• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

السعادة الحقيقية (خطبة)

السعادة الحقيقية (خطبة)
إسلام محمود دربالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/12/2018 ميلادي - 15/4/1440 هجري

الزيارات: 208633

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

السعادة الحقيقية

 

الخطبة الأولى

نتكلم بمشيئة الله عن موضوع يشغل كثيرًا من الناس، كل الناس يبحثون عنه، كل الناس يسعون لتحقيقه، لو أمكن أحدهم شراؤه بالأموال لفعلوا؛ إنها السعادة، إنها السعادة، السعادة التي هي ضد الشقاوة.

 

اختلاف الناس في مفهوم السعادة

♦ إن كل إنسان يسعى إلى تحقيق السعادة؛ ولكن كثير منهم يخطئ طريقها؛ بل إن القلة القليلة هي التي تسلك سبيل السعادة الحقيقية.

 

السعادة في المال والثروة

♦ إن بعض الناس يظنُّون أن السعادة في تكديس المال وجمع الثروات وبناء العقارات والقصور.

 

♦ إن كثيرًا من الناس يتوهَّم أن هذه هي السعادة، كثيرٌ من الناس يتوهَّم أن فلانًا سعيد؛ لأنه يملك الأرصدة في البنوك أو أن فلانًا سعيد؛ لأنه يملك كذا وكذا من الأموال.

 

♦ ولكن هل هذه هي السعادة إذا تأمَّلنا نجد أن كثيرًا من أرباب الأموال وأصحاب الثروات يعيشون في شقاء وتعاسة دائمة، فهم يتعبون في جمع المال، بعد ذلك يفكِّرون كيف يحفظونه ويستثمرونه، ودائمًا تجدهم في قلق وخوف.

 

كم من إنسان يملك الملايين؛ ولكنه خائف وقلق، لماذا؟

إنه يخاف على هذا المال، يخاف أن يسرق أو يزول، فتجده يعيش في شقاءٍ وخوف وقلق وهمٍّ؛ بل تجده لا ينام الليل.

ولنتأمَّل قصة ذكرها الله في كتابه؛ حيث يقول عن قارون: ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ﴾ [القصص: 76 - 81].

 

ورحم الله الشاعر إذ يقول:

ولستُ أرى السعادةَ جَمْعَ مالٍ *** ولكنَّ التقيَّ هو السعيد


إذًا المال وحده لا يكفي ليجلب السعادة ولا يُوفِّرها.

 

السعادة في الشهرة

وقسم آخر من الناس يعتقد أن السعادة في حياة أهل الشهرة، في حياة أهل الفن أو الرياضة،

ولو تأمَّلنا حياة كثيرٍ من أولئك، لوجدناهم يعيشون في شقاء وعذاب، حياتهم مليئة بالمشاكل؛ أسرهم مفكَّكة، وكثير منهم سقط في أسر المخدِّرات، وغارقون في الشهوات والمحرَّمات، وتجدهم دائمًا في ضيق وخوف وقلق، ويكفينا اعترافات كثيرٍ منهم بعد توبتهم أنهم أخطؤوا طريق السعادة.

 

السعادة في المناصب

♦ وبعض الناس يظن أن السعادة في المناصب العالية المرموقة؛ ولكنها ليست السعادة الحقيقية لماذا؟

لأن صاحب المنصب لا يفارقه الهمُّ خوفًا من زواله، تجده يشقى للمحافظة عليه، وإذا زال ولا بدَّ أن يزول، عاش بقيَّةَ عمره تعيسًا ((إنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزيٌ وندامة))؛ بل قد يكون المنصب سببًا في هلاك صاحبه؛ ولذلك يعيش في خوف وقلق دائمينِ.

 

وحسبنا في ذلك قصة فرعون وهامان، وهما من أصحاب المناصب المرموقة، ألم يقل: ﴿أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي﴾ [الزخرف: 51]، فماذا كان مصيره؟ أشد ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ [غافر: 46].

 

السعادة في تقليد الغرب

♦ وبعض الناس يعتقد أن السعادة في تقليد الغرب، واتِّباع طريقتهم، والتشبُّه بهم في العادات واللباس والتشريع والتنظيم، فنقول لهذا الواهم: رويدَكَ، فإننا إذا نظرنا نجد أن أعلى نسبة للانتحار في تلك الدول، وأكبر عدد للمصابين بالأمراض النفسية وحالات الاكتئاب في تلك الدول مع ما هم فيه من تَرَفٍ وتقدُّمٍ في الأمور المادية، بينما الدول الإسلامية مع أن أكثرها فقيرة تسجِّل أقل نسبة من نسب الانتحار في العالم.

 

السعادة في كثرة الذرية

♦ ومن الناس من يظن أن السعادة في إنجاب الأولاد.

♦ ومن الناس من يظنُّ أن السعادة أو سعادة أبنائه في إدخالهم المدارس الأجنبية، وأن يلبسوا لبس كذا وكذا.

♦ تطبيق المناهج والقوانين الغربية، قالوا: في القصاص وحشية، والله يقول: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ [البقرة: 179].

 

لماذا عند الغرب أعلى نسبة انتحار؛ لأنهم جرَّبوا كل شيء؛ لكنهم لم يجرِّبوا الإيمان بالله عز وجل، لم يجربوا الصلة بالله، لم يجربوا لذة العبودية لله سبحانه، وأمثال أولئك قال فيهم رب العالمين في كتابه الكريم وهو الحكيم الخبير: ﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [آل عمران: 196، 197].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين.

 

الخطبة الثانية

إذن أين السعادة

♦ إذا كانت السعادة ليست في المال، وليست في الشهرة، وليست في المناصب، فأين تكون السعادة؟ وما السعادة الحقيقية؟

أظنُّ أن المؤمن لا يخفى عليه طريقها؛ يقول الله عز وجل: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ [الأعراف: 96]، ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [طه: 124].

 

السعادة في طاعة الله عز وجل

عباد الله إن السعادة الحقيقية كل السعادة، ليست إلا في طاعة الله عز وجل وترك عصيانه، السعادة أن يخلص العبد العبودية لله، وينفذ أوامره، ويجتنب نواهيه، إن السعادة أن يكون المجتمع يعمل على تحقيق العبودية لله في جميع مجالات الحياة، فالسعادة ليست في شهوات الدنيا وحطامها؛ ولكنها فيما ادَّخره الله لعباده المؤمنين في الآخرة؛ قال عز وجل: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص: 83].

 

وقال سبحانه: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [القصص: 84]، ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ [هود: 106 - 108]، وقال عز وجل: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الأنعام: 82]، وليس كل إنسان يحصل على هذه السعادة؛ ولكن من أخذ بالأسباب وسلك سبيل النجاة:

ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها *** إن السفينة لا تمشي على اليبس


سعادة المرأة

تصوِّر لنا وسائل الإعلام بعض النساء على أنهنَّ ملكات الجمال اللائي خطفْنَ قلوب الرجال، وأنهن رعاة السلام، وحقوق الإنسان، وهن في حقيقة الأمر ساقطات ضائعات قد يظن البعض أنهنَّ في سعادة؛ ولكنها سعادة وقتية.

 

وسعادتكِ أختي المسلمة في متابعة الموحِّدات المؤمنات الطاهرات: خديجة، وعائشة، وزينب وحفصة، وسميَّة، وأسماء، أولئك النساء الطاهرات العفيفات اللائي سطَّرْنَ أروع أمثلة البطولة في تاريخ البشرية.

 

سعادتك في طاعة ربك وطاعة زوجك، سعادتك في أن تربي أولادك تربية إسلامية صحيحة، فتُخرجي لنا القادة والسادة أمثال: خالد بن الوليد، ومصعب بن عمير، وحمزة، والمقداد، وجعفر الطيار، ولا تسمعي لمن يزيِّن لكي الأمور، ويوهمك أن السعادة في قصة شعر أو في ثياب ضيقة ماجنة أو تبرُّج وسفور.

 

مقاييس السعادة

إن مقاييس السعادة تختلف عند أهل الإيمان؛ فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له مشركو قريش: لو أردت مُلكًا ملَّكْناكَ، لو أردتَ مالًا أعطيناك، لو أردْتَ النساء زوَّجْناكَ أجملَ نسائنا؛ ولكنهم يقيسون السعادة بالمقاييس الأرضية؛ مقاييس التراب والطين، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمقياس السعادة عنده هو الإيمان، والتقوى، وطاعة الله عز وجل، مقاييس السعادة عنده مقاييس إيمانية أخروية؛ فيرد عليهم في ثبات: ((لو جعلوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته)).

 

وهكذا ذلك الجيل الذي تربَّى في مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم، ذلك الجيل الذي ضرب أعظم أمثلة البطولة والشجاعة، أروع أمثلة الفداء والتضحية والإيمان؛ فتلك سميَّة تُعذَّب في سبيل أن ترجع عن دين الهدى، فتأبى فتُقتَل صابرةً محتسبةً، وذاك بلال يُوضَع على ظهره الصخر، وصهيب الرومي خرج مهاجرًا وقد دسَّ مالَه في مكانٍ من داره، فتبِعَه الكُفَّار، وقالوا له: أتيتنا شريدًا فقيرًا، فدلنا على مالك، ونحن نتركك، فأرشدهم إليه، فماذا قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ((ربح البيع أبا يحيى))؛ نعم ربح بمقاييس أهل الإيمان الذين تعلَّقت قلوبُهم بالآخرة، تعلَّقت قلوبهم بجنات النعيم، أما بمقاييس الطين والتراب ولغة الورقة والقلم والحساب فهي صفقة خاسرة.

 

وذاك صحابي آخر يأتيه سهمٌ في رقبته فيقتله فيصيح، فُزْتُ وربِّ الكعبة، فأي فوز في القتل، إنه بمقاييس الأرض بمقاييس الدنيا قد خسر أهله وماله وأولاده؛ ولكنه فاز بأي شيء؟! فاز برضوان الله عز وجل.

 

من أسباب السعادة

أخي الحبيب، إذا أردت الحصول على السعادة، فعليك بالأخذ بأسبابها ومن أسبابها:

1- تحقيق التوحيد والخضوع لمنهج الله على المستوى الفردي والجماعي.

 

2- الإيمان بالله عز وجل والعمل الصلح؛ قال سبحانه: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ [النحل: 97].

 

3- الإيمان بالقضاء والقدر، وأن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أصابك مكتوب عليك ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر: 49].

 

4- ومن طرق الحصول على السعادة الإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن؛ قال عز وجل: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: 28]، أما من أعرض عن ذكر الله، فهو من التعساء البؤساء: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ [الزخرف: 36].

 

5- البعد عن المعاصي والآثام، فلها عواقب وخيمة، وصلاحك أنت يبارك الله لك به في ذريتك؛ قال أهل العلم في تفسير قوله تعالى: ﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا﴾ [الكهف: 82]؛ أي: الجد السابع لهما، أما من عصى الله فجزاؤه كما أخبر الله عز وجل: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [طه: 124].

 

6- ومن طرق الحصول على السعادة مصاحبة الأخيار؛ فإنهم يقودون الإنسان إلى الخير ويدلُّونه عليه، وكما قيل: "الصاحب ساحب" والصاحب إما حامل مسك يدلُّك على الخير ويقودك إليه، وإما نافخ كير يوقعك في الإثم والشر، ويجرك إليه؛ قال عز وجل: ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾ [الزخرف: 67].

 

7- ومن سبل الحصول على السعادة طلب العلم الشرعي، فإن الإنسان إذا طلب العلم كان سيره على هدى من الكتاب والسنة؛ قال عز وجل: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: 9]، وقال سبحانه: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: 11].

 

8- ومن أهم الوسائل للحصول على السعادة أن تدعو الله، وتسأله الهداية وخاصة في أوقات الإجابة؛ كالثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي آخر ساعة من نهار الجمعة تلجأ إلى الله وتدعوه: يا رب، اللهم مُنَّ عليَّ بالهدى والتُّقى.

 

فإن الدعاء من أعظم وسائل التوفيق إلى الهداية، وقد كان صلى الله عليه وسلم يكثر من قوله: ((اللهمَّ يا مقلب القلوب، ثبِّت قلوبنا على دينك، اللهم يا مصرِّف القلوب، صرِّف قلوبنا إلى طاعتك)).


وفي الختام أقول:

هنيئًا لمن أكثر من ذكر الله، وعمَّر بيوت الله، هنيئًا لمن هجر رفقة السوء، وصحب أهل الإيمان، هنيئًا لمن بادر إلى حلق العلم والعلماء، هنيئًا لمن أنفق في سبيل الله، هنيئًا لمن ربَّى أولاده على حفظ كتاب الله والعمل به.

 

نصائح للباحثين عن السعادة

ونقول لمن أخطأ طريق السعادة، نقول لمن أضاع نفسه على الأرصفة وفي الطرقات مع صحبة السوء: إن السعادة الحقيقية ها هنا في بيوت الله مع الأخيار، نقول لمن أفنى عمره في مشاهدة الأفلام الماجنة والمسلسلات السافلة: قد أضعت عمرك فيما يعود عليك بالضرر والدمار فاهجرها، وأقبل على حلق العلم وكتب الهدى، ونقول لمن غرق في الشهوات المحرَّمة: إنها شهوات زائلة وقتية، والنعيم الدائم هو نعيم الآخرة، فدعك ممَّا يزول، وعليك بالعمل لما يدوم ولا يفنى: ﴿إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا﴾ [النبأ: 31 - 33]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((فيها ما لا عين رأت، ولا أُذُنٌ سمِعت، ولا خطر على قلب بشر)).

 

نقول لمن هجر بيوت الله فلم يأتها إلا في المناسبات؛ كالجُمَع والأعياد: لقد فاتك خيرٌ كثيرٌ وفوت على نفسك من أسباب السعادة الكثير؛ فتدارك ما فاتك، ولازم الجماعات، وحافظ على الصلوات حيث ينادى بهن.

 

نسأل الله عز وجل أن يهدينا إلى سبل السعادة والرشاد، وأن يجعلنا ممن قال فيهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ [الأحقاف: 13].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • السعادة مع عدوك!
  • السعادة في معاملة الناس
  • معنى السعادة الزوجية
  • المفاتيح الأربعة وأبواب السعادة
  • مفتاح السعادة بالرضا
  • هل السعادة في المال أم المال طريق إلى السعادة؟
  • السعادة الحقيقية في الرضا والقناعة
  • شكر الله العملي (خطبة)
  • لا تردوا الحق
  • أحرج حق الضعيفين (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة عن السعادة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السعادة في الشعر(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • أسباب السعادة من أقوال أهل السعادة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • السعادة الأسرية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • السعادة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أين السعادة؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الطريق إلى السعادة الأسرية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • السعادة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سعادة / السعادة!(مقالة - حضارة الكلمة)
  • خطبة الطريق إلى السعادة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب