• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آداب حملة القرآن: أهميتها وجهود العلماء فيها
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    السماحة بركة والجشع محق (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإمام محمد بن إدريس الشافعي (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الله البصير (خطبة) - باللغة البنغالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    من ترك شيئا لله عوضه خيرا منه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    بيع وشراء رباع مكة ودورها
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    كيف يرضى الله عنك؟ (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    لطائف من القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    تفسير قوله تعالى: {فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    من أخطاء المصلين (4)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    بركة التحصين النبوي عند الجماع
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: تجرده صلى الله ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    التلاعب بالمواريث (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    صفة المحبة
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    رعاية الله تعالى للخليل عليه السلام وكفايته
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    عندما تصاب بخيبة الأمل
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

ما النجاح الذي تسعى إليه؟!

ما النجاح الذي تسعى إليه؟!
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/1/2017 ميلادي - 23/4/1438 هجري

الزيارات: 14047

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ما النجاح الذي تسعى إليه؟!


أَمَّا بَعدُ، فَـ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُم وَاخشَوا يَومًا لا يَجزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلا مَولُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيئًا إِنَّ وَعدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الغَرُورُ ﴾ [لقمان: 33].

 

أَيُّها المُسلِمُونَ، في أَيَّامِ الاختِبَارَاتِ المَدرَسِيَّةِ، يَحلُو الحَدِيثُ عَنِ النَّجَاحِ، وَيَطرُقُ هَذَا اللَّفظُ الرَّنَّانُ الأَسمَاعَ كَثِيرًا، وَيَحُثُّ الآبَاءُ وَالمُعَلِّمُونَ عَلَيهِ الأَبَناءَ وَالطُّلاَّبَ، وَيُزَيِّنُونَهُ لَهُم بِذِكرِ عَوَاقِبِهِ الجَمِيلَةِ وَآثَارِهِ الحَسَنَةِ، وَالنَّجاحُ وَإِن كَانَ أَمرًا مُحَبَّبًا لِلنُّفُوسِ، إِلاَّ أَنَّ ثَمَّةَ مَا يُشبِهُ المُبَالَغَةَ في وَصفِهِ في زَمَانِنَا وَالبَحثِ عَن أَسبَابِهِ، خَاصَّةً وَقَد تَأَثَّرَت مُجتَمَعَاتُنَا بِأُمَمٍ لا تُؤمِنُ إِلاَّ بِالمَادَّةِ وَمَا يَنَالُهُ المَرءُ مِن حُطَامِ الدُّنيَا، تَأَثُّرًا غَيَّرَ مَفهُومَ النَّجَاحِ وَالفَشَلِ، وَاختَلَفَتِ النَّظرَةُ مَعَهُ إِلى المَعنى الحَقِيقِيِّ لِلرِّبحِ وَالخَسَارَةِ. يُلحِقُ أَحَدُنَا أَبنَاءَهُ في المَدَارِسِ وَالمَعَاهِدِ وَالجَامِعَاتِ، فَإِذَا مَا أَخفَقُوا فِيهَا أَو لم يُوَفَّقُوا لِنَيلِ شَهَادَاتِهَا، حَزِنَ وَأَسِفَ وَانكَسَرَ خَاطِرُهُ، وَاشتَدَّ في عِتَابِهِم وَبَالَغَ في لَومِهِم، وَرُبَّمَا أَزرَى عَلَيهِم وَكَسَرَ خَوَاطِرَهُم بِكَثرَةِ الانتِقَادِ... وَيَدخُلُ آخَرُ مِنَّا في تِجَارَةٍ أَو مَشرُوعٍ، فَيَخسَرُ فِيهِ أَو لا يُحَصِّلُ مَا حَلَمَ بِهِ مِن رِبحٍ مَادِيٍّ، فَتُظلِمُ الدُّنيَا في وَجهِهِ، وَيَكتَئِبُ وَتَنقَبِضُ نَفسُهُ، وَيَرَى أَنْ لا سَبِيلَ بَعدَ ذَلِكَ إِلى السَّعَادَةِ... وَيَتَمَنَّى ثَالِثٌ مَنصِبًا فَتَقصُرُ بِهِ الخُطَا دُونَهُ، فَيَأسَى عَلَى ضَيَاعِ عُمُرِهِ في طَلَبِهِ، وَذَهَابِ جُهدِهِ دُونَ نَيلِهِ، وَعَدَمِ رُؤيَةِ النَّاسِ لَهُ وَقَدِ اعتَلَى ذَاكَ الكُرسِيَّ فَأَمَرَ فِيهِ وَنَهَى، وَخَفَضَ وَرَفَعَ... وَهَكَذَا في غَايَاتٍ دُنيَوِيَّةٍ جَعَلَتِ النُّفُوسُ تَتَطَلَّعُ إِلَيهَا وَتَرغَبُ فِيهَا، وَتَحسَبُ أَنَّهَا وَحدَهَا مَعَايِيرُ النَّجَاحِ وَمَقَايِيسُ الرِّفعَةِ، وَكَأَنَّنَا لم نَقرَأْ يَومًا قَولَ الحَقِّ - تَبَارَكَ وَتَعَالى -: ﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [الزخرف: 32]

 

أَجَل - أَيُّهَا الإِخوَةُ - لَقَد جَعَلَ اللهُ مِن سُنَنِ هَذَا الكَونِ تَفَاوُتَ النَّاسِ في تَحصِيلِ مَا يَصبُونَ إِلَيهِ، وَقَضَى أَلاَّ يَكُونُوا عَلَى مُستَوًى وَاحِدٍ في مَعِيشَةٍ أَو دَرَجَةٍ؛ لِيَكُونَ بِذَلِكَ لِكُلٍّ مِنهُم عَمَلٌ يَخُصُّهُ وَمِهنَةٌ يُنَاسِبُهُ، يَخدُمُ بِها غَيرَهُ، وَيَجِدُ فِيها رِزقَهُ، فَإِذَا مَا أَدَّى الَّذِي عَلَيهِ وَأَبرَأَ ذِمَّتَهُ، وَحَقَّقَ قَبلَ ذَلِكَ وَبَعدَهُ الغَايَةَ الكُبرَى الَّتي أَوجَدَهُ رَبُّهُ في هَذِهِ الحَيَاةِ لَهَا وَهِيَ عِبَادَتُهُ، شَعَرَ إِذْ ذَاكَ بِالرِّضَا عَن نَفسِهِ، وَكَانَ هُوَ النَّاجِحَ المُوَفَّقَ السَّعِيدَ... يُقَالُ هَذَا.

 

- أَيُّهَا الإِخوَةُ - وَنَحنُ في عَصرٍ حَمَلَ النَّاسُ فِيهِ شِعَارَاتٍ مَادِيَّةً بَحتَةً، وَرَاحُوا يُرَدِّدُونَهَا بَينَهُم، مُتَوَهِّمِينَ أَنَّ النَّجَاحَ مَحصُورٌ فِيهَا وَلا يَتِمُّ إِلاَّ بِهَا، في تَقدِيسٍ لِلمَحسُوسَاتِ وَالمَادِّيَّاتِ، وَمَيلٍ لِلمَكَاسِبِ الدُّنيَوِيَّةِ العَاجِلَةِ، وَحَشرٍ لِمَفهُومِ النَّجَاحِ في اعتِلاءِ مَنصِبٍ أَو تَحصِيلِ سُلطَةٍ، أَو تَحقِيقِ جَاهٍ وَشُهرَةٍ، مَعَ التَّقلِيلِ مِن شَأنِ المَكَاسِبِ الأُخرَوِيَّةِ، وَالغَفلَةِ عَن أَنَّ تِلكَ المُجتَمَعَاتِ الَّتي نَجَحَت في عَدَدٍ مِن مَنَاحِي حَيَاتِهَا، وَمَلأَتِ الدُّنيَا بِمَصنُوعَاتِهَا، وَضَاقَ البَرُّ وَالبَحرُ بِمُختَرَعَاتِهَا، قَد فَشِلَت فَشَلاً ذَرِيعًا في جَلبِ السَّعَادَةِ لَهَا أَو لِشُعُوبِ الأَرضِ الأُخرَى، بَل لَقَد طَالَ شَقَاؤُهَا بِتَسَلُّطِها عَلَى المُجتَمَعَاتِ الأَضعَفِ مِنهَا، وَتَطَاوُلِهَا عَلَيهَا وَظُلمِهَا وَالتَّعَدِّي عَلَى حُقُوقِهَا. إِنَّ النَّجَاحَ لَدَينَا أَهلَ الإِسلامِ، لَيسَ في تَحقِيقِ أَعلَى مَكسَبٍ في تِجَارَةٍ، وَلا في نَيلِ غِنًى مِن مُسَاهَمَةٍ، وَلا في ظُهُورٍ في قَنَاةٍ إِعلامِيَّةٍ، أَو لَمَعَانِ اسمٍ في وَسِيلَةٍ تَوَاصُلٍ، أَو بِمَدحِ مُعجَبِينَ أَو كَثرَةِ مُتَابِعِينَ، إِنَّ النَّجَاحَ لَدَينَا أَسمَى مِن ذَلِكَ وَأَكبَرُ وَأَوسَعُ، فَمَتى حَقَّقَ المُسلِمُ الغَايَةَ مِن خَلقِهِ وَهِيَ عِبَادَةُ رَبِّهِ وَعِمَارَةِ الأَرضِ بما يُرضِيهِ، وَصَلَحَ عَمَلُهُ عَلَى هَديٍ مِن كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، فَهُوَ النَّاجِحُ المُفلِحُ وَإِن لم يَملِكْ مِنَ الدُّنيَا إِلاَّ قَلِيلاً، وَأَمَّا الغِنَى وَالفَقرُ، وَرِفعَةُ الدَّرَجَةِ في الدُّنيَا أَوِ انخِفَاضُهَا، وَالنَّجَاحُ في اختِبَارٍ مَدرَسِيٍّ أَوِ الإِخفَاقُ فِيهِ، فَمَرحَلَةٌ قَصِيرَةٌ سَتَنتَهِي يَومًا مَا، وَلِبَاسٌ مُؤَقَّتٌ سَيُخلَعُ أَو يَبلَى بَعدَ حِينٍ، وَلَن يُحَصِّلَ النَّجَاحَ الحَقِيقِيَّ في النِّهَايَةِ إِلاَّ مَن آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثم اهتَدَى.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَد طَغَى التَّركِيزُ عَلَى مُصطَلَحِ النَّجَاحِ في مَجَالاتِ الحَيَاةِ الدُّنيَوِيَّةِ في عَصرِنَا، وَكَثُرَ الحَدِيثُ عَنهُ وَتَردَادُهُ عَلَى الأَسمَاعِ حَتَّى تَشَبَّعَت بِهِ القُلُوبُ، وَحَتى أَنسَانَا مُفرَدَاتٍ وَمُصطَلَحَاتٍ أَعلَى مِنهُ وَأَغلَى، كَالصَّلاحِ وَالفَلاحِ، وَالفَوزِ العَظِيمِ وَالفَوزِ الكَبِيرِ، أَجَل – أَيُّهَا الإِخوَةُ – لَقَد تَشَعَّبَ المُثَقَّفُونَ وَالمُدَرِّبُونَ في الحَدِيثِ عَنِ النَّجَاحِ، وَلَكِنَّ أَحَادِيثَهُم ظَلَّت تَدُورُ حَولَ النَّجَاحِ في تَحقِيقِ الثَّرَاءِ، أَو كَيفِيَّةِ الوُصُولِ إِلى مَكَانَةٍ اجتِمَاعِيَّةٍ مَرمُوقَةٍ، أَو طُرُقِ الوُصُولِ إِلى الشُّهرَةِ بِأَقصَرِ السُّبُلِ، أَوِ القُدرَةِ عَلَى تَوسِيعِ دَائِرَةِ العِلاقَاتِ مَعَ الآخَرِينَ، أَوِ الحُصُولِ عَلَى الرِّضَا الوَظِيفِيِّ، أَوِ التَّمَكُّنِ مِنَ الإِلقَاءِ وَالإِمسَاكِ بِزَمَامِ التَّأثِيرِ في المُستَمِعِينَ، في حِينِ كَادَ النَّجَاحُ الأُخرَوِيُّ يُهمَلُ وَيُنسَى وَيُغَيَّبُ، وَلا يُتَحَدَّثُ عَنهُ وَلا تُتَنَاوَلُ أَسبَابُهُ وَلا تُذكَرُ وَسَائِلُهُ. إِنَّهُ لا يُقَالُ لِلنَّاسِ لا تَجتَهِدُوا في طَلَبِ السَّعَادَةِ في حَيَاتِكُم، أَو لا تَبذُلُوا أَسبَابًا لِتَحصِيلِ قُوتِكُم وَرَاحَةِ نُفُوسِكُم، كَيفَ وَقَد قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ: " المُؤمِنُ القَوِيُّ خَيرٌ وَأَحَبُّ إِلى اللهِ مِنَ المُؤمِنِ الضَّعِيفِ وَفي كُلٍّ خَيرٌ " وَلَكِنَّنَا يَجِبُ أَن نَنتَبِهَ إِلى أَنَّهُ عَبَّرَ عَنِ الفَردِ هُنَا بِالمُؤمِنِ؛ لِيُنَبِّهَ إِلى أَنَّ الإِيمَانَ هُوَ أَغلَى المَكَاسِبِ وَأَفضَلُ النَّجَاحَاتِ، فَمَتى اتَّصَفَ بِهِ العَبدُ كَانَ حَرِيًّا بِهِ بَعدَ ذَلِكَ أَن يَزدَادَ قُوَّةً في غَيرِهِ وَيَتَقَدَّمَ وَيَرفَعَ نَفسَهُ، لَكِنَّهُ لَن يُعَدَّ فَاشِلاً وَإِن لم يَحصُلْ لَهُ شَيءٌ مِنَ الدُّنيَا مَا دَامَ مَعَهُ إِيمَانُهُ، بَل هُوَ نَاجِحٌ وَمُفلِحٌ وَفَائِزٌ بِإِذنِ اللهِ، بَل وَلَعَلَّهُ يَكُونُ خَيرًا مِمَّن هُوَ مُقَدَّمٌ لَدَى النَّاسِ عَلَيهِ لِنَجَاحِهِ في دُنيَاهِ، وَلَقَد قَادَ الأًمَّةَ فِيمَا مَضَى مِن قُرُونِ عِزِّهَا وَعُهُودِ قُوَّتِهَا رِجَالٌ لَبِسُوا المُرَقَّعَ مِنَ الثِّيَابِ، وَلم يَشبَعُوا مِن فَاخِرِ الطَّعَامِ والزَّادِ، اِفتَرَشُوا الأَرضَ في بَعضِ أَحوَالِهِم وَالتَحَفُوا السَّمَاءَ، وَمَعَ هَذَا كَانُوا أَئِمَّةً عُظَمَاءَ وَقَادَةً نُبَلاءَ وَعُلَمَاءَ فُضَلاءَ، قَادُوا الجَحَافِلَ وَتَصَدَّرُوا في المَحَافِلِ، وَخَدَمُوا المَحَابِرَ فَخَدَمَتهُمُ المَنَابِرُ، وَدَانَت لَهُمُ البِلادُ وَأَذعَنَ لَهُمُ العِبَادُ، فَلَهُم مَعَ فَقرِهِم وَقِلَّةِ مَا يَملِكُونَ، خَيرٌ مِمَّن سَكَنَ القُصُورَ وَمَلَكَ القَنَاطِيرَ وَلَبِسَ الحَرِيرَ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "رُبَّ أَشعَثَ مَدفُوعٍ بِالأَبوَابِ لَو أَقسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ" رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَعَن سَهلِ بنِ سَعدٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: "مَا تَقُولُونَ في هَذَا؟ " قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَن يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَن يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَن يُستَمَعَ " قَالَ: ثُمَّ سَكَتَ فَمَرَّ رَجُلٌ مِن فُقَرَاءِ المُسلِمِينَ فَقَالَ: "مَا تَقُولُونَ في هَذَا ؟" قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَلاَّ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَلاَّ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَلاَّ يُستَمَعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "هَذَا خَيرٌ مِن مِلءِ الأَرضِ مِثلَ هَذَا" رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا الإِخوَةُ - وَلْنَحرِصْ عَلَى مَا يُقَرِّبُنَا إِلَيهِ وَيُبَلِّغُنَا رِضَاهُ وَجَنَّتَهُ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ﴾ [الأعراف: 8، 9].

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى - حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا ﴾ [الطلاق: 2]. ﴿ وَيَرزُقْهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 3].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ النَّجَاحَ الحَقِيقِيَّ لَيسَ مَعرَكَةً مَعَ المَالِ أَوِ المَنصِبِ، وَلا صِرَاعًا مَعَ الجَاهِ أَوِ الشُّهرَةِ، وَلا هُوَ في النُّبُوغِ عَلَى الأَقرَانِ في أَمرٍ دُنيَوِيٍّ، وَلَكِنَّهُ صُرُوحٌ مِنَ الرِّضا بِمَا قَسَمَ اللهُ تُبنَى في النُّفُوسِ، وَكُنُوزٌ مِنَ القَنَاعَةِ تُملأُ بها القُلُوبُ، وَإِيمَانٌ يُكسِبُ صَاحِبَهُ اليَقِينَ بِأَنَّ مَا عِندَ اللهِ خَيرٌ وَأَبقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِم يَتَوَكَّلُونَ، وَالمُفلِحُ النَّاجِحُ هُوَ مَن مَلَكَ زِمَامَ نَفسِهِ وَأَمسَكَ بِخِطَامِهَا، وَحَدَّ مِن جِمَاحِهَا وَقَهَرَ طُغيَانَهَا، وَأَمَّا مَن أَتبَعَهَا هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللهِ الأَمَانيَّ، فَذَلِكَ هُوَ الفَاشِلُ وَالخَاسِرُ وَالمُخفِقُ، وَإِن نَالَ الشَّهَادَاتِ وَحَصَّلَ أَعلَى الدَّرَجَاتِ، وَنُودِيَ بِاسمِهِ في المُتَفَوِّقِينَ في الاختِبَارَاتِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 9، 10] وَقَالَ - تَعَالى -: "﴿ مَن عَمِلَ صَالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلم يَلبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مُهتَدُونَ ﴾  [الأنعام: 82] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا ﴾ [طه: 124].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قبل أن تسألني عن طريق النجاح.. قل لي من أنت؟؟
  • لمن يريد النجاح في الحياة
  • وقود النجاح: كيف نكتشفه؟ كيف نحصل عليه؟
  • هندسة النجاح
  • طريق النجاح وسبب الفلاح
  • وهم النجاح والانقياد الخفي
  • "مع التمنيات بالنجاح" المشكلة لغة والمركز القومي للامتحانات
  • مهارات إنجاح العمل
  • انجح فيما تتقن وتحب

مختارات من الشبكة

  • سلسلة دروب النجاح (2): العادات الصغيرة: سر النجاح الذي يغفل عنه الكثيرون(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • سلسلة دروب النجاح (5) دعم الأهل: رافعة النجاح الخفية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • سلسلة دروب النجاح (10) الحافز الداخلي: سر الاستمرارية والنجاح الحقيقي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • سلسلة دروب النجاح (9) الإبداع.. مهارة لا غنى عنها في رحلة النجاح(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • سلسلة دروب النجاح (8) التوازن بين الدراسة والحياة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • سلسلة دروب النجاح (7) بناء شبكة العلاقات الداعمة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • سلسلة دروب النجاح (6) العقلية النامية: مفاتيح النمو الشخصي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • سلسلة دروب النجاح (4) إدارة الوقت: معركة لا تنتهي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • سلسلة دروب النجاح (3) الفشل خطوة نحو القمة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • سلسلة دروب النجاح (1) البوصلة الداخلية: دليل لاختيار مسارك الجامعي بثقة(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/5/1447هـ - الساعة: 14:53
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب