• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد
علامة باركود

أهمية غرس العقيدة في القلوب (1)

أهمية غرس العقيدة في القلوب (1)
الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/12/2023 ميلادي - 17/6/1445 هجري

الزيارات: 9122

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أهمية غرس العقيدة في القلوب (1)

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأوَّلين والآخرين وقيُّوم السماوات والأرَضين، أرسل رسله حجةً على العالمين ليحيا من حيي عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسولُه، البشير النذير، والسراج المنير، ترك أمته على المحجَّة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلوات ربي وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار، وصلوات ربي وسلامه عليه ما ذكره الذاكرون الأبرار، وصلوات ربي وسلامه عليه ما غفل عن ذكره الغافلون، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره واستنَّ بسُنته إلى يوم الدين، أما بعد:

 

عباد الله، اتقوا الله وأطيعوه، وابتدروا أمره ولا تعصوه، واعلموا أن خير دنياكم وأخراكم بتقوى الله تبارك وتعالى ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3] ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5] ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾ [الأنفال: 29] ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

عباد الله، إن مما اتفقت عليه كلمة العقلاء أن محبة الوالد لولده جِبِلَّة وفطرة، وقديمًا قالوا: "الولد مَجْبَنةٌ مَبْخَلةٌ"؛ وذا من فرط حبه، فما من خير إلا وتمنيت لولدك أن يصل له، ولا رفعة في الدنيا والآخرة إلا وتمنيت أن لولدك منها أوفر الحظ والنصيب.

 

وقد مضى في خطبة الجمعة الماضية الطريق للوصول للقلوب، فيا من رجوت لولدك التوفيق اسْعَ بما تستطيع أن تصل إلى قلبه، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفه ربه في القرآن فيقول: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159].

 

فابتعد عن الشدة والغلظة، وكن رفيقًا هيِّنًا ليِّنًا، وليكن استعمال الشدة كالدواء، عامل بالصفح والعفو وتغافل؛ فتسعة أعشار العقل في التغافل، وأظهر الحب والحفاوة والاحترام، وشاور في الأمر تكسب قلبًا وذكرًا حسنًا، وتنل من الخير ما ترجو وفوق ما ترجو.

 

عباد الله، إن من أعظم ما عنينا بتعليمه لأولادنا العقيدة السليمة الصحيحة نورثها لهم جيلًا بعد جيل، فتعليم العقيدة لا يكون فقط بالمساجد والمدارس فحسب؛ بل لا بُدَّ أن يكون ذلك في المجالس والطُّرُقات، فالعقيدة الصحيحة حاجتنا إليها فوق كل حاجة، وضرورتنا إليها فوق كل ضرورة؛ إذ لا سعادة للقلوب ولا نعيم ولا سرور إلا بأن تعبد الله رَبَّها وفاطرها؛ ولذا أرسل الله الرُّسُل وأيَّدَهم بالمعجزات ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36].

 

أيها المربون الفضلاء، يجب العناية بأمر العقيدة أيما عناية، يجب العناية بالعقيدة منذ نعومة أظفار أطفالنا، فالطفل مولود على الفطرة، فحين يسمع تعظيم الله وتسبيحه وتحميده تسكن نفسه؛ لأن نفسه مفطورة على الخير؛ ولذا شرع الله الأذان في أُذُن المولود.

 

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: "وسِرُّ التأذين -والله أعلم- أن يكون أول ما يقرَع سمع الإنسان كلمات النداء العلويِّ المُتضمِّنة لكبرياء الرب وعظمته والشهادة التي أول ما يَدخُل بها في الإسلام، فكان ذلك كالتلقينِ له شعارَ الإسلام عند دخوله إلى الدنيا، كما يُلقَّن العبد كلمة التوحيد عند خروجه منها".

 

وينبغي عليك أيها الأب المبارك والمربي الفاضل أن تسمع ولدك بين الفينة والأخرى وفي كل حين ذكر الله وتسبيحه وتحميده قد ينشأ على ذكر الله وحبه وتسبيحه وتحميده.

 

أيها الأفاضل، إن غرس العقيدة في نفوس الناشئة هي سنة المرسلين والصالحين المصلحين، فنوح مع ابنه يقول له: ﴿ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ ﴾ [هود: 42] وخليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام يوصي بالعقيدة بنيه ﴿ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 132].

 

وتعاهد العقيدة في الحياة كلها، أرأيتم مشهد وفاة يعقوب ﴿ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 133].

 

وهذا لقمان يقول لابنه: ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13]، وهذا سيِّد الأولين والآخرين وخير معلم للعالمين محمد صلى الله عليه وسلم يوصي ابن عباس وهو رديفه وهو غلام صغير "يَا غُلَامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَل اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ".

 

فيا عجبًا لأقوام تركوا تعليم العقيدة لأولادهم بحجة أنهم ما زالوا صغارًا! فيا سبحان الله متى يكون الغرس إذًا؟!

 

هذا رسولنا عليه الصلاة والسلام يُعلِّم ابن عباس هذه الكلمات محتفيًا به ومردفه خلف ظهره، أين نحن اليوم من مصاحبة أولادنا والجلوس معهم وسماع كلامهم، فله أثر في التربية عظيم، وإشعارهم وإسماعهم المحبة؛ إني أحبك فلا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: "اللَّهُم أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وحُسنِ عِبَادتِك".

 

وها هو عليه الصلاة والسلام يُعلِّم الحسن رضي الله عنه سبطه دعاء القنوت وهو قطعًا لم يجاوز الثماني سنوات "اللهم اهدِنا فيمَن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولَّنا فيمن تولَّيت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقِنا شَرَّ ما قضيت" وهو لا يزال أقل من الثامنة.

 

ويُعلِّم الحسن والحسين التعلُّق بالله تبارك وتعالى، فكان يعوذهم وهم صغار متأسيًا بسنة أبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام في رسائل عظيمة يتنفَّسُها الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما مع الهواء، ويشربونها مع الماء أن مدبر الكون وحافظهم هو ربهم تبارك وتعالى، وإن كان جدهم رسول الله؛ لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يملك تدبير الكون ولا حفظهم، فعلقهم بمن بيده كل شيء، يعوذهم ويقول عليه الصلاة والسلام كما روى الإمام محمد بن إسماعيل البخاري من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما "كان النبي صلى الله عليه وسلم يعود الحسن والحسين ويقول: إن أباكم كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق، أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامَّة".

 

بل إن تعجب فاعجب لخبر الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم، ألم يتآمر عليه إخوته وهو صغير، فبالله عليكم متى تَعَلَّم يوسف التعلُّق بالله تبارك وتعالى والملجأ إليه؟! متى عَلَّمه يعقوب؟! فحين وضع في الجُبِّ ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [يوسف: 15].

 

وحين همَّت به امرأة العزيز ﴿ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ﴾ [يوسف: 23]، وحين ابتُلي بامرأة العزيز اختار السجن؛ لأنه أقرب لمرضاة الله تبارك وتعالى، وحين دعا أهل السجن لعبادة الله تبارك وتعالى وحاجَّهم وقال لهم: ﴿ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾ [يوسف: 39].

 

متى تعلم هذه العقيدة؟! ومتى تعلم التعلق بالله تبارك وتعالى؟! فصلى الله وسلم على أبيه يعقوب حين تعاهد ولده، حين تعاهد التوحيد في قلب ابنه فانتفع الابن بالتوحيد في سائر شئون حياته، وحين فارقه والده، وحين صار عزيز مصر، فهكذا يكون الغرس مفيدًا.

 

فإلى كل أب وأم، إنكم لا تدرون متى تفارقون أولادكم، فماذا غرستم فيهم؟ كي يحبوا الإسلام ويعظموا شريعة الرحمن، كي يسلموا في حياتهم فيرضوا ربهم في دنياهم فيرضيهم ربهم جل جلاله في الدنيا، ويسعدهم برؤيته في الجنان.

 

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: "من أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء غاية الإساءة"، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قِبَل الآباء وإهمالهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه فأضاعوهم صغارًا فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارًا.

 

عباد الله، إن من أعظم ما يتم غرسه في قلوبنا جميعًا أولًا ثم في قلوب أولادنا حب الله جل جلاله، فلا يؤمن أحدكم حتى يكون اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه مما سواهما، حب الله جل وعلا سبحانه وبحمده يكون بالتفكُّر في آلائه وعظيم صنعه، وتذكير النفس والولد دومًا بما أسدى الله من نعمه، وألا نفتر عن ذلك طرفة عين، ألم يقل نبينا عليه الصلاة والسلام "إن الله ليرضى عن العبد إذا أكل الأكلة أن يحمده عليها" أكلة واحدة، إنه الاستحضار لنعم الله جل وعلا ومننه "إن الله ليرضى عن العبد إذا أكل الأكلة أن يحمده عليها، وإذا شرب الشربة أن يحمده عليها".

 

كما يجب غرس شكر النعم في قلوبهم وتذكيرهم على الدوام بأن الرزق من الله جل وعلا، وأن الله يحب عباده فيكرمهم فينشأ الطفل ويتعوَّد الكبير على شكر الله جل وعلا بلسانه وقلبه وجوارحه.

 

ومن أوجب ما يجب غرس التعلق بالله تبارك وتعالى في قلوبنا أولًا وحسن الظن به جل جلاله وغرس ذلك في قلوبنا وقلوب أولادنا، وألا يكون أحد أعظم من الله في نفوسنا، فالكل عباد لله يأتمرون بأمره الكوني والشرعي لمن وفق الله جل وعلا.

 

انتبه يا رعاك الله، لا تعلق ولدك بك وإنما عَلِّقه بربِّه، فلربما فارقت أو عجزت عن تحقيق مراده، والله حي لا يموت ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، فكيف تُعلِّقه بالضعيف وتترك تعليقه بالقوي القادر جل جلاله؟!

 

وتأمَّل في يوسف لمَّا فارق أباه كان في غاية التسليم لأمر الله، عالمًا لعظمة الله، فدعا ربه والتجأ إليه فأعَزَّه ومَكَّنه وأعانه ولم يُضيِّعه، فالله لا يُضيِّع أولياءه، بل إن تعجب فاعجب من خطاب نبيِّك الرحيم ببنيه حين يخاطب فاطمة ويقول: "يا فاطمة، سليني ما شئتِ لا أغني عنك من الله شيئًا".

 

إنه تعليق القلوب بالله، كما يجب أن يغرس في قلوبنا جميعًا التسليم لأمر الله جل وعلا، وما أعظم هذا الدعاء الذي يشرع قوله عند النوم! فعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: كان نبينا عليه الصلاة والسلام إذا أوى إلى فراشه نام على شِقِّه الأيمن ثم قال: "اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إليْكَ، وَوجَّهْتُ وَجْهي إلَيْكَ، وفَوَّضْتُ أَمْرِي إلَيْكَ، وَأَلجَأْتُ ظهْري إلَيْكَ، رَغْبةً وَرهْبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجأ ولا مَنْجى مِنْكَ إلَّا إلَيْكَ، آمَنْتُ بِكتَابِكَ الذي أَنْزلتَ، وَنَبيِّكَ الذي أَرْسَلْتَ".

 

كما يجب غرس حب رسول الله في قلوبنا، فنُعمِّق الانتماء للإسلام، والنفس في مرحلة البناء تحاول التشبُّه بأقوى وأعظم شخصية حولها، فأسْمِع ولدك سيرةَ النبي صلى الله عليه وسلم، وأسْمِعْه مواقفه عليه الصلاة والسلام، وأخبره أن نبيَّك عليه الصلاة والسلام يحبك ويحبه، وأخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم يدافع عن أمته، وأن النبي عليه الصلاة والسلام يشفع لهم حتى يقول له ربُّه جل وعلا: "إنا لا نَسُوءكَ في أمتك".

 

أخبره بتضحيات رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبره ولا تملَّ من الكلام عن رسول الله حتى ينشأ حب رسول الله حقيقة في قلبه.

 

نعمق حب النبي في نفوس الناشئة إذا أسرعنا الاستجابة لأمر الله ورسوله، فلا نقدم على أمر الله ورسوله شيئًا، ويجب أن نعمق حب صحابة رسول الله في نفوس أولادنا، وعظماء الإسلام كي ينشئوا على حبهم والاعتزاز بدينهم.

 

أيها الآباء، إن أعظم وسائل التربيةِ التربيةُ بالقدوة، فكونوا أنتم كما تريدون أبناءكم أن يكونوا.

 

وأخيرًا: عَظِّموا حُبَّ القرآن في نفوس أولادكم، وابعثوهم لتدريس القرآن وحفظه، وقديمًا قالوا: عَلِّمْ ولدك القرآنَ والقرآنُ يُعلِّمُه كل شيء.

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].

 

اللهم سلم سلم، اللهم سلمنا وسلم والدينا وأحبابنا يا رب العالمين، بارك الله في القرآن والسنة، ونفعنا بما فيه من الآيات والحكمة، أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشانه، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله، الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين، أما بعد:

أيها الابن الصالح، اعلم أن أعظم هدية تقدمها لوالديك صلاحك في نفسك، فصلاحك هو استمرار العمل الصالح لوالديك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابنُ آدم انقطع عملُه إلا من ثلاث" قال "أو ولد صالح يدعو له".

 

ادعوا لأولادكم وإياكم والدعاء عليهم، فكم من دعوة والد لولده أعقبت توفيقًا ونجاحًا وفلاحًا، واصبروا وصابروا وعِندَ الصَّباحِ يَحْمَدُ القَوْمُ السُّرَى.

 

اللهم اجعلنا مُعظِّمين لأمرك، مؤتمرين به، واجعلنا معظمين لما نهيت عنه منتهين عنه، اللهم أعِنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أعِنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أعِنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

 

اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العُلى أن تعزَّ الإسلام والمسلمين، وأن تذل الشرك والمشركين، وأن تدمر أعداء الدين، وأن تنصر من نصر الدين، وأن تخذل من خذله، وأن تُوالي مَنْ والاه بقوتك يا جبَّار السماوات والأرض.

 

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفِّقْ ولاة أمرنا لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبِرِّ والتقوى.

 

اللهم كن لإخواننا المرابطين على الحدود، وجازهم خير الجزاء، اللهم اقبل من مات منهم، واخلفهم في أهليهم يا رب العالمين.

 

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، واجمع كلمتهم على ما يرضيك يا رب العالمين، اللهم بواسع رحمتك وجودك وإحسانك يا ذا الجلال والإكرام اجعل اجتماعنا هذا اجتماعًا مرحومًا، وتفرُّقنا من بعده تفرُّقًا معصومًا.

 

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات المؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا وجازهم عنا خير الجزاء، اللهم من كان منهم حيًّا فأطل عمره وأصلح عمله وارزقنا بره ورضاه، ومن سبق للآخرة فارحمه رحمةً من عندك تغنيهم عن رحمة من سواك.

 

اللهم ارحم المسلمين والمسلمات، اللهم اغفر لأموات المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، اللهم جازهم بالحسنات إحسانًا، وبالسيئات عفوًا وغفرانًا، يا رب العالمين.

 

اللهم احفظنا بحفظك واكلأنا برعايتك، ووفِّقْنا لهداك، واجعل عملنا في رضاك.

 

اللهم أصلحنا وأصلح ذريتنا وأزواجنا وإخواننا وأخواتنا ومن لهم حقٌّ علينا يا رب العالمين.

 

اللهم ثبتنا على قولك الثابت في الحياة الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين، اللهم كن لإخواننا المسلمين في كل مكان، اللهم كن لهم بالشام وكل مكان يا رب العالمين.

 

اللهم إنا نسألك بأنك أنت الصمد تصمد إليك الخلائق في حوائجها لكل واحد منا حاجة لا يعلمها إلا أنت، اللهم بواسع جودك ورحمتك وعظيم عطائك اقضِ لكل واحد منا حاجته يا أرحم الراحمين.

 

اللهم اغفر لنا في جمعتنا هذه أجمعين يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا وجازهم عنا خير ما جزيت والدًا عن والده، اللهم كان منهم حيًّا فأطل عمره وأصلح عمله وارزقنا بره ورضاه، ومن كان منهم ميتًا فارحمه برحمتك التي وسعت كل شيء وجميع أموات المسلمين يا أرحم الراحمين

 

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182] وصلِّ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أقوال وأفعال تخالف العقيدة الصحيحة (1)
  • مخالفات في العقيدة
  • أهمية دراسة العقيدة وبعض ثمراتها
  • تعريف العقيدة ومسمياتها ومصدر تلقيها
  • حكم العذر بالجهل في العقيدة
  • شمول اهتمام ابن كثير بالعقيدة
  • أسباب اهتمام ابن كثير بالدعوة إلى العقيدة
  • العقيدة الإسلامية وأثرها التربوي
  • تمييع العقيدة.. (خطبة)
  • الإهتمام بالعقيدة والتوحيد (س/ج)
  • تعريف العقيدة وأهميتها
  • أهمية غرس العقيدة في القلوب (2)

مختارات من الشبكة

  • أهمية ائتلاف القلوب واجتماع الكلمة(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • حياة القلوب - أهمية الذكر وفوائده(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • أعمال القلوب وأهميتها(مقالة - موقع الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي)
  • القلوب في القرآن والسنة: غمرة القلوب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القلوب في القرآن والسنة: القلوب المريضة بالشهوة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قلوب قلبها مقلب القلوب فأسلمت واهتدت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أنواع القلوب (12) تأثر القلوب الحية بمواقف اليهود العدوانية (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أنواع القلوب(11) تأثر القلوب الحية بمواقف اليهود العدوانية(1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أنواع القلوب (1) القلوب في القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة أنواع القلوب (3) القلب الراضي (1)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب