• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي / مقالات
علامة باركود

(تعليم البنات إلى أين؟) قراءة في ضوء السياسة الشرعية

أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/4/2011 ميلادي - 25/5/1432 هجري

الزيارات: 15798

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً ﴾[سورة النساء:1].

إن هذه الآية الكريمة خير ما نستفتح به هذه المقالة، باعتبارها ترسم في الأذهان صورة بدء الخلق الأول للإنسان، والنفس الواحدة هي آدم، والزوج حواء، فإن حواء خلقت من آدم، من ضلعه.

فالمرأة فرع الرجل منذ أصل التكوين، لكن هذه الفرعية لا يلزم منها – بالضرورة- التطابق بين الأصل والفرع؛ لأن مبدأ (الزوجية) يقتضي وجود اختلاف ما قد يصل الى التضاد أو التقابل. قال الحق سبحانه: ﴿ ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ﴾ [الذاريات: 49 ].

يقول "الخازن" في تفسيره عند هذه الآية: ﴿ ومن كل شيء خلقنا زوجين ﴾؛ أي صنفين ونوعين مختلفين كالسماء والأرض، والشمس والقمر والليل والنهار، والبر والبحر، والسهل والجبل، والصيف والشتاء والجن والإنس، والذكر والأنثى، والنور والظلام، والإيمان والكفر، والسعادة والشقاوة، والحق والباطل، والحلو والحامض، لعلكم تذكرون أي فتعلمون أن خالق الأزواج فرد لا نظير له ولا شريك معه" أ. ه.

وقد جاءت الإشارة القرآنية إلى عدم التساوي بين الذكر والأنثى. قال سبحانه في سياق الحديث عن امرأة عمران ﴿ وليس الذكر كالأنثى ﴾ [آل عمران: 36].

يقول الشيخ "محمد الطاهر بن عاشور" عند تفسير الآية " ونفي المشابهة بين الذكر والأنثى يقصد به معنى التفصيل في مثل هذا المقام وذلك في قول العرب: ليس سواء كذا وكذا، وليس كذا وكذا مثل كذا، ولا هو مثل كذا كقوله تعالى: ﴿ قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ﴾…

وقول "السموءل":


فليس سواء عالم وجهول

التحرير والتنوير: 3 / 234".

ولعل في هذه التوطئة ما يثير الفرضيات التالية مما له صلة بموضوعنا:

1- أن لكل من الرجل والمرأة خصائص.
2- ثم لكل عمله اللائق به.
3- أن العلم وهو شرط العمل، يشرع منه ما هو نافع ومفيد للإنسان في حياته العملية (العاجلة)، وحياته الأخروية.

وقبل الاستدلال لتلكم الفرضيات لعله يكون من المستحسن عرض بعض المسلمات كمدخل إلى لب القضية.

وأظن أن من المسلمات هنا: أن المجتمع المسلم ينهض على مقومات شديدة الرسوخ، لا غنى للمجتمع عنها وهي مقومات ذات أنواع، ونشير هنا إلى ما له صلة بالموضوع في مجالي الاجتماع والتعليم على وجه الإيجاز.

أولاً: المقومات الاجتماعية:

تقوم فلسفة الاجتماع على عدد من القضايا المهمة وفي مقدمتها:

1- الفطرة في كل متعلقاتها (القلبية، والنفسية، والعقلية، والجسمية). ﴿ فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ﴾ [الروم: 30].

ولا بد من إتاحة الفرص المناسبة لكل من الجنسين في ضوء هذه الفطرة.

2- الكرامة الإنسانية الشاملة للجنسين. ﴿ ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ﴾ [الإسراء:70].
3- المساواة بين الجنسين في المسؤولية والجزاء.

4- القيم الخلقية (كالعفة، والحياء، والنصح، والأخوة، والتعاون).

ثانياً: المقومات الثقافية (العلمية):

1- العلم النافع ﴿ وقل رب زدني علماً ﴾ [طه:114]. وفي الحديث: ((اللهم إني أسألك علماً نافعاً)).

2- التربية الشاملة.

3- مراعاة الفروق الجسمية، والعقلية والنفسية، لكل من الجنسين.

ولا أعتقد أنه يوجد اختلاف على أهمية تلك المقومات، فليعذرني القارئ الكريم إذا اكتفيت بتلك الإشارات، نظراً لضيق المساحة.

ولكي تتحقق المقومات هذه فإنه لا بد أن تكون الوسائل والآليات نحو تحقيقها متناسبة معها إذ "الوسائل لها أحكام الغايات" كما يقول علماء أصول الفقه.

فإذا ما أردنا السعي نحو تكوين مجتمع فاضل قائم على تلك الأسس وأشباهها، فهل يمكننا تحقيق ذلك عن طريق الوسائل العبثية كالخرافة مثلاً أو مصادمة الفطرة والحس، أو تجاهل الغرائز الإنسانية؟

أو هل يمكننا ذلك عن طريق التغريب أو التقليد للأجنبي؟ أو بتجاهل الحقائق الشرعية والعرفية؟

والجواب معروف لدينا ولدى العقلاء، إنه لا يمكن ذلك، إذا تقرر ذلك فلنعد إلى الفرضيات السابقة:
1- أن لكل من الرجل والمرأة خصائصه.
2- ولكل عمله اللائق به أو اختصاصه.
3- إن العلم المشروع هو النافع الذي يستفيد منه الإنسان في حياته.

الفرضية الأولى:

 

اختصاص كل من الرجل والمرأة بخصائص، ولهذه الدعوى من الشواهد والبراهين الشرعية والطبية والنفسية ما يؤكد صحتها.

أما في الشرع فعلى رغم أن الخطاب التكليفي يأتي عامًا وشاملاً للذكور والإناث في معظم النصوص، إلا أنه توجد أحكام خاصة بالمرأة في مجالات متعددة في الطهارة والصلاة والصيام والحج والميراث، والشهادة والنكاح وغيرها.

ومن أراد التفصيلات فليراجع كتب الفقهاء. وقد ألف بعضهم "كالسيد صديق حسن خان" كتاباً خاصاً بالنساء أسماه: "حسن الأسوة بما ثبت عن الله ورسوله في النسوة". وكثير مما ذكره صاحب هذا الكتاب هو من خصائص المرأة.

وأما الطب فقد أكد كثير من أطباء التشريح القديم والحديث أن للمرأة خصائص لا يشاركها فيها الرجل، ومثلهم علماء الأحياء إذْ أثبتوا ببحوثهم أن المرأة تختلف عن الرجل في كل شيء من الصورة والسمت والأعضاء الخارجية الى ذرات الجسم والجواهر (الهيولينية).

هؤلاء، فضلاً عن علماء النفس الذين يؤكدون تميز المرأة بكثير من الانفعالات والعواطف، كالتأثر بالإيحاء وسرعة الاستجابة للدوافع، والاعتماد على الرجل.

(وللمزيد من الاستفادة يراجع كتاب: من إعجاز القرآن وليس الذكر كالأنثى. للأستاذ محمد الخشت، وكتاب الحجاب للمودودي).

الفرضية الثانية:

لكل من الجنسين عمله اللائق به وهذه الفرضية تنسجم مع الفرضية السابقة، فما دام لكلّ منهما خصائصه، فإنه يكون من الطبيعي أن لكل منهما اختصاصه. نعم يشتركان في كثير من شؤون الحياة، لكن لكل منهما اختصاصات، بحيث يكمل أحدهما الآخر.

ولعل ذلك مما تشير إليه النصوص الآتية: كقوله تعالى: ﴿ ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة ﴾ [البقرة: 228]. وقوله: ﴿ الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ﴾ [النساء: 34]. وقوله صلى الله عليه وسلم: ((كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهله وهو مسؤول، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة)) رواه البخاري في صحيحه كتاب النكاح الباب 81 .

 

الفرضية الثالثة:

أن العلم المشروع هو ما يفيد الإنسان الذكر و الأنثى في حياته العاجلة والآجلة "وكل علم لا يفيد عملاً فليس في الشرع ما يدل على استحسانه" الموافقات للشاطبي: 1/61".

فكثير من العلوم، أو التخصصات العلمية لا تفيد المرأة شيئاً كعلوم الفلسفة والفنون، وقد لا تكون لائقة بها كبعض التخصصات الإعلامية والسياسية، والرياضية، وربما لا تطيقها كالعلوم الصناعية، والمهنية الثقيلة، والعسكرية.

أما ما يتناسب مع أنوثتها وشخصيتها من العلوم فهو جائز وقد يكون مطلوباً بحسب حاجتها أو حاجة المجتمع إليه.
وهذا ما شددت عليه سياسة التعليم في المملكة، فقد جاء في الفقرة التاسعة "تقرير حق الفتاة في التعليم بما يلائم فطرتها ويعدها لمهمتها في الحياة على أن يتم ذلك بحشمة ووقار، وفي ضوء شريعة الإسلام، فإن ((النساء شقائق الرجال)).

آليات التعليم:
إذا تقررت تلك الفرضيات وما استندت إليه من المقومات والتأسيسات المتقدمة فإنه يكون قد حان السؤال التالي: كيف يمكن ترجمة تلك الفرضيات ومقوماتها إلى واقع عملي؟
وبصيغة أخرى: ما آليات تطبيق تلك الفرضيات ومقوماتها؟

والحق أنه سؤال عريض ومسطح يتعذر علينا في هذه العجالة ضبطه وتحديده، لكنني سأجتهد في تحديد مرادي منه محاولة في الوصول إلى شيء من النتائج المفيدة، فلعله يكون من المفيد وضع محاور للانطلاق، تساعد على ترتيب الأفكار.

وأظن أن أهم محاور العملية التعليمية:
أ- الطالب.
ب- المعلم.
ج- المدرسة.
د- المنهج.
ه- الإدارة والإشراف.

• أما فيما يتعلق بالطالب والمعلم فإن أهم آلية يجب اتخاذها- وفقاً للمقومات السابقة- الفصل بين الذكور والإناث، سواء بين الطلاب والطالبات، أو بين المعلمين والمعلمات، أو بين المعلمين والطالبات، أو بين المعلمات والطلاب في كل المراحل التعليمية.

وهذه قضية واضحة لا نزاع عليها في هذا البلد الكريم، لارتكازها على النصوص الشرعية الواضحة، ولذا فلن أتوقف عندها طويلاً، وأكتفي بإيراد هذا النص من سياسة التعليم، ففي الفقرة الخامسة والخمسين بعد المائة جاء ما يأتي: "يمنع الاختلاط بين البنين والبنات في جميع مراحل التعليم، إلا دور الحضانة ورياض الأطفال".
وقد أثبتت هذه التجربة نجاحاً منقطع النظير.

• وأما فيما يتعلق بالمدرسة، فإن مقتضى المقومات السابقة أيضاً أن يكون لكل من الجنسين مدارس خاصة بهم، لا تسمح بالاختلاط مطلقاً، سواء في أوقات الدراسة، أو في أوقات الفسح أو بعد الخروج من المدرسة. وهذه آلية مكملة للآلية السابقة، ولا نزاع عليها بحمد الله، وواقع التعليم- بفرعيه الذكوري والإناثي، خير شاهد.

• وأما ما يتعلق بالمنهج - وهو محور أساس في العملية التعليمية - فإن ما تقرر من مقومات ومن فرضيات صحيحة يقتضي أن لكل من الجنسين منهجاً مميزاً يراعي خصائص كل منهما وقدراته واستعداداته الفطرية (ينظر: قولي في المرأة للشيخ مصطفى صبري ص 81).

وبنظرة سريعة على واقع مناهج التعليم عندنا تظهر الفروقات الكثيرة بين مناهج الذكور ومناهج الإناث، وهذا من باب اختلاف التنوع، لا اختلاف التضاد.

فإن قال قائل: إن الخطاب الشرعي (قرآناً وسنة) جاء عاماً وشاملاً للرجل والمرأة.
فنقول: هذا قول صحيح، لكنه ليس على إطلاقه، بل ثمة نصوص ثم أحكام كثيرة تخص جنساً دون جنس. وهذا معروف لدى الفقهاء والأصوليين.
ولعل فيما تقدم في الفرضية الأولى ما يغني عن التكرار.

الأمر الذي يؤكد اختلاف منهج البنين عن البنات، في جملة المواد، ولا سيما مواد التربية الإسلامية. وكذلك التخصصات إذْ ليست كلها لائقة بالمرأة، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك.

• وأما فيما يتعلق بالإدارة والإشراف العام على التعليم، فهذه المسألة هي بيت القصيد.
فهل من المناسب أن يكون لتعليم البنين إدارة مستقلة، وإشراف مستقل؟ أو أنه يمكن وضع إدارة واحدة "رجالية" تديرهما؟

لقد كان تعليم البنات منفصلاً في إدارته عن تعليم البنين منذ إنشائه قبل أكثر من أربعين عاماً حتى صدر الأمر بالدمج مؤخراً.

وهذا الإجراء يستدعي طرح التساؤلات التالية:
(1) هل الفصل بين الإدارتين (الرئاسة والوزارة)كان من منطلق شرعي أم من منطلق عرفي؟ وإذا كان الأول فما مستنده الشرعي؟
(2) ما مبررات الدمج؟
(3) هل كان الفصل بينهما يمثل حرجاً معنوياً على المجتمع والدولة؟ أو حرجاً (عبئاً) مادياً؟
(4) ما الآثار السلبية المتوقعة من الدمج؟

ولنأخذ هذه التساؤلات متسلسلة:
التساؤل الأول: هل كان الفصل بين الإدارتين من منطلق شرعي أو من منطلق عرفي؟
والحق أنه سؤال في غاية الوجاهة.. فإذا تقرر لدينا عدم جواز الاختلاط بكل صوره وتقرر وجود التميز في تعليم المرأة في كثير من أشكاله ومضامينه، حسبما مر معنا، فهل يمكن بعد هذا أن يقال مثل ذلك في الإدارة والإشراف؟

إن الحديث عن الإدارة والإشراف على تعليم البنات له جانبان:
الأول: من حيث التأنيث والتذكير.
الثاني: من حيث الاستقلال.

فمن جهة التأنيث أو التذكير، فالأمر فيه سعة من وجهة نظري، فمن الممكن أن يقوم عليها الرجال، كما يمكن أن يقوم عليها النساء، فمسألة تأنيث الجهاز الإداري لتعليم البنات أمر اعتباري ينظر فيه إلى مصلحة التعليم، إذا ما استثنينا قمة الهرم الإداري، التي تتطلب مواصفات القاضي، والوزير.

ومن جهة الاستقلال فإنها مسألة فيها نظر، فهل يمكن اعتبارها قضية شرعية أو عرفية؟

الحق أنها قضية شرعية وعرفية في آن واحد، أما من حيث الشرع:
أ- فقد بان لنا أن تعليم المرأة قد امتاز عن تعليم الرجل بميزات واختص بخصائص، فرضت عليهما الانفصال دون الاختلاط، الأمر الذي يؤكد أن لكل منهما استقلاليته الواضحة، ودمجهما يلغي هذه الاستقلالية.

ب- وهو (الاستقلال) شرعي بالنظر إلى المقاصد الشرعية، "وقد ثبت بالاستقراء وتتبع الأحكام المختلفة في الشريعة أن القصد الأصلي لها هو تحقيق مصالح العباد وحفظ هذه المصالح ودفع الضرر عنهم، على أن هذه المصالح ليست هي ما يراه الإنسان مصلحة له ونفعاً حسب هواه، وإنما المصلحة ما كانت مصلحة في ميزان الشرع لا في ميزان الأهواء والشهوات " الوجيز في أصول الفقه للدكتور عبد الكريم زيدان ص 378".

ومعروف أن المصالح تشمل: الدين والدنيا.

ووجه كون الاستقلال فيه مصلحة ظاهرة:
1- أنه يعبر عن سمْت المجتمع القائم على الفضيلة، وعن سمْت الدولة المسلمة (رعاها الله).
2- وهو يمنح تعليم البنات شخصية اعتبارية ذات قوة لا تتوافر مع الدمج.
3- وهو يضفي على هذا التعليم صبغة إسلامية تبرزه أمام العالم، وبخاصة العالم الإسلامي، الذي يتطلع إلى وجود نماذج تحتذى يستفيد منها. والدمج يفوت تلك المقاصد أو المصالح.
4- ولأن "النظر في مآلات الأشياء معتبر شرعًا"، فإذا كان الشيء يؤول إلى مصلحة كان مطلوبًا شرعًا كتعليم الفتاة بشكل عام.

وإذا كان يؤول إلى مفسدة- تحقيقًا أو غلبة ظن- فيكون ممنوعاً، مثل تجاور مدارس البنين والبنات، فإنه يترتب عليه الاختلاط من بعض الوجوه مما لا تدعو إليه الحاجة.

ومثل اختلاط الطلاب والطالبات في المراحل (السنوات) الأولى الابتدائية ؛ فإنه وسيلة إلى الاختلاط في بقية المراحل التالية، فيكون ذلك وأشباهه ممنوعًا من باب سد الذرائع، (ومعناه حسم مادة وسائل الفساد دفعا لها، فمتى كان الفعل السالم عن المفسدة وسيلة للمفسدة منع من ذلك الفعل في كثير من الصور) الفروق للقرافي: الفرق الثامن والخمسون.

وقضية دمج إدارة تعليم البنات بإدارة تعليم البنين، ربما يؤول إلى ما هو أشد خطورة، فربما قال قائل بعد فترة: ما دامت الإدارة واحدة فلماذا لا تتحد المناهج، ولماذا لا يخلط الطلاب والطالبات، ولماذا ولماذا؟؟ ومن هنا كان المؤسسون لتعليم البنات- وفي مقدمتهم الملك فيصل والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمهما الله- على وعي بهذه الأمور، ولذلك اتخذت التدابير الاحترازية السليمة.

ذلك من حيث الشرع، أما من حيث العرف والعادة فإن الفصل بين الإدارتين ملائم ذلك تمامًا، "والعوائد الجارية ضرورية الاعتبار شرعًا" كما يقول الشاطبي (الموافقات: 2/286).

وتقاليد هذا البلد كثير منها عربي أصيل، قد توارثته الأجيال، وهي لا تقبل الاختلاط بين الجنسين مطلقًا.

التساؤل الثاني: ما مبررات الدمج؟
الحقيقة أنني لم أجد مبررات رسمية يعتمد عليها، وإنما هي وجهات نظر تعبر عن أصحابها وردت في بعض الصحف، وربما يكون من أبرزها:
1- تصحيح الأخطاء الإدارية المنسوبة إلى رئاسة تعليم البنات.

2- نزع ما يسمى "بالعباءة الدينية" التي تتوشح بها الرئاسة.
3- ترشيد الإنفاق.
4- تحاشي الازدواجية المتمثلة بوجود جهازين مسؤولين عن التعليم العام في بلد واحد.

ويمكن مناقشة هذه المبررات بالآتي:
• أما من حيث تصحيح الأخطاء الإدارية المنسوبة للرئاسة فمعروف أن كل مؤسسة أو جهاز عامل لابد أن يعتريه الخطأ، ولكن بنسب متفاوتة.

فهل يقال: أي مؤسسة أو جهاز يخطئ فيجب إلغاؤه أو دمجه مع مؤسسة أخرى، إذن فيجب إلغاء جميع المؤسسات الاجتماعية لأنها تخطئ لا محالة.

أما العلاج الصحيح فهو محاسبة المخطئ ومجازاته بقدر خطئه وبهذا وحده تستقيم الحياة.

• وأما من حيث نزع "العباءة الدينية" عن الرئاسة فهذا بقدر ما يحمل من تهويل للأمر، فإنه يعاكس التيار الاجتماعي، إذ المجتمع متدين بطبعه في الجملة، وهو إذ يعتز بذلك يرى أنه خيار لا بديل عنه، ولذلك أصبحت الدولة بكل أجهزتها دولة مسلمة وقد جاء نظام الحكم ليؤكد هذه الحقيقة.

وحسبنا ما جاء في المادة الأولى: ((المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة، دينها الإسلام ودستورها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولغتها هي اللغة العربية)) ا. ه.

ثم جاءت المادة السابعة لمزيد التوكيد ((يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله وسنة رسوله، وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة)) ا. ه.

أليس ذلك يضفي الصبغة الشرعية أو الدينية على كل أجهزة الدولة ومؤسساتها؟
أو لسنا جميعاً- أفرادًا ومؤسسات- نرفض العلمانية- فصل الدين عن الحياة- ونعتز بديننا وعروبتنا؟.

إنه ما دام الأمر كذلك فلماذا نتجاهل هذه الحقائق ونتنكر لها؟؟

• وأما من حيث ترشيد الإنفاق، فلا أدري كيف يحقق الدمج هذا المطلب، أهو بدمج الطلاب والطالبات معاً؟ أم بالاستغناء عن بعض المعلمين أو المعلمات؟ أم بالاستغناء عن موظفي جهاز الرئاسة؟ وعلى أي احتمال كان فإنه لن يحقق شيئا يذكر بقدر ما ينتج من سلبيات البطالة والفوضوية.

وإذا قيل بأن الترشيد يتحقق في الإنفاق على الكتب الدراسية بحيث إذا دمجت قلَّت التكلفة المادية فهذا غير واقع ؛ لأن كل طالب وطالبة بحاجة إلى كتاب في كل مقرر، سواء كانت متفقة أو مختلفة. على أن حجم الإنفاق على التعليم في أي دولة يعكس مدى اهتمامها فيه.
(ينظر: النساء المسلمات والتعليم العالي للأستاذ أنيس أحمد ص 83. إصدار مكتب التربية العربي لدول الخليج).

• وأما من حيث تحاشي الازدواجية، فإنها مسألة محل نظر؛ فإن الازدواجية المذمومة- فيما أعتقد- وجود شيئين أو أكثر يضاد أحدهما الآخر أو يعوقه. فأما إذا كانا يسيران في خطين متوازيين نحو هدف مشترك فهذا تنافس محمود، وليس ازدواجية، كما هو ملحوظ في واقع كثير من المؤسسات، كالجامعات والمستشفيات وغيرها، في كل دول العالم.

التساؤل الثالث: هل كان الفصل بين إدارة تعليم البنين (وزارة المعارف) وإدارة تعليم البنات (الرئاسة) يشكل حرجًا على المجتمع أو الدولة؟
فقد يقال: إنّ الجواب عند من يهمه الأمر، وبقدر ما يحمل هذا الجواب المختزل من واقعية، إلا أنني أرى أنه لا مانع من إبداء الرأي فليسمح لي القارئ بذلك.

إن ما كنت ألحظه أن أسلوب تعليم المرأة كان مثار إعجاب الكثير من العقلاء، بل إن منهم- وبخاصة من نساء الغرب-من كان ولا يزال ينادي بالتعليم غير المختلط، بل بالوضع العام للمرأة في الإسلام، ولولا ضيق المقام لذكرت شيئًا من ذلك. ولمن يريد التأكد من ذلك يمكنه مراجعة:
- المرأة بين الفقه والقانون للدكتور مصطفى السباعي ص 157 فما بعدها.
- يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة. "جيمس باترسون" وآخر.

ثم لو نظرنا إلى المسألة من وجه آخر، لظهرت لنا حقيقة أكبر هي أن من جهل شيئا أو أنكره عاداه وحاربه، وهذا هو واقعنا مع الغرب ومقلّديه، فإنهم ما زالوا ينقمون منا التزامنا بديننا وتطبيقنا له، سواء في أمور الاعتقاد، أو العبادة والسلوك، أو المعاملات أو الحدود وغيرها. فهل نصيخ لهم ونستجيب؟

﴿ يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين بل الله مولاكم وهو خير الناصرين ﴾ [آل عمران: 149- 150] هذا إذا كان الحرج معنوياً، أما إن كان ماديًا فسبق الجواب عنه في التساؤل الثاني.

التساؤل الرابع والأخير: ما الآثار السلبية المتوقعة من الدمج؟
وهو سؤال مهم، وقد تختلف وجهات الناس في اعتبار الشيء ضاراً أو نافعاً، إذا ما كانت المعايير خاضعة للمزاج وأهواء النفس، أو قائمة على التفكير المجرد عن معايير الشرع.

فلنحاول وضع الأصابع على أماكن الألم، كالطبيب في حرصه ورفقه، متجاوزين الأمراض المتوهمة إلى الأمراض الحقيقية أو الظاهرة.

أزعم أن من الآثار السلبية ما يأتي:
1- أن مثل هذا الإجراء يطبع في أذهان كثير من الناس أن الثوابت يمكن تحويلها إلى متغيرات، وأنها إذا كانت ثابتة بالأمس فيمكن اعتبارها متغيرة اليوم.
مما يوحي بالتعلق بنظرية (نسبية القيم والأخلاق) مع أنها نظرية تحمل الفساد في نفسها.

2- والدمج يعطي انطباعاً عاماً بأن المرأة لا تستطيع الاستقلال بنفسها وإدارة شؤونها، بل لابد من سيطرة الرجل عليها.

3- والدمج يصهر إبداعات المرأة في إبداعات الرجل، مهما يحاول المحامون عن المرأة إبراز أعمالها وآثارها، والتشدق بعبقريتها، بل ستبقى ظلاً للرجل شاءت أم أبت.
بخلاف ما إذا كانت تعمل في محيط جنسها فإنها تبدع وتكتسب مهارات مختلفة.

4- ثم أليس هذا الإجراء يتضمن تراجعاً وتنازلاً عن تجربة نادرة في هذا العصر، أثبتت نجاحها وآتت ثمارها؟
كما أنها تطبع في أذهان الكثيرين- من مواطنين وغير مواطنين، ومن مسلمين وغير مسلمين- بأن تجربة استقلال إدارة تعليم البنات قد أثبتت فشلها.

وقد تتسع دائرة هذا الانطباع أو التصور فيقوم الشك لدى أولئك في صحة مبدأ الفصل بين الطلاب والطالبات، وأنها تجربة قد تفشل في يوم ما، وبالتالي لا يبقى لدى الناس ثقة بصحة تجاربنا.

5- وربما اعتقد بعضهم بنظرية (التغير الحتمي) التي تقول بأن التغير آت لا محالة سواء في أمور الاجتماع أو السياسة أو الثقافة أو غيرها، وأن هذا التغير ذو طابع مدني، يتخفف من أعباء الدين وتكاليفه شيئاً فشيئاً حتى لا يبقى منه إلا مجرد المعرفة، والزمن كفيل بتطوير الناس وإن أبوا كما يقولون؛ فاللهم غفرانك.

خاتمه:
وبعد.. فقد يتصور البعض بأن مسألة (توحيد إدارتي تعليم البنين والبنات) عادية أو صغيرة لا تستحق هذا الجهد أو الركض، ولكنني أرى أن لها أهمية فوق ما يتصور أولئك ؛ لأن لها من الذيول والتبعات ما لا نهاية له، وأخشى أن تكون نهاياتها تكرار تجارب غيرنا المأساوية التي انتهت إلى الإباحية والفوضوية، والسعيد من وعظ بغيره.

وأخيراً فهذه رؤى استمددتها من نصوص شرعية ومقاصد وقواعد عامة، تقبل التقويم والمناقشة،، والله ولي التوفيق.

 

تاريخ نشر المادة في مصدره: الأحد 1 صفر 1423 هـ الموافق 14 إبريل 2002.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإحسان إلى البنات

مختارات من الشبكة

  • قراءة موجزة حول كتاب: قراءة القراءة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ملخص بحث: خصوصية تعليم المرأة رؤية تأصيلية شرعية لتحديات تعليم المرأة بين الواقع والمأمول(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • أنماط التعليم الشرعي في العصر الرقمي: دراسة مقارنة بين التعليم المباشر والإلكتروني والهجين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • استراتيجية التعليم التعاوني ودورها في تعليم اللغة الثانية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أثر مفهوم التعليم المبرمج عند سكينر في تطوير مواقع تعليم اللغة العربية(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • دراسة مقارنة لأثر بعض أساليب تعليم الرياضيات على التحصيل بالصف السابع من التعليم الأساسي (PDF)(كتاب - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • التغير في المفاهيم التربوية: التعليم مدى الحياة أم التعليم من أجل المساهمة في وظيفية الحياة؟!(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الهند: وزير التعليم يرفض تعليم أطفال المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الهند: جمعية التعليم الإسلامي تنظر في تغيير المنهج التعليمي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مخطوطة شرح تعليم المتعلم طريق التعليم للزرنوجي (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- الاستئذان من صاحب الموضوع
لطيفة إبراهيم الدليهان - السعودية 08-09-2013 06:43 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدي الفاضل
كل ماكتبه في هذا المقال الرائع قبل عقد من الزمن
أراه الأن قد تحقق
فأنا أحدى الموظفات في تلك الإدارات التي طبقت الدمج
لذا فكرت أن أستعين بمقالك في مذكرة اعتراض سيتم نشرها ورفعها لديوان المظالم
فهل يسمح لي بالاستفادة منه
ولك جزيل الشكر ،،،،

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب