• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات
علامة باركود

إتحاف الساجد بفضل عمار المساجد (خطبة)

إتحاف الساجد بفضل عمار المساجد (خطبة)
أبو زيد السيد عبد السلام رزق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/1/2019 ميلادي - 8/5/1440 هجري

الزيارات: 35603

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إتحاف الساجد بفضل عمار المساجد (خطبة)

 

أمَا بعد، أيها المؤمنون، المساجد بيوت الله جلا وعلا، فيها يذكر اسمه، ومنها يُنادى إلى طاعته وعبادته، وفيها تطمئن القلوب وترتفع الأرواح، وتسجد الجباه، وتترطب بالذكر الألسن، وتتراص الصفوف، وتتوحد وتتألف النفوس، لذا مدح الله عمَّارَها؛ قال الله تعالى: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [النور: 36، 38]، والمراد بالبيوت المساجد والزوايا المعدَّة لذكر الله والصلاة وتلاوة القرآن؛ كما قال ابن عباس ومجاهد، ولما كانت المساجد في الأرض بيوت الله، أضافها الله إلى نفسه تشريفًا لها، وسمى الله تعالى عمار المساجد رجالًا، لكن ما حال هؤلاء الرجال؟ المساجد مأواهم والله جل جلاله معبودهم ومولاهم، كيف تلهيهم تجارة أو بيع عن ذكر الله، وتجارتهم مع الله رابحة؛ قال مالك بن دينار: بلغنا أن الله عز وجل يقول: «إني أهم بعذاب خلقي، فأنظر إلى جلساء القرآن وعمار المساجد، وولدان الإسلام، فيسكن غضبي»[1]، رجال يخطون السير إلى بيوت الرحمن؛ ليتطهروا من كل إثم وبهتان، ويطلبوا رضا ذي الجلال والإكرام؛ قال الله تعالى: ﴿ لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ﴾ [التوبة: 108]، ومن هنا نعرف أن النور الذي ذكره الله عز وجل في سورة النور، هو النور الذي اهتدى به هؤلاء الرجال، فعرفوا الله عز وجل به، وعرفوا مكانتهم في هذه الحياة، وعرفوا وزنهم وقيمتهم؛ لذلك فهم لا يبغون عن المساجد حولًا، ولا يرغبون عنها بدلًا.

 

فالمساجد أحب البلاد إلى رب الأرباب؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «أَحَبُّ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا وَأَبْغَضُ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا»[2].

 

والمساجد مسكن الأصفياء وبيوت الأتقياء؛ فعن أَبِي الدَّرْ دَاءِ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: الْمَسْجِدُ بَيْتُ كُلِّ تَقِيٍّ)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (ورجلٌ قلبه معلَّق بالمساجد..)[3]، فكَأَنَّهُ شَبَّهَهُ بِمِثْلِ الْقِنْدِيلِ إِشَارَةً إِلَى طُولِ الْمُلَازَمَةِ بِقَلْبِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْعَلَاقَةِ وَهِيَ شِدَّةُ الْحُبِّ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ أَحْمَدَ: مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ، فَجُوزِيَ لِدَوَامِ مَحَبَّةِ رَبِّهِ وَمُلَازَمَتِهِ بَيْتَهُ بِظِلِّ عَرْشِهِ، فما هي فضائل هؤلاء: شهادة الله لهم بالإيمان؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ [التوبة: 18].

 

غفران الذنوب وصلاة الملائكة عليهم، واستغفارهم لهم؛ عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بها دَرَجَةٌ وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ)[4]، وَفِي رِوَايَةٍ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ).

 

قيل لعبدالرحمن السلمي لما حضرتْه الوفاةُ وهو في المسجد: "لو تحوَّلت إلى الفراش؛ فإنه أوثر وأوطأ، قال: حدَّثني فلان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال العبدُ في صلاةٍ ما كان في مصلاَّه ينتظر الصلاة، وإني أريد أن أموت في مسجدي"، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مُنْتَظِر الصَلاَة مِنْ بَعْدِ الصَّلاَةِ، كَفَارِسٍ أَشْتَدَّ بِهِ فَرَسهُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَلَى كَشحهِ، تُصَلِّي عَلَيِهِ مَلاَئِكَةُ اللهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ أَوْ يَقُمْ، وَهُوَ فِي الرِّبَاط الأَكْبَرِ»[5]، "الكشْحُ: ما بين الخاصِرة والضُّلوع".

 

وذكر الذهبي في ترجمته لعامر بن عبدالله بن الزبير أنه ما كان يترك المسجد، بل كان يأتي قبل الصلاة بأوقات، فأتى يومًا من الأيام في الصف الثاني، فقال: الله المستعان، والله ما صليت في الصف الثاني منذ عقلت رشدي، لم أصلِّ إلا في الصف الأول، قالوا: فلما حضرته الوفاة وهو في سكرات الموت، سمع عامر المؤذنَ وهو يجود بنفسه، فقال: خذوا بيدي، فقيل: إنك عليل، قال: أسمع داعي الله، فلا أُجيبه، فأخذوا بيده، فدخل مع الإمام في المغرب، فركع ركعة، ثم مات[6]، قبضه الله في سجوده، فسلم الناس وإذا هو ساجد لله عز وجل، حركوه فإذا هو ميت، فقالوا لأبنائه: ما هذه الميتة السعيدة الحسنة؟ فقال أبناؤه: والله ما كان أبونا يقوم أي يوم إلا ويقول: اللهم إني أسألك الميتة الحسنة.

 

الله تعالى يباهي بهم ملائكته؛ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِبَ، فَرَجَعَ مَنْ رَجَعَ وَعَقَّبَ مَنْ عَقَّبَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْرِعًا قَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ وَقَدْ حَسَرَ عَنْ رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ: أَبْشِرُوا هَذَا رَبُّكُمْ قَدْ فَتَحَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ يُبَاهِي بِكُمْ الْمَلَائِكَةَ، يَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي قَدْ قَضَوْا فَرِيضَةً وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ أُخْرَى"[7]، قَالَ المبار كفوري رحمه الله تعالى: قيل معنى المباهاة بهم أن الله تعالى يقول لملائكته: انظروا إلى عبيدي هؤلاء كيف سلطت عليهم نفوسهم وشهواتهم وأهويتهم والشيطان وجنوده، ومع ذلك قوِيت همَّتهم على مخالفة هذه الدواعي القوية إلى البطالة وترك العبادة والذكر، فاستحقوا أن يمدحوا أكثر منكم؛ لأنكم لا تجدون للعبادة مشقة بوجه، وإنما هي منكم كالتنفس منهم، ففيها غاية الراحة والملاءمة للنفس[8]، وقَالَ النووي رحمه الله تعالى: يُبَاهِي بِكُمْ الْمَلَائِكَةَ، معناه: يُظهر فضلَكم لهم، ويُريهم حسن عملكم، ويُثني عليكم عندهم، "فيا لها من كرامة أن الله جل في علاه يذكرهم بأسمائهم ويباهي بهم ملائكته:

يَقُولُ عِبَادِي قَدْ أَتَوْنِي مَحَبَّةً
وَإِنِّي بِهِمْ بَرٌّ أَجْوَدُ وَأَرْحَمُ
فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي غَفَرْتُ ذُنُوبَهُمْ
وَأَعْطَيْتُهُمْ مَا أَمَّلُوهُ وَأَنْعَمُ

 

أعد له لهم نزلًا في الجنة؛ عن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ، أَعَدَّ اللهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الْجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ).

 

فلما علم السلف الصالح ذلك، خرجوا إلى بيوت الله بكل تواضع في كامل زينتهم، وفي أحسن ثيابهم، فهم على موعد مع الله، لذا كان من هيئة الإمام مالك - إمام دار الهجرة رحمه الله - أنه إذا خرج إلى المسجد، اغتسل ولبس أحسن ثيابه، وتطيَّب، فإذا خرج لم يكن يكلِّم أحدًا، ولا يكلمه أحدٌ، حتى يدخل إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيصلي ثم يشرع فيحدِّث بحديث المصطفى عليه الصلاة والسلام، وفي الحديث أيضًا: (إسباغ الوضوء في المكاره، وإعمال الأقدام إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة - يغسل الخطايا غسلًا)[9].

 

عُمَّار المساجد زوار الله تعالى، وحق على الكريم أن يكرم زائره؛ عن سلمان رضي الله عنه أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ، فَهُوَ زَائِرُ اللَّهِ وَحَقٌّ عَلَى الْمَزُورِ أَنْ يُكْرِمَ الزَّائِرَ)[10].

 

عُمَّار المساجد لهم نور ساطع في عرصات القيامة:

إن أصحاب النور، يا عباد الله، هم يوم القيامة أهل الإيمان المشاؤون في الظلم إلى المساجد المواظبون على الصلوات في جماعة، لم يمنعهم ظلام الليل، ولا الخوف في النهار من ارتياد المساجد؛ قال تعالى: ﴿ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [الحديد: 12]، فعلى حسب الأعمال تقسم الأنوار: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾ [النور: 40]، فقد ورد عند الترمذي عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ، بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"[11]، قوله: "المشائين": جمع مشاء، من فعَّال، بصيغة المبالغة، يعني المحافظين على ذلك المستمرين عليه"؛ قال الطيبي في وصف ذلك النور بالتام: "وتقيُّده بيوم القيامة تلميح إلى وجه المؤمنين يوم القيامة في قوله تعالى: ﴿ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا ﴾ [التحريم: 8]، حتى نصل الجنة.

 

وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (مَنْ مَشَى فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ إِلَى الْمَسَاجِدِ، آتَاهُ الله نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)[12].

 

وفي رواية عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ لَيُضِيءُ لِلَّذِينَ يَتَخَلَّلُونَ إِلَى الْمَسَاجِدِ فِي الظُّلَمِ بنورٍ سَاطِعٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"[13].

 

عُمَّار المساجد يفرح الله تعالى بهم ويرضى عنهم؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: (مَا مِنْ عَبْدٍ يُوَطَنُ الْمَسَاجِدَ لِلصَّلاَةِ وَالذِّكْرِ، إِلاَّ تَبَشْبَشَ الله بِهِ مِنْ حِينِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ، كَمَا تَبَشْبَشَ أَهْلُ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ)[14]، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: قَوْلُهُ: "تَبَشْبَشَ اللَّهُ"، بِمَعْنَى: رَضِيَ اللَّهُ عنهم، وَمَعْنَاهُ يَرْضَى أَفْعَالَهُمْ وَيَقْبَلُ نِيَّتَهُمْ فِيهَا.

 

عُمَّار المساجد الْمَلَائِكَةُ جُلَسَاؤُهُمْ، إِنْ غَابُوا يَفْتَقِدُونَهُمْ، وَإِنْ مَرِضُوا عَادُوهُمْ، وفي البلاء أعانوهم؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ لِلْمَسَاجِدِ أَوْتَادًا الْمَلَائِكَةُ جُلَسَاؤُهُمْ، إِنْ غَابُوا يَفْتَقِدُونَهُمْ، وَإِنْ مَرِضُوا عَادُوهُمْ، وَإِنْ كَانُوا فِي حَاجَةٍ أَعَانُوهُمْ وَقَالَ: جَلِيسُ الْمَسْجِدِ عَلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: أَخٍ مُسْتَفَادٍ، أَوْ كَلِمَةٍ مُحْكَمَةٍ، أَوْ رَحْمَةٍ مُنْتَظَرَةٍ)[15].

 

قوله: "إن للمساجد أوتادًا"؛ قال العلامة السندي: (أي: رجالًا يُلازمونها لزوم الأوتاد لمحالها)، قال ابن جريج: كان المسجد فراش عطاء عشرين سنة، وكان من أحسن الناس صلاة، وقال ربيعة بن زيد: ما أذن المؤذن لصلاة الظهر منذ أربعين سنة إلا وأنا في المسجد، إلا أن أكون مريضًا أو مسافرًا.

 

عُمَّار المساجد أعطاهم الله تعالى أجر الحاج المحرم؛ عَنْ أَبِي أمامة رَضِيَ الله عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى لَا يَنْصِبُهُ إِلَّا إِيَّاهُ، فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ، وَصَلَاةٌ عَلَى أَثَرِ صَلَاةٍ لَا لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ"[16].

 

ضمن الله لعمار المساجد سعة الرزق في حياتهم والجنة بعد موتهم؛ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ عَاشَ رُزِقَ وَكُفِي، وَإِنْ مَاتَ أَدْخَلَهُ الله الجَنَّةَ: رَجُلٌ خَرَجَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ، فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ، وَرَجُلٌ رَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ، فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ، وَرَجُلٌ دَخَلَ بَيْتَهُ بِسَلَامٍ، فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ)[17]، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: (وَرَجُل رَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ): أَيْ مَشَى إلى المسجد.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

 

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

عُمَّارُ الْمَسَاجِدِ هم جيران الله يوم القيامة؛ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: (إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ، لَيُنَادِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ جِيرَانِي؟ أَيْنَ جِيرَانِي؟ قَالَ: فَتَقُولُ الْمَلاَئِكَةُ: رَبَّنَا، وَمَنْ يَنْبَغِي أَنْ يُجَاوِرَكَ، فَيَقُولُ: أَيْنَ عُمَّارُ الْمَسَاجِدِ؟"[18]، هؤلاء ما جاورا رب العالمين في دار كرامته إلا لما عمروا بيوت الرحمن، فكانت المساجد مأواهم، جلسوا فيها وقد اشتاقت نُفُوسهم إِلَى ذي العرش جل جلال الله، فَلَو رَأَيْتهمْ لرأيت قومًا يَتلون كتاب الله بشفاهٍ ذابلة ودموع وابلة، وخواطر فِي عَظمته جل جَلَاله جائلة.

 

لله قوم لدارِ الخلد أخلَصهم
وخصَّهم بجزيل الملك مولانا
فلو تراهم غدًا في دار ملكهم
قد تُوجوا من حلي الكون تيجانا
وقد دعاهم إلى الفردوس سيدُهم
إلى الزيارة والتسليم ركبانا
حتى إذا جاوزوا دار السلام وقد
أبدى لهم وجهه الرحمن سبحانا
خرُّوا سجودًا فناداهم بعزته
إني رضيت بكم قربًا وجيرانا
إني خلقت لكم دار النعيم فلا
ترون بؤسًا ولا تخشون أحزانا

 

فاللهم اجعلنا من جيرانك في جنات النعيم.

 

اللهم اجعَلْنا مِن أهل المساجِد وروَّادها، وحبِّب إلينا البقاءَ بها؛ لنكون من أهل الله الصالحين، نسأل الله تعالى أن نكون ممن تعلَّقَت قلوبهم بالمساجد، وأن نكون من عمَّارها.

 

هذا وصلُّوا وسلِّموا على البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه وسلم.



[1] النفقة على العيال لابن أبي الدنيا رقم 312.

[2] صحيح مسلم الجزء2 حديث رقم 1560.

[3] صحيح البخاري حديث رقم 6806.

[4] صحيح البخاري الجزء 1 حديث رقم 647.

[5] أحمد ( 8610 )، تعليق أحمد شاكر "إسناده صحيح"، تعليق الألباني "حسن"، الترغيب والترهيب ( 450 ).

[6] سير أعلام النبلاء للذهبي الجزء 5 صفحة رقم 220.

[7] سنن ابن ماجه الجزء 1 حديث رقم 801، وصححه الألباني في صحيح الترغيب 445، وفي الصحيحة 661.

[8] تحفة الأحوذي للمبار كفوري الجزء 9 صفحة رقم 227.

[9] صححه الألباني في صحيح الجامع حديث رقم"926".

[10] حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب الجزء 1 حديث رقم 322، وقال: أخرجه الطبراني بإسناد جيد.

[11] صَحِيح الْجَامِع (2823)، صَحِيح التَّرْغِيبِ (319، 425).

[12] صحيح ابن حبان الجزء 5 حديث رقم [ 2046 ]، صحيح الترغيب والترهيب الجزء 1 حديث رقم 318.

[13] صححه الألباني في صَحِيح التَّرْغِيبِ (317).

[14] أخرجه أحمد (2 /328، 453)، وابن ماجه (800)، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع (5604).

[15] أحمد ( 9388 )، تعليق الألباني: "حسن صحيح"، الترغيب والترهيب ( 329 )، الصحيحة ( 3401 ).

[16] أخرجه أبو داود (1 /153، رقم 558)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع 6228.

[17] أخرجه أبو داود (3 /7، رقم 2494)، وابن حبان (2 /252، رقم 499)، والطبراني (8 /99، رقم 7491)، والحاكم (2 /83، رقم 2400)، وقال: صحيح الإسناد، وصححه الألباني (المشكاة، 727).

[18] صححه الألباني في السلسلة الصحيحة حديث رقم 2728.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أهمية المساجد وآدابها
  • الأطفال والمساجد
  • آيات عن المساجد
  • أخطاء تقع في المساجد
  • رجل قلبه معلق بالمساجد (خطبة)
  • حديث: لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد
  • تعظيم المساجد وتوقيرها
  • خطبة عن المساجد
  • ألفة المساجد
  • نعمة عودة المساجد والمحافظة عليها (خطبة)
  • الإخلاص في حب المساجد والخروج إليها والمكث بها
  • إتحاف الراغبين بما نقله الذهبي عن ابن العطار مما ليس في كتابه تحفة الطالبين
  • عمار المساجد هم المهتدون (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • إتحاف الساجد بأسباب هجر المساجد (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إتحاف الساجد بمخالفات الصلاة والمساجد (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إتحاف النبلاء بفضل الصبر على البلاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة ​إتحاف الأخصاء بفضائل المسجد الأقصى (النسخة 6)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة ​إتحاف الأخصاء بفضائل المسجد الأقصى (النسخة 5)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة ​إتحاف الأخصاء بفضائل المسجد الأقصى (النسخة 4)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة إتحاف الأخصاء في فضائل المسجد الأقصى (النسخة3)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • إتحاف أهل الإسلام بأحكام الحج والعمرة إلى بيت الله الحرام وزيارة المسجد النبوي(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب