• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع / في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
علامة باركود

وليعفوا وليصفحوا ( خطبة )

د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/3/2014 ميلادي - 15/5/1435 هجري

الزيارات: 41069

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وليعفوا وليصفحوا


الخطبة الأولى

الحمد لله العفو الغفور، الحليم الشكور، جاعل الظلمة والنور، ومقلب الليالي والدهور. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا نظير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم النشور.

 

أما بعد، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ.... ﴾ [البقرة: 278].

 

أيها المؤمنون:

ابتلاء الخلق ببعضٍ سنةٌ ربانية، تكشف عن عزائم الصبر في صور الابتلاء المختلفة وفق قول الله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ﴾ [الفرقان: 20]. وقد تميّز صبر أهل الإيمان بالسمو والقوة والاطراد وملازمة الهدي الرباني، وإن شقَّ رَهَق البلاء ووطأته. هذا، وإن من شديد ابتلاء النفس وشقّه عليها تعرضَها لإساءة الآخرين وظلمهم. ومع ذا، فإن الإسلام قد رسم طريق السمو في تخطي هذا البلاء الشاق، وتجييره منحةً ينعم صاحبها ببرها وذخرها في الدنيا والآخرة. ذاكم هو سبيل العفو والصفح الذي أمر الله تعالى به في قوله: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ﴾ [النور: 22]؛ تجاوزاً عن إساءة الناس، وتركاً لمعاقبتهم.

 

أيها المسلمون:

إن للعفو مقاماً سامياً عند الله سبحانه، وعند العافي نفسه، وعند الناس. أما عند الله؛ فالعَفُوّ من أسمائه، والعَفْو من جليل صفاته، ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾ [النساء: 43]. وقد تكفّل بأجر العافي؛ مما تقر به عينه، وتطيب نفسه، فقال: ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 40]، ويقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه: " بلغنا أن الله تعالى يأمر منادياً فينادي: من كان له عند الله شيء فليقم، فيقوم أهل العفو؛ فيكافئهم على ما كان من عفوهم " رواه ابن منيع. ومن تلك المكافأة أن يملأ الله قلب العافي رضى ورجاءً يوم القيامة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " من كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رجاءً وفي رواية: " أمناً وإيماناً " يوم القيامة " رواه الأصبهاني وحسنه الألباني. ومن تلك المكافأة غفران الذنوب، يقول الله تعالى: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [النور: 22]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: " كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ: تَجَاوَزُوا عَنْهُ؛ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا؛ فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ " رواه البخاري ومسلم. وتمام تلك المكافأة الإلهية دخول الجنة، يقول الله تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين ﴾ [آل عمران: 134]. وتخيير العافي من الحور من تلك المكافأة، يقول رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ، دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُؤوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ مَا شَاءَ» رواه أبو داود والترمذي وحسنه. وثلاث محاسن أخر يمنحها الله لأهل العفو، رويت من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثَةٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ آوَاهُ اللَّهُ فِي كَنَفِهِ، وَسَتَرَ عَلَيْهِ بِرَحْمَتِهِ، وَأَدْخَلَهُ فِي مَحَبَّتِهِ» قِيلَ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَنْ إِذَا أُعْطِي شُكَرَ، وَإِذَا قَدَرَ غَفَرَ، وَإِذَا غَضِبَ فَتَرَ» رواه الحاكم وصححه.

 

عباد الله:

وعفو العافي طريق لظفره بخصلة التقوى والإحسان؛ إذ العفو من أخص صفات أهلها، كما قال الله تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين ﴾، قال الحسن البصري: " أفضل أخلاق المؤمن العفو ". والعفو سبيل راحة البال وطيب العيش، قال الفضيل بن عياض: " إذا أتاك رجل يشكو رجلاً، فقل: يا أخي، اعفُ عنه؛ فإن العفو أقرب للتقوى، فإن قال: لا يحتمل قلبي العفو، ولكن أنتصر كما أمرني الله عز وجل، فقل: فإن كنت تحسن تنتصر مِثلاً بمثل، وإلا فارجع إلى باب العفو؛ فإنه باب أوسع؛ فإنه من عفا وأصلح فأجره على الله، وصاحب العفو ينام الليل على فراشه، وصاحب الانتصار يقلب الأمور ".

فإنَّكَ حِينَ تَبْلُغُهم أذاةً
وإنْ ظَلموا لَمحترِقُ الضَّميرِ

♦   ♦   ♦


لمّا عفوتُ ولم أحقد على أحدِ
أرحتُ نفسي من هم العداواتِ

 

والعفو سبيل لصفاء العقل ونجاح الرأي، وعقل المنتقم مكسوف بانتقامه، قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: وبعض انتقام المرء يزري بعقله:: وإن لم يقع إلا بأهل الجرائم.

 

أيها الإخوة في الله:

والعفو عند الناس جالب محبتهم، وكاسب قلوبهم، ومطيّب خواطرهم، يقول الله تعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159]. والعفو ضمانة عز وسؤدد، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ» رواه مسلم. ومن هنا بات العفو من أدق معايير المفاضلة بين الناس، قال قتادة: " أفضل الناس أعظمهم عند الناس عفواً، وأوسعهم له صدراً ". والعفو عن خطأ الكريم من أبلغ ما يؤدّب به، كما قال القائل: وما قتل الأحرارَ كالعفو عنهمُ.

 

أيها المؤمنون!

إنما يمدح العفو ويشرف إن وقع موقعه، وإلا فالذم أولى به. والعفو الممدوح ما ضوى ثلاثة أمور؛ أولها: ألا يكون فيما حرم فيه العفو، كالحدود إن بلغت السلطان؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد فقد وجب " رواه أبو داود وصححه الحاكم. والثاني: أن يكون في العفو مصلحة للمجتمع، ثم للمعفوِّ عنه؛ لقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 40]، وإن تُردد بين المصلحة والمفسدة فالعفو أولى. والثالث: القدرة على الانتقام؛ لقول الله سبحانه: ﴿ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ﴾ [الشورى: 37] مع قوله: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ﴾ [الشورى: 39]، يقول إبراهيم النخعي: " كان المؤمنون يكرهون أن يُستذلوا، وكانوا إذا قدروا عفوا ". وخير العفو ما عُجِّل، سيما مع اعتذار المخطىء، يقول الحسن بن علي: " لو أن رجلاً شتمني في أذني هذه، واعتذر في أذني هذه؛ لقبلت ". ويتأكد استحسان العفو عن زلل القريب والضعيف وذي الفضل ومن تَكْثر مخالطته، يقول الله تعالى: ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم ﴾، وجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَمْ نَعْفُو عَنِ الْخَادِمِ؟ فَصَمَتَ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ، فَصَمَتَ، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ، قَالَ: «اعْفُوا عَنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً» رواه أبو داود وصححه الألباني. سبعون عفواً في يوم واحد مع خادم! فكيف مع الولد والزوج والقريب؟!

 

أيها المسلمون:

ما أعظم حاجتنا لهذا الخلق النبيل مع الناس عامة، ومع القرابة خاصة! وإن العجب ليبلغ مبلغه حين ترى قطيعة بين أقارب ربما امتدت أعواماً وعقوداً لأجل لعاعة من الدنيا وعَرَضٍ زائل! أفلا يتقي اللهَ أولئك؟! ويثبون إلى رشدهم؟! ويطمحون في رفع صالحاتهم وتكفير ذنوبهم؟! ألم يسمعوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ وفي رواية: " تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّة "، فَيَغْفِرُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: ارْكُوا (أي: أخروا) هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا " رواه مسلم؟! ألا يرعبهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ» رواه أبو داود بإسناد على شرط البخاري ومسلم كما قال النووي؟! ألا يخيفهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه " رواه أبو داود وصححه النووي؟!

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

وبعد، فاعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله...

 

أيها المؤمنون:

مواقف العفو غاية في حسن الأثر والتأثير، ومن رائق أخبار روّادها ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه إذ يقول: " كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَذَبَهُ جَذْبَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَثَّرَتْ بِهِ حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَذْبَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ» رواه البخاري ومسلم. وقالت عائشة رضي الله عنها: «مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ، فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» رواه مسلم. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي؛ فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ» رواه البخاري. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " كلُ الناس مني في حِلٍّ ". وقالت عائشة رضي الله عنها: " هُزِمَ المُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ هَزِيمَةً تُعْرَفُ فِيهِمْ، فَصَرَخَ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ، أُخْرَاكُمْ، فَرَجَعَتْ أُولاَهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هِيَ وَأُخْرَاهُمْ، فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ بْنُ اليَمَانِ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ، فَقَالَ: أَبِي أَبِي! قَالَتْ: " فَوَاللَّهِ! مَا انْحَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ "، قَالَ عُرْوَةُ: فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْهَا بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ رواه البخاري. واشترى ابن مسعود رضي الله عنه طعاماً من السوق وبحث عن الدراهم وكانت في عمامته، فوجدها قد حُلّت، فقال: لقد جلست وإنها لمعي، فجعلوا يدعون على من أخذها، ويقولون: اللهم اقطع يد السارق الذي أخذها! اللهم افعل به كذا! فقال ابن مسعود: اللهم إن كان حمله على أخذها حاجة؛ فبارك له فيها! وإن كان حمله جرأةٌ على الذنب؛ فاجعله آخر ذنبه!. وسقى مولى عمرَ بنَ عبدالعزيز سمّاً لقتله، فلما علم دَعَاهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ! مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ سَقَيْتَنِي السُّمَّ؟ قَالَ: أَلْفُ دِيْنَارٍ أُعْطِيْتُهَا، وَعَلَى أَنْ أُعْتَقَ، قَالَ: هَاتِهَا، فَجَاءَ بِهَا، فَأَلْقَاهَا فِي بَيْتِ المَالِ، وَقَالَ: اذْهَبْ حَيْثُ لاَ يَرَاكَ أَحَدٌ. وكان لابن عون ناقة يغزو عليها ويحج، وكان بها معجباً، فأمر غلاماً يستقي عليها، فجاء وقد ضربها على وجهها فسالت عينها على خدها، فقال أصحابه: إن كان من ابن عون شيء فاليوم، فلم يلبث أن نزل، فلما نظر إلى الناقة قال للغلام: سبحان الله! أفلا غيرَ الوجه؟! بارك الله فيك! اخرج عني، اشهدوا أنه حرٌّ. وقال الإمام أحمد: " كُلُّ مَنْ ذَكَرنِي فَفِي حِلٍّ إِلاَّ مُبتدِعاً، وَقَدْ جَعَلتُ أَبَا إِسْحَاقَ يَعْنِي: المُعْتَصِمَ فِي حِلٍّ، وَرَأَيْتُ اللهَ يَقُوْلُ: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا، أَلاَ تُحِبُّوْنَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُم ﴾، وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ بِالعفوِ فِي قِصَّةِ مِسْطَحٍ، وَمَا ينفعُكَ أَنْ يُعَذِّبَ اللهُ أَخَاكَ المُسْلِمَ فِي سَبَبكَ؟!". وكَانَ بَيْنَ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ وَبَيْنَ ابْنِ عَمِّهِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ شَيْءٌ، فَمَا تَرَكَ حَسَنٌ شَيْئاً إِلاَّ قَالَهُ، وَعَلِيٌّ سَاكِتٌ، فَذَهَبَ حَسَنٌ، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ، أَتَاهُ عَلِيٌّ، فَخَرَجَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا ابْنَ عَمِّي، إِنْ كُنْتَ صَادِقاً، فَغَفَرَ اللهُ لِي! وَإِنْ كُنْتَ كَاذِباً، فَغَفَرَ اللهُ لَكَ! السَّلاَمُ عَلَيْكَ؛ فَالْتَزَمَهُ حَسَنٌ، وَبَكَى، حَتَّى رثي لَهُ.

 

فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
إن التشبه بالكرام فلاحُ




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وليعفوا وليصفحوا

مختارات من الشبكة

  • (وليعفوا وليصفحوا)(محاضرة - موقع أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله الحميضي)
  • تفسير: (ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة صلاة الكسوف(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم وزواجر من خطب البلغاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: عام مضى وعام أتى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف تكون خطبة الجمعة خطبة عظيمة ومؤثرة؟ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب