• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

أحكام الحمل والسقط

أحكام الحمل والسقط
عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/10/2019 ميلادي - 22/2/1441 هجري

الزيارات: 26731

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أحكام الحمل والسقط [1]


إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:


فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


أيها المسلمون، هناك موضوع مهم نحتاجه في حياتنا الزوجية، يكثر السؤال عن مضامينه من قِبَل النساء والرجال؛ لذلك سنتكلم هذا اليوم بعون الله عن هذا الموضوع حتى نكون على معرفة به؛ فلا نقع في المحرمات، ولا نترك الواجبات المتعلقة بهذا الموضوع، فنقول:

لقد قضى الله تعالى في توالد بني آدم ألَّا يخرج الإنسان إلى هذه الحياة إلا بعد أن يمر بمرحلة يبقى فيها في بطن أمه تسعة أشهر في الغالب، وهناك يتم تكوينه ابتداء من النطفة وانتهاء بنفخ الروح فيه وتكامل أعضائه؛ قال تعالى: ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 13، 14].


ومع إنشاء خلق الإنسان في بطن الأم يتم رسم مستقبله الدنيوي والأخروي، من غير أن يدري به صاحبه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملَك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: بكتْبِ رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد)) [2].


إن هذه المرحلة التكوينية للجنين - باعتبار المكان - تنفرد بها الأم دون الأب؛ حيث يمتد حمل الأم لعدة أشهر تحصل فيها أمور عديدة تتعلق بالجنين وبأمه.


وفي هذه الأمور للإسلام أحكام شرعية لا بد من معرفتها؛ حتى تكون الحامل وزوجها على علم وبصيرة فيها، ولكي يُعرف ما هو المشروع فيُعمل، وما هو المحظور فيُترك.


معشر المسلمين، اتفق العلماء على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، فقد تحمل المرأة ستة أشهر ثم تضع ويعيش وليدها أحيانًا؛ والدليل على هذه المدة قوله تعالى: ﴿ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ﴾ [الأحقاف: 15]، مع قوله تعالى: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾ [البقرة: 233]، قال ابن القيم: "وأما أقل مدة الحمل، فقد تظاهرت الشريعة والطبيعة على أنها ستة أشهر"[3].


وأما أكثر مدة يبقى فيها الحمل في بطن أمه فقد اختُلف في ذلك، لكن الأقرب إلى الترجيح طبًّا: "أن أقصى الحمل هي المدة المعهودة تسعة أشهر، والتي قد تزيد بضعة أسابيع، وهو الذي يُبنى عليه الأحكام الشرعية، وإذا ادعت المرأة وجود حمل تجاوز المدة المعهودة يلزم أن تثبت ذلك بالبينة الموجبة لتصديق قولها؛ كأن تشهد النساء بوجود هذا الحمل وظهور علاماته الواضحة... ويمكن للقضاة في هذا الزمان الاعتماد على الأجهزة الطبية الحديثة التي تحدد عمر الجنين بدقة، إضافة إلى البصمة الوراثية والتي تحدد الأبوين"[4].


ومن الأحكام المهمة التي ينبغي للحامل معرفتها: أن الدم الخارج من المرأة أثناء حملها ليس دم حيض، بل هو دم علة وفساد، فتكون الحامل فيه مستحاضة وليست حائضًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في سبي أوطاس: ((لا يقع على حامل حتى تضع، وغير حامل حتى تحيض حيضة)) [5]؛ فقد جعل الحيض دليلًا على براءة الرحم، فدل على أنه لا يجتمع معه، وقال صلى الله عليه وسلم في حق ابن عمر لما طلق زوجته وهي حائض: ((مُرْهُ فليراجعها، ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملًا)) [6]؛ فجعل الحمل دليلًا على عدم الحيض كالطهر، وعلى هذا لا تترك الحامل الصلاة لما تراه من الدم؛ لأنه دم فساد لا حيض، كما لا تترك الصوم والاعتكاف والطواف ونحوها من العبادات، ولا يُمنع زوجها من وطئها؛ لأنها ليست حائضًا [7]، غير أن بعض العلماء ذكر أن الحامل إذا نزل منها دم فيصح أن يكون حيضًا إذا توفر فيه شرطان: أن يكون في وقت حيض تلك الحامل، وأن يكون له صفة دم الحيض لا دم الاستحاضة.


إلا إذا كان ذلك الدم قبل الولادة بيوم أو يومين فهو دم نفاس.


ومن أحكام الحمل أيضًا: أن بعض الحوامل تخرج منها إفرازات أثناء الحمل، وحكم هذه الإفرازات أنها على قسمين: الأول: أن تخرج من المسلك الذي يخرج منه الولد، فهذه إفرازات طبيعية طاهرة، وسوائل يخلقها الله عز وجل في هذا المكان لحكمة، الثاني: أن تخرج من مخرج البول، فهذه تخرج من المثانة في الغالب، وتكون نجسة، وسواء خرجت من هذا المكان أو المكان السابق فإن الحكم: أنها تنقض الوضوء إذا كانت الحامل متوضئة، لكن إن كانت تلك الإفرازات بصفة مستمرة لا تنقطع، فإن على الحامل أن تتوضأ وتصلي على حالها [8].


ومن الأحكام كذلك: أن على الحامل إذا أدركها رمضان وتستطيع صيامه، فيجب عليها ذلك، فإن سبَّب لها الصيام مشقة فخافت على نفسها أو على جنينها، فيجوز لها الإفطار كالمريض؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحُبلى والمرضع الصوم)) [9]، ومتى ذهب عذرها فعليها أن تقضي ما أفطرت، وليس عليها إطعام، على القول الراجح [10].


عباد الله، إن المرأة إذا طُلقت وهي حامل صح طلاقها؛ إذ لا فرق في الطلاق بين أن تكون المرأة حاملًا وغير حامل، فإذا تم طلاق المرأة حاملًا ترتبت على ذلك أحكام، منها: العدة، والنفقة والسكنى.


فمن كانت حاملًا فطلقت أو مات عنها زوجها، فإن عدتها تنتهي بوضع حملها؛ كما قال تعالى: ﴿ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ [الطلاق: 4]، فإذا طلقت الحامل طلاقًا رجعيًّا فراجعها زوجها قبل أن تلد، صحت مراجعتها، وإن بقيت حتى ولدت، فلا ترجع إلى زوجها إلا بعقد ومهر جديدين، أما إن كان الطلاق بائنًا، فإنها لا ترجع إلى زوجها المطلق إلا بعد أن تنكح زوجًا غيره.


وأما النفقة والسكنى، فإن الحامل إذا طلقت طلاقًا رجعيًّا أو بائنًا، فإنها تستحق النفقة والسكنى؛ لقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ [الطلاق: 6].


وأما الحامل المتوفى عنها زوجها، فيسقط وجوب نفقتها بموت زوجها عند جمهور الفقهاء، وتكون النفقة مما يستحقه الحمل من الإرث، أو على نفسها [11].


ومن الأحكام المتعلقة بالمرأة الحامل: استعمال بعض وسائل منع الحمل، فقد ذهب الفقهاء المعاصرون في بعض المجامع الفقهية إلى أنه "لا يجوز تحديد النسل مطلقًا، ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الفقر؛ لأن الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ﴾ [هود: 6]، أما إذا كان منع الحمل لضرورة محققة؛ ككون المرأة لا تلد ولادة عادية، وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد، أو كان تأخيره لفترة ما لمصلحة يراها الزوجان - فإنه لا مانع حينئذٍ من منع الحمل أو تأخيره؛ عملًا بما جاء في الأحاديث الصحيحة، وما رُوي عن جمع من الصحابة رضوان الله عليهم من جواز العزل... بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرورة المحققة"[12].


أيها الإخوة الفضلاء، إن بعض الأزواج قد يُبتلى بتأخر حمل زوجته أو بحصول العقم من أحدهما، وهذا بلاء يجب على أهله الصبر عنده، واحتساب الأجر عند الله تعالى، كما أن عليهم بعد ذلك حسن الظن بالله في رزقهم بالولد، وشفائهم مما هم فيه؛ فكم من إنسان عوفي من ذلك بعد سنين ورزقه الله البنين والبنات! وعليهم الإكثار من الاستغفار والدعاء؛ فإن الله تعالى قد قال: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10-12]، وقال عن نبيه زكريا: ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا * يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا * قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا * قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ﴾ [مريم: 4 - 9].


غير أن بعض الناس لا يستطيع الصبر فيلجأ إلى ما يسمى بالتلقيح الصناعي، أو أطفال الأنابيب، وهذه نازلة عصرية تكلم العلماء والأطباء المسلمون الثقات عن حكمها شرعًا، وبينوا أن هناك طرقًا عديدة للحصول على الولد منها، فمنها المحرم، ومنها المباح، فمما ذكروا: أنه تباح هذه الوسيلة في صورتين: الأولى: أن تؤخذ بذرة الزوج وتحقن في الموضع المناسب من مهبل زوجته أو رحمها تلقيحًا داخليًّا، والثانية: أن تؤخذ النطفة من الزوج، والبويضة من زوجته، ويتم التلقيح خارجيًّا، ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة، مع أخذ كل الاحتياطات اللازمة [13].


عباد الله، قد تحمل بعض النساء وهي غير راغبة في الحمل؛ إما لكونه من حرام، وإما لطلاقها من أبيه، وإما لخوف ولادته مشوهًا، وإما لأسباب أخرى - فلتجأ بعضهن إلى إجهاض جنينها، وهذه جناية كبيرة، وفعل محظور شرعًا.


أما إذا كان الجنين قد تخلَّق أو نُفخت فيه الروح فهو ذنب عظيم؛ لأنه قتل لنفس حرم الله قتلها، وقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم بدية الجنين خمسًا من الإبل، فمن فعلت ذلك فعليها هذه الدية، وحملها الوزر الكبير.


غير أنه يجوز الإجهاض في حالة واحدة، وهي: إذا كانت هنالك ضرورة محققة معتبرة شرعًا؛ مثل أن يكون الإبقاء على الحمل يشكل خطرًا محققًا على حياة الأم، ولا يثبت ذلك إلا بتقرير من أطباء مأمونين موثوق بخبرتهم، فإن كانت هذه المرأة قامت بعملية الإجهاض دون أن تكون هنالك ضرورة محققة معتبرة شرعًا مثلما ذكرنا، فيجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحًا، وأن تكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة؛ لعل الله سبحانه وتعالى يغفر لها ويتوب عليها ويمحو عنها سيئاتها [14].

 

ومن الأحكام المتعلقة بالحمل: ميراث الحمل، فإذا مات رجل عن زوجة حامل، فإن على ورثة الميت أن ينتظروا ولادة زوجته حتى يتبين حاله [15]؛ لأنه قد يسقط ميتًا، وقد يولد ذكرًا أو أنثى، أو تَوْءَمًا: ذكرين أو أنثيين، أو ذكرًا وأنثى؛ لأن هذه الأحوال تؤثر على نصيب الوارثين زيادةً أو نقصانًا أو حرمانًا، فإن استعجل الورثة قدروا لهذا الحمل هذه الحالات الست.


فإن ولدت الحامل جنينها حيًّا - وتُعرف حياته بصراخه أو بكائه أو بحركته - فإنه يرث، حتى ولو مات بعد إحدى هذه العلامات لحياته بلحظات، فإنه يرث، وترثه أمه وبقية ورثته.


إن من المسائل التي يكثر السؤال حولها: هل المرأة التي ولدت حملها بعملية قيصرية تعد نفساء -من ناحية الطهارة والصلاة والصيام والمعاشرة - أو لا تعد نفساء؟

والجواب عن ذلك: أن النفاس هو الدم الخارج عقب الولادة أو قبلها بيوم أو يومين، فمتى رأت المرأة التي ولدت الدم من قُبلِها فهي نفساء، سواء ولدت ولادة طبيعية أم بعملية قيصرية، أما إذا لم ترَ دمًا منها، فليست بنفساء، ويجب عليها حينئذٍ الصلاة وصيام رمضان إن كانت صحتها تتحمل الصيام [16].


بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:

أيها المسلمون، إن بعض النساء الحوامل قد يبقى جنينها في بطنها حتى تلده عند تمام أشهر حمله، وقد لا يبقى كذلك، وإنما يسقط من بطنها بقصد منها أو بغير قصد، والسقط هو: الجنين يسقط من بطن أمه قبل تمامه، ذكرًا كان أو أنثى [17].


فإن حصل ذلك فإن هناك أحكامًا تتعلق بالسقط، وأحكامًا تتعلق بأمه.


فنقول: إذا سقط الجنين قبل تمام أشهره في بطن أمه فهو:

إما أن يسقط حيًّا ثم يموت: فهذا حكمه حكم من ولد لتمامه في الأحكام: فيُسمَّى، ويُغسَّل، ويُكفَّن، ويُصلى عليه، ويُدفن في مقابر المسلمين، ويرث ويورث، والجناية عليه كالجناية على النفس [18].

 

وإما أن يسقط ميتًا، فإذا سقط ميتًا فله ولأمِّه حالتان:

الحالة الأولى: أن يكون هذا السقط لا يظهر فيه خَلْقُ إنسان؛ من إصبع أو رأس أو يد، أو غير ذلك، وهذا يتأتى بأن يكون ولد لشهر أو شهرين أو ما بينهما، وفي هذه الحالة تكون الأحكام الآتية:

فبالنسبة للسقط، فإنه يلف في خرقة ثم يدفن كرامة لبني آدم، ولا يغسل ولا يصلى عليه [19]، ولا يلقى في دورات المياه كما تفعل بعض النساء عن جهل منهن.


وأما أمُّ هذا السقط، فإن الدم الخارج منها ليس دم نفاس، بل هو دم استحاضة [20]، فيكون حكمها حكم الطاهر؛ فيجب عليها فيه الصلاة، وإن كانت في رمضان وقدرت على الصيام وجب عليها الصيام، ويحل لزوجها معاشرتها إن أطاقت ذلك، فإن تركت الصلاة ظنًّا أنها نفساء، فعليها أن تقضيها [21].


الحالة الثانية: أن يسقط وقد ظهر عليه بعض خلق إنسان، وهذا يحصل إذا كان قد مضى على الجنين واحد وثمانون يومًا فصاعدًا [22]، وأما نفخ الروح فلا يكون إلا بعد أربعة أشهر، كما دل عليه حديث ابن مسعود السابق [23]، وفي هذه الحالة تكون الأحكام الآتية:

أما السقط الذي قد نفخ فيه الروح وظهرت عليه بعض علامات خلق الإنسان، فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه ويقبر في مقابر المسلمين، على الراجح [24]؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والسقط يصلى عليه، ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة)) [25]، وتستحب تسميته عند بعض الفقهاء [26].

 

وأما أم ُّهذا السقط، فإنها تكون نفساء فلا تصلي ولا تصوم ولا يعاشرها زوجها حتى تطهر من دمها، ثم عليها بعد أن تطهر قضاء الصيام.


عباد الله، وبعد هذا أحب أن أقول:

إن الحامل تجد في حملها مشقة عظيمة؛ فكم تعاف بعض محبوباتها من طعام وشراب وطيب وزينة! وكم تبقى مثقلة بحملها تسعة أشهر! وكم تذهب إلى المستشفيات والعيادات؛ لما يعتريها من ألم وأمراض! وكم تعمل أشياء تكرهها، وتترك أشياء تحبها؛ حرصًا على سلامة جنينها! فإذا اقترب موعد ولادتها ذاقت صنوف الأوجاع والآلام.


وعند هذه المكاره نقول: على المرأة الحامل وهي تقاسي هذه الآلام أن تحتسب أجر ذلك عند الله، فلها بصبرها أجر عظيم.


كما نقول لها: ها أنتِ قد ذقتِ ويلات الحمل فتذكري أمكِ التي حملتكِ، فاشكريها على ما قدمت لكِ، واحرصي على برها.


كما نقول لكل زوج رأى ما تعانيه زوجته أثناء حملها، وآلمته تلك المعاناة: ها أنت قد عشت آلام حمل زوجتك في حملها وولادتها، فتذكر أباك وأمك، تذكر كم عانى أبوك أثناء حمل أمك بك، وتذكر أمك كم تعبت حتى أخرجتك إلى هذه الدنيا، فالبرَّ البر بالآباء والأمهات عباد الله.


أخيرًا نقول للمرأة الذي ذهب جنينها بسقوطه قبل تمامه، وحزنت عليه، واحتسبت ذلك عند الله: أبشري بخير ينتظركِ عند الله، أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال: ((والذي نفسي بيده، إن السقط ليجر أمه بسرره إلى الجنة إذا احتسبته)) [27].

 

نسأل الله أن يغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا، وأن يصلحنا ويصلح زوجاتنا وذرياتنا، إنه سميع قريب.

هذا، وصلوا وسلموا على خير البشرية...



[1] ألقيت في مسجد ابن الأمير الصنعاني، في: 19/ 2/ 1441 هـ، 18/ 10/ 2019 م.

[2] متفق عليه.

[3] التبيان في أقسام القرآن، (ص: 211).

[4] يُنظر: أقل وأكثر مدة الحمل، دراسة فقهية طبية (ص: 12).

[5] رواه أحمد وأبو داود والحاكم، وهو صحيح.

[6] رواه مسلم.

[7] يُنظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (18/ 311)، الفقه الإسلامي وأدلته (1/ 538).

[8] يُنظر: مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (11/ 215)، فتاوى نور على الدرب (16/ 264).

[9] رواه أحمد والنسائي والبيهقي، وهو حسن.

[10] يُنظر: فقه السنة (1/ 441)، مجموع فتاوى ابن باز (15/ 172).

[11] يُنظر: المجموع، النووي (17/ 154)، الموسوعة الفقهية الكويتية (16/ 274)، فتاوى الشبكة الإسلامية (3/ 3993) (4/ 3616).

[12] فتاوى الشبكة الإسلامية (1/ 261).

[13] يُنظر: الفقه الإسلامي وأدلته (7/ 114)، فتاوى الشبكة الإسلامية (2/ 2559) (2/ 223).

[14] يُنظر: الفقه الإسلامي وأدلته (4/ 196)، فتاوى الشبكة الإسلامية (2/ 579)، الموسوعة الفقهية الكويتية (2/ 57).

[15] يُنظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (3/ 65).

[16] يُنظر: فتاوى الشبكة الإسلامية (3/ 2437).

[17] القاموس الفقهي (ص: 175).

[18] يُنظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (7/ 41).

[19] يُنظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (16/ 122) (18/ 273).

[20] يُنظر: فتاوى الشبكة الإسلامية (3/ 2889).

[21] فتاوى الشبكة الإسلامية (5/ 3458).

[22] فتاوى الشبكة الإسلامية (2/ 869).

[23] المغني، ابن قدامة (2/ 393).

[24] يُنظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (16/ 122) (18/ 273)، فتاوى الشبكة الإسلامية (3/ 2807)، أحكام الجنائز (ص: 81)، الفقه الإسلامي وأدلته (2/ 609).

[25] رواه أبو داود، وهو صحيح.

[26] يُنظر: المغني (2/ 393)، الموسوعة الفقهية الكويتية (11/ 330).

[27] رواه أحمد وابن ماجه، وهو صحيح.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مسؤولية الزوج في مرحلة الحمل
  • مسألة ميراث الحمل
  • ميراث الحمل
  • مدة الحمل والظلمات الثلاث
  • تنظيم الحمل وتحديد النسل في الشريعة الإسلامية

مختارات من الشبكة

  • أحكام الجنائز: مقدمات الموت - تغسيل الميت - تكفينه - دفنه - تعزية أهله - أحكام أخرى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من أحكام الحج أحكام يوم التشريق(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • أحكام الاعتكاف وليلة القدر وزكاة الفطر وما يتعلق بها من أحكام فقهية وعقدية (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • مخطوطة أحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • قاعدة أحكام النساء على النصف من أحكام الرجال(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • الحكم التكليفي والحكم الوضعي والفرق بينهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • زبدة الأحكام من آيات الأحكام: تفسير آيات الأحكام (2) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الوقوف بعرفة وحكم التعريف بالأمصار: أحكام وأسرار(مقالة - ملفات خاصة)
  • مخطوطة إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (النسخة 7)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الأضحية: أحكام وحكم(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب