• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    محبة الرسول صلى الله عليه وسلم اتباع لا ابتداع ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    البركة مع الأكابر (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    فوائد الإجماع مع وجود الكتاب والسنة
    عمرو عبدالله ناصر
  •  
    بين النبع الصافي والمستنقع
    أ. شائع محمد الغبيشي
  •  
    ذم الحسد وآثاره المهلكة في الفرد والمجتمع
    د. ثامر عبدالمهدي محمود حتاملة
  •  
    فضل الصلاة على الجنازة
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    تخريج حديث: كان أحب ما استتر به النبي صلى الله ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    بر الوالدين: (وزنه، كيفية البر في الحياة وبعد ...
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    أنج بنفسك
    نبيل بن عبدالمجيد النشمي
  •  
    النبي القدوة -صلى الله عليه وسلم- في الرد على من ...
    السيد مراد سلامة
  •  
    وصايا نبوية غالية
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أعط البلاء حجمه فقط
    عبدالله بن عبده نعمان العواضي
  •  
    تحريم الخمر وعلاقته بالإيمان والتقوى
    حسين البيضاني
  •  
    توحيد الأسماء والصفات
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    حديث "خلقت المرأة من ضلع" بين نصوص الوحي وشبه ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    خطبة: غرس الإيمان في قلوب الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصيام ورمضان وما يتعلق بهما
علامة باركود

خطبة عيد الفطر (الجنة)

خطبة عيد الفطر (الجنة)
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/11/2018 ميلادي - 24/2/1440 هجري

الزيارات: 20623

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خُطبةُ عيدِ الفِطرِ لعَام 1439هـ

"الجَنَّة"


الْخُطْبَةُ الْأُولَى

عِبَادَ اللهِ، هَا هُوَ الْعِيدُ يَعُودُ، وَيُطِلُّ عَلَى الْأُمَّةِ وَيَكْسُو الْمُسْلِمَ الْيَوْمَ فَرْحَةً عَظِيمَةً، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ»، فَيُعَبِّرُ عَنْهَا الْمُؤْمِنُ بِاحْتِفَالِهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمُبْهِجِ.

 

عِبَادَ اللهِ، حَدِيثُنَا الْيَوْمَ عَنِ الْغَايَةِ الَّتِي نَسْعَى لَهَا، وَالْحَقِيقَة الَّتِي نَسْأَلُ اللهَ أَنْ نَنَالَهَا. حَدِيثُنَا الْيَوْمَ عَنِ الْجَنَّةِ؛ الَّتِي يُوقِنُ بِهَا كُلُّ مُؤْمِنٍ وَيَسْعَى لَهَا كُلُّ مُوَحِّدٍ، فَالْفَوْزُ بِهَا هُوَ غَايَةُ الْفَوْزِ، قَالَ - تَعَالَى -: ﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ﴾ [آل عمران: 185]، فَالْفَوْزُ بِهَا هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَالْجَنَّةُ فِي اعْتِقَادِ كُلِّ مُوَحِّدٍ مَوْجُودَةٌ وَمَخْلُوقَةٌ الْآنَ، وَلَقَدْ رَآهَا الرَّسُولُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، حَيْثُ قَالَ عَنْهَا: «ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ؛ فَإِذَا فِيهَا حَبَائِلُ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ». [رَوَاهُ البُخَارِيُّ]، وَالجنَّة مَآلُ أَهْلِ التَّقْوَى، قَالَ - تَعَالَى -: ﴿ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا ﴾ [مريم: 63]، قَالَ - تَعَالَى -: ﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾، وَالْجَنَّةُ - عِبَادَ اللهِ - دَرَجَاتٌ، كَمَا قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فِي الْجَنَّةِ مِائَةُ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَالْفِرْدَوسُ أَعْلَاهَا دَرَجَةً، وَمِنْهَا تُفجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ الْأَرْبَعَةُ، وَمِنْ فَوْقِهَا يَكُونُ الْعَرْشُ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ؛ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ». [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ]، وَمَنِ أَسْمَائِهَا وَأَوْصَافِهَا: أَنَّهَا دَارُ السَّلَامِ، وَالْحُسْنَى، وَطُوبَى، وَالْفِرْدَوْسُ، وَدَارُ الْحَيَوَانِ، أَيِ: الْبَقَاءُ الْأَبَدِيُّ، وَدَارُ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ، تِلْكَ الْإِقَامَةُ الدَّائِمَةُ الَّتِي لَا تَحَوُّلَ عَنْهَا وَلَا انْتِقَالَ مِنْهَا، وَهِيَ الْمَقَامُ الْأَمِينُ، وَهِيَ قَدَمُ الصِّدْقِ، وَهِيَ مَقَعَدُ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ، وَهِيَ جنَّةُ الْفِرْدَوْسِ، ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ﴾ [الكهف: 108].

 

عِبَادَ اللهِ! الْجَنَّةُ غَايَةُ النُّبَلَاءِ، وَمَهْوَى أَفْئِدَةِ الْعُقَلَاءِ، وَيَسْعَى لَهَا النُّجَبَاءُ، قَالَ - تَعَالَى -: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]، وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ: «قُومُوا إِلَى جنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ». فَشُبِّهَتْ بِأَوْسَعَ مَا عَلِمَهُ النَّاسُ مِنْ خَلْقِهِ - تَعَالَى - ، وَلِتَعْلَمُوا سِعَةَ الْجَنَّةِ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا». [رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]، وَفِي الْجَنَّةِ غُرَفٌ، كَمَا قَالَ - تَعَالَى -: ﴿ أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا ﴾ [الفرقان: 75]، وَقَالَ - تَعَالَى -: ﴿ وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾، فَهَذِهِ الْغُرَفُ الْمَبْنِيَّةُ مُرْتَفِعَةٌ عَالِيَةٌ كَالْكَوَاكِبِ فِي السَّمَاءِ، يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَيُرَى بَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، فَفِي الْجَنَّةِ مَسَاكِنُ طَيِّبَةٌ، حَسَنَةُ الْبِنَاءِ يَطِيبُ لِسَاكِنِيهَا الْقَرَارُ وَالْمَقَامُ فِيهَا، وَلِمَ لَا؟ وَفِيهَا كُلُّ مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ، مِنَ الْمَرَافِقِ وَالْأَثَاثِ وَالزِّينَةِ، وَالرِّزْقِ الْعَظِيمِ، وَمُعَاشَرَةِ الْأَزْوَاجِ، فَفِيهَا تَتِمُّ رَاحَةُ الْمُقِيمِ وَغِبْطَتُهُ، وَفَوْقَ ذَاكَ وَذَاكَ يَنَالُونَ رِضَا الرَّبِّ جَلَّ وَعَلَا، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «إِنَّ اللهَ يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى يَا ربُّ، وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُونَ: يَا رَبُّ، وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ، فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي؛ فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أبدًا». [رَوَاهُ البُخَارِيُّ]؛ وَلِذَا قَالَ - تَعَالَى -: ﴿ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 72]، وَفِي الْجَنَّةِ الْأَنْهَارُ الَّتِي تَجْرِي مِنْ تَحْتِ الْجِنَانِ، وَوَرَدَتْ فِي ذَلِكَ الْعَشَرَاتُ مِنَ الْآيَاتِ، فَمِيَاهُ الْأَنْهَارِ تَجْرِي تَحْتَ أَشْجَارِ الْجَنَّاتِ وَغُرُوسِهَا وَثِمَارِهَا، وَذَلِكَ مِنْ زِيَادَةِ النَّعِيمِ فِي الْجَنَّةِ، انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَوْسَعَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ رِزْقِهِ فِي الدُّنْيَا، كَيْفَ يَجْعَلُونَ لَهُم قُصُورًا زُجَاجِيَّةً فِي أَوْسَاطِ الْأَنْهَارِ وَالْبِحَارِ، لِمَزِيدٍ مِنَ التَّنَعُّمِ، فَفِي الْجَنَّةِ تَتَفَجَرُّ الْأَنْهَارُ مِنَ الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى، وَبَعْضُهَا مِنْ جِبَالِ مِسْكٍ، وَفِي الْجَنَّةِ الْعُيُونُ مَنْبَعُ شَرَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، لِلَّذِينَ أَدَّوْا مَا فَرَضَ اللهُ عَلَيْهِمْ، وَاجْتَنَبُوا مَا نَهَوْ عَنْهُ، قَالَ - تَعَالَى -: ﴿ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ﴾ [الإنسان: 6]، أَيْ: فِيهَا كَثْرَةٌ وَوَفْرَةٌ، وَقَالَ - تَعَالَى -: ﴿ عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا ﴾؛ لِسَلَامَةِ سَيْلِهَا وَسَلَاسَتِهَا فِي الْحَلْقِ، وَقَالَ - تَعَالَى -: ﴿ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ﴾، وَالتَّسْنِيمُ هُوَ الْعُلُوُّ وَالِارْتِفَاعُ، وَهُوَ مَاءٌ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَتَحَدَّرُ عَلَيْهِمْ، فَيَا لَذَّةَ الْأَنْظَارِ بِمَنْظَرِهِ، وَيَا لَذَّةَ الْأَنْفُسِ بِطَعْمِهِ، وَفِي الْجَنَّةِ الرَّوْضَاتِ، وَهِيَ الْمَكَانُ الْمُخَضَّرُ ذَاتُ مِيَاهٍ وَأَشْجَارٍ وَأَزْهَارٍ طَيِّبَةٍ، وَالرَّوْضَةُ هِيَ أَطْيَبُ الْبِقَاعِ وَأْشْرَفُهَا وَأَنْزَهُهَا، وَفِي الْجَنَّةِ يَلْتَمُّ الشَّمْلُ مِنْ جَدِيدٍ، مُفَتَّحَةٌ الْأَبْوَابُ بَيْنَهُمْ يَأْنَسُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ. قَالَ - تَعَالَى -: ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ﴾ [الرعد: 23]، فَيَجْتَمِعُ فِي الْجَنَّةِ الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ وَالْأَزْوَاجُ وَالْأَبْنَاءُ وَالْأَقَارِبُ وَالْأَصْحَابُ وَالْجِيرَانُ، فَاحْرِصْ يَا عَبْدَ اللهِ أَنْ لَا تَكُونَ فِي دَارٍ غَيْرِ الدَّارِ الَّتِي يَنْعَمُ فِيهَا الْمُتَّقُونَ، فَيَا لَذَّةَ ذَاكَ الِاجْتِمَاعِ وَقَدْ فَتَحَتْ بَيْنَهُمْ أَبْوَابُ الْجِنَانِ، وَالْمَلَائِكَةُ تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَبْوَابِهَا مُسْلِّمِينَ مُهَنِّئِينَ، بِمَا حَصَلَ لَهُمْ مِنَ الْإِنْعَامِ وَمِنَ الْإِقَامَةِ الْكَرِيمَةِ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ، بِمُجَاوَرَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ الكِرَامِ، وَالْأَتْقِيَاءِ وَالْأَخْيَارِ.

 

عِبَادَ اللهِ! أَمَّا آنِيَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ؛ فَهِيَ كَمَا قَالَ - جَلَّ وَعَلَا -: ﴿ وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ ﴾ [الإنسان: 15]، وَالْأَوَانِي فِي الْجَنَّةِ جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ بِمُسَمَّيَاتٍ عِدَّةٍ، فَجَاءَتْ بِمَعْنَى الصِّحَافِ. قَالَ - تَعَالَى -: ﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ ﴾ [الزخرف: 71]، وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِالْقَصْعَةِ، وَجَاءَ أَيْضًا ذِكْرُ الْأَكْوَابِ، قَالَ - تَعَالَى -: ﴿ وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ ﴾ [الغاشية: 14]، حَيْثُ وُضِعَتْ تِلْكَ الْأَكْوَابُ عَلَى حَافَّةِ الْعُيُونِ الْجَارِيَةِ، وَفِي الْبُيُوتِ وَالْقُصُورِ وَالْخِيَامِ، وَفِي كُلِّ مَكَانٍ فِي الْجَنَّةِ، وَكُلَّمَا أَرَدُوا أَنْ يَشْرَبُوا وَجَدُوهَا مَلْآ مِنَ الشَّرَابِ، وَجَاءَ ذِكْرُ الْأَبَارِيقِ. قَالَ - تَعَالَى -: ﴿ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ ﴾ [الواقعة: 17، 18]، وَالشَّاهِدُ أَنَّ أَوَانِيَهُمْ مُتَعَدِّدَةٌ مِنْ قَوَارِيرَ خُلِقَتْ مِنَ الْفِضَّةِ وَأَوَانِي الذَّهَبِ، وَيُحَلَّوْنَ بِاللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ، وَالْأَسْاوَرِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَيَكْفِي قَوْله - صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ -: «لَوْ أَنَّ مَا يُقِلُّ ظُفُرٌ مِمَّا فِي الجَنَّةِ بَدَا؛ لَتَزَخْرَفَتْ لَهُ مَا بَيْنَ خَوَافِقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ اطَّلَعَ؛ فَبَدَا أَسَاوِرُهُ لَطَمَسَ ضَوْءَ الشَّمْسِ كَمَا تَطْمِسُ الشَّمْسُ ضَوْءَ النُّجُومِ». [رَوَاهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ].

 

وَأَمَّا لِبَاسُ وَثِيَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ؛ فَهُوَ مِنَ السُّنْدُسِ وَهُوَ الدِّيبَاجُ الرَّقِيقُ، وَمِنَ الْإِسْتَبْرَقِ وَهُوَ الدِّيبَاجُ الْغَلِيظُ، وَمِنَ الْحَرِيرِ، وَأَهْلُ الْجَنَّةِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالْجَمَالِ: «جُرْدٌ مُرْدٌ كُحْلٌ لَا تَفْنَى ثِيَابُهُمْ وَلَا شَبَابُهُمْ». [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ].

 

وَأَمَّا فُرُشُهُمْ فَبَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ مَرْفُوعَةٌ عَلَى الْأَسِرَّةِ، وَمَرْفُوعَةُ الْقَدْرِ، وَمَرْفُوعَةٌ عَلَى الْأَسِرَّةِ مِنَ النَّمَارِقِ، وَهِيَ الْوَسَائِدُ الْمُعَدَّةُ لِلِاتِّكَاءِ، وَمِنَ الزَّرَابِيِّ وَهِيَ الْبُسُطُ الْمُنْتَشِرَةُ فِي الْجَنَّةِ بِكَثْرَةٍ.

وَإِذَا تُقَاةُ الْمُسْلِمِينَ تَزَوَّجَتْ *** مِنْ حُورِ عَيْنٍ زَانَهُنَّ شُعُورُ

 

فَفِي الْجَنَّةِ الْحُورُ الْعَيْنُ وَهِيَ الْمَرْأَةُ الْحَسْنَاءُ الْبَيْضَاءُ الْجَمِيلَةُ، شَدِيدَةُ سَوَادِ الْعَيْنِ، جَمَعَتْ مَعَ الْحُسْنِ الْمَلَاحَةَ، قَالَ - تَعَالَى -: ﴿ وَحُورٌ عِينٌ ﴾، وَقَالَ - تَعَالَى -: ﴿ وَزَوَّجْنَهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ﴾، وَذَكَرَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَدَنْى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً، كَمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ وَفِيهِ: «ثُمَّ يَدْخُلُ بَيْتَهُ، فَتَدْخُلُ عَلَيْهِ زَوْجَتَاهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، فَتَقُولَانِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَاكَ لَنَا، وَأَحْيَانَا لَكَ، قَالَ: فَيَقُولُ: مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُعْطِيتُ»، فَإِنْ كَانَ هَذَا أَدْنَاهُمْ مَنْزِلَةً؛ فَكَيْفَ بِأَعْلَاهُمْ؟ ﴿ حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ﴾ [الرحمن: 72]، لَا يَبْرَحُنَّهَا مَاكِثَاتٌ فِي الْخِيَامِ، «فِي الْجَنَّةِ خَيْمَةٌ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ، عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلًا، فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ، مَا يَرَوْنَ الْآخَرِينَ، يَطُوفُ عَلَيْهِمِ الْمُؤْمِنُ». [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]، وَيَسْتَمْتِعُ أَهْلُ الْجَنَّةِ بِزِيَارَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، فَيَزُورُ الْأَعْلَى الْأَسْفَلَ، حَتَّى لَا يَرَى الْأَقَلُّ مِنَ النَّعِيمِ فَوْقَ مَا هُوَ فِيهِ؛ فَيَحْزَنَ لِذَلِكَ، وَلَيْسَ فِي الْجَنَّةِ حُزْنٌ، وَيُذَكِّرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عِنْدَ الزِّيَارَةِ مَا كَانُوا فِيهِ مِنْ خَوْفٍ مِنَ اللهِ، أَوْرَثَهُمْ بِرَحْمَةِ اللهِ وَلُطْفِهِ هَذَا النَّعِيمَ الْمُقِيمَ، قَالَ - تَعَالَى -: ﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ﴾ [الطور: 25 - 28]، فَشَمَّرُوا عَنْ سَوَاعِدِ الْجِدِّ يَا عِبَادَ اللهِ؛ فَالْجَنَّةَ تَتَزَخْرَفُ وَتَطِيبُ مِنْ أَجْلِكُمْ.

وَإِذَا الْجِنَانُ تَزَخْرَفَتْ وَتَطَيَّبَتْ *** لِفَتًى عَلَى طُولِ الْبَلَاءِ صَبُورْ

 

وَأَعْظَمُ نَعِيمٍ فِي الْجَنَّةِ وَهُوَ الْغَايَةُ الْقُصْوَى، وَالسَّعَادَةُ الَّتِي لَا تَعْدِلُهَا سَعَادَةً، الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْأَلُهَا اللهُ، فَكَانَ يَقُولُ: «وأسألُكَ لذَّةَ النَّظرِ إِلَى وَجْهِكَ». [رَوَاه النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ]، وَيُعْطَى أَهْلُ الْجَنَّةِ قُدْرَةً عَلَى رُؤْيَةِ الرَّبِّ - جَلَّ عَلَا -، دُونَ أَنْ تَحْرِقَهُمْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ: وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، قَالَ يَقُولُ اللهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى -: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ، قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ، فَمَا أُعْطَوْا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ». وَفِي رِوَايَةٍ: وَزَادَ: «ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿ لِلّذِينَ أَحْسَنُواْ الحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾». [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

 

فَيُزِيلُ اللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - الْمَوَانِعَ عَنْ أَبْصَارِ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَهُ، حَتَّى يَرَوْهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ صِفَاتِ الْعَظَمَةِ وَالْجَلَالِ وَالْبَهَاءِ، وَالْكَمَالِ وَالرِّفْعَةِ وَالْجَمَالِ وَالْكِبْرِيَاءِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - عَنْ مَا يَقُولُ الْمُبْطِلُونَ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ القَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءُ الْكِبْرِ، عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ». [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]، فَعَلَى وَجْهِهِ - جَلَّ وَعَلَا - كبرياء وعظمة، فَهُوَ أَهْلُ الْكِبْرِيَاءِ وَأَهْلُ الْعَظَمَةِ، فَاجْتَهَدُوا يَا عِبَادَ اللهِ، وَحَتَّى تَرَوْنَ رَبَّكُمْ - عَزَّ وَجَلَّ - ، وَأُبَشِّرُ؛ فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللهُ وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عَيَانًا». [رَوَاهُ البُخَارِيُّ]، وَسَوْفَ يُحْجَبُ جَمِيعُ أَعْدَائِهِ مِنَ الْكَفَرَةِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ مِنَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِهِ، وَسَيُحْرَمُونَ مِنْ هَذَا الْمَزِيدِ كَمَا حُرِمُوا مِنَ الْجَنَّةِ؛ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾ [المطففين: 15]، وَسَوْفَ يَتَشَرَّفُ أَهْلُ الْجَنَّةِ بِسِلْمِ اللهِ - جَلَّ وَعَلَا - عَلَيْهِم، قَالَ - تَعَالَى -: ﴿ سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ﴾ [يس: 58]، وَجَاءَ فِي الْأَثَرِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَنَا اللهُ وَإِيَّاهُ: «إِذَا فَرَغَ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ أَقْبَلَ يَمْشِيَ فِي ظُلَلِ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةِ، فَيُسَلِّمْ عَلَيْهِمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَيَقُولُ: سَلُونِي؟ فَيَقُولُونَ: مَا نَسْأَلُكَ وَعِزَّتُكَ وَجَلَالُكَ؟ لَوْ أَنَّكَ قَسَمْتَ بَيْنَنَا أَرْزَاقَ الثَّقَلَيْنِ لَأَطْعَمْنَاهُمْ وَسَقَيْنَاهُمْ وَكَسَوْنَاهُمْ، فَيَقُولُ: سَلُو، فَيَقُولُونَ: نَسْأَلُكَ رِضَاكَ، فَيَقُولُ: رِضَايَ أُحِلُّكُمْ دَارَ كَرَامَتِي»، الَّلهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

عِبَادَ اللهِ! وَتَتَنَعَّمُ الْمَرْأَةُ فِي الْجَنَّةِ كَمَا يَتَنَعَّمُ الرَّجُلُ، وَلَكِنْ لَهَا خَصَائِصُ، وَلَهُ خَصَائِصُ وَلَهُا مُتَعٌ وَلَهُ مُتَعٌ، فَطِبَاعُهَا تَخْتَلِفُ عَنْ طِبَاعِهِ، فَبَيْنَهُمَا عَوَامِلُ مُشْتَرَكَةٌ وَعَوَامِلُ مُخْتَلِفَةٌ، وَالْمَرْأَةُ فِي الْجَنَّةِ تَكُونُ حَوْرَاءَ، وَأَفْضَلُ حُورِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، هِيَ: الْمَرْأَةُ الْمُؤْمِنَةُ إِذَا دَخَلَتِ الْجَنَّةِ، فَيَرْزُقُهَا اللهُ مِنَ الْحُسْنِ وَالْجَمَالِ وَالْمَلَاحَةِ مَا لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ وَصْفَهُ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَلَأَتْهُ رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»، وَأَبْشِرِي يَا أَمَةَ اللهِ؛ فَإِنَّ لَك فِي الْجَنَّةِ مَا تَقَرُّ الْأَعْيَنُ وَيَشْفِي الصُّدُورَ وَيَكْفِي أَنْ تَعْلَمِي أَنَّ خِمَارًا لَكِ فِي الْجَنَّةِ، لَوْ بِيعَتِ الدُّنْيَا مُنْذُ خَلَقَهَا اللهُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، لَمْ تَبْلُغْ ثَمَنًا لَهُ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَلَنَصِيفُ امْرَأَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمِثلِهَا مَعَهَا»، قُلْتُ: «يَا أَبَا هريرةَ مَا النَّصِيفُ؟»، قَالَ: «الخِمارُ»، فَإِذَا كَانَ هَذَا هُوَ الْخِمَارُ بِهَذَا الثَّمَنِ، وَهَذَا أَقَلُ مَا لَكَ فِي الْجَنَّةِ، فَمَا بَالُكَ بِغَيْرِهِ، فَجِدِّي وَاجْتَهِدِي فَالْمَرْأَةُ فِي الْجَنَّةِ مُنَعَّمَةٌ لَا تُعَانِي وَلَا تُكَابِدُ، نُزِعَتْ مِنْهَا الْغِيرَةُ، فَأَحْكَامُ الْآخِرَةِ وَنِظَامُهَا مُخْتَلِفٌ عَنِ الدُّنْيَا وَلَا يُقَاسُ بِهَا، فَاحْرِصِي - أَيَّتُهَا الْمُؤْمِنَةُ - عَلَى تَقْوَى اللهِ وَالْتَزِمِي الْحِجَابَ وَأَدِّي الصَّلَاةَ، وَاعْلَمِي بِأَنَّ اللهَ هُوَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ وَهُوَ أَعْلَمُ بِأَحْوَالِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَلِتَعْلَمِي أَنَّ اللهَ أَحْكَمُ وَأَعْلَمُ انْظُرِي إِلَى صَلَاةِ الْعِيدِ، وَهِيَ لَا تَتَكَرَّرُ فِي الْعَامِ إِلَّا مَرَّتَيْنِ، أَوْجَبَهَا بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الْمَرْأَةِ، انْظُرِي إِلَى نِسْبَةِ الْحُضُورِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَعْدَادِ النِّسَاءِ لَتَجَلَّتْ لَكِ الْحِكْمَةَ بِأَنَّ المَرْأَةَ تُصَلِّي الْفُرُوضَ الْخَمْسَ فِي بَيْتِهَا وَوَقْتُ أَدَاءِ الْفُرُوضِ أَوْسَعُ مِنْ وَقْتِ الرَّجُلِ؛ لِعَدَمِ ارْتِبَاطِهَا بِجَمَاعَةِ مَسْجِدٍ، فَلَوْ كَانَتْ كُلُّ الصَّلَوَاتِ وَاجِبَةً عَلَيْهَا فِي الْجَمَاعَةِ؛ فَكَيْفَ سَيَكُونُ حَالُ الْبُيُوتِ وَالْأَطْفَالِ، بَلْ إِنَّ كَثِيرًا مِنَ النِّسَاءِ يَشُقُّ عَلَيْهِنَّ حُضُورُ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَهِيَ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ، فَكَيْفَ لَو كَانَ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تُصَلِّيَ فِي الْجَمَاعَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ وَثَمَانِي مِائَةِ فَرْضٍ! أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ، أَيَّتُهَا الْمُسْلِمَةُ إِنَّ الْجَنَّةَ تَزَخْرَفَتْ وَتَطَيَّبَتْ فَجَاهِدِي نَفْسَكِ حَتَّى تَكُونِي مِنْ أَهْلِهَا، وَمَا أَيْسَرَ دُخُولِ الْمَرْأَةِ الْجَنَّةَ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجَالِ! فَوَاجِبَاتُهَا الدِّينِيَّةُ أَقَلُ، وَسَبَبُ دُخُولِهَا أَيْسَرُ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ». [حَدِيثٌ حَسَنٌ].

 

عِبَادَ اللهِ! لَا تَنْسَوا - فِي عِيدِكُمْ هَذَا - الفُقَرَاءَ وَالمَسَاكِينَ، وَاقْتَدُوا بِنَبِيِّكُمْ مُـحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَتَصَدَّقُوا عَلَيْهِمْ، وَأَحسِنُوا إِلَيْهِمْ، وَأَطْعِمُوهُمْ وَاكْسُوهُمْ.

 

وارْحَمُوا الْعُمَّالَ، وَأَشْرِكُوهُمْ فَرْحَتَكُمْ وَلَا تُحَمِّلُوهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ، وَلَا تَتَعَامَلُوا مَعَهُمْ وَكَأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ جِنْسِ الْبَشَرِ، فَلَا فَرْحَةَ لَهُمْ عِنْدَ بَعْضِنَا - هَدَانَا اللهُ وَإِيَّاهُ - بِالْعِيدِ؛ فَلَا لِبَاسَ جَدِيدَ لَـهُمْ، وَلَا تـَهْنِئَةَ بِالْعِيدِ، فَمَا أَطْيَبَ أَنْ تُطْعِمَ خَادِمَكَ وَعَامِلَكَ مِنْ طَعَامِكَ، وَتُهَنِّئهُ بِالعِيدِ!

 

يَسِّرْ لَهُ الاِتِّصَالَ بِأَهْلِهِ؛ لِيُهَنِّئهُمْ وَيُهَنِّئوهُ، وَلَا تَبْخَلْ عَلَيْهِ، وَلا عَلَى نَفْسِكَ، بِدَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ لِإِسْعَادِهِ؛ تُخَفِّفْ عَنْهُ بِعَطْفِكَ وَرَحْمَتِكَ فِرَاقَهُ أَهْلَهُ وَتَرْحَمْهُ؛ فَالرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ اللهُ.

 

وَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ عَنِ الْعَامِلَاتِ فِي الْمَنَازِلِ، الَّلوَاتِي مَا دَفَعَهُنَّ لِلْعَمَلِ عِنْدَنَا إِلَّا الْعَوَزُ وَالْحَاجَةُ، وَشَظَفُ الْعَيْشِ، وَالْفَقْرُ وَالْفَاقَةُ فِي بِلَادِهِمْ.

 

عِبَادَ اللهِ! تَذَكَّرُوا فِي هَذَا الْيَوْمِ الْأَيْتَامَ وَارْحَمُوهُمْ؛ فَبِرَحْمَتِهِمْ تَلِينُ الْقُلُوبُ الْقَاسِيَةُ، وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَشْكُو قَسْوَةَ قَلْبِهِ، فَقَالَ لَهُ: «أَتُحِبُّ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ، وَتُدْرِكَ حَاجَتَكَ؟ ارْحَمِ الْيَتِيمَ، وَاِمْسَحْ رَأْسَهُ، وَأَطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِكَ»، وَفِي رِوَايَةٍ: «وَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ». [رَوَاهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ].

 

عِبَادَ اللهِ! اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدُّوا حَقَّ اللهِ لَهُنَّ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ أَعْوَجَ، إِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تُقِيمُوهُ كَسَرْتُمُوهُ، وَكُونُوا عَلَى رِقَابَةٍ بِتَرْبِيَةِ بَنَاتِكُمْ تَرْبِيَةً عَلَى نَهْجِ نِسَاءِ وَبَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

بَارَكَ اللهُ لِي ولَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عيد الفطر 1433هـ
  • خطبة عيد الفطر
  • خطبة عيد الفطر لعام 1432هـ
  • خطبة عيد الفطر المبارك
  • خطبة عيد الفطر 1440هـ
  • خطبة عيد الفطر (عام 1440هـ)
  • خطبة عيد الفطر 1440 هـ
  • خطبة عيد الفطر عام 1440هـ
  • خطبة عيد الفطر {فاستقم كما أمرت}

مختارات من الشبكة

  • محبة الرسول صلى الله عليه وسلم اتباع لا ابتداع (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • البركة مع الأكابر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النبي القدوة -صلى الله عليه وسلم- في الرد على من أساء إليه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: غرس الإيمان في قلوب الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الخير فيما اختاره الله وقسمه لكل عبد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أثر الذنوب والمعاصي على الفرد والمجتمع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: غرس الإيمان في قلوب الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: سورة الفاتحة فضائل وهدايات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الصمت حكمة وقليل فاعله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نعمة الطعام ومحنة الجوعى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان
  • أهالي كوكمور يحتفلون بافتتاح مسجد الإخلاص الجديد
  • طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف الإسلامية
  • النسخة العاشرة من المعرض الإسلامي الثقافي السنوي بمقاطعة كيري الأيرلندية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/3/1447هـ - الساعة: 16:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب