• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وليس من الضروري كذلك!
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    مساواة صحيح البخاري بالقرآن الكريم
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    محرومون من خيرات الحرمين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    في نهاية عامكم حاسبوا أنفسكم (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    خطبة: بداية العام الهجري وصيام يوم عاشوراء
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    خطبة: أهمية المسؤولية في العمل التطوعي
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    أسباب العذاب
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    خطبة: هدايات من قصة جوع أبي هريرة رضي الله عنه
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الكبير، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    مما زهدني في الحياة الدنيا
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    عمود الإسلام (22) قسمت الصلاة بيني وبين عبدي
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير قوله تعالى: {سنلقي في قلوب الذين كفروا ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    أخطاء في الوضوء
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما حكم أخذ الأجر على الضمان؟
    د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري
  •  
    {فبما رحمة من الله لنت لهم}
    د. خالد النجار
  •  
    عقيدة الدروز
    سالم محمد أحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

لعام أكثر إنجازا وإمتاعا (خطبة)

لعام أكثر إنجازا وإمتاعا (خطبة)
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/9/2018 ميلادي - 27/12/1439 هجري

الزيارات: 12236

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لعام أكثر إنجازًا وإمتاعًا

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَعْظَمَ للمُتَّقِينَ الْعَامِلِينَ أُجُورَهُمْ، وَشَرَحَ بِالْهُدَى وَالْخَيْرَاتِ صُدُورَهُمْ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَفَّقَ عِبَادَهُ لِلطَّاعَاتِ وَأَعَانَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ خَيْرُ مَنْ عَلَّمَ أَحْكَامَ الدِّينِ وَأَبَانَ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإيمَانٍ وَإحْسَانٍ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا مَزِيدًا.

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: فَإِنَّهُ مَا مِنْ وَصِيَّةٍ أَبْلَغُ وَلَا مِنْ أَمْرٍ أَعْظَمُ مِنْ قَوْلِ اللهِ جَلَّ وَعَلا: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 1، 2].

 

لَكَ اللَّهُمَّ الْحَمْدُ وَالثَّناءُ، وَالشُّكرُ وَالدُّعَاءُ، عَلَى أَنْ أَكْرَمْتَنَا، وَتَفَضَّلْتَ عَلَينَا بقرب ِبُلُوغِ هَذَا الْعَامِ.. لَكَ الْحَمْدُ، أَنْ نَسَأْتَ فِي آجَالِنَا حَتَّى أَدْرَكَنَا الْعَامَ الْجَدِيدَ.

 

يا لَهَا مِنْ نِعْمَةٍ عَظِيمَةٍ وَجَلِيلَةٍ، يَوْمَ أَنَّ مَدَّ اللهُ فِي عُمُرِكَ، وَنَسَأَ فِي أَجَلِكَ إِلَى أَنْ أَتْمَمتَ هَذَا الْعَامَ.

 

حَقًّا يا عَبْدَ اللَّهِ! إِنَّهَا نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ وَجَلِيلَةٌ، تَحْتَاجُ إِلَى شُكْرِ الْكَرِيمِ سُبْحَانَه، يَوْمَ أَنْ أَحْيَاكَ وَأَبْقَاكَ فَوْقَ الْأرْضِ تَمْشِي فِي مَنَاكِبِهَا، وَتَتَنَفَّسُ هَوَاءهَا، لَمْ تَكُنْ مِنْ عِدَادِ الَّذِينَ قَدَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْمَوْتَ، فَلَمْ يُدْرِكُوا مَا أَدْرَكْتَ.

 

هَلْ تَعْلَمْ - أَخِي الْكَرِيمُ - أَنَّ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ وَتِسْعِينَ أَلْفَ شَخْصٍ. مَاتُوا خِلاَلَ الْعَامَ الْمَاضِي فِي الْمَمْلَكَةِ، كَمَا فِي إِحْصَائيَّةِ وِزَارَةِ الصِّحَّةِ، كُلُّ هَؤُلَاءِ كَانُوا مِثْلِي وَمِثْلَكَ، كَانُوا لَا يُسَاوِرُهُمْ شَكٌّ، فِي أَنْ يَبْلُغُوا هذا عَامَ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: عَامٌ كَامِلٌ مَضَى وَانْقَضَى، وَذَهَبَتْ أيَّامُهُ بِحُلْوِهَا وَمُرِّهَا، وَتَصَرَّمَتْ لَيَالِيهِ بِزِيَنِهَا وَشِيَنِهَا، وُلِدَ أُناسٌ وَمَاتَ آخَرونَ، وَشُفِيَ مَرْضَى وَابْتُلِيَ مُعَافُونَ، وَحَدَثَتْ مُتَغَيِّرَاتٌ وَبَرَزَتْ مُسْتَجَدَّاتٌ.

 

أعوَامُ وَصْلٍ كانَ يُنْسِي طُولَها
ذكْرُ النَّوَى فكأنَّهَا أيَّامُ
ثُمَّ انْبَرَتْ أَيَّامُ هَجْرٍ أَرْدَفَتْ
بِجَوى أَسىً فكأنَّها أعْوَامُ
ثمَّ انقضتْ تلك السُّنُونُ وأهلُها
فكأنَّها وكأنَّهُمْ أحلامُ

 

عِبَادَ اللَّهِ: ثَمَّةَ أَشْيَاءُ نَحْتَاجُ أَنْ نَتَذَكَّرَهَا وَنَحْنُ بِحَمْدِ اللهِ على أعتاب عَامِ هِجْرِيِّ جديد.

 

أَخِي الْكَرِيمُ: اسْتَقْبِلْ هَذَا الْعَامَ بِحَمْدِ اللهِ وَشُكْرِهِ عَلَى نِعْمَةِ الْحَيَاةِ، وَتَجَدُّدِ الْعَافِيَةِ، فَأَنْتَ مَعَ شُرُوقِ شَمْسِ كُلِّ يَوْمٍ جَدِيدٍ، تَصْحُو مُجَدَّدًا، حَوَاسُّكَ مُكْتَمِلَةٌ، أَعْضَاؤُكَ تَامَّةٌ، تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ، تَنَامُ وَتَتَحَرَّكُ، وَتَعِيشُ فِي أمَانٍ وَسلامٍ، وَغَيْرُكَ إِمَّا عَلَى السَّرِيرِ الْأَبْيَضِ، قَدْ أَرْهَقَهُ الْمَرَضُ وَأَتْعَبَهُ الْأنِينُ! تَعِيشُ فِي مَلاَذٍ آمِنٍ وَعَيْشٍ هَنِيءٍ تَذَكَّرْ ذَلِكَ وَأَنْتَ تَرَى عَدَدَ النَّازِحِينَ، هُرُوبًا مِنَ الْحُرُوبِ الأَهْلِيَّةِ، أَوِ الْكَوَارِثِ الطَّبِيعِيَّةِ، أَوِ الْجَفَافِ، وَهُمْ يَمُدُّونَ أَيَادِيهِمْ يَتَوَسَّلُونَ كِسْرَةَ خُبزٍ، مِنْ أَجْلِ التَّشَبُّثِ بِالْحَيَاةِ.

 

نَعَمْ - أَيُّها الإخْوَةُ - الْحَيَاةُ أَجْمَلُ النِّعَمِ، فَلَا تُبَدِّدْهَا بِالتَّذَمُّرِ، وَلَا تُدَمِّرْهَا بِالشَّكْوَى. قَدِّرِ النِّعَمَ الَّتِي لَدَيْكَ، اُشْعُرْ بِجَمَالِ الْحَيَاةِ وَرَوْعَتِهَا، عِشْ رَاضِيًا وَشَاكِرًا لِنِعَمِ اللَّهِ، فَكِّرْ فِي مَا تَمْلِكُ، لَا مَا لَا تَمْلِكُ، اسْتَمْتِعْ بِمَا فِي يَدَيْكَ، وَازْهَدْ عَمَّا فِي يَدِ النَّاسِ، قَدِّمِ الشُّكْرَ لِرَبِّكَ فِي كُلِّ لَحْظَةِ تَتَنَفَّسُ فِيهَا الْهَوَاءَ، فَكُلُّ عِرْقٍ يَنْبِضُ فِيكَ، وَكُلُّ نَفَسٍ تَتَنَفَّسُهُ، شَاهِدٌ بِمِنَّةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيكَ وَفَضْلِهِ، فَنَحْنُ لَا نَسْتَغْنِي عَنْه طَرْفَةَ عَيْنٍ، غَارِقُونَ فِي نِعَمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، نَتَقَلَّبُ فِيهَا آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحل: 53].

 

اسْتَقْبِلْ - يا عَبْدَ اللهِ - هَذَا الْعَامَ بِقَلْبٍ صَافٍّ وَنَفْسٍ مُشْرِقَةٍ، وَادْفِنِ الْأَحْقَادَ وَالضَّغَائِنَ وَراءَ ظَهْرِكَ، مَا أَحْوَجَنَا إِلَى تَخْلِيصِ تِلْكَ الْقُلُوبِ مِنْ كُلِّ غِلٍّ وَضَغِينَةٍ، وخُلُوِّهِ مِنْ كُلِّ حَسَدٍ وَحِقْدٍ عَلَى الآخَرِينَ؛ فالَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَعِيشَ طَيِّبَ النَّفْسِ، طَاهِرَ الْقَلْبِ، سَعِيدًا هَانِئًا، لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ سَلِيمَ الصَّدْرِ، مرْتَاحَ الضَّمِيرِ، لَا يَحْمِلُ فِي قَلْبِهِ عَلَى إِخْوَانِهِ سُوءًا وَلَا ضَغِينَةً، بَلْ يُحِبُّهُمْ وَيتَوَدَّدُ إليهِمْ، وَيُحِبُّ الْخَيْرَ لَهُمْ، قَالَ سُفْيانُ بْنُ دِينارٍ لِأَبِي بِشْرٍ: "أَخْبِرْنِي عَنْ أَعْمَالِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا؟ قَالَ: كَانُوا يَعْمَلُونَ يَسِيرًا، وَيُؤْجَرُونَ كَثِيرًا، قَالَ سُفْيانُ: ولِمَ ذَاكَ؟ قَالَ أَبُو بِشْرٍ: لِسَلاَمَةِ صُدُورِهِمْ".

 

سَامِحْ أَخَاكَ إِذَا خَلَطْ
مِنْهُ الْإِسَاءةَ بِالْغَلَطْ
وَتَجَافَ عَنْ تَعْنِيفِه
إِنْ زَاغَ يَوْمًا أَوْ قَسَطْ
وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ إِنْ طَلَبْت
مُهَذَّبًا رُمْتَ الشَّطَطْ
مَنْ ذَا الَّذِي مَا سَاءَ قطْ
وَمَنْ لَهُ الْحُسْنَى فَقَطْ!

 

أَخِي الْكَرِيمُ: اسْتَقْبِلْ هَذَا الْعَامَ بِكُلِّ أَمَلٍ، وَإِيَّاكَ وَتَذَكُّرَ الْمَاضِي بِآلاَمِهِ وَمَوَاقِفِهِ الْمُحْزِنَةِ، لَا تَكُنْ مِمَّنْ لَا هَمَّ لَهُ إلَّا أنْ يتَجَرَّعَ الْأحْزَانَ والهمومَ وَالْآلاَمَ، لَا تُعِدْ شَرِيطَ الذِّكْرَيَاتِ السَّيِّئَةِ، وَلَا تَجْتَرَّ الْمَصَائِبَ حِينًا بَعْدَ حِينٍ؛ لِئَلا يَتَجَدَّدَ ذَلِكَ الْحُزْنُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، فَإِنَّ هَذَا وَاَللَّهِ هُوَ حَيَاةُ الْبُؤْسِ وَالشَّقَاءِ.

 

إِنَّه يَنبغِي عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يُوَجِّهَ تَفْكِيرَهُ بِطَرِيقَةٍ صَحِيحَةٍ إِيجَابِيَّةٍ، فَيَنْظُرَ إِلَى الْمُسْتَقْبَلِ بِكُلِّ أَمَلٍ وَإشْرَاقٍ، وَلَا يَدَعِ الْمَجَالَ لِلشَّيْطَانِ لِيُعِيدَ عَلَيهِ أحْزَانَهُ وَآلاَمَهُ.

 

أخي الحبيب إذَا دَهَمَتْكَ تِلْكَ الْوَسَاوِسُ، وَأَعَادَ الشَّيْطَانُ هَذَا الشَّرِيطَ، فَقُلْ فِي نَفْسِكَ: (قَضَاءٌ قَدْ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ وَانْتَهَى وَالْحَمْدُ للهِ)، وَتَذَكَّرْ أَنَّ هُنَاكَ أَمَلًا وَحَيَاةً تَسْتَحِقُّ أَنَّ تَعِيشَهَا، وَأَنَّ الْغَدَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ أفْضَلَ وَأَكْثَرَ فَرَحًا وَسَعَادَةً بِإِذْنِ اللهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ تَذَكُّرَهَا وَاجْتِرَارَهَا، لَا يُصْلِحُ مَا فَسَدَ وَلَا يُرْجِعُ مَا فُقِدَ.

 

جَاهِدْ نَفْسَكَ لِأَنْ تَتَعَلَّمَ وَتَسْتَفِيدَ مِنْ أَخْطَاءِ وَعَثَرَاتِ الْمَاضِي، وَتَذَكَّرْ دَائِمًا تَوْجِيهَ الْمُصْطَفى صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

أَخِي الْحَبيبُ: مَا أَحْسَنَ أَنْ تَدلف لِهَذَا الْعَامِ بِنَفْسٍ مُتَفَائِلَةٍ بِالْخَيْرِ دَائِمًا.

اسْتَقْبِلْ هَذَا الْعَامَ بِكُلِّ أَمَلِ مُشْرِقٍ مَهْمَا كَانَتْ حَيَاتُكَ مُعَقَّدَةً، وَظُروفُكَ صَعْبَةً، تَيَقَّنْ أَنَّ تَفَاؤُلَكَ بِالْخَيْرِ، هُوَ الَّذِي يَجْعَلُكَ تَسْتَمِرُّ. مَهْمَا سَقَطْتَ وتَعَثَّرْتَ ضَعْ فِي قَلْبِكَ دَائِمًا أَنَّ الْقَادِمَ أَفْضَلُ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَحْمِلَ هَمَّ الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَلَقَ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيئاً، فَيَعِيشُ الْمَرْءُ مَعَ هَذِهِ الْأَوْضَاعِ، حالَةَ الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ وَالْإِحْبَاطِ، فَيَقْعُدَ عَنِ الْعَمَلِ وَيَنْظُرَ إِلَى مُسْتَقْبَلِ الْأيَّامِ بِمِنْظَارٍ أَسْوَدَ قَاتِمٍ.

 

إِنَّنَا نَحْتَاجُ فِي وَقْتِنَا هَذَا إِلَى التَّفَاؤُلِ الَّذِي اصْطَحَبَهُ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ كُلِّهَا قَوْلًا وَعَمَلًا؛ فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «لاَ طِيَرَةَ، وَخَيْرُهَا الفَأْلُ» قَالُوا: وَمَا الفَأْلُ؟ قَالَ: «الكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ»، وَكَانَ يَقُولُ لِخَبَّابٍ فِي أَوَجِ الشِّدَّةِ الَّتِي يَلْقَاهَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ: «وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

عِبَادَ اللَّهِ: تَفَاءَلُوا بِالْخَيْرِ تَجِدُوهُ، كَلِمَةٌ نَسْمَعُهَا فَمَا أَرْوَعَهَا! فَالْمُتَفَائِلُ بِالْخَيْرِ سَيَظْفَرُ بِهِ - بِإِذْنِ اللهِ -؛ لِأَنَّ التفاؤلَ يَدْفَعُ بِالْإِنْسانِ نَحْوَ الْعَطَاءِ والتقدُّمِ، وَالْعَمَلِ وَالنَّجاحِ، وَقَدْ قَالَ اللهُ جَلَّ فِي عُلاهُ: ﴿ إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا ﴾ [الأنفال: 70]؛ فَاجْعَلْ فِي قَلْبِكَ خَيْرًا وَأَبْشِرْ.

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُهِمَّةِ فِي بَدْءِ الْعَامِ: التَّخْطِيطُ الْجَدِيدُ لاسْتِقْبالِهِ، فَالنَّاجِحُونَ مِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ نَجَاحِهِمْ - بَعْدَ تَوْفِيقِ اللهِ - أَنَّهُمْ يُخَطِّطُونَ جَيِّدًا لِمَا يُرِيدُونَ الْوُصُولَ إِلَيهِ.

 

وَخَيْرُ مَا يُخَطَّطُ لَهُ - عِبَادَ اللَّهِ - هُوَ تَجْوِيدُ الْعلاَقَةِ بِاللهِ، وَزِيادَةُ الصِّلَةِ بِهِ فَتَقُولُ: سيكونُ هَذَا الْعَامُ خَيْرًا مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ؛ فَتَسْعَى لِتَكْميلِ مَا نَقَصَ مِنْكَ فِي هَذَا الْمَجَالِ. فَمَثَلاً إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُحَافِظِينَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي الْمَسَاجِدِ، فَضَعْ هَدَفًا لَكَ هَذَا الْعَامَ أَلَا تُفَرِّطَ فِي أَدَاءِ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ، وَمِثْلُهُ كَذَلِكَ صَلاَةُ الْوِتْرِ. وَتَقُولُ كَذَلِكَ: سَأَلْتَفِتُ إِلَى كِتَابِ رَبِّي أَكْثَرَ وَأَكْثَرَ، وَذَلِكَ بِأَنْ تَجْعَلَ لَهُ نَصِيبًا مِنَ الْقِرَاءةِ يَومِيًّا، وَأَنْ تُحَدِّدَ هَدَفًا فِي هَذَا الْأَمْرِ، كَأَنْ تَقُولَ: سأُحَافظُ عَلَى خَتْمِ الْقُرْآنِ كُلَّ ثَلاثَةِ أَشْهُرٍ مَثَلاً، وَمِثْلُهُ الْمُحَافَظَةُ التَّامَّةُ عَلَى أَذكارِ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ وَالنَّوْمِ، وَأَدَاءِ الْعُمْرَةِ مرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَر، وَكَذَا الْمُدَاوَمَةُ عَلَى صِيَامِ بَعْضِ الْأَيَّامِ الْفَاضِلَةِ كَالاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، أَوْ ثَلاثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ. وَكَذَلِكَ التَّخْطِيطُ الْجَيِّدُ لِتَحْسِينِ وَتَجْوِيدِ علاَقَتِكَ بِزَوْجِكَ وَأَبْنَاءِكَ، وَكَذَا إخْوانِكَ وَأَرْحَامِكَ. وَبِرِّكَ بِوالِدَيْكَ أَحْيَاءً وأَموَاتًا.

 

أيها الحبيب: خَطِّطْ لِأَنْ تَكْتَسِبَ عَادَةً جَدِيدَةً، تُطَوِّرُ مِنْ مَهَارَتِكَ، وَتَرْفَعُ مِنْ قُدُرَاتِكَ، كَالْقِرَاءةِ وَالاِبْتِسَامَةِ وَالْكَرَمِ وَنَحْوِهَا، وَكَذَا السَّعْيُ لِأَنْ تَتَخَلَّصَ مِنْ عَاداتٍ سَيِّئَةٍ. طَالَمَا أَزْعَجَتْكَ وَأَوْقَعَتْكَ فِي الْمَشَاكِلِ، كَسُرْعَةِ الْغَضَبِ أَوِ الْبُخْلِ، أَوْ كَثْرَةِ النَّوْمِ أوَ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى بَرامِجِ التَّوَاصُلِ الاِجْتِمَاعِيِّ، أَوِ التَّعَصُّبِ الرِّياضِيِّ وَنَحْوِهَا.

 

الْمُهِمُّ - أَيُّهَا الإِخْوَةُ - أَنْ نُخَطِّطَ لِعَامٍ أَكْثَرَ إِنْجازًا وَإمْتَاعًا بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى. وَالدِّرَاساتُ الْعِلْمِيَّةُ تُثْبِتُ أَنَّ مَنْ يُخَطِّطُ وَيُحَدِّدُ أَهْدَافًا يَرُومُ الْوُصُولَ إِلَيهَا، فَإِنَّه بِإِذْنِ اللهِ سَيَصِلُ لِمَا يُرِيدُ.

 

اللَّهمَّ امْلَأْ بِالْبَرَكاتِ أَعمارَنَا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا، وَاجْعَلْ يَوْمَنَا خَيْرًا مِنْ أَمْسِنَا، وَغَدِنَا خَيْرًا مِنْ يَوْمِنَا، وَاكْتُبْنَا مِنْ عِبَادِكَ الطَّائِعِينَ.

بَارَكَ اللهُ لي ولكم...

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا محمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا مَزِيدًا.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ شَهْرَ مُحَرَّمٍ أَحَدُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ الْأَرْبَعَةِ الْمُعَظَّمَةِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، بَلْ وَعِنْدَ الْعَرَبِ قَبْلَ الْإِسْلامِ. وَقَدْ رَغَّبَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي صِيَامِهِ، بَلْ جَعَلَهُ أفْضَلَ وَقْتٍ لِلصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضانَ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «أفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضانَ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ»، رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

أسأل الله أن يجعل عامنا القادم خيراً مما فات وأن يحقق لنا ولكم فيه من الخيرات والمسرات ما تقر به الأعين، كما نسأله سبحانه أن تكون هذه السنة سنة خير علينا وعلى جميع المسلمين وأن تكون سنة نصرٍ للمسلمين وأن يغير لنا هذه الأحوال لأحسن منها... اللهم آمين.

 

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكرامُ:

عِبَادَ اللَّهِ: أَعْظَمُ رَجُلٍ لَهُ فَضْلٌ عَلَينَا هُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَانْثُرُوا الصَّلَاةَ وَالسَّلامَ كَمَا يُحِبُّ مِنَّا فِي هَذَا الْيَوْمِ. اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العام الدراسي الجديد.. أمل وألم
  • وقفات مع بدء العام الدراسي الجديد (خطبة)
  • وبدأ العام الدراسي الجديد (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: بداية العام الهجري وصيام يوم عاشوراء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: تجديد الحياة مع تجدد الأعوام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تدخل عمها أفسد الخطبة(استشارة - الاستشارات)
  • تخريج حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببول(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بريطانيا: اسم محمد من الأسماء الأكثر شعبية لعام 2014(مقالة - المسلمون في العالم)
  • بداية العام الجديد وقول الله تعالى (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هجرية (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • خطبة عيد الأضحى لعام 1446هـ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/1/1447هـ - الساعة: 3:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب