• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سمات المسلم الإيجابي (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    المصافحة سنة المسلمين
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الدرس الثامن عشر: الشرك
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    مفهوم الموازنة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (5)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من نفس عن معسر نجاه الله من كرب يوم القيامة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرفيق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (10)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    القلق والأمراض النفسية: أرقام مخيفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    آفة الغيبة.. بلاء ومصيبة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / الموت والقبر واليوم الآخر
علامة باركود

الشفاعة في القيامة

الشفاعة في القيامة
د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/11/2022 ميلادي - 22/4/1444 هجري

الزيارات: 10093

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الشفاعة في القيامة


إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله عز وجل، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ، أما بعدُ:

حَدِيثُنَا معَ حضراتِكم في هذه الدقائقِ المعدوداتِ عنْ موضوع بعنوان: «الشفاعة في القيامة».

واللهَ أسألُ أن يجعلنا مِمَّنْ يستمعونَ القولَ، فَيتبعونَ أَحسنَهُ، أُولئك الذينَ هداهمُ اللهُ، وأولئك هم أُولو الألبابِ.

 

اعلموا أيها الإخوة المؤمنون أنَّ اللهَ تعالى بكرمِه يأذنُ يومَ القيامةِ للصالحينَ من خلقِه من الملائكةِ والمرسلينَ والمؤمنينَ أن يشفَعوا عندَه في بعضِ أصحابِ الذنوبِ من أهلِ التوحيدِ إظهارًا لكرامةِ الشافعينَ عندَه، ورحمةً بالمشفوعِ فيهِم.


قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ﴾ [النجم: 26].

 

وقَالَ تَعَالَى: ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ﴾ [الأنبياء: 28].

 

وقَالَ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا ﴾ [طه: 109].

 

ورَوَى مُسْلِمٌ عنْ أَبي سَعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فَيَقُولُ اللهُ عز وجل: شَفَعَتِ المَلَائِكَةُ، وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وَشَفَعَ المُؤْمِنُونَ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ، فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قَدْ عَادُوا حُمَمًا، فَيُلْقِيهِمْ فِي نَهَرٍ فِي أَفْوَاهِ الجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ: نَهَرُ الحَيَاةِ، فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ»[1].


وأعظم شفاعةٍ يوم القيامةِ هيَ: الشفاعَةُ العُظمى، وهي خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم فيشفعُ صلى الله عليه وسلم في أهلِ الموقفِ أنْ يقضيَ اللهُ بينهم، وهي المقامُ المحمودُ.


رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بِلَحْمٍ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ فَنَهَسَ[2] مِنْهَا نَهْسَةً، فَقَالَ: «أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَلِكَ؟ يَجْمَعُ اللهُ النَّاسَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَيَنْفُذُهُمُ البَصَرُ[3]، وَتَدْنُو الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الغَمِّ، وَالكَرْبِ مَا لَا يُطِيقُونَ، وَلَا يَحْتَمِلُونَ، فَيَقُولُ النَّاسُ: أَلَا تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ، أَلَا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: عَلَيْكُمْ بِآدَمَ، فَيَأْتُونَ آدَمَ عليه السلام.


فَيَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ أَبُو البَشَرِ، خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ المَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟


فَيَقُولُ آدَمُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحًا، فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ، إِنَّكَ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَقَدْ سَمَّاكَ اللهُ عَبْدًا شَكُورًا، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟


فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي عز وجل قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِي، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُونَ: يَا إِبْرَاهِيمُ أَنْتَ نَبِيُّ اللهِ، وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّي قَدْ كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلَاثَ كَذِبَاتٍ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى، فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، فَضَّلَكَ اللهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلَامِهِ عَلَى النَّاسِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّي قَدْ قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ.


فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، وَكَلِمَتُهُ ألقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَكَلَّمْتَ النَّاسَ فِي المَهْدِ صَبِيًّا، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟


فَيَقُولُ عِيسَى: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ قَطُّ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَنْبًا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ.


فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا، فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، وَخَاتِمُ الأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ، وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟


فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ العَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي عز وجل، ثُمَّ يَفْتَحُ اللهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا، لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي.


ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي.

فَأَقُولُ: أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ.


فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ البَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ.


ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ مَا بَيْنَ المِصْرَاعَيْنِ[4] مِنْ مَصَارِيعِ الجَنَّةِ، كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ - أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى -»[5].

 

ويشفعُ رسولُنا صلى الله عليه وسلم في أقوامٍ أن يدخُلوا الجنةَ بغيرِ حسابٍ.


رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي زُمْرَةٌ هِيَ سَبْعُونَ أَلْفًا، تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ القَمَرِ».


فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الأَسَدِيُّ، يَرْفَعُ نَمِرَةً[6] عَلَيْهِ، قَالَ: ادْعُ اللهَ لِي يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ.


فَقَالَ: «اللهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ».

ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: «سَبَقَكَ عُكَّاشَةُ»[7].


ويشفعُ النبيُّ ه في تخفيفِ العذابِ عمَّن كانَ يستحقُّه، كشفاعتِه صلى الله عليه وسلم في عمِّهِ أبي طالبٍ.


رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ رضي الله عنه أنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا أَغْنَيْتَ عَنْ عَمِّكَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ[8] وَيَغْضَبُ لَكَ؟.


قَالَ: «هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ[9] مِنْ نَارٍ، وَلَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ»[10].


ورَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ، فَقَالَ: «لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ»[11].


أقولُ قولي هذا، وأَستغفرُ اللهَ لي، ولكُم.


الخطبة الثانية

الحمدُ لله وكفى، وصلاةً وَسَلامًا على عبدِه الذي اصطفى، وآلهِ المستكملين الشُّرفا، وبعد..

 

فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يشفعُ في أهلِ الجنةِ أن يُؤذنَ لهم بدخولِ الجنةِ.

رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وحُذَيْفَةَ رضي الله عنهما قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَجْمَعُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى النَّاسَ، فَيَقُومُ المُؤْمِنُونَ حَتَّى تُزْلَفَ[12] لَهُمُ الجَنَّةُ، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: يَا أَبَانَا، اسْتَفْتِحْ لَنَا الجَنَّةَ.


فَيَقُولُ: وَهَلْ أَخْرَجَكُمْ مِنَ الجَنَّةِ إِلَّا خَطِيئَةُ أَبِيكُمْ آدَمَ، لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ، اذْهَبُوا إِلَى ابْنِي إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللهِ.


فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ، إِنَّمَا كُنْتُ خَلِيلًا مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ[13]، اعْمِدُوا إِلَى مُوسَى عليه السلام الَّذِي كَلَّمَهُ اللهُ تَكْلِيمًا.


فَيَأْتُونَ مُوسَى عليه السلام فَيَقُولُ: لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى كَلِمَةِ اللهِ وَرُوحِهِ.


فَيَقُولُ عِيسَى عليه السلام: لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ، فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فَيَقُومُ فَيُؤْذَنُ لَهُ، وَتُرْسَلُ الْأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ، فَتَقُومَانِ جَنَبَتَيِ الصِّرَاطِ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَيَمُرُّ أَوَّلُكُمْ كَالْبَرْقِ».


قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَيُّ شَيْءٍ كَمَرِّ الْبَرْقِ؟


قَالَ: «أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْبَرْقِ كَيْفَ يَمُرُّ وَيَرْجِعُ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ؟ ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ، ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ، وَشَدِّ الرِّجَالِ، تَجْرِي بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ، وَنَبِيُّكُمْ قَائِمٌ عَلَى الصِّرَاطِ يَقُولُ: رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ، حَتَّى تَعْجِزَ أَعْمَالُ الْعِبَادِ، حَتَّى يَجِيءَ الرَّجُلُ فَلَا يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إِلَّا زَحْفًا، وَفِي حَافَتَيِ الصِّرَاطِ كَلَالِيبُ مُعَلَّقَةٌ مَأْمُورَةٌ بِأَخْذِ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ، فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ، وَمَكْدُوسٌ[14] فِي النَّارِ»[15].


ويشفعُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في أهلِ الكبائرِ من أمَّتِهِ ممنْ دخلَ النارَ أن يَخرجَ منها، وهذه الشفاعة عامة للملائكة، والأنبياء، والمؤمنين.


رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ ه فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، يُسَمَّوْنَ الجَهَنَّمِيِّينَ»[16].


ورَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي»[17].


ولا تثبتُ الشفاعةُ لأحد يومَ القيامةِ إلَّا إذا تحقَّق أمرانِ:

الأول: أن يأذنَ الله عز وجل للشافعِ أنْ يَشفعَ.

لقولِ اللهِ تَعَالى: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ [البقرة: 255].

وقَولِهِ تَعَالى: ﴿ وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ﴾ [سبأ: 23].


الثاني: أن يرضى الله عز وجل عنِ المشفوعِ لهُ أنْ يُشفعَ فيهِ.

لقولِ اللهِ تَعَالى: ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ﴾ [الأنبياء: 28].


وقَولِهِ تَعَالى: ﴿ وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ﴾ [النجم: 26].

 

ولا تكون الشفاعةُ إلَّا في أهلِ التوحيدِ، أما الكفارُ فلا يرضى اللهُ أنْ يُشفعَ فيهم.

لقولِ اللهِ تَعَالى: ﴿ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ﴾ [المدثر: 48].


رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ»[18].

 

وأخيرًا، فهل من مشمِّرٍ عن ساعد الجِدِّ؛ لينال شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة؟

 

الدعـاء...

• اللهم ارزقنا حبَّك، وحبَّ من ينفعنا حبُّه عندك.

• اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله قوة لنا فيما تُحب.

• اللهم ما زَوَيت عنا مما نحب فاجعله فراغُا لنا فيما تحب.

• اللهم طهِّرنا من الذنوب والخطايا.

• اللهم نقِّنا منها كما ينقَّى الثوب الأبيض من الدنس.

• اللهم طهِّرنا بالثلج والبرد والماء البارد.

أقول قولي هذا، وأقم الصلاة.



[1] صحيح: رواه مسلم (183).

[2] فنهس: أي قبض على اللحم، وانتزعه بمقدم الأسنان.

[3] يَنْفُذُهُمُ البَصَرُ: أي ينفذهم بصر الرحمن حتى يأتي عليهم كلهم. [انظر: «النهاية في غريب الحديث» (5/ 91)].

[4] مصراعين: أي جانبي الباب. [انظر: «شرح صحيح مسلم»، للنووي (3/ 69)].

[5] متفق عليه: رواه البخاري (4712)، ومسلم (193).

[6] نمرة: أي كساء فيه خطوط بيض وسود وحمر، كأنها أخذت من جلد النَّمِر؛ لاشتراكهما في التلون، وهي من مآزر العرب.

[7] متفق عليه: رواه البخاري (5811)، ومسلم (216).

[8] يحوطك: أي يصونك، ويدافع عنك.

[9] ضحضاح: أي خُفِّف عنه شيء من العذاب.

[10] متفق عليه: رواه البخاري (3883)، ومسلم (209).

[11] متفق عليه: رواه البخاري (3885)، ومسلم (210).

[12] تزلف: أي تقرب.

[13] من وراء وراء: هي كلمة يقولها من يريد التواضع.

[14] مكدوس: أي مدفوع من الخلف؛ ليسقط في نار جهنم.

[15] صحيح: رواه مسلم (195).

[16] صحيح: رواه البخاري (6566).

[17] صحيح: رواه أبو داود (4739)، والترمذي (2435)، وأحمد (13222)، وصححه الألباني.

[18] صحيح: رواه البخاري (99).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • آثار الشفاعة في الآخرة
  • الشفاعة في الدنيا
  • أنواع الشفاعة في الآخرة
  • واختار النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة
  • شفاعة المؤمنين يوم القيامة

مختارات من الشبكة

  • تذكير أهل الطاعة بأقسام الشفاعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشفاعة: معناها وأنواعها وأسباب نيلها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شروط الشفاعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع الشفاعة المثبتة(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • أنواع الشفاعة الشرعية(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • حكم طلب الشفاعة من الأموات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشفاعة العظمى لنبينا صلى الله عليه وسلم يوم القيامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مشاهد القيامة: الشفاعة(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • الشفاعة يوم القيامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشفاعة وأنواعها(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب