أربعون خاطرة بمناسبة معرض الكتاب لعام ١٤٣٣هـ

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله.

1 - ليست كلُّ النَّصائح التي تَسْمعونها أو تَقْرؤونها بِمُناسبة المَعْرِض تَصْلح لكلِّ الناس؛ خاصَّة فيما يتعلَّق بِمَدح كتب بِعَينها، أو مُؤلِّفين بأعيانهم، خُذْ ما يَصْلح لك.

2 - كثيرٌ من الشَّباب يتتبَّعون الكتب الجديدة، والدِّراسات المعاصرة، وما عَلِموا أنَّ من القديم ما هو أقوى بحثًا، وأحسَنُ لغة، وأصفى منهجًا.

3 - قد يعجب أحَدُنا في مقتبل عمره بشخصيَّة معيَّنة، فيدعوه ذلك إلى تَقْليده فيما يقرأ، وكيف يقرأ، ولِمَن يقرأ، وهذا خطأ؛ استَفِدْ من التَّجارِب، ولا تكن إمَّعة.

4 - لا تَغرَّك مقولةُ: "الكِتابُ من عنوانه"؛ فكثيرٌ من الدُّور أو المؤلِّفين قد استغَلُّوا هذه المقولة أسوأ استغلالٍ في تنميق العناوين؛ لتضليل القُرَّاء؛ فتنبَّه.

5 - أفضل أوقات تصَفُّح مقتنيات المعرض بعد وصولك إلى البيت مباشرةً (تجربة شخصيَّة)، تعرف عيوب الطَّبْع إن وُجِدَت، تفيد الآخرين بما وجَدْت، وغير ذلك.

6 - إذا رأيتَ تجَمْهُر الناس في المعرض في مكتبةٍ أو على كتاب، فلا تحرص كثيرًا على التَّجمهُر؛ لأنَّه غالبًا ما يَغرُّك شراءُ الناس للشيء، وإن لم يَكُن ذا قيمة!

7 - الكتب الجديدة دائمًا ما تُبالغ المكتبات في أسعارها حال نُزولها، تريَّثْ في اقتِنائها؛ فلَربَّما أخذتَها بعد حين بنِصْف ثَمنِها (مُجرَّبة).

8 - في معرض الرِّياض خاصَّة، إذا وجَدْت كتابًا جديدًا باهظَ الثَّمن، فتوجَّهْ إلى التدمريَّة، ستَجِده أقلَّ بكثيرٍ، حصل لي أنْ وجدتُ كتابًا في المعرض بـ 50، وفيها بـ 32.

9 - لا تلتفت إلى دعايات توقيع الكُتب من المؤلِّفين؛ فالقضيَّة تسويقٌ مَحْض، وتَذْكُرون قصة الكتاب الفارغ من أيِّ شيء!

10 - شيء من الوعي؛ بعض الشَّباب معه قائمة: (العُمْدة، الروض، الرِّياض، الأربعين...)، ويدخل دار الجمل، وبسم الله: عندك (العمدة و...)، لا تُشْمِتوا بنا الـ...

11 - أصحاب الدُّور التي تَبِيع كتبَ الإلحاد والفُجور لاحَظْتُ أنَّهم ينظرون إلى رُوَّاد المعرض "المتديِّنين" باحتقار، فإذا مررتَ بهم، فانحرِفْ عنهم وأنت تستغفِرُ الله!

12 - لا يكن هَمُّك (في ابتداء أمْرِك) البحثَ عن النَّادر من الكتب؛ فكثيرٌ من النَّادر لن تحتاجه إلاَّ في النادر، عليك بما ستَقْرؤه أو تَدْرسه في المدى القريب.

13 - من يَمْلِك "المال والمكانَ المناسب" فقد تَهيَّأتْ له مُقوِّمات تكوين المكتبة التي يُريد؛ بَقِيَ عليه حسنُ اختيار الطَّبعات، وتقديم الأصول والأُمَّات.

14 - إذا اقتنيتَ كِتابًا، فلا بدَّ من المرور على خمسة أمور:

• غلاف الكتاب.

• مقدِّمة التحقيق.

• مقدمة المؤلِّف.

• تصَفُّح سريعٌ للكتاب.

• فهارس الكتاب.

15 - لا بُدَّ من دفترٍ صغير وقلَم، وأنت تَمْخر عبابَ بحرِ الكتب المُتلاطِم، قَيِّد فيه ما لفتَ نظرَك، وليس ضمن قائمة مُشترياتك؛ لِتَعود إليه إن بقي معك فَضْلُ مال.

16 - إذا اقتنيتَ كتابًا فاحرِص أن يَكون في طبعَتِه الثَّانية أو الأخيرة، فغالِبًا ما يكون فيها تعديلاتٌ وإصلاحات ومُراجَعات.

17 - تأكَّدْ حال شرائك للكتاب أنَّه كامل؛ فقَدْ تُطبَع بعض الكتب ناقصةً، وليس على غلافها ما يوحي بذلك؛ مثل: "تلبيس إبليس" - مدار الوطن 3 مجلدات، ولا تزال ناقصة!

18 - لا يَكْفي أن ترى تحقيقًا جديدًا للكِتاب لِتُسارع في اقتِناء طبعته الثَّانية، دَقِّق في مقدِّمة المحقِّق، وما الجديد في طبعته، وما ميزاتُها وما دواعي الإعادة.

19 - شعار "مزيدة ومنقَّحة" أصبحَ شعارًا لبعض دُور النَّشر (ورُبَّما المؤلِّفين)؛ للتَّسويق بلا أمانة، فلا تنبَهِرْ به!

20 - بعض الكتب مجرَّد إعادة ترتيب لكتبٍ أخرى؛ مثل "ترتيبات التمهيد لابن عبدالبَرِّ"، أذكر منها أربعة أو خمسة، يكفيك ترتيبٌ جيِّد، والبقيَّة لا قيمة لها!

٢١ - ليس معرض الكتاب مكانًا مُناسِبًا للتعرف على المشايخ وطُلاَّب العلم، فكلٌّ جاء لقضاء غرَضٍ مُعيَّن في وقت محدَّد، فلْنُراعِ هذا الأمر.

٢٢ - احرص أوَّلاً على زيارة الدُّور الناشرة "أي: التي لها إصدارات"، أمَّا المكتبات التي تَجْمع إصدارات الغَيْر، فهي كأيِّ مكتبة خارج المعرض، لا فرق.

٢٣ - السُّؤال المتكرِّر من الإخوة الَّذين أُقابلهم في المعرض: "ما هو الجديد؟" وقلنا مِرارًا: ليس بالضَّرورة أن يكون الجديدُ بالنِّسبة لغيرك هو المناسِبَ لك.

٢٤ - اجتَنِب مَطْبوعات بعض الدُّور الَّتي عُرِفَت بالنَّشْر السيِّئ، وسَلْخ التَّحقيقات، ولا أظنُّها تَخْفى على الأكثر، إلاَّ في نطاقٍ مَحْدود خرجَ عن القاعدة.

25 - لا تتردَّد في شراء الكتاب الذي تَحْتاج إليه في دراستك، أو تُريد قراءته، أو تَخْشى من نَفاد نُسَخِه، أو أوصاك به "شخصيًّا" ثقةٌ مطَّلِع.

26 - لا تتعجَّلْ في اقتِناء المَوْسوعات الضَّخمة؛ لأنَّها تستهلك الميزانيَّةَ والمكان، وغالِبُها موجودٌ بعدَّة صِيَغ إلكترونيَّة، يُمْكن تصَفُّحها والبحثُ فيها هناك.

27 - الرَّسائل الصغيرة غالِبًا ما تضيع في زَحْمة المُجلَّدات؛ فتوجَّهَت بعضُ الدُّور إلى ضَمِّها في مجاميع؛ مثل: لقاء العَشْر الأواخر، رسائل ابن حزم، رسائل ابن رجب، رسائل الغزالي، رسائل ابن عبدالهادي، رسائل الجاحظ، نَوادر المَخْطوطات (جَمْع هارون)، آثار ابن المقفَّع... وغيرها.

28 - احرص على اقتِناء الكتب الجامعة لِمَقالات علَمٍ ما، وقد صدرَتْ مجاميع ممتازة، كمَقالات الأخوَيْن أحمد ومحمود شاكر، والطناحي، والمعصومي، والدالي، والميمني.

29 - لا ينبغي أن تَخْلو مكتبةُ طالب العلم من الكتُب الوصفيَّة للفنون وتطوُّرها، ومن الكتب المُعرِّفة بالفنون ومؤلَّفاتِها؛ كـ"كَشْف الظُّنون"، و"أبجد العلوم"، وغيرها.

30 - البعض يظنُّ أنَّ مقياس جَوْدة التَّحقيق من عدَمِها في طول حواشي المُحقِّق، وهذا ميزانٌ فاسد، إنَّما جودة التَّحقيق في أداء الكِتاب أقرَبُ إلى ما ترَك المؤلِّف.

31 - إذا اجتمعَ في الكتاب المُحقَّق أربعةُ أمور:

• عنوانٌ صحيح.

• مقدِّمة كاشفة.

• نصٌّ سليم مُعتنًى به.

• فهارس كاشفة - فقد اكتمل حُسنُه.

32 - الكتب المكشّفة غنيمةٌ باردة، ومع ذلك فلا تَصدَّنك الفهارسُ عن قراءة الكتاب، فلكَ ذوقٌ واهتمامات مختلِفَة عن المفهرس، ومَن جرَّبَ عرَف.

33 - عُرفَتْ عددٌ من دور النَّشر بالجودة في الاختيار والطِّباعة؛ مِمَّا أغرى الكثير باقتِناء مطبوعاتهم بلا تردُّد، وهذا معقولٌ في الجملة، لكن...

34 - قد يعثر الجواد، فلا بدَّ من فَحْصٍ ولو سريع؛ حتى لا يُغْبَن الشخص بمجرد ثقته الزَّائدة، وأذكُر مثالاً صارِخًا، وهو كتاب "عوالي مالك" ٤ مج - دار الغرب.

35 - فالكتاب كان يمكن أن يُطبَع في جزء ١٥٠ ص، لكن المحقِّق نقل "تهذيبَ ابن حجر" بِرُمَّتِه إلى الحواشي، وهنا يَصْدق القول: مَن قرأ الحواشي ما حَوى شي!!

36- أذكر مرَّة أنِّي التقيتُ بصاحب دار الغرب الحبيب اللمسي، فسألتُه: ما الكتاب الذي ندمتَ على طباعته؟ فتردَّد، فقلتُ له: "عوالي مالك"؟ فقال: نعم!

37 - العلوم الشَّرعيَّة آخِذٌ بعضها برِقاب بعض، فاقْتَنِ كتابَيْن إلى ثلاثةٍ من الأمَّات في كلِّ فن، كمَرْحلة تأسيسيَّة، ومن فُتح عليه، فلْيَستكثر ما شاءَ كما يَشاء.

38 - لا يَفوتنَّك اقتناءُ جملةٍ صالحة من المَعاجم المتخصِّصة في الفُنون؛ كـ"معجم البلاغة" لمطلوب، و"المعجم الفلسفي" لصليبا، و"المعجم الأدبي" لجبور عبدالنور.

39 - من أحسن الأوقات لزيارة المَعْرض: من بداية وقت الدَّوام في الساعة ١٠ صباحًا إلى ٤ عصرًا، مريح من كل المُنغِّصات، وتستطيع بقيَّة اليوم أن تتفحَّص ما اقتنيتَ.

40 - إذا وجدت في الكتاب صفحةً بيضاء فاعلم أنَّها ليست الوحيدة، بل معها ٧ صفحات أخرى، فتفحَّصْ كتابك؛ لئلاَّ تَقْتَنِ كتابًا ككتاب "كيف تَرْبح بأقلِّ مجهودٍ"!