• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في حفظ الحقوق وأداء الأمانات (خطبة)

سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في حفظ الحقوق وأداء الأمانات (خطبة)
حسان أحمد العماري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/12/2024 ميلادي - 28/6/1446 هجري

الزيارات: 3542

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلسلة أثر الإيمان:

أثر الإيمان في حفظ الحقوق وأداء الأمانات

 

الخطبة الأولى

الحمدُ لله العظيم الشأن، الكبير السلطان، خلق آدمَ من طين ثم قال له: كُنْ فكان، أحسن كل شيء خَلْقه، وأبدع الإحسان والإتقان، أحمده سبحانه وحمدُه واجبٌ على كل إنسان، وأشكره على ما أسداه من الإنعام والتوفيق للإيمان، لا رادَّ لقضائه، ولا معقب لحكمه.. أكرم مسؤول، وأعظم مأمول، عالم الغيوب، مُفرِّج الكروب، مجيب دعوة المضطر المكروب.

 

سهرت أعينٌ ونامت عيون
في شئون تكون أو لا تكونُ
فاطرح الهمَّ ما استطعت
فحملانك الهموم جنونُ
إن ربًّا كفاك ما كان بالأمس
سيكفيك في غدٍ ما يكونُ

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كثير الخير، دائم السلطان، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صاحب الآيات والبرهان، اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه حملة العلم والقرآن، وسلم تسليمًا كثيرًا، أمَّا بَعْــد:

عبــــاد الله، ينقلنا صلى الله عليه وسلم إلى عصر من العصور الغابرة ليحدثنا عن قصة وقعت بين رجلين في ذلك الزمان، فقال: ((إن رجلًا فيمن قبلنا استدان من رجل ألف دينار، فقال له من عنده الدنانير: ائتني بكفيل، قال: كفى بالله كفيلًا، قال: ائتني بشهداء أشهدهم، قال: كفى بالله شهيدًا، فأعطاه ألف دينار على أن يسددها بعد عام، وقدر ذلك الشهر وذلك اليوم الذي يكون فيه السداد.. لما مضى العام الكامل وجاء اليوم الذي هو موعد السداد خرج ذلك الرجل بألف دينار ليجد مركبًا لعله أن يوصله إلى صاحب الحق فيعطيه حقَّه في وقته، فما وجد سفينة يركبها، وما وجد مركبًا بحريًّا يسير عليه، فلما انقضى ذلك اليوم وهو يراقب عسى أن يجد مركبًا بحريًّا يوصله إلى مكان صاحب الحق، فأيس من ذلك، فأخذ خشبة ونجرها وجعل فيها الألف الدينار، وصحيفة العقد، وزجها وختمها وألقاها في البحر، وقال: اللهم إن فلانًا طلب مني كفيلًا فرضي بك كفيلًا، ورضي بك شهيدًا، وهذا حقه فأسألك أن توصله إليه... قال: وخرج ذلك الرجل (صاحب المال) في ذلك اليوم يرتقب الموعد الذي وعده صاحبه، فما وجد أحدًا جاء، وإنما رأى خشبة قد ألقيت على ساحل البحر، فأخذها من باب أنها حطب لأهله، فلما نشرها إذا الصحيفة والألف الدينار موجود فيها، فأخذ حقه ألف دينار، وأخذ صحيفته، وحمد الله، وأثنى على صاحب الحق أنه أوصل حقَّه في يومه... وبعد أيام وجد الذي عليه الدين مركبًا فسار عليه يريد صاحب المال يعطيه ماله، يظن أن المبلغ الذي وضعه في تلك الخشبة لم يصل إلى صاحبه، فلما وجده قال له: إني أعتذر فقد أخرت الوفاء، فوالله ما وجدت مركبًا أسير عليه، قال: ألم تبعث لي خشبة فيها ألف دينار وصحيفة، قال: يا أخي، والله ما وجدت مركبًا أسير عليه، قال: اعلم أن الله قد قضى عنك ما عليك، وأن تلك الخشبة التي ألقيتها في البحر ما زالت الريح بها حتى ألقتها على الساحل، فأخذتُها وأخذتُ نصيبي، فارجع راشدًا بما معك، فجزاك الله خيرًا))؛ أخرجه البخاري (2169)، من حديث أبي هريرة.. هــذا هو الإيمان إذا وقر في القلوب صدقه العمل، وقاد صاحبه إلى كل خير، وحفظه من طمع النفوس وجشعها، ومن غمط الحقوق وخيانة الأمانات وتضييعها.

 

أيها المؤمنون عباد الله، المسلم تربطه علاقات بمن حوله من الناس وعليه حقوق وواجبات نحوهم، ومن أجل أن تكون هذه العلاقة نافعة ومثمرة وواضحة وحتى لا تضيع حقوق الآخرين أو يعتدى عليها، شرع الإسلام ضوابط وسَنَّ قوانين وأحكامًا، وأمر المسلم بصيانتها والحفاظ عليها، والقيام بها، من ذلك دعوة الإسلام أتباعه لأداء الحقوق وحفظ الأمانات، قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]، وقال تعالى: ﴿ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 283]. وقد أعَدَّ الله على أداء الحقوق وحفظ الأمانات أعظمَ الثواب، فقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 8 - 11].

 

إن قيام المسلم بأداء الحقوق وحفظ الأمانات يعتبر ثمرة من ثمار الإيمان، وأثرًا من آثاره في حياتنا، فالمسلم يعتقد أنه محاسب بين يدي الله على كل عمل يقوم به من خير أو شر، فلا يجوز له الاعتداء على حقوق الآخرين، ولا ينبغي له أن يخون عهودهم ومواثيقهم معه، قال صلى الله عليه وسلم: ((لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له))؛ [حديث صحيح، وإسناده جيد، رواه الإمام أحمد والبيهقي].

 

فالأمانة وأداء الحقوق من الأخلاق الفاضلة، وهي أصل من أصول الديانات، وهي ضرورة للمجتمع الإنساني، لا فرق فيها بين حاكم ومحكوم، وصانع وتاجر، وعامل وزارع، ولا بين غني وفقير، ولا كبير وصغير، ولا معلم وتلميذ، فهي شرف للجميع، ورأس مال الإنسان، وسِرُّ نجاحه، ومِفْتاح كل تقدُّم، وسبب لكل سعادة، والأمانة تشمل كل أمور الدين والدنيا، فالعبادات والمعاملات والبيع والشراء والحياة الزوجية وتربية الأولاد والتعلم وغيرها كثير من الأمانات العظيمة؛ ولكن حديثنا عن الحقوق المالية والعينية والعهود والمواثيق بين المسلم وأخيه المسلم، والتي ظهر بسبب التفريط فيها الكثير من المشاكل بين الناس، وضاعت الكثير من الحقوق، وحدث الكثير من ظلم الآخرين وغمط حقوقهم.

 

وانظروا عبــاد الله ماذا حدث لهذه الأمة عندما ضعف الإيمان في القلوب وتعَلَّقت النفوس بالدنيا؟ لقد ظهر عند كثير من أفراد هذه الأمة الجشع والطمع والاعتداء على حقوق الآخرين وممتلكاتهم، وخان الشريك شريكه، وأكل الأخ مال أخيه، وحُرِمت المرأة من ميراثها، وحدث الظلم من صاحب العمل لعُمَّاله، ولم يؤدِّ المسئول والموظف واجبه، وتنكَّر الجار لجاره، وهذه المحاكم والقضايا والخصومات بين الناس شاهدة على ذلك، وكم سفكت من دماء، وقطعت من أرحام، بسبب ذلك، ولا خروج من هذا الوضع وعودة الحب والتراحم بين الناس إلا بإيقاظ الوازع الإيماني في النفوس، وتعلُّم أحكام الشرع، وتربية النفوس على ذلك؛ عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن شخصين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم في مواريث دائرة بينهما، ليس لأحدهما بينة، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنكم تختصمون إليَّ، وإنما أنا بشر، ولعل بعضكم ألحن بحجته من الآخر فأقضي له بنحو مما أسمع، فمن فضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار يحملها على عنقه يوم القيامة))، فبكى الرجلان، وقال كل منهما: حقي لأخي، فقال صلى الله عليه وسلم: ((أما إذا قلتما، فاذهبا واقتسما، وتوخيا الصواب واستهما، وليحلل كل منكما صاحبه))؛ [أخرجه الإمام أحمد في المسند (6/320)]، يا الله ما أجمل الإيمان عندما يوقظ في القلوب وتذكر به النفوس فلا ترى إلا خضوعًا للحق واعترافًا به! وهذا شأن المؤمن، أما المنافق والعاصي والمسرف على نفسه بالذنوب والمعاصي، فكلما ذكرته بالله أخذته العزة بالإثم، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [البقرة: 206].

 

وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الأيمان الكاذبة لأخذ حقوق الناس والاعتداء عليها وما أكثرها في حياتنا اليوم! عن أبي أمامة- إياس بن ثعلبة الأنصاري الحارثي رضي اللّه عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحَرَّم عليه الجنة))، فقال له رجل: وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول اللّه؟ قال: ((وإن قضيبًا من أراك))؛ رواه مسلم.

 

عبـــــــــاد الله، وإن من أعظم الأمانات والحقوق الواجب أدائها الودائع التي أمَّنَك الناس عليها، وقد روى أحمد والبيهقي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: ((القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كُلَّها إلا الأمانة))، قال: ((يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقال له: أدِّ أمانتك، فيقول: أي ربِّ، كيف وقد ذهبت الدنيا؟! فيقال: انطلقوا به إلى الهاوية، فيُنطلَق به إلى الهاوية، وتُمثَّل له الأمانة كهيئتها يوم دُفعت إليه، فيراها فيعرفها، فيهوي في أثرها حتى يدركها، فيحملها على منكبيه حتى إذا ظن أنه خارج زلَّت عن منكبيه، فهو يهوي في أثرها أبدَ الآبدين))؛ [حسنه الألباني]. فإذا أمَّنَك أخوك على حق بينك وبينه لم يكن هناك كتابة ولا رهون ولا إشهاد، ولكنه أمَّنَك وأطمأنَّ لإيمانك وصدقك، فإياك أن تخونه، قال تعالى: ﴿ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ﴾ [البقرة: 283] اللهم حبِّب إلينا الإيمان وزيِّنه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.

 

قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

 

الخطــــبة الثانية

الحمد لله وكفى، وسلامًا على عباده الذين اصطفى، أما بعد:

أيها المؤمنون، إن للمجتمع وأفراده ومؤسساته دورًا كبيرًا في إشاعة ثقافة احترام الحقوق، وحفظ الأمانات، وعدم التعدِّي على ممتلكات الآخرين وحقوقهم، فلا بُدَّ من القيام بالنصح والتوجيه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأخذ على يد الظالم، والبعد عن المداهنة والمجاملة والنفاق، فالتعيس من يبيع دينه وأمانته وأخلاقه بدنيا غيره، قال صلى الله عليه وسلم: ((أول ما دخل النقص على بني إسرائيل، كان الرجل يلقى أخاه فيقول: يا هذا، اتق الله ودع ما تصنع؛ فإنه لا يحل لك. ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك من أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض. ثم قال: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ﴾ [المائدة: 78 - 80]، ثم قال: كلا والله لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرًا، ولتقصرنه على الحق قصرًا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم ليلعنكم كما لعنهم))؛ (رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن)...لقد أتت شريكًا القاضي امرأةٌ وهو في مجلس الحكم فقالت: أنا بالله ثم بالقاضي، قال: من ظلمك؟ قالت: الأمير موسى بن عيسى، كان لي بستان على شاطئ الفرات فأخذ حقي، فكتب القاضي رسالة طلب فيها من الأمير أن يحضر إلى مجلس القضاء، فأخذ الرسالةَ الحاجبُ ودخل بها على موسى فأعلمه، فبعث بصاحب الشرطة إليه، وقال: قل له: يا سبحان الله! امرأة ادَّعت دعوى لم تصحَّ، أعديتها عليَّ! فلما جاءه وبلغه ما قاله موسى قال شريك لمن حوله: خذوا بيده، وأمر بحبسه، وبلغ الخبر موسى، فوجه حاجبه، فلما جاءه ألحقه بصاحبه في الحبس، فبعث موسى بن عيسى الأمير إلى جماعة من وجهاء الكوفة وقال لهم: امضوا إليه، فقد استخفَّ بي، فمضوا إليه (وهؤلاء هم أعوان الظلمة ومن يزينون لهم المنكر)، وجاءوه وهو جالس في مجلس القضاء، فلما بَلَّغوه رسالة الأمير أمر بحبسهم، قالوا: ولمَ تحبسنا؟ قال: حتى لا تحملوا رسالة ظالم بعد اليوم. كم ضاعت في أيامنا بسبب الواسطة واستغلال المنصب من حقوق، وأُهدِرت من أموال، وضُيِّعَت من أمانات... فلما علم الأمير بالأمر غضب لذلك، وركب إلى الحبس بجيشه ليلًا فأخرجهم، فبلغ شريكًا ما فعل، فجهز متاعه وخرج قاصدًا بغداد ذاهبًا إلى الخليفة، فارتاع موسى لذلك، وركب في موكبه ليعيده، فلحقه بقنطرة الكوفة، فجعل يناشده الله، ويقول: ارجع! ولك ما تريد، فقال شريك القاضي: لست براجع حتى يردوا إلى الحبس جميعًا، وإلا مضيت إلى أمير المؤمنين جعفر المنصور فاستعفيتُه من أمر القضاء، فأمر موسى بردِّهم إلى الحبس، وجاء السجَّان فأخبر شريكًا بذلك، فأمر أعوانه أن يذهبوا بموسى إلى مجلس الحكم، وأن يخرجوا أتباعه من الحبس. ثم جلس له وللمرأة، وحكم عليه بردِّ حائطها، فلما استجاب لأمره قام فأجلسه إلى جنبه، وقال: ماذا تأمر أيها الأمير، قال: بعد هذا كله، قال: ذاك حق الله، وهذا حق السمع والطاعة، فحقوق الآخرين لا مداهنة فيها، وقام الأمير من المجلس وهو يقول: مَنْ عَظَّمَ أمرَ الله أذلَّ الله له عظماء خلقه.

 

أيها المؤمنون، إن خيرية هذه الأمة وصلاح أمرها يكمن في قوة إيمانها وخشيتها من الله، ومراقبته له سبحانه وتعالى، وإن تقوية الوازع الإيماني في نفوس أبنائها هو السياج القوي، والحصن المنيع من وساوس النفس والشيطان، وعلى الأمة أفرادًا ودولًا وشعوبًا ومجتمعات أن تقوم بواجباتها التي من أعظمها شأنًا قيامها بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110].

 

ثم اعلموا أن الله تبارك وتعالى قال قولًا كريمًا تنبيهًا لكم وتعليمًا وتشريفًا لقدر نبيِّه وتعظيمًا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه وخلفائه الراشدين، الذين قضوا بالحق، وبه كانوا يعدلون.

 

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وانصر عبادك الموحِّدين، واخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ.

 

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.

 

اللهمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبهم، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ، واهدهم سواء السبيل، وردَّنا جميعًا إلى دينك ردًّا جميلًا.

 

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدينَا والمؤمنين عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ.

 

عباد الله، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]، فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في تحقيق الأمن النفسي (خطبة)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في الشوق إلى دار السلام (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في توجيه السلوك (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفهوم الأثر عند المحدثين وبعض معاني الأثر في القرآن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • اترك أثرا إيجابيا (10) حلقات مختصرة في أهمية ترك الأثر الإيجابي على الآخرين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • اترك أثرا إيجابيا: عشر حلقات مختصرة في أهمية ترك الأثر الإيجابي على الآخرين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كتاب تهذيب الآثار: أثر من آثار الطبري في خدمة السنة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أثر سلبي وأثر نافع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة العين والأثر في عقائد أهل الأثر (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة العين والأثر في عقائد أهل الأثر(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة العين والأثر في عقائد أهل الأثر(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • أثر الإيمان والوحي في سلوك المؤمن(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب