• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

أفي الله شك؟ (4) (خطبة)

أفي الله شك؟ (3) (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/9/2020 ميلادي - 5/2/1442 هجري

الزيارات: 8144

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أفي الله شك؟ (4)

 

الحمدُ للهِ شهِدَت على وجودهِ آياتهُ الباهرةِ، ودلت على كرمِ جُودهِ نِعمَهُ الباطِنةُ والظاهرةُ، ﴿ وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ ﴾ [القصص: 70]، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، سبَّحت بحمدهِ الأفلاكُ السائِرةُ، والنجومُ الزاهِرةُ، والسُحبُ الماطِرةُ، ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ ﴾ [العنكبوت: 20]، وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، هدى بهِ اللهُ العقولَ الحائِرةَ، وجمعَ به القلوبَ المُتنافِرةَ، فزهَّدَ في الدنيا ورغَّبَ في الآخِرة، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وبارَك عليهِ، وعلى آله وعِترتهِ الطاهرةِ، وأصحابِه الأنجُمِ الزاهِرةِ، والتابعين وتابِعيهم بإحسانٍ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا لا منتهى لآخِره.

 

أمَّا بعدُ: فأُوصيكم أيُّها النَّاس ونفسي بتقوى اللهِ، فاتقوا اللهَ رحمكم اللهُ؛ فللهِ درُّ أقوامٍ إِذا مسَّهُم طائِفٌ من الشيطانِ تذكروا فإذا هم مُبصِرون، نظروا في عيوبهم فاستغفروا لذنوبهم، ولم يُصِروا على ما فعلوا وهم يعلمون، وللهِ درُّ أنفُسٍ أفاقت من غفلاتها، فاستعلت على دنياها وشهواتِها، وتطهرت من آثامِها ولوثاتها، وبادرت الفُرصَ السانحةَ قبلَ فوَاتِها، ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ﴾ [يونس: 108].

 

معاشِر المؤمنينَ الكرام: تحدثنا في خُطبٍ ماضيةٍ عن ظاهرة الإلحادِ وجُرأةِ البعض على نفيِ وجودِ الخالقِ جلَّ وعلا، وعرفنا أبرزَ الأسبابِ التي أدت لازديادِ هذه الظاهرةِ الخطيرة، كما عرفنا بعض نتائِجها السيئةِ وثمارِها المرة، وعرَّفنا الصُّدفة التي يَنسِبُون إليها إيجاد كُلِّ المخلوقات، وعرفنا أنَّ الملحد حينَ أنكرَ وجودَ الخالقِ تبارك وتعالى، استبدله بالطبيعة والكونَ، وزعَم أنَّ الكون أزليٌ قديمٌ، لا بدايةَ لهُ ولا نِهاية، وقد فندنا هذا الزعمَ الباطلَ بالأدلة الدامغةِ، ثم سردنا مجموعةً كبيرةً من الأدلة العقليةِ والعلميةِ لإثبات وجودِ الخالقِ تبارك وتعالى، ونحنُ اليومَ على موعدٍ مع بعضِ المناظراتِ المفحمةِ.. والمناظرةُ هي نقاشٌ وجدالٌ يُعقدُ بين مُتحدثين أو أكثر، حولَ قضيةٍ خِلافيةٍ مُعينةٍ، تُقدَّمُ فيها حُججٌ مُتَعارضةٌ، ينصُرُ كلُّ طرفٍ رأيهُ وما يذهبُ إليه.. وقد أشادَ القرآنُ بهذا الأسلوبِ في كثيرٍ من الآياتِ، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [العنكبوت: 46]، وقوله تعالى: ﴿ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل: 125].. كما احتوى القرآنُ الكريمُ على عدةِ نماذجَ من مُناظرةِ أهلِ الباطلِ، كقولهِ تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 258]، وقوله تعالى: ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الأنبياء: 22]، وقوله تعالى: ﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لاَ يُوقِنُونَ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ المُسَيْطِرُونَ ﴾ [الطور: 35 – 37].. وغيرها من النماذج الكثيرة.

 

وقد ناظر الأمام أبو حنيفةَ رحمه الله جماعة من الملحدين الدهريين، فقال لهم: قد ذكروا لي أن سفينةً في البحرِ عظيمةُ الصنعِ، واسعة الأطراف، متعدد الأقسام، كثيرةُ المرافقِ والمصالحِ، إلا أنَّهُ ليس بها من يُنظِمها ولا يُدبرها، ولا من يسوقُها ولا يحرسُها، بل هي التي تفعلُ ذلك كُله، وتُسيّرُ نفسَها بنفسِها، تذهَبُ وتجيء، وتخترقُ الأمواجَ وتعبرُ المحيطاتِ، وترسو في الموانئِ بنفسِهَا، وتُوصِلُ الأحمالَ بنفسها، فقال الملاحدة: هذا شيءٌ مُستحيلٌ ولا يقولهُ عاقلٌ.. فقال: ويحكم فهذه الموجُوداتِ العظيمةِ بخلقِها البديع، ونظامُها الدقِيق، واتساعِها المذهل، وما فيها من عالمٍ عُلويٍ وسُفليٍ، وما اشتملت عليه من إحكامٍ وإتقانٍ عجيب، هل يعقلُ أنها تسيّرُ نفسَها بنفسِها، وليس لها صانعٌ عاقلٌ، ولا مُدبرٌ حكيمٌ.. فبُهِت القوم ورجعوا إلى الحقِّ.

 

ومن المناظرات الرائعة الماتعة، ما جرى بين أحدِ عُلماءِ الأعجازِ العلمي وأحدِ كبارِ الملحدين الغربيين..

حيثُ بدأت المناظرةُ بقول العالمِ للملحد: إذا كنت لا تُؤمنُ بالخالق جلَّ وعلا فمن أوجدك..

قال الملحد: أوجدتني الطبيعة..

قال العالم: هل تقصدُ بالطبيعة، الصُّدفةُ..

قال الملحد: نعم..

قال العالم: أليست الطبيعةُ صماءَ بكماءَ عمياءَ.. ليس لها علمٌ ولا حِكمةٌ، وليس لها عقلٌ ولا تدبيرٌ..

قال الملحد: نعم..

قال العالم: أترى هذا المصباحَ الكهربائي، وأشار إلى مِصباحِ الغرفة، لو أخبرتُكَ أنَّ صانِعهُ عِندهُ زجاجٌ أتصدقني؟..

قال الملحد: نعم.. وإلا كيفَ سيصنعُه..

قال العالم: ولو قلت لك أن هذا الصانعَ لديهِ قُدرةٌ على تشكيلِ الزُّجاجِ كما يريدُ أتصدقني..

قال الملحد: نعم..

قال العالم: ولو قلت لك أنَّ صانعَ هذا المصباحِ حكيمٌ مُتقِنٌ، فقد استطاع أن يُحكمَ الغِطاء حول الزجاج، أتصدِقُني..

قال الملحد: نعم..

قال العالم: ولو قلتُ لك أنَّ صانعَ المصباحِ لديهِ علمٌ واسِعٍ بالكهرباء، أتصدقني..

قال الملحد: نعم، لا بدَّ أن يكونَ لديهِ علمٌ بالكهرباء وإلا لما استطاع أن يجعلهُ يُضيئ..

قال العالم: إذن فأنت ودونَ أن ترى صانِعَ المصباحِ، تُقرُّ وتشهدُ بأنَّهُ يتصِفُ بصفاتٍ كثيرةٍ: منها أن لديهِ زُجاجٌ، وأنَّهُ قادرٌ على تشكيلِ الزُّجاجِ، وأنَّهُ مُتقِنٌ لصنعتهِ، وأنَّ لديهِ عِلمٌ مُتقدِمٌ بالكهرُباء..

قال البروفسور: نعم أُقرًّ بكُلِّ ذلك..

قال العالم: كيفَ تُقرُّ بصِفاتِ صانعٍ لم ترهُ؟!..

فأشارَ الملحدُ إلى المصباحِ وقال: هذا صُنعهُ أمامي..

قال العالم: إذن فأنت تُقرُّ بأنَّ الشَّيءَ المصنُوعَ سواءً كان مِصباحاً أو غيرهُ يدلُ على بعضِ صِفاتِ صانِعهِ، فلا تُكونُ خاصِيةٌ في الشيءِ المصنوعِ إلا وعندَ الصانعِ قُدرةٌ أوجدَ بها تلك الخاصِية..

قال الملحد: نعم..

قال العالم: فلنتحول من صُنعِ المصباحِ إلي صُنعِكَ أنت.. فهل لا زلت تزعُمُ أنك خُلقتِ عَبثاً، وأنَّ من خلقكَ ليس لديهِ علمٌ ولا حِكمةٌ ولا عقلٌ..

قال الملحد: نعم..

قال العالم: فما هو تعريفُكَ للعين، وأشارَ العالم إلى عينهِ..

قال الملحدُ: جهازٌ يستقبلُ الضوءَ المنعكِسَ من الأجسامِ، فيترجِمُها في الدِماغِ إلى صورٍ مُتتابِعة..

قال العالم: أي أنهُ لا يعملُ في الظلامِ..

قال الملحدُ: بالطبع لا يعمل..

قال العالم: فأين صُنعت العين..

قال الملحدُ: في رحِم الأُمِّ..

قال العالم: وهل في الرَّحِم ضوءٌ..

قال الملحدُ: لا..

قال العالم: فالذي صنعَ جِهازاً خاصاً بالضوءِ في مكانٍ مُظلمٍ، وفي وقتٍ لم يكن الجنينُ بحاجةٍ إليه عِدةَ أشهُرٍ، هل يعلمُ بأنهُ سيستخدمها عندما يخرجُ للضوءِ، أم لا يعلم..

فاضطرب الملحدُ وعاندَ، وقال: لا يعلم.. لأنهُ لو قال يعلم فستنتهي خُرافةُ الطبيعةِ التي لا تعلم..

قال العالم: فلنتكلم عن شيءٍ آخر، كم درجةُ حرارةِ الانسانِ الطبيعية..

قال الملحدُ: 37..

قال العالم: أليست هذه الدَّرجةُ ثابتةٌ لكلِّ البشر صيفاً وشتاءً، في المناطق الباردةِ والحارةِ على حدٍّ سواء..

قال الملحد: نعم..

قال العالم: أليسَ في الجسمِ عوامِلَ لتُحافِظَ على ثباتِ هذه الحرارة دائِماً، كإفرازِ العرقِ في الحرِّ، وازديادِ الحاجةِ إلى الطعام في البرد، ولذلك نُكثرُ من شُربِ الماءِ صِيفاً، ونأكلُ أكثرَ في الشتاءِ..

قال الملحدُ: نعم..

قال العالم: فهل من أوجدَ هذا الميزانَ الدقيقَ ليجعلَ حرارةَ الجسمِ ثابتةً بشكلٍ دائمٍ عند تلك الدرجةِ، حكيمٌ أم غيرُ حكيمٍ،

فاستمر الملحد في غيهِ وقال، لا، ليس بحكيم.. لأنَّهُ لو قالَ حكيم، فسيهدِمُ عقيدته في الطبيعة، والتي لا عِلمَ ولا حِكمة لها..

قال العالم: شيءٌ آخر: أليس هذا الجهازُ الدقيقُ الخاصُ بضبطِ حرارةِ الجسمِ دائماً عند 37، أليس قد صُنعَ في الرَّحِم..

قال الملحدُ: نعم صُنعُ في الرِّحِمِ..

قال العالم: أليست درجةُ حرارةِ الرَّحِمِ أيضاً ثابتةٌ دائماً عند 37..

قال الملحد: نعم، لأنها داخِلَ جِسمِ الأُمِّ..

قال العالم: فالذي صَنعَ جِهازاً خاصاً بضبطِ درجةِ حرارةِ الجسمِ مهما تغيرت الأجواء، صيفاً وشتاءً، وصنعهُ في مكانٍ لا تتغيرُ فيه درجةُ الحرارةِ، وفي وقتٍ لم يكن الجنينُ بحاجةٍ لهذا الميزانِ عِدةَ أشهُرٍ، ألا يعلمُ بأنَّهُ سيحتاجُهُ عندما يخرجُ للأجواءِ الخارجيةِ المتغيرةِ أم لا يعلم..

فاستمرَ الملحدُ في غيهِ وقال: لا يعلم..

قال العالم: حسناً، أمرٌ رابع: كم نسبةُ الأُكسجينِ في الهواء..

قال الملحد: قُرابةَ الخُمسِ..

قال العالم: فهل هذه النِّسبةُ ثابتةٌ أم مُتغيرةٌ..

قال الملحد: بل هي ثابتةٌ دائماً..

قال العالم: فما الذي يضبِطُها هكذا، رغمَ كثرةِ استهلاكِ البشرِ والحيوانات للأُكسجين..

فقال الملحدُ: النباتاتُ وتبخرُ ماء البِحارِ وغيرها من العوامِلِ..

قال العالم: فالذي صَنعَ هذا التَّوازُنَ العجيبَ، وجعل هذه النسبةَ ثابتةٌ لا تتغيرُ في كلِّ بقاعِ الأرضِ، هل من فعلَ هذا وقدَّرهُ هذه التقدير الدقيق المتقن، حكيمٌ أم غيرُ حكيم..

قال الملحدُ: لا، ليس بحكيم..

قال العالم: فعلمتُ أنهُ سيتمرُ على عناده هكذا، إلا إذا احتلتُ عليه بحيلةٍ تُوقِفهُ عند حدِّه... وهذا ما سنتعرفُ عليه في الخطبة الثانيةِ بإذن اللهِ تعالى.. فبارك الله لي ولكم...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله كما ينبغي لجلاله وجماله وكماله وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه واتباعه واخوانه، وسلم تسليماً كثيراً..

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، ومن ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18]..

 

معاشر المؤمنين الكرام:

يستأنف العالم المسلمُ مناظرته فيقول: عرفتُ أنَّ هذا الملحدَ سيتمرُ على عناده، إلا إذا احتلتُ عليه بحيلةٍ تُوقِفهُ، فسألتُه: لماذا يلبَسُ رُوادُ الفضاءِ تلك البدلةَ الغريبة؟.. فقال: لأنهم بدونها لا يستطيعونَ البقاءَ في الفضاء الخارجي أحياء..

قال العالم: فأخبرني عمَّن صنعَ تلك الملابس؟ أهم عُلماءٌ أم أُناسٌ عادِيون..

قال الملحدُ: بل عُلماءُ مُتخصِصون..

قال العالم: لماذا؟..

قال الملحد: لأنهُ يجبُ أن تتوفرَ في تلك البدلةِ مُواصفاتُ خاصةٌ، فتحميهم من الحرارةِ المرتفعة، والضغطِ العالي، ومن الإشعاعات الضَّارةِ، وهذه أمورٌ لا يعلمُها إلا عُلماءُ مُتخصِصُون..

قال العالم: حسناً، فأنت عندما كُنتَ في بطن أمِّك، من أين كُنتَ تتنفسُ وتأكُل..

قال الملحدُ: من خلال الحبل السُّري..

قال العالم: فتخيل أنك عندما كنت في بطن أمِّك مثلَ رائد الفضاء الذي زودهُ العلماءُ بتلك البدلة الخاصة، فهل الذي زودك وأنت في بطن أمك بالجهاز التنفُسي والجهاز الهضمي، في وقتٍ لم تكن تحتاجُ لهذا الأجهزة، يعلمُ أنَّك ستستخدِمُها عندما تنطلقُ إلى الفضاءِ الخارجِي أم لا يعلم،

فضحكَ الملحد وقال: يعلم..

استسلم أخيراً وأقرَّ بأنَّ خالقَ الانسانِ يتصفُ بالعلم.. ثم تكلَّم العالم المسلم عن عجائب تركيب العظام، وتداخلاتها المحكمة، وكيف أنَّ كُلَّ عظمةٍ تتَّصلُ بأختها بكلِّ دِقةٍ وإحكام، وتكلم عن الأسنانِ وتناسُقِها وإحكامها، وتقسِيمها إلى قواطِع وأنيابٍ وأضراسٍ مُتناسِقة مُتكامِلة، وتكلم عن الرموش، وكيف يتقوسُ شعرها مرةً للأعلى ومرةً للأسفل، وتكلَّم عن تناسُقِ الأعضاءِ وتناسُبِها، فلا عينَ أكبرَ من عين، ولا أُذنَ أصغرَ من أُذن، ولا يدَ أطولَ من يد، ولا رِجلَ أقصرَ من رجل، مما يدلُ على عظمةِ وقدرةِ الخالق الحكيمِ، والبارئ المبدع، والمصوِّر المتقِنِ سبحانه وتعالى، ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [النمل: 88].. ﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الحشر: 24].

 

أحبتي الكرام: كما سمعتم فالمناظرةُ وسيلةٌ فعالةٌ للتعلُّمِ والفهمِ، وبأسلوبٍ مُقنعٍ وجذابٍ، كما أنَّ من فوائدها المهمَّةِ إظهارُ الحقِّ بدليهِ، وكشفُ عَوارِ الباطلِ، وبيانِ زيفِهِ وفسادِه، وفضحِ تدليسِ أهلِ الباطلِ وخِداعِهم، خُصوصاً لمن أغترَّ بزُخرُفِ كلامِهم وبهرجِ قولهم.. ومن فوائدِ المناظراتِ أنها تُبينُ قوةَ هذا الدِّينَ الحقِّ ومتانتِهِ، وأنهُ ما شادَّ الدِّينَ أحدٌ إلا غلبهُ.. وتُبينُ كذلك مدى قُوة وروعة ما في القرآنِ والسنَّةِ من أدلةٍ دامغةٍ، وحُججٍ قاطِعةٍ، وبراهينَ ساطعةٍ، تجعلُ الحقَّ يعلُو ولا يُعلى عليه.. كما أنَّ من فوائِدِ المناظرةِ توضِيحُ أنَّ الحقَّ بحاجةٍ ماسةٍ إلى القوي الأمين، والذكيُ الفطين، الذي يعرفُ كيفَ يُجلِّي الحقَّ ويُظهِرهُ حتى يرجِعَ إليهِ من يطلُبُهُ بصدقٍ.. ويعرِفَ كيفَ يحمِلُ على الباطلِ بقوةٍ، فيدمغهُ فإذا هو زاهقٌ.. و﴿ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ﴾ [الأنفال: 42]... وقد بقيَّ معنا في موضوعِ الإلحادِ ثلاثةُ محاورٍ، الأولُ الرَّدُّ على أبرز شُبهاتِ الملحدين، والتي طالما خدعوا بها ضعيفي العلم والإيمان، وزعموا أنَّ المؤمنينَ لا يستطيعونَ الرَّدَّ عليها..

 

والمحور الثاني عن أقوى حُجج الملحدين وأكثرها رواجاً، وهو ما يسمى بمشكلة الشرِّ ودِلالاتها.. والمحورُ الثالث: أسئلةٌ بدهيةٌ لا يستطيع الملحدون الإجابة عليها إلا إذا أمنوا بوجود الخالق جلَّ وعلا.. نسأل الله الكريم العون والتوفيق والسداد..

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.. اللهم صل..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أفي الله شك؟
  • أفي الله شك؟ (1) (خطبة)
  • أفي الله شك؟ (2) (خطبة)
  • أفي الله شك (3) (خطبة)
  • أفي الله شك؟ (5) (خطبة)
  • ما لكم لا ترجون لله وقارا (خطبة)
  • أفي الله شك؟ (6) (خطبة)
  • أفي الله شك؟ (7) (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة أفي الله شك (4)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة أفي الله شك(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أفي الله شك (2)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أفي الله شك (1)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أفي الله شك (3)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أفي الله شك ؟!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أفي المال حق سوى الزكاة؟!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا أملك قدرا كافيا من الجمال(استشارة - الاستشارات)
  • الاختلاط أفيون الشعوب (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • هل حقا أن " الدين أفيون الشعوب "؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب