• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

الإيمان وأثره في الوقاية من حوادث السير

الإيمان وأثره في الوقاية من حوادث السير
سعيد بدهان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/10/2021 ميلادي - 23/3/1443 هجري

الزيارات: 19195

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإيمان وأثره في الوقاية من حوادث السير

 

إن الحمد لله نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71]، أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.


أيها الناس، إن عمارة الأرض تتطلب من العبد المؤمن أن يصلح فيها ولا يفسد؛ قال تعالى ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾ [البقرة: 204-205]؛ يقول الطاهر بن عاشور رحمه الله: "والفساد ضد الصلاح، ومعنى الفساد: إتلاف ما هو نافع للناس نفعًا محضًا أو راجحًا... وإنما كان الفساد غير محبوب عند الله؛ لأن في الفساد بالتفسير الذي ذكرناه تعطيلًا لِما خلقه الله في هذا العالم لحكمة صلاح الناس، فإن الحكيم لا يحب تعطيل ما تقتضيه الحكمة"، ومما لاشك فيه أن القوانين المرورية المنظمة لاستعمال الطرق العامة وضبط تحركاتهم على الطريق، سبب من الأسباب التي تحقق النظام والإصلاح، وتمنع الفوضى، فإذا ما خولفت هذه القوانين نتج عنها مخاطر تهدد حياة الناس، يذهب ضحيتها آلاف الأشخاص سنويًّا.

 

وإذا كانت وسائل المواصلات التي يستعملها الإنسان ضرورة من ضرورات الحياة، فلا بد من مراعاة السلامة في استعمالها والتعامل معها، والله سبحانه وتعالى قد مدح عباده الصالحين، فقال: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا ﴾ [الفرقان: 63]، فالآية ربطت بين تحقيق العبودية وتوحيد الله سبحانه وتعالى والإيمان به، وبين المشي على الأرض بالهون، وهذا هو الأصل العقدي الذي سنبني عليه الكلام في هذه الخطبة، ومعنى قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا ﴾.


"والهون: اللين والرفق... والمشي الهون: هو الذي ليس فيه ضرب بالأقدام وخفق النعال، فهو مخالف لمشي المتجبرين المعجبين بنفوسهم وقوتهم.

 

وهذا الهون ناشئ عن التواضع لله تعالى والتخلق بآداب النفس العالية، وزوال بطر أهل الجاهلية، فكانت هذه المشية من خلال الذين آمنوا على الضد من مشي أهل الجاهلية؛ فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه رأى غلامًا يتبختر في مشيته، فقال له: «إن البخترة مشية تُكْرَه إلا في سبيل الله»، وقد مدح الله تعالى أقوامًا بقوله سبحانه: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ﴾ [الفرقان: 63]، فاقصد في مشيتك، وحكي الله تعالى عن لقمان قوله لابنه: ﴿ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا ﴾ [لقمان: 18]،والتخلق بهذا الخلق مظهر من مظاهر التخلق بالرحمة المناسب لعباد الرحمن؛ لأن الرحمة ضد الشدة، فالهون يناسب ماهيتها وفيه سلامة من صَدْم المارين في الطريق.

 

وأيضًا يدخل في هذه الآية من باب أولى وأحرى من يسوق السيارة، أو غيرها من وسائل النقل؛ لأن احترام قوانين السير وقيادة السيارة بتؤدة وتواضع يحقِّق الإصلاح في الأرض، ويقلل من حوادث السير.

 

وأما الأحاديث النبوية، فمنها ما رواه مسلم في صحيحه عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ - أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ - شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ».

 

في هذا الحديث يبيِّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم العلاقة الوطيدة بين الإيمان واحترام قوانين سلامة السير، وأنه من الإيمان تجنُّب كل التصرفات التي تؤذي الغير، ومعنى إماطة الأذى عن الطريق؛ أي: إزالة ما يؤذي كشوك وخبث وحجر، وهناك حديث آخر يربط فيه النبي صلى الله عليه وسلم بين الوقاية المرورية، وبين الإيمان باليوم الآخر، وأن العمل الصالح في هذا المجال له أثره يوم القيامة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ، فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ، كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ»[1].

 

وهذا الرجل ما عمل هذا العمل إلا احتسابًا لله عز وجل، فالعقيدة لها أثرها في عمل الإنسان، فإن كان يستحضر هذا المعنى في جميع حركاته وسكناته، فإن أعماله دائمًا ستصُب في مصلحة نفسه أولًا، ولمجتمعه ثانيًا، ومن ثم سيجد ثمرة هذا العمل يوم القيامة في الجنة، وقد يحتقر البعض هذا العمل القليل، إلا أنه في الواقع ثوابه كبير عند الله سبحانه وتعالى، "فكل ما أدخل نفعًا على المسلمين، أو أزال عنهم ضررًا فهو منه، لكنه كله من النصيحة الواجبة على المسلمين بعضهم لبعض، التي بايع عليها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه من النصح لكل مسلم، بنصحه في حضرته وغيبته، بكل قول وفعل يعود عليه بمنفعة لدينه ودنياه.

 

ومما لا يختلف فيه أهل العقل والفطرة أن هذه القوانين التي تلزم الدول شعوبها بالانقياد لها وتطبيقها، هي من المصالح ومن أبواب الخير، ويجب على المجتمع ألا يتوانى ولا يتهاون في تطبيقها، "فالجميع مسؤول، قائد المركبة مسؤول، ورب الأسرة مسؤول، ورجل الشرطة مسؤول، فليعمل كل بحسب مسؤوليته، ولنتذكر جميعًا قوله تعالى: ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ ﴾ [الصافات:24]، ولا بد من الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى وطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وولي الأمر الذي أمرنا رسولنا الحبيب بطاعته بالمعروف.

 

فولي الأمر أمَر بالتطبيق النافع لنا غير الشاق؛ ليحافظ على سلامتنا وسلامة من على الطريق، فلنعمل سويًّا على تطبيق قانون المرور، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فهذه القوانين وإن كانت وضعية، فإن صاحب رخصة السياقة تعاقد مع الجهة التي منحته هذه الرخصة بأن يلتزم بقرارات مدونة السير، المعمول بها في البلاد؛ قال تعالى: ﴿ يَاَ أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة:1 ]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ"، قَالَ: وَزَادَ سُفْيَانُ فِي حَدِيثِهِ: "مَا وَافَقَ الْحَقَّ مِنْهَا".

 

"قال الحليمي رحمه الله: فكل من عقد عقدًا من العقود التي أثبتتها الشريعة، وجعلت لها حكمًا بين يدي الله تعالى وبين العبد، أو بين العباد بعضهم من بعض، فصح ذلك منه، وانعقد عليه ولزمه، فعليه أن يوفي به.


إن مراقبة الله سبحانه وتعالى والخوف منه والوازع الديني في قلب المسلم، صمام أمان لتطبيق هذه القوانين المرورية، فلو استحضر المسلمون في قلوبهم وعقولهم مراقبة الله تعالى أثناء تحركاتهم وسيرهم في الطرقات، لَما كنا نسمع عن كثير من هذه الحوادث والفواجع في طرقات المسلمين، ولسهُل العمل أيضًا على شرطة المرور، ولهذا قيل: إن من علامة المراقبة "إيثار ما أنزل الله، وتعظيم ما عظم الله، وتصغير ما صغر الله"، ومما عظَّم الله: حرمةُ الدماء، وقتْلُ نفس بغير حق، أو إيذاؤها؛ قال تعالى: ﴿ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ ﴾ [المائدة:32]، و"القصد بالآية: تعظيم قتل النفس والتشديد فيه؛ لينزجر الناس عنه، وكذلك الثواب في إحيائها كثواب إحياء الجميع، لتعظيم الأمر والترغيب فيه، وإحياؤها هو إنقاذها من الموت؛ كإنقاذ الحريق أو الغريق وشبه ذلك".

 

فإذا غاب هذا الوازع - مراقبة الله تعالى- حل الخراب واختلت الموازين، ولذا نجد مجموعة من الآداب والأخلاق مبثوثة في نصوص الكتاب والسنة، ينبغي التحلي بها في مجالات شتى؛ منها الآداب والأخلاق المتعلقة بالطريق، ولها ارتباط وثيق بالعقيدة والإيمان، والعمل بهذه الأخلاق والآداب دليل على قوة إيمان الشخص؛ لأنها تنبعث منه، ونقصانها أو انعدامها يدل على نقصان الإيمان، ويمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام وهي:

1- آداب الطريق الخاصة بالمركبات، وتتمثل في الأمور الآتية:

أ- "صلاحية الوسيلة المستعملة في الركوب للاستعمال، فيجب على الراكب أن يتأكد من الوسيلة المستعملة في الركوب، وأنها صالحة للاستعمال، متوفر بها مستلزمات السلامة من مكابح وأنوار وإشارات، فإن خالف وسار بها وهي غير صالحة، فهو مخطئ ومؤاخذ لتعريض نفسه وغيره من المنتفعين بالطريق للخطر، ويجب منعه من المرور بها واستعمالها.

 

ويُمكن أن يستدل لهذا الأدب بقوله صلى الله عليه وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»[2]، والسيارة غير الصالحة للاستعمال لا يؤمن ضررها، والضرر منهي عن.

 

ب- توفر الشروط المؤهلة لاستخدام وسيلة الركوب، فالسائق للسيارة وما في حكمها، يجب أن يكون بالغًا عاقلًا قادرًا على قيادتها، فمن لم يكن كذلك لم يجز له شرعا أن يقود السيارة.

 

ومما يستدل به على وجوب السيطرة على السيارة وحفظها عن صدم الناس: ما رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِنَا، أَوْ فِي سُوقِنَا، وَمَعَهُ نَبْلٌ، فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا - أَوْ قَالَ: فَلْيَقْبِضْ بِكَفِّهِ - أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنَ المُسْلِمِينَ مِنْهَا شَيْءٌ»[3]، فالسيارة آلة صماء تشبه في خطرها السهام، فكما يجب على حامل النصل والسهم أن يتحرَّز عن خدش الناس بها، يجب على سائق السيارة أن يسيطر عليها بواسطة التحكم الدقيق في مقودها ومكابحها وآلاتها الأخرى.

 

ج- مراعاة القواعد التي تنظِّم المرور، فيجب على كل مستخدم للطريق أن يلتزم بقواعد المرور؛ لأن الالتزام بها يحقِّق الأمن ويحقن الدماء، ويحفظ الأموال عن التلف، ويحقق المقاصد الشرعية الكلية التي جاءت الشريعة لحفظها.

 

2- القسم الثاني: آداب الطريق الخاصة بالمشاة:

أ‌- السير في الأماكن المخصصة للمشاة من أرصفة وشوارع، وتجنُّب السير وسط الطرق المعدة لسير السيارات، ومنع الأولاد من اللعب في الطرق والشوارع، وقطع الطريق من الأماكن المعدة لذلك، فالالتزام بقوانين المرور طاعة لولاة الأمر الذين أمرنا الله بطاعتهم في المعروف؛ قال تعالى: ﴿ يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ [النساء:59].

 

ب‌- مراعاة علامات الصعود للسيارات والنزول منها، فلا يصعد إلى السيارة ولا ينزل منها في الأماكن الممنوعة أو الخطيرة؛ لأن ذلك يعرضهم للسقوط أو الاصطدام بالسيارات المارة على الطريق"؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 195]، "ومعنى النهي عن الإلقاء باليد إلى التهلكة: النهي عن التسبب في إتلاف النفس أو القوم عن تحقُّق الهلاك بدون أن يُجتنى منه المقصودُ".

 

3- القسم الثالث: آداب الجلوس على الطريق، وأصل هذا القسم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ»، قَالُوا: وَمَا حَقُّهُ؟ قَالَ: «غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ»[4]، "فالحديث من التوجيهات النبوية الرشيدة، والدروس الاجتماعية السديدة، ولذا قال عبدالله بن الزبير: المجالس حِلَقُ الشيطان إن يروا حقًّا لا يقومون به، وإن يروا باطلًا لا يدفعونه".

 

وقد ذكر ابن حجر في الفتح أربعة عشر أدبًا للجلوس على الطريق، جمعها من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نظمها في أبيات فقال:

جَمَعْتُ آدَابَ من رام الْجُلُوس على ال
طريق مِنْ قَوْلِ خَيْرِ الْخَلْقِ إِنْسَانَا
افْشُ السَّلَامَ وَأحسن فِي الْكَلَام وش
مت عَاطِسًا وَسَلَامًا رُدَّ إِحْسَانَا
فِي الْحَمْلِ عَاوِنْ وَمَظْلُومًا أَعِنْ وَأَغِثْ
لَهْفَانَ اهْدِ سَبِيلًا وَاهْدِ حيرانا
بِالْعرْفِ مر وانه عَنْ نُكْرٍ وَكُفَّ أَذًى
وَغُضَّ طَرْفًا وَأَكْثِرْ ذِكْرَ مَوْلَانَا

 

الخطبة الثانية

إن الشعور بالمسؤولية تجاه سالكي الطريق، يتطلب من المهندسين والعمال والمسؤولين إتقان عملهم لضمان جودة الطريق، والعمل على إعمال بنية تحتية للطرق موافقة للمعايير المطلوبة، وكم من أرواح أزهقت بسبب التقصير في العمل، وكم من ضياع للمركبات وحوادث سير وقعت؛ كانهيار قنطرة لم تبنَ على أساس متين، أو التقصير في وضع إشارات المرور التي ترشد أرباب السيارات لخفض السرعة، أو الإشارة إلى منعرجات في الطريق وغيرها من العلامات.

 

وإذا غاب الإيمان والبعد العقدي عن عمل الإنسان، حدث التقصير، ولذا نجد في كثير من النصوص ربط الثواب الأخروي بالعمل الدنيوي؛ قال تعالى: ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة:25]، وقال: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾[ البقرة:82]، ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 124 ].

 

ولا يقتصر العمل على الشعائر والعبادات فقط، بل "يشمل العمل الصالح الصلوات والزكوات، والصيام والحج، كما يشمل كل خير يقدم للمجتمع، كما روِي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير الناس أنفعهم للناس»[5]، ولا شك أن العمل الصالح ثمرة من ثمرات الإيمان الصادق، والإذعان المطلق لله سبحانه وتعالى، والطاعة الكاملة لرسول الله صلى الله عليه وسلم"، ولو استشعر المسؤولون عن تعبيد الطرق وتهيئها للمارة، لكانت بلادنا العربية والإسلامية يُضرب بها المثل في بلدان العالم.

 

وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول قولته المشهورة: «لو عثرت بغلةٌ في العراق لحسبت عمرَ مسؤولًا عنها: لِمَ لَمْ يسوِّ لها الطريق؟»، وقال رضي الله عنه أيضًا: «لو ماتت شاة على شط الفرات ضائعة، لظننت أن الله تعالى سائلي عنها يوم القيامة».

 

ولا شك أن العمل على تعبيد الطرق منفعة للناس، يبقى أثره بعد موت العبد، ويكتب له الأجر بعد انقطاعه من الدنيا؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»[6]، وفي الحديث يبيِّن النبي صلى الله عليه وسلم أن من أهداف التربية الإيمانية التركيز على الأعمال ذات الأثر الممتد والمحمود، ولذا حرص النبي صلى الله عليه وسلم على توجيه أصحابه والمؤمنين من بعدهم إلى الاهتمام بالأعمال التي يمتد أثرُها، وينتفعون بها حتى بعد مماتهم وانقطاعهم عن الحياة".

 

الدعاء: اللهم اغفِر لنا ذنوبنا واستُر عيوبنا...



[1] صحيح مسلم كتاب الإمارة، باب بيان الشهداء، (2/924)، رقم الحديث (1914).

[2] سنن ابن ماجه كتاب الأحكام، باب من بني في حقه ما يضر بجاره، (2/784)، رقم الحديث (2340)، ت محمد عبدالباقي، ط دار إحياء الكتب العربي.

[3] صحيح البخاري، كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من حمل علينا السلاح فليس منا، (9/49)، رقم الحديث (7075).

[4] صحيح مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب النهي عن الجلوس في الطرقات وإعطاء الطريق حقه،(2/1018) رقم الحديث (2121)

[5] المعجم الأوسط، للطبراني رقم الحديث (5787) (6/58)؛ ت طارق عوض الله، ط دار الحرمين ، 1415. هـ

[6] صحيح مسلم كتاب الوصية، باب: ما يلحق الإِنسان من الثواب بعد وفاته، (2/770)، رقم الحديث (1631).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإيمان وأثره في النفوس
  • الإيمان وأثره في السلوك
  • الوقاية في ضوء الإسلام

مختارات من الشبكة

  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في حفظ الحقوق وأداء الأمانات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في الشوق إلى دار السلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في توجيه السلوك (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في تحقيق الأمن النفسي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ثمرات الإيمان باليوم الآخر وأثره في حياة الفرد والمجتمع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة مختصر الوقاية (النقاية مختصر الوقاية) وثلاثة رسائل(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الإيمان بالكتب السماوية(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • الإيمان وأثره في إصلاح النفوس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان وأثره في إصلاح النفوس(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الإيمان بالجزاء والعقاب يوم القيامة وأثره في بناء الإنسان: خاطرة عابرة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب