عَرَفَ رَبَّهُ، وَقَدَّرَهُ حَقَّ قَدْرِهِ، وَعَظُمَ وَقَارُهُ وَجَلَالُهُ فِي قَلْبِهِ؛ هَانَتْ عَلَيْهِ الصِّعَابُ. فَالتَّقْوَى: هِيَ الْعُدَّةِ فِي الشَّدَائِدِ، وَالْعَوْنُ فِي الْمُلِمَّاتِ، وَهِيَ مُتَنَزَّلُ السَّكِينَةِ، وَمَهْبِطُ الطُّمَأْنِينَةِ، وَهِيَ مَبْعَثُ الْقُوَّةِ وَالْيَقِينِ، وَمِعْرَاجُ السُّمُوِّ إِلَى السَّمَاءِ، وَهِيَ الَّتِي تُثَبِّتُ الْأَقْدَامَ فِي الْمَزَالِقِ، وَتَرْبِطُ عَلَى الْقُلُوبِ فِي الْفِتَنِ.

 

17- أَكْثِرْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ: بِذِكْرِ اللَّهِ يَقْوَى الْقَلْبُ، وَتَهُونُ الصِّعَابُ، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِنَّ الذِّكْرَ يُعْطِي الذَّاكِرَ قُوَّةً، حَتَّى إِنَّهُ لَيَفْعَلُ مَعَ الذِّكْرِ مَا لَا يُطِيقُ فِعْلَهُ بِدُونِهِ، وَقَدْ شَاهَدْتُ مِنْ قُوَّةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ -قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ- فِي مِشْيَتِهِ، وَكَلَامِهِ، وَإِقْدَامِهِ، وَكِتَابَتِهِ، أَمْرًا عَجِيبًا؛ فَكَانَ يَكْتُبُ فِي الْيَوْمِ مِنَ التَّصْنِيفِ مَا يَكْتُبُهُ النَّاسِخُ فِي جُمُعَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَقَدْ شَاهَدَ الْعَسْكَرُ مِنْ قُوَّتِهِ فِي الْحَرْبِ أَمْرًا عَظِيمًا)[10].

 

18- أَقْبِلْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَأَعْرِضْ عَنْ سِوَاهُ: وَهُوَ جِمَاعٌ لِمَا مَضَى، فَطَرِيقُ النَّجَاحِ يَحْتَاجُ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهُ – كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (شُجَاعًا مِقْدَامًا، حَاكِمًا عَلَى وَهْمِهِ، غَيْرَ مَقْهُورٍ تَحْتَ سُلْطَانِ تَخَيُّلِهِ، زَاهِدًا فِي كُلِّ مَا سِوَى مَطْلُوبِهِ، عَاشِقًا لِمَا تَوَجَّهَ إِلَيْهِ، عَارِفًا بِطَرِيقِ الْوُصُولِ إِلَيْهِ، وَالطُّرُقِ الْقَوَاطِعِ عَنْهُ، مِقْدَامُ الْهِمَّةِ، ثَابِتُ الْجَأْشِ، لَا يُثْنِيهِ عَنْ مَطْلُوبِهِ لَوْمُ لَائِمٍ، وَلَا عَذْلُ عَاذِلٍ، كَثِيرُ السُّكُونِ، دَائِمُ الْفِكْرِ، غَيْرُ مَائِلٍ مَعَ لَذَّةِ الْمَدْحِ وَلَا أَلَمِ الذَّمِّ، قَائِمًا بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ أَسْبَابِ مَعُونَتِهِ، لَا تَسْتَفِزُّهُ الْمُعَارَضَاتُ، شِعَارُهُ الصَّبْرُ، وَرَاحَتُهُ التَّعَبُ، مُحِبًّا لِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، حَافِظًا لِوَقْتِهِ، لَا يُخَالِطُ النَّاسَ إِلَّا عَلَى حَذَرٍ؛ كَالطَّائِرِ الَّذِي يَلْتَقِطُ الْحَبَّ بَيْنَهُمْ... وَمِلَاكُ ذَلِكَ: هَجْرُ الْعَوَائِدِ، وَقَطْعُ الْعَلَائِقِ الْحَائِلَةِ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْمَطْلُوبِ)[11].



[1] انظر: الاستقامة لابن تيمية (2/271).

[2] الأخلاق والسير، (ص26).

[3] انظر: المصدر نفسه، (ص17).

[4] المصدر نفسه، (ص17).

[5] صيد الخاطر، (ص187).

[6] الزهد، لوكيع بن الجراح (ص449).

[7] الصبر والثواب عليه، لابن أبي الدنيا (ص23).

[8] انظر: الرياض النضرة في مناقب العشرة، (ص60).

[9] أدب الدنيا والدين، للماوردي (ص300).

[10] الوابل الصيب، (ص185).

[11] الفوائد، (ص191).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ركز في طريقك إلى النجاح
  • المحاولة طريقك إلى النجاح
  • أخلاقيات القيادة وواجبات المسؤول (خطبة)
  • ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • طريق النجاح(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الكتابة طريقك للنجاح(مقالة - حضارة الكلمة)
  • عيوبك طريقك للنجاح(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الطريق إلى النجاح (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • طريق النجاح وسبب الفلاح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طريق النجاح بين الأوفياء والأدعياء(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • نصائح لطالب العلم، وسبل الوصول لطريق النجاح(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • رحلة الحياة إلى طريق النجاح(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • طريق النجاح (دليل عملي للتفكير والتخطيط والإنجاز) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المفكرة والقلم طريق النجاح(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/11/1446هـ - الساعة: 16:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب