• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الوصاية بالنساء في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    سوء الظن وآثاره على المجتمع المسلم (خطبة)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    تفسير سورة الزلزلة
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    تحريم سب الريح أو الشمس أو القمر ونحوها مما هو ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    الملك المحدث: إجازة بخط الإمام الحافظ عبدالرحيم ...
    محمد الوجيه
  •  
    أكرمها الإسلام فأكرموها (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    إكرام المرأة في الإسلام (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    توقير كبار السن وإكرامهم (خطبة)
    د. محمد حرز
  •  
    تخريج حديث: اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    تفسير: (الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    المسح على الجوربين
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    {ألم نخلقكم من ماء مهين}
    د. خالد النجار
  •  
    الحياة ساعة والآخرة دائمة
    بدر شاشا
  •  
    الحديث العشرون: ارتباط الإيمان بحسن الخلق
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

حسبي الله ونعم الوكيل

حسبي الله ونعم الوكيل
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/12/2018 ميلادي - 21/4/1440 هجري

الزيارات: 177751

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حسبي الله ونعم الوكيل

 

الْخُطْبَةُ الْأُولَى

إنَّ الحمدُ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ – صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا. أمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

عِبَادَ اللهِ: إِنَّ مَنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ وَفَّقَهُمْ لِلتَّوْحِيدِ، وَأَنْ أَعَانَهُمْ عَلَى أُمُورِ دِينِهِم، وَدُنْيَاهُمْ، وَجَعَلَ التَّوَكُّلَ عَلَيْهِ، وَالاعْتِصَامَ بِحَبْلِهِ مِنَ الْأُمُورِ الْمُنْجِيَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَجَعَلَ لِذَاكِرِه مَنْجًى وَخَلَاصًا إِذَا اشْتَدَّ الْخَطْبُ، وَعَظُمَ الْكَرْبُ، فَجَعَلَ اللهُ لِمَنْ جَعَلَ اللهَ حَسْبَهُ، وكَافِيَهُ، وَمُنْقِذَهُ، إِذَا قَالَهَا الْمُؤْمِنُ مُوقِنًا بِهَا، فَلْيُبَشَّرْ بِقُرْبِ الْفَرَجِ، فَلَا مَنْجَى وَلَا مَلْجَأ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ.

 

إِنَّ لِكَلِمَةِ (حَسْبِي اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) أَثَرًا عَظِيمًا فِي خلَاَصِ الْمُؤْمِنِ، وَنَجَاتِهِ؛ وَهِيَ الْمَعْرُوفَةِ بـ (الْحَسْبَلَةِ)، فَالْحَسْبَلَةُ هِيَ قَوْلُ: (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)، وَهِيَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَذْكَارِ الَّتِي يَقُولُهَا الْمُسْلِمُ، وَمَعْنَاهَا: اللهُ كَافِينَا، يَرُدُّ عَنَّا أَعْدَاءَنَا، وَيَنْصُرُنَا، وَنِعْمَ الْكَفِيلُ اللهُ تَعَالَى، وَتُقَالُ الْحَسْبَلَةُ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَهُنَاكَ مَواطِنُ تَتَأَكَّدُ فِيهَا، مِنْهَا:

1- تُقَالُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ:

قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ الْقَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ الْقَرْنَ، وَاسْتَمَعَ الْإِذْنَ مَتَى يُؤْمَرُ بِالنَّفْخِ، فَيَنْفُخُ" فَكَأَنَّ ذَلِكَ ثَقُلَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَقَالَ لَهُمْ: قُولُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنَا)) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.

 

2- وَتُقَالُ لِرَدِّ كَيْدِ الْأَعْدَاءِ:

لِمَا رَواه ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: (كَانَ آخِرَ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ)، وَأَمَّا نَبِيُّنُا صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ لَمَّا مَرَّ رَكْبٌ بِرَسُولِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ وَهُمْ بِحَمْرَاءِ الْأَسَدِ، فَأَخْبَرَهُمْ بِأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ قَدْ جَمَعَ لَهُمْ - وَذَلِكَ بُعَيْدَ أُحُدٍ - وَقَالُوا: ﴿ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ ﴾ [آل عمران: 173]؛ أَيْ: زَادَ الْمُسْلِمِينَ قَوْلُهُمْ ذَلِكَ: ﴿ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ [آل عمران: 173-174]، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَكَانَ يَزِيدُ بْنُ حَكِيمٍ يَقُولُ: مَا هِبْتُ أَحَدًا قَطُّ هَيْبَتِي رَجُلًا ظَلَمْتُهُ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا نَاصِرَ لَهُ إِلَّا اللهُ، يَقُولُ لِي: حَسْبِيَ اللهُ، اللهُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ.

 

3- وَتُقَالُ عِنْدَ الْخَوْفِ مِنْ وُقُوعِ الظَّلْمِ: (فَعَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّهُمَا تَفَاخَرَتَا، فَقَالَتْ زَيْنَبُ: زَوِّجْنِيَ اللهُ، وَزَوَّجكُن أَهَالِيكُنَّ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: نَزَلَتْ بَرَاءَتِي مِنَ السَّمَاءِ فِي الْقُرْآنِ. فَسَلَّمَتْ لَهَا زَيْنَبُ، ثُمَّ قَالَتْ: كَيْفَ قُلْتِ حِينَ رَكِبْتِ رَاحِلَةَ صَفْوانَ بْنِ الْمُعَطَّلِ؟ فَقَالَتْ: قُلْتُ: حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَقَالَتْ زَيْنَبُ: قُلْتِ كَلِمَةَ الْمُؤْمِنِينَ").

 

4- وتقال عِنْدَ حُلُولِ الظُّلْمِ بِكَ: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ ... وَبَيْنَا صَبِيٌّ يَرْضَعُ مِنْ أُمِّهِ، فَمَرَّ رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى دَابَّةٍ فَارِهَةٍ وَشَارَةٍ حَسَنَةٍ؛ فَقَالَتْ أُمُّهُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ابْنِي مِثْلَ هَذَا. فَتَرَكَ الثَّدْيَ، وَأَقْبَلَ إِلَيْهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهِ فَجَعَلَ يَرْتَضِعُ -قَالَ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَحْكِي ارْتِضَاعَهُ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ فِي فَمِهِ فَجَعَلَ يَمُصُّهَا- وَمَرُّوا بِجَارِيَةٍ وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا وَيَقُولُونَ: زَنَيْتِ سَرَقْتِ. وَهِيَ تَقُولُ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَقَالَتْ أُمُّهُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ ابْنِي مِثْلَهَا. فَتَرَكَ الرَّضَاعَ وَنَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا» رَاوَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. فَإِنَّهُمْ لَمَّا ضَرَبُوا الْجَارِيَةَ وَهِيَ مَظْلُومَةٌ، قَالَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةَ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذَلِكَ لِلاقْتِدَاءِ.

 

5- عِنْدَ إِحْسَانِ الظَّنِّ بِاللهِ، وَانْتِظَارِ فَضْلِهِ: إِذَا أَعْرَضَ النَّاسُ عَنْكَ، وَلَمْ يَسْتَجِيبوا لِلْحَقِّ، فَقَدْ قاَلَ اللهُ تَعَالَى آمِرًا بِذَلِكَ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَمَ -: ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾ [التوبة: 129].

 

والمعنى: فَإِنْ تَوَلَّى يَا مُحَمَّدٌ هَؤُلاءِ الِّذِينَ جِئْتَهُمْ بِالْحَقِّ، فَأَدْبَرُوا عَنْكَ، وَلَمْ يَقْبَلُوا مَا أَتَيْتَهُمْ بِهِ مِنَ النَّصِيحَةِ فِي اللهِ، فَقُلْ: حَسْبِيَ اللهُ، يَعْنِي: يَكْفِينِي رَبِّي، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَا مَعْبُودَ سِوَاهُ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ، وَبِهِ وَثِقْتُ، وَعَلَى عَوْنِهِ اتَّكَلْتُ، وَإِلَيْهِ وَإِلَى نَصْرِهِ اسْتَنَدْتُ؛ لِأَنَّه نَاصِرِي، وَمُعِينِي عَلَى مَنْ خَالَفَنِي، وَتَوَلَّى عَنِّي مِنْكُم، وَمِنْ غَيْرِكُمْ مِنَ النَّاسِ، وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ".

 

عِبَادَ اللهِ: إِنَّ لِـ"حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" عدةَ صِيَغٍ؛ مِنْهَا:

1- حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173].

 

2- حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ.

 

3- حَسْبِيَ اللهُ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [الزمر: 38]. فَإنَّهُمْ إِذَا أَعْرَضُّوا وَكَذَبُّوْا فتَكُوْا، فَتُقَالُ الْكلِّمَةُ لِدَفْعِ شَرِّهِمْ. قَالَ السِّعدي رَحِمَهُ الله - فِيْ تَأْوِيْلِ الآيَة -: "قُلْ لَهُمْ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ الدَّلِيلُ الْقَاطِعُ عَلَى أَنَّهُ وَحْدَهُ الْمَعْبُودُ، وَأَنَّهُ الْخَالِقُ لِلْمَخْلُوقَاتِ، النَّافِعُ الضَّارُّ وَحْدَهُ، وَأَنَّ غَيْرَهُ عَاجِزٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَنِ الْخَلْقِ، وَالنَّفْعِ، وَالضُّرِّ، مُسْتَجْلِبًا كِفَايَتَهُ، مُسْتَدْفِعًا مَكْرَهُمْ، وَكَيْدَهُمْ: ﴿ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [الزمر: 38]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴾ [الرعد: 43]. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: "يَقُولُ: وَيُكَذِّبُكَ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ، وَيَقُولُونَ: ﴿ لَسْتَ مُرْسَلا ﴾، أَيْ: مَا أَرْسَلَكَ اللهُ. ﴿ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ﴾ [الرعد: 43]، أَيْ: حَسْبِيَ اللهُ"

 

4- حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ ﴾ [التوبة: 58، 59]. قَالَ السَّعْدِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "﴿ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ ﴾، أي: كِافِينَا اللهُ، فَنَرْضَى بِمَا قَسَمَهُ لَنَا، وَلْيُؤَمِّلُوا فَضْلَهُ، وَإِحْسَانَهُ إِلَيْهِمِ بِأَنْ يَقُولُوا: ﴿ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُون ﴾، أَيْ: مُتَضَرِّعُون فِي جَلْبِ مَنَافِعِنَا، وَدَفْعِ مَضَارِّنَا، لَسَلِمُوا مِنَ النَّفَاقِ، وَلَهُدُوا إِلَى الْإِيمَانِ، وَالْأَحْوَالِ الْعَالِيَةِ"، وَمِنْ ثَمَرَاتِ قَوْلِها وَالصِّدْقِ فِي اعْتِقَادِ مَدْلُولِهَا الْعَاقِبَةُ الْحَسَنَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَرِضْوَانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

عِبَادَ اللهِ: وَحَتَّى تَنْفَعَ هَذِهِ الْكَلِمَةُ ﴿ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾، وَتُؤْتِي ثِمَارَها؛ فَعَلَى الْمَكْرُوبِ أَنْ يَأْخُذَ بِكُلِّ أَسْبَابِ دَفْعِ الْكَرْبِ وَالْبَلَاءِ أَوَّلًا، فَلَوْ فَعَلَ الْأَسْبَابَ الَّتِي يَكُونُ بِهَا، ثُمَّ غُلِبَ، فَقَالَ: (حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ»؛ لَكَانَتِ الْكَلِمَةُ قَدْ وَقَعَتْ مَوْقِعَهَا، كَمَا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ، لَمَّا فَعَلَ الْأَسْبَابَ الْمَأْمُورَ بِهَا، وَلَمْ يَعْجِزْ بِتَرْكِهَا، وَلَا بِتَرْكِ شَيْءٍ مِنْهَا، ثُمَّ غَلَبَهُ عَدُوُّهُ، وَأَلْقَوْهُ فِي النَّارِ؛ قَالَ فِي تِلْكَ الْحَالِ: (حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)، فَوَقَعَتِ الْكَلِمَةُ مَوْقِعَهَا، وَاسْتَقَرَّتْ فِي مَظَانِّهَا، فَأَثَّرَتْ أَثَرَهَا، وَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا مُقْتَضَاهَا. فَعَلَيْكَ - أِيُّهَا الْمَكْرُوبُ - أَنْ تُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ: ﴿ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾؛ فَهِيَ مِمَّا تُواجِهُ بِهِ الْأَهْوَالَ، فَإِذَا كَانَ كَرْبُكَ بِسَبَبِ ظُلْمٍ وَقَعَ عَلَيْكَ فَقُلْ: (حَسْبِيَ اللهُ وَنــِعْمَ الْوَكِيلُ)، وَإِذَا كَانَ بِسَبَبِ مَرَضٍ، أَوْ فَقْدِ عَزِيزٍ فَقُلْ: (حَسْبِيَ اللهُ وَنــِـعْمَ الْوَكِيلُ)، وَإِذَا ضَاقَتْ بِكَ السُّبُلُ، وَبَارَتِ الْحِيلُ، وَلَمْ تَجِدْ مِنْ النَّاِس أَنِيسًا، وَلَا مُؤْنِسًا؛ فَقُلْ: (حَسْبِيَ اللهُ وَنــِـعْمَ الْوَكِيلُ)؛ فَيَسْتَجِيبَ السَّمِيعُ الْعَلَيمُ، وَيُفَرِّجَ عَنْكَ كَرْبَكَ، وَيُزِيلَ هَمَّكَ، وَغَمَّكَ.

 

الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ, وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا, لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، «اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ». اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرَ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير: (فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم)

مختارات من الشبكة

  • رعاية الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم وحمايته من شر الأعداء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حركات القلب بحسب قوته وضعفه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقوال السلف في الحسبلة "حسبي الله ونعم الوكيل"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المنكرات الرقمية: فريضة الحسبة في زمن الشاشات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حسبي افتخارا بسيرتك (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حسبي الله لا إله إلا هو (بطاقة)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قل حسبي الله ( مطوية )(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حسبي الله لا إله إلا هو (بطاقة دعوية)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/6/1447هـ - الساعة: 15:53
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب