• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: الحجاب
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    التبتل
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من أحكام يوم الخميس
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    لحظة! قبل الاكتئاب
    أحمد محمد العلي
  •  
    عيسى عليه السلام والكريسمس (خطبة)
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
  •  
    التفسير الاجتهادي
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    لم يلد ولم يولد (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    ماذا لو عفوت عنهم؟!
    عبدالرحيم بن عادل الوادعي
  •  
    الاتباع لا الابتداع في شهر رجب (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    أقسام الشرك
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    اشتمال كلام الله تعالى على جمل وكلمات وحروف وأمر ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    العقيدة سفينة النجاة
    محمد ونيس
  •  
    ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل (خطبة)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: {ليسوا سواء من أهل ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    قراءة سورة الأعراف في صلاة المغرب: دراسة فقهية
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    طيبته العافية
    نايف بن علي بن عبدالله القفاري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

خطبة عن المبادرة والمسارعة إلى الخيرات

خطبة عن المبادرة والمسارعة إلى الخيرات
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/10/2018 ميلادي - 24/1/1440 هجري

الزيارات: 106924

حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن المبادرة والمسارعة إلى الخيرات


الْخُطْبَةُ الأولى

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا. أمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.


عِبَادَ اللهِ، إِنَّ الْمُبَادَرَةَ بِالِامْتِثَالِ لِأَمْرِ اللهِ، مَنْهَجُ الْعُقَلَاءِ وَسُلُوكُ الْأَتْقِيَاءِ، وَعَلَامَةُ الصُّلَحَاءِ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة: 148] أَيْ: فَعَلَيْكُمْ أَنْ تَبْتَدِرُوهَا اغْتِنَامًا لِلْفُرَصِ، وَكَسْبًا لِلْأَجْرِ؛ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [المطففين: 26] فَالْمُسَارَعَةُ إِلَى الْخَيْرِ مَنْهَجٌ قَوِيمٌ، وَاسْتِجَابَةٌ لِأَمْرِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [آل عمران: 133]؛ فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ حَثٌّ عَلَى الْمُسَارَعَةِ فِي أَدَاءِ الْفَرَائِضِ، وَلِإِدْرَاكِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَإِلَى التَّوْبَةِ. وَلِذَا حَكَى اللهُ عَنْ مُوسَى قَوْلَهُ: ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84]. لَقَدْ أَتَتْ عَجَلَتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى أَمْرٍ مَحْمُودٍ شَوْقًا لِلِقَاءِ رَبِّهِ، فَمَا أَعْذَبَ هَذِهِ الْآيَةَ:﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84]. وَوَصَفَ عَزَّ وَجَلَّ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّقِينَ بِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَتَسَابَقُونَ إِلَى فِعْلِهَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 61].

 

وَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْوَعَ الْأَمْثِلَةِ فِي الْمُسَارَعَةِ وَالْمُبَادَرَةِ إِلَى الْخَيْرِ، وَعَدَمِ تَسْوِيفِ الْمُسَابَقَةِ إِلَيْهِ، فَعَنْ عُقْبَةَ، قَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ الْعَصْرَ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ، فَقَالَ: ((ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي، فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ)) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ. فَانْظُرْ إِلَى مُسَارَعَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِنْفَاقِ.

 

عِبَادَ اللهِ، لَقَدْ حَثَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ عَلَى الْمُبَادَرَةِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)) رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْمَعْنَى: سَابِقُوا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ هَذِهِ الْفِتَنَ فَإِنَّهَا إِذَا وَقَعَتْ كَانَ فِيهَا شُغْلٌ شَاغِلٌ عَنِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، فَالْمُبَادَرَةُ الْمُسَارَعَةُ بِإِدْرَاكِ الشَّيْءِ قَبْلَ فَوَاتِهِ. أَوْ بِدَفْعِهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ. فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَثَّ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ قَبْلَ تَعَذُّرِهِ أَوْ تَعَسُّرِهِ بِمَا يَحْدُثُ مِنَ الْفِتَنِ الْمُتَرَاكِمَةِ كَتَرَاكُمِ ظَلَامِ اللَّيْلِ. وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((بَادِرُوا بِالْوِتْرِ قَبْلَ الصُّبْحِ)) رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ. وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ)) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَالْمَعْنَى لَوْ عَلِمُوا مَا فِي النِّدَاءِ، وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ مِنَ الْفَضِيلَةِ، ثُمَّ حَاوَلُوا الِاسْتِبَاقَ إِلَيْهِ - لَوَجَبَ عَلَيْهِم ذَلِكَ.

 

وَلَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ يَتَسَابَقُونَ فِي الْخَيْرِ فَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَتَصَدَّقَ فَوَافَقَ ذَلِكَ عِنْدِي مَالًا، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، قَالَ: فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟)) قُلْتُ: مِثْلَهُ، وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: ((يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟)) قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قُلْتُ: لَا أَسْبِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ.

 

وَأَثْنَى اللهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ سَبَقَ وَبَادَرَ لِدُخُولِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100]، وَامْتَدَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَادَرَةَ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِقَبُولِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا دَعَوْتُ أَحَدًا إِلَى الْإِسْلَامِ إِلَّا كَانَتْ لَهُ عِنْدَهُ كَبْوَةٌ وَنَظْرَةٌ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ فَإِنَّهُ مَا عَكَمَ حِينَ ذَكَرْتُهُ لَهُ وَلَا تَرَدَّدَ فِيهِ)) ذَكَرَهُ ابْنُ هِشَامٍ.

 

وَمِنَ الْمُبَادَرَةِ أَنْ يَتَحَرَّكَ الْمُسْلِمُ لِعَمَلِ الْخَيْرِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، وَلَا يَنْتَظِرَ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ أَحَدٌ، كَمَا فَعَلَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- حِينَ رَأَى الْأَحْزَابَ قَدْ أَحَاطُوا بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُنَّا فِي بِلَادِ فَارِسٍ إِذَا حُوصِرْنَا تَخَنْدَقْنَا)، فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَشُورَتِهِ وَبَادَرَ لِحَفْرِ الْخَنْدَقِ الَّذِي جَعَله اللهُ سَبَبًا لِنَجَاةِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْأَحْزَابِ. وَقَدْ سَاقَ ابْنُ هِشَامٍ هَذَا الْخَبَرَ مُطَوَّلًا فِي سِيرَتِهِ.

 

وَالْمُسَارَعَةُ لِلْخَيْرَاتِ خُلُقٌ عَظِيمٌ لَهُ فَوَائِدُ جَمَّةٌ، مِنْهَا قَبُولُ الدُّعَاءِ وَاسْتِجَابَتُهُ, قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 89، 90]، أَيْ: اسْتَجَبْنَا لَهُ، وَرَزَقْنَاهُ يَحْيَى فِي أَقْصَى سِنِّ الْيَأْسِ، وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ الْعَقِيمَ, لِأَنَّ أَهْلَ هَذَا الْبَيْتِ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَلَا يَتَبَاطَؤُونَ عَنْهَا إِذَا مَا حَانَتِ الْفُرْصَةُ لِفِعْلِهَا. وَهَذَا الْفِعْلُ يَنْصَرِفُ إِلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ، كَانُوا يُبَادِرُونَ إِلَى الْخَيْرَاتِ، وَيَفْعَلُونَهَا فِي أَوْقَاتِهَا الْفَاضِلَةِ، وَيُكْمِلُونَهَا عَلَى الْوَجْهِ اللَّائِقِ الَّذِي يَنْبَغِي وَلَا يَتْرُكُونَ فَضِيلَةً يَقْدِرُونَ عَلَيْهَا، إِلَّا انْتَهَزُوا الْفُرْصَةَ فِيهَا. وَلَفْظُ الْخَيْرَاتِ لِلْعُمُومِ فَيَتَنَاوَلُ الْكُلَّ وَيَدْخُلُ فِيهِ فِعْلُ مَا يَنْبَغِي وَتَرْكُ مَا لَا يَنْبَغِي، فَثَبَتَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ كَانُوا فَاعِلِينَ لِكُلِّ مَا يَنْبَغِي فِعْلُهُ وَتَارِكِينَ كُلَّ مَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ، وَقَدْ ذَمَّ اللهُ تَعَالَى إِبْلِيسَ فِي تَرْكِ الْمُسَارَعَةِ فَقَالَ: ﴿ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ﴾ [الأعراف: 12] وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الْمُسَارَعَةِ مُوجِبٌ لِلذَّمِّ، وَالْمُسَارَعَةُ فِي طَاعَةِ اللهِ تَعَالَى مِنْ أَكْبَرِ مَا يُمْدَحُ الْمَرْءُ بِهِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى حِرْصٍ عَظِيمٍ عَلَى الطَّاعَةِ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً. أمَّا بَعْدُ:

فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.


عِبَادَ اللهِ، إِنَّ الْمُسَارَعَةَ لِلْخَيْرَاتِ دَلِيلٌ عَلَى حُسْنِ الْإِيمَانِ وَصِدْقِ الْيَقِينِ: فَلَقَدْ وَصَفَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْخَالِصِينَ بِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ طَلَبًا لِلصَّلَاحِ وَالْفَلَاحِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 113 - 115].

 

وَالْمُسَارَعَةُ إِلَى الْخَيْرَاتِ لَا تَكُونُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ فَقَطْ بَلْ لَهُ سُبُلٌ مُتَنَوِّعَةٌ وَطُرُقٌ مُتَعَدِّدَةٌ مِنْهَا: كُلُّ قَوْلٍ حَسَنٍ وَكُلُّ فِعْلٍ طَيِّبٍ وَلَوْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا، فَيَا كُلَّ مَكْرُوبٍ، وَيَا كُلَّ صَاحِبِ حَاجَةٍ، وَيَا كُلَّ مُسْلِمٍ، بَادِرْ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مِنْ أَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ، وَلَا تُؤَخِّرْ عَمَلَ الْخَيْرِ. جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْمُبَادِرِينَ بِالْخَيْرَاتِ، وَوَفَّقَنَا لِسُبُلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ.

 

الَّلهُمَّ احْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، ونَسْتَعِيذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ.


سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • صور رائعة من المسارعة إلى الخيرات
  • المسارعة إلى الخيرات
  • المسارعة إلى الخيرات والمنافسة في الأعمال الصالحات
  • المسارعة إلى الخيرات (خطبة)
  • التسابق للخيرات (خطبة)
  • المسارعة إلى الخيرات (خطبة)
  • أهمية المبادرة
  • المسارعة إلى الخيرات (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • من ترك شيئا لله عوضه خيرا منه (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • بلزوم الاستغفار والدعاء يدوم الخير والرخاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الخير فيما اختاره الله وقسمه لكل عبد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العدل ضمان والخير أمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الحجاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • استشعار عظمة النعم وشكرها (خطبة)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • عيسى عليه السلام والكريسمس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وتعاونوا على البر والتقوى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لم يلد ولم يولد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاتباع لا الابتداع في شهر رجب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • قازان تستضيف المؤتمر الخامس لدراسة العقيدة الإسلامية
  • تعليم القرآن والتجويد في دورة قرآنية للأطفال في ساو باولو
  • ورشة توعوية في فاريش تناقش مخاطر الكحول والمخدرات
  • المحاضرات الإسلامية الشتوية تجمع المسلمين في فيليكو تارنوفو وغابروفو
  • ندوة قرآنية في سراييفو تجمع حفاظ البوسنة حول جمال العيش بالقرآن
  • سلسلة ورش قرآنية جديدة لتعزيز فهم القرآن في حياة الشباب
  • أمسية إسلامية تعزز قيم الإيمان والأخوة في مدينة كورتشا
  • بعد سنوات من المطالبات... اعتماد إنشاء مقبرة إسلامية في كارابانشيل

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/7/1447هـ - الساعة: 13:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب