• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع
علامة باركود

لا هم يعلو فوق هم التربية (خطبة)

لا هم يعلو فوق هم التربية (خطبة)
د. خالد بن حسن المالكي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/2/2022 ميلادي - 4/7/1443 هجري

الزيارات: 12214

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لا هم يعلو فوق هم التربية[1]

 

الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 – 71].

 

أما بعد:

فيقول ابن حُميد - وفقه الله وسدده - [2]:

معاشر المسلمين؛ لا هم يعلو فوق هم التربية، ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74] التربية - حفظكم الله - ليست مشروع أُسرة، أو مشروع مدرسة، بل مشروعُ أمة.

 

الزراعة تنتج الغذاء، والصناعة تصنع الأدوات، والتجارة تجلب الموارد، أما التربية فتبني الإنسان، وتصنع ذلك كله بعون الله تعالى وتوفيقه.

 

التربية علمٌ يُتعلم، وعملٌ يكتسب، والتزامٌ يطبق.

 

التربية تنمي القدرات، وتطور الملكات، ومن شب على شيء شاب عليه.

 

معاشر الأخوة؛ هذه هي التربية في مكانتها وأثرها، أما مَحلُّها وميدانُها فهم أولادنا.

 

أولادنا قرة العين، وسَلوة الفؤاد، وزينة الحياة، وأُنس العيش، وثمار القلوب، وعِمادُ الظهور، بناة الغد ورجاله، ومفكروه وسواعده، ومستودع أمانات الوالدين والمعلمين والمربين.

 

الله الله فيهم.

 

فما أعظم المسؤولية، وما أكبر المهمة!

 

أيها الآباء؛ هَمُّ التربية فوق كل همٍّ.

 

لا يعصم من الذنوب سوى مراقبة علام الغيوب.

 

اغرسوا فيهم عقيدة التوحيد تَثبتُ بها قلوبهم، وتسكنُ إليها نفوسهم، وتنشرحُ بها صدورهم، وتلهجُ بها ألسنتهم، وتقومُ عليها أعمالهم، ربوهم على تقوى الله، وخشيته، ومراقبته حتى لا يرجو الولد إلا ربه، ولا يخاف إلا ذنبه.

 

يتعلقون بالله عز وجل، ويتوكلون عليه، ويتمسكون بكتابه، ويلتزمون بسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ويستعينون بالصبر والصلاة، ويذكرون الله كثيرًا.

 

قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153].

 

وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 41 – 43].

 

معاشر المربين والآباء؛ اجعلوا طاعة الله لهم دثارًا، والخوف منه شعارًا، والإخلاص له زادًا، والصدق جُنَّةً، ومن استحيا من الله بلّغه عالي المقامات، ورفيع المنازل.

 

علموهم أن الله سبحانه قد حكم ألَّا يُطيعَه أحد إلا أعزه، ولا يَعصِيَه أحد إلا أذله؛ العزُّ مربوطٌ بطاعةِ الله، والذُلُّ مربوطٌ بمعصيةِ الله.

 

معاشر المربين؛ في سورة الإسراء، وفي سورة النور، وفي سورة الفرقان، وفي سورة لقمان من الوصايا التربوية، والآداب السلوكية ما يجسد عناية هذا الدين بأصول التربية، ووسائلها، وطرائقها:

قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا كُلُّ ذَٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ذَٰلِكَ مِمَّا أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ ۗ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتُلْقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا ﴾ [الإسراء: 36 – 39].

 

وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ ۖ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ۖ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ * قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 27 – 31].

 

وقال تعالى: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63].

 

وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ۚ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ [لقمان: 12 – 19].

 

أيها الآباء.. أيها المعلمون؛ حببوا إليهم القراءة وطلب العلم، فالعلم سَلوةُ العيش، ودليل الحيرة، وأنيس الوحشة، وخير ما يُعلمون كتاب الله تلاوةً وحفظًا واستماعًا، في البيت وفي المدرسة، وفي سائر المرافق والأحوال، وبقدر ما يقرأ الولد من كتاب الله تعالى - تزداد طمأنينته وتحصل سعادته. قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ﴾ [الرعد: 27 – 29].

 

أيها المربون؛ أقيموا ألسنتهم بلغة القرآن حتى تُحفظَ لغتهم ويحلوَ بيانهم.

 

معاشر الأحبة.. معاشر الأحبة.. ليس أعظم ضعفًا ولا أشد هُزالًا من أن تتكلمَ الناشئة بغير لُغتها، وتؤرخَ بغير تاريخها، وتُفاخرَ بغير إنتاجها، وتحتفلَ بغير أعيادها.

 

علموهم أن يغتنموا تعليمَ العالِم، ويستمعوا إلى نصح المشفق، ويأخذوا بإرشاد الحكيم، ويقتدوا ببذل الكريم.

 

أيها الآباء الفضلاء.. أيها المعلمون النبلاء؛ ربوهم على الفضيلة ومكارم الأخلاق، فبالفضائل تدفع الرذائل، فجمال العقل بالفكر، وجمال اللسان بالصمت، وجمال الكلام بالصدق، وجمال الحال بالاستقامة، والقعود عن الفضائل بئس الرفيق.

 

نفعني الله وإياكم بهديِ الكتاب والسنة.

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا أيها المسلمون؛ تربية الأولاد إحسانٌ وطاعةٌ وأجرٌ، ألا فاتقوا الله رحمكم الله، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: « كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ». قَالَ: فَسَمِعْتُ هَؤُلَاءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ».

 

وبعدُ حفظكم الله؛ فإن من علامة صحة التربية: قلةُ الخلاف، وَحُسْنُ الإنصاف، وتَركُ تطلبِ العثرات، والتماسُ الأعذار، واحتمالُ الأذى، ولينُ الكلام، وطلاقة الوجه.

 

والذي يجمع أساليب التربية ويحقق ثمرتها: التفاهمُ بين الوالدين، والانسجامُ والهدوءُ والاستقرارُ في البيت - في محبةٍ ورفقٍ وتشجيعٍ، وثقةٍ وتغاضٍ وتسامحٍ - فينتج بإذن الله أبناءٌ صالحون صحتْ عقائدهم، وحَسُنَ سلوكهم، عناصرُ بناءٍ وإيجابيةٍ في توازنٍ وانضباطٍ واعتدالٍ.

 

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].

 

معاشر الإخوة؛ إن من أعظم وسائل التربية وأنجحها: التربية بالقدوة، الأبناء بحاجة إلى قُدوات صالحة تستثير الهمم، وتستنهض العزائم، جالسوهم.. صادقوهم.. تحدثوا إليهم.. فرغوا أنفسكم من أجلهم. إنكم إن لم تجدوا لهم عندكم وقتًا فلن تجدوا عندهم لكم مكانًا.

 

إعطاؤهم من وقتكم خير لهم من إعطائهم من مالكم، وأن تستثمروا فيهم خير من أن تستثمروا لهم. كونوا لهم قدوةً بحكمةِ العقل، وعفةِ اللسان، وصدقِ الحديث، وطهارةِ اليد، وحسنِ الخُلق.

 

يقول عَمْرُو بن عتبة - رحمه الله تعالى - مخاطبًا مُعلم ولدِه: "ليكنْ أولَ إصلاحِكَ لولدي إصلاحُك لنفسك؛ فإن عيونهم معقودة بعينك، فالحَسنُ عندهم ما صنعت، والقبيحُ عندهم ما تركت"، انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

 

كونوا لهم مستمعين يكونوا لكم بررة، أحبوهم، وشجعوهم، وبادلوهم المِزاح والمَرح.

 

معاشر الآباء والمربيين؛ احذروا أن تستحوذ على الأبناء والبنات أدواتُ التواصل، والمواقعُ الافتراضية، بُثّوا فيهمُ الوعي، فلا يُصدقوا كل صورة، ولا يستسلموا لكل تغريدة، ولا يقبلوا كل معلومة، ففي كثير منها مواقعُ الخلل ومواطنُ الزلل.

 

لا يجعلون أدوات التواصل مَحَطَّاتِ عبورٍ لشائعة، أو سبيلًا لغيبة، أو طريقًا لكَذْبَةٍ تبلغ الآفاق، فالأوزار مكتوبة، والآثام محسوبة بلمسة لم تكن في الحسبان، وجهوهم أن يجعلوا من هذه الأدوات نُقاط تفتيش تحجز الأذى، وتمنع الفحشاء.

 

معاشر المسلمين؛ ومن أعظم ما يستهدف في التربية إقامة بناء الشخصية المسلمة في الناشئة، والاعتزاز بالقيم الإسلامية، والبعد عن التقليد المميت، والحذر من الاندفاع وراء مهازيل المشاهير في ملبسٍ أو مطعمٍ أو سلوكٍ، قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [المنافقون: 8].

 

اغرسوا فيهم أن الباطل باطل ولو كثر أتباعه، والحق حقٌ ولو قل أتباعه.

 

راية الحق قائمة وإن لم يرفعها أحد، وراية الباطل ساقطةٌ - ولو رفعها كل أحد -، والحرام حرام ولو فعلهُ كل الناس.

 

المرء بآدابه - لا بثيابه، وبدينه وخلقه - لا بنسبه وقبيلته.

 

أيها المربون.. أيها المسؤولون؛ شجعوهم على الجد، وحفظِ الوقت، وشَغْلِ وقت الفراغ بما ينفع، وتحملِ المسؤولية، والاستخارة، والاستشارة، واتخاذِ القرار، قال تعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159].

 

ذكروهم أن من أكثر الرُّقاد لم يحقق المراد، ومن كثر نومه سبقهُ قومُه، وحبُّ الراحة يُورثُ الندمَ، ولا يُبْلَغُ الأملُ إلا بالجدِّ والعملِ. والهدايةُ طريقها المجاهدة: قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].

 

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، واجعلنا من المحسنين.

﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74].

 

اللهم أحينا على سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، وتوفنا على ملته، وأعذنا من مضلات الفتن.

﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].



[1] أُلقيت هذه الخطبة يوم الجمعة 27/ 5/ 1443هـ، بمسجد الإمام الذهبي بمدينة جدة، ويمكن مشاهدتها على الرابط التالي:

https://youtu.be/tjr_pWDTLTs

[2] ألقى الشيخ صالح بن حميد وفقه الله وسدده هذه الخطبة - التي أنقلها عنه بتصرف يسير - بالحرم المكي، يوم الجمعة 17 / 2 / 1443 هـ ، ويمكن مشاهدة خطبته على الرابط التالي:

https://youtu.be/kCpWTBJ2rG4





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التربية عن طريق السلوك العملي
  • التربية عن طريق القدوة الصالحة
  • التربية عن طريق التوجيه والإرشاد
  • التربية عن طريق اللعب المباح
  • التربية عن طريق جماعات الأصدقاء
  • منهج التربية الإسلامية في تنظيم الغريزة الجنسية
  • فن التربية بالتعريض
  • النموذج النبوي في التربية التعبدية للمرأة المسلمة
  • دور التربية الإيمانية في تنمية المسؤولية الأخلاقية
  • خصائص التربية الأخلاقية عند ابن كثير
  • بعض معالم التربية الدعوية في القرآن الكريم
  • التربية والتوفيق

مختارات من الشبكة

  • مؤتمر علمي عن التربية والتعليم بكلية التربية الإسلامية بجامعة بيهاتش(مقالة - المسلمون في العالم)
  • سؤال التربية بين الخطاب الرؤيوي والبديل السوسيوثقافي من خلال كتاب: إشكاليات التربية بالمغرب لمحمد أمزيان(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • إسبانيا: وزارة التربية والتعليم تعلن تدريس التربية الدينية الإسلامية العام المقبل(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مناهج التربية العقدية عند الإمام ابن تيمية "بحث تكميلي" لرسالة ماجستير التربية(رسالة علمية - آفاق الشريعة)
  • التربية الجمالية في الإسلام ومفهومها(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مقاصد الصيام (2) مقاصد التربية (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تربية أولادنا (8) التربية بالعقوبة وضوابطها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تربية أولادنا (6) التربية الخلقية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تربية أولادنا (5) التربية بالقصة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تربية أولادنا (4) التربية بالمواقف والأحداث (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب