• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

طوبى لعبد جعله الله مفتاحا للخير مغلاقا للشر

الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/11/2018 ميلادي - 12/3/1440 هجري

الزيارات: 60095

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

طوبى لعبدٍ جعله الله مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر


إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ (آل عمران: 102)

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ (النساء: 1)

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ (الأحزاب: 70، 71)

 

أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار، أعاذنا الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

 

الله سبحانه وتعالى عنده خزائن كلِّ شيء، فكل شيء مخزون عنده، ما تراه وما لم تره، ما قضاه الله في الماضي، وما سيكون في المستقبل، فهو عند الله مخزون، ولا يخرج من هذه الخزائن إلا بمقدار، والخزائن كثيرة، ليست خزينة واحدة، بل هناك خزائنُ الغيث والأمطار، وهناك خزائنُ الرحمات والبركات، وهناك خزائنُ الذرّيّات المباركات، وهناك خزائنُ النصر على أعداء الله، وهناك خزائن لا تعد ولا تحصى، لذلك قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ (المنافقون: 7).

 

فعنده سبحانه وتعالى خزائنُ الخيراتِ والبركات، قال جل جلاله: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾ (الحجر: 21).

 

وعنده خزائن النِّعَم والرحمات، قال سبحانه: ﴿ قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا ﴾ (الإسراء: 100)، وقال سبحانه: ﴿ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ ﴾ (ص: 9)، وقال سبحانه: ﴿ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ ﴾ (الطور: 37)، ﴿ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ (يس: 83).

 

وكما أن في قضاء الله سبحانه وتعالى وقَدَرِه خزائن الخير؛ فهناك -أيضاً- خزائن الشرّ، وسخّر سبحانه وتعالى من عباده من يكون مفتاحًا لخزائنه، فمنهم من وفّقه الله لأن يكون مفتاحا لخزائن الخير، ومنهم من خذله الله -والعياذ بالله- فصار مفتاحًا لخزائن الشرّ، تصديق ذلك ما ثبت عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("عِنْدَ اللهِ خَزائِنُ الْخَيرِ والشَّرِ، وَمَفَاتِيحُهَا الرِّجَالُ، فَطُوبَى لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللهُ مِفْتَاحًا لِلْخَيْر، مِغْلَاقًا لِلشَّرِّ، وَوَيْلٌ لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللهُ مِفْتَاحًا لَلشَّرِّ، مِغْلَاقًا لِلْخَيْرِ"). (طب) (5812)، (جة) (238)، (يع) (7526)، صَحِيح الْجَامِع: (2223)، (4108)، الصَّحِيحَة: (1332)، صَحِيح التَّرْغِيبِ (66)، ظلال الجنة: (296).

 

قال سبحانه: [﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ﴾ (فاطر: 2)، ومن بيده مفاتيح الممالك ومفاتيح الأرزاق فبالحريّ أن يكون فتّاحاً، -فالفتاح اسم من أسماء الله.

 

فعلى العبد أن- يتخلَّق من هذا الاسم -الفتاح-؛ أن يكون مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر...]. التحبير لإيضاح معاني التيسير (4/ 106)

 

كما ورد في هذا الحديث: (عِنْدَ اللهِ خَزائِنُ الْخَيرِ) والنعمة والبركة والرحمة، ("خَزَائِنُ")، أَيْ: أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ مَخْزُونَةٌ، -مرصودة- مَكْنُونَةٌ مَرْكُوزَةٌ، مَوْضُوعَةٌ فِيمَا بَيْنَ عِبَادِهِ، -فهذه الخزائن بيننا يا عباد الله، وأنت كن واحدًا من اثنين، فكن من الأولين مفاتيح الخير، لهذه الخزائن، ولا تكن من الآخرين،- وعنده سبحانه خزائن (الشَّرِ) لا تكن من هؤلاء الذين يفتحون الشر على عباد الله؛ من الفتن والمصائب والآثام، وما شابه ذلك، وَهذه الخزائن جُعِلَ (مَفَاتِيحُهَا الرِّجَالُ)، وقد تكون النساء تدخل ضمنًا، تكون المرأة مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر أو غير ذلك، فجعل الله سبحانه وتعالى رجالاً لهذه الخزائن، خزائن الشر.

 

إذن رجالٌ يفتحون على الناس مخازنَ الخيراتِ والرحمات، يدعون الناس لينهلوا منها...

فهذا مفتاحٌ يدعو الناس إلى صلاة الفريضة، وذاك يدعو الناس إلى السنن والتطوعات والمستحبات؛ من قيام الليل، أو صيام اثنين وخميس، أو ما شابه ذلك، وذاك مفتاح يدعو إلى بناء المساجد، وآخر مفتاح للأرامل والمساكين واليتامى مفتاحا لهم، يدعو الناس وهو أوَّلهم لينفعوا هؤلاء الناس.

 

مفاتيح الخير كثيرة جدا، فالمـَفَاتِيحُ؛ مفاتيح الخير جُعلت عَلَى أَيْدِي عَبِيدِهِ الَّذِينَ هُمْ بِمَنْزِلَةِ وُكَلَائِهِ.

هذا الذي يفتح الخير للناس ويدعو الناس إليه...

 

ورجالٌ -والعياذ بالله- يفتحون على الناس مخازنَ الشرورِ والآثام، والفتن والمصائب، ويدعون الناس إليها لينتشلوا منها...

 

فهذا يدعو إلى بدعة، وذاك يدعو إلى ترك الصلاة والعبادة، ومفتاح للشر آخر يطعُن في كتاب الله، ومفتاح للشر آخر يطعن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومفتاح للشر يدعو الناس إلى سفك الدماء وزهق الأرواح، وإثارة الفتن بين المسلمين، رجال مفاتيح للشر والعياذ بالله.

 

("فَطُوبَى لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ مِغْلَاقًا لِلشَّرِّ") طوبى؛ ما معناها؟ لها عدة معان، وكلها متوافقة، طوبى؛ اسم للجنة، وقيل: شجرة فيها، أي: يقال له ذلك، طوبى لعبد وهذا دعاء، أو يُجعَل له الطيب من العيش في الدارين، في الدنيا والآخرة، طوبى هذه (لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ)، أَيْ: عِلْمًا أَوْ عَمَلًا، أَوْ حَالًا أَوْ مَآلًا، أي: جعله يساق على أيديهم من مفاتيح الخير هذه؛ من إعطاء سائل، وقضاءِ حاجةِ محتاج، وإرشاد ضالٍّ، وتعليمِ جاهل، وأبوابُ الخير غيرُ منحصرة، كثيرة جدًّا.

 

فكن من مفاتيح خزائن الخير هذه، فإنه سبحانه وتعالى عَلِم منه؛ من هذا العبد قَبولَ الخير وفعلَه، فيسّره لليُسرى، فإنه ينال كلَّ كرامة عند الله.

 

وهذا الذي جعله الله مفتاحًا للخير؛ جعله (مِغْلَاقًا لِلشَّرِّ) فيغلق أبواب الفساد والسوء، ويدفعون الخصومات، ويصلحون بين الناس ونحوه، من أبواب الشر المفتوحة هو يغلقها، فإنه ينال الأجرين؛ أجرَ الفتح وأجر الإغلاق.

 

فالأول قال له: طوبى، والثاني قال له: ويل.

(وَوَيل)، أي: حزنٌ وهلاك ومشقة من عذاب، وشدةٌ وخسران، وعذاب ٌونكالٌ (لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللهُ مِفْتَاحًا لَلشَّرِّ)، أَيْ: لِلْكُفْرِ وَالْعِصْيَانِ، وَالْبَطَرِ وَالطُّغْيَانِ وَالْبُخْلِ، وَسُوءِ الْعِشْرَةِ مَعَ الْإِخْوَانِ.

 

هذه حالة ذلك الذي يفتح أبواب الشر، يفتح إذاعاتٍ أو قنواتٍ مسموعة أو مرئية، أو منقورةٍ على الفسبكة وما شابه ذلك، يفتحها للشر والفساد؛ من الكفر والشرك، أو من العهر والدعارة، والدعوةِ إلى عبادة غير الله سبحانه، والدعوة إلى سيئ الأخلاق والرذيلة، والدعوة إلى الطعن في هذا الدين.

 

(مِغْلَاقًا لِلْخَيْرِ)، صفة أخرى أيضًا، إذا وجد بابًا من أبواب الخير يغلقه، لا يريدون الناس أن يعبدوا الله كما أمر الله، وكما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، تجدهم قد أغلقوا أمام الناس أبواب الخير، شكَّكُوهم في دينهم، وشكَّكوهم في أخلاقهم، وجعلوهم نسخة ممسوخة لا شرقية ولا غربية، لا هم مع أخلاق الإسلام والمسلمين، ولا هم مع الغربيين والشرقيين، من غير المسلمين؛ متميعين، والعياذ بالله.

 

فهذا الإنسان الذي دعا إلى هذا الشرّ عبر وسيلة إعلامه مغلاق للخير، قال الراغب: الْخَيْرُ مَا يَرْغَبُ فِيهِ الْكُلُّ -وأيده الشرع فهو خير-؛ كَالْعَقْلِ مَثَلًا، -فعقل الإنسان خير،- وَالْعَدْلِ وَالْفَضْلِ، وَ -أيضاً من الخير- الشَّيْءِ النَّافِعِ.

 

وَالشَّرُّ ضِدُّهُ، وَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ قَدْ يَتَّحِدَانِ، -شيء واحد قد نقول عنه هذا خير، هو هو نفسه، قد نقول عنه: هذا شر، كيف يكون ذلك؟- وَهُوَ أَنْ يَكُونَ خَيْرُ الْوَاحِدِ شَرَّ الْآخَرِ، كَالْمَالِ الَّذِي يَكُونُ رِيَاءً كَانَ خَيْرًا لِزَيْدٍ وَشَرًّا لِعَمْرٍو... أخرج ماله رياء شرّ له، هذا المال شر، لكن عَمرواً الذي أخذه واستفاد منه خير له، فقد يتحد الخير والشر في الشيء الواحد.

 

قال الطيبي: والمعنى الذي يحتوي على خيرية المال وعلى كونه شرًّا هو المشبَّه بالخزائن؛ -خزائن لأن الناس يضعون أموالهم في خزينة، ويغلقونها ويحافظون عليها، فهذا التشبيه بالخيرات التي عند الله في هذه الخزائن، وكذلك أهل السوء وأهل الدعارة وأهل الفجور يغلقون على أماكنهم حتى لا يراها أحد، إلا من أرادوا فجعلوها خزائن للشر والعياذ بالله،- فمن توسّل بفتح ذلك المعنى، وأخرج المال منها، -مثال على هذا: أخرجنا المال من هذه الخزانة خزانة الخير،- وأنفق في سبيل الله، ولا ينفقه في سبيل الشيطان، فهو مفتاح للخير مغلاق للشر، ومن توسل بإغلاقِ ذلك الباب في إنفاقه في سبيل الله، فما أنفقه ولكن فتحه في سبيل الشيطان، فهو مغلاق للخير ومفتاح للشر. انظر فيض القدير للمناوي (4/ 364)، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 3260)، التنوير شرح الجامع الصغير (4/ 113).

 

فاعلموا عباد الله! أنّ كلاًّ منّا إمّا أن يكون مفتاحًا للخير، أو مفتاحا للشر، فعلى الإنسان أن يوازن بين الاثنين، والمفتاح والخزينة يخرج منها ويوزع على الناس.

 

وقد يكون الإنسان في نفسه سيِّئًا لكن لا يبُثُّ سوءه على الناس، لا يبثّ شرَّه في الناس، فيكون مفتاحاً للشر والعياذ بالله.

 

وبعض الناس قد يكون خيِّرا في نفسه، لكنه أغلق باب الإنفاق فلا ينفق، لا يجعل هذا الخير ينتشر، فهذا ما فتح بابا من أبواب الخير، خيره على نفسه، فلذلك يا عبد الله! إن أردت أن تكون لك طوبى، وهي الجنة أو الحياة الطيبة في الدارين، فعليك أن تكون مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

نرجع إلى حديث رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: ("عِنْدَ اللهِ خَزائِنُ الْخَيرِ والشَّرِ، وَمَفَاتِيحُهَا الرِّجَالُ، فَطُوبَى لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللهُ مِفْتَاحًا لِلْخَيْر، مِغْلَاقًا لِلشَّرِّ، وَوَيْلٌ لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللهُ مِفْتَاحًا لَلشَّرِّ، مِغْلَاقًا لِلْخَيْرِ").


وذلك ينطبق علينا -كما قلتُ-: أنت تكون مفتاحًا للخير، تأخذ الخير من كتابٍ من خطبةٍ من موعظة، من حدَثٍ حَدَث، أقلُّ ما فيه أن تذهب إلى أهلك، وتدعوهم إلى هذا الخير الذي سمعته، أو قرأته أو عايشته، ليعايشه من هم في بيتك، الذين ربما انشغلوا بأمور أخرى، ربما أهلُنا في بيوتنا لم يسمعوا ولا خطبة، ولا موعظة، ولم يحضروا درساً، أو لم يقرؤوا كتاباً، شُغلوا بأمور أخرى فمن يعلِّمهم؟ من يفتح لهم من خزائن الله؟ من يفتح لهم أبواب الخيرات؟ كذلك كونوا مغاليق للشر أيضًا؛ إذا قرأت أو سمعت أو عاينت وعايشت سوءًا، أو شرًّا أو ما شابه ذلك، فحذر منه غيرك، لا يبقى هذا عليك أنت، أقل ما فيها أهلك الذين هم في بيتك، حذرهم مما قرأت من شر، أو سمعت أو عايشت، وبهذا يعيش الإنسان المسلم المؤمن الذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بأن له الجنة طوبى، بأن له شجرة في الجنة، بأن يعيش عيشة طيبة في الدارين، مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر.

 

فلذلك -يا عباد الله- يدخل في ذلك الذين يأمرون الناس بالخير عكس الأمر، وينسون أنفسهم، وهم يقرؤون كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذلك يرى يوم القيامة في النار رجل تندلق أقتابه؛ أي: تخرج أمعاؤه في النار يجرها ويلف حولها، فيسألونه بعد أن عرفه الناس، عرفه المسلمون، عرفه العصاة، وعرفه غيرهم: ألم تنهنا عن المنكر وتأمرنا بالمعروف؟ فيقول: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه، ففي الحديث الصحيح: ("يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: أَيْ فُلاَنُ مَا شَأْنُكَ؟ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ المُنْكَرِ؟ قَالَ: كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ المُنْكَرِ وَآتِيهِ"). (خ) (3267) فهذا وأمثاله أين مكانته؟ هل نضعه في أنه من مغاليق الخير أو مفاتيح الشر، هذا نهى عن المنكر وأمر بالمعروف، لكن في خاصّةِ نفسه ماذا فعل؟ فعل العكس، ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ (البقرة: 44)

 

فحذار من هذا الأمر، وهذا يوجد أمثلةٌ عليه في حالنا في الدنيا، لكن لا يصل إلى هذه العقوبة، نأتي بمثال على ذلك؛ الطبيب يشرب الدخان وينصح المريض بعدم شرب الدخان، وينصح غيره بعدم شرب الدخان.

 

وهذا الذي يأمر كأنه خطيب، يقول للناس: افعلوا كذا من الخير، وهو لا يفعله، واتركوا كذا من الشر، وهو يفعله، فكان المصير في الآخرة في هذه الدعوة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وينسى الإنسان نفسه، أمرها خطير جسيم عظيم.

 

والناس قديماً من الخطباء والوعاظ والمرشدين المخلصين كانوا إذا أرادوا أن يأمروا الناس بأمر؛ لا بدّ أنْ يعلَمَ الناسُ أنَّ فيهم هذا الأمر، أنَّهم يفعلونه، ينهونهم عن منكر هم أوَّلُ الناس من يبتعدون عن هذا المنكر.

 

جاء عبدٌ من العبيد -فيما يُذكر- يريد أن يتحرَّرَ من سيِّدِه، إلى إِمام المسجد في عصر من العصور، وقال: تكلم للناس عن عِتق العبيد؛ لعلّ سيدي أن يعتقني، قال: إن شاء الله، وجاءت الخطبة التالية، والعبد متلهّف، ولم يخطب عن العبيد، بل خطب في موضوع آخر، فجاء العبد بعد انتهائه، وقال له: يا إمام يا شيخنا، يا سيدنا لِـمَ لَـمْ تخطُب عن تحرير العبيد؟

 

قال: إن شاء الله، ثم بعد الخطبة الثانية جاء العبد أيضا؛ ظانًّا أن الخطيب سيخطب عن عتق العبيد، لكن خطب عن أمر آخر، فيئس العبد ولم يراجع الشيخ.

 

في الخطبة الثالثة؛ وإذا بالإمام يخطب عن العبيد، وعن تحرير العبيد، وعن أجر ما له في الدنيا، وأجر ما له في الآخرة، وما إن انتهوا من الصلاة حتى جاء العبد يجري فرحًا، يقبِّل يدي الشيخ، لِـمَ لَـم تخطُب هذه الخطبة من قبل؟

 

قال الخطيب: ما الذي حدث؟

قال: أعتقني سيدي الآن، قال الخطيب: هذه الخطبة كلفتني مالاً حتى اشتريت عبداً، وأعتقته لوجه الله، حتى يقتدي الناس بي.

هذا هو حالهم.


الشاهد من هذه القصة مَن يأمر بالمعروف يعمله، ويفعله إن استطاع، لأن هناك معروفا يأمر به الإنسان ويكون فوق طاقته، فوق استطاعته، ولا يكلَّف الله نفسًا إلا وسعها.

 

فاللهم صل وسلم وبارك وأنعم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

 

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.

 

اللهم لا تَدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا غائباً إلا رددته إلى أهله سالماً غانماً برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهمّ اقض الدين عن المدينين، ونفس كرب المكروبين، وفرج هم المهمومين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ (العنكبوت: 45).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • طوبى للغرباء
  • طوبى لمن كان مفتاحا للخير
  • من دعا لهم الرسول عليه الصلاة والسلام بـــــ طوبى

مختارات من الشبكة

  • طوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طوبى لمن كان مفتاحا للخير(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • طوبى لمن كان مفتاحا للخير(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • طوبى لمن كان للخير مفتاحا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفاتيح الخير ومفاتيح الشر فمن أيهما نحن؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السعادة لأهل الثبات (طوبى للغرباء)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: طوبى لمن رآني وآمن بي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: طوبى للغرباء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طوبى لمن هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافا وقنع(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب