• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / الموت والقبر واليوم الآخر
علامة باركود

هو الموت (خطبة)

هو الموت (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/9/2023 ميلادي - 25/2/1445 هجري

الزيارات: 9831

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

هو الموت (خطبة)

 

الحمدُ للهِ، ثمَّ الحمدُ للهِ، ولا نحصي ثناءً على الله، لهُ من الحمدِ أسماهُ، ولهُ من الشُّكرِ أسناهُ، ولهُ من الثناء الحسنِ أعلاهُ ومُنتهاهُ، سبحانهُ وبحمده وجلَّ في عُلاهُ، لا يذِلُّ من والاهُ، ولا يَعزُّ من عاداهُ، ولا تُحصى نِعمُهُ، ولا تُكافئُ عطاياهُ، ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ﴾ [يوسف: 40]..

 

وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ ولا ربَّ لنا سواهُ، ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ﴾ [النمل: 62].

 

وأشهدُ أن محمدًا عبدهُ ورسولهُ ومصطفاهُ، وخليلهُ ومجتباهُ..

 

اللهم صلِّ وسلَّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابهِ واتباعه ومن سار على نهجه، واتبع هداهُ، وسلِّم تسليمًا كثيرًا.

أمَّا بعدُ:

فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70].

 

معاشر المؤمنين الكرام: صح عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أكثروا من ذكر هادمِ اللذات"، وصحَ عنه أيضًا أنه قال: "زوروا القبورَ فإنها تُذكرُكم بالآخرةِ".. فيا لها من وصيةٍ عظيمة، تحييِ القلوب، وتحميها من الغفلة والركون إلى الدنيا، فليس شيءٌ أشدُّ ضررًا على القلوب من الغفلة والركون إلى الدنيا.. على أن الموتَ حتمٌ ولا محيصَ عنه، قال تعالى: ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ﴾ [النساء: 78]، وقال جلَّ وعلا: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185]، ﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الجمعة: 8].. هُوَ المَوتُ ما منهُ ملاذٌ وَمهربُ.. متى حُطَّ ذا عن نَعشهِ ذاكَ يَركبُ.. نُؤَمِّلُ آمالًا وَنرجو نِتاجَها.. وَعلَّ الرَدى مِمّا نُرَجّيهِ أَقرَبُ.. وَنَبني القصورَ المُشمخِرّاتِ في الفضاء.. وَفي عِلمِنا أَنّا نَموتُ وَتَخرَبُ..

 

وحالُ الإنسانِ مع الموتِ حالٌ عجيبة، فهو لا يُدركُ أنه ضعيفٌ إلا عند الموت، ولا يتبينُ له أنه ظلمَ نفسهُ وضيَّعَ أوقاتهُ، وفرَّطَ في صالح الأعمالِ إلا عند الموت..

 

على فراش الموت: يؤمنُ الكافر، ويتوبُ الفاجر، ويُصدِّقُ المكذب، وتزولُ الأوهام، وتتبدَّد الأحلام، وتتبين الحقائق.. على فراش الموت: موعظةٌ وذكرى، لكلِّ من غفلَ ولها، ورتعَ وسها، وآثرَ الحياةَ الدُّنيا.. فليت شعري ما حالنا، ونحن على فراش الموت.. تأمَّل: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 99].

 

فإذا ماتَ الإنسانُ انتقلَ إلى عالم القبور، عالم البرزخ، أول منازل الآخرة.. فتلك الحفرةُ المنعزلةُ الموحِشة، الضيِّقةُ المظلمة، ليست مجردَ حفرةٍ.. إنها بوابةٌ لعالمٍ كبير وخطير، عالمٌ عجيبٌ، يدلُ على قُدرة الخالقِ جلَّ وعلا، وعلى أنَّ هناك عوالمٌ أخرى غيرُ عالمنا، لا ندركها بحواسنا، ولا نعلمُ عنها شيئًا، إلا ما جاء في كتاب ربنا وسنةِ رسولنا صلى الله عليه وسلم..

 

فحين يُغلَقُ على الميت قبره، ينقطعُ عن الدنيا وعن البشر، وينقطعُ البشرُ عنه، ليبقى وحدهُ ويقابلَ مصيره، وليتحمَّلَ تبعِاتِ عملهِ بمفرده؛ فيا له من موقفٍ يستحقُ الوقوفَ عندهُ طويلًا، والتَّفكُّرَ فيه مليًّا، والعمَلَ له كثيرًا، موقفٌ رهيبٌ مهيب، موقفٌ وصلَ إليهِ كلُّ من قد مضى قبلنا، وحتمًا ولا بدَّ سنصيرُ إليه كُلُّنا، بل وكُلُّ من سيأتي مِن بعدِنا.

 

وحين يقفُ المرءُ على شفير قبرٍ، ويتأمَّلُ حالَ صاحبهِ، يتساءل: أفرِحٌ هو بمصيره أم حزين؟، أشقيٌ هو أم سعيد، تُرى ماذا يتمنى؟، وما الذي سيفعلهُ لو أعيدَ إلى الدنيا؟، فإن لم يكن ثمَّةَ جوابٍ بيِّن، فماذا عنا؟، فنحنُ والله بالسؤال أولى وأحرى.. فقد دلَّت آياتُ القرآنِ الكريمِ والأحاديثُ الصحيحةُ على أنَّ القبرَ إمَّا روضةٌ من رياضِ الجنَّةِ، أو حُفرةٌ من حفر النِّيران، عياذًا بالله..

 

تأمل ما يقوله تعالى عن آل فرعون: ﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَاب ﴾ [غافر: 46]، ويقول جلَّ وعلا: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ ﴾ [الأنعام: 93]؛ أي في نفس اليومِ الذي ماتوا فيه، وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: "مرَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على قبرين، فقال: إنهما لَيُعذَّبان وما يُعذَّبانِ في كبير، أمَّا هذا: فكان لا يستترُ من بوله، وأمَّا هذا: فكان يمشي بالنميمة"؛ والحديث في البخاري، وفي حديث البراء المشهور حين يُسئلُ المؤمنُ في قبره قال: "فافرشوه من الجنَّة، وافتحوا له بابًا إلى الجنَّة، وألبسوه من الجنَّة، قال: فيأتيه من رَوْحِها وطِيبها، قال: ويُفتحُ له فيه مّدَّ بصره"، وقال في الكافر حين يُسئلُ في قبره: "فافرشوه من النَّار، وألبسوه من النَّار، وافتحوا له بابًا إلى النَّار، قال: فيأتيهِ من حرِّها وسمومها، قال: ويضيقُ عليه قبرُه حتى تختلفَ فيه أضلاعه"..

 

وقد سمع الخليفةُ الراشدُ عثمانُ رضي الله عنه من الأحاديث ما اشتدَّ معهُ خوفهُ من القبر، فكان رضي الله عنه إذا وقفَ على قبرٍ بكى حتى يبلَّ لحيته، فقيل له: تُذكَرُ الجنَّةُ والنَّارُ فلا تبكي، وتبكي من هذا؟ فقال: إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: القبرُ أولُ منازلِ الآخرة، فإن يَنجُ منه، فما بعدَهُ أيسرَ منهُ، وإن لم يَنجُ منه، فما بعدَهُ أشدَّ منه..

 

أيها الكرام: لقد ثبت أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى الجنة ونعيمها، ورأى النار وأهوالها، فما هو أشدُّ ما رآه الرسول صلى الله عليه وسلم، قال عليه الصلاة والسلام: (ما رأيتُ منظرًا قطُّ إلا والقبرُ أفظعُ منه)، والحديث حسَّنهُ الألباني، فعلى كثرةِ المشاهدِ التي رآها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، إلا أنهُ يؤكدُ في هذا الحديث أنه ما رأى منظرًا قطُّ أفظعَ من القبر، فلا إله إلا الله.. اللهم إنا نعوذ بك من عذاب القبر.. عذاب القبر ثابتٌ في الصحيحين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تشهَّدَ أحدكم فليستعِذ بالله من أربع؛ يقول: اللهم إني أعوذُ بك من عذاب جهنَّم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شرِّ فتنةِ المسيحِ الدَّجال".. وقال صلى الله عليه وسلم: "للقبرِ ضغطةٌ لو نجا منها أحدٌ لنجا منها سعدُ بنُ معاذٍ".. وفي الحديث المتفق عليه، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أحدكم إذا ماتَ عُرضَ عليه مقعدهُ بالغداة والعشيِّ، إن كان من أهل الجنَّةِ فمن أهل الجنَّة، وإن كان من أهل النَّارِ فمن أهل النَّار، فيُقال: هذا مقعدكَ حتى يبعثك اللهُ يومَ القيامة"، ومن عقيدة أهلِ السُّنةِ والجماعةِ، أنَّ نعيمَ القبرِ وعذابهِ يقعُ على الروح والجسدِ كليهما، وبكيفيةٍ لا يعلمُها إلا الله تعالى..

 

وقد حث النبيَّ صلى الله عليه وسلم على زيارةَ القبورِ والاعتبارِ بأحوالها، فقد صح أنه قالَ: "زوروا القبورَ فإنها تُذكرُكم بالآخرةِ".. وقيلَ لبعض الزهادِ: (ما هي أبلغُ العِظات؟ فقال: النظرُ إلى محلِّ الأموات)..

 

فإذا زرتَ المقبرةَ، فقف أمامَ قبرٍ مفتوحٍ، وتأمَّل هذا اللحدَ الضيق، وتخيل نفسك بداخله، وقد أُغلقَ عليك الباب، وانهالَ عليك التراب، وفارقك الأهلُ والأحباب، وقد أحاطك القبرُ بظلمته ووحشته، وأنت فيه لوحدك، ليس معك إلا عملك، فماذا تتمنى في هذه اللحظة؟، ألا تتمنى الرجوعَ إلى الدُّنيا لتعملَ صالحًا، لتتوبَ وتستغفر، لتركعَ ولو ركعةً، لتقرأ ولو آيةً، لتتصدقَ ولو بتمرةٍ، لتذكرَ اللهَ تعالى ولو مرةً.. فها أنت على قيد الحياةِ، فتدارك نفسك، قبل أن تتمنى الرجوعَ وهيهات..

 

واللهِ يا عباد الله: لو علمَ الانسان ماذا يتمنى الموتى لما ضيّعَ دقيقةً واحدة.. واللهِ لو علمَ ما بقيَ له من أجله، لزهِد في طول أمله، ولرغبَ في زيادة صالحِ عمله.. فاحذر أخيَّ واغتنم فراغك قبل شغلك، وصحتك قبل مرضك، وحياتك قبل موتك، وشبابك قبل هرمك، وغِناك قبل فقرك، واعلم أنَّ العمرُ ساعاتٍ، فانهل من الحسنات قبل الفوات، وبادر بالتوبة قبل أن يأتيك الموت بغتةً فتقول: يا ليتني قدمت لحياتي، ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [الزمر: 56]، وتأمل هذا الكلام الجميل من الإمام الجليل، الإمامُ ابن القيم: "ومن أنفع الأسبابِ أن يجلسَ الرجلُ عندما يريدُ النومَ ساعةً لله، يُحاسِبُ فيها نفسهُ على ما خسِرهُ وربحهُ في يومه ذاك، ثمَّ يجدِّدُ له توبةً نصوحًا بينهُ وبين الله، فينامُ على تلك التوبة، ويعزمُ على ألَّا يُعاودَ الذنبَ إذا استيقظ، ويفعلُ هذا كلَّ ليلةٍ، فإن ماتَ من ليلته ماتَ على توبةٍ، وإن استيقظَ، استيقظَ مُستقبلًا للعمل بنية صالحة، مسرورًا بتأخير أجله؛ ليستدركَ ما فاته"، ثمَّ يقول رحمه الله: "وليس للعبد أنفعُ من هذه النومة"..

 

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون: 9-11]...

 

أقول ما تسعون..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى وصلاة وسلامًا على عباده اللذين اصطفى..

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18]..

 

ويا معاشر المؤمنين الكرام: استبقوا الخيرات، فالمُسابقةُ إلى الخيرات عملٌ عظيمٌ، ومسلَكٌ كريمٌ، لا يتَّصِفُ به إلا الجادُّون المُشمِّرون، أصحابُ الهممِ العالية، والعزائمِ القوية.. عُلوُّ القَدْرِ بالهِمَمِ العوالي.. وعِزُّ المَرءِ في طلبِ المعالي.. بقَدْرِ الكَدِّ تُكْتَسَبُ المَعالِي.. ومَن طَلبَ العُلا سَهِرَ اللَّيالِي.. ومَن رَامَ العُلا مِن غيرِ كَدٍّ.. أضاعَ العُمْرَ في طَلَبِ المُحَالِ... إذا هبت رياحُك فاغتنمها.. فإن لكل خافقةٍ سكون.. وَلا تَكسل عَنِ الإِحسانِ دومًا.. فَما تَدري السُكونُ متى يكون..

 

استبقوا الخيرات.. فلله أقوامٌ يُبادِرُون الأوقات، ويَستثمرون الدقائقَ والثوانيَ واللحظات، يبادرونَ أيامهم قبلَ فنائِها، وأعمارِهم قبلَ انقضائِها.. فالحياةُ قصيرةٌ، والفرصُ محصورةٌ، والشواغِلُ كثيرةٌ، والأيامُ تمرُّ سِراعًا، وتمضي تباعًا.. ﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ﴾ [فاطر: 37]، ﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُون * لعلي أعمل صالحًا فيما تركت ﴾ [المؤمنون: 99] فيكون الجواب: كلا..

 

استبقوا الخيرات.. قبل نفاذِ الأجل، وانقطاعِ الرجاءِ والأمل.. ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الزمر: 56]..

 

استبقوا الخَيراتُ.. فالخيراتُ كثيرة، إنها ميدانٌ واسعٌ متنوعٌ، صلواتٌ وزكَوات، وصِيامٌ وصدَقات، وقراءةٌ وذكر، وصلةُ رحمٍ وبرُّ والدين، ومساعدةُ محتاجٍ، وإغاثَةُ ملهُوفٍ، وزِيارةُ مريضٍ، وإحسانٌ للجار، وطلَبٌ للعلمِ، ودعوةٌ إلى الله، وأمرٌ بمعروفٍ ونهيٌ عن مُنكر..

 

استبقوا الخيرات.. وتنافسوا فيها تكونوا من أهلها، وأكثروا منها تألفوها وتتعودوا عليها، ولازموها تُعرفوا بها وتنسبوا إليها.. ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69]..

 

استبقوا الخيرات.. واعمَلوا للدنيا بقدر بقائِكم فيها، واعملوا للآخرة بقدر بقائِكم فيها.. واعمَلوا لله تعالى على قدر محبتِكم له، وطلبِكم لرضاه، واعمَلوا للجنة على قدر شوقِكم إليها، وحرصِكم عليها.. ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾ [الإسراء: 19]..

 

استبقوا الخيرات.. وحركوا الهِمم، وشدُّوا العزائم، فإنَّما يُقاسُ المرءُ بهمَتِهِ، فمن صَلُحَتْ همَّتهُ وصَدَقَ فيها، صَلُحَ لهُ ما وراءَ ذلكَ من الأعمَالِ.. وكم من هِمَّةٍ أوصلت للقمَّة.. ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128]..

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

 

اللهم صل محمد..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هو الموت ( خطبة )

مختارات من الشبكة

  • كلمات موجعة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ذكر الموت وتمنيه(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الموت في ديوان "تسألني ليلى" للشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الموت بوصلة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • قلق الموت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خلع المريض مرض الموت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موتوا تعيشوا(مقالة - موقع د. حيدر الغدير)
  • حوار بين الموت والمؤمن(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن حماد آل عمر)
  • من أسباب حسن الخاتمة .. الإكثار من ذكر الموت(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب