• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصلاة وما يتعلق بها
علامة باركود

الخشوع في الصلاة (خطبة)

الخشوع في الصلاة (خطبة)
أ.د. محمود عبدالعزيز يوسف حجاب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/9/2018 ميلادي - 5/1/1440 هجري

الزيارات: 36029

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الخشوع في الصلاة

 

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. اللهم صلِّ على سيدنا محمدٍ النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وآل بيته، كما صليت ربنا على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].


الخشوع في الصلاة:

حديثي إلى حضراتكم أيها الأحبة تحت عنوان: "الخشوع في الصلاة".

يقول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1-2].

 

فما هو الخشوع أيها الأحبة؟

الخشوع: عبارة عن حضور القلب وسكون الجوارح لله رب العالمين، قلب حاضر يعي ما يقول؛ لأنه ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل منها، فالمصلي الذي لا يعي ما يقول، لسانه يتكلَّم وقلبه غافل؛ فهذا مصلٍّ بلا خشوع، يقرأ آيات القرآن لا يتدبر في معانيها، يركع ويسجد لا يتأمل ولا يتمعن في معاني القيام بين يدي الله رب العالمين.

 

ومن هنا كان الخشوع عبارة عن قلب حاضر، وأما الجوارح: فاليد ساكنة، والبصر ساكن، والسمع ساكن، والقلب ساكن: ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، فالأعضاء كلها في حالة من الخشوع، في حالة من السكون، في حالة من الطمأنينة بين يدي الله رب العالمين، أما كثرة الحركة في الصلاة، كثرة حركة العين، كثرة استخدام حاسة السمع، فيتشتت الذهن في العبادة فخرج عن دائرة الخشوع بين يدي الله رب العالمين.

 

خشوع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة:

ولذا أيها الأحبة، إذا تحدثت عن خشوع النبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فكان خشوعه يسبق الصلاة، كان خشوع النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ من الأذان، تقول أمنا عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم في مهنة أهله، فيتمعن، يكلمنا ويكلمه، وكان في مهنة أهله بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، حتى إذا أتت الصلاة فكأنه لا يعرفنا ولا نعرفه. من هنا يبدأ خشوع النبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، من الأذان، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يرى أن الصلاة بها تقر العين، فيقول: «حُبب إليَّ من دنياكم ثلاث: الطيب والنساء وجُعلت قرة عيني في الصلاة»[1] ما معنى قرة العين؟ معناها: سعادة القلب، كان النبي صلى الله عليه وسلم يرى أن سعادة قلبه في أن يقف خاشعًا بين يدي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، «وجعلت قرة عيني في الصلاة» سعادة النبي، طمأنينة النبي، فرحة النبي صلى الله عليه وسلم أن يهنأ بدقائق خاشعة بين يدي جبار السماوات والأرض، بل هو الذي قال: «أرحنا بالصلاة يا بلال»[2] أرحنا بالوقوف بين يدي الله، أرحنا بهذه الطمأنينة التي تعتري القلب حينما يقف بين يدي الله رب العالمين، كان هذا خشوع النبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، يطلب من بلال أن يقيم الصلاة حتى يهنأ بالوقوف بين يدي الله ويرتاح قلبه، وتسكن نفسه إلى ذكر الله جلَّ وعلا: ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾.

 

صور لخشوع الصحابة والتابعين في الصلاة:

وهذا علي بن أبي طالب: قالوا له: يا علي، نراك في الحرب شجاعًا لا تهاب الموت، وإذا دخلت في الصلاة اصفر وجهك وتغير لونك! فقال: إن الصلاة أمانة عُرضت على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملناها نحن.

 

الصلاة أمانة بين يدي الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، الصلاة بين يدي الله أمانة عظيمة، فكم ضيعنا هذه الأمانة أيها الأحبة؟!


ولذا الله قال جلَّ وعلا: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 4 -5]، والله ثم والله لو قال الله جلَّ وعلا: فويل للمصلين الذين هم في صلاتهم ساهون، لهلكنا أيها الأحبة، لكنها من رحمة الله أن الله جلَّ وعلا قال: ﴿ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ ﴾ وليس في صلاتهم، فالذين هم عن صلاتهم ساهون: الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، فلا يصلي الظهر حتى يأتي العصر، ولا يصلي العصر حتى يؤذن المغرب، ولا يصلي المغرب حتى يدخل وقت العشاء. أما الذي يسهو في صلاته فهي مصيبة عظيمة أيها الأحبة، وليس للمرء من صلاته إلا ما عقل منها[3].

 

قالوا لحاتم الأصم: يا حاتم، نراك تخشع في صلاتك، فكيف تجد نفسك إذا وقفت بين يدي الله؟ فماذا قال لهم حاتم الأصم؟ قال لهم: "إذا وقفت في الصلاة بين يدي الله أجعل وكأن الجنة عن يميني، وكأن النار عن شمالي، وكأن الموت ورائي، وكأن الصراط تحت قدمي، والله مطلع علي، ثم أتم ركوعها وسجودها، ثم بعد ذلك لا أعلم أقبلها الله أم ردها علي؟".

 

ولذا ورد في بعض الآثار أن الصلاة ترتفع فوق رؤوس البعض شبراً، ومن الناس مَن تكون صلاته على هيئة ثوب أسود تقول له: ضيعك الله كما ضيعتني.

 

والنبي صلى الله عليه وسلم حينما رأى المسيء صلاته، ماذا قال له؟ قال له: «ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ» ثم انتهى الرجل فسلم، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم السلام، ثم قال له: «ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ» وهنا يقول الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، علمني، فوالله لا أُحسن غيرها، فيقول له النبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «توضأ وضوءك للصلاة، ثم كبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا» وهذا هو الشاهد أيها الأحبة، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «حتى تطمئن راكعًا»[4] من هنا أخذ العلماء أن الطمأنينة ركن في الصلاة، فالمسلم يطمئن في ركوعه، فإذا رفع من الركوع يطمئن في وقوفه، فإذا سجد اطمأن بين يدي الله جلَّ وعلا. أقرب ما يكون العبد من الله وهو ساجد في الصلاة، فيطمئن العبد وهو ساجد، ولو بمقدار ثلاث تسبيحات مطمئنات، ثم يدعو.

 

كثير منَّا أيها الأحبة لا يدعو في سجوده، يهتم فقط بأداء الأركان والواجبات والمستحبات والسنن؛ فيأتي في القيام ويأتي بالركوع ويأتي بالرفع من الركوع ويأتي بالسجود فيسبح ثلاث تسبيحات بلا روح. والخشوع أيها الأحبة من الصلاة بمنزلة الروح من الجسد، بالله عليكم جسد بلا روح له معنًى؟ والله ليس له معنى، والله ليس له معنى، جسد بلا روح، فهكذا أيها الأحبة صلاة بلا خشوع كجسد بلا روح.

 

ما روح الصلاة؟ الخشوع، أن تتدبر الآيات، ماذا يدور بخلدك حينما تقول: "الله أكبر" في تكبيرة الإحرام؟ لا بد وأن تتأمل بهذا، الله أكبر، أي: أكبر من نفسي التي بين جنبي، أكبر من عيالي وأبنائي، أكبر من كل ما لي في هذه الدنيا، الله أكبر من كل شيء، الله أكبر كبيرا، فإذا دخلت في الصلاة نسيت الدنيا وما فيها وما لها، نسيت الأموال، نسيت الدور والقصور وأقبلت على الله جلَّ وعلا بقلبك وجوارحك.

 

قلت: ﴿ الحمد لله رب العالمين ﴾ الحمد لله على نعمة الصحة، الحمد لله على العافية، الحمد لله على نعمة البنين والبنات، الحمد لله على نعمة الأمن والأمان، هل يدور بخلدك هذا؟ هل يدور بخلدك وعقلك معنى: الحمد لله رب العالمين؟ فإذا كان يدور بخلدك هذا ويدور بعقلك هذا؛ فأنت إن شاء الله جلَّ وعلا من الخاشعين، وأبشر: فإن الله جلَّ وعلا يرد عليك، فإذا قال العبد: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2] قال الله لك: «حمدني عبدي» وإذا قال: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 3]، قال الله جلَّ وعلا: «أثنى عليَّ عبدي»، ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4] قال الله جلَّ وعلا: «مجدني عبدي»، فإذا قال العبد: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ [الفاتحة: 5 - 7] هذا دعاء، قال الله جلَّ وعلا: «هذا لعبدي ولعبدي ما سأل»[5] فما بالك بمن يقرأ الفاتحة في صلاته وهو يتثاءب ويضع يده على فمه من شدة الكسل ومن شدة سيطرة الشيطان على الإنسان في صلاته؟!

 

ولذا أيها الأحبة؛ ينبغي علينا أن نستحضر معاني الصلاة، عندما تقرأ ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1] فتستحضر توحيد الله، بأن الله واحد أحد فرد صمد، لا والد ولا ولد، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى له الجميع قد سجد، تستحضر التوحيد بأن الله واحد، لم يلد ولم يولد، معاذ الله، ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ﴾ [مريم: 88 - 94]، فإذا ركعت بين يدي الله فتذكر أن الركوع تذلل، فلا يكون هذا التذلل إلا لله جلَّ وعلا.

 

الصلاة بخشوع من أسباب مغفرة الذنوب:

المسلم بين يدي الله يتذكر ذنوبه إذا وقف بين يدي الله، ويقول لسان حاله: سبحان من اطلع علي في المعصية ورآني، فلما رآني سترني وغطاني، ولمَّا تبت إليه تاب عليَّ وهداني. يتذكر المسلم إذا وقف بين يدي الله أنه إذا خرج من صلاته بإذن الله جلَّ وعلا يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه؛ لأن الصلاة أيها الأحبة لمن كان خاشعًا فيها يخرج الإنسان من صلاته كيوم ولدته أمه.

 

أما سمعتم قصة الشاب الذي دخل على النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: يا رسول الله، لقد هلكت، قال: «وما أهلكك»، قال: خلوت بامرأة ففعلت معها كل شيء إلا أني لم أزنِ بها، فأعرض عنه النبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، ثم أقيمت الصلاة وصلى النبي وصلى معه الرجال، وصلى هذا الشاب مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وصحبه وسلم، فلما فرغ النبي من صلاته وخرج الناس وأقبل الشاب مرة أخرى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: يا رسول الله أقم حد الله علي في أحد الروايات، قال له: أقم حد الله علي. فسأله النبي صلى الله عليه وسلم سؤالاً - وهذا هو الشاهد - قال له: «هل صليت معنا؟» قال: نعم، قال: «أبشر فقد غفر الله لك»[6] فنزل على النبي صلى الله عليه وسلم قول الله: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود: 114][7] فبشَّره النبي صلى الله عليه وسلم أن يُكثر من طاعة الله وأن يترك السيئات وأن يتوب إلى الله وأن يعزم على ألا يعود لهذا الذنب مرة أخرى، وبشره بأن الله قد غفر له إذا أقبل على طاعة الله وترك معصية الله؛ فدل ذلك أيها الحبيب على أن الصلاة إذا كانت بخشوع وخضوع، قال بعض المفسرين: لعل الله جلَّ وعلا اطلع على قلب هذا الرجل الذي أذنب، وجاء قلبه مكسوراً فصلى صلاةً بخشوع وخضوع بين يدي الله جلَّ وعلا فكانت سببًا في مغفرة ذنوبه.

 

فهكذا أيها المسلم، أقبل على الله جلَّ وعلا بقلبٍ خاشع، لعل الله أن يغفر لنا، لعل الله أن يتجاوز عنا، لعل الله أن يرفع درجاتنا، لعل الله أن يحسن خاتمتنا.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، التائب حبيب الرحمن، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ على سيدنا محمدٍ النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وآل بيته، كما صليت ربنا على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

 

يقول الله جلَّ وعلا: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45]، وفي بعض الأحاديث، وفي بعض النصوص: «من لم تنهه صلاته فلا صلاة له»[8] وإن كان في الحديث مقال.

 

أيها الأحبة؛ المسلم حينما يخشع في صلاته يتحقق له الفلاح، كما قال جلَّ وعلا: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2]، والفلاح هو السعادة في الدنيا والآخرة، السعادة في الدنيا براحة البال، بالطمأنينة، بالسعة، وفي الآخرة: ﴿ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ [القمر: 54- 55].

 

فالمسلم حينما يصلي صلاة خاشعة، هذه الصلاة تنهاه عن فعل المنكرات والموبقات، إذا تحقق معك الخشوع يا عبد الله وصليت الصلاة الخاشعة بين يدي الله واستحضرت هيبة الوقوف بين يدي الله رب العالمين؛ فأبشر فإن هذه الصلاة ستكون سببًا بإذن الله جلَّ وعلا في أن تترك الذنوب صغيرها وكبيرها، لماذا؟ لأن الله جلَّ وعلا قال: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ ﴾ فلا تجد مصليًا أبدًا يرتكب الفواحش. وإذا حدث وزلت قدمه فسرعان ما يقوم وينهض ويتوب ويستغفر، وينوب إلى الله وينيب إلى الله جلَّ وعلا، هذا هو المصلي، لا يصرُّ على معصية الله أبدًا «كل ابن آدم خطَّاء»[9] فسرعان ما ينهض ويقوم ويستغفر ويتوب إلى الله جلَّ وعلا ويعود إلى الإيمان مرة أخرى، «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن»[10] فإذا تاب وأناب عاد إليه الإيمان الكامل، الإيمان الكامل يعود لك؛ فارتبط بالصلاة وارتبط بالخشوع، واستحضر عظمة الله في قلبك، وصلِّ يا أخي الحبيب وكأنما هي آخر صلاة لك.

 

نسمع أحيانًا بعض الأئمة يقولون: "صلِّ صلاة مودِّع" ما معنى مودِّع؟ كأنك تصلي الصلاة الأخيرة من عمرك. ماذا لو قيل لك: إنك ستموت بعد قليل وهذه آخر صلاة ستصليها بين يدي الله رب العالمين؟ تخيّل معي الآن كم ستطيل في ركوعها وسجودها؟ كم ستستحضر عظمة الله فيها؟ كم ستسبح بطمأنينة، وتركع بطمأنينة، وتجلس بين السجدتين بطمأنينة؟ كيف ستغير هذه الصلاة حياتك؟

 

أخي الحبيب، هيا نقبل على الله جلَّ وعلا من جديد؛ لأن الخشوع في الصلاة سبب من أسباب حسن الخاتمة، سبب من أسباب البراءة من النفاق، سبب من أسباب الحصول على الإخلاص بين يدي الله رب العالمين.

أسأل الله جلَّ وعلا أن يرزقنا الإخلاص، أسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يكتب لنا براءة من النفاق...



[1] أخرجه أحمد في مسنده ط الرسالة (19/ 305)، رقم: (12293)، ولفظه: «حُبِّبَ إِلَيَّ النِّسَاءُ، وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ». وحسنه شعيب الأرناؤوط، والحاكم في مستدركه على الصحيحين (2/ 174)، كتاب النكاح، رقم: (2676)، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ" ووافقه الذهبي.

[2] أخرجه أحمد في مسنده ط الرسالة (38/ 178)، أَحَادِيثُ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رقم: (23088)، قال شعيب الأرناؤوط: "رجاله ثقات، لكن اختلف على سالم بن أبي الجعد في إسناده".

[3] قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (14/ 1026)، رقم: (6941): (ليس للعبد من صلاته إلا ما عَقَلَ منها) لا أصل له مرفوعاً. وإنما صح موقوفاً عن بعض السلف.

[4] أخرجه البخاري في صحيحه (1/ 152)، كتاب الأذان، بَابُ وُجُوبِ القِرَاءَةِ لِلْإِمَامِ وَالمَأْمُومِ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا، فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَمَا يُجْهَرُ فِيهَا وَمَا يُخَافَتُ، رقم: (757).

[5] أخرجه مسلم في صحيحه (1/ 296)، كتاب الصلاة، بَابُ وُجُوبِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يُحْسِنِ الْفَاتِحَةَ، وَلَا أَمْكَنَهُ تَعَلُّمُهَا قَرَأَ مَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنْ غَيْرِهَا، رقم: (38).

[6] أخرجه أحمد في مسنده ط الرسالة (36/ 616)، تتمة مسند الأنصار، حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ الصُّدَيِّ بْنِ عَجْلَانَ بْنِ عَمْرِو وَيُقَالُ: ابْنُ وَهْبٍ الْبَاهِلِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رقم: (22286). وصححه شعيب الأرناؤوط.

[7] ينظر: أسباب النزول ت: زغلول (ص: 271).

[8] قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (2/ 414)، رقم: (985): "منكر".

[9] أخرجه الحاكم في مستدركه على الصحيحين (4/ 272)، رقم (7617) ولفظه: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ»، وقال:"هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ "، وعلق الذهبي في التلخيص: "علي بن مسعدة لين".

[10] أخرجه البخاري في صحيحه (3/ 136)، كتاب المظالم والغصب، بَابُ النُّهْبَى بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ، رقم: (2475).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الخشوع في الصلاة
  • الصلاة ومكانتها في الإسلام
  • أخطاء في الصلاة
  • أخطاء في الطهارة والصلاة
  • أوقات الصلاة للمسلمين في الغربة
  • الصلاة في المساجد التي فيها قبور
  • رفع البصر إلى السماء في الصلاة
  • معنى الخشوع وموضعه
  • فوائد الخشوع في الصلاة
  • أهمية الخشوع (خطبة)
  • الخشوع ومغفرة الذنوب (خطبة)
  • خطبة عن الخشوع في الصلاة
  • كيف تخشع في الصلاة؟
  • الخشوع في الصلاة (خطبة)
  • فضل الخشوع في الصلاة
  • علاج عدم الخشوع في الصلاة

مختارات من الشبكة

  • ما هو الخشوع في الصلاة؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخشوع في الصلاة (الذين هم في صلاتهم خاشعون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الخشوع في الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخشوع في الصلاة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من صفات المتقين: الخشوع في الصلاة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخشوع في الصلاة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)(مقالة - ملفات خاصة)
  • الدرس الخامس عشر: الخشوع في الصلاة (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدرس الرابع عشر: الخشوع في الصلاة (1)(مقالة - ملفات خاصة)
  • الخشوع في الصلاة، وحضور القلب فيها وعلاج الوسوسة(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب