• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصيام ورمضان وما يتعلق بهما
علامة باركود

شفاعة الصيام والقرآن (خطبة)

شفاعة الصيام والقرآن (خطبة)
أحمد عماري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/6/2016 ميلادي - 16/9/1437 هجري

الزيارات: 127182

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شفاعة الصيام والقرآن


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد:

مع نعمة أخرى من نِعم الله عز وجل العظيمة التي أنعم بها على عباده، وتفضل بها عليهم، تحفيزاً لهم على الاجتهاد في طاعته وعبادته، حتى يفوزوا بخيره وعطائه وكرمه. نعمة يحتاج إليها العباد يوم يتخلى القريب عن قريبه والحبيب عن حبيبه، ﴿ يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ﴾ [النبأ: 40]. إنها الشفاعة، وما أدراكما الشفاعة؛ نعمة من نعم الله، وعطية من عطاياه، ينالها العبد بالصيام والقرآن، ونحن في شهر الصيام وشهر القرآن.

 

• مفهوم الشفاعة:

الشفاعة: أن ينضم إليك من أذن الله له في الشفاعة، ويقف بجانبك ناصراً لك، سائلاً عنك.

الشفاعة: أن يسأل مَنْ هو أهلٌ للشفاعة رَبّه سبحانه أن يتجاوزَ عن ذنوبك وجرائمك.

الشفاعة: طلب الشفيع من الله تعالى نفعَ محتاج، أو دفعَ ضرّ عنه.

ولا تكون الشفاعة يوم القيامة إلا بإذن الله ورضاه، قال تعالى: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ [البقرة: 255]. وقال عز وجل: ﴿ يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا ﴾ [طه: 109].

 

• حاجة الناس إلى الشفاعة يوم القيامة:

ما أحوج الناس إلى الشفاعة يوم القيامة؛ حين يقف كل واحد منا وحيدا فريدا، لا مال، ولا منصب، ولا جاه، ولا أبناء، ولا أصحاب، ولا أقارب... الكل مشغول بنفسه، والكل يقول: نفسي نفسي...

 

قال تعالى: ﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾ [عبس: 33 - 37].

 

وقال عز وجل: ﴿ يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ * وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا * يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ * كَلَّا إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِلشَّوَى * تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى * وَجَمَعَ فَأَوْعَى ﴾ [المعارج: 8 - 18]

 

من شدة الهول والفزع في ذلك اليوم لا يسأل الولد عن والده، ولا الوالد عن ولده، ولا القريب عن قريبه، ﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ﴾ [المؤمنون: 101].

 

قال سبحانه: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [لقمان: 33].

 

كلّ امرئ بما كسبَ رهين، ينظر ما قدمت يداه، وينتظر ما يُقضى به عليه، وهو واقف بين يدي الله يحاسبه على أعماله، ويُقرّه بذنوبه وآثامه.. ففي الصحيحين عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إلاَّ سَيُكَلِّمُهُ رَبّهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ، وَيَنْظُرُ أشْأمَ مِنْهُ فلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فلاَ يَرَى إلاَّ النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بشِقِّ تَمْرَةٍ».

 

ولِتقِفَ على حجم الهول الذي ينتظرك في ذلك اليوم، قِفْ مع حديث الشفاعة:

في الصحيحين عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: أتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بلحْمٍ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً، ثُمَّ قَالَ: «أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَلِكَ؟ يُجْمَعُ النَّاسُ؛ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَيَنْفذهُمُ الْبَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لاَ يُطِيقونَ وَلاَ يَحْتَمِلونَ، فيَقولُ النَّاسُ: أَلاَ تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ؟ أَلاَ تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: عَلَيْكُمْ بآدَمَ. فَيَأْتُونَ آدَمَ عليه السلام، فَيَقُولونَ لَهُ: أَنْتَ أَبُو الْبَشَر، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلاَئِكَة فسَجَدُوا لَكَ، اشْفعْ لَنَا إلى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ ألا تَرَى إلى مَا قَدْ بَلغَنَا؟ فيَقولُ آدَمُ: إِنَّ رَبِّي قدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفسِي نَفْسِي، اذهَبُوا إلَى غَيْرِي، اذهَبُوا إِلَى نُوحٍ، فيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ إِنَّكَ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَقَدْ سَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِي، نَفْسِي نَفسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُونَ يَا إِبْرَاهِيمُ، أَنْتَ نَبِيّ اللَّهِ وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، اشْفعْ لَنَا إلى رَبِّكَ، أَلاَ ترَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فيَقولُ لَهُمْ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّي قَدْ كُنْتُ كَذبْتُ ثلاَثَ كَذَبَاتٍ - فَذَكَرَهُنَّ أَبُو حَيَّانَ فِي الْحَدِيثِ - نَفْسِي نَفسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي اذهَبُوا إِلَى مُوسَى، فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، فَضَّلَكَ اللَّهُ برِسَالَتِهِ وَبِكَلاَمِهِ عَلَى النَّاسِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّي قَدْ قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أومَرْ بقَتْلِهَا، نَفْسِي نَفسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى، فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَكَلَّمْتَ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا، اشْفَعْ لَنَا، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ عِيسَى: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ - وَلَمْ يَذْكُرْ ذنْبًا - نَفْسِي نَفسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَيَقولُونَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذنْبكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ الْعَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَقُولُ: أمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ. فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، أَدْخِلْ مِنْ أمَّتِكَ مَنْ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْبَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّة وَبُصْرَى».

 

في ذلك الموقف العظيم، الذي قال عنه رب العالمين: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾ [غافر: 18]، يأتي الصيام ليشفع لأهله، ويأتي القرآن ليشفع لأهله.

 

أخرج الإمام أحمد والحاكم والبيهقي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقولُ الْقرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ» فهنيئا لمن شفع له الصيام؛ فهو من أحب الأعمال إلى الله تعالى. وهنيئا لمن شفع له القرآن؛ فهو كلام الله عز وجل.

 

• شفاعة الصيام:

الصيام يشفع لصاحبه، فيقول: "رَبّ منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه". فأنت عندما تصوم تمتنع عن الطعام طاعة لله، وتمتنع عن الشراب طاعة لله، وتمتنع عن الشهوات طاعة لله.. فهاهو الصيام يأتي ليشفع لك عند الله يا من صبرتَ على ألم الجوع والعطش ومنعتَ نفسك مما تشتهيه طاعة لله.

 

والصيام الذي يشفع لصاحبه هو الصيام الذي لم يَصْحبه صَخَبٌ ولا كذب ولا زور ولا رفث ولا ظلم ولا عدوان..

 

ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «...وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب - ولا يجهل -، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم».

 

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لم يدَعْ قولَ الزور والعملَ به، فليسَ لله حاجة في أن يدعَ طعامه وشرابه».

 

فمن أراد شفاعة الصيام، فليحافظ على صيامه، ولا يُفسِدْه بالمنكرات، ولا يُضيّع أجرَه بالسيئات.

من أراد شفاعة الصيام، فليَحْفظ لسانه، وليغضّ بصره، وليكفّ يديه ورجليه عن كل سوء ومكروه.

 

يقول جابر رضي الله عنه: "إذا صمت فليصُمْ سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة، ولا تجعلْ يومَ صومِك ويوم فطرك سواء".

 

من أراد شفاعة الصيام، فليَحبسْ نفسه عن الشهوات، مما حرّمه الله عز وجل على الصائم في نهار رمضان، أو مما حرمه الله تعالى على العباد على الدوام.

 

فاترك شهوتك طاعة لله، لتحظى بشفاعة الصيام، واعلم أن كل شهوة أو لذة قضيتها في حرام ستفنى ويبقى إثمها وذنبها.

تفنى اللذاذة ممن نال صفوتَها
من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها
لا خيرَ في لذة من بعدها النار

 

شفاعة القرآن:

رمضان شهر القرآن، فيه ابتدأ نزوله، وفيه كان جبريل عليه السلام يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيدارسه القرآن، وفيه يُقبل الناس على القرآن، وفيه يُختم القرآن في صلاة التراويح، وفيه تعقد مجالس القرآن وموائده... ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185].

 

رمضان شهر القرآن، والقرآن يشفع لصاحبه يوم القيامة.

القرآن يشفع لمن يقوم به الليل. فيقول: رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه.

فهلْ فِعلا منعك القرآن من النوم يا عبدَ الله؟ ما الذي أسهرك؟ القرآن؟ التدبر؟ القيام؟ الدعاء؟...

 

أمْ أنّ الذي أطارَ نومك في رمضان هو اللهو واللعب، والمواقع والقنوات، والتجول في الشوارع والمنتزهات، وتعاطي المسكرات والمخدرات، وقضاء الليل في مجالس الغيبة والنميمة والكذب والبهتان؟...

 

ما الذي أطار نومك وأقضّ مضجعك؟ وجعلك تسهر الليل كله أو جله؟ هل هو القرآن الذي أسهر الصالحين، وأقامهم بين يدي الله راكعين ساجدين؟.. كما قال عنهم رب العالمين: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 17، 18].

 

وقال سبحانه: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴾ [الفرقان: 63، 64].

 

فأين نحن من هؤلاء؟ بعضنا لا يستطيع أن يَحمِلَ نفسه على إتمام صلاة التراويح مع الإمام في رمضان، فكيف سيقوم الليل في غير رمضان؟.

 

أخرج الإمام أحمد والدارمي وأصحاب السنن عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ قِيَامَ لَيْلَةٍ».

القرآن يشفع لمن يقرأه ويتلوه بالليل أو بالنهار.


أخرج الإمام أحمد والبيهقي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اقرَءُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ يَأْتِي شَفِيعاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِصَاحِبِهِ...». فهنيئا لك يا من تواظب على قراءة القرآن.

فمن أراد المنافسة فهذا ميدان المنافسة والسباق، ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [المطففين: 26]، في فعل الخيرات والطاعات.

 

روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا حسد إلا في اثنتين، رجل علمه الله القرآن، فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملتُ مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل».

القرآن يشفع لمن يتدبره ويعمل به، يتخلق بأخلاقه، ويلتزم بأحكامه وآدابه.


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ سُورَةً مِنَ القُرْآنِ، ثَلَاثُونَ آيَةً، شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ، وَهِيَ سُورَةُ: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ». أخرجه الإمام أحمد وابن حبان والحاكم وأصحاب السنن الأربعة والبيهقي بألفاظ متقاربة.

 

وفي صحيح مسلم ومسند أحمد عَن النَّوَّاس بْن سَمْعَانَ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ، تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلُ عِمْرَانَ». وَضَرَبَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاَثَةَ أَمْثَالٍ مَا نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ، قَالَ: «كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ ظُلَّتَانِ سَوْدَاوَانِ بَيْنَهُمَا شَرْقٌ، أَوْ كَأَنَّهُمَا حِزْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا ». الظلة: السحابة التى لها ظل. الشَّرق: الضوء والنور. الفرقان، أو الحزقان: الجماعتان. الصواف: باسطة أجنحتها فى الهواء.

 

فاتقوا الله عباد الله؛ واجتهدوا في طاعة ربكم، وابتعدوا عن معصيته، واغتنموا شهركم هذا فيما يسعدكم وينجيكم ويشفع لكم عند بارئكم.

 

واعلموا رحمكم الله أن أيام رمضان معدودة، ولياليه محدودة، ستنقضي، وستنتهي مشقة الطاعة فيه وألمُها، ويبقى أجرُها وثوابها لمن صبرَ واجتهد وعمل صالحا، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 183، 184].

 

فاللهم ارزقنا شفاعة الصيام، وارزقنا شفاعة القرآن، واحفظ صيامنا من كل معصية وسوء، وحبب إلى قلوبنا كتابك الكريم، يا رب العالمين.

اللهم وفقنا لحُسن الصيام والقيام، وأعنا على طاعتك وعبادتك وذكرك، يا رحمان.

اللهم اجعلنا في هذا الشهر من المرحومين، واجعلنا فيه من الفائزين، واجعلنا فيه ممن قبلت منهم الصيام والقيام وأعتقت رقابهم من النيران، يا رب العالمين.

وصَلّ اللهم وسلمْ وبارك على حبيبنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضائل الصيام .. شفاعة الصيام لصاحبه يوم القيامة ونداء الريان لمعاشر الصوام
  • الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة
  • شفاعة الصيام والقرآن
  • القرآن شفاء ورحمة (خطبة)
  • الشفيعان: الصيام والقرآن

مختارات من الشبكة

  • تذكير أهل الطاعة بأقسام الشفاعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشفاعة: معناها وأنواعها وأسباب نيلها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشفاعة وأنواعها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شروط الشفاعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع الشفاعة الشرعية(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • حكم طلب الشفاعة من الأموات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشافعون في الآخرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشفاعة في الدنيا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آثار الشفاعة في الآخرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير آية: (من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها ...)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب