• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

الرياء: تعريفه، شدة الخوف منه، أنواعه، أسبابه، أحكامه، أضراره، علاجه

الرياء: تعريفه، شدة الخوف منه، أنواعه، أسبابه، أحكامه، أضراره، علاجه
الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/12/2019 ميلادي - 28/4/1441 هجري

الزيارات: 80736

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الرِّياءُ

(تعريفه، شدَّة الخوف منه، أنواعه، أسبابه، أحكامه، أضراره، علاجه)

 

الحمدُ للهِ الأوَّلِ الواحِد الجليل، الذي ليسَ لهُ شَبيهٌ ولا نَظيرٌ، له الحمدُ ملءَ السماواتِ وملءَ الأرضِ وملءَ ما شاءَ من شيءٍ بعد، أهل الثناءِ والْمَجد، وكُلُّنا له عبدٌ، وأشهدُ أن لا إلاَّ اللهُ وحده لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُه، اصطفاهُ لوحيهِ، وختَمَ بهِ أنبياءَهُ، وجعَلَهُ حُجَّةً على جميع خلْقِهِ، ﴿ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ﴾ [الأنفال: 42]، صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وأصحابهِ وتابعيهمِ إلى يومِ الدِّين.

 

أمَّا بعد:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ [محمد: 33]، ألاَ وإنَّ من أعظمِ الأُمورِ التي تُفسدُ الأعمالَ وتُحبطُها: الرِّياءُ والسُّمْعة، قالَ تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]، قالَ ابنُ كثيرٍ: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ ﴾ أيْ: ثوَابَهُ وجزاءَهُ الصالِحَ، ﴿ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا ﴾ أي: ما كانَ مُوافقاً لشرْعِ اللهِ، ﴿ وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾، وهوَ الذي يُرادُ بهِ وَجْهُ اللهِ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وهذانَ رُكْنَا العَمَلِ الْمُتقَبَّلِ، لا بُدَّ أنْ يكُونَ خالصاً للهِ صَوَاباً على شريعةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ) انتهى.

 

و(عن أبي سعيدٍ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: خَرَجَ علينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ونحنُ نَتَذاكَرُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فقالَ: «ألا أُخْبرُكُمْ بما هوَ أخْوَفُ عليكُمْ عندي من المسيحِ الدَّجالِ؟»، قالَ: قُلنا: بَلَى، فقالَ: «الشِّرْكُ الخَفِيُّ، أنْ يقومَ الرَّجُلُ يُصلِّي فيُزَيِّنُ صلاتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ») رواه ابنُ ماجه وحسَّنه البوصيري، قال الشوكانيُّ: (فإذا كان مجرَّدُ الرِّياءِ هو فعلُ الطاعةِ للهِ عزَّ وجلَّ مَعَ محبَّةِ أنْ يَطَّلَعَ عليها غيرُه أو يُثنى عليه بها أو يَستحسِنُها شِرْكَاً، فكيفَ بما هو مَحْضُ الشِّرك) انتهى.

 

و(عن محمودِ بنِ لَبيدٍ رضيَ اللهُ عنهُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: إنَّ أخْوَفَ ما أخافُ عليكُمُ الشِّرْكُ الأصْغَرُ، قالوا: وما الشِّرْكُ الأصْغَرُ يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: الرِّيَاءُ، يقولُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ لهم يومَ القيامةِ: إذا جُزِيَ الناسُ بأعمالِهِمْ: اذهَبُوا إلى الذينَ كُنتُمْ تُراءُونَ في الدُّنيا فانظُرُوا هلْ تَجِدُونَ عندَهُمْ جَزَاءً) رواه الإمام أحمد وجوَّد إسناده المنذري.

 

وعن شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: (كُنَّا نَعُدُّ على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّ الرِّياءَ الشِّرْكُ الأصْغَرُ) رواه الحاكم وصحَّحه ووافقه الذهبي.

 

فالرِّياءُ نوعٌ من أنواع الشركِ الأصغر، قال ابنُ القيِّم: (وقدْ يكُونُ هذا شِرْكاً أكْبَرَ بحَسَبِ قائلِهِ ومَقْصدِهِ) انتهى.

وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بهِ، ومَنْ يُرَائي يُرَائي اللهُ بهِ) رواه البخاري واللفظ له ومسلم.

 

قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: (والفرق بينه -الرياء- وبين السُّمعة أن الرِّياء هو العمل لرؤية الناس، والسمعة: العمل لأجل سماعهم، فالرياء يتعلق بحاسة البصر، والسمعة بحاسة السمع، ويَدخلُ فيه أنْ يُخفيَ عمله لله ثم يُحدِّث به الناس) انتهى.

 

أيها المسلمون: والرياء أنواع، فمنه:

الرِّياء البدني: فيُظهر النُّحُول على جسمه ليُوهم الناس شدَّة اجتهاده وخوفه، ومنه: الرِّياء من جهة اللباس والزِّي: فيلبس خلاف ما يلبسه الناس من الثياب التي يزعم أنه لا يلبسها إلا العلماء والزُّهَّاد، لأجل أن يُقال عنه إنه عالم وعابد وزاهد، ومنه: الرِّياء بالقول: فيُظهر كثرة ذكره ودعائه وعلمه وحُسن تلاوته، ومنه: الرِّياء بالعمل: بطول الصلاة وكثرة الصدقة والكرم ليَحْمَدَهُ الناس عليها، ومنه: الرِّياء بكثرة الأصحاب والزُّوار، فيتكلَّف بدعوة العلماء والوُجهاء ليَحْمَدهُ الناس.

 

وليُعلَمْ أنَّ للرِّياءِ أسباب: قال ابن قدامة: (اعلم أنَّ أصلَ الرِّياء: حُبُّ الجاهِ والمنزلة، وإذا فُصِّلَ رَجَعَ إلى ثلاثةِ أُصولٍ، وهي: حُبُّ لذَّةِ الحمدِ، والفرارُ من ألم الذمِّ، والطمعُ فيما في أيدي الناس) انتهى.

 

هذه الأمور الثلاثة التي ذكَرَها ابن قدامة هي الأصول الجامعة الباعثة على الرِّياء، وهي:

أولاً: أن الْمُرائي يُحبُّ حمدَ الناس وثناءهم على أعماله الصالحة من صلاةٍ وصدقةٍ وجهادٍ وكَرَمٍ وتعليمِ العلم، ولم يقصد وجهَ الله، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (إنَّ أَوَّلَ الناسِ يُقْضَى يومَ القيامةِ عليهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فأُتِيَ بهِ فعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فعَرَفَها، قالَ: فمَا عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: قَاتَلْتُ فيكَ حتى اسْتُشْهِدْتُ، قالَ: كذَبْتَ، ولكنَّكَ قاتلْتَ لأنْ يُقالَ: جَرِيءٌ، فقدْ قيلَ، ثمَّ أُمِرَ بهِ فَسُحِبَ على وَجْهِهِ حتى أُلْقِيَ في النارِ، ورَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ، وعلَّمَهُ وقَرَأَ القُرآنَ، فأُتيَ بهِ فعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فعَرَفَها، قالَ: فمَا عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: تَعَلَّمْتُ العِلْمَ وعلَّمْتُهُ، وقَرَأْتُ فيكَ القُرآنَ، قالَ: كذَبْتَ، ولكنَّكَ تعَلَّمْتَ العِلمَ ليُقالَ: عالِمٌ، وقَرَأْتَ القُرآنَ ليُقَالَ: هوَ قارئٌ، فقدْ قيلَ، ثمَّ أُمِرَ بهِ فَسُحِبَ على وجْهِهِ حتى أُلْقيَ في النارِ، ورَجُلٌ وسَّعَ اللهُ عليهِ، وأعطَاهُ مِنْ أصنافِ الْمالِ كُلِّهِ، فأُتيَ بهِ فعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فعَرَفَها، قالَ: فمَا عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: ما تَرَكْتُ مِنْ سَبيلٍ تُحِبُّ أنْ يُنْفَقَ فيها إلاَّ أَنْفَقْتُ فيهَا لَكَ، قالَ: كَذَبْتَ، ولكنَّكَ فعَلْتَ ليُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فقدْ قيلَ، ثمَّ أُمِرَ بهِ فسُحِبَ على وجْهِهِ، ثمَّ أُلْقيَ في النارِ) رواه مسلم.

 

ثانياً: خوفُ الْمُرائي من ذمِّ الناسِ له، فهو يُنفقُ حتى لا يُقال: بخيل، ويُقاتلُ حتى لا يُقال: جبان.. وهكذا.

 

ثالثاً: رغبة الْمُرائي بعمله الصالح الحصول على ما عند الناس من حُطام الدنيا، قال تبارك وتعالى: ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [الأعلى: 16، 17].

 

عباد الله:

لقد أمرَ اللهُ ورسوله صلى الله عليه وسلم بوجوب إخلاص العمل لله، والحذر من الرياءِ لشدَّةِ خطَرِه، قال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ [البقرة: 264]، وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا ﴾ [النساء: 38]، وقال تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ [الماعون: 4 - 7]، وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴾ [فاطر: 10]، قال ابنُ كثير: (قالَ مُجاهدٌ وسعيدُ بنُ جُبيرٍ وشَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ: هُم الْمُرَاؤُونَ بأعمالهم، يَعني يَمْكُرُونَ بالناسِ يُوهِمُونَ أنهم في طاعةِ اللهِ تعالى، وهم بُغَضَاءُ إلى اللهِ عزَّ وجَلَّ يُراءُونَ بأعمالهم) انتهى.

 

أيها المسلمون:

إن العمل الصالح إذا دخله الرياء، فإما أن يكون دخله من أساسه، فلم يُصلِّ إلاَّ من أجل الناسِ، فهذا رِياءٌ مَحضٌ، وهو عمل المنافقين، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 142]، ووصفَ الله الكفارَ بالرِّياءِ الْمَحضِ بقوله: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ ﴾ [الأنفال: 47]، قال ابنُ رجب: (وهذا الرِّياءُ الْمَحْضُ لا يَكادُ يَصْدُرُ من مُؤْمِنٍ في فرْضِ الصلاةِ والصيامِ، وقدْ يَصْدُرُ في الصَّدقةِ الواجبةِ أوِ الحَجِّ، وغيرِهِما من الأعمالِ الظاهرةِ، أوِ التي يَتَعَدَّى نَفْعُها، فإنَّ الإخلاصَ فيها عزيزٌ، وهذا العَمَلُ لا يَشُكُّ مُسْلِمٌ أنهُ حابطٌ، وأنَّ صاحبهُ يَسْتَحِقُّ الْمَقْتَ من اللهِ والعُقُوبَةَ) انتهى.

 

القسمُ الثاني: إذا شاركَ الرياءُ العملَ من أصلهِ، فإنَّ العمل باطلٌ ومردودٌ على صاحبه، وهذا هو رِياءُ الشرك، ويُخشى عليهِ أن يكون من الشركِ الأكبر، (قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: قالَ اللهُ تباركَ وتعالى: أنا أَغْنَى الشُّركَاءِ عنِ الشِّرْكِ، منْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْركَ فيهِ معي غيرِي، تَرَكْتُهُ وشِرْكَهُ) رواه مسلم.

 

القسمُ الثالث: أن يكون أصل العمل لله تبارك وتعالى ثم يُشاركه الرياء في أثنائه، قال ابن رجب: (فإنْ كانَ خَاطِراً ودَفَعَهُ، فلا يَضُرُّهُ بغيرِ خلافٍ، وإنِ اسْتَرْسَلَ مَعَهُ.. رَجَّحَ الإمام أحمد وابنُ جرير أنَّ عَمَلَهُ لا يَبْطُلُ بذلكَ.. وذكرَ ابنُ جريرٍ أنَّ هذا الاختلافَ إنما هو في عَمَلٍ يَرْتَبطُ آخِرُهُ بأوَّلِهِ، كالصلاةِ والصِّيامِ والحَجِّ، فأَمَّا ما لا ارتباطَ فيهِ كالقراءةِ والذِّكْرِ وإنفاقِ الْمَالِ ونَشْرِ العِلْمِ، فإنهُ يَنْقَطِعُ بنِيَّةِ الرِّياءِ الطارئةِ عليهِ ويَحْتَاجُ إلى تجديدِ نيَّةٍ، فأمَّا إذا عَمِلَ العَمَلَ للهِ خالصاً ثُمَّ أَلْقَى اللهُ لهُ الثَّناءَ الحَسَنَ في قُلُوبِ المؤمنينَ بذلكَ، فَفَرِحَ بفضْلِ اللهِ ورَحْمَتِهِ واسْتَبْشَرَ بذلكَ، لمْ يَضُرَّهُ ذلكَ) انتهى.

اللهُمَّ أعذنا أنْ نُشْرِكَ بكَ ونحنُ نعْلَمُ، ونستَغْفِرُكَ لِما لا نعْلَمُ.

♦♦ ♦♦

 

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمداً صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عبدُهُ ورسولُهُ.

 

أمَّا بعدُ: فلا شكَّ أن للرِّياء آثاراً وأضراراً، فمنها:

حُبوط العمل وبُطلانه، ومنها: أن الرِّياء يفضحُ صاحبه يوم القيامة، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (ما مِنْ عبدٍ يقومُ في الدُّنيا مقامَ سُمْعَةٍ ورِياءٍ إلا سَمَّعَ اللهُ بهِ على رُؤوسِ الخلائِقِ يومَ القيامَةِ) رواه الطبرانيُّ في الكبير وحسَّنه المنذري، ومنها: أن الرِّياء يجعل المرائي يُبغضه أهل السماوات والأرض، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (وإذا أبْغَضَ عَبْداً دَعَا جبْرِيلَ فيقولُ: إني أُبْغِضُ فُلاناً فأَبْغِضْهُ، قالَ: فيُبْغِضُهُ جبريلُ، ثمَّ يُنادي في أهلِ السَّماءِ إنَّ اللهَ يُبغضُ فُلاناً فأبْغِضُوهُ، قالَ: فيُبْغِضُونَهُ، ثمَّ تُوضَعُ لهُ البغضَاءُ في الأرضِ) رواه مسلم، ومنها: أن المرائي هو أول مَن تُسعَّر به النار يوم القيامة، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الثلاثة المرائين (العالم والمجاهد والكريم): (يا أبا هريرةَ: أُولَئكَ الثلاثةُ أوَّلُ خَلْقِ اللهِ تُسَعَّرُ بهِمُ النارُ يومَ القيامَةِ) رواه الحاكم وصحَّحه ووافقه الذهبي.

 

وليُعلم أن هناك أموراً ليست من الرياء: فمنها: تجميل الثياب والنَّعل ونحوها، قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ، وغَمْطُ النَّاسِ») رواه مسلم، ومنها: حمدُ الناس لرجل على عمل صالح دون محبَّةٍ منه لذلك، (قيلَ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أرأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ العَمَلَ مِنَ الخَيْرِ، ويَحْمَدُهُ الناسُ عليهِ؟ قالَ: «تِلْكَ عاجِلُ بُشْرَى المؤمنِ») رواه مسلم، ومنها: إظهار شعائر الإسلام، كالأذانِ والإقامةِ والتكبيرِ والأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ، وعيادةِ الْمَرْضى، وتشييعِ الأمواتِ، فهذا لا يُمْكِنُ إخفَاؤُهُ.

 

عباد الله:

وحيث أن لكل داءٍ دواءً، فمن دواء الرياء: أن تعلم أن ما ينالك من الله من الأجر تفضّلٌ منه وإحسان إليك لا معاوضة، ومنها: أن تشاهد منّة الله عليك وفضله وتوفيقه وأنك بالله لا بنفسك، فكل خير فهو مجرد فضل الله ومنته، ومنها: مطالعة عيوبك وآفاتك وتقصيرك، وما فيك من حظّ النفس ونصيب الشيطان، فقلَّ عملٌ من الأعمال إلاَّ وللشيطانِ فيه نصيبٌ وإنْ قَلَّ، وللنفس فيه حظٌّ، فعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: (سألتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عنِ الالتفاتِ في الصَّلاةِ؟ فقالَ: هوَ اختلاسٌ يَختَلِسُهُ الشيطانُ من صلاةِ العَبْدِ) رواه البخاريُّ، فإذا كان هذا التفات طرفِهِ فكيف التفات قلبه إلى ما سوى الله؟! ومنها: تذكير النفس بما أمر الله تعالى به من إصلاح القلب وإخلاصه، ومنها: خوف مَقْتِ الله تعالى، إذا اطلع على قلبك وهو منطوٍ على الرياء، ومنها: الإكثار من العبادات غير المشاهدة وإخفائها، كقيام الليل، وصدقة السرِّ، والبكاء خالياً من خشية الله، فعنِ الخُرَيْبِيِّ قالَ: (كانُوا يَسْتَحِبُّونَ أنْ يكونَ للرَّجُلِ خَبيئَةٌ من عَمَلٍ صالحٍ، لا تَعْلَمُ بهِ زَوْجَتُهُ ولا غيْرُها) ذكره الذهبيُّ في السير، ومنها: تحقيق تعظيم الله تعالى، وذلك بتحقيق التوحيد والتعبد لله بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا، ومنها: تذكر الموت وسكراته، والقبر وأهواله، واليوم الآخر بأحواله التي تشيب لها الولدان، ومنها: معرفة الرياء ومداخله وخفاياه؛ حتى يتم الاحتراز منه، ومنها: النظر في عاقبة الرياء في الدنيا والآخرة، وكما قال بعضهم: (جاهد نفسك في دفع أسباب الرياء عنك، واحرص على أن يكون الناس عندك كالبهائم والصبيان، ولا تفرّق في عبادتك بين وجودهم وعدمهم، وعلمهم بها أو غفلتهم عنها، واقنع بعلم الله وحده).

 

ورضيَ اللهُ عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه القائل: (مَنْ تَزَيَّنَ للناس بما ليسَ في قلبهِ شَانَهُ اللهُ) انتهى، وأخيراً: أن يكثر المسلم من الدعاء والتضرع إلى الله بأن يقيه الرياء ودواعيه، فعن مَعْقِلِ بنِ يَسارٍ رضيَ اللهُ عنهُ قال: (انطلَقْتُ معَ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضيَ اللهُ عنهُ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «يا أبا بكرٍ، لَلشِّركُ فيكُمْ أَخْفَى مِن دَبيبِ النَّمْلِ»، فقالَ أبو بكرٍ: وهلِ الشِّركُ إلاَّ مَنْ جَعَلَ مَعَ اللهِ إلهاً آخَرَ؟ فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «والذي نفسي بيَدِهِ، لَلشِّرْكُ أَخفى من دَبيبِ النملِ، ألا أَدُلُّكَ على شيءٍ إذا قُلْتَهُ ذهَبَ عنكَ قَلِيلُهُ وكَثيرُهُ؟» قالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: قُل: اللهُمَّ إني أعوذُ بكَ أنْ أُشْرِكَ بكَ وأنا أَعْلَمُ، وأستَغْفِرُكَ لِما لا أَعْلَمُ) رواه البخاري في الأدب المفرد، وصحَّحهُ الألبانيُّ.

 

وأنواع علاج الرياء كثيرة نسأل الله الإعانة في تحقيقها والتداوي بها.

اللهم اجعل أعمالنا كلَّها صالحة، واجعلها لوجهك خالصة، ولا تجعل لأحد فيها شيئاً، آمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإخلاص والرياء
  • الرياء
  • سيئة القلوب: الرياء
  • الرياء
  • الرياء (خطبة)
  • الخوف من الرياء بين الإفراط والتفريط
  • الرياء الاجتماعي على حساب الدين

مختارات من الشبكة

  • الرياء: تعريفه، شدة الخوف منه، أنواعه، أسبابه، أحكامه، أضراره، علاجه(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الرياء: أسبابه وعلاجه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المن: تعريفه، أنواعه، صوره، علاقته بالرياء، حكمه، سبب تحريمه، علاجه(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • المن: تعريفه، أنواعه، صوره، علاقته بالرياء، حكمه، سبب تحريمه، علاجه (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • كيفية التخلص من الرياء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشرك الخفي.. الرياء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النفاق والرياء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخوف من الرياء(استشارة - الاستشارات)
  • الرياء والسمعة: الشرك الخفي (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • مرض الرياء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب