• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / الموت والقبر واليوم الآخر
علامة باركود

يوم القيامة سنرى صورا منذرة ومشاهد مبشرة

يوم القيامة سنرى صورا منذرة ومشاهد مبشرة
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/5/2019 ميلادي - 22/9/1440 هجري

الزيارات: 17832

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يوم القيامة سنرى صورًا منذرة ومشاهدَ مبشِّرة

 

إن الحمد لله، نحمَده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد، فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

 

أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين. آمين.

 

إخواني في دين الله، أيها المسلمون، فلنتَّقِ الله سبحانه وتعالى في أنفسنا وأهلينا وما ولينا، فهذه الدنيا سجن للمؤمن، ومتى نخرج من هذا السجن؟ إذا لقينا الله سبحانه وتعالى، لذلك كان موضوع خطبتنا اليوم: يوم القيامة سنرى صورًا منذرة ومشاهدَ مبشرة، سنرى أشياءَ قد نستغربها، ويستغربها مَن لم يقرأ في كتاب الله، ولم يتعلم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيتفاجأ بما يرى، سنرى هناك أناسًا يحملون دوابَّ على رقابهم، منهم من الناس من يأتي حاملًا الجمل والبعير والناقة، ومنهم من يحمل البقرة والشاة على ظهره، وهل له قدرة في ذلك، سنرى ذلك يا عباد الله.

 

ومنهم من يحمل الحصان والفرس وكلها تصوت؛ فالفرس له حمحمة، والشاة لها ثغاء، والبقرة لها خوار، ستسمع ذلك وتراه يا عبد الله؛ لأن ذلك ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحمل جملًا على عنقه كم وزنه؟

 

عباد الله، هذا الجمل له رغاء، وبعضهم يحمل أقمشة وثيابًا، لكن كيف تخرج صوتًا؟ تخفق حتى تثير الانتباه لهؤلاء الناس إنذارًا لنا، وتعليمًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته، فيخبرنا من الغيب مما علمه الله.

 

عكس هذا سنرى أناسًا قد بُطِحوا على الأرض والدواب تمر من فوقهم، وكلُّ سيئةٍ لم يتب منها الإنسان في الدنيا يحاسب عليها في الآخرة جزاءً وفاقًا.

 

لكن التوبة والإكثار من الحسنات، وإرجاع الحقوق إلى أهلها - من أهم الأشياء التي تمحو السيئات، وترفع التبعات، لذلك سنرى أناسًا هناك يوم القيامة تدوسهم الإبل والجمال والنوق بأخفافها، وتعضهم بأنيابها، كلما انتهى آخرها عاد أوَّلها، في يوم كان مقدراه خمسين ألف سنة.

 

ومنهم من تطؤه البقر والأغنام بأظلافها، وتدوس وجهه وتنطحه بقرونها، سترون ذلك، وسترون من يُكوى جنبه وظهره ووجهه وجبهته، من هؤلاء؟

 

مشاهدُ أخرى نجد الثعابين الضخمة التي تلتفُّ حول بعض الناس، ورؤوسها عظام لا جلد عليها من شدة السم الذي فيها، وتُمسِك بعض الناس من شدقيه، وتلتقم لسانه، وتلسعه هناك، فنسأل الله السلامة.

 

سنرى بعض الناس من وضع على رقبته، وحمل على كتفيه ترابًا كثيرًا جدًّا لا يعلم قدره إلا الله.

 

وسنرى بعض الناس قد مال أحد شقيه إلى جانبه وفي رواية: (سقط شقه)، إنسان وكأنه نصف إنسان، من هم هؤلاء؟

 

وسنرى يوم القيامة بعض الناس قد ألجموا بلجام من نار، وبعضهم يأكل الحجارة من نار، عافانا الله وإياكم، وسنجد بعض النساء تلبس ثيابًا من الجرب، وتلبس ثيابًا من النحاس المذاب من شدة الحرارة، وسنرى بعض الناس ومنهم من يصُبَّ فِي أُذُنَيْهِ الْآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وهو الرصاص المذاب، ونجد بعض الناس لا رأس له، مقطوعَ الرأس، تشخب أوداجه دمًا، رأسه في يده اليمنى، ويمسك رجلًا آخر بيده اليسرى.

 

وبعض الناس ستجد صورهم يوم القيامة كصورة الحمار، رأس إنسان لكن كأنه حمار، له أذنان طويلتان، وفم كبير، وأنف ضخم، نسأل الله السلامة، هذه بعض الصور التي سنراها يوم القيامة، ونضع النقاط على الحروف:

 

فالذي يحمل الجمل وله رغاء والبقرة والشاة ولها ثغاء أو خوار، والحصان الذي له حمحمة - هؤلاء اللصوص والسراق يسرقون الدواب، ويسرقون الأمتعة والقماش وما أشبه، سيفضحون يوم القيامة إن لم يتوبوا، ويرجعوا الحقوق إلى أهلها، إنهم أهل الغلول والسرقة من الغنيمة قبل أن تقسم؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَذَكَرَ الْغُلُولَ، فَعَظَّمَهُ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ، ثُمَّ قَالَ: "لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ.

 

لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ.

 

لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ.

 

لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ نَفْسٌ لَهَا صِيَاحٌ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ.

 

لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ.

 

لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ"؛ (م) 24- (1831)، واللفظ له، ونحوه عند (خ) (1402)، (3073).

 

وأما من يبطح لهذه الدواب فهم أصحاب الأموال، بعضهم أصحاب الأموال من الإبل، منع زكاتها، أصحاب الأموال من البقر ما أدوا زكاتها، أصحاب الأموال من الشياه سيبطح لها، وتدوسه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة؛ قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ إِبِلٌ لَا يُعْطِي حَقَّهَا فِي نَجْدَتِهَا وَرِسْلِهَا"، قَالُوا: (يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَجْدَتُهَا وَرِسْلُهَا؟ قَالَ: "فِي عُسْرِهَا وَيُسْرِهَا، فَإِنَّهَا تَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَغَذِّ مَا كَانَتْ وَأَسْمَنِهِ وَآشَرِهِ، يُبْطَحُ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ فَتَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا، إِذَا جَاءَتْ أُخْرَاهَا أُعِيدَتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فَيَرَى سَبِيلَهُ.

 

وَأَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ بَقَرٌ لَا يُعْطِي حَقَّهَا فِي نَجْدَتِهَا وَرِسْلِهَا، فَإِنَّهَا تَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَغَذَّ مَا كَانَتْ وَأَسْمَنَهُ وَآشَرَهُ، يُبْطَحُ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ، فَتَنْطَحُهُ كُلُّ ذَاتِ قَرْنٍ بِقَرْنِهَا، وَتَطَؤُهُ كُلُّ ذَاتِ ظِلْفٍ بِظِلْفِهَا، إِذَا جَاوَزَتْهُ أُخْرَاهَا أُعِيدَتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فَيَرَى سَبِيلَهُ.

 

وَأَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ لَا يُعْطِي حَقَّهَا فِي نَجْدَتِهَا وَرِسْلِهَا، فَإِنَّهَا تَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَغَذِّ مَا كَانَتْ وَأَكْثَرِهِ وَأَسْمَنِهِ وَآشَرِهِ، ثُمَّ يُبْطَحُ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ فَتَطَؤُهُ كُلُّ ذَاتِ ظِلْفٍ بِظِلْفِهَا، وَتَنْطَحُهُ كُلُّ ذَاتِ قَرْنٍ بِقَرْنِهَا، لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ وَلَا عَضْبَاءُ، إِذَا جَاوَزَتْهُ أُخْرَاهَا أُعِيدَتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فَيَرَى سَبِيلَهُ"؛ (س) (2442)، (حب) (3253)، (صحيح أبي داود) (1462)، واللفظ للنسائي.

 

بعض الناس من مانعي الزكاة، يخرج له شجاع أقرع؛ ثعبان ضخم يلتفُّ حوله، ويأخذ بلهزمتيه يقول: أنا مالك أنا كنزك، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ؛ لَهُ زَبِيبَتَانِ، يُطَوَّقُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ - ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ، ثُمَّ تَلاَ: (لَا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ)"؛ (خ) (1403)، والآية بكمالها وجلالها: ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [آل عمران: 180].

 

وبعض الناس في الزكاة عنده الذهب والفضة، والدراهم والدنانير تصفح صفائح، يعني تصبح مكاوي؛ قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾ [التوبة: 34، 35].

 

ومما سنراه يوم القيامة من يضع طوقًا على رقبته من كثرة التراب، هذا اغتصب أرضًا بمقدار شبر من صاحبه بغير حق، شبر فيقتص هذا الشبر إلى سابع أرض، ثم يطوَّق به؛ لأنك إذا اشتريت أرضًا فملكك من الماء إلى السماء في هذه القطعة، كما إذا أوقفت مسجدًا لله، فهذا وقف من الماء إلى السماء، كل هذا على شبر، فكيف لو كان مترًا، فكيف لو كان دونمًا من أرض أو أكثر؛ قال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ»؛ (خ) (2453), (م) 142- (1612).

 

لذلك على الإنسان أن يتخلص مما عليه في هذه الدنيا قبل الآخرة؛ بالتوبة وكثرة الحسنات، وإرجاع الحقوق إلى أهلها.

 

أما الذي رأيناه قد سقط أحد شقيه، فهو الذي لم يعدل بين زوجتيه، مال مع إحداهما على الأخرى، فهل تسامحه هذه الزوجة؟ الزوجة لا تسامح الضرة، نسأل الله السلامة؛ قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ، فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا - جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَشِقُّهُ سَاقِطٌ"؛ (ت) (1141)، وفي رواية: "مَنْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ يَمِيلُ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَدُ شِقَّيْهِ مَائِلٌ"؛ (س) (3942)، (د) (2133)، (جه) (1969)، (حم) (7936)، (حم) (8568)، (حم) (10090)، (حب) (4207)، (الإرواء) (2017)، (صحيح أبي داود) (1851)، (التعليق الرغيب) (3/ 79).

 

أما الذين يُلْجَمون بلجام من نار، ويأكلون من النار، وهم الذين يرون المنكر ولا يأمرون بالمعروف، ولا ينهون عن المنكر، يرونه ولا ينكرونه، وكلٌّ على قدره، ووظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تختلف من إنسان لآخر، فلست ملزمًا بكل شيء، لكن اؤمُر المعروف وانْهَ عن المنكر في أهلك وولدك، في زوجتك، في جيرانك، مع أصحابك، فإن رأيتَ منكرًا فانْهَ عنه.

 

لكن لست وليًّا على الأمة، وإنما على من يسمع منك وترجو منه الإجابة، انصح يا عبد الله؛ لذلك قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 174]، وهم من يكتمون العلم!

 

أيضًا الذين يأكلون في بطونهم النار، من عنده يتيم فأكل ماله دون وجه حقٍّ.

 

اليتيم من له؟ أبوه مات، لكن له الله جل جلاله، فظالمُ اليتيم في الدنيا جزاؤه في الآخرة أن يأكل النار؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ [النساء: 10].

 

وستجدون عجبًا، سنشاهد رجالًا طول الواحد منهم مثلُ النملة الصغيرة، مثل الذر، يجمعون يوم القيامة بين أرجل الناس، أتعلمون من هم؟ الذين يتكبرون على خلق الله، يحشرون يوم القيامة كأمثال الذر، تطؤهم الأقدام، تكبَّرَ في الدنيا على خلق الله، فاحتُقِر عند الله سبحانه وتعالى؛ قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُحْشَرُ المُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ، يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ تَعْلُوهُمْ نَارُ الأَنْيَارِ، يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ؛ طِينَةَ الخَبَالِ"؛ (ت) 2492)، (حم) (6677).

 

وبعض الناس سنراهم يوم القيامة ليس على وجوههم لحم، عظام الوجه بادية، وهؤلاء الذين يسألون الناس استكثارًا، الشحاذون والمتسولون، الذين عندهم ما يكفيهم ويريدون الزيادة، يريدون استكثارًا، أما من كان صاحب حاجة، فليسأل الناس، لا مانع إن شاء الله، أما أن يسأل تكثرًا، فهذا يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم؛ كما ورد في الحديث: «مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ»؛ (خ) (1474).

 

وأما من صُبَّ في أذنيه الآنك والرصاص المذاب، فهؤلاء قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: "... وَمَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ" - فوضع لهم جهاز تلصص، أو حاول التلصص عليهم من وراء حائط ولا يريدونه أن يسمع - صُبَّ فِي أُذُنِهِ الآنُكُ يَوْمَ القِيَامَةِ»؛ (خ) (7042).

 

وأما من ليس له رأس، رأسه يحمله في يده، وتشخب أوداجه دمًا، فهو المقتول يتعلق بقاتله، ويقول: يا رب سل هذا فيمَ قتلني؟ فاتقوا الله في الأنفس يا عباد الله، فقد ورد في الحديث: "يَأتِي الْمَقْتُولُ مُتَعَلِّقًا رَأسَهُ بِإِحْدَى يَدَيْهِ، مُتَلَبِّبًا قَاتِلَهُ بِيَدِهِ الْأُخْرَى، تَشْخُبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا، حَتَّى يَأتِيَ بِهِ الْعَرْشَ، فَيَقُولُ الْمَقْتُولُ لِلهِ: رَبِّ هَذَا قَتَلَنِي، فَيَقُولُ اللهُ عز وجل لِلْقَاتِلِ: تَعِسْتَ، وُيَذْهَبُ بِهِ إِلَى النَّارِ"؛ (طب) (10742)، انظر الصَّحِيحَة: (2697).

 

أما الذي يأتي يوم القيامة ورأسه رأس حمار، أو صورته صورة حمار، فهذا الذي يسابق الإمام في الصلاة، يستعجل ويرفع قبل الإمام ويسجد قبل الإمام، أو يسلِّم قبل الإمام؛ يقول صلى الله عليه وسلم: "أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ - أَوْ: لاَ يَخْشَى أَحَدُكُمْ - إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ، أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ، أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ"؛ (خ) (691).

 

فلا تسابقوا الإمام، اتِّبعوه ولا تسابقوه، ولا تتأخروا عنه، وتوبوا إلى الله واستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله حمد الشاكرين الصابرين، ولا عدوان إلا على الظالمين، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

فيقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث طويل معناه: ("عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ") يوم القيامة، فرأى أمةً ما شاء الله كبيرة، أمة مَن؟ أمتي يا رب، هذه أمة موسى عليه السلام، ثم قيل لي: انظر فنظرت، فإذا أمة من ها هنا، ومن ها هنا مد البصر، هذه أُمتك، ومنهم سبعون ألفًا يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب؛ يقول صلى الله عليه وسلم: "فَجَعَلَ النَّبِيُّ وَالنَّبِيَّانِ يَمُرُّونَ مَعَهُمُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، حَتَّى رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ،... قِيلَ: هَذِهِ أُمَّتُكَ، وَيَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ هَؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ"، بعض الناس عندما دخل النبي صلى الله عليه وسلم بيته، بدؤوا يقولون: إنهم نحن، وبعضهم قال: هؤلاء أولادنا، أولاد الصحابة، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم قولهم، فقال: ليسوا أولئك، إنما (هُمُ الَّذِينَ لاَ يَسْتَرْقُونَ، وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَلاَ يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)؛ (خ) (5705).

 

هؤلاء يدخلون الجنة مع سبعين ألف بلا حساب، ولا عذاب، بإذن الله سبحانه وتعالى، لا يستخدمون الرقية، كذلك لا يستخدمون الكي بالنار على أجسامهم، يصبرون ويأخذون الدواء، دواءً مناسبًا غير الكي، ومن اكتوى جاز، فالكي جائز، ولا يتطيرون، فليس فيه جواز، ولا يتشاءمون من الأصوات أو من الصور المعينة، فالتشاؤم لا يجوز، اجْمَعْ هذا كله وعلى ربهم يتوكلون، يتوكلون على الله من هذه الأمة إن شاء الله.

 

واعلموا يا عباد الله أن أهل الجنة كلهم من آدم عليه السلام إلى آخر واحد يموت من هذه الأمة، أهل الجنة صفوف، فعدد صفوف أهل الجنة 120 صفًّا، 80 صفًّا من هذه الصفوف لهذه الأمة، كما ورد في مسلم وغيره.

 

ثمانون صفًّا ثلثا أهل الجنة، والبقية من سائر الأمم، مائة وعشرون صفًّا، ثمانون من هذه الأمة، فأبشري يا أمة الإسلام، توبوا قبل فوات الأوان؛ حتى لا تعاقبوا هناك.

 

لذلك سنرى يوم القيامة من المشاهد المبشرة أناسًا لهم أضواءٌ وأنوارٌ في وجوههم؛ قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم: إنهم "يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ، بُلْقٌ - الأنوار تشع منهم - مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ"، وهم المحافظون على الوضوء والصلاة، كل صلاة بطهارة جديدة، يكثرون من الوضوء حتى للسنن والتطوعات والنوافل، هؤلاء يحشرون في وجوههم النور.

 

وهذه صورة مبشرة أيضًا نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم اختص من أمته رفقاءَ، مرافقين له، من هم هؤلاء الرفقاء؟ رفقاء النبي صلى الله عليه وسلم الذين قال فيهم: «أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا"؛ (خ) (5304)، وقرن بينهما، فأبشروا يا من تكفلون اليتيم طاعةً لله عز وجل، ولا تأكلوا ماله، ستكون رفيق محمد صلى الله عليه وسلم.

 

كذلك من رفقاء النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ"؛ أي: ابنتين أو أختين قام عليهما، أو في رواية: "مَنْ أَنْفَقَ عَلَى ابْنَتَيْنِ, أَوْ أُخْتَيْنِ, أَوْ ذَوَاتَيْ قَرَابَةٍ, يَحْتَسِبُ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا, حَتَّى يُغْنِيَهُمَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ, أَوْ يَكْفِيَهُمَا، كَانَتَا لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ"؛ (حم) (12498), (26516)، (طب) (ج23، ص393، ح938)؛ انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ: (1974), (2547)، يعول نساء، والمرأة جناحها مهضوم، خصوصًا إذا كانت صغيرة، وهذا سيقوم عليها، هذا سيكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله: "مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا - أي: تبلغا سن الرشد - جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ، وَضَمَّ أَصَابِعَه"؛ (م) 149- (2631).

 

وأنتم تعلمون حديث السبعة الذين يستظلون بظل العرش، سترون أناسًا لهم ظل خاص، فالمستظلون يوم القيامة قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ"، والذي عفَّ عن الزنا قال في حقِّه صلى الله عليه وسلم: "وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ"؛ (خ) (660).

 

يستظلون بظل العرش، وهناك من يستظل بعمله، كالذين يحافظون على قراءة سورتي البقرة وآل عمران، سماهما النبي صلى الله عليه وسلم الزهراوين، والزهراوان يظلان صاحبها؛ قال أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ؛ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَؤُوا الزَّهْرَاوَيْنِ: الْبَقَرَةَ، وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ"؛ قَالَ مُعَاوِيَةُ - ابن سلام -: بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ: السَّحَرَةُ؛ (م) 252- (804).

 

أيضًا بعض الناس تراهم في مكان مرتفع، كلُّ الخلق حولهم وهم على تَلٍّ؛ كما ورد في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وابن حبان عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُبْعَثُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي عَلَى تَلٍّ، وَيَكْسُونِي رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى حُلَّةً خَضْرَاءَ، ثُمَّ يُؤْذَنُ لِي، فَأَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَقُولَ، فَذَاكَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ»؛ (حم) (15783)، (حب) (6479) (الصحيحة) (237).

 

وفي رواية: "نَحْنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى كَوْمٍ فَوْقَ النَّاسِ..."؛ (حم) (14721)، أعلى من بقية الناس، ثم تأتي من السماء غمامة، ثم تنزل عليهم الماء، رشًّا خفيفًا؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُبْعَثُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاءُ تَطِشُّ عَلَيْهِمْ»؛ (حم) (13814)، الناس في كرب شديد، وفزع شديد، ﴿ وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ﴾ [النمل: 89]، إنهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وأمته على تلٍّ فوق الناس، وتطش عليهم؛ أي: ترش عليهم مطرًا خفيفًا؛ تخفيفًا لهذه الأمة يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

 

أنهي كلامي بقوله صلى الله عليه وسلم: "أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ"، من أين جاءتها الرحمة وهي لها عذاب في الآخرة للمخالفين كما سمعنا، وفي الدنيا ما شاء الله كل الناس يمتهنونها في هذا الزمان؟! قال صلى الله عليه وسلم: "أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ؛ لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ"، إذًا فعموم الأمة ليس عليها عذاب، العذاب على بعض الأفراد، وربما يعفو الله عنه، يعفو عن هذه الأمة، فليس عليها عذاب في الآخرة: "عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا: الْفِتَنُ وَالزَّلَازِلُ وَالْقَتْلُ"؛ والحديث بزوائده: (د) (4278), (ك) (8372), (يع) (7277), (طس) (4055), انظر صَحِيح الْجَامِع (1396, 1738), الصحيحة (959).

 

إذًا عذابها في الدنيا ما نراه من الضيق والضنك، فهو نوع من العذاب؛ حتى لا نعذب يوم القيامة بأمر الله سبحانه وتعالى.

 

وهذه الصور وغيرها كثير سنراه، ولا يتسع المجال لذكر الجميع، وإنما هي إشارات؛ فلنتقِّ الله سبحانه وتعالى في أنفسنا وفي هذه الأمة، أمَّة من؟ أمة محمد الذي صلى عليه الله في كتابه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى الدين.

 

اللهم اغفِر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.

 

اللهم اقضِ الدَّين عن المدينين، ونفِّس كرب المكروبين، وفرِّج همَّ المهمومين، وارفع الظلم عن المظلومين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم لا تدَع لنا في مقامنا هذا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا دينًا إلا قضيته، ولا مريضًا إلا شفيتَه، ولا مبتلًى إلا عافيته، ولا غائبًا إلا رددتَه إلى أهله سالِمًا غانمًا يا رب العالمين.

 

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حديث يوم القيامة
  • أسئلة يوم القيامة
  • بين الحج ويوم القيامة

مختارات من الشبكة

  • أيام الله المعظمة: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • حديث: طعام أول يوم حق، وطعام يوم الثاني سنة، وطعام يوم الثالث سمعة(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • يوم عرفة يوم من أيام الله (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • يوم من أيام الله عزوجل (خصوصية يوم عرفة)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • يوم من أيام الله عزوجل (تحقيق الدعوة يوم عرفة)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • يوم من أيام الله عزوجل (أنه يوم الدعاء)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • تفسير: (والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يوم الحمد ( يوم من أيامنا )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفة عرفة يوم الجمعة وفضائلها العشر(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب