• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

عداوة الشيطان (خطبة)

عداوة الشيطان (خطبة)
سالم بن محمد الغيلي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/2/2021 ميلادي - 18/6/1442 هجري

الزيارات: 70630

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عداوة الشيطان


إن الحمد لله، نحمَده ونستعينه ونستهديه، ونستغفره ونتوب إليه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 70].

 

أما بعد:

فعباد الله، عندما شاء الله أن يجعل في الأرض خليفة ليعمرها وليعبده وحده، قال للملائكة: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ [البقرة: 30]، وعندما لم تدرك الملائكة حكمة الله من ذلك، قالوا: ﴿ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ﴾ [سورة البقرة: 30]، فرد عليهم سبحانه وتعالى: ﴿ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة البقرة: 30].

 

فخلق آدم عليه السلام وتكريمًا له أمر الملائكة بالسجود له: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [سورة البقرة: 34]، ويسجد الملائكة كلهم إلا إبليس أبى السجود لآدم، وكره الإنسان وحقد عليه من تلك اللحظة، وإبليس وجنوده حقيقة، وخلقٌ من خلق الله، وهم مراتب وقبائل وعوائل، ويروننا من حيث لا نراهم؛ قال الله له: ﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ﴾ [الأعراف: 12]، قال: ﴿ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾ [الأعراف: 12].

 

﴿ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ﴾ [الحجر: 32، 33]، وعند ذلك الإصرار على معصية الجبار حق الصغار، وحق عليه الطرد، وحقَّت عليه اللعنة، وأهبَطه الله من الجنة: ﴿ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴾ [الأعراف: 13]، ﴿ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الحجر: 34، 35]، فأدرك عدو الله أن خروجه من الجنة كان لعدم سجوده لآدم، فخطط للانتقام، ودبَّر للوقيعة، وعزم على الإغواء لآدم وذريته إلى يوم القيامة: ﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [الحجر: 36]، ﴿ قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [الأعراف: 14]، ولحكمة يعلمها الله، قال: ﴿ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ﴾ [الحجر: 37، 38]، ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 16، 17]، فقال الله له: ﴿ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الأعراف: 18].

 

وهنا بدأ الصراع، وأُشعِلت الفتنة ودارت رحى الحرب، وبدأ بأبي البشر آدم عليه السلام، فوسوس له، وأقسَم له بالله إنه له لمن الناصحين، فأطاعه فأهبط من الجنة، ولكن الله منَّ عليه بالاستغفار والتوبة والندم، فاجتباه وتاب عليه، تعرض للأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وكل منهم يفطن إلى كيده ومكره.

 

ومثال على ذلك ما رواه مسلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال:قَامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَسَمِعْنَاهُ يقولُ: أعُوذُ باللَّهِ مِنْكَ، ثُمَّ قالَ: ألْعَنُكَ بلَعْنَةِ اللهِ ثَلَاثًا، وبَسَطَ يَدَهُ كَأنَّهُ يَتَنَاوَلُ شيئًا، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ، قُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، قدْ سَمِعْنَاكَ تَقُولُ في الصَّلَاةِ شيئًا لَمْ نَسْمَعْكَ تَقُولُهُ قَبْلَ ذلكَ، ورَأَيْنَاكَ بَسَطْتَ يَدَكَ، قالَ: إنَّ عَدُوَّ اللهِ إبْلِيسَ، جَاءَ بشِهَابٍ مِن نَارٍ لِيَجْعَلَهُ في وجْهِي، فَقُلتُ: أعُوذُ باللَّهِ مِنْكَ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قُلتُ: ألْعَنُكَ بلَعْنَةِ اللهِ التَّامَّةِ، فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أرَدْتُ أخْذَهُ، واللَّهِ لَوْلَا دَعْوَةُ أخِينَا سُلَيْمَانَ، لأَصْبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ به وِلْدَانُ أهْلِ المَدِينَةِ، وعن عائشة رضي الله عنها أن النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كان يصلِّي فأتاه الشيطانُ، فأخذه فصرعَه فخنقَه، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: حتى وجدتُ بردَ لسانِه على يدِي، ولولا دعوةُ سليمانَ لأصبحَ مُوثقًا حتى يراه الناسُ؛ )مجموع فتاوى ابن باز لابن باز على شرط البخاري.

 

وفرَّق أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، ولا يولد مولود من بني آدم إلا وينخسه الشيطان؛ قال صلى الله عليه وسلم: كُلُّ بَنِي آدَمَ يَطْعُنُ الشَّيْطانُ في جَنْبَيْهِ بإصْبَعِهِ حِينَ يُولَدُ، غيرَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، ذَهَبَ يَطْعُنُ فَطَعَنَ في الحِجابِ؛ صحيح البخاري، وقال أبو هريرة: سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يقولُ: ما مِن بَنِي آدَمَ مَوْلُودٌ إلَّا يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِن مَسِّ الشَّيْطَانِ، غيرَ مَرْيَمَ وابْنِهَا ثُمَّ يقولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: ﴿ وَإنِّي أُعِيذُهَا بكَ وذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [آل عمران: 36]؛ صحيح البخاري.

 

هذا هو العدو الذي حذَّرنا الله منه في كتابه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [النور: 21]، يأتي إلى الجاهل بالدين الذي لا يعرف الخير من الشر ولا السنة من البدعة، ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [الكهف: 103، 104].

 

ومن مداخله يأتي إلى الغضبان فيتحكم في عقله وعصبه وسمعه وبصره؛ قال صلى الله عليه وسلم أنَّ رَجُلًا قالَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أوْصِنِي، قالَ: لا تَغْضَبْ فَرَدَّدَ مِرَارًا، قالَ: لا تَغْضَبْ؛ صحيح البخاري، وإذا غضب المسلم فعلاجه كما قال صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وأن يتوضأ، قال سليمان بن صُرد رضي الله عنه: كنتُ جالسًا معَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ورجلانِ يَستَبَّانِ، فأحدُهما احمَرَّ وجهُه وانتفخَتْ أوداجُه، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إني لأَعلَمُ كلمةً لو قالها ذهَب عنه ما يَجِدُ، لو قال: أعوذُ باللهِ منَ الشيطانِ، ذهَب عنه ما يَجِدُ؛ رواه البخاري.

 

وأن يجلس إن كان واقفًا: (إذا غضبَ أحدُكم وهو قائمٌ فلْيجلسْ، فإن ذهبَ عنه الغضبُ وإلا فلْيَضْطَجِعْ)؛ صحيح أبي داود للألباني صحيح.

 

ويأتي إلى محب الدنيا، فمن نَشِبَ حب الدنيا في قلبه، فإنه يوالي من أجلها ويعادي، ويحب ويبغض؛ قال عدو الله: ﴿ لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الحجر: 39]، قال صلى الله عليه وسلم: (تَعِسَ عبدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الخَمِيصَةِ، إنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وإنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ...الحديث؛ صحيح البخاري.

 

يأتي إلى البخيل يعد ويخوف من الفقر؛ حتى لا ينفق الإنسان ويبسط يده في سبيل الله على أهله وذي الحاجة؛ قال الله عنه: ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 268]، قال صلى الله عليه وسلم: (ما مِن يَومٍ يُصْبِحُ العِبادُ فِيهِ، إلَّا مَلَكانِ يَنْزِلانِ، فيَقولُ أحَدُهُما: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا)؛ صحيح البخاري.

 

يأتي إلى المتكبر والمتكبر لا يقبل الحق، ولا يقبل النصح ويتمادى في غيه، ويتيه في ضلالته حتى يفجأه الموت وهو على المعصية، قال صلى الله عليه وسلم: (أَلا أُخْبِرُكُمْ بأَهْلِ الجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ، لو أقْسَمَ علَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، ألا أُخْبِرُكُمْ بأَهْلِ النَّارِ: كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ)؛ صحيح البخاري، وقال الله قبل ذلك: ﴿ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾ [غافر: 35].

 

يأتي إلى محب المدح، ومن أحب المدح على عبادته، فقد دخل عليه الشيطان، وأفسد عليه عمله، وأحبط عليه سعيه، فلنحذَر من حب المدح، ولنحذَر المدَّاحين؛ قال صلى الله عليه وسلم: (إذَا رَأَيْتُمُ المَدَّاحِينَ، فَاحْثُوا في وُجُوهِهِمِ التُّرَابَ... الحديث)؛)صحيح مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: (إياكم والتمادُحَ، فإِنَّه الذَّبْحُ)؛ صحيح الجامع للألباني صحيح.

 

يأتي إلى المرائي ويجعله يعمل من أجل نظر الناس؛ قال صلى الله عليه وسلم: (مَن يُسَمِّعْ يُسَمِّعِ اللَّهُ به، ومَن يُرائِي يُرائِي اللَّهُ بهِ)؛ صحيح مسلم، وأول من تسعَّر بهم النار منفقٌ وقاري للقرآن ومجاهدٌ؛ كما في الحديث في صحيح الترمذي للألباني، ولكن أعمالهم من أجل أن يقال فقد قيل.

 

ويأتي إلى صاحب العجب، فيعجب الإنسان بصحته وبماله وبصورته وبعبادته، فيكن من الجاهلين، قال مسروق رحمه الله: "كفى بالمرء علمًا أن يخشى الله، وكفى بالمرء جهلًا أن يُعجب بعلمه"؛ جامع بيان العلم وفضله لابن عبدالبر، (1/143) عجب ليرى أنه أفضل من غيره.

 

ويأتي إلى صاحب الجزع والهلع، فعند المصيبة يأخذه الأسف، وشدة الحسرة، فلا يرى من مصابه خلفًا ولا يجد لمفقوده بدلًا، ويهيم مع الشيطان في بحار الأوهام، ويترك الصبر والرضا بما قدر الله عليه.

 

إذا ابتُليتَ فثِقْ باللهِ وارضَ به
إنَّ الذي يَكْشف البلوى هو اللهُ
إذا قضى اللهُ فاستَسلِم لقُدرته
ما لامرئٍ حيلةٌ فيما قَضى اللهُ
اليأسُ يَقطع أحيانًا بصاحبِه
لا تيئَسنَّ فإن الفاتح اللهُ

 

يأتي إلى أهل الباطل وأهل المعصية، فيُزينها ويهوِّنها، ويُلمعها حتى يستمرِئها القلب ويعتادها، ويتلذذ بها، وربما دافع عنها ودعا إليها.

 

اللهم أعذنا من الشيطان الرجيم ومن مكره وغوايته وتزيينه، أقول ما تسمعون....

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

 

عباد الله، الشيطان يأتي إلى أتْبَاع الهوى والهوى يصد عن الخير ويضاد العقل، ويؤدي بصاحبه إلى أقبح الأخلاق وأسوأ الأفعال، فأصحاب المزاجات ضُلَّال، وأصحاب الأهواء عُبَّاد شهوة؛ قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾ [القصص: 50]، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾ [ص: 26]، وقال: ﴿ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ ﴾ [الأعراف: 176]، وقال تعالى: ﴿ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28]، وقال بعض العلماء: " ركب الله الملائكة من عقل بلا شهوة، وركب البهائم من شهوة بلا عقل، وركَّب ابن آدم من كليهما، فمن غلَّب عقله على شهوته، فهو خير من الملائكة، ومن غلَّب شهوته على عقله فهو شرٌّ من البهائم".

 

يأتي الشيطان إلى من يسيء الظن، وسوء الظن بين الناس يفكك المجتمع ويفسد العلاقات، ويقطع أواصر المحبة، وفي هذا الجو المظلم يستطيع الشيطان أن يعمل ما شاء؛ قال صلى الله عليه وسلم: (إيَّاكُمْ والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَديثِ، ولا تَحَسَّسُوا، ولا تَجَسَّسُوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَحاسَدُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، وكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخْوانًا)؛ صحيح البخاري.

 

الشيطان يجعل المسلم يحتقر المسلم، وذلك من أعظم الذنوب عند الله تعالى؛ قال صلى الله عليه وسلم: (لا تَحاسَدُوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، ولا يَبِعْ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوانًا المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ ولا يَخْذُلُهُ، ولا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هاهُنا ويُشِيرُ إلى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ، دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ)؛ أخرجه البخاري مختصرًا، ومسلم.

 

ويجعل المسلم يحتقر الذنوب، فيُوسوس الشيطان بأن هذا ذنب صغير، وهذا هيِّن، واقتراف الصغيرة يجرُّ إلى الكبيرة، بل إن الصغائر إذا اجتمعت على العبد أهلكته؛ قال صلى الله عليه وسلم: (إياكم ومُحَقَّراتِ الذنوبِ، فإِنَّما مثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذنوبِ كَمَثَلِ قَوْمٍ نزلُوا بَطْنَ وادٍ، فجاءَ ذَا بعودٍ، وجاءَ ذَا بعودٍ، حتى حمَلُوا ما أنضجُوا بِهِ خبزَهُم، وإِنَّ مُحَقَّراتِ الذنوبِ متَى يُؤْخَذْ بِها صاحبُها تُهْلِكْهُ)؛) صحيح الجامع للألباني صحيح، وقال صلى الله عليه وسلم: (يا عائشةُ، إياكِ ومحقَّراتِ الأعمالِ، فإنَّ لها من اللهِ طالبًا)؛ صحيح ابن ماجه للألباني، (أخرجه ابن ماجه واللفظ له، وأحمد).

 

ويجعل العاصي يأمن مِن مكر الله، والأمن من مكر الله يورث الغفلة، والغفلة تورث التهاون، والتهاون سُلَّمُ الشيطان، وهو من أسباب الخسران، ومَن تهاوَن في أمر جرَّه الشيطان إلى ما هو أعظم منه، ﴿ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 99]، ويجعل المسلم يقنط من رحمة الله عندما يذنب أو يدعو، فَيقنطه الشيطان ويوهمه أن ذنوبه كثيرة، وأنه قد غرِق في لُججها، وألا مخرج منها ولا نصيب له في رحمة الله، فإذا استسلم العبد وقنط من رحمة الله، قال له الشيطان: تمتَّع من الدنيا بما شئت، وتلذَّذ بكل معصية قبل الموت، فإنك من أهل النار: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [سورة الزمر: 53[، وقال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ باللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبِهَا)؛ صحيح مسلم.

 

وفي النهاية يتبرأ الشيطان من أتباعه ﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ﴾ [الحشر: 16 - 17]، فاستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم وكونوا منه على حذر؛ حتى لا يفسد عليكم دينكم، حافظوا على ذكر الله، أذكار الصباح وأذكار المساء، وتلاوة القرآن؛ حتى لا يفسد عليكم أنفسكم وبيوتكم ودنياكم.

 

وصلوا وسلموا...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تحذير الإنسان من عداوة الشيطان (1)
  • تحذير الإنسان من عداوة الشيطان (2)
  • استشعار عداوة الشيطان حقيقة
  • عداوة الشيطان في القرآن (خطبة)
  • خطوات الشيطان (خطبة)
  • تحذير الإنسان من عداوة الشيطان (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: عداوة الشيطان في القرآن (باللغة البنغالية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عداوة الشيطان في القرآن (خطبة) - باللغة النيبالية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عداوة الشيطان في القرآن (خطبة) باللغة الإندونيسية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عداوة الشيطان في القرآن (خطبة) (باللغة الهندية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فاتخذوه عدوا: تنبيهات مهمة للتصدي لعداوة الشيطان (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الشيطان وعداوته للإنسان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير آية: (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشيطان والإنسان ( عداوة وإيذاء، وعلاج وشفاء )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدعوة إلى الحذر من الشيطان واتباعه وبيان عداوته للإنسان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطوات الشيطان(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب