• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / الإيمان بالقدر
علامة باركود

توجيهات نبوية في القدر في حديث: لا عدوى ولا طيرة ولا صفر

توجيهات نبوية في القدر في حديث: لا عدوى ولا طيرة ولا صفر
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/11/2019 ميلادي - 6/3/1441 هجري

الزيارات: 19054

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

توجيهات نبوية في القدر

في حديث لا عدوى ولا طيرة ولا صفر

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102] ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1] ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

 

أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

 

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51]، فما أصابنا فهو من الله سبحانه وتعالى، ولكنْ هناك أسبابٌ إذا كنت أنت قد تسبَّبت فيها فستحاسب على ذلك، وهناك أسبابٌ فوق طاقتك هذا لا شيء عليك فيه. لذلك جاء في حديثٍ نبويٍّ شريف بيّن فيه صلى الله عليه وسلم أموراً يظنُّها الناس أنها من هذه الأسباب التي تؤثر بنفسها، والحقيقة أنها من الله سبحانه وتعالى خالقِ الأسباب، لذلك هذا الحديث يرويه البخاري ومسلم وغيرهم، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله -تعالى- عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا صَفَرَ وَلَا هَامَةَ"). متفق عليه، (فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا بَالُ الْإِبِلِ تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ، فَيَأتِي الْبَعِيرُ الْأَجْرَبُ فَيَدْخُلُ بَيْنَهَا فَيُجْرِبُهَا). رواه البخاري. (5437)، وعند مسلم (2220). (كُلَّهَا؟). (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ؟")، ("خَلَقَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ وَكَتَبَ حَيَاتَهَا وَمَوْتَهَا، وَمَصَائِبَهَا وَرِزْقَهَا"). متفق عليه، والترمذي (2143)، وأحمد (8325).

 

نأتي إلى الحديث كلمة كلمة:

(لا عدوى)، العدوى؛ وهي انتقال المرض من المريض إلى السليم، من المصاب إلى الصحيح، هذه هي العدوى، فنفاها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ونحن نجد أنّ الطب اليوم يثبت أنَّ هناك عدوى، إذن الذي نفاه النبي صلى الله عليه وسلم غير ما أثبته الطب.

 

العدوى المنفيةُ شرعاً هي ما كانت العرب تعتقده، فالعرب عندهم اعتقاداتٌ محاها ونفاها النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت مخالفة للشرع والدين والعقيدة، والاعتقاد في الله سبحانه وتعالى وفي قدر الله، فعندما قال لا عدوى، والعرب كانوا يعتقدون أن المريض إذا خالط السليم يصبح السليم مريضا، ونحن نقول لا يصبح مريضا إلا بإذن الله، لا يصبح مريضا إلا إن شاء الله، ونرى اليوم في المستشفيات؛ المرضى مع الأطباء مع الزوار مع الممرضين، ولا تنتقل العدوى التي تعتقده العرب.

 

فهم يعتقدون أنّ هذا المريض إذا جالس السليم واختلط به، انتقلت العدوى دون إرجاع ذلك إلى الله.

 

أمّا في الطبِّ فالعدوى؛ انتقال ميكروب أو انتقال الفطريات، أو انتقال أسباب هذا المرض من هذا إلى هذا، فإن لم تنتقل فلا عدوى، وهذا الشيء لم ينفِه الشرع، لذلك جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حتى يبعد عنهم هذا الظن في الاعتقاد الفاسد، أمر الناس بالأخذ بالأسباب، وحتى يجتنّب الناس أنّ للعدوى تأثيرًا قال صلى الله عليه وسلم: ("فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَك مِنْ الْأَسَدِ")، والجذام في الطب اليوم مرض معدٍ وهو يصيب أطراف الإنسان، تتآكل أصابعه وأصابع رجليه، ويتآكل أنفه، وتتآكل أذناه، فيصبح كالأسد، فقال: "فر من المجذوم فرارك من الأَسد"، وأين حديثُ لا عدوى؟ فكلّه بقدر الله سبحانه وتعالى، في شرعه وبيانه للنبي صلى الله عليه وسلم، وإيحائه له لم يترك الناس هكذا حتى يعتقدوا الاعتقادات الفاسدة، فخُذ بالأسباب، ومن الأسباب أن تعتزلَ المريضَ المصاب بهذه الأمراض، لا شيء في ذلك، خوفا من انتقال العدوى أو انتقال الميكروب، أو الفايروس أو ما شابه ذلك، قال: "فر من المجذوم فرارك من الأسد"، لأن جرثومات الجذام تنتقل عبر التنفس والعطاس ونحو ذلك، فابتعد عنه مطلقًا.

 

جاء في حديث يرويه الترمذي (1817)، وغيره ولكن فيه ضعفًا، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما-؛ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِ مَجْذُومٍ فَأَدْخَلَهُ مَعَهُ فِي القَصْعَةِ)، ثُمَّ قَالَ: "كُلْ بِسْمِ اللَّهِ، ثِقَةً بِاللَّهِ، وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ". قال الترمذيُّ: (وَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ هَذَا الحَدِيثَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ؛ أَنَّ عُمَرَ، أَخَذَ بِيَدِ مَجْذُومٍ، وَحَدِيثُ شُعْبَةَ أَشْبَهُ عِنْدِي وَأَصَحُّ).

 

و(كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ)، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ("إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ"). رواه مسلم. 126- (2231).

 

فالأخذ بالأسباب جائز، وشدَّةُ التوكُّل على الله والإيمان بالله يمنع الإنسان من كثير من الأمراض؛ لأنه كما قال الله: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51].

 

فخذ بالأسباب وتوكّل على الوهاب سبحانه وتعالى.

 

وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: ("لَا يُورَدَنَّ ذُو عَاهَةٍ عَلَى مُصِحٍّ"). رواه البخاري (5771)، وكله مُتَعَلِّقٌ بِالْمَشِيئَةِ، إِنْ شَاءَ اللهُ كَانَ، وَإِنْ لَمْ يَشَأ لَمْ يَكُنْ.

 

وقال كما في رواية أخرى: ("لَا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ"). رواه البخاري (5437)، ومسلم (2221).

 

والممْرِض هو الرجل الذي يقوم بعلاج الإبل الجرباء التي أصيبت بالجرب، والمصحُّ هو الإنسان الذي عنده الإبل الصحاح، فهذا لا يَرِدُ على هذا، منعاً لانتقال الجراثيم، جراثيم الجرب ونحوها، وهكذا يعلمنا الرسول صلى الله عليه وسلم شدَّة الاعتقاد في الله، والتوكُّل على الله، وأنّ ما أصابك لم يكن ليخطئك، فتوكَّل على الله يا عبد الله.

 

لذلك عندما سمع الصحابة رضي الله عنهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى"، (فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا بَالُ الْإِبِلِ تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ)، صحيحة سليمة نشيطة (فَيَأتِي الْبَعِيرُ الْأَجْرَبُ فَيَدْخُلُ بَيْنَهَا فَيُجْرِبُهَا)، (كُلَّهَا؟) فكيف تقول: "لا عدوى" يا رسول الله؟! فسأله عليه الصلاة والسلام سؤالَ إفحام: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ؟")، أولُ بعيرٍ أصيب بالجرب، من أعداه؟ وأنا أسألكم من أعدى البعير الأول؟ إن هذا الأمر كان من الله، وما يحدث بعد ذلك إنه من الله، الشفاء والصحة من الله، والبلاء والمرض من الله سبحانه وتعالى، لكن خذ بالأسباب، أسبابَ الشفاء، وخذْ بالدواء والعلاج، لا تقصِّر في ذلك يا عبد الله، وإلا لا تلومنَّ إلا نفسك. ("خَلَقَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ وَكَتَبَ حَيَاتَهَا وَمَوْتَهَا، وَمَصَائِبَهَا وَرِزْقَهَا").

 

وهناك مرضٌ فتَّاكٌ تقريبا انتهى في هذه الأزمنة؛ إلا في بعض البلدان الفقيرة؛ وهو الطاعون، الذي أهلك ألوف الصحابة؛ ماتوا من الطاعون، واستمعوا إلى ما قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم، قَالَ أُسَامَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الطَّاعُونُ رِجْسٌ أُرْسِلَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ، فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ، وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا، فِرَارًا مِنْهُ»، قَالَ أَبُو النَّضْرِ: «لاَ يُخْرِجْكُمْ إِلَّا فِرَارًا مِنْهُ». رواه البخاري (3473)، ومسلم 92- (2218).

 

الطاعون غُدَّةٌ تخرج تحت المراقّ، الأماكن الرقيقة في الجسد كالآباط وتحت البطن والعياذ بالله، وكأنها تختلف عن الدمامل والقراريح التي تخرج رؤوسها إلى الخارج، هذا رأسه يخرج إلى الداخل، عافانا الله وإياكم من كلِّ بلاء ومرضٍ ومصيبة، الله آمين.

 

لذلك في هذا الحديث يبين منطقة أو مكانا مّا فيه طاعون فلا أحد يدخلها، مكان آخر فيه طاعون لا أحد يخرج منه، وهذا ما يسمى اليوم بالحجر الصحي، حجر على منطقة معينة، حتى لا يتفشّى المرض في الناس، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم:

("لَا تَفْنَى أُمَّتِي إِلَّا بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ")، فَقُلْتُ: (يَا رَسُولَ اللهِ! هَذَا الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ)، أي الطعن والقتل في الحروب بين المسلمين وغيرهم، الشهادة في سبيل الله عرفناه- (فَمَا الطَّاعُونُ؟). رواه أحمد. (25161)، قَالَ:

("وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْجِنِّ"). رواه الطبراني في الأوسط (3422) و(5531)، ("غُدَّةٌ")، -الغُدَّة: الوَرَمُ في الجسد؛ وهو قطعةٌ صَلبة يركَبُها الشَّحم، تكون في العُنُقِ وغيره-. ("كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ، تَخْرُجُ بِالْآبَاطِ وَالْمَرَاقِّ")، الـمَرَاقّ: ما سَفَلَ من البطن فما تحتَه من المواضع التي تَرِقُّ جلودها.-

 

غدة، دمَّل يفنِي أناسا، نسأل الله السلامة، والعلاج منه بعد وقوعه قد يطول، قال صلى الله عليه وسلم:

("مَنْ مَاتَ فِيهِ؛ مَاتَ شَهِيدًا")، الذي يموت بالطاعون من الإنس شهيد، ومن يموت بالطاعون وخزِ من الجن أيضا هو شهيد، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.

 

("وَمَنْ أَقَامَ فِيهِ؛ كَانَ كَالْمُرَابِطِ فِي سَبِيلِ اللهِ")، من صبر في المنطقة، من صبر في الحجر الصحي ولم يخرج، وأقام فيه كان كالمرابط في سبيل الله. ("وَمَنْ فَرَّ مِنْهُ؛ كَانَ كَالْفَارِّ مِنَ الزَّحْفِ"). رواه أحمد (26225).

 

هذا الحديث الذي يتكلّم عن الطب، وقدرُ الله فيها نافذ لا محالة، وكم من إنسان تحصَّن من مرض ما فأصيب به، وكم من إنسان خالط غيره في مرض مَّا ولم يصب به، فالأمر كله بيد الله.

 

لا عدوى، ("وَلَا طِيَرَةَ")، والطيرة هي التشاؤم، وعكسها التفاؤل، فقد يتشاءم الإنسان من صورة؛ صورة إنسان أمامه، أو من طائر معين كالبومة، أو صياح معيّن كصوت الغراب، لذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التشاؤم، لكن إن سبق إلى قلب الإنسان شيء من التشاؤم والطيرة فليقل ما ثبت في هذا الحديث: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ مِنْ حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ")، فَقَالُوا: (يَا رَسُولَ اللهِ! مَا كَفَّارَةُ ذَلِكَ؟) قَالَ: ("أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ، وَلَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ"). رواه أحمد (7045).

 

هذا يذهب ما في القلب من صدمة التشاؤم في القلب، فالمؤمن لا يتشاءم بل يتفاءل، حَسَنُ الفأل دائما.

 

والطيرة سميت بذلك عند العرب؛ لأن العربي في ذلك الزمان إذا أراد زواجاً أو أراد سفراً أو أراد تجارة ماذا يفعل؟ يذهب إلى الطيور في أعشاشها، يعرف عشَّ طائر فينفِّره، الطائر مسكين يطير إمّا يمينا أو يسارا، فإن طار يمنة قالوا عنه: السوانح، يعني سنحت الفرصة، ويتفاءل ويمضي في زواجه أو في تجارته، هذه عقول العرب في ذلك الزمان. وإن طار عن يساره سمَّوه البوارح، يعني يبرح ويترك، فلا تمش في موضوعك، وهذا الذي جاء من أصل كلمة الطيرة، ثم دخلت في ذلك تنفير الحيوانات من أوكارها، والأرانب ونحوها من جحورها يمنة أو يسرة، تفاؤل أو تشاؤم. أما إذا طار مقبلا نحوك، أو مدبرا عنك لا يعتبرونه، يعيدون فعلهم وتنفيرهم مرة أخرى. وكانوا يستقسمون بالأزلام، للمعرفة خير حوائجهم من شرها.

 

فأغنانا الله سبحانه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وعوضنا عن في ذلك بصلاة الاستخارة.

 

والرجل منا والمرأة يقصرون فيها تقصيراً شديداً، يريد زواجاً طول العمر، ويريد سفراً قد يلاقي فيه المهالك والمهاوي، ومع ذلك لا يصلي صلاة الاستخارة. بينما الصحابة رضي الله تعالى عنهم؛ إذا انقطع شسع نعل أحدهم (السير) لا يحيكه ولا يخصفه؛ إلا أن يصلي ركعتي استخارة، في جليل الأمور وصغيرها، يحافظون على صلاة الاستخارة.

 

وليست الخطبة للكلام عن صلاة الاستخارة، وإنما هي دلالة وإشارة، إلى الذين يتشاءمون من أمور الدنيا، صلِّ صلاة استخارة، وتوكل على الله عز وجل، فتنكشف أمامك أمور كثيرة؛ إما يمنعك الله منها، وإمّا أن ييسر لك الأمور.

 

("وَلَا صَفَرَ") بعض العلماء قال: صفر هو الشهر الذي نحن فيه الآن، الشهر العربي؛ الثاني من الشهور الهلالية العربية القمرية، محرم صفر، فما معنى لا صفر؟

 

قال العلماء: لأنهم كانوا يتشاءمون من شهر صفر؛ لأن العرب كانوا يؤخرون المحرم إليه، أو يقدمونه عن المحرم، ويعملون مسألة النسيئة، ﴿ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ﴾ [التوبة: 37]، لماذا حتى لا يجدَ الحاجُّ فرصةَ لأن يهرب، فتحدث فيه الثارات. فالعرب كانوا في الشهور المحرمة لا يقتتلون، في الأشهر الحرم، لذلك عندما يذهب شهر المحرم يبدأ الثأر، فيتشاءمون. وقال بعض العلماء إنها داء؛ كحيّة أو دودة أعدى من الجرب، تكون في البطن، يظن العرب أنها تعدي وتهلك مباشرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم وبين؛ أنه لا صفر، فهذا الذي تعتقدونه يا عرب يا أهل الجاهلية هذا لا يكون منه شيء، وإنما الأمر بيد الله سبحانه وتعالى.

 

("وَلَا هَامَةَ")، والهامة في اللغة معناها؛ الرأس، والهامة في اللغة معناها؛ طائر هو البومة، والمقصود هنا طائر يخرج عند قتل إنسان، فيبقى على قبره، ويقول: اسقوني اسقوني، حتى إذا أخذ بثأره طار هذا الطائر وانقطع، هذا عند العرب في الجاهلية، وهذه اعتقاداتهم، أن هناك طائر يطالب بالثأر، اسقوني أي من دم القاتل، فنفى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ولا هامة ولا طائر ولا غير ذلك.

 

ويا للأسف بقي هذا الاعتقاد عند كثير من الناس في هذا الزمان، في الوادي الفلان قتل فلان، فإذا مرَّ في الليل من ذاك المكان يتفكر، هنا قتل قتيل هنا، ويأتي بالقصص الخيالية أنه جرى خلفه وكاد أن يمسكه، ويتهيّأ له تهيؤات، وربما أصوات تخرج من ثوبه أو نعليه، فيقول هو الذي يجري ولا يتلفت وراءه، والمنطقة الفلانية فيها قتيل.. فبقيت هذه متعلقة في الناس وهي غير صحيحة.

 

لذلك النبي صلى الله عليه وسلم يردُّنا إلى قدر الله سبحانه وتعالى، ويقوي فينا هذا الإيمان بالتوكل على الله سبحانه وتعالى.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله حمد الشاكرين الصابرين، ولا عدوان إلا على الظالمين، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد:

نترك الدنيا وتعبَها وشقاءَها، نتركُها بأمراضِها وأسقامِها ولأوائِها، ونتكلم عن الجنة، نسأل الله أن نكون من أهلها، فهل الجنة فيها مرض؟ هل الجنة فيها تعب؟ هل الجنةُ فيها مشقة؟ لا والله، ﴿ لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ ﴾ [الحجر: 48]، الجنةُ خاليةٌ من ذلك.

 

الجنةُ لا يوجد فيها مما يوجد في الدنيا، من الأشياء اللذيذة إلا الأسماء.

 

أمَّا الأشياء المؤلمة والموجعة، والمكروهة لا يوجد في الجنة شيء منها، لا من روائحَ كريهةٍ، ولا مناظرَ كريهة، ولا أذواقٍ كريهة، لا يوجد في الجنة، هذه كلُّها في النار والعياذ بالله، نعوذ بالله من النار.

 

ثبت في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ -تعالى- عَنْهُ، قَالَ: ("أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ، أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ") -أي: جاءتك ووصلت إليك- ("فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ؛ لاَ صَخَبَ فِيهِ، وَلاَ نَصَبَ"). متفق عليه. رواه البخاري (3820)، ومسلم 71- (2432).

 

بيت في الجنة من قصب؛ أي: من لؤلؤ، لا صخب فيه، لا يوجد فيه ارتفاع أصوات، لا أصوات أطفال صغار، ولا أصوات سيارات، ولا أصوات قصف، ولا أصوات طائرات، هدوءٌ لا تتصوره يا عبد الله.

 

لا صخب فيه ولا نصب، لا يوجد فيه تعب ولا مشقة، أحسن بيت في الدنيا يحتاج إلى مسْحٍ وكنسٍ وشطف، وفيه مطبخ، فيه طبخ ونفخ، وفيه تعب، هناك لا يوجد مثل هذا. لا صخب فيه ولا نصب، لا تحتاج إلى تنظيفه؛ لأن الجنة لا أوساخ فيها، لا تحتاج إلى تطهيره؛ لأن الجنة ليس فيها قاذورات ولا نجاسات.

 

لا صخب فيه ولا نصب؛ حتى الإنسان في الجنة لا تخرج منه قاذورات، انتهت الدنيا بما فيها، لذلك قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا ﴾ [النساء: 57]. وأزواج مطهرة من الحيض، وإن كان هناك عرق، فالعرق عطور وطيب، عرقهم ورشحهم مسك يوم القيامة، يستحقُّون ذلك؛ لأنهم آمنوا وعملوا الصالحات، اللهم اجعلنا منهم.

 

وقال سبحانه في صفات المتقين، نسأل الله أن نكون منهم: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ ﴾ كلُّ أنواع النصب والتعب، لا يمسهم فيها نصبُ الهمِّ والغمِّ، والتفكير في جمع الأموال، والصرف على الأولاد والزوجات، لا يمسهم فيها نصب هم الأعداء والحصار وما شابه ذلك، لا يمسهم فيها نصب ﴿ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ* نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾ [الحجر: 45- 50].

 

اللهمّ صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.

اللهم كن معنا ولا تكن علينا، اللهم أيدنا ولا تخذلنا، اللهم انصرنا ولا تنصر علينا، برحمتك يا أرحم الراحمين.

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإيمان بالقضاء والقدر
  • من آثار الإيمان بالقضاء والقدر (خطبة)
  • جنة الدنيا الإيمان بالقدر (خطبة)
  • الإيمان بالقدر (خطبة)
  • سر القدر
  • الإيمان بالقدر وآثاره
  • لا عدوى ولا طيرة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • توجيهات وتحقيقات في الأحاديث النبوية (23)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توجيهات وتحقيقات في الأحاديث النبوية (22)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توجيهات وتحقيقات في الأحاديث النبوية (21)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توجيهات وتحقيقات في الأحاديث النبوية (20)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توجيهات وتحقيقات في الأحاديث النبوية (19)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توجيهات وتحقيقات في الأحاديث النبوية (18)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توجيهات وتحقيقات في الأحاديث النبوية (17)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توجيهات وتحقيقات في الأحاديث النبوية (16)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توجيهات وتحقيقات في الأحاديث النبوية (15)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توجيهات وتحقيقات في الأحاديث النبوية (14)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب